|
الإسلام والدواعش ( 1 )
عبدالحليم أبوعفصة
الحوار المتمدن-العدد: 4676 - 2014 / 12 / 29 - 14:35
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
حين ظهرت على الساحة جماعة تنظيم الدولة الإسلامية فى العراق والشام " داعش " ، وجدناها ترتكب أفعالها الإجرامية من قتل وتخريب ونهب للثروات ومعاداة للحضارة باسم الإسلام ، الأمر الذى دفعنى - كمتخصص فى الشريعة الإسلامية – لكتابة هذه السطور إحقاقا للحق الذى أوجبه الله على ذوى البحث " لتبيننه للناس ولا تكتمونه " من ناحية ، ومن ناحية أخرى إنصافا لديننا الحنيف الذى نزعم أنه دين الرحمة والسماحة .
ومن خلال هذه الحلقة الأولى من كتابتنا " الإسلام والدواعش " نناقش قضية " السلام " بين القرآن والدواعش كأهم صفة يتميز بها ديننا الحنيف ، فالإسلام دين السلام ، والله هو السلام ، قال تعالى " هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ " ، وجنته هى دار السلام ، قال تعالى " لَهُمْ دَار السَّلَام عِنْد رَبّهمْ وَهُوَ وَلِيّهمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ " ، وتحية المسلمين فى الدنيا والآخرة هى السلام ، ففى الدنيا نقول " السلام عليكم " ، وفى الآخرة نفس التحية ، قال تعالى : " تحـِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ " ، وتحية الملائكة للمؤمنين هى السلام ، قال تعالى : " وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ. سَلامٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ " ، ثم إن الإسلام نفسه كمصدر مشتق من مادة السين واللام والميم ، وهى تعنى الطمأنينة والأمن والسكينة .
بالعودة إلى كتاب الله تعالى نجد أن الحق سبحانه وتعالى يدعو إلى السلام ، قال تعالى : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ " ، وقال تعالى : " وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا ۗ-;- إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَىٰ-;- كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا " ، وقال تعالى : " وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً " ، وقال تعالى : " لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ " ، فالأصل فى علاقة المسلمين بغيرهم هى الحوار ، وإلا ما كان الله ليضع لنا قواعد هذا الحوار فى قوله تعالى : " وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ " ، وقوله تعالى : " قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَىٰ-;- كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ ۚ-;- فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ " ، فإن تولوا فلا تقتلوهم ولا تخرجوهم من ديارهم ، بل اكتفوا بقول " اشهدوا بأنا مسلمون " ، وفى أثناء الحوار بين المسلمين وغيرهم يوجه الله تعالى المسلمين إلى التواضع والمحبة دون تعصب أو تكفير قائلا : " قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ قُلِ اللَّهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِين، قُلْ لا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلانُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ ، قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ " ، ولا تناحر ولا تقاتل بين المسلمين وغيرهم إلا دفاعا لا عدوانا ، فالإسلام لا يعرف سياسة العدوان ، قال تعالى : " وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ " ، وما حدث من عدوان صاحب ما يسمى بالفتوحات فيتحمل وزره فاعليه ، وليس من الإنصاف أن يتحمل الإسلام أخطاء وتبعات بعض المنتسبين إليه !!
هذا هو منهج الإسلام من خلال كتاب الله الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، وهذه جملة قليلة من آيات القرآن الكريم تحث على السلام وتحذر من البغى والعدوان ، أفبعد كل هذا نجد من يقول إن داعش صناعة إسلامية !! ، كيف والقرآن يتبرأ من أفعالهم ، إنهم صناعة تراث نسب زورا وبهتانا للإسلام ، تمثل فى قول شيخ إسلامهم ابن تيمية فى فتاويه : " وليعلم أن المؤمن تجب موالاته وإن ظلمك واعتدى عليك ، والكافر تجب معاداته وإن أعطاك وأحسن إليك " ، فهل كلام ابن تيمية وأمثاله ينسجم مع تعاليم القرآن الذى ذكرنا جملة منها آنفا !!
الإنصاف الإنصاف لعلكم ترحمون .
#عبدالحليم_أبوعفصة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إلى ألوان الشفق القطبي.. العاصفة الشمسية النادرة قد تشكل -خط
...
-
بوابة تنقل الناس من نيويورك إلى دبلن بلحظة.. شاهد ما يقدمه ه
...
-
فستان شفاف جدًا يستحضر زمن الستينيات.. شاهد إطلالة إيل فانين
...
-
قصص مؤلمة في كل ركن.. شاهد ما رصدته CNN داخل مستشفى في قطر ي
...
-
باريس تطالب إسرائيل بالوقف الفوري لعملية رفح
-
الخطاب المثير للانقسام في حملة مودي الانتخابية يثير تساؤلات
...
-
تأثيرات تغير المناخ باتت تهدد تعليم ملايين الأطفال في العالم
...
-
البرلمان التركي يناقش مشروع قانون لمكافحة التجسس على خلفية ن
...
-
بوتين يهنئ أهالي دونيتسك ولوغانسك بالذكرى الـ10 لإعلان جمهور
...
-
شركة روسية تصنع قوارب مخصصة لقوات إنفاذ القانون
المزيد.....
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
-
عالم داعش خفايا واسرار
/ ياسر جاسم قاسم
المزيد.....
|