الجوائز الثقافية وشراء الذمم

فؤاد بن احمد

الحوار المتمدن-العدد: 4674 - 2014 / 12 / 27 - 13:44
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
    

عن جوائز البيترودولار الثقافية وسياسة تلميع الصورة

فؤاد بن احمد
تحتاح الديكتاتوية أن تلمع وجهها، فالعالم الذي نحيا فيه والذي تتخذ فيه حقوق الإنسان وتشجيع الثقافة والإبداع دور الإيديولوجيا المهيمنة، هذا العالم يدفع كل الدكتاتوريات إلى عمليات شراء ماء وجه عبر تشجيع مزعوم لكل ما يتماشى وهذه الإيديولوجيا، في هذا الإطار ينبغي أن نفهم تسابق بعض الدول البيترودولارية ذات النظم السياسية المتعفنة والرديئة بل والمجرمة إلى تلميع صورتها وصقل وجهها القبيح أمام الناس والعالم بتنظيم بعض التظاهرات الثقافية والمسابقات والجوائز التي تحمل أحيانا أسماء أشخاص لم يكونوا يعرفون حتى الكتابة والقراءة، فإذا بهم يصيرون بين عشية وضحاها رموزا للجوائز الثقافية وللفكر والإنسانية.
قد يقول قائل إن الجوائز في حد ذاتها شيء مطلوب، وأن المشاركة فيها أمر مشروع لذاته، وهذا أكيد، لكن الأمر لا ينبغي أن ينسينا أنه حق يراد به باطل، فأن يدعي بلد نفطي اشتهر أمراؤه بتعذيب خدمهم الآسيويين ، وهو التعذيب الذي سجلت حولهم فيديوهات جابت العالم و أشعرتنا بالخجل بهذا الانتماء القصري إلى بني يعرب، أن يدعي بلد مثل هذا أنه يدافع عن الثقافة وينظم جائزة عربية في كل الفروع والتخصصات وتحمل الجائزة اسم شيخ هذه الدولة المتوفي فهذه مهزلة.لكن من ناحية أخرى مقاطعة مثل هذه التظاهرات كلية لن تمنع بعض المتملقين والمسترزقين من المشاركة وأخذ هذه الجوائز دون وجه حق دونا عن المثقفين الحقيقيين، كل ذلك طبعا بمباركة جماعة من الأشخاص يعهد لهم برئاسة لجان هذه الجوائز فيختارون من يشاؤون دون قراءة العمل حتى، فما يهم هو العلاقات والمحاباة والشوفينية الوطنية المريضة، و إلا فأفضل أعضاء هذه اللجان هو أعجز من أن يكتب كلمة في مستوى ما هو مطالب بالتحكيم فيه.
ما الذي يبقى للمثقف الملتزم الحقيقي أن يفعله إذن ؟
أن يساير اللعبة، أن يلعبها إلى آخرها، ويجعل من ثقافة الاسترزاق و"ترقيع البكارة" السياسية هذه سلاحا ضد مصالح من يستعمله، فيستفيد من كل ما تتيحه هذه الفرص من جهة ولا يتركها حكرا على الرديئين مشاركين وحكاما، ثم أن يفضح في نفس الوقت خلفيات و عناصر اللعبة.
نفاق ؟ لا أعتقد، لأن النفاق الحق هو اعتماد مال الشعب المقهور و الثروات التي ينتجها المقهورون لأجل تلميع الوجه البشع الذي يختفي خلف الغثرة والعقال لمن يستعبد هؤلاء أنفسهم.

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل