أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - مايكل بارنتي - كيف قتل السوق الحر نيو أورليانز















المزيد.....

كيف قتل السوق الحر نيو أورليانز


مايكل بارنتي

الحوار المتمدن-العدد: 1310 - 2005 / 9 / 7 - 11:35
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


لعب السوق الحر دورا حاسما في تدمير مدينة نيو أورليانز وفي موت الآلاف من سكانها. ماذا فعل المسئولون في نيو أورليانز، وهم مسلحون بنظام إنذار متطور يحذرهم من أعصار بقوة 5 درجات سوف يضرب المدينة والمناطق المحيطة بهم؟ الإجابة هي أنهم لعبوا لعبة السوق الحر.

لقد أعلنوا أن على كل شخص أن يخلي مكانه بمعرفته. كان من المتوقع أن يقوم كل شخص على عاتقه بتدبير أمر مغادرته لمكان الكارثة بوسائله الخاصة، بالضبط كما تمليه قوانين السوق الحر، بالضبط كما يفعل الناس عندما تضرب الكوارث السوق الحر في بلاد العالم الثالث.

إنه لشيء جميل هذا السوق الحر عندما يسعى كل فرد فيه خلف مصالحه أو مصالحها الخاصة ولذلك يخرج أو تخرج بنتيجة مثلى لصالح المجتمع بأكمله. بهذه الطريقة تفعل اليد الخفية مفعولها العجيب.

لن يكون هناك شيء مثل هذا الإخلاء المنظم الجماعي كالذي تم في كوبا. عندما ضرب إعصار قوي على نحو خاص تلك الجزيرة العام الماضي، حكومة كاسترو، بمساعدة لجان مواطني الأحياء وكوادر الحزب الشيوعي الكوبي المحلية، قامت بإخلاء 1.3 مليون من الناس، أكثر من 10% من السكان في البلد، دون خسارة واحدة في الأرواح، جهد رائع يستحق الاعجاب مضى دون أي ذكر له في صحافة الولايات المتحدة.

في اليوم الأول من إعصار كاترينا، كان من الواضح أن مئات إن لم يكن آلاف من الأرواح قد فقدوا في نيو أورليانز. كثير من الناس قد رفضوا "الإخلاء"، كما شرح مراسلي الصحف، لأنهم كانوا ببساطة مجرد "معاندين، أغبياء".

ظل الأمر حتى اليوم الثالث عندما بدأ المراسلون الفصحاء نسبيا يدركون أن عشرات الآلاف من الناس قد فشلوا في الهرب لأنهم لا يعرفون مكانا آخر يذهبون اليه أو لأنهم يعدمون أي وسيلة للذهاب الى ملجأ آمن. اضطر معظمهم أن يقبعوا في أماكنهم وقد عدموا أي أموال شخصية يدفعونها للانتقال أو أي وسيلة انتقال تحت تصرفهم، وهم يأملون في انكشاف الغمة. في النهاية، لم يعمل السوق الحر بشكل حسن لصالحهم.

الكثيرون من هؤلاء الناس هم من الأمريكيين الأفارقة محدودي الدخل، ومعهم قليل من البيض الفقراء. يجب أن نتذكر أن معظم هؤلاء قد كان لديهم وظائف قبل الزيارة المهلكة الأخيرة لإعصار كاترينا. هذا ما يفعله معظم الناس الفقراء في هذا البلد: يعملون، عادة عملا شاقا في وظائف بأجور مرعبة، أحيانا يعملون في أكثر من وظيفة في نفس الوقت. هم فقراء ليس لأنهم كسالى ولكن لأنهم يعيشون أوقاتا صعبة في ظل الحدود الدنيا التي توفرها أجور الكفاف بينما تنوء كواهلهم بالأسعار العالية، والايجارات العالية، والضرائب القاسية.

لعب السوق الحر دوره بطرق أخرى. أجندة بوش هي أجندة تقطع الخدمات الحكومية وتخفضها الى أقصى الحدود بينما تترك الناس يعتمدون على القطاع الخاص لتلبية هذه الخدمات التي يكونون في احتياج اليها. لذلك استقطع بوش 71.2 مليون من ميزانية هيئة نيو أورليانز للمهندسين، بنسبة تخفيض بلغت 44%. لذلك وضعت على الأرفف خطط تدعيم سدود نيو أورليانز وخطط تطوير نظام الشفط للمياه.

خرج بوش الى العلن وقال أنه لم يكن أي احد ليستطيع التنبوء بهذه الكارثة. كل أصناف الناس في نيو أورليانز كانوا يتوقعون هذه الكارثة في بلدهم، مشيرين الى الحاجة الى تدعيم السدود ونظام الشفط، وتدعيم الأراضي الساحلية.

في حملتهم لإضعاف القطاع العام، الرجعيون من أنصار بوش سمحوا أيضا للذين يقومون بالتنمية بتجفيف مساحات واسعة من المسطحات المائية. مرة أخرى، تلك اليد القديمة الخفية للسوق الحر تعتني بالأشياء. رجال التنمية، سعيا وراء أرباحهم الخاصة، يبتكرون الأشياء التي تؤدي الى ثمار يستفيد منها الجميع.

كانت تلك المسطحات المائية تفيد كمانع طبيعي يمتص الماء بين نيو أورليانز والعواصف التي تجتاحها آتية من داخل البحر. ولمدة سنوات حتى الآن، اختفت تلك المسطحات المائية بوتيرة مفزعة طوال ساحل الخليج. كل ذلك لم يثير اهتمام الرجعيين في البيت الأبيض.

بالنسبة لعمليات الإنقاذ، يعجب أنصار السوق الحر القول بأن الإغاثة لمن هم أقل حظا من بيننا يجب أن تترك في ايدي الجمعيات الخيرية الخاصة. لقد كان ذلك هو صوت الوعظ الأخلاقي المفضل للرئيس رونالد ريجان بأن "الجمعيات الخيرية الخاصة تستطيع أن تقوم بالمهمة". وفي الأيام القليلة الأولى كان يبدو أن هذه كانت هي السياسة التي حكمت الكارثة التي سببها إعصار كاترينا.

لم تكن الحكومة الفدرالية موجودة بأي حال على مرمى البصر ولكن الصليب الأحمر كان هو الذي بدأ العمل. كانت رسالته: "لا ترسل بطعام ولا ببطاطين؛ ارسلوا نقود". في نفس الأثناء بات روبرتسون وشبكة الإذاعة المسيحية – وقد توقفت لحظة عن العمل في سبيل الله من أجل دفع ترشيح جون روبرتس الى المحكمة العليا – دعت الى التبرع وأعلنت "العملية المباركة" التي تكونت من شحنات تم الدعاية لها بشدة ولكنها كانت غير كافية تماما شحنات من المعلبات والأناجيل.

في اليوم الثالث حتى الميديا التي تعاني من قصر النظر بدأت في ادراك الفشل الذريع لعمليات الإنقاذ. كان الناس يموتون لأن الإغاثة لم تصل بعد. بدت السلطات مهتمة أكثر بالنهب الجاري أكثر من إنقاذ الناس. إنها الملكية قبل أرواح الناس، بالضبط ما يحبه أنصار السوق الحرة دائما ويريدونه.

ولكن الأسئلة تثور حول أن السوق الحر لم يبد قادرا على الإجابة: من المسئول عن عمليات الإغاثة؟ لماذا كانت طائرات الهليكوبتر العاملة في عمليات الإنقاذ قليلة ولماذا كانت اعداد حرس السواحل على هذه الدرجة من الندرة؟ لماذا تستغرق طائرات الهليكوبتر خمس ساعات لإنقاذ ستة أفراد من داخل مستشفى واحد؟ متى سوف تتم عمليات الإغاثة بهمة وحماسة أكبر؟ أين الغذاء للمنكوبين؟ أين قوات جيش الولاية؟ أين الحرس الوطني؟ أين الباصات والشاحنات؟ أين الملاجئ ودورات المياه العامة المتنقلة؟ أين المستلزمات الطبية والماء الصالح للشرب؟

أين كان الأمن الداخلي؟ ماذا فعل الأمن الداخلي بـ 33.8 بليون دولار مخصصة له في العام المالي 2005؟ حتى تلفزيون ايه بي سي في أخبار المساء (1 سبتمبر 2005) نقل تصريحات المسئولين المحليين التي تقول أن "استجابة الحكومة الفدرالية قد كانت فضيحة وطنية".

في لحظة من لحظات الضحك اللذيذ ولكنه ضحك كالبكاء، عروض المعونات الخارجية تدفقت من فرنسا وألمانيا وعديد من الأمم الأخرى. عرضت روسيا إرسال حمولة طائرتين من المعونات الغذائية والمواد الأخرى اللازمة للضحايا. وفي رد متوقع، كل تلك العروض تم رفضها بسرعة من البيت الأبيض. أمريكا الجميلة والقوية، أمريكا المنقذ الأعلى وزعيمة العالم، أمريكا مانح الرفاه الكوكبي لا يمكنها أن تقبل معونات أجنبية من آخرين. ذلك سوف يكون عكسا للأدوار الأكثر إذلالا ومهانة. هل يتطلع الفرنسيون الى لكمة أخرى تسدد الى الأنف مباشرة؟

الى جانب ذلك، قبولك للمعونة الأجنبية يعني الاعتراف بالحقيقة – أن الرجعيين من شيعة بوش ليست لديهم لا الرغبة ولا التواضع لمد يد المساعدة للمواطنين العاديين، ولا لهؤلاء الذين هم في أقسى الظروف التي تستحق هذا العون. الشيء التالي الذي سوف تعرفه، أن الناس سوف تبدأ في التفكير بأن جورج دابليو بوش ليس شيئا آخر حقيقة أكثر من عميل طوال الوقت لصالح كوربوريشن أمريكا.

مايكل بارنتي مؤلف، وأحدث كتبه هو الوطنية المتفوقة (أضواء المدينة) واغتيال يوليوس قيصر (نيو برس)، كلاهما متوافر في نسخ شعبية. كتابه القادم ثقافة الكفاح (سفن ستوريز برس) سوف يصدر في الخريف. لمزيد من المعلومات عنه قم بزيارة موقعه: www.michaelparenti.org



#مايكل_بارنتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- تتمتع بمهبط هليكوبتر وحانة.. عرض جزيرة في ساحل اسكتلندا للبي ...
- خبير الزلازل الهولندي الشهير يحذر من ظاهرة على سواحل المتوسط ...
- فيديو.. الشرطة الأميركية تباشر بتفكيك احتجاج مؤيد للفلسطينيي ...
- مزيد من التضييق على الحراك الطلابي؟ مجلس النواب الأمريكي يقر ...
- صحة غزة: ارتفاع حصيلة ضحايا القصف الإسرائيلي إلى 34596 قتيلا ...
- الجيش الأوكراني يحقق في أسباب خسائر كبيرة للواء رقم 67 في تش ...
- مسافر يهاجم أفراد طاقم طائرة تابعة لشركة -إلعال- الإسرائيلية ...
- الكرملين يعلق على مزاعم استخدام روسيا للأسلحة الكيميائية ضد ...
- بالفيديو.. طائرات عسكرية تزين سماء موسكو بألوان العلم الروسي ...
- مصر.. -جريمة مروعة وتفاصيل صادمة-.. أب يقتل ابنته ويقطع جثته ...


المزيد.....

- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير
- فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة / دلير زنكنة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - مايكل بارنتي - كيف قتل السوق الحر نيو أورليانز