غرينبيس تستأنف حملتها رغم العراقيل

ناجية الحصري

الحوار المتمدن-العدد: 7 - 2001 / 12 / 15 - 17:45
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    

غرينبيس تستأنف حملتها رغم العراقيل . تلوث الشاطيء اللبناني أخطر بكثير من أن يتم التغاضي عنه

سفينة راينبو وارير التابعة لمنظمة غرينبيس الدولية التي تحولت في مرفأ الدوحة الي منبر لمعارضي العولمة اثناء عقد مؤتمر منظمة التجارة العالمية، وصلت الي بيروت، وكان رسوّها في مرفأ العاصمة مناسبة لاستعادة الحملة التي لم تلق اصداء رسمية حتي الآن لمكافحة التلوث الذي يصيب الشاطئ اللبناني ويهدد ثروته الحيوانية وصحة سكان البر الذين، كما قالت مسؤولة حملات المنظمة في لبنان زينة الحاج، يسجون في مياه تصب فيها كل أنواع المياه الآسنة ويأكلون منها.
وكانت حملة حق المعرفة التي جرت علي طول الشاطئ اللبناني خلال اشهر اليف حيث قام ناشطو المنظمة بتوثيق مواقع التلوث، اظهرت ان، إضافة الي المكبات الساحلية المعروفة، هناك اكثر من 55 مجروراً، علي طول الساحل اللبناني. علماً ان المنطقة الممتدة من الجية جنوباً مروراً ببيروت وصولاً الي جونيه شمالاً تحتوي علي مكبين وأكثر من 52 مجروراً ونحو 01 مجار صناعية. وهذه منطقة تشهد أعلي نسبة من المسابح في مسافة تمتد لنحو 03 كلم. وتشهد صيدا كارثة بيئية نتيجة وجود مكب ضخم يسرب المواد السامة مباشرة الي البحر ونحو 01 مصبات صناعية وأكثر من 21 مجروراً، اما طرابلس فتستدعي تدخلاً مباشراً، علي ما جاء في تقرير الحملة. في حين تمثل شكا وسلعاتا الشماليتان معلماً للتدمير الصناعي.
وأوضحت الحاج ان ناشطي الحملة كانوا أخذوا عينات من مصادر التلوث علي طول الشاطئ اللبناني خلال العام 7991 وبينت نتائج التحاليل وجود نسب مرتفعة من الملوثات السامة، لا سيما المعادن الثقيلة، وفاقت هذه النسب المعدلات المسموح بها والموجودة طبيعياً في أماكن عدة .
وأضافت: وعلي رغم توفير الدراسات العلمية للحكومة منذ أربع سنوات، فإن الجولة التي قامت بها غرينبيس هذا العام لم تظهر أي تحسن طرأ علي حماية المورد الطبيعي والتاريخي والسياحي والاجتماعي الوحيد الا وهو البحر الأبيض المتوسط .
وكان ناشطوا المنظمة قاموا بين 72 تموز (يوليو) و62 آب (اغسطس) 1002 بجولة علي طول الشاطئ اللبناني لمدة خمسة اسابيع وزاروا ابرز المرافئ والمنتجعات الساحلية والشواطئ، واتضح ان المواد الصناعية ومياه الصرف الصحي والتسربات والسوائل تسبب التلوث المستمر لمياه الشواطئ اللبنانية.
وكشفت تقارير الجولة عن وجود اكثر من عشرة انهر تصب في البحر يمكن اعتبارها مجارير ايضاً، وحددت الحملة 341 مصدراً للتلوث علي الشاطئ اللبناني الذي يبلغ طوله 712 كلم. ولحظت وجود مكبات والي جوارها مرافئ صيادين يصطادون السمك ويبيعونه للمواطنين، علي ان الصيادين يتذمرون من وجود كميات كبيرة من البلاستيك او اكياس النايلون التي تعلق في شباكهم ومحركات قواربهم.
وتترسب من النفايات التي تُلقي في البحر سوائل تلون المياه بلون رمادي داكن او اسود بينما يجد السابحون نفايات صلبة هنا وكتلاً من الزفت هناك الي جانب اكياس بلاستيكية عائمة في اكثر من مكان. ويقدر عدد المجارير في منطقة الرملة البيضاء بنحو ستة وهي منطقة تضم مسبحاً شعبياً يقدر عدد قاصديه بنحو 052 ألف نسمة علي مدار السنة، في حين ان في منطقة جونية نحو 03 مسبحاً محاطة بغابة من المصانع التي تلقي نفاياتها في مصبات في البحر. كما تجاور المسابح المصانع في منطقة جبيل. ولا يبق سليماً نسبياً من الشاطئ اللبناني الا مساحات قليلة جداً لم تطلها مسببات التلوث. منها: الزهراني - الصرفند والدامور وعمشيت (قبل نفق شكا).
ولا يتقصر خطر التلوث علي المياه المبتذلة بل يتعداها الي الصحة البشرية فالجراثيم (البكتيريا) والفيروسات الموجودة في السوائل المتدفقة الي البحر قد تنتقل الي الاشخاص الذين يحتكون بمياه البحر الملوثة.
وتتوزع مناطق التلوث الصناعي الحاد علي الشاطئ اللبناني علي الشكل الآتي: خليج الدورة (صناعات مختلفة بما فيها المدابغ والمصانع الكيماوية) وصيدا والغازية (صناعــة الدباغة) وسلعاتا (صناعة الأسمدة الكيماوية) وشكا (صناعــة الاسمنت والإنترنت/ اميانت) وذوق مصبح (صناعة الأقمشة والصناعات الكيماوية). وتغيب اشارات التحذير من مخاطر الصيد في الأمكنة التي تصب فيها مصارف المياه الصناعية. علي ان المواد العضوية القابلة للتحلل البيولوجي تحذب الرخويات والاسماك التي تتغذي عليها، كما تدخل الملوثات السامة التي ترمـــي في البحر بما فيها المعادن الثقيلة كالكادميوم والزئبق الي السلسلة الغذائية لتلحق الضرر بالصحة العامة. وكان عدد من الصيادين افاد عن خفض عدد الاسماك التي يصطادها، إضافة الي اختفاء بعض انواعها في بعض المناطق.
وأشار غواصون الي وضع مريع فيعمق المياه في بعض المناطق حيث امست الحياة البحرية نادرة او غائبة بالكامل، وتشكل خلجان سلعاتا والدورة وصيدا ادلة فاضحة علي ذلك.
وكل ذلك يدفع الي دق ناقوس الخطر كما قالت الحاج، ومطالبة وزارة البيئة اللبنانية بتوقيع اتفاق برشلونة (6791) (اتفاق حماية البحر المتوسط من التلوث)، وتنص علي انه يتوجب علي جميع الدول الموقعة بصورة فردية او مجتمعة اتخاذ التدابير اللازمة لتجنب التلوث في المتوسط وازالته بهدف حماية البيئة البحرية وتحسينها في المنطقة كي تسهم في تعزيز التنمية المستدامة.
وكان الاتفاق عُدل عام 5991. وتؤدي البرتوكولات الستة الجديدة في حال التصديق عليها الي تأمين الحماية للبحر المتوسط. وكانت انضمت الي الاتفاق كل دول المتوسط الساحلية، إضافة الي الاتحاد الاوروبي الا ان تونس هي الدولة الوحيدة التي صدقت علي كل البروتوكولات، في حين ان الاتحاد الاوروبي وكل من اسبانيا والمغرب وموناكو وايطاليا ومالطا وفرنسا ما زالت في حاجة للتصديق علي بروتوكول او اثنين. والتزم عدد من الدول منها سورية والجزائر واليونان وسلوفانيا واسرائيل التصديق علي بعض البروتوكولات ولم يصدق لبنان الاتفاق او يعلن التزامه حتي الآن بحجة ان الحكومة ما زالت تدرسه وأبعاده علي الاقتصاد الوطني.
ويعطي اتفاق برشلونة الاولوية لمنع استخدام المواد السامة ذات الأثر الدائم والتي تتراكم في الطبيعة. وحُددت 21 مادة ضمنة الاولوية وهي تتضمن المبيدات الآتية:
Endrin - Diedrin - Aldrin - DDT - Toxaphene and hexachloroben zene - Mirex - Heptachlor - Chlordane، كما تتضمن المواد الكيماوية الصناعية مثل بي سي بي اضافة الي المواد الناجمة عن عمليات التصنيع والانتاج مثل ديوكسين وفوران. وتشير منظمة غرينبيس الي ان احداً لا يدري اين تستعمل وتصنّع وترمي هذه المواد في البيئة اللبنانية، فالأرقام والمعلومات شبه نادرة، والمواطن عرضة لهذه الملوثات من دون معرفته، وبالتأكيد من دون موافقته.
ورأي رئيس جمعية الخط الأخضر الدكتور علي درويش الذي شاركت جمعيته في الحملة ان ملف التعديات علي الأملاك العامة البحرية لا يقل اهمية عن الملفات الاخري، ومن غير المقبول بعد عشر سنوات علي نهاية الحرب ان تبقي التعديات علي الاملاك البحرية قائمة وان يسمح بتعديات جديدة كما حصل في العام الماضي في منطقة شكا - الهري وحالياً في منطقة الرملة البيضاء.
وفي تحرك رمزي سلمي للضغوط علي الحكومة اللبنانية لمكافحة التلوث الحاصل، انضم طاقم سفينة غرينبيس الي الناشطين اللبنانيين في بناء سد فوق مجري نهر الموت الذي يصب في خليج الدورة لوقف جريانه، وعمدوا الي اقفال انبوب صرف صحي وصناعي يصب نفاياته مباشرة في البحر بلوحة كتب عليها: يكفي ، ورفعوا لافتة اخري علي جسر النهر كتب عليها حقنا ان نعرف من السبب ، وعلقوا لائحة بالملوثات التي تستخدم في الصناعة.
والمفارقة ان عناصر من قوي الأمن الداخلي حضروا الي المكان واستفسروا من الناشطين عما يقومون به، وحين شرحوا لهم انهم يحاولون وقف التلوث الحاصل، اثني العناصر علي فعلهم لأنهم كما قالوا سبق ان رفعوا شكاوي كثيرة الي المعنيين عن هذا التلوث إلا أن احداً لم يتحرك!

#ناجية_الحصري (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات