أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عزيز مشواط - اشكاليةالهوية في العلوم الانسانية















المزيد.....

اشكاليةالهوية في العلوم الانسانية


عزيز مشواط

الحوار المتمدن-العدد: 1314 - 2005 / 9 / 11 - 11:01
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


مآزق الاشكال وقلق المفهوم
شهد مفهوم الهوية خلال ستينات القرن الماضي تضخما شديدا بفعل الكم الهائل من الدراسات العلمية التي اتخذت منه مفهوما مركزيا فصار خطاب موضة مما جعل المؤرخ الفرد كروسر Alfred Grosser يقول "القليل من المفاهيم هي التي حظيت بالتضخم الذي عرفه مفهوم الهوية " حيث أصبحت الهوية "شعارا طوطميا و أصبح بديهيا أن يحل كل الإشكاليات المطروحة" .
لقد اقتحم المفهوم جميع المجالات و صارموضة علمية بمواصفات الحل السحري لجميع الإشكاليات حيث تدافعت العلوم الإنسانية من انثروبولوجيا و سوسيولوجيا و سيكولوجيا و علوم سياسية لاستلهام المفهوم رغبة في الظفر بنصيب من النجاح الذي حققه في مقاربة آليات التغيير و ميكانيزمات حل المشاكل. فما الذي أعطى للمفهوم هاته الهالة؟
تقدم الاستراتيجية السياسية إضاءة هامة في مدى فعالية "الهوية" فبنظرة بسيطة على امتداد مناطق الصراع العالمي يمكن إن نستشف حضور النزعة الهوياتية كمعطى فاعل، وسواء تعلق الامر بمناطق البلقان او القوقازاو بصراعات افريقيا او البحيرات الكبرى او بالجزائر فان الملاحظة الاساسية التي يوردها علماء السياسة تنصب في اتجاه "تمركز الصراعات حول الهوية" حيث ان"القوة المدمرة للمفهوم مستمدة من الاعتقاد بتماثل الهوية الثقافية و نظيرتها السياسية" ان هذا الاعتقاد لا يلبث ان يتحول الى وهم بل الى عامل انفجار الصراعات الدامية.
بيد ان المفارقة تنبع من تلك التنائية التي تحكم العالم منذ منتصف القرن الماضي و المستمرة مع بدايات الالفية الثالثة:انها مفارقة الرغبة في التوحيد و التنميط الى جانب انبثاق مطالب الهوية الاثنية و القومية المنادية بالخصوصية"ان العولمة الاقتصادية و الاعلامية و تدويل القانون و تنميط العالم اقتصاديا لم يؤدي الى إقصاء التوجهات الكبرى للهويةو المتمظهرة في مختلف اشكال التعصب القومي و الوطني والاثني" لكن ما الذي يعطي للابعاد الهوياتية في الحياة الانسانية هاته القوة؟و كيف تقارب مختلف التخصصات المفهوم؟
1-الهوية مفهوم تقاطع التخصصات
يحدد معجم روبيرالهوية "باعتبارها الميزة الثابتة في الذات "ويختزن هذا التحديد معنيين يعمل على توضيحهما معجم المفاهيم الفلسفية على الشكل التالي "إنها ميزة ماهو متماثل,سواء تعلق الأمر بعلاقة الاستمرارية التي يقيمها ف رد ما مع ذاته او من جهة العلاقات التي يقيمها مع الوقائع على اختلاف أشكالها ".
ومن ثمة تصبح الهوية الثقافية هي "الفعل الذي يجعل من واقع ما مساويا أو شبيها بواقع آخر من خلال الاشتراك في الجوهر "ويستعمل المفهوم سواء في الانتروبولوجيا أو في علم النفس حيث يحدده عالم النفس الاجتماعي بيير تاب بكونه"الاحساس بالهوية هو الامر الذي يجعل شخصا ما يشعر بكونه هو,ويبقى كذلك في الزمن "وبمعنى أكثر اتساعا يضيف"انه نسق من الاحاسيس و التمثلات التي يستطيع بواسطتها فرد ما الاحساس بتميزه ,وبهذا المعنى فهويتي هي ما يجعلني مماثلا لنفسي و مختلفا عن الاخرين"
ويحضر مفهوم الهوية انتروبولوجيا كعلامة غير منفصلة عن مسلسل الفردنة أي كشكل من اشكال التمايز بين الطبقات نفسها يقول نيكول ساندزنيكر *:"لا تنفصل الهوية عن الفردنة,أي عن مسلسل الفردنة فمن اجل إعطاء هوية لشخص ما أو لمجموعة من الأفراد ،يبدو لزاما التمييز بين ما ليسوا هم ،و بالمقابل ينبغي فهم الفرد في خصوصيته كما يجب اخذ هويته التاريخية بعين الاعتبار " .
تتقاطع إذن أبعاد المفهوم مابين مختلف التخصصات ،إنها مفهوم يمكن من تحديد الأنشطة التي يبني بواسطتها الفرد أناه و تمتد لتشمل مختلف المؤثرات الزمانية والمكانية و مختلف استراتيجيات بناء الذات من خلال العلاقات الاجتماعية ذاتها .
يطرح إذن البعد المزدوج للهوية إشكالا أساسيا ما بين تلك الرغبة في التميز كفرد و كأنا مستقلة ومابين امتداد الهوية في نسق مبنين من الرموز و القيم الممتدة في قيم الجماعة و أدواها و من ثمة تصبح الهوية في بعدها الفردي غير قادرة على تقديم رؤى واضحة و بالتالي يصبح الانتقال إلى الهوية الجماعية معبرا رئيسيا حاولت السوسيولوجيا القيام به بيد أنها و بفعل التعقيد الذي تعاني منه سرعان ما أفسحت المجال لعلم النفس الاجتماعي كتخصص هوياتي با متياز.. مفهوم (الهوية) مثل معظم مفاهيم العلوم الانسانية، هلامي وواسع يحتمل الكثير من المعاني والتفسيرات، وكثيرا ما يتم خلطه مع (الثقافة)، التي هي بالحقيقة تشكل جزءا من مفهوم الهوية وليس كله.
2-الهوية ومآزق الذاتي و الجماعي
يطرح البعد المزدوج للهوية مأزقا حقيقيا بفعل ازدواجيتها مابين المكون الفردي و الجماعي الفردي و الجماعي،فالنظر الى الهوية من خلال ابعادها الفردية يقود إلى القول بوجود كائن مطلق غير متغير في الزمان مع ما يعنيه هذا الموقف من ملابسات ,أما في حالة النظر إليها من جهة دلالتها الاجتماعية فان الإشكال يصبح من درجة اعقد "فمن المستحيل أن يكون أفرادمجموعة ما متماثلين كلية و يتوفرون على نفس الهوية " يقول بيير تابPierre
. Tap وفي نفس السياق يعترف لابلاتين laplatine بحقيقة ضبابية مفهوم الهوية حيث يقول :"إنها من أكثر المفاهيم الفلسفية فقرا على المستوى الابستيمولوجي ،ولكنه بالمقابل يتمتع بفعالية إيديولوجية كبرى "و يذكر كروسر بالتعريف الذي منحه فولتير للهوية في معجمه الفلسفي " يدل مصطلح الهوية على الشيء ذاته حيث يمكن استبداله ب mémete ومن ثمة فان الذاكرة هي التي تحدد الهوية "غير ان استمرارالثبات تقابله الحكمة الهيراقليطية "إننا لا ننزل في النهر مرتين "حيث ان التغيير و عدم الثبات يقف في وجه ثبات الهوية و اطلاقيتها. وترتبط بماوصفه الان تورين في مداخلته بالوجه المزدوج للهوية ,فهي من جهة ذات بعد فردي ومن جهة اخرى تعبير عن انتماء لخصائص جماعية من هذا المنطلق يقف السوسيولوجي Claude Dubardعلى مفارقة أساسية تواجه ما يسمى بالهويات الجمعية ,انه البعد المميز و الاحادي و البعد المشترك "و كيفية الفصل بينهما بمعنى اخر"ان جماعة ما ,لا تعترف بالوجود المتميز لافرادها الا من جهة تماثلهم وهذا ما يفترض عملية مزدوجة تتجه من جهة إلى تقليص التمايزات الداخلية للجماعة ومن جهة أخرى تعميق الخصائص المميزة لها عن الآخرين.
إن الاندفاعات نحو الهوية كامنة في كل الافراد و الشعوب ,انها متجذرة بدرجات تكاد تكون متساوية بين الشعوب لانها وببساطة و بالرغم من طابع التعصب الذي يمكن ان تؤدي اليه يبقى, حسب عالم الاجتماع Manuel Castells ,ضرورة بفعل وظائفها الحيوية و يركز على بعدها الايجابي "اعني بالهوية مسلسل انبناء معنى فعل معين انطلاقا من معطى ثقافي او من مجموعة منسجمة من المعطيات التي تحظى بالاولوية بالمقارنةمع باقي المصادر" و بهذا المعنى فان توترات الهوية لا يمكنها ان تؤذي الفرد او الجماعة .
غير ان المجتمعات الانسانية سواء المسماة متقدمة او متخلفة تشهد في النصف الثاني من القرن العشرين و مطلع الالفية الثالثة ازمات متعددة الاشكال مرتبطة بتمثلها لذاتها و كما يلا حظ ذلك Dubard فسواء تعلق الامر بالاسرة او العمل او الدين او السياسة فان انماط الهوية التقليدية ماضية الى الاندثار"
لقد أكد بيير تاب في المقدمة التي صدر بها للمداخلات التي شهدها الملتقي الدولي حول الهوية على الابعاد المتناقضةلها ومن ثمة فان تعدد التخصصات وتكاملها لايمكن الا ان يكون الحل الامثل لتفادي القلق و المآزق التي يخلقها المفهوم يقول في هذا الصدد:" إن محاولة دراسة الصيرورت التي تعمد إليها المجموعات أثناء بناء هويتها يقتضي افتراضا أن أعضاء الجماعة يحاولون التماثل فيما بينهم مع ما يقتضي ذلك من إدراك البعد الدينامي للهوية باعتبارها ذات محددات داخلية وخارجية، ونوعا من الانزياح يتجاوز البعد الأحادي التخصص إلى مجالات معرفية متعدد الأبعاد ،وهوماسعى المتلقي الدولي المنعقد تحت اسم " إنتاج وإثبات الهوية" إلى تحقيقه."



#عزيز_مشواط (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في كتاب -الأصولية افة الاسلام- لعبد الوهاب مديب
- تهديدات الظواهري وتفجيرات لندن تعيد مقاربات - كيبل- للفعل -ا ...
- الحركات الجهادية و البحث عن الهوية بحد السيف و الدم
- الخصوصية والهوية الثقافية


المزيد.....




- -صور الحرب تثير هتافاتهم-.. مؤيدون للفلسطينيين يخيمون خارج ح ...
- فرنسا.. شرطة باريس تفض احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين في جامعة ا ...
- مصر تسابق الزمن لمنع اجتياح رفح وتستضيف حماس وإسرائيل للتفاو ...
- استقالة رئيس وزراء اسكتلندا حمزة يوسف من منصبه
- قتلى وجرحى في هجوم مسلح على نقطة تفتيش في شمال القوقاز بروسي ...
- مصر.. هل تراجع حلم المركز الإقليمي للطاقة؟
- ما هي ردود الفعل في الداخل الإسرائيلي بشأن مقترح الهدنة المق ...
- بعد عام من تحقيق الجزيرة.. دعوى في النمسا ضد شات جي بي تي -ا ...
- وجبة إفطار طفلك تحدد مستواه الدراسي.. وأنواع الطعام ليست سوا ...
- صحيح أم خطأ: هل الإفراط في غسل شعرك يؤدي إلى تساقطه؟


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عزيز مشواط - اشكاليةالهوية في العلوم الانسانية