إلى العزيز ... صديقي

زكي خليل

الحوار المتمدن-العدد: 1313 - 2005 / 9 / 10 - 10:10
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    

هل أبدأ معك من واقع ٍ قريب, فيه أحزابٌ - شخصيات- أقزامٌ, "سيوفها أطول من قاماتها" تدعي البطولة في دولةٍ أمنية ٍ كممت أفواهها حتى المؤخرة.واقع ٍ جامد ٍ كالصخر لا يستطيع حتى الله تحريكه؟
أم من واقع ٍ أكبر , من دولة ٍ , حكومة ٍ , أقطاعية كبيرة . تتدخل في كل كبيرة وصغيرة , يدها تطال حتى العصفور في جحره والطفل في بطن أمه ,حتى أنني أذكر يدهم كيف كانت تتحرك في كفن الأموات عندما كنت أشارك بدفن أحدهم؟
صديقي العزيز ...
تتداخل جميع الأمور عندنا, و"الناس لبعضيها" فعندما يفيق مسؤول ما من نومه ولا يجد قوت يومه؟ !
طبعا ً يتوجه لأبنائه -الشعب , لكن عزة نفسه تمنعه من المطالبة بثمن الخبز " يا حرام" لذلك يلجأ – مكرها ً- إلى فرض ضريبة ما على أي شيء , مثل ابتكار طابع البيئة,طابع الايدز,تأمينات اجتماعية ,ضريبة ترفيه,زواج ,طلاق, التأخر عن خدمة الجيش, طلب استعجال للجيش,وفاة , ولادة ,طلاق,زفاف.....
والأحزاب تتهرب دوما ًُ من النضال لأسباب ٍ عدة" اقتصادية , سياسية , أمنية , دولية , اجتماعية ...."
وهي بدورها تبتكر أساليب جديدة لاستمرارها وبقائها في مكانها,من سكرتير إلى أمين عام إلى رئيس الحزب ودوما ً الشخص نفسه لكن الصفة تتغير " والناس مبسوطة"
و الحكومة دوما ً عندها أسبابها الوجيهة بالطبع لأفعالها كذلك أحزابنا تبتكر دوما ً أسبابا ً وجيهة تبرر تقاعسها وتخاذلها والسبب دوما ً أما الظروف أو أحد الأحزاب العميلة؟
بقينا أكثر من ثلاثين عاماً حتى اكتشفنا شيئا ً أسمه الملصق , وبعدها قضينا فترة أكثر من عشرة أعوام حتى اكتشفنا التظاهرات والمسيرات . ولا أعلم كم سنبقى حتى اكتشاف أسلوب نضال ٍ آخر .
منذ صغري تقول جدتي" عصفور باليد خير من عشرة على الشجرة"
اليوم لا نقدر على استرجاع حقوقا ً لأننا نفتقر للقوة اللازمة , ولكن السنا بقادرين على الاهتمام بالتاريخ الكردي واللسان الكردي , الاهتمام بالفلكلور الكردي على أقل تقدير .
طبعا ً العديد من الأحزاب تدعي أنها تفتح دورات تعليم اللغة الكردية وتقيم كل فترة محاضرات ولفرقها الفلكلورية نشاطات متعددة ...
" اللي يدري يدري واللي ما يدري يقول جف عدس"
تنفيس , تخدير , كذب كله على الناس المساكين .

ويكفي أحزابنا فخراً بأنها لا تملك أسما ً واحدا ً على الساحة الأدبية تخرج من جامعاتها الممتدة عبر السنين ,وأن تاريخها كله نضال ونضال ؟
صديقي الغائب الحاضر أبدا ً
لا أضع نفسي مكان الموجه والمرشد للأحزاب ولكن هناك الكثير الكثير الذي يستطيعون القيام به ويتهربون منه.
فإذا كانت الظروف الدولية والإقليمية والاجتماعية والخارجية والداخلية والنفسية والعقلية .... كلها لا تسمح بالقيام بالنضال-المظاهرات- الأسلوب الجديد المبتكر؟
أقول إذا لم تكن الظروف تسمح لهم بالقيام بالمظاهرات فهل يعقل أن يظلوا يتراوحون مكانهم, وهل النضال فقط في المظاهرات. ماذا يفعل القادة الكرام . أصحاب المقالات والكتب التوجيهية للناس ! أصحاب التاريخ النضالي المشرف في السجون ! أصحاب المواقف الجريئة!
كم من شخص ٍ صنع التاريخ؟ لا أطلب منهم صنع المعجزات ولكن أن يكونوا دوما ً المناضلين الحقيقيين , الذين يحملون القضية في أكفهم ويسيرون ليقتدي الناس بهم ويسترشدوا .
مشكلة الأحزاب أنها تلهث وراء مطاليب سياسية" عشرة على الشجرة" ولا تملك القدرة على بلوغها ؟
وفي سبيل هذه المطالب تنسى وتتناسى واجباتها الاجتماعية والتنظيمية والثقافية .. " عصفور باليد "
صديقي..
الحال على ما يرام والناس بخير , تعمل ليل نهار ,فنحن شعب مجد لا نحب الكسل والجلوس وراء التلفاز , أو الكتب أو الكمبيوتر ...
اختراعات العصر الملهية عن ذكر الله.
الحكومة بألف خير ونحن – ونشهد بالله- لا نقصر بحق ولاة أمورنا ندفع الضرائب ونحني الرقاب وننفذ الأوامر كما يريدون وهم راضين عنا والحمد لله.
أخي وراء الكثبان
في الختام أريد أن أنبهك لأمر ما .
إذا ما تناهى لسمعك أن عناصر الأمن تعتقل الناس وتعذبهم , أو أنهم يتعدون على الشعب أو أن الموظفين ينقلون من أماكن عملهم إلى أماكن نائية أو أن الحرية محذوفة من قاموسنا , وكلمة " لا " هاجرت السطور والصدور وغير هذه الأشياء فلا تصدق شيئا فالافتراءات كثرت هذه الأيام والسلام.

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات