أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - أحمد رسول - الأتاتوركية وديماغوغية أردوغان والقنبلة الساحرة!















المزيد.....


الأتاتوركية وديماغوغية أردوغان والقنبلة الساحرة!


أحمد رسول

الحوار المتمدن-العدد: 1323 - 2005 / 9 / 20 - 09:32
المحور: القضية الكردية
    


ان الدولة التركية الحالية هي من بقايا الامبراطورية العثمانية بعد سقوطها في الحرب العالمية الاولئ, ومن مخلفات حركة حركة الاتحاد والترقي العنصرية. ان الكرد يعانون من الامبراطورية العثمانية وماقبلها
منذغزو السلاجقة لشمال وادي الرافدين بعد أن بدأت السيادة الرسمية للأقوام التركية علئ حساب الكرد الذي اريق دمائه في الحرب ضد الامبراطورية الرومانية والتي إستغلتها الأقوام التركية لبناء كيان لهم. وفي عام 1071 حقق الكرد النصر للأتراك بالدخول إلى الأناضول وتأسيس الامبراطورية العثمانية.
بعد تسعة قرون ونيف قال سليمان ديميريل بوجود الحقيقة الكردية في جنوب غرب البلاد.وتحدثت رئيسة الوزاراء تانسو تشيلرحول امكانية حل المشكلة الكردية وفق نموذج إقليم الباسك في اسبانيا. وقال يلمز رئيس الوزاراء الأسبق في آمد (ديار بكر) الدخول الى الإتحاد الأوروبي يمر عبر آمد. ثم قال السياسي المخضرم أجاويد: ان الحكومة التركية تحارب الكرد في كل مكان ولو كردستانافي أفريقيا والآن جاء أردوغان ليقول في آمد هناك مشكلة كردية والحكومات السابقة أخطأت بحقها.

أما في العراق قالت المعارضة العربية بأحزابها السياسية, ان تحرير العراق من نظام صدام حسين لا يتم الا عن طريق كردستان العراق , والآن إرتدوا على الأكراد بعهودهم واصبحوا في زمرة المرتدين يتنكرون لمواثيقهم واتفاقياتهم. هكذا شاء القدر بأن الكرد لم ياخذوا العبرة من تاريخهم الماساوي. ان حسن النية مع الغير والتوكل عليه وعلى رب العالمين لا يكفي لحل المشكلة الكردية المعقدة والمقسمة بين أربع دول رجعية وعنصرية.
ان الخلفية التاريخية للدولة التركية هي عنصرية شوفينية متطرفة بنيت على الايديولوجية الأتاتوركية التي تضع العرق التركي الطوراني في المقام الاول, والتي لها خصوصية في إنشائها, لكونها تشكلت على أرضية سفك الدماء لشعوب المنطقة وعلى حساب أراضيها. لذلك يمكن القول بأن الأتراك لهم دولة وبدون وطن, والاكراد لهم وطن وبدون دولة.
هذا هو السبب في توجهاتهاالاتاتوركية وانكارها للقوميات والطوائف الاخرى. في حالة فقدانها صفة الدولة تنتهي أيضا العقيدة الاتاتوركية التي تسير في كل الاحوال الى طريق مسدود ولا يوجد لها مكان سوى في أدمغة العسكر والسياسيين الذين يدورون في فلكهم.

بقيت تركيا تحكمها المبادئ الاتاتوركية ومن ورائها الجنرالات محافظين على حمايتها وبكلمة اخرى عسكرة الدولة. ان هذا النظام العسكري يقف حاجزا أمام نمو أية قوة سياسية اخرى تعارضها, وهو الذي يضع قواعد اللعبة وفق مصالحه ويوجه السياسة التركية عن طريق حكومات تدور في دائرته.
ان مواجهة تركيا منذ عام 1984 لحزب العمال الكردستاني والشعب الكردي مواجهة مسلحة عنيفة وضارية إعتقادا منها أنها تستطيع إسكات صوت الشعب والقضاء على قيادته , لكن أثبتت الاحداث بفشل هده السياسة ومخططاتها في معالجة الحالة الكردية, وخيبة أملها في القضاء على صوته وفصائله المسلحة . ان تصاعد عمليات حزب العمال وخسائر الجيش التركي لبكت سياسة الحكومات التركية وموقف العسكر من هذه الحكومات, ومن حزب العمال الكردستاني.

ان الجيش التركي يخفي خسائره عن الرأى العام التركي خشية ظهور ردود أفعال سلبية ومعارضة لحربه في كردستان.ان ما يدور حاليا على ارض كردستان تركيا هي ردة فعل لانتصارات فصائل حماية الشعب المسلحة وللحقد الذي يكنه العسكر للشعب الكردي, والمتمثلة بالحرب القذرة ضد الكرد وحزب العمال الذي يدافع بشرف وبتضحيات كبيرة عن كرامته وكرامة الامة الكردية.
ان الحكومة التركية المعسكرة تحارب الكرد في كل مكان وبكل الوسائل الغير المشروعة, من إغتيالات وإختطاف للمناضلين الكرد والتعذيب الجسدي والنفسي في سجون أنقرة , وحرق القرى وتهجير أهلها بوجود الأحكام العرفية في كردستان الشمال. وهي تمارس سياسة الأرض المحروقة في حربها الخاسرة واليائسة , من حرق للأشجار والغابات في المناطق الكردية, واستعمال السلاح الكيميائي ضد فصائل حماية الشعب وإنتشار ربع مليون جندي على أرض الكرد مع تثبيت حالة الطوارئ. ان دلت هده التصرفات العشوائية من قبل الزمرة العسكرية على شئ إنما تدل على الفشل الذي يعانيه, والعقدة النفسية للعسكر الذي يعتبر نفسه أكبر قوة ضارية في الشرق الأوسط. ان هذا الجيش بالتعاون مع الخونة من الكرد من حرس القرى يقوم بتمشيط المناطق الكردية كأنها حرب تقليدية من طرف واحد دون التمييز بين الفصائل المسلحة وبين المدنيين العزل من أهالي القرى, وليس من الصدف أن يقتل شيوخا ونساء وأطفالا برصاص هذا الجيش, وحتى الحيوانات في المراعي لم تسلم من أسلحته من القنابل المزروعة.

ديماغوغية أردوغان والقنبلة السحرية في آمد(دياربكر)

بدلا من أن تلجأ حكومة أردوغان للتحاور والمفاوضات مع القيادات الكردية التي تمثل أكثرية الشعب الكردي والإستجابة لمطاليبها المشروعة في حل القضية الكردية حلا عادلا وبإسلوب حضاري وديمقراطي, فإنها لجأت مرة اخرى كغيرها من الحكومات السابقة, بشن الحملات العسكرية التي اتسمت بالعنف والإرهاب والتي قد تكون أضخم حملة عسكرية منذ تاريخ 1984, وهذا يشير بأنه لا يستطيع ان يخرج من الطوق الأتاتوركي وسياسة معلمه مصطفى كمال الطورانية, في الوقت الذي يرأس حزب العدالة والتنمية الذي يمثل الإسلام التركي.
ان هذه المعركة العسكرية ضد الكرد قد تكون تجارة خاسرة للسيد أردوغان في علاقاته مع الإتحاد الأوروبي ومواقفه من المشروع الأمريكي في الشرق الأوسط الكبير, وفرض سيطرته على الدول الإقليمية, إلا في حالة واحدة وهي السياسة الغامضة خلف الكواليس التي قد يجريها مع الولايات المتحدة على حساب الفصائل الكردية المسلحة وزعيمها عبدالله اوجلان. ان تركيا تريد كل شيئ ولكن في الحصيلة لاتحصل على شيئ لمواقفها السلبية في كثير من القضايا المعلقة في المنطقة, وبالأخص تجاه المشكلة الكردية واتساع المعارك العسكرية في كردستان ومشكلة قبرص. وهي تعاني من خوف داخلية بسبب الحالة الكردية ومشروع الشرق الاوسط الكبير والتطورات الحاصلة في المنطقة من إنهيار للأنظمة الشمولية العنصرية والرجعية, رغم تصريح أردوغان العلني خلال زيارته لأمريكا وموافقته على هذا المشروع. وهي تحاول بكل قواها وإمكانياتها السياسية مواجهة المد الديمقراطي بأساليبها الغامضة والبهلوانية وتقوم مع بعض الدول الإقليمية بإتفاقيات أمنية وسياسية لحصر هذا المد. ان هده الدولة برئاسة أردوغان تحاول قدر الإمكان حفظ التوازن مع الإتحاد الأوروبي من طرف لأنها تدرك وجودها أوروبيا يحميها وينجيها من مشروع الشرق الاوسط الكبير, ومن طرف آخر مع الولايات المتحدة والإظهار بحسن النية تجاه الأخيرة, ثم إقناعها للاميركيين بتصفية الزعيم الكردي اوجلان وبالتدخل العسكري لكردستان العراق بحجة ازاحة حزب العمال الكردستاني من الميدان العسكري والسياسي لكن الغاية الأساسة من وراء هذه المناورة هي خلق الفوضى السياسي والتخريب هناك عن طريق عملائها وبالتعاون مع تركمان العراق.
ان أردوغان أراد الإستفادة من التناقضات بين الأوروبيين وأمريكا التي تأخذ من القضية الكردية في الوقت الحاضر نقطة إرتكاز لها في مشاريعها, لكنه عاد من أمريكا دون توفيق وبخيبة أمل, ولكن إلى متى تستطيع امريكا ان تستغني عن دور تركيا في المنطقة دون دفع ثمن, وقد يكون الثمن تخطيط مؤامرة على حياة اوجلان في السجن.

ان المؤسسة العسكرية وحكومة أردوغان تعارضان من حيث المبدأ حل المشكلة الكردية حلا عادلا والإعتراف بوجود القومية الكردية إلى جانب القومية التركية ليعيشاعلى قدم المساوات. اذن ان سياسة الحكومة التركية الداخلية والخارجية تجاه الكرد تسير في حلقة مفرغة لا تريد حلها, ولم يبقى أمامها على المسرح سوى أن تغطي على مواقفها المعادية بإتهام الآخرين بالمخربين والإرهابيين وتصعيد حدة القتال مع فصائل حماية الشعب وسناريو عزل وتهميش دور شخصية اوجلان, والتعامل الإرهابي لرجال الأمن الأردوغاني مع الشارع الكردي بإفتعال بعض الحوادث في المدن الكردية كما حصل في مدينة ازمير مدعيا ان شابا كرديا مزق العلم التركي ان محاولة التصعيد في مثل هذه الحوادث التي لها الخلفية العنصرة تؤدي الى اثارة واستفزاز الجماهير التركية ضد الكرد, وأخيرا حبك المؤامرات التركية والاقليمية ضد كردستان الجنوب بالإتفاق مع التركان وعناصر مخربة باعت ذمتها لدولة تركيا. كل البرامج والخطط التي وضعها أردوغان ضد كردستان بأجزائها الأربعة مند إستلامه الحكم إلى يوم انفجار القنبلة السحرية في آمد باءت بالفشل.

والآن اصبح يبحث عن برنامج بهلواني جديد ليقدمه على المسرح السياسي بسبب اقتراب الإنتخابات البرلمانية والمفاوضات مع الإتحاد الأوروبي ولشل الحركة الكردية السياسية. وأخيرا جاء الساحر السياسي بالقنبلة السحرية ليفجرها في آمد ( ديار بكر ) عاصمة الكرد ـ ومركز النفاق السياسي للحكومات التركية ـ ليقنع الجماهير الكردية بحقيقة هذا السحر ويعرضه على الإعلام التركي والإقليمي والدولي مدى قوة هذه القنبلة وإيمانه الشديد بها. ولما صعد المسرح وفجر قنبلته السحرية التي كانت بدون صدى مملوءة بالديماغوغية الأتاتوركية وأكذوبة القرن الحادي والعشرون لم يسمعها سوى أعوانه الذين رافقوه وقلة من جماعة حزبه الذين استقبلوه وصفقوا له. ان هذه القنبلة هي سحرية بمضمونها السياسي وجهنمية بتنفيذها.

أما المضمون السياسي: هو مبادرته إلىأكذوبته الجديدة ليغش نفسه والشعب الكردي وقال بصوته العالي مرددا كغيره بوجود مشكلة كردية, انها مشكلتي وانني كفيل بحلها وهي في قبضة يدي , يجب حلها ديمقراطيا عن طريق التنمية والإصلاحات. وصرح أيضا إعتبار قضية الاكراد وحقوقهم هي قضيته الشخصية . ولم يترددلأن يقول بأن الحكومات السابقة أخطأت في سياستها تجاه الكرد والقوة الكبيرة قد تخطأ, والدولة الكبيرة كفيلة بأخطائها. أين كان أردوغان خلال حكمه, ألم يزيد من فوق الأخطاء أخطاء ؟ لماذا لم يضع هذه الأخطاء على ذمته ايضا ؟ وهو يبرئ نفسه منها, كلا انه أخطأ كغيره في محاربة ومعادات الكرد, وكان من الأفضل ان يعتذر من الشعب الكردي في العاصمة آمد. هذه هي أقوال أردوغان السياسية الديماغوغية.

أما المضمون الجهنمي : هو وجود مؤامرة وإتفاق بين أردوغان والعسكر تتمثل بفرض العزلة الشديدة على قائد الحركة اوجلان وتهميشه إلى حد المعانات النفسية والصحية. ان هذه السياسة التي تمارسها الحكومة التركية تجاه اوجلان وبحقه تنافي كل المعايير الدولية والإنسانية وتعرض حياته للخطر الحقيقي. لذلك على كل انسان شريف مهما كان دينه أوجنسيته وعلى كل كردستاني مهما كان دوافعه الحزبية وقناعته السياسية أن يعملوا معا وبكل ارادة وتصميم وبكل الوسائل المتوفرة والتعاون المشترك لانقاذ حياة ـ آبوـ اوجلان وان يتدخلوا بقوة لدى السلطات التركية عن طريق الاحتجاج والتظاهر والإعلام ويدينوا كل الممارسات اللاانسانية التي يتعرض لها قائد الحركة الكردية في كردستان تركيا من قبل الدولة التركية, لانه يعتبر أحد رموز النضال في تركيا من أجل حرية الإنسان وكرامته. والإحتمال الآخر هو تصفيته نهائيا بأساليب اخرى غير انسانية كما حصل مع رئيس الحكومة الفلسطينية وقائد حركة فتح ياسر عرفات.
ان هذه الممارسات هي مقدمة لضرب الحركة الكردية وفصائلها المسلحة ضربة عسكرية قاضية وشاهد على ذلك توسيع العمليات العسكرية ضد فصائل حزب العمال الكردستاني, ومحاولة الحصول على الموافقة الاميركية والعراقية لدخول أراضي كردستان الجنوب للقضاء على قواعد الحزب. حينئد يبقى المسرح السياسي مفتوحا فقط لمخطط أردوغان لإيجاد بديل لاوجلان. وهذه المؤامرة لا تتم إلا بوجود ضوء أخضر من أمريكا مقابل أن تحصل الأخيرة على ضمانات من تركيا بعدم التدخل في شؤون العراق. هذا يعني ان هذه المؤامرة تعبر عن صفقة تجارية قذرة كما حصل ضد زعيم الحركة الكردية الشهيد الملا مصطفى البارزاني في عام 1975 حيث تم القضاء على هذه الثورة بموافقة من الولايات المتحدة في مؤتمر الجزائر المشؤوم الذي حضره كل من ايران الشاهنشاهي والعراق الصدامي, ولحسن الحظ والفخر بأن الوضع الكردي في شتى أجزاء كردستان يختلف الآن كثيرا وجذريا عما كان عليه آنذاك من الوعي والقوة . ان الكرد لهم وزن سياسي واقتصادي وعسكري ليس فقط في كردستان وكذلك بين الدول الإقليمية والدولية ويلعبون الآن دورا كبيرا في التوازن السياسي في المنطقة وبالاخص كردستان العراق. لذلك وإستجابة للمسؤولية التاريخية والكردستانية واستجابة لأرواح شهداء كردستان على القيادات الكردية وجميع الشرفاء والأوفياء ان يدخلوا من باب العلاقات الإيجابية مع الولايات المتحدة في حوار سياسي بعدم الموافقة على مشروع الحكومة التركية بضرب الحركة الكردية وتصفية ـ آبوـ اوجلان سياسيا ونفسيا وصحيا لسبب واحد وهو ان مصير النضال الكردي هناك مرتبط بشخصيته ومن جهة ثانية لا توجد شخصية سياسية قوية ليحل مكانه, وفي حالة ازاحته عن المسرح السياسي تكون له توابع خطيرة على الحركة الكردية بسبب الفراغ والفوضى السياسي الذي قد يحصل بعد ابعاده. ولأن السلطات التركية مصممة للتخلص منه لإرادتها في إختراق الحركة الكردية وتصفيتها, لأن قوة الحركة في كردستان تركيا هي بمثابة الخط الدفاع الأول لكردستان الجنوب واستمرار الفيدرالية هناك. علينا ان نتذكر تاريخنا الكردي كيف تمكنت كل من الامبراطورية الصفوية والعثمانية وبعدها الدولة الايرانية والتركية من قمع جميع الثورات ـ وإفناء الإمارات الكردية بسبب انعزال هذه الحركات عن بعضها وبسبب الخلافات الداخلية لأسباب عديدة. واذا نفد هذا المخطط الجهنمي وتمكنوا من ازاحة اوجلان بأي شكل من الأشكال وبعد موافقة أمريكية سرية يؤدي ذلك وبلا شك الى تفكيك الحركة الكردية وتشتيتها. بعدها يتفرغ العدو الأتاتوركي والفارسي والعنصريين العرب لمواجهة كردستان الجنوب وتقويض أركانها وقد يجوز ان يكون بموافقة امريكية لأنه لاتوجد صداقة سياسية دائمة بل توجد مصلحة دائمة. على القيادات الكردية في العراق أن لا يفوتوا الفرصة بأن يتصرف أردوغان مع الحركة الكردية وزعيمه اوجلان كما يريده العسكر.

بعد ان عجز أردوغان من إقناع أوروبا و الأميركيين في حل المشكلة الكردية كما يريده الجنرالات وبعد ان فشل في محاولاته الى افتعال بعض الحوادث ذات الخلفية العنصرية لتصعيد الموقف الاستفزازي بين الشعبين التركي والكردي وبعد ان عجز من الاطاحة بفصائل حماية الشعب المسلحة في الساحة النضالية والسيطرة على الشارع الكردي يحاول الآن بسياسته الديماغوغية الغامضة,أن يلعب على المسرح السياسي الفاشل دور المسللم البريئ. اذا كان أردوغان صريحا في أقواله وتصرفاته ويرغب ان يبرئ ذمته من الأخطاء التي إرتكبه بحق الشعب الكردي والتي يضعها على عاتق الحكومات السبقة لماذا لا يتطرق الى الطرف الكردي المحاور الذي هو صاحب الحق, لأن حل المشكلة يتم فقط بالتعاون معه, وجلوس الطرفين على طاولة المفاوضات. لماذا لا يتكلم عن مشكلة المناضلين الكرد في سجونه وإعلان العفو العام عنهم ؟ لماذا لا يتطرق الى مشكلة اوجلان زعيم الحركة الكردية في كردستان الشمال ؟ والموجود حاليا في السجن الإفرادي في ظروف قاسية معزولة عن العالم, لايليق بالإنسان الذي يدافع عن حق شعبه, وحول إنسحاب الجيش من المناطق الكردية ورفع حالة الطوارئ والأحكام العرفية والمصالحة مع فصائل حماية الشعب.اذن ماذا يدور في مخيلاته و خلايا دماغه.
السؤال الذي يطرح نفسه تلقائيا كيف يريد ان يحل المشكلة الكردية التي هي في قبضة يده , ولايستطيع أحد غيره حلها ؟ هل هي عن طريق المؤامرة على حياةـ آبوـ اوجلان, والقضاء على حزب العمال الكردستاني ؟ واتهامه للمناضلين الكرد بالارهابيين, والتهديدات المستمرة من جنرالات الترك وحكومته تجاه فيدرالية كردستان العراق وحشد الجيش على حدودها لإجتياح أراضيها.

ان كل هذه المؤشرات تدل على النوايا الخبيثة لحكومة أردوغان تجاه الكرد. وأكذوبته في القرن الحادي والعشرون التي تقول ان مشكلة الكرد ليست حصرا على الكرد وحدهم بل هي مشكلة تركيا التي تريد حلها باسلوب ديمقراطي في دولة واحدة لغة واحدة قوم واحد وعلم واحد. ان هذه الاكذوبة تنكر موقع الكرد على أرضهم وتشير ضمنا وعلنا نكران الوجود الكردي ويطبق نظرية أسلافه بأن الأكراد هم أتراك جبال, كما هو مسبوك في دماغه وأدمغة الجنرالات.
ان رئيس الوزاراء يأتي بمعادلة رخيصة يطرحها على المجتمع الكردي مثل الديمقراطية الاتاتوركية, التنمية الاقتصادية , الاصلاحات, حل الشكلة الكردية ( قوم واحد في دولة واحدة ) كلها عبارات فارغة تخرج من فمه ولايسمعها.
وقوله الفلسفي بأن الحكومات السابقة أخطأت في تصرفاتها تجاه المشكلة الكردية والآن هي عندي وأنا مسؤول عنها وبحلها. الغاية من وراء هذه المعادلة هي تفكيك الصف الكردي ووحدة الشعب وعزل اوجلان عنهم, والهجوم على مراكز القوى الكردية وكأنها هي بنفسها المسؤولة عن عقم السياسة التركية وعدم حل مشكلتها. ولكن انه يغش نفسه بنفسه, ولايستطيع ان يغش الاكراد, لان الذين سبقوه لم يتمكنوا من تقسيم وتفكيك القوى السياسية والحزب العمال الكردستاني, وهي القوة الكبيرة الصامدة أمام جحافل الجيش التركي ومصممة للدفاع عن الشعب وزعيمه اوجلان كما يريده الكرد ولا كما تريد الحكومات التركية وأردوغان, ان القيادة الكردية أوعى بكثير من رئيس الوزاراء وما يدور في رأسه.
سؤال يوجه الى اردوغان هل يجوز تحت شعار الاخطاء تبرير قتل الانسان وقتل الشعب الكردي وأبنائه الذي يبحث عن حل سلمي لمشكلته ؟ كيف تقتلون شعبا تعيشون معه منذ ايام مجيئكم من آسيا الصغرى ايام السلاجقة وبقيادة طوغرول.

يا سيادة رئيس الوزاراء تقول بأن الحكومات السابقة ارتكبت اخطاء تجاه الكرد, وكأن السيد اردوغان لم يخطأ في اعطاء اوامره لرجال الأمن والعسكر بقتل الكرد واعتقالهم واختطافهم وتهجيرهم وتمشيط ارض كردستان الشمال بالجيش والدبابات والطائرات. ألم تريد امحاءهم وصهرهم في البوتقة الاتاتوركية وتصفية زعيمهم اوجلان ؟.
ان أخطاءكم مقصودة وقلوبكم حقودة وتاريخكم مدون من ايام الامبراطورية العثمانية الى يومكم هذا بدماء القوميات والطوائف الاخرى من الارمن واليونانيين والكرد والعلوية واليزيدية والمسيحية. نحن الاكراد مقتنعون بهدا الخطأ المقصود, عليكم ان توجهوا نداءكم الى العسكر والأمن القومي والسياسيين المسؤولين في ارتكاب هذه الاخطاء وتعتذروا علنا في آمد من الشعب الكردي وتدعوا للمصالحة بين الشعب التركي والكردي وبقية الطوائف والاقليات. هذا هو الطريق الصحيح لحل المشكلة الكردية والسير في طريق العدالة والتنمية وانت رئيسها.

لم يكتفي أردوغان بهده المناورات السياسية في المحافل الدولية بل قام رسميا بالوساطة بين حكومة باكستان والدولة العبرية, دعما للتقارب الإسلامي الإسرائيلي, ولأجل إقامة علاقات دبلوماسية رسمية بينهما. حيث إجتمع وزيري الخارجية لهدين البلدين في مدينة إسطنبول للتباحث حول هده المسألة.
ان أردوغان يقوم بهده المحاولة لإستغلال العلاقات السياسية بين حكومته ودولة اسرائيل وتفعيلها في خدمة وتنفيد مطاليبه المستقبلية, ولإجراء مزيد من الضغط عن طريقها على الولايات المتحدة, للموافقة على مخططه العنصري تجاه كردستان بشكل عام, والحركة الكردية في تركيا والمؤامرة على حياة اوجلان وتصفيته. وهذا لايتم إلا بإرضاء الحكومة العبرية وكسب ثقتها وجرها الى المسرح السياسي. وهذا هو منشأ مبادرته في الوساطة بين باكستان واسرائيل.

ان الحكومة التركية تعمل على جميع الجبهات وفي كافة المستويات, لتبرهن للولايات المتحدة والدول الأوروبية مدى أهمية وجودها ودورها في المنطقة وبين الحكومات الإسلامية, وميزات موقعها الاستراتيجي بين أوروبا من ناحية وشرق الأوسط وآسيا الصغرى من ناحية اخرى. ان هذه الدولة المعسكرة تنطلق دائما من موقف القوة والغطرسة والعداء تجاه الاخرين, وترفض في علاقاتها المخالفة للموضوعية والعدالة والمساواة, حل مشاكل القوميات والطوائف الاخرى في تركيا. ان خلفيتها العسكرية والنفسية الطورانية العنصرية الحاقدة طغت لديهم على المنطق والعقل السليم,
ان تلك العصابات الأتاتوركية الفاشية المنظمة والمدعومة من جهاز الأمن والمخابرات, والتي قامت بهجوم همجي على الآلاف من الأكراد المسالمين الذين كانوا يريدون القيام بتظاهرة سلمية, للدفاع عن حرية وحياة قائدهم اوجلان المهددة بالخطر, ما هو الا دليل على حقدهم العنصري الأعمى. لقد رموهم بالحجارة وطعنوهم بالسكاكين, وأبرموا النار في السيارات, مما أدى الى جرح العشرات واعتقال العشرات من قبل رجال الأمن دون تهمة قانونية. ان الساحة كانت تشبه معركة حرب دموية خلفتها الجرحى وأصعدة الدخان وبقايا السيارات المحروقة.

تعتبر هذه الاصطدامات التي حصلت في الآونة الأخيرة بين عدة آلاف من المسالمين العزل من الكرد وبين العصابات الأتاتوركية الفاشستية بمثابة إنتفاضة شعبية كردستانية سلمية, التي قمعت بوحشية وباسلوب همجي غير انساني بواسطة هذه العصابات الارهابية المدعومة من قبل رجال الأمن والمخابرات. ان هذا الإعتداء الوحشي الذي نجم عنه الكثير من الجرحى والمعتقلين وحرق السيارات بقى بعيدا عن الإعلام الذي كان ساكتا وصامتا لم يسمع ولم يشاهد وكأن تركيا وسياستها الإرهابية كله بخير او يعتبره أن هذه الأعمال البربرية شئ طبيعي يحق للاتراك ان يتصرفوا كما يشاؤون ويتناسى هذا اللإعلام حق الشعوب في الحرية والعدالة والمساواة. كان على الإعلام الكردي والذي بقي بعضه صامتا ان يتبنى هذا الحادث من موقف وطني و كردستاني لا يكفي في سرد الحادث بل كان عليه ان يستنكر تلك الإعتداءات بشدة ويفضح المؤامرات التركية تجاه الكرد وكردستان. هل نسي هذا الاعلام دخول الجيش التركي والسوري الى كردستان العراق, لإخماد ثورة المرحوم الشهيد ملا مصطفى البرزاني, ألم يتذكروا هؤلاء المسؤولون عن الإعلام تلك الجرائم التي ارتكبته الجيوش بحق الكرد من قتل ونهب وسلب وتدمير للبيوت والقرى.
على الإعلام الكردي ان يدرك جيدا ان القضية الكردية هي واحدة لاتتجزأ عن بعضها, وفي حال نكسة لها في جزء من كردستان, يتعرض الجزء الآخر للخطر ولمؤامرات الدول الاقليمية. التفاهم والتضامن والوحدة بين جميع اجزاء كردستان هو الضمان الوحيد في تحقيق آمال الشعب الكردي في الديمقراطية والحرية وكردستان فيدرالي.

تغطية لهده الحوادث الإرهابية المؤلمة وأمثالها, قام أردوغان يتجول ويتسول في العواصم الأوروبية يصرح هنا وهناك بإنذارات فارغة يهدد فيها الإتحاد الأوروبي ويلوح لهم في حل مشكلته بمبدأ إما كل شئ, او لا شئ, بمعنى آخر اما الإنتساب الفوري بالشروط التي تريدها وتقر بها الحكومة التركية, او الإنسحاب الفوري وبدون عودة فيما إذا وضع الإتحاد الأوروبي شروطا تعجيزية جديدة.وخلال زيارته الى ايطاليا صرح أردوغان بما يلي: لم يعد لدى بلاده ما يقدمه للأوروبيين أكثر مما قدمه وما في جعبته حتى الآن. وفي مكان آخر صرح وزير الخارجية التركي بهدا الشأن بلهجة تصاعدية, على الأوروبيين أن يدركوا تماما بان تركيا ترفض الإعتراف بدولة قبرص, وترفض القيود والشروط التي تعرض عليها, التي لا تتماشى مع مصالحها ( هنا يعني تسوية المشكلة الكردية ومحاكمة اوجلان حسب المعايير الأوروبية).
ان أردوغان مع وزير خارجيته سوف ينتظرطويلا أمام باب النادي الأوروبي المغلق في وجهه للأسباب التالية:

1ـ تدخل الجيش ولجنة الأمن القومي في الشؤون السياسية للحكومة الداخلية منها والخارجية
2 ـ الإضطهاد العنصري للقوميات والأقليات والطوئف الدينية
3ـ تجاهل القضية الكردية وحقوقه القومية, وعدم الإعتراف بوجود قوميتين أساسيتين الترك والكرد
4 ـ الأزمة الإقتصادية والبطالة المنتشرة في البلا20%
5 ـ خوف الأوروبيين من هجرة المللايين من العاطلين عن العمل الى بلدانهم كمنافسين لهم و كيد عاملة رخيصة.

اذن لم يبقى امام أردوغان سوى ان يرمي نفسه مع عسكره في أحضان الولايات المتحدة ويقول كل من ليس معي فهوضدي
ويمهد الطريق للعسكرلشن الحملات الإعتدائية في الداخل والخارج وضد كل من ليس معه.



#أحمد_رسول (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- برنامج الأغذية العالمي ينتظر بناء الممر البحري للمباشرة بنقل ...
- شهداء بقصف إسرائيلي على رفح والأمراض تنهك النازحين بالقطاع
- الأمم المتحدة: الآلاف بمدينة الفاشر السودانية في -خطر شديد- ...
- بينهم نتنياهو.. هل تخشى إسرائيل مذكرات اعتقال دولية بحق قادت ...
- الأمم المتحدة تعلق على مقتل مراسل حربي روسي على يد الجيش الأ ...
- مسؤولون في الأمم المتحدة يحذرون من مخاطر ظهور جبهة جديدة في ...
- الأمم المتحدة: 800 ألف نسمة بمدينة الفاشر السودانية في خطر ش ...
- -خطر شديد ومباشر-.. الأمم المتحدة تحذر من خطر ظهور -جبهة جدي ...
- إيران تصف الفيتو الأمريكي ضد عضوية فلسطين في الأمم المتحدة ب ...
- إسرائيل: 276 شاحنة محملة بإمدادات الإغاثة وصلت إلى قطاع غزة ...


المزيد.....

- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم
- المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية / بير رستم
- الكرد في المعادلات السياسية / بير رستم


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - أحمد رسول - الأتاتوركية وديماغوغية أردوغان والقنبلة الساحرة!