أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - منهل حديدي - العرب خارج الانسانية قضية وليام نصار مثالا















المزيد.....

العرب خارج الانسانية قضية وليام نصار مثالا


منهل حديدي

الحوار المتمدن-العدد: 4693 - 2015 / 1 / 16 - 16:12
المحور: حقوق الانسان
    


العرب خارج الانسانية
قضية وليام نصار مثالا
الدكتور منهل حديدي

أتابع منذ ثلااثة أشهر ونيف كل ما كان يكتبه أو ينشره صوتيا، المؤلف الموسيقي اليساري الكندي اللبناني وليام نصار. وفي كل مرة كنت أصاب بالدهشة وأقف ذاهلا أمام قوة إرادته وجبروته أمام خطر الموت المحدق به، نتيجة إصابته بسرطان الدم وسرطان الكبد.

لقد حول وليام نصار مرضه إلى خشبة مسرح، وبدل من أن يدعو الجمهور لمشاهدته، جعلهم يشاركون معه آلام المرض ويومياته، وحولهم إلى موسيقيين أو إلى فاعلين على خشبة المسرح معه.

لا أخفي سرا بأنني كنت جارا لوليام نصار لسنوات ست، في ضاحية شيربروك في مقاطعة كيبيك، وعليه فانني أعتقد بأنني أعرف الرجل جيدا، وربطتني علاقة أسرية مع واليه الراحلين وشقيقته، عدا عن أنني سعيت له للعمل في مهنة التدريس في نفس الكلية، فانيير، لمدة ثلاث سنوات ومن بعد نيله درجة الدكتوراه في العلوم الموسيقية من جامعة ووتر بريدج، انتقل ليمتهن المحاضرات في عدد من الاكاديميات الموسيقية في أمريكا الشمالية، إلى أن تفرغ كليا في السنوات الأربعة الأخيرة للنشاط السياسي والانتاج الموسيقي والحفلات الموسيقية والكتابة.


تحدث وليام نصار في "لوكيمياته" التي كان يكتبها على صفحته الفاسبوكية عن الموت وعزرائيل بطريقة كوميدية سوداء، كما أنه كتب في أيامه الأخيرة العديد من المقالات وعددا من التسجيلات الصوتية، وكأنه كان يشعر باقتراب النهاية، ويخيل إلي بأنه كان يرغب في إفراغ كل ما بداخله من كلام وحروف قبل انطفاء قنديل الحياة.

بقليل من التأمل، يستطيع أي إنسان عاقل أن يلمس بأن ما أصاب وليام نصار من مرض كان نتيجة خيانة ما، أو صدمة أصيب بها أثرت عليه صحيا. ولم يخجل وليام نصار في الافصاح عن ذلك، بل كان يتناول الأمر بشفافية، يكتب عنه ويتحدث به بشجاعة فائقة وكأنه يلخص مقولته بأن "الحب أقوى من الغضب".

وبمراجعة ما كان يكتبه أويسجله صوتيا، نستطيع أن نلاحظ بأنه كان يشعر بالصدمة التي سيخلفها رحيله على عدد من محبيه ورفاقه، إلى درجة التنكر له والانقلاب عليه "التسجيل الصوتي لا تجي يا ياسوع". ولهذا فانه كتب قبل اسابيع من وفاته بأنه لا يرغب في نعي، وليس لديه الرغبه في جنازة، ورغبته في الرحيل بصمت.

لا أرغب في الخوض بملابسات رحيل وليام نصار، فهنالك جهات كندية تتابعها بصمت ولربما نتائجها سوف تصدم الجميع، لكني ساخوض في ملابسات ما أثير من شائعات وأقاويل واتهامات، عدا عن خيانة العديد من أصدقائه ورفاقه الذين كانوا في حياته يصفقون ويهللون له، وعند موته انقلبوا وأصبحوا أشد عداء من أعدائه الحقيقيين، وكأنهم يعبرون بذلك عن جبنهم في مواجهته حيا، فاستغلوا موته للتعبير عن حقيقتهم.

صباح وفاة وليام نصار اتصلت إحداهن، وأبلغت شقيقة وليام نصار بأن "فلانا" يريد موافقتها على إجراء تأبين كبير لشقيها، وكان جواب شقيقة وليام بأنها غير موافقة لأن ذلك سوف يؤذي أناسا كثيرين، من بينهم زوجة وليام المنتظرة في فلسطين إتمام أوراق هجرتها. ولعدم معرفة شقيقة وليام بمن يريد أن يقيم تأبينا لشقيقها اتصلت بأحد أصدقاء وليام المخلصين ونقلت لها الحديث كما دار حرفيا، حيث قامت تلك الصديقة بنشره على صفحتها الفاسبوكية الأمر الذي أثار حفيظة البعض، الذي أقدم على ارتكاب جريمة أخلاقية دون التفكير بعواقبها.

أرغب بداية بالوقوف أمام ما يسمى بتلفزيون الجديد، الذي كان يملكه الحزب الشيوعي اللبناني وأصبح دون معرفة كيف، ملكا لأحد الأثرياء العرب.
أعلن هذا التلفزيون وفاة وليام نصار مضيفا إليها شائعة جايمسبوندية، كانت كافية لاختلاق كل هذا الضجيج الذي صاحب الوفاة.
تجدر الاشارة إلى أن تلفزيون الجديد اعتمد في نشر شائعته الصفراء على اتصال من مجهول، ادعت أنها أخت وليام نصار وزودتهم بمعلومات. وعندما اتصل أحد العاملين في تلفزيون الجديد (ر.ق.) باخت وليام نصار وسألها إذا ما كانت هي من اتصلت ليلة وفاته وزودت الجديد بالمعلومات التي أذيعت، نفت أخته ذلك وأضافت بأنها المرة الأولى التي تسمع باسم هذا التلفزيون، وأبلغت الموظف بأن وليام ليس لديه أولاد، وهو كان قد تزوج حديثا من سيدة فلسطينية وكان يعمل مع العائلة من أجل إنجاز أوراق هجرتها إلى كندا.

كذلك، اتصل بأخت وليام نصار أحد مسؤولي تلفزيون الجديد ويدعى (آدم) يطلب منها بعض المعلومات وأجابته بأن محطة تلفزيونية تعتمد في نشر شائعة على انصال من مجهول دون التحقق من الأمر، هي محطة ليست محترفة ولا تمت للصحافة بصلة، وطالبته بأن توقف محطته التلفزيونية نشر وبث أي موضوع يتعلق بشقيقها.
وهنا يدين تلفزيون الجديد بالاعتذار عن الضرر الذي سببه أخلاقيا للراحل وليام نصار.

من هنا، بامكاني القول بأن ما بثه تلفزيون الجديد ليس موثقا، وليس موثوقا كذلك، إذ اعتمد على تلفون من مجهول ربما يكون السيدة التي طلبت موافقة شقيقة وليام على أن تقوم بعض الجهات الحزبية بتأبين شقيقها، أو بأمر من جهاز مخابرات ما غير راض عن مواقف وليام نصار. وقد فعل خيرا أصدقاء وليام نصار إذ سارعوا بإصدار ملصق ينعون فيه الفنان والمقاوم الراحل كشيوعي، خوفا من مصادرته ميتا.

لم يشهد تاريخ البشرية أمراضا نفسية، وسادية، وتشفي في الموت مثلما شهد موت وليام نصار. ولن أسترسل في هذه النقطة بالذات، وسأوردها كنقاط:
* معظم من تناول موت وليام نصار على صفحات التواصل الاجتماعي سواء بالتشكيك أو بالتشويه معتمدين على شائعة تلفزيون الجديد المفبركة، يلاحظ المرء أن أسبابهم حسب ما كانوا يكتبون أو يعلقون هي كالتالي (كتب الرسالة الشهيرة لحسن نصر الله - أزالني من قائمة أصدقائه على فاسبوك).

* في اليوم الثاني لرحيل نصار، انهالت الرسائل على أخته وأصدقاء وليام يستفسرون عن الوصية التي كتبها ومتى سيتم تنفيذها، غير آبهين بحالة الحزن والصدمة من رحيله، الأمر الذي دفع بأخته، وبناء على نصيحة الأصدقاء والمقربين بالطعن في وصيته بحجة كتابتها تحت تأثير العلاج الذي كان يخضع له، وبالفعل فقد طعن بالوصية وألغيت قانونيا، لكن احترمت رغبة الراحل في التبرع بقطعة أرض صغيرة إلى الكنيسة وتم التنازل عنها فعلا. أما باقي بنود الوصية التي نشرها الراحل قبل وفاته فقد تم التبرع بها لجمعية مكافحة مرض السرطان الكندية والتي تهتم بالأطفال المصابين بهذا المرض، علما أن المبلغ المتبرع به ليس كبيرا ولا يتعدى الستين ألف دولار.

* أكثر ما أثار الاشمئزاز كان تناول وليام نصار بالشائعات من أناس لا يعرفونه لا شخصيا ولا افتراضيا، وهذا إن دل على شيء فانما يدل على تدني المستوى العقلي والاخلاقي لمستخدمي الفاسبوك من اللبنانيين، ومدى الفراغ الاجتماعي والنفسي الذي يتخبطون به.

* ولاستمرار التدني العقلي والاجتماعي والنفسي، لم يكتف هؤلاء باختلاق وفبركة قصصهم الوهمية، أو المقصودة بأمر ضابط ما، بل طالبوا بعرض صور لجثة الراحل على الفاسبوك، وهذا في رأيي المتواضع انحدارا إجتماعيا ونفسيا ليس من بعده انحدار.
وكما أسلفت فلن أطيل في هذا الجانب وأكتفي بالقول أن المتتبع لمصدر الشائعة ومروجيها بامكانه إحصاءهم بخمسة أشخاص لا غير، وقد أحسنت فعلا شقيقة الراحل وأصدقاؤه في عدم الانجرار إلى الأخذ والرد على مروجي الشائعة، والتي أصبح واضحا أن جهات أمنية وراءها سواء كانت حزبية أو جهات رسمية.

وأورد هنا بعض ما قيل حول ترويج تلك الشائعة:
يقول الصحافي فؤاد سلامة في معرض تعليقه على الأمر:
" يبدو أن هناك اختلاطا في اﻷ-;-مور والكثير من المزاجية واﻻ-;-متعاض من شخصية وليم نصار المثيرة للجدل.. وثمة رفاق له يكرهونه بسبب مواقفه المعاكسة للخط الرسمي أو بسبب آرائه.. من هنا الحملة المشككة والمطالبة ب"أوراق ثبوتية" وهي أول مرة نرى فيها من يطلب ذلك على صفحات الفايسبوك.. عادة يموت الانسان وثمة من يرثيه أما أن يطالبوا بإثباتات وفاة فيسبوكية فلعمري هذا أمر يدعو للاستغراب إن لم يكن للاستنكار".

بينما يعلق الكاتب بومدين السهلي على مروجي الشائعات بالتالي:
" لا أفهم حتى الآن المغزى من هذه الحملة التي جرت على الفيسبوك.. من الواضح أن إشارة اعطاها ضابط مخابرات ما الى جميع اتباعه للإساءة الى ويليام بعد موته وبالنهاية أساؤوا إلى أنفسهم وأظهروا القاع الذين يعيشون فيه. أكتفي بهذا وأتمنى على جميع الذين أفرغوا حقدهم على ويليام أن يتفكروا ويراجعوا انفسهم".

وتكتب الناشطة يسرى عقيلي معلقة على رحيل وليام نصار:
"يقول وليم الآن: الموت أجمل ما حدث لي في الآونة الأخيرة، أحسست أني على قيد ما تيسر من الحياة، أتحدث ملئ اعتقاداتي، أنتمي للطين الذي لا يخون، أكفر بمن شئت و أؤمن بمن شئت، أرى كل شئ عار و مجرد. الكفن ياسادة أصدق الأقمشة، و الأرض لا تشي بمواطنيها، كذلك القطن طيب لكنه لا يقاوم، الدود مخلص جدا لا يسرب أشيائي لزملاء الطين. لا أدين لأحد بشئ. سأصلي من أجلكم! لا شئ أجمل من الحرية".

وقبل إغلاقي لهذه المقالة أرغب في طرح بضعة أسئلة:
كان وليام نصار يمتلك كل شيء، الاسم والشهرة والجمهور والكاريزما والمركز، وآخرها تعيينه مفوضا لدى الجامعة اللبنانية الثقافية حول العالم، فلماذا يضحي بكل ذلك في الوقت الذي باستطاعته اساغلال كل ذلك معنويا وماديا لصالحه؟ ماذا سيفعل بكل ذلك وهو ميت؟
لماذا لم يقدم مروجي الشائعة أي دليل مادي على ما يتداولونه ويروجون له، في الوقت الذي تمتلئ به صفحات الانترنت بنشاطات الراحل وأخباره؟

من دواعي الأسف أن أحدا لم يسأل نفسه هذا السؤال، وعلى وجه التحديد، أولك الذين يطلقون على أنفسهم لقب "يساريين".

في الختام، لقد رحل وليام نصار، وفي رحيله بقي علامة فارقة كما في حياته. رحل وفي قلبه الكثير من الأسرار عن أناس كانوا ـصدقاء ورفاق له في حياته، والكثير الكثير من الأسرار الأخرى.
رحل وليام نصار ونعته أكثر من ثلالثين حزبا شيوعيا عربيا وأوروبيا، وكتبت عنه أقلام شريفة تعرفه حق المعرفة مما يثبت المقولة: "ما ينفع الناس يثبت في الأرض وما يضرهم يذهب هباء".
قيل لأحد الفلاسفة: الملك لا يحبك، فأجاب الفيلسوف الملك لا يحب من هو أكبر منه.
وداعا وليام نصار















#منهل_حديدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- نادي الأسير الفلسطيني: عمليات الإفراج محدودة مقابل استمرار ح ...
- 8 شهداء بقصف فلسطينيين غرب غزة، واعتقال معلمة بمخيم الجلزون ...
- مسؤول في برنامج الأغذية: شمال غزة يتجه نحو المجاعة
- بعد حملة اعتقالات.. مظاهرات جامعة تكساس المؤيدة لفلسطين تستم ...
- طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة
- تعرف على أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023
- مدون فرنسي: الغرب يسعى للحصول على رخصة لـ-تصدير المهاجرين-
- نادي الأسير الفلسطيني: الإفراج المحدود عن مجموعة من المعتقلي ...
- أمريكا.. اعتقال أستاذتين جامعيتين في احتجاجات مؤيدة للفلسطين ...
- التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن الأ ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - منهل حديدي - العرب خارج الانسانية قضية وليام نصار مثالا