أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عزالدّين بوغانمي - تكفير العلمانيّة.















المزيد.....

تكفير العلمانيّة.


عزالدّين بوغانمي

الحوار المتمدن-العدد: 4696 - 2015 / 1 / 21 - 07:07
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


تجار الدين يحملون مشروع دولة إستبداد وإرهاب وعبودية، تقوم على الطغيان ونفي الفرد، ومحاربة الحرية والتمدن باسم الدين، ومن هذا المنطلق يتعمدون جعل العلمانية في مواجهة الإسلام مدعين أن الحكم العلماني يتعارض مع الحكم بما أنزل الله .. والحقيقة أن العلمانية فعلا لا تحكم المجتمعات المعاصرة ولا تسير الدول بناء على الفهم السكوني والتفسير الغبي لنصوص آيات القرآن كما وردت حرفيا إستجابة لأسباب نزولها المحددة في الزمان والمكان، لأن ذلك سيعني رفض الزمن، رفض التاريخ بكل ما يحمل من مستجدات، أي رفض الحياة، والتوقف في فترة الإسلام الأول وإدارة المجتمع المعاصر بآليات ذلك الزمن ووفق معطياته. ولكن العلمانية لا تتعارض مع مقاصد الشرع الإسلامي مطلقا . ذلك أن مقاصد الشريعة كما حددها الشيخ محمد الطاهر بن عاشور هي : إضافة إلى "أحكام العبادات وإصلاح الفرد" ... "حفظ الدين والنفس والعقل والنسب والمال والعرض"، معنى ذلك أن مقاصد الإسلام في نهاية التحليل هي منظومة المعاملات والآداب التي يتفق عليها المواطنون الأحرار إستنادا إلى قيمهم الثقافية من أجل حماية المصالح و درء المفاسد وحفظ نظام حياتهم والمساهمة في بناء نظام العالم وإصلاح المجتمعات .. وما عدا ذلك فمعظم أصول الفقه مظنونة . ومن المعلوم أن هنالك اختلاف واسع بين الفقهاء حتى في أصول الفقه. ذلك أن علم الأصول لم يدون إلا بعد تدوين الفقه بزهاء قرنين. وبكل الأحوال ، يتفق معظم الفقهاء على نبذ التعصب ، ومجانبة التكفير . على إعتبار أن تغير الأحوال يجعلنا في حاجة مستمرة إلى أدلة ضرورية على غرار العلوم العقلية لتحديد مقاصد الشريعة. ولذلك فإن كل الفتاوي المتطرفة التي يطلقها اليوم أشخاص مجانين هي منتزعة من مساءل فرعية ولا علاقة لها بالأصول. وبهذه المنهجية اللصوصية التي يستخدمها فقهاء الإستعمار، شوه الإسلام حتّى صار دين محمّد يعني الإرهاب والذبح والقتل. وشوهت صورتنا نحن المسلمين حتى صرنا في نظر العالم عبارة على مجموعات من المجرمين المتقاتلة فيما بينها ، المعادية للعالم والرافضة للعصر.

من المفارقات العجيبة أن منظري الحركات التكفيرية وقادتها من أمثال راشد الغنوشي حين إحتدم الصراع بين حركة النهضة والنظام البائد على السلطة لم يهاجر إلى ديار الإسلام ، لم يذهب مثلا إلى السعودية أو إيران حيث تطبق "الشريعة"، بل لجأ إلى "ديار الكفر"، فاستقر في بريطانيا مهد العلمانية، لأنه يعلم جيدا أن الحكم العلماني الديمقراطي يقوم على ثلاثة أسس:
*التقدم السياسي والاجتماعي حيث تصان المساواة بين الناس، وحيث تصان الحريات وأولها حرية المعتقد وحيث تصان الكرامة الآدمية فيتمتع الفرد بكل حقوق المواطنة بغض النظر عن دينه و جنسه وعرقه و لونه.
**التقدم العلمي وما يرافقه من تسهيل للحياة ***الاقتصاد المنتج وما يرافقه من رخاء وأمن إستراتيجي ..
في هذا السياق يتعمد تجار الدين -أصحاب مشروع دولة الرعب- من أمثال راشد الغنوشي إعتبار الدولة الإستبدادية في البلاد العربية، دولة علمانية، بهدف تضليل أتباعه وتضليل الناس جميعا وجعلهم يعتقدون أن العلمانية هي نظام بن علي أو نظام مبارك أو نظام معمر القذافي . وتتحول العلمانية في الوعي العام إلى جانب كونها كفرا وإلحادا إلى علامة دالة على حكم الظلم والقمع والنهب والجريمة والفساد .. والحقيقة أن الأحزاب والجماعات التكفيرية كحركة النهضة وحزب التحرير وأنصار الشريعة وغيرها قد نجحت إلى حد كبير في تشويه مضمون العلمانية حتى أن عبارة "العلمانية" باتت محل رفض وهجوم سافر من قطاع واسع من السكان، بما في ذلك بعض المثقفين العلمانيين صاروا يتفادون الخوض في هذه المسألة تجنبا للبطش والإزدراء !والأصل في الموضوع أن أنظمة الحكم الإستبدادية في البلاد العربية تصنف من منظور علم الإجتماع السياسي على أنها امتداد للحكم الاسلامي من القرن الاول الهجري الى الالف الثالثة .. ومهما كانت المسميات والشعارات فالأحزاب الحاكمة ما بعد "الاستقلال"، لا علاقة لها بالعلمانية، بل هي أحزاب ذات مرجعية قبلية، طائفية، عشائرية، جهوية، تقوم على رابطة العصبية، من ارتباطات العائلة والقرابة ... إلى ارتباطات جماعات المصالح المافيوزية ، وكلها ذات ميول وأهواء إسلامية ماضوية مهما برقعت نفسها ببراقع الديمقراطية والاشتراكية ... وما أن يسقط البرقع عادت أنظمة الحكم المطلية بمساحيق العلمانية إلى الأحضان الأولى .. والمثل الصارخ لذلك، صدام حسين (البعثي العلماني) -بغض النظر عن استشهاده في ساحة المواجهة مع الغزاة- فقد تحول هو وعلم العراق إلى أحضان الخلافة والجهاد .. وغير إسمه من الرفيق والرئيس إلى عبدالله المؤمن قائد الحملة الإيمانية ضد الكفار .. وبعده عزة إبراهيم الدوري الذي ظل يمضي بياناته العسكرية باسم أمير المؤمنين .. ونفس الشيء بالنسبة لمعمر القذافي الذي شكك في صحة القرآن وانبرى في أيامه الأخيرة إلى حامي ديار الإسلام والجهاد .لكل هذا، فالحكم في البلدان العربية لم يكن حكما علمانيا بتاتا ، لأن العلمانية هي جوهر الحداثة السياسية: هي ترسيخ للديمقراطية وترسيخ لقيمة الحرية، ترسيخ للمساواة وللعدالة وصيانة للحقوق بكل أنواع الحقوق، وحماية المعتقدات والأديان والعيش المشترك والسلم الأهلي . والعلمانية هي الدعوة إلى عدم تسييس الدين، وبالمناسبة عبارة "العلمانية" مشتقة من العالم، أي من الدنيا، وليس من "العلم مقابل الدين" كما يجنح بعض الإسلامين إلى تفسير ذلك إماء عن جهل ، أو عن سوء نية. والعلمانية ارتبطت بتطور الإجتماع الإنساني. بحيث أنّه بعد المذابح الرهيبة التي مارسها الدين السياسي طيلة قرون (كالمذابح التي تمارسها جبهة النصرة في سوريا اليوم)، اهتدت البشرية إلى ضرورة القطع الأبدي مع تجارب الاستبداد المرة بفعل أدلجة الدين وتحويل المذاهب إلى نظم سياسية ، حيث يسعى كل فريق إلى فرض نظامه على بقية الجماعات .. وهكذا نشأت العلمانية لضرورة التعايش السلمي والتضامن بين الناس بدلا من إحترابهم ، وكذلك لجعل الأديان والمذاهب محترمة مقدسة حيث يحجر التضييق على ممارسة الشعائر الدينية ، ويحجر إكراه الآخرين على إعتناق ما لا يريدون .. وأعتقد أنّ الحديث النبويّ "أنتم أعرف بأمور دنياكم" هو مقدّمة إلى تلك العلمانية. كما أن في القران الكريم أكثر من سبعين آية تشير إلى العلمانية مثل: "لست عليهم بمسيطر"، "لا إكراه في الدين" وغيرهما ...
لكن محاولات وضع العلمانية والكفر في سلة واحدة، واتهام العلمانية بالإلحاد، هي إدعاءات باطلة تقوم بها الحركات التكفيرية الإجرامية ، لأن التكفير هو السلاح الأنجع بيدها، للسيطرة على عقول البسطاء. والحقيقة، أن أول من نهج هذا المنهج المنافق هي جماعة الإخوان المسلمين، وهي بذلك كانت تجنح لفرض منهجها السياسي الدنيوي. غير أنّ كلمات الله واضحة بأنّ الناس مختلفين، وأنه سبحانه أرادهم كذلك .. والعلمانيّة، بهذا المعنى لا يمكن أن تنتج إلا التقدم الإنساني والتضامن بين السكان وإحترام بعضهم بعضا ، تماما كما هو حال المجتمعات الأروبية . ولنا أن نذكر بعض الجهلة المعادين للعلمانية بلا علم ولا كتاب منير أن في فرنسا يوجد 2260 مسجدا ، منها 46 مسجدا في مدينة باريس لوحدها ! وحيث يمارس المسلمون شعائرهم الدينية بكل حرية وسكينة .



#عزالدّين_بوغانمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأرشيف، ذاكرة أُمّة في يد نصف رئيس مجنون
- اليسار وجذُور التطرّف
- في الذّكرى الرّابعة للثّورة: لماذا أساند الباجي قائد السّبسي ...


المزيد.....




- بعد اقتحامات الأقصى بسببه.. ماذا نعرف عن عيد الفصح اليهودي ا ...
- ما جدية واشنطن في معاقبة كتيبة -نيتسح يهودا- الإسرائيلية؟
- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...
- -تصريح الدخول إلى الجنة-.. سائق التاكسي السابق والقتل المغلف ...
- سيون أسيدون.. يهودي مغربي حلم بالانضمام للمقاومة ووهب حياته ...
- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى في ثاني أيام الفصح اليهودي


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عزالدّين بوغانمي - تكفير العلمانيّة.