أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - عبدالاله سطي - قراءة في كتاب (الصراع الطبقي و التحولات الاقتصادية والسياسية في المغرب)لصاحبه عبد السلام أديب الجزء الثاني















المزيد.....


قراءة في كتاب (الصراع الطبقي و التحولات الاقتصادية والسياسية في المغرب)لصاحبه عبد السلام أديب الجزء الثاني


عبدالاله سطي

الحوار المتمدن-العدد: 1314 - 2005 / 9 / 11 - 10:56
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


(تـتـمة)
(4)

في الشطر الأخير من الكتاب يخصص " أديب " دراسة مستقلة لبنيات الطبقات الإجتماعية المستقرة في
البوادي قبل أن ينتقل إلى الحديث في لمحة مقتضبة على البنيات الاجتماعية التي سادت في عهد الاستقلال.

ـ الطبقات الاجتماعية في البوادي المغربية: ينطلق الباحث في تحليله لبنية هذه الطبقة من فكرة أساسية
مفاذها أنه لايمكن الوعي بالتشكيلة الاجتماعية وتفرعاتها الطبقية في المغرب بدون الرجوع إلى أصولها
التاريخية فملكية وسائل الإنتاج مثلت دائما على ممر العصور السابقة على الخصوص الأرض الماشية
ومنابع الحياة ، محور الصراع الذي دار قديما ما بين السكان الأصليين للمغرب البرابرة في مواجهة الغزو
الفينقيين و الرومان والقرطاجيين..إلخ.
لأن من يسيطر على وسائل الانتاج تتحقق له السيطرة الإقتصادية و الاجتماعية و السياسية. وينحى
" أديب " في دراسته هاته إلى تحليل التشكيلة الاجتماعية للطبقات الاجتماعية في البوادي في عهد ماقبل
الاستقلال و تشمل عهد ماقبل الحماية وعهد الحماية الفرنسية،ثم تطرق في مرحلة ثانية إلىواقع هذه التشكيلة
منذ سنة 1956.
ـ تطور التشكيلات الاجتماعية قبل الاستقلال:
يتقمص الباحث في هذا الفصل من الكتاب دور المؤرخ والأنتروبواوجي السياسي، حيث يبتدأ دراسته بجرد
تاريخي للأصل السكاني المغربي و لمكوناته الثقافية القديمة و ما طرأت عليها من تطورات و تقلبات جمة.
و لضيق المجال سنحاول فقط تقديم خلاصات سريعة لكل المحاور التي تقدم بها" أديب ".
ـ التشكيلات الاجتماعية قبل عهد الحماية: وهنا يتطرق " أديب " للأصول الاجتماعية لسكان المغرب ونظام
ملكية وسائل الانتاج الذي كان سائدا في تلك الحقبة من الزمن. فخصوبة الأراضي المغربية وما كانت تزخر
به من خيرات حيوية ونفوذ إجتماعي مما أدى إلى قيام مجموعة من الممالك البربرية في العديد من مناطق
شمال المغرب.لكن ذلك أدى إلى تكاثف الأطماع الاستعمارية من طرف الفينيقين و الرومان والوندال
و البيزنطيين و العرب و الأتراك و الفرنسيين.فتعرضت المنطقة إلى تشويه حضاري خطير ونهب إستعماري
ولا أشد منه.لكن يرى " أديب " بأنه رغم ذلك فالغزو العربي الاسلامي للمنطقة كان أشدا خطرا،نظرا لطبيعته
الاستيطانية و التسلطية بالإضافة إلى إيديولوجية نشر الدعوة الاسلامية فقد كان يستهدف أيضا الهيمنة على
الخيرات الاقتصادية للمنطقة المعروفة بخصوبتها .ويقدم " أديب " هنا تبريرات تاريخية جمة تؤكد أطروحته.
أما النظام الذي كان متبعا في هذه الحقبة بخصوص ملكية و سائل الانتاج : ـ ففي عهد الفينقيين و الرومان كان
حق ملكية الأرض خاصا بالدولة أوالحاكم.وهذا الوضع خول للحاكم الحق في أخد الريع الريع العقاري من العاملين
في الأرض التي كانت تخول لهم كحيازة وليس ملك.
أما عندما تجذرت أيدي العرب في الأراضي المغربية خلال بداية القرن الثامن مع موسى ابن نصير وقبله
عقبة ابن نافع. أصبحت رقبة الأرض بيد الخليفة الأموي وبالتالي كانت تفرض على القبائل البربرية المزارعة
في هذه الأراضي ما كان يسمى بضريبة الخراج و الجزية.وبعد ذلك تحولت إلى ضريبة العشوربعدما إعتنقت
القبائل البربرية للاسلام و الزكاة لللخليفة الأموي بدمشق...(ص61ـ 62 ) حيث إستمر الوضع على هذا الحال
على ممر السلاطين الذين تداولوالحكم في المغرب.حتى أعلن بعض البربر عصيانهم على السلطة المركزية
ورفضو دفع الضرائب و الخضوع للأوامر.حيث غنقسم المغرب منذ ذلك الحين إلى ما يسمى " ببلاد المخزن "
و " بلاد السيبة " وهنا سينطلق " أديب " في بحث ىخر مبينا التشكيلات التشكيلات الاجتماعية التي سادت هاته
المناطق الأخيرة كل على حدة:
1ـ التشكيلات الاجتماعية في بلاد المخزن: تتكون بلاد المخزن من المناطق التي تسكنها القبائل العربية التي
إستوطنت في السهول المغربية الخصبة و التي قبلت بالخضوع المطلق للسلطان المدني وبحمايته وبالواجبات
التي يفرضها مثل هذا الارتباط.ثم يستطرد الباحث في تحديد مفهوم المخزن الذي يرى فيه " أديب " تلك السلطة
المطلقة التي يكتسبها السلطان و أعوانه نتيجة خضوع القبال العربية المختلفة لعائلة السلطان . إما طوعا جراء
العصبية و البيعة المترتبة عنها و إما كرها نتيجة إجتياح أراضي جديدة و فرض الأمر الواقع على سكانها.
وهنا يقيم الباحث مقارنة وجيهة بين هذا التعاقد و التعاقد الاجتماعي الذي تحدث عنه المفكر الانجليزي
"طوماس هوبز" في القرن السابع عشر.كما يذهب " أديب " إلى تمطيط مفهوم المخزن بجعله غير محصورا
فقط في مفهوم حكومة السلطان.
بل هو يعني أيضا في نظره الطبقة الحاكمة كافة.وهذه الطبقة تتالف من قسمين إدارة الدولة و رجال البلاط.
أما بخصوص اشكال الملكية التي سادت في بلاد المخزن آنذاك تنحصر كما يجردها الباحث في :
ـ ملكية الأرض تخضع كليا إلى السلطان الذي هو المالك الحقيقي لاراضي البلاد بأسرها.ـ السلطان هو الذي
يعطي حق الانتفاع بها إلى من يشاء من رعاياه. فالأراضي السلطانية كانت سلعة بيد المخزن ووسيلة ناجعة
لكسب ولاء القواد و الشيوخ وكبار رجال الدين...
وهكذا يرى " أديب ط أن هذا الشكل من الاقطاع كان لايماثل غيره في عهد الاقطاع الأوربي،
لأنه يخضع بشكل مباشر ومطلق لإرادة السلطان . و إتخد بدوره عدة أشكال يحصرها " أديب " في:
ـ أراضي الأحباس.
ـ أراضي الكيش
ـ أراضي شاسعة مخولة الانتفاع إلى المقربين من السلطانوالقادة العسكريين و قبائلهم...
من هؤلاء يذكر الباحث( الريسوني قائد قبيلة بني عروس،القائد محمد الريفي قائد قبيلة الفحصين..).
ـ اراضي شاسعة أيضا ممنوحة إلى أقرب المقربين إلى السلطان، الباشوات و العمال و القواد.
وقد أنتهجت عدة طرق لإستغلال الأراضي الفلاحية و ااستعمالها في بلاد المخزن.إما عنطريق نظام المزارعة
أو المحاصة و هي أشكال من أشكال مساهمة المزارع في استغلال مشروع زراعي.وقد كان لنهج هذا الأسلوب
وقع كبيرعلى الحياة المعيشية للمزارعيين و أفراد عشيرتهم لما يكتنف هذا الأسلوب من أش كال شتى من
الاستغل البشع، لقوة العمل.
بعد ذلك سيستطرد " أديب " في استجلاء أشكال التمايز الاجتماعي الذي أفرزه نظام الاقطاع في بلاد المخزن .
الذي أفرز كما وضح " أديب " تدرج إجتماعي بين السكان البدويين، و إلى ظهور فئتين إجتماعيتين تتمثلان في
الاقطاعيين الذين كانو يشكلون قلة عددية، و الفلاحين الذين يمثلون أكثرية السكان في البادية .
حيث كانت الفئة الأقلية تستغل الفلاحين وتعيش على حساب أتعابهم و شقائهم،و يقسم " أديب " الاقطاعية
السائدة إنذاك إلى صنفين:
ـ إقطاعية عقارية وقيادية: الشيوخ و القواد و كبار موظفي الدولة... (ص67).
ـ الاقطاعية الدينية: الشرفاء و مشايخ الطرق الصوفية و غيرهم من رجال الدين(ص68).
أما في ما يخص الفلاحين الفقراء المعوزين: فهم كانو يشكلون الطبقة المستغلة وقوة العمل الضرورية في البادية،
و هي الشريحة الواسعة من السكان، ويماثل" أديب " وضعيتها بوضعية القن داخل نظام الاقطاع الأوربي في
القرون الوسطى.
2ـ التشكيلات الاجتماعية في بلاد السيبة: بنفس التقسيم الذي نهجه الباحث في خضم دراسته "للتشكيلات
الاجتماعية في بلاد المخزن" يتناول دراسته حول " التشكيلات الاجتماعية ببلاد السيبة".
ففي البداية يستهل الباحث بتعريف مفصل لمفهوم "السيبة" التي هي في نظر " أديب " كلمة بربرية وتعني
الانشقاق إضافة إلى معناها العربي الذي يعني غياب السلطة أو البلاد المجردة من أي خضوع لأي سلطان
مدني.ويربط" أديب " هذا المفهوم ببعض المناطق البربرية التي رفضت قبائلها الخضوع لسلطة السلطان
المدني و امتنعو عن دفع الضرائب له.
و قد إنتشر هذا النوع من العيش في ثلاث مناطق هي: جبال الريف (شمال المغرب)، جبال الأطلس
وشرقي المغرب وجنوبه، و هي معظم المناطق الوعرة التي فر إليها البربر على إثرالغزو العربي للبلاد..
أما بخصوص أشكال ملكية وسائل الانتاج التي كانت سائدة بمناطق السيبة فهي ليست متنوعة كثيرا بحيث
تنحصرفقط كما يبين الباحث في :
ـ الاعتماد على الزراعة المعيشية.
ـ و الرعي.
ـ وبعض الحرف التقليدية البسيطة.
بحيث كان نظام الملكية المتبع في بلاد السيبة كما يضيف " أديب "، نظام ملكية الجماعة الجماعة الخاصة بالقبيلة.
فكانت توزع الأراضي الصالحة للزراعة داخل القرية على الأسر الأبوية الممتدة المسماة بالأمازيغية " الأكس "
لإستغلالها واستثمارها. وهي موضع الملكية أما الأخرى ذات المنفعة العامة: الغابات المراعي والديات ( البحيرات )،
يكون لكل أسرة الحق في الانتفاع نها و استعمالها. ويكون للجماعة حق تنظيم هذا الاستغلال .
أما الملكية الخاصة فكانت تنحصر فقط في القطيع ، وأدوات العمل، والممتلكات البيتية...
وبخصوص التنظيم الاجتماعي في بلاد السيبة يظهر من خلال دراسة " أديب "، أن هذه البلاد كانت تنقسم إلى
قبائل زراعية و أخرى رعوية ، وأخرى تجمع بين النشاطين. والعلاقة بين هاته القبائل كانت تارتا تحمل طابعا
سلبيا تتجلى في إضهار العداوة و إنتهاز الفرص للغزو و العدوان وشن الحروب، و تارتا إجابية تنطوي على
المحبة و التكافل والاحترام المتبادل. بيد أ ن الخاصية الأساسية تاتي كانت تمتازبها هذه القبائل هو عدم وجود
طبقات إجتماعية متميزة لأن مستوى معيشة السكان كان متقاربا إلى حد لتماثل .
ـ التشكيلات الاجتماعية في عهد الحماية:
بعد أن وضح " أديب ط في هذا الفصل أشكال الغزو وطرق نزع ملكيات الفلاحين من طرف المستعمر الفرنسي،
متحدثا بلغة النسب والأرقام حتى يقربنا أكثر من مدى بشاعةالمصاب الجلل الذي شهدته بلادنا إبان سنوات الحماية
و الاستعمار من نهب وسرقة و إبادة واستطان.ينتقل بنا أديب إلى تبيان إنعكاسات ذلك على إقتصاد البلاد.
فالهيمنة الاستعماريةللمحتل على ربع البلاد، أدت عن طريق إغتصاب الأراضي و حرق المحاصيل وغيرها
من الأساليب الشنيعة، إلى ندرة وسائل العيش لدى الفلاح المغربي بسبب نقص المسحات الصالحة للزراعة،
وكذا تقلص نسبة قطعان العيش.


هذا ما أدى إلى إرغام السكان المغاربة على الاشتغال على مختلف إوراش قوات الاحتلال و لو بأجور زهيدة.
وقد حرص المستعمر الغاشم عند إستيلائه على معظم أراضي البلاد، الحفاظ على الامتيازات الأدبية والاجتماعية
للفئات الحاكمة بالقبائل من شيوخ وقواد وكبار رجال الدين، بمنحها العديد من الأراضي الزراعية عند إدخال نظم
تسجيل الأراضي لكي تكون سندا قويا للمحتل، لكنه جردها في المقابل من نفوذها السياسي لأنه أصبح الحاكم الفعلي
للبلاد وهنا تحول ذلك النط من الملكية الجماعية التي كانت يتسم بها الطابع الاجتماعي داخل القبيلة، إلى نمط الملكية
الفردية للأرضن وبالتالي أصبحت العلاقة الاقتصادية تقوم على امتلاك رؤساء الطرق الصوفية للأراضي الزراعية
الواسعة،و تحول سائر أفراد القبيلة بالتدرج إلى فلاحين أجراء في أراضي زعمائهم.
ويخلص الباحث في دراسته للإنعكاسات لالاقتصادية جراء الاستيطان الاستعماري. إلى حقيقة واضحة و فاضحة
هي: إن السيطرة الاستعمارية تنظم النهب ، وتعادي التقدم الاقتصادي و الاجتماعي للبلاد المستعمرة، فقد أدى
الاستعمارالفرنسي للمغرب إلى دمجه تدريجيا في النظام الرأسمالي العالمي، وكان أحد تداعيات ذلك الطبعهو تغلغل
العلاقات الرأسماليةفي الأنشطة الاقتصادية بالقدر الذي تجعله مصدر للموارد الخام من زراعة وثروات معدنية،
وسوقا لتصريف سلعه ولاستثمار رأس المال.و أدى الاهتمام فقط بمصالح المستوطنين الزراعيين الأوربين ،
إلى إفقارالفلاحين المغاربة ، وهذا بالاضافة إلى إفقار الفلاحين المغاربة، و هذا بالاضافة إلى الآثار الاجتماعية
الوخيمة جراء إقامة النظام الاستعماري،و تجنيد الفلاحين بالقوة، و تخريب ممتلكاتهم، مما أدى إلى زعزعة
كيان المجتمع المغربي وتصدع البنى القبلية والعلاقات القبلية.
ونتج عن ذلك أيضا أشكالا من التمايز الاجتماعي ، وظهور فئة من المغاربة الملاك الذين لايقومون بزرع
أراضيهم بيدهم،بل كانو غالبا ما يؤجرون عمالا زراعيين لفلاحتها.
بعد ذلك ينطلق " أديب " في رحلة إستجلاء لمحددات التشكيلات لاجتماعية في عهد الاستقلال مبتدءا، برصد
وضع القطاع الزراعي و ملكية الأراضي الزراعية في مغرب ما بعد الاستقلال.مبينا كما عودنا " أديب " بلغة
النسب والأرقام،التطور الذي شهده هذا القطاع منذ بداية الاستقلال إلى اليوم، وكذا البنيات الآليات التي يشتغل بها.
واقفا على نقطة مهة جدامفادها أن الهيمنة الرأسمالية الاستعمارية الفرنسية لم يكن غرضها تحويل المجتمع
المغربي من مجتمع متخلف ماقبل رأسمالي إلى مجتمع رأسمالي حديث، بل حاول الابقاء على نفس البنيات المتخلفة
للمجتمع التقليدي،لأن هذه البنيات تمكنه بشكل أحسن من إنصياع الشعب المغربي للمتروبول الإستعماري،
فإعادة إنتاج التخلف أصبح شرطا ضروريا لإستمرار هذه السيطرة(ص89).
وبعد إستطراد جاحظي في تحليله لإزدواجية البنيات الفلاحية و حدودها في المغرب،و إباز أهم الاختيارات
الاقتصادية و الاجتماعية للسلطات العمومية، مبينا مدى هيمنة التوجهات اليمينية المحافظة على رسم المخططات
الاقتصادية ، وكذا التوجهات العامة للسيسات الفلاحية التي أوصت بها المؤسسات المالية الدولية، التي إن دلت
عن شيء إنما تدل على عدم إستقلالية البلاد في رسم أفق و توجه لسياستها الاقتصادية بشكل عام.
ثم يقف " أديب ط في آخر الكتاب على إبراز التمايز الاجتماعي في العالم القروي،بحيث أن النظام الاقتصادي
في البوادي المغربية يعيش مرحلة إنتقالية بين النظام الاقطاعي القائم أصلا،الذي يعني هيمنة خدام المخزن الأوفياء
على إقطاعيات فلاحية كبيرة بفلاحيها مقابل أداء الإتاوات و الغلال للسلطان.و هو مفهوم كما يرى " أديب " ليس
له علاقة بالنظام الفيودالي الذي ساد في أوربا خلال القرون الوسطى.و طوال هاته المرحلة الانتقالية كما يبين
الباحث لا يقدم الهيكلين الاقتصاديين الزراعين الاقطاعي و الرأسمالي نموذجين من التكتيك الزراعي و الاقتصادي
السلعي فقط، بل يقدمان أيضا نوعين من التركيب الطبقي ثم يحدد" أديب " التصنيفات الطبقية الرئيسية في البوادي
المغربية:
1/ طبقة الفلاحين الأغنياء و أبرز خصائصها:
ـ تتشكل من كبار الملاكينالحائزين.
ـ تمثل مكوناتها الرأسمالية الإقطاع السياسي و كثيرا من الزعمات العشائرية.
ـ تمثل القوى الرجعية في البلاد لتواطئها مع المستعمرين ضد القوى التقدمية و الحركة الوطنية.
ـ تتألف من ثلاث فئات فرعية:
+ فئات ملاك الأراضي الواسعة .
+ فئات الذين يملكون الأراضي و الرأسمال الزراعي.

2/ طبقة الفلاحين المتوسطين:
ـ تتكون من الفلاحينالمتوسطين الذين يملكون أو يستأجرون قطعة معينة من الأرض تتراوح مساحتها
بين خمسة و أقل من خمسين هكتارا.
ـ تلعب دورا هاما في إنعاش البادية من الناحية الاقتصادية و الاجتماعية و بث الحياة فيها.
ـ تتميز بضعف نصيبها من إستخدام العمل المأجور و التقنية الزراعية الحديثة.
ـ إنحدار مستوى معيشة هذه الطبقة بإستمرار هبوطها شيئا فشيئا إلى صفوف صغار الفلاحين.
نظرا لتفتيت ملكية أفرادها تحت عامل الإرث بصفة خاصة...
3/ طبقة الفلاحين الصغار من خصائصها:
ـ تمثل أغلبية السكان القرويين في المغرب و أهم أصحاب ملكياتقزمية تقل مساحتها عن خمسين
هكتارا.
ـ ملكيتهم الصغيرة لا تكفي لإعالتهم سواء أكانت هذه الحيازات حيازات ملكية او استأجارية
أو مختلطة.
ـ يعيشون حياتا بدائية محرومة من وسائل الراحة.
4/ طبقة العامل المزارعين:
ـ تمثل العمال الزراعيين القابعين في أسفل السلم الاجتماعي.و تتألف غالبا من العمال الذين
لا يملكون أرضا.
ـ يعيشون أوضاعا مزريةن لعلمهم لعملهم بحصة الذين يعملون حسب النظام الاقطاعي، حيث
يحصل العامل بعمله و عمل أسرته على ربع أو خمس نصف المحصول.
ـ لا تستطيع هذه الشرحة أن تمتلك أصول أو مدخرات، فغلاء المعيشة قد يؤدي ببعضهم إلى
إمتهان التسول و إرتكاب الجريمة.
ـ عدم وجود من يعبر عن مشاكلها، و يدافع عن مصالحهان بسبب ضعف الحركة السياسية في
العالم القروي و عدم نمو وعيهم الطبقي.


مناقشة على سبيل الختم:

و بعد ، وأنا أرتحل بين فصول الكتاب ومضامينه القيمة، حاولت جاهدا كل الجهد أن أجد منفذا و
لو ضيقا لإفتعال نقاش جاد مع الأستاذ " أديب " لكن دون دون جدوى، فالنصوص صراحتا وبدون
نفاق تعبر عن حالها بلسانها، و هي في غنا عن أي توضيح أو إستفسار.
و هذا ما يجعلنا أن نقر بحقيقة تعود بنا إلى مقدمة المقال، وهي أن الرجل كان متفوقا كل التفوق في
مقاربته لإحى الإشكاليات الخبيثة والمستعصية التي تقف كحجر عثرة أمام التطور السوسيوإقتصادي
للبلاد.لكن لا مفر من إبداء مجموعة من الملاحظات و الاستفسارات ليست بمنزلة نقد للكتاب بقدر
ما يمكن إعتبارها كإضافات بسيطة للأطروحة التي يعالجها الكتاب.
الملاحظة الأولى:
لفصل المقال في تقرير مابين تحليل الأستاذ " أديب " لبنية المجتمع المغربي في إطارها النظري
و الواقع الاجتماعي المغربي المعاش من إتصال، نخلص إلى نتيجة لا يختلف عليها إثنان ولا تتناطح
عنها عنزتان ولا ينكرها إلا كل كل كذوب ظلوم جهول، مفاذها أن المجتمع المغربي هو مجتمع طبقي
بإمتياز، تتعايش فيه ثلاث طبقات إجتماعية ، طبقة غنية، وطبقة متوسطة على أهبة الفقر، وطبقة كادحة
تشكل السواد الأعظم من الشعب، لكن السؤال الذي يثار هنا هو ماطبيعة العلاقات الاجتماعية التي تربط
هذه الطبقات؟
بطبيعة الحال نحن لا ننكر في الوقت الحالي حالة لتعايش السلمي بين الطبقات الثلاث، لكن هذا لا يخفي
حالة الصلابة التي تكنها كل طبقة للأخرى بفعل الهوة التي تتسع بينهم يوما بعد يوم، بفعل تفشي ظاهرة
الامساواة في توزيع ثروات البلاد بالاضافة إلى الفساد و الاستغلال الذي من أبرز نتائجه أن يزيد الغني
في غناه و أن يزيد الفقيرفي فقره.
الملاحظة الثانية:
من جملة الخلاصات التي خرجنا بها من هذه الدراسة الوجيهة. أن تقسيم المجتمع المغربي إلى مجتمع " المركز"
و تمثله طبقة المخزن أو بمعنى الطبقة المستغلة( بكسر الغين ) و مجتمع " الهامش " و تمثله الطبقة المستغلة
( بفتح الغين ) و التي يمكن إدراجها ضمن مجموعة من الفئات التي تمثل الطبقة المتوسطة بالإضافة إلى الطبقة
الكادحة التي لا حول ولا قوة لها.لكن تزايد شريحة الطبقة المحقورة بشكل ملفت للنظر خلال العشرية الأخيرة ،
سيحول هذه الأخيرة في ظل إستمرار هذا التقسيم الاجتماعي الطبقي إلى خزان للثقافة الإنتحارية و إلى قنبلة
موقوتة قابلة للإنفجار في أي لحظة، كما يمكن إضافة أن المجتمع بهذا الشكل يتجه نحو فقده للسيطرة على
الآليات التي يقوم عليها توازن المجتمعات و استقرارها.
فتزايد نسبة الجريمة و التفكك الاجتماعي بين الأوساط المستضعفة من شنه أن يؤدي إلى أضرار وخيمة،
وكانت لنا في أحداث فاس الحسيمة إسوة في ذلك.
أيضا كانت لعوامل الفقر والبطالة ظهور نوع من البرود في الحس الوطني، فكيف يعقل أن يتحول الفرد بين
عشية و ضحاها من فرد كان إبان سنوات الغزو الاستعماري قادر بأن يضحي بنفسه من أجل نصرة هذا الوطن،
إلى فرد قادر الآن بأن يضحي بنفسه و أسرته و أمواله وكرامته من أجل مغادرة الوطن عبر قوارب الموت أو
غير من الوسائل الخطيرة. كل هذه العوامل وغيرها كفيلة بأن تنتج التطرف و لكن للأسف في المغرب لا يواجه
التطرف إلى بتطرف مثله وهذا ليس كفيل بحل الهيجان الاجتماعي و إحلال نوع من الاستقرار و الثبات و الاعتدال
في مواجهة المعضلة الاجتاعية.
الملاحظة الثالثة:
أعتقد أن دراسة " أديب " لإشكالية الصراع الطبقي في المغرب ولبنية الاجتماعية المغربية، كانت تنقصها حلقة
واحدة، أو الاجبة على سؤال واحد حتى تكون الدراسة قدحققت هدفها بإمتياز و أكثر، وهو كيف السيل لحل معضلة
الصراع الطبقي في المغرب؟ أو بمعنى آخر ماهو البديل لقيام مجتمع مغربي بدون طبقات؟
سأحاول هنا إن سمح المجال أن أقدم و جهة نظر مقتضبة نرمي من خلالها إلى إلقاء شيء من الضوء على هذه الأسئلة
على أساس أن نعود لذات الموضوع في دراسة خاصة مستقبلا.
في نظري هناك طريقين لإحلال المجتمع الغير طبقي:
الأولى: إن إتساع شريحة الطبقات الكادحة من عمال وفلاحين و معطلين و ما يسطحب هذا الاتساع من زيادة في
و تيرة الفقر و العوز والحاجة و الحرمان في مقابل طبقة مستغلة تعيش في بذخ و رخاء ورفاهية إجتماعية فاحشة،
لمن شأنه على سبيل تحليل ماركس أن يؤدي إلى ثورات و انتفاضات إجتماعية منظمة في شكل حركات ثورية تؤدي
إلى إستبدال نظام الحكم القائم، بنظام حكم آخر يتوافق و مصالح الشرائح المستضعفة و التي سيمثلها العمال وهو ما
إسطلح عليه ماركس بدكتاتورية البروليتاريا، التي ستمثل المرحلة الانتقالية للمجتمع الشيوعي أي المجتمع الاطبقي
إن صح التعبير. لكن هذا التحليل وهذه الطريقة لمسح الفوارق الطبقية تستبعد الآن ليس في إطارها العملي ولكن في
إطارها النظري لتغير مجموعة من المعطيات و التركيبات التاريخية والاقتصادية.
الثانية: أما الطريق الثاني للإحلال مجتمع بدون طبقات: لا يمكن أن يتحقق إلا عبر تحقيق و تثبيت الانتقال الديمقراطي
في البلاد، و إخراجها من حلقة الصراع القئم بين الطبقات المخزنية و التي تمثل مجتمع المركز، و بين الطبقات
المستضعفة و التي تمثل الهامش...و هكذا لابد أن تبذل الكثير من التنازلات الضرورية و المؤكدة من طرف
الطبقة المستغلة ( بكسر الغين )، حتى يتمكن من إنقاذ البلاد من الانتحار الاجتماعي.و لابد من خلق واقع سياسي
داخلي جديد، قائم على إختيارات نابعة من قناعات ديمقراطية تكون من الشعب و إلى الشعب.
فــهــل يــمــكــن ذلــك؟
سـؤال فــيــه نــظــر...


المغرب 2005
ـ باحث في العلوم السياسية ـ

لمزيد من المعلومات حول تعريف المثقف العضوي أنظر مجلة ( وجهة نظر) العدد24 شتاء 2005.(1)1
(2) عبدالسلام أديب: الصراع الطبقي و التحولات الاقتصادية والسياسية في المغرب منشورات النهج الديمقراطي.2005



#عبدالاله_سطي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في كتاب( الصراع الطبقي والتحولات الاقتصادية والسياسية ...
- توابع التبعية دراسة في ميكانزمات أزمة تخلف المجتمعات العالم ...


المزيد.....




- وزيرة تجارة أمريكا لـCNN: نحن -أفضل شريك- لإفريقيا عن روسيا ...
- مخاوف من قتال دموي.. الفاشر في قلب الحرب السودانية
- استئناف محاكمة ترمب وسط جدل حول الحصانة الجزائية
- عقوبات أميركية وبريطانية جديدة على إيران
- بوتين يعتزم زيارة الصين الشهر المقبل
- الحوثي يعلن مهاجمة سفينة إسرائيلية وقصف أهداف في إيلات
- ترمب يقارن الاحتجاجات المؤيدة لغزة بالجامعات بمسيرة لليمين ا ...
- -بايت دانس- تفضل إغلاق -تيك توك- في أميركا إذا فشلت الخيارات ...
- الحوثيون يهاجمون سفينة بخليج عدن وأهدافا في إيلات
- سحب القوات الأميركية من تشاد والنيجر.. خشية من تمدد روسي صين ...


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - عبدالاله سطي - قراءة في كتاب (الصراع الطبقي و التحولات الاقتصادية والسياسية في المغرب)لصاحبه عبد السلام أديب الجزء الثاني