|
من وثائق الحركة الطلابية المغربية
عبد اللطيف زروال
الحوار المتمدن-العدد: 4669 - 2014 / 12 / 22 - 01:21
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
- افتتاحية العدد - في التطورات التاريخية للحركة الطلابية المغربية - كرونولوجيا تحليلية - أزمة الحركة الطلابية المغربية - طبيعتها - أبعادها التاريخية، - مضاعفاتها الراهنة، - والأفاق النضالية لتجاوزها. - مقارنة أولية بين : الخطاب السلفي وخطاب الإسلام السياسي افتتاحية العدد : عشرون سنة مرت على إصدار القوى الطبقية السائدة لقرارها الشهير بحرمان الجماهير الطلابية من منظمتها العتيدة الاتحاد الوطني لطلبة المغرب في 24 يناير، والذي تطلب إبطال مفعوله ميدانيا وإعلان سحبه رسميا في 9 نونبر 1978 كفاحا مريرا وصمودا بطوليا كانت تكلفته باهضة جدا، عشرات المعتقلين المنفيين، في تلك السنوات الصعبة والمريرة من مسيرة حركتنا الطلابية. إلا أنه بالرغم من موجة القمع الأهوج التي رافقت القرار وأعقبته ورنين الشعارات الديماغوجية واستفحال الشوفينية استطاعت الحركة الطلابية ومناضليها الديمقراطيين أن تتصدى للسهام الموجهة إليها، جاعلة من 24 يناير يوما للطالب المعتقل ومناسبة للتعبير عن تشبثها بمنظمتها الاتحاد الوطني لطلبة المغرب كممثل شرعي ووحيد للجماهير الطلابية، ويأتي تخليدنا لهذه الذكرى العشرينية في ظروف دقيقة سواء على المستوى الطلابي أو الوطني أو القومي نرى ضرورة التوقف عند أهم معالمها: 1- طلابيا : تفاقم أزمةالسياسة التعليمية وانعكاسها على الأوضاع المادية والتعليمية للطلبة، في الوقت الذي يتعمق فيه المسلسل ودوس حرمة الجامعة وتدني مستوى التأطير والتجهيز على الحريات النقابية الديمقراطية للجماهير الطلابية باستمرار والحضر العملي المفروض على اطارنا الصامد الاتحاد الوطني لطلبة المغرب منذ سنوات. إزاء هذه التحديات لم تعمل الجماهير الطلابية إلا على ترسيخ آلياتها الكفاحية في التصدي والمواجهة ولم تتوان عن تقديم التضحيات الجسام لتشهد على ذلك لائحة الشهداء التي طالت بشكل لم يسبق مثيل لها. كما تشهد المعتقلات التي لازالت أبوابها لا تفتح إلا لتستقبل أفواجا جديدة من مناضلي الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، ومع ذلك فإن الحركة الطلابية مطالبة بالارتقاء بأوضاعها الذاتية وتعزيز شروط صمودها يمكنها من التوجيه النقابي والسياسي الديمقراطي المؤهل لمجابهة استحقاقاتها نضالية ذاتيا وموضوعيا، وذلك ما يتطلب في الظروف الراهنة شطب كل إهانات الانتظارية والقطع مع الأساليب والممارسات الفوقية والبيروقراطية وفرض الخيار الديمقراطي الجماهيري الكفيل وحده بصيانة مبادئ المنظمة وتراثها النضالي المشرق، هذه المبادئ بمضمونها الصحيح والتي تتعرض لمحاولة التسويق من جهة ولمخاطر التصفية والتهديد من طرف القوى الظلامية من جهة أخرى. 1- على المستوى الوطني : إعادة الاستفتاء حول الدستور الجديد/ القديم الممنوح والانتخابات التي تلته والتأكيد على حقيقة (المسلسل الديمقراطي) كواجهة خارجية خاضعة لتعميق الاستبداد على الجماهير الشعبية وتعميق مسلسل تفقيرها واضطهادها. وقد تمكن النظام اللاوطني اللاديمقراطي واللاشعبي من إعادة ترتيب أوراقه والتقاط المبادرة بعد أن كادت تنفلت من بين يديه إبان الصعود الجماهيري الذي توج بالاضطراب العام لـ14 دجنبر والانتفاضة الشعبية التي ترافقت معه، بفضل تردد القوى الوطنية وجنوحها للأساليب الفوقية العتيقة وخوفها من المبادرة الجماهيرية. كل هذا مكن النظام من تسريع وثيرة الخوصصة وتوجيهه الضربات للقوة الشرائية المتدهورة للمواطنين –أصلا- وتنشيط مسلسل المحاكمات الصورية ومصادرة الحريات، والحركة الجماهيرية وإن كانت قد أبدت استعدادات نضالية واضحة في مواجهة هذه الحرب الطبقية فإن تباطؤ صيرورة بناء أدوات دفاعها الذاتية وضعف البديل الديمقراطي داخلها جعلها عرضة لتذبذبات القوى السياسية الإصلاحية وانتظاريتها. 2- على المستوى القومي : بات من الواضح أن الإمبرايالية مستفيدة من اختفاء الاتحاد السوفياتي وتعمل جاهدة لتطويع المنطقة وفق (نظامها الجديد) بكسر شوكة الثورة الفلسطينية وانتفاضتها الباسلة في الأراضي المحتلة وتعميم الاستسلام على كامل المنطقة ومعاقبة الأنظمة الوطنية. 3- عالميا : يتضح يوما بعد يوم أن العهد الجديد الذي يشرت به الأوساط الإمبريالية العالمية وزبنائها من البورجوازيات التابعة والعميلة تمثل في واقع الأمر إلا وجها من أوجه السيطرة والاضطهاد وتعميقا لوثائر نهب خيرات الشعوب والتحكم في مصائرها وإخضاعها لمصالح الاحتكارات العالمية. في مواجهة هذه الأوضاع في كل مستوياتها، كأعمق تمثل لمعنى هذه الذكرى العشرينية ينبغي تمكين إطارنا الصامد والمناضل الاتحاد الوطني لطبلة المغرب من توجه ديمقراطي وكفاحي ينهض بأعباء الدفاع عن المصالح المادية والمعنوية للحركة الطلابية ويعمل على إحقاق الترابط الضروري بين نضال الحركة الطلابية والجماهير الشعبية الكادحة من أجل إنهاء نظام الحكم الاستبدادي الفردي وبناء البديل الديمقراطي الشعبي ويحفظ له دوره في مساندة كفاح الشعوب المناضلة من أجل التحرر والانعتاق. ويأتي إصدارنا لهذا العدد الأول من مجلتنا: مجلة التصدي إسهاما منا كطلبة قاعديين في بلورة هذا التوجه على صعيد أوسع الجماهير الطلابية كجسر للتواصل وإغناء الحوار الديمقراطي الهادف داخل الساحة الطلابية. - مجلة التصدي -
- كرونولوجيا تحليلية في التطورات التاريخية للحركة الطلابية المغربية - كرونولوجيا تحليلية - تمهيد : تهدف هذه الكرونولوجيا التحليلية إلى رصد شامل وتغطية منهجية للمسار النضالي الطويل والخصب للحركة الطلابية المغربية الح –ط-م باستعراض وتشخيص أهم لحظات هذا التطور، والتدقيق في المحطات المفصلية والحاسمة في تاريخ الحركة الطلابية المغربية والمناضلة في إطار منظمتنا الشرعية العتيدة الواحدة والوحيدة الاتحاد الوطني لطلبة المغرب: أ.و.ط.م. وليس جديدا القول أن المحطة الراهنة في المسار التاريخي لـ أوطم تعد بحق محطة حاسمة ومفصـلية، يتوقف على إنجاز مضامنها المسار اللاحق للح.طم وهو ما يبرز على الأقل الهدف الأول من هذه الكرونولوجيا التحليلية، وهو هدف تعبوي تأطيري ينشد وصل الحاضر النضالي الصعب و الشاق بالماضي المشرق الصلب خاصة وأن تكالب أعداء الح.ط.م قد وصل أوجه في السنتين الأخيرتين سواء من خلال الهجمات القمعية المتتالية، وتعميق مسلسل الإجهاز على المكتسبات المادية والتعليمية والديمقراطية، أو عن طريق الهجمات الفاشية المادية والإيديولوجية والسياسية التي تشنها العصابات السياسية الظلامية بهدف إقبار واجتثات أ.و.ط.م وشل جماهيره المناضلة كصوت تقدمي بارز في الحركة الجماهيرية المغربية والتي لم تزدها محن القمع إلا صلابة وإصرارا وعنوانا. كما تسعى هذه الكرونولوجيا التحليلية إلى إزالة الغبار عن محطات نضالية هامة ومصيرية في تاريخ الح.ط.م وتجاوز الثغرات المتعددة الموجودة بوعي –بوعي وبخلفية مسبقين أو بدونهما- في العديد من الكرونولوجيا المتداولة بين الجماهير أوطم. ولعل أبرز الثغرات، هي تلك التي قفزت على أحداث ومحطات نضالية أساسية في المسار النضالي للح .ط.م، نذكر منها على الخصوص تلك المحطات التي لها علاقة مباشرة –واضحة أو خفية- بالوضع الراهن، هكذا وعلى سبيل المثال لا الحصر فإن المحطات النضالية المتعاقبة منذ فشل المؤتمر 17 لم تأخذ حتى الآن حقها أو نصيبها من التحليل والرصد، حتى يتسنى للح.ط.م، التي لم تعايش تلك المحطات عن كثب، استلهام تجربتها العسيرة والخصبة بدروسها والغنية بتجاربها، لكي تتقدم للح.ط.م بكل وضوح وعزم نفادين، حاملة مشعال النضال الجماهيري الديمقراطي لإنجاز المهمات النضالية المطروحة في المرحلة الراهنة. ومن جهة ثالثة وأخيرة تنشد هذه الكرونولوجيا التحليلية وضع التاريخ النضالي المجيد للح.ط.م بكل وضوح ومسؤولية أمام الأجيال الحالية والآتية أيضا، محللة عمق المسار النضالي الأوطمي، مستندة في ذلك إلى مبدأ: كل الحقيقة للجماهير، لأن الجماهير هي صانعة التاريخ النضالي الأوطمي، وهي أيضا التي ستصنع أمجاده المستقبلية وفي هذا الشأن فإن كل مرحلة وكل محطة ستولها الكرونولوجيا التحليلية أهميتها بتحليلها وموقعتها ضمن المسار النضالي للح.ط.م ورصد إنجازاتها وتعثراتها شروطها الموضوعية والذاتية، فالتاريخ الخصب للح.ط.م ملك لجماهيره. وعلى هذا الأساس، سيكون على هذه الكرونولوجيا تحليل المراحل النضالية التالية: I- المجرى التاريخي للتأسيس (من الاستعمار المباشر إلى الاستقلال الشكلي) II- التصدي للتبعات أيكس –ليبان والاستعمار الجديد 1954-1965. III- التراجع والجزر بعد انتفاضة 23 مارس 1965 IV- الانعطافة النوعية وتجدير النضال الجماهيري 1968-1973. V- التصدي للخطر القانوني 1973-1979. VI- الحركة الطلابية ما بين المؤتمر السادس عشر والسابع عشر 1979-1981. VII- الحركة الطلابية بين الانتفاضتين 1981-1984. VIII- الحركة الطلابية والحصار الأسود 1984-1988. IX- النهوض الجماهيري مساراته ومعيقاته . I- المجرى التاريخي للتأسيس"من الاستعمار المباشر إلى الاستقلال الشكلي" : تؤرخ سنة 1956 في ذاكرة الحاضرة الح.ط.م لميلاد أوطم غير أنه إذا كانت السنة المذكورة هي سنة ميلاد وتأسيس أوطم، فإن هذا الميلاد وذلك التأسيس لم ينتجا من فراغ، ولم يجيئا من الصفر، بل كان تأسيس أوطم ممثلا تاريخيا شرعيا ووحيد للح.ط.م تتويجا لصيرورة طويلة من تطور النضال الطلابي سواء على مستواه الكمي أو على مستواه النوعي النضالي والتنظيمي، كما جاء تعبيرا تاريخيا وموضوعيا عن ظهور فئات اجتماعية تعليمية متزايدة الكم والكيف، في التشكيلة الاجتماعية المغربية الآخذة في التبلور، بعد الاهتزازات الكبرى التي عرفتها التشكيلة الاجتماعية السابقة، على إثر التغلغل العالمي في طوره الإمبريالي، وانصهار الطبقات الرجعية فيه، لذلك سيكون من الديماغوجية الفاسدة نضاليا وعلميا، حصر تأسيس أوطم في رغبة وإرادة بعض الطلبة بإيعاز تحت تأثير الحركة الوطنية البورجوازية المغربية سنة 1956 وبقيادة حزبها الأقوى آنذاك حزب الاستقلال، هذا التحليل الذي تصرح به العديد من الكتابات، بالإضافة إلى طابعه غير العلمي، إذ يقفز على العقود السابقة التي تطورت فيه الح ط.م فإنه يخدم إديولوجية هيمنية غريبة عن التوجه الديمقراطي الجماهيري، وغريب عن طبيعة أوطم ومبادئها الأربع، وهي الإيديولوجية الهيمنية التي لا ترى إنجازات الجماهير إلا من خلال ذاتها، وتختزلها في إرادتها لخدمة الهيمنة وتطويع المنظمات الجماهيرية لأهدافها الحزبية، وتضرب في العمق استقلاليتها، ولتجعل من المنظمات الجماهيرية منظمات ذيلية ليس إلا. فعلى العكس من ذلك تماما فإن تأسيس أوطم كأرقى حلقة تنظيمية لتوحيد الح ط.م وصهر نضالاتها، وصلتها الح ط.م في سنة 1956، يشكل تتويجا لصيرورة موضوعية وذاتية للح ط.م، ويعتبر قفزة نوعية تنظيمية نوعية، في الوقت ذاته فإن أوطم يعد بحق الوريث الشرعي للمسار النضالي الذي قطعته الح ط.م طيلة مرحلة الاستعمار المباشر حيث لعبت الجماهير التعليمية أدوارها النضالية إلى جانب الجماهير الشعبية في مجابهة الاستعماريين الإسباني والفرنسي على السواء. فأين تتجلى بالتحديد هذه الصيرورة الموضوعية والذاتية التي تشكل ميلاد أوطم تتويجا لها وقفزة نوعية لتراكماتها؟ أ- على المستوى الموضوعي : بدأ واضحا أن التغلغل الرأسمالي الإمبريالي المدعوم من لدن الرجعية المحلية، منذ القرن التاسع عشر قد بدأ يعطي ثماره منذ بداية القرن العشرين وذلك من خلال التغيير الدي طرأ على التشكيلة الاجتماعية –الاقتصادية المغربية، ودخول البلاد تحت رحمة نمط إنتاجي مفروض بالحديد والنار، بالتشريد والاضطهاد نمط الإنتاج الرأسمالي التبعي السائد حتى يومنا هذا. ولقد قاد هذا الانتقال التحالف الاستعماري والطبقات الوكيلة- الملاكين العقاريين الكبار والبورجوازية الكمبرادورية، وهو التحالف الذي وقع على عقد الحماية المشؤوم سنة 1912، والذي تصدت الجماهير الشعبية بكفاحية وعزم وتضحيات جسيمة في مجموع البلاد، وما انتفاضة المدن المغربية الكبرى في بداية القرن إلا تعبيرا وإدانة للصيرورة الاستعمارية والتحالف الإمبريالي –الرجعي الذي استباح الوطن وباعه، وما الكفاحات المسلحة الخالدة المستمرة حتى بدايات الثلاثينات في الريف بقيادة البطل الشامخ للشعب المغربي عبد الكريم الخطابي، وفي الأطلس بقيادة البطل موحى أوحمو الزياني... إلخ إلا تعبيرا خالدا عن مسلسل الكفاح الشعبي المستمر حتى الآن... لقد منح عقد الحماية المشؤوم دفعة أخرى لمسلسل الاندماج والتبعية المباشرة، ولمسلسل الاهتزازات العميقة للتشكيلة الاجتماعية المغربية، حيث سيتعارض جذريا وبوضوح قطبان رئيسيان: فمن جهة أولى قطب الرأسمال العالمي الإمبريالي الفرنسي والإسباني، والطبقات الكمبرادورية المندمجة، ومن جهة ثانية قطب الجماهير الشعبية بكافة مكوناتها الاجتماعية الوطنية. ففي إطار تلك الاهتزازات التي تعرضت لها التشكيلة الاجتماعية والفرز الطبقي المرافق لها، ستتطور أنوية فئات وطبقات اجتماعية –من فلاحين معدومين ومشردين والمنزوعة أراضيهم التي استحوذ عليها الاستعمار والملاكين العقاريين العملاء –كما ستتبلور وتتشكل الأنوية الأساسية للبروليتاريا المغربية في المناجم والسكك الحديدية والموانئ والنسيج... إلخ والتي ستلعب إلى جانب جماهير الفلاحين أدوارا طلائعية في تفجير مسلسل الكفاح النضالي والمسلح ضد الاستعمار وحلفاءه منذ نهاية الأربعينات ومع بداية الخمسينات على الخصوص، قبل أن توقف القيادة البورجوازية هذا المسلسل وتجهض مداه باتفاقية العار، المتمثلة في إيكس –ليبان، والذي اعتبرها الشهيد المهدي بن بركة في نقده الذاتي من أكبر الأخطاء التي ارتكبتها الحركة الوطنية. وفي نفس السياق التاريخي والنضالي ستتشكل أيضا، وتتطور فئات اجتماعية مرتبطة بالقطاع التعليمي، وتظهر مع الأيام قدرات نضالية هامة وواعدة. فلقد كان حتما أن تترك الاهتزازات العميقة في البنيات الاقتصادية والاجتماعية أثرها واضحا في القطاع التعليمي ومؤسساته، كما كان من الموضوعي أيضا أن يترك الصراع الطبقي- الوطني آثاره في الفئات الاجتماعية لهذا القطاع وذلك أن المؤسسات التعليمية كأجهزة من مؤسسات البنية الفوقية لمجتمع من المجتمعات، تخضع وتتفاعل مع التحولات التي تعرفها بنياته التحتية الاجتماعية والاقتصادية. فمن جهة أولى نشط الاستعمار وحلفاؤه المحليين في بناء مؤسسات تعليمية بهدف توفير الشروط اللازمة والضرورية لإعادة إنتاج الوضع الاستعماري القائم، ولتعميق الاندماج والتبعية الاستعمارية المباشرة عن طريق توفير أطر تسهر على أداء هذه المهمة المشبوهة. ومن جهة ثانية فإن التعليم التقليدي في المغرب قد اخترقته التحولات الناشئة، الشيء الذي جعله يشهد دينامية وفرزا جديدين، ذلك أنه وبتأثير وتفاعل مع الحركات الإصلاحية السلفية في المشرق العربي، تحولت هذه المؤسسات، وخاصة القرويين بفاس إلى قاعدة للصراع ضد المناهج والمضامين التعليمية التقليدية السائدة، كما شهدت تنشيطا تسييسيا متزايدا، قادته البورجوازية المتوسطة المتضررة من الهيمنة الاستعمارية المباشرة وحلول الإقطاع. وليس صدفة أن تنطلق الحركة الوطنية منذ الثلاثينات، من هذه المؤسسات التعليمية، كما وليس غريبا أن تنبثق قياداتها ومثقفيها من هذه المؤسسات، التي ستعزز بالكوادر المتخرجة فيما يعرف بالتعليم العصري بالداخل أو الخارج. ومن جهة ثالثة، عملت الحركة الوطنية الناشئة على سن استراتيجية تعليمية تجلت بالأساس في خلق وزرع العشرات من المدارس الحرة تحت إشرافها ورعايتها، في إطار الصراع مع السياسة التعليمية للاستعمار التي حصرت الالتحاق بالتعليم في الجالية الفرنسية والإسبانية ولبناء الطبقات والفئات العليا والمتوسطة في أحسن الأحوال من جهة أولى، والمتميزة بطابعها الاستعماري على مستوى المضمون، والبيداغوجيا من جهة ثانية. ولقد كان لاستراتيجية المدارس الحرة، على التعليم، إناثا وذكورا من لدن الحركة الوطنية، أثرها في تطور قاعدة الفئات التعليمية وأثرا في تكوينها السياسي والإيديولوجي أيضا. هذه العوامل الثلاث المذكورة، لعبت دورا محددا في خلق قاعدة تعليمية كمية متنامية، تطورت في معمعان التحولات، والنضالات الوطنية والأشكال التنظيمية لتفضي مع سنة 1956 إلى تأسيس أوطم كإطار تمثيلي للآلاف الطلبة والتلاميذ في الداخل والخارج، قبل أن يمنع على أوطم تأطير التلاميذ مع بداية الستينات في إطار هجمة النظام ومحاولة كسر قوته الكمية... وهو ما سنعود إليه لاحقا. والآن ماذا عن التراكمات الذاتية النضالية والتنظيمية التي أفضت إلى تأسيس أوطم؟ ب- المستوى الذاتي النضالي والتنظيمي : لا يمكن بأية حال من الأحوال فصل الصيرورة النضالية للح ط.م التي توجت بتأسيس أوطم عن الصيرورة النضالية للجماهير الشعبية والتي توجت هي الأخرى بتأسيس إطاراتها الذاتية التنظيمية. فلقد شهدت سنوات الخمسينات دينامية وقفزة كبرى حققتها الجماهير الشعبية وضمنها الجماهير الطلابية، على المستوى النضالي كما على المستوى التنظيمي. هكذا ستؤسس الطبقة العاملة المغربية –كقوة طبقية حديثة –مركزيتها التمثيلية الاتحاد المغربي للشغل –ا.م.ش في 1955 بعد أن ظلت النضالات النقابية للبروليتاريا المغربية قبل هذا التاريخ مؤطرة في نقابات cGT بالأساس هذه القفزة التنظيمية كانت وراءها تراكمات نضالية، وتمثلت بالخصوص في بروز الطبقة العاملة منذ أواسط الأربعينات، كقوة نضالية حديثة ضارية على المستويين النقابي والسياسي شيئا فشيئا قادرة على لف النضال الوطني ومنحه نفسا اجتماعيا حاسما، الشيء الذي أعطى دفعة قوية للنضال الوطني في اتجاه تجذيره كما وكيفا، وقبل سنة 1955 استطاعت قوى الشعب أن تؤسس تنظيمات العمل المسلح، ممثلة في المقاومة بالمدن وجيش التحرير بالبوادي، وفضلا عن هذا وذاك كانت الشبيبة المغربية تنشط في تأسيس الجمعيات الثقافية والاجتماعية المتنوعة وربطها باستحقاقات النضال والتعبئة الوطنية وقد لعبت فيها الجماهير التعليمية دورا رياديا. إن تأسيس أوطم جاء هو الآخر تعبيرا عن تصاعد وتنامي نضاليين للح ط.م والتلاميذية. كما شكل قفزة نوعية في سلسلة الأشكال التنظيمية المتعددة التي عرفتها الحركة الطلابية المغربية بالداخل والخارج منذ البدايات الأولى من القرن العشرين. 1- فعلى المستوى النضالي : لعبت الشبيبة التعليمية بالداخل دورا هاما في تفجير المعارك الوطنية بكل مستوياتها، ومن أبسطها حتى أعلاها، سواء الاجتماعية أو الثقافية أو السياسية (أنشطة ثقافية، تظاهرات...إلخ) وفي الخارج قام الطلبة المغاربة بأدوار إشعاعية للنضالات الوطنية بل لقد استطاعت الدينامية النضالية للح ط.م أن تطعم الحركة الجماهيرية بأطر نضالية متعددة من أمثال: الشهيد بن بركة، الشهيد بن عبد الله ابن عبد الكريم، والمناضل ابراهام السرفاتي المنفي في فرنسا... واللائحة أطول... 2- على المستوى التنظيمي : فلقد كانت الح ط.م قبل تأسيس أوطم تتأطر ضمن أشكال تنظيمية بسيطة، حيث في المدارس كانت هناك الأشكال التنظيمية للأنشطة الثقافية والفنية والاجتماعية... دون أن ننسى بالطبع الاشكال التنظيمية للنضال التأطيري والتعبوي السياسي المباشر. إن أهم التنظيمات الطلابية التي أنشأها الطلبة المغاربة، هي جمعية طلبة مسلمي شمال إفريقيا التي تأسست سنة 1912، واتحاد طلاب المغرب سنة 1925، وجمعية الطلاب المغاربة سنة 1948 والجمعية العامة لطلاب الرباط سنة 1947... إلخ. ومشهود لهذه التنظيمات الطلابية بأدوارها النضالية في مواجهة الاحتلال وصيانة الهوية الوطنية التي حاول طمسها الاستعمار من خلال استراتيجيته الهادفة إلى محو مقومات الهوية الوطنية المغربية وأبعادها القومية. ومنذ سنة 1956 إلى نهاية الخمسينات عاشت الح ط.م على إيقاع ملابسات الأوضاع السياسية التي نشأت بعد الاستقلال الشكلي حيث خضعت إلى توجيه كاد أن يعصف بمكسبها التنظيمي المتمثل في أوطم، وهو التوجيه الذي عمل على جر الح ط.م إلى سياسة "الوحدة الوطنية" ضاربة استقلالية التنظيم الوليد تجاه النظام واتجاه حزب الاستقلال غير أن الح.ط.م سرعان ما ستكرس من استقلاليتها وتجذر مواقفها وممارستها وتتجاوز هذه المحطة الصعبة، وتنخرط في النضال الجماهيري العام تصديا لتبعات الاستقلال الشكلي، ومسلسل فرض ركائز الاستعمار الجديد ونظامه السياسي.
II- التصدي لتبعات إيكس ليبان والاستعمار الجديد 1959-1965 من المؤتمر الرابع المنعقد بأكادير غشت 1959 وإلى المؤتمر التاسع المنعقد بالرباط سبتمبر 1964 ستشهد الح.ط.م ومنظماتها العتيدة أوطم تحولات وتطورات هامة ودالة في اتجاه التجدر النضالي مواقفا وممارسة وتنظيما. وفي الفترة المعنية ستشهد الح.ط.م تحديات كبرى ليس أقلها مسلسل القمع الذي طالها وحاول اجتثاتها. إن المسار النضالي الذي افتتحه المؤتمر الرابع للمنظمة، والذي سيتعزز بعد ذلك، ويمنحه المؤتمر السادس المنعقد بآزرو سنة 1961، دفعة قوية، يشكل –هذا المسار- انعطافة نضالية هامة في تاريخ أوطم، أرست الخط النضالي التقدمي الواضح، واصطفت من خلاله المنظمة بشكل لا رجعة فيه إلى جانب الاصطفاف الوطني والديمقراطي للجماهير الشعبية المغربية في مواجهة الاصطفاف الرجعي بطبقاته السائدة التي أدخلت المغرب في دوامة الاستعمار الجديد والتبعية، بعد أن انقضت على طموحات وتطلعات جماهيره الشعبية في التحرر والانعتاق... فما هي أهم الإنجازات النضالية، خطا وتوجيها وممارسة وتنظيما، التي حققتها المرحلة الفاصلة ما بين المؤتمر الرابع والمؤتمر التاسع لـ أوطم؟ أ- على مستوى الخط التوجيهي : كرست أوطم خط الطلاق مع النظام وسياسة "الوحدة الوطنية" التي فرضتها قيادة الحركة الوطنية واتجه نحو تجذير مواقفه السياسية، ويعد المؤتمر السادس أهم حلقة في فتح هذا التجذر الذي تصاعد مع المؤتمرات اللاحقة. إذا كان المؤتمر الرابع الذي خيمت عليه أجواء الإرهاب والمحاصر بقوات القمع، والتي تلته اعتقالات واسعة، إذا كان هذا المؤتمر قد طالب بالإصلاح الزراعي والإداري، وطالب بضرورة وضع الجيش تحت سلطة مدنية وتوسيع الحريات العامة. وانتقد استمرارية التواجد الإمبريالي الفرنسي في تسيير دواليب قطاعات اجتماعية –بل ومن وزارة الداخلية- فإن المؤتمر الخامس- البيضاء 1960 قد أدان بقوة القمع الذي تعرضت له المقاومة وجيش التحرير، كما ندد بالتوجه السياسي للنظام... إلخ. أما مؤتمر الطلاق –المؤتمر السادس 1961- فقد انعقد في غياب الرئاسة الشرفية لولي العهد آنذاك، والذي انتقده المؤتمر الرابع من قبل، واتجه المؤتمر لأول مرة إلى تحديد طبيعة الحكم ومرتكزاته الاجتماعية شخصها بالتحديد في الإمبريالية والتوجهات التي أرساها المؤتمر السادس مع إصدار اللجنة الإدارية موقفا ملموسا واضحا حول الدستور الممنوح المكرس للحكم الفردي المطلق حيث دعت اللجنة الإدارية لـ أوطم إلى المقاطعة. وذهب المؤتمر الثامن إلى الإدانة الشديدة للنظام، وحذر الرأي العام من إقامة نظام فاشي في المغرب بينما حدد المؤتمر التاسع بالإضافة إلى المرتكزات الاجتماعية والطبقة للحكم، طبيعته السياسية كحكم فردي مطلق ودعا للنضال من أجل إنهائه. وبالنظر إلى المواقف السياسية النضالية الشجاعة للمؤتمرات المذكورة التي أتينا على ذكر البعض منها فقط، يفهم بالتحديد والدقة لماذا يمارس التعتيم على هذه المحطات النضالية ومقررات مؤتمراتها. وعلى المستوى التعليمي : وبعد أن كان مطلب إقامة وإنشاء جامعة وطنية من خلال الرهان على سياسة "الوحدة الوطنية" في المرحلة الأولى منحت المنظمة، في مؤتمراتها من السادس حتى التاسع، الموقع الحقيقي للأزمة التعليمية، ولم تقف عند الإجهازات على المكتسبات في هذا الشأن بشكل غير علني كما كان متداولا آنذاك، بل اعتبرت أن مشكل التعليم مشكل سياسي بالتحديد. وأن احداث تغيير حقيقي جذري في السياسة التعليمية رهين بالتغيير الشامل على المستويات الاقتصادية والسياسية. وعلى المستوى التنظيمي : شهدت المرحلة المعنية بالرصد والتحليل تطورا في هياكل المنظمة حيث أقر المؤتمر السادس إنشاء التعاضديات، وتم نقل القيادة من الخارج إلى الداخل وذهب المؤتمر التاسع إلى الدعوة إلى تطوير التنسيق التنظيمي والنضالي بين فروع أوطم بالداخل والخارج، وفي هذه المرحلة بالذات بدأت الأنوية الأولى للأشكال التنظيمية القاعدية والتي ستعرف تطورات هامة في المحطات اللاحقة من تطور الح.ط.م. وعلى مستوى النضال الطلابي بحركات التحرر : جسد أوط م ارتباطا بالنضالات التحررية الوطنية، هكذا خرجت التظاهرات التضامنية مع النضال التحرري للشعب الجزائري كان أكثرها حدة وتعبيرا، احتلال الح.ط. للسفارة الفرنسية لمدة يومين متتاليين: 11-12 نونبر. وعلى مستوى صد الهجمة على أوطم : تصدت الح .ط.م لمحاولة حل أوطم وحظرها قانونيا في سنة 1964. كما أن النظام في هذه السنة بالذات أصدر وزيره في الداخلية قرارا يحرم الانتماء إلى أوطم على الجماهير التلاميذية...
III- الجزر والتراجع بعد انتفاضة 23 مارس 1965 : عرفت الحركة النضالية للح.ط.م بعد 1965 تراجعا وجزرا ملحوظين غير أنه لم يكن إلا مرحلة لاستجماع قواها والبحث عن الأسباب الذاتية التي تقف ثغرة في نهوضها، في مواجهة أوضاعها المادية والتعليمية الجزرية المتفاقمة بعد مشروع الإصلاح التخريبي "الذي جاء به الوزير بنهيمة والذي كان نقطة محورية في انتفاضة 23 مارس 1965...إلخ ويمكن القول أن الجزر والتراجع الذي شهدته الح ط.م يرجع إلى عاملين: 1) الهجمة القمعية الشرسة للنظام والتي تجسدت في انتفاضة 1965، وفي أجواء الرعب والمحاكمات التي طالت مناضلي الشعب المخلصين والاغتيالات والنفي – بنبركة، الفقيه البصري...إلخ. تلك الهجمة التي كان إعلان حالة الاستثناء في 65 إحدى حلاقاتها. ولقد هدف النظام من وراء الهجمة الى كسر شوكة النضال المتصاعد ضد تبعات إيكس-ليبان ومسلسل تعضيد القوى الطبقية السائدة وممثلة الاستعمار الجديد بالداخل ولتوفير شروط أفضل لتقدم هذا المسلسل. 2) وفي مقابل ذلك كان الخط التوجيهي السائد طلابيا والذي كان جزءا من توجه أشمل في حركة النضال الجماهيري، قد عبر بالملموس عن فشله في مجابهة التناقضات الجديدة لمرحلة ما بعد الاستقلال الشكلي وفضلا عن دخوله في هذه المرحلة في دوامة الجزارة التي اعتمدها النظام مع قيادة الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، وعود حكومة تحت قيادة الحزب" وإطلاق سراح معتقلي الحزب... إلخ كثمن لإيقاف النضالات في واجهاتها الشعبية. وبالفعل راهنت هذه القيادة على جزرة النظام، هذا الأخير الذي يستغل ذلك لتعميق الاضطهاد والعسف والاغتيال في حق مناضلي الشعب ومنظماته الجماهيرية الصامدة.
V I - الانعطافة النوعية وتجذير النضال الجماهيري 1969-1973 : تعد المرحلة الفاصلة ما بين نهاية العقد الستيني حتى انعقاد مؤتمر 15 وفرض الحضر القانوني على أوطم في 24 يناير 1973، من أخصب المراحل النضالية في تاريخ الح.ط.المغربية سواء تعلق الامر بمستوى تجذر وعيها بقضايا النضال التعليمي ،او هم الامر قضايا النضال العام والتناقضات الاساسية في المجتمع المغربي او هم الامر المستوى التنظيمي او الممارسة النضالية بعمقها وتجذرها المعروفين . أ ـ الشروط العامة للانعطافة النوعية : ان ملامسة حقيقيةللانعطافة النوعية التي شهدتها الحركة الطلابية ،في هذه المرحلة لن تتاتى خارج رصد و استحضار الشروط العامة التي احاطت بهذه الانعطافة،الخارجية منها والداخلية . • فعلى المستوى الدولي : فان الهبات السياسية و الاديولوجية والنضالية التي حفل بها الوضع الدولي في مواجهة الحلف الامبريالي الصهيوني الرجعي،كانت تشتغل في كل مكان من بقع العالم، بحيث يكفي ان نستحضر الهبات الثورية في امريكا اللاتينية ضد اليانكي والتي لعبت فيها الثورة الكوبية دورا اشعاعيا هاما وتجذر النضال السياسي والمسلح في آسيا:فيتنام،الصين ،الكومبودج . • على المستوى القومي : لقد تميز الوضع القومي بعد هزيمة 67 بانطلاقة جذرية سياسية وايديولوجية كرد على الهزيمة التي اعتبرت عن حق،هزيمة وافلاس البرجوازية في قيادة حركة التحرر الوطني وانظمتها الاجتماعية الاقتصادية المشخصة كانظمة راسمالية الدولة الوطنية .هكذا ستنتقل قطاعات سياسية هامة من الحركات القومية الى مواقع الماركسية اللينينية بل ستعرف الاحزاب الشيوعية المنتصرة لمواقف الاتحاد السوفياتي صراعات وانقسامات ظهرت من خلالها مغربا ومشرقا قوى ثورية جديدة وواعدة .وفضلا عن هذا فان انطلاقة الكفاح المسلح الفلسطيني ونجاحه في اول معركة كبرى المعروفة بمعركة "الكرامة" سنة 68 .ترك آثارا واضحة على الوضع القومي برمته ومنه المغربي . • على المستوى الوطني : لقد انهت انتفاضة 23 مارس مرحلة سياسية بكاملها من التاريخ السياسي لمغرب الاستقلال الشكلي،مرحلة الرد على تبعات ايكس ـ ليبان ومواجهة مسلسل بناء الاستعمار الجديد وركائزه السياسية، وأنهت معها الإيديولوجية والأساليب المعتمدة في هذه المواجهة، وافتتح التاريخ السياسي المغربي على مرحلة جديدة سمتها الأساسية البحث عن أرقى أشكال النضال ضد الاستعمار الجديد ونظامه السياسي والتنظيمي والنضالي بظهور الحركة الماركسية اللينينية المغربية وربط النضال الوطني بالقومي ترابطا جدليا، وتجذير الممارسة النضالية وتأسيس النقابة الوطنية للتلاميذ، وانطلاقة أوطم أقوى وتشكيل لجنة مناهضة التعذيب... على المستوى الذاتي للحركة الطلابية المغربية : فإن الح.ط. التي عرفت جزرا وتراجعا بعد انتفاضة 23 مارس، قد بدأت تشق طريقها باحثة عن سبل النهوض الجديد استمرارا للنضال الصلب، كذلك كان التزايد الكمي والنوعي للح.ط المؤطرة تحت لواء أوطم، قد لعب أدوارا في هذه العملية النضالية، بحيث ساهمت في تجذير الوعي التقدمي، مع الالتحاق المتصاعد لأبناء الجماهير الشعبية الكادحة، ولقد شهدت الأوساط الطلابية منذ 66-67 بداية إشعاع الفكر الماركسي وخاصة منه فكر اليسار الجديد الفلسطيني، وهو ما أخذ طريقه نحو الفرز والوضوح الأولي مع المؤتمر 13 ومقرراته الخاصة بقضايا النضال الدولي والقومي وهو المؤتمر الذي اعتبر القضية الفلسطينية قضية وطنية. كما أن البيان العام لمؤتمر 13 قد لامس الوضع الوطني وثغراته واستحقاقاته حيث وجه النقد للقيادة الإصلاحية الانتظارية وحدد بالتدقيق المبادئ الأربعة لـ أوطم. ولقد انعكست هذه التحولات العامة والخاصة على المستوى النضالي حيث خاضت الح.ط معارك بطولية أهمها معركة بداية السبعينات الطويلة النفس، من أجل الزيادة في المنح، وإطلاق سراح المعتقلين واحترام حرمة الجامعة والمطالبة بديمقراطيتها واستقلالها...إلخ. حققت من خلالها الح.ط نصرا كبيرا ومكتسبات هامة. الأهمية التاريخية للمؤتمر 15 : والآن يحق لنا التساؤل عن موقع المؤتمر 15 من هذه العملية التاريخية: أين تكمن بالذات الأهمية التاريخية للمؤتمر المذكور؟ المؤتمر الذي تعرض للنقد مرارا ولا يزال. ولماذا بالتدقيق قفزة نوعية في تاريخ الح.ط.م؟ إن الأهمية التاريخية للمؤتمر المذكور تتأتى من جانبين متداخلين ومنفصلين، فمن جهة أولى من موقعه التاريخي في التطور النضالي العام للح.ط.م ومن جهة ثانية من المقررات النضالية كاملة التي سطرها وخرج بها المؤتمر. موقع المؤتمر 15 من التطور النضالي للح.ط.م : يعتبر المؤتمر 15 بحق فاتحة مرحلة وعهد نضاليين جديدين في تاريخ الح.ط.م ذلك أن المؤتمر سيحدد بدقة الأبعاد النضالية – توجيها وممارسة- للصراع الدائر رحاه في مغرب الاستعمار الجديد وتناقضاته الطبقية وموقع الح.ط.م منه، فإذا كانت المؤتمرات السابقة وخاصة منها تلك التي غطت مرحلة 1960-1965 وكذلك المؤتمر 13... إلخ. قد وضعت اللبنات الأساسية لفهم طبيعة التناقضات وموقع الح.ط.م منها، فإن المؤتمر قد جاء تتويجا ليس كميا فقط بل ونوعيا لها لتمكنه من تعميق الرؤية حول التناقضات الأساسية التي تخترق المجتمع المغربي، ورسم الخط النضالي السديد للمساهمة فيها من موقع الانتماء والاصطفاف الى جانب الجماهير الشعبية. غير أن ذلك لن يتأتى تلمسه إلا من خلال مقررات المؤتمر ذاته . الأهمية النوعية لمقررات المؤتمر 15 : - على المستوى التوجيهي : حدد المؤتمر طبيعة التناقضات الداخلية وخرج ببرنامج نضالي ديمقراطي جماهيري دعا إلى الالتفات عليه مع أوسع الجماهير الشعبية وقواها المناضلة، وعمق البعد القومي لحركة النضال الوطني، محققا دفعة جديدة لمقررات المؤتمر 13 الخاصة بالقضية الفلسطينية. - على المستوى التنظيمي : أعاد المؤتمر قراءة تجربة أوطم مستخلصا الدروس وداعيا إلى هيكلة تنظيمية تحقق فعلا مبدأ المشاركة للجماهير في التسيير والتقرير. - على المستوى التعليمي : لم يبق المؤتمر عند حدود وصف أزمة التعليم وعمقها كما لم يبق عند حدود الشعار القائل بعدم فصل أزمة التعليم عن الأزمة العامة، بل تجاوز ذلك في إطار جدلي حين أكد وسطر على ارتباط التعليم بالأزمة العامة التي لا يجب أن تعني نهج الانتظارية والإصلاحية كما جاء على لسان المؤتمر بل ينبغي النضال من أجل تحسين الشروط التعليمية في الوضع الراهن في آفاق الحل الجذري للمسألة التعليمية وهذا لا يعني القفز على المنزلق الوحيد للمؤتمر 15 في علاقة النقابي بالسياسي والذي حلله وتجاوزه الطلبة القاعديين.
التصدي للحظر القانوني 1973-1979 : بعد القرار المشؤوم الصادر في 24 يناير 1973 والقاضي بحظر أوطم ستجتاز الح.ط.م مرحلة نضالية عسيرة، استطاعت رغم قساوة شروطها الموضوعية والذاتية، من استنهاض واستجماع طاقاتها لتفرض ذاتها من جديد، ولتعلن مرة أخرى أن لا مجال للأوهام والأحلام بالقضاء على حركة بحجم وصلابة الح.ط.م ومنظماتها أوطم. فلقد استطاع النظام في الفترة الفاصلة بين 1972-1974 الخروج من مأزق سياسي كان يتعمق يوما بعد يوم ويزيد من تصدع الحكم وطبقاته ويوسع شيئا فشيئا من عزلته وقد تمكن النظام من الخروج من المأزق المذكور بالاعتماد على حملة قمعية شرسة استهدفت القوى المناضلة النقابية منها والسياسية... خاصة منها القوى الجذرية بمختلف مكوناتها. وليدشن مرحلة تعدلت فيها موازين القوى لصالحه، مستندا إلى الظرفية التراجعية على المستوى القومي، ومرتكزا على الاستراتيجية الهجومية الإمبريالية ضاخا كل ذلك على المستوى الداخلي بشعارات زائفة أريد لها أن تلعب الغطاء الإيديولوجي والسياسي للقمع والإرهاب للاضطهاد والاستبداد وما عمق هذا المسار هو التقاء القوى السياسية الإصلاحية مع النظام حول الشعارات الزائفة من مثل: "المسلسل الديمقراطي" "الإجماع الوطني" "المغرب الجديد" "السلم الاجتماعي" ... ولقد تلقت الحركة الطلابية ضربة قاسية تمثلت في قرار الحظر القانوني الذي استهدفت حل أوطم وإنهاء إحدى مراكز ومواقع المقاومة النضالية للسياسة اللاشعبية للنظام في التعليم، هكذا ستشهد الساحة الطلابية فراغا نضاليا وتنظيميا لم يطل، إذا استجمعت الح.ط قوتها لتدخل منذ 75-1976 في صراع ضار من أجل رفع الحظر القانوني واسترجاع المشروعية القانونية لمنظمتها وهو ما استطاعت إنجازه بعد نضالات مريرة ومنعرجات كفاحية، غير أن قرار الحظر القانوني أثار ولا تزال الكثير من الجدالات حول أبعاده، بل ذهب البعض إلى اعتباره نتيجة مباشرة من نتائج مقررات المؤتمر 15 مما يتطلب تحديد سياق وأبعاد الحظر القانوني قبل المرور إلى النضالات الطلابية لمرحلة التصدي للحظر القانوني والنضال من أجل استرجاع المشروعية القانونية للاتحاد الوطني لطلبة المغرب. أ- سياق وملابسات ودلالات الحظر القانوني : فمن الناحية الأولى جاء قرار الحظر القانوني في إطار حملة قمعية شرسة استهدفت كل الأصوات المناضلة، كما تمت الإشارة إلى ذلك سابقا، ولقد مس هذا الهجوم ليس أوطم فقط بل كل القوى السياسية المعارضة سواء كانت طبيعة معارضتها ونضالاتها جذريين أم لا. هكذا تم حظر الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وقبله حزب التحرر والاشتراكية بل وشنت حملة همجية ضد المناضلين الراديكاليين بعد 3 مارس 1973 وقبله في 1971 والتي انتهت بالإعدامات –مجموعة دهكون- فضلا عن الهجمات القمعية المتتالية بدون توقف ضد الحركة الماركسية اللينينية منذ سنة 72 وحتى 1977 فامتلأت السجون واضطر للاغتراب عن الأرض مئات المناضلين بكافة انتماءاتهم وقناعاتهم النضالية والفكرية والسياسية ولقد كانت هذه الضربات القاسية حلقة أولى في مسلسل إعادة ترتيب الأوضاع الداخلية وتعديل موازين القوى لصالح النظام، وهو سيقدم عليه في إطار حلقة ثانية استهدفت جر القوى الإصلاحية والفئات الاجتماعية المتذبذبة نحو شعارات المسلسل والإجماع وما شابهها... ومن الناحية الثانية لا يمكن عزل قرار الحظر القانوني عن سياق الصراع بين الح.ط والنظام حيث أنه ليست المرة الأولى التي يعمل فيها النظام على قمع الحركة الطلابية فتاريخ مرحلة ما بعد الاستقلال الشكلي وبالتحديد منذ بداية الستينات شهد على أن القمع في حق أ.و.ط.م ومحاولة اجتثاته وتصفيته كانت مستمرة وأخذت أشكالا متنوعة ومختلفة. قد يقال أن مختلف أنواع القمع لم تصل إلى الحظر القانوني وهذا تمويه، ذلك أنه في أكتوبر 1964 حاول النظام حل وحظر أوطم إلا أن النضالات الطلابية قد فرضت التراجع على قرار النظام دون أن ننسى محاولات تقليص مده في سنة 1964 نفسها بحرمان تأطير التلاميذ في إطار أ.و.ط.م...و. ومن ناحية ثالثة فإن التاريخ اللاحق سيبرهن مرة أخرى إلى من هو في حاجة إلى ذلك على أن قمع الح.ط وإرادة شلها من خلال ضرب منظمتها هو التعامل السائد، هكذا وبعد سنتين فقد حكمتها توازنات معروفة من رفع الحظر القانوني وشن النظام حملة اجتثاث جديدة لا تزال الح.ط تعيش أجواءها وهي الحملة التي ابتدأت مع بداية الثمانينات والمستمرة حتى الآن متمثلة في الحظر العملي على أوطم. ب- النضالات الطلابية من أجل استرجاع المشروعية القانونية : يمكن التمييز منهجيا بين ثلاثة أطوار نضالية في نضالات الح.ط.م من استرجاع أوطم ورفع الحظر القانوني عنها: - الطور الأول : ويمتد من سنة 73 إلى 1975 - الطور الثاني : من 1975 حتى إعلان رفع الحظر - الطور الثالث : فيعطي مرحلة التهييء لعقد المؤتمر السادس عشر. * من 73 إلى 1975، إذا كانت سنة 73 تؤرخ القرار المشؤوم القاضي بحظر أوطم فإن سنة 1975 تؤرخ لنزول ظهير 1975 ومراسيمه التطبيقية القاضية بترميم الحظر وتأبيده ومحاولة زرع بديل مشبوه عنه. لقد عاشت الح.ط ما بين 73-1975 على إيقاع جزر وتراجع كانت فيها محاصرة الشيء الذي لا يعني بتاتا موت مقاومتها، بل أن المناضلين التقدميين قد لعبوا أدوارا هامة في تفنيد وفضح الدعايات المشبوهة التي يبرز بها قرار الحظر القانوني. في وقت كانت فيه فصائل النهج البيروقراطي غائبة أو حتى في حضورها التعبوي مع الطلبة كان هدفها الأساسي الهجوم على قيادة المؤتمر الخامس عشر ومقرراته. * من 1975- 1978 : لقد انطلقت الح.ط في عنفوان جديد متصاعد منذ سنة 1975 وهي السنة التي حاول فيها النظام الترسيم النهائي لحظر أوطم محاولا في إطار شعارات "المسلسل الديمقراطي" المزعوم جر القوى السياسية إلى هذه العملية الخبيثة خاصة وأن قوى المعارضة الإصلاحية كانت تطالب برفع الحظر على أوطم ولو لا يقظة الح.ط ومناضليها المخلصين لاستطاع النظام أن يمرر هذا المشروع الخطير، ففصائل النهج البيروقراطي قد تراوحت مواقفها بين القبول بالأمر الواقع –طلبة حزب التقدم والاشتراكية والتمرد طلبة الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية... إن النهوض الجماهيري من أجل فرض استرجاع المشروعية القانونية قد عرف تقدمه في مواجهة هذا المشروع، حيث التفت الح.ط حول شعار رفع الحظر، واتجهت بالأساس إلى تنظيم ذاتها في إطار أوطم ولم تنتج أسلوبا انتظاريا سيرى أن التنظيم يأتي بعد أن يرفع النظام الحظر على أوطم وبالفعل استطاعت الح.ط انتزاع هذا المطلب برفع الحظر عن أوطم. * التهييء للمؤتمر السادس عشر : إن معركة التهييء للمؤتمر السادس عشر تعرضت لشتى الخروقات من لدن النهج البيروقراطي المهادن والذي كان همه الوحيد هو السيطرة على أوطم مهما كلفه الأمر من ثمن. معتمدا الأساليب الغريبة عن تقاليد وأعراف أوطم. ويمكن الرجوع في هذا الشأن إلى العديد من التحليلات للاستفاضة في هذه الخروقات. VI- الحركة الطلابية ما بين المؤتمرين 16 و 17 : بعد أن تكرس النهج البيروقراطي المهادن ، مقررات وقيادة ، في المؤتمر السادس عشر كان التحدي مطروحا على الح.ط من كل جوانبه الذاتية والموضوعية. - فعلى المستوى الموضوعي : كانت المهام النضالية المستعجلة تتمثل في خوض نضالات من أجل تحسين الشروط المادية والتعليمية للح.ط وهي الشروط التي عقدتها مرحلة الحظر القانوني. - على المستوى الذاتي : كانت المهمات الأولية تتمثل في تعميق وتوسيع جماهيرية أوطم وتأطير وتعبئة الأجيال الملتحقة وغرس راية الاتحاد في أهم المواقع الجامعية المستحدثة والجديدة، مثل مراكش ووجدة. وقد أعيق إنجاز هذه المهمات بالإضافة إلى المهام النضالية التضامنية... إلخ. بسبب الطبيعة البيروقراطية للتنظيم الذي أقره المؤتمر 16 وبسبب نهج المهادنة الذي نهجه وصارت عليه قيادته تحت تبرير أولوية "الإجماع الوطني"... إلخ. وقد عملت كل ذلك، الممارسات التدميرية لقيادة المؤتمر السادس عشر، سواء في علاقتها مع الجمعيات، المدرسة المحمدية للمهندسين (م.م.م) نموذجا، حيث كانت تريد حلها واستبدالها، الشيء الذي لم يخرج به حتى المؤتمر 16 أو حين حرمت الح.ط في فروع الرباط-فاس.. من تشكيل أداتها التوحيدية على مستوى الفرع وذلك واضح جيدا، لكون أن الأجهزة التحتية في هذه الفروع لم تكن تسيطر عليها، كما أن تمكين الح.ط على مستوى الفروع من إطار تنظيمي –مجلس ومكتب الفرع- كفيل بتعضيد النضال وتوحيده على مستوى الكليات كلها، لفرض الضغط واختراق سقف "السلم الاجتماعي" الذي نهجته القيادة في أكثر من محطة وحدث. ودون الرجوع إلى التفاصيل فإن الح.ط قد راهنت على المؤتمر 17 للخروج من هذه الأزمة الذاتية التي فرضها التحالف الثلاثي، غير أن فشل المؤتمر كان ضربة لهذا المطمح الجماهيري، الشيء الذي سيعمق من أزمتها الذاتية، كما سيطرح عليها تحديات نضالية إضافية على المستوى الذاتي، متمثلة في النضال من أجل الحد من تبعات وسلبيات فشل المؤتمر 17 والعمل على عقد المؤتمر الاستثنائي، وفي وقت كانت فيه التحديات الموضوعية تزداد شراسة بفعل دخول النظام في مسلسل جديد لإقبار أوطم عبر عسكرة الجامعة وحظر أوطم عمليا والعصف بالمكاسب المادية والمعنوية للح.ط وتمرير الإصلاح التخريبي.
IIV- الحركة الطلابية ما بين انتفاضتي 81-1984 : بعد الانتفاضة الممتدة من أواخر شهر ماي في شرق المغرب وشماله والتي بلغت ذروتها يوم 20 يونيو في الدار البيضاء شن النظام المغربي حربا متواصلة مستهدفا شل الحركة الطلابية وإركاعه بهدف تمرير مخططاته التصفوية. وقد استغل الثغرة الأساسية الناتجة عن فشل المؤتمر 17 ومضاعفاتها على الأوضاع الذاتية للح.ط.م. لقد هدف النظام من وراء حالة الطوارئ التي أعلنها في الجامعة شل المقاومة الأوطمية وتفتيتها وإضعافها من أجل تمرير الحلقة الثانية في مخططه التصفوي المتمثلة في الهجمة على المكتسبات المادية للجماهير الطلابية وفرض الإصلاح التخريبي المعروف. غير أن الحملة القمعية الواسعة لسنة 81/82 لم تستطع إركاع الجماهير الطلابية وهو الهدف المتوفر من طرف النظام حتى يستطيع تمرير مخططاته في أجواء التراجع والاستسلام غير أنه سيفاجأ بمقاومة جماهيرية عارمة في سنة 82/83 تلك المقاومة التي ستفشل العديد من بنود وحلقات مخططات النظام في هذه السنة بالذات بالرغم من أنها –ولأسباب ذاتية تتعلق أولا بفشل المؤتمر 17 وثانيا بطعنة الخلف لقوى المهادنة والتخاذل في هذه المعارك وخاصة منها معركة المقاطعة (82/83- لم تستطع إفشال المخطط التصفوي برمته وفرض التراجع عليه والاستجابة إلى كافة مطالبها. وهكذا فقد تجندت الحركة الطلابية منذ سنة 81/82 لإنجاز المهام النضالية المحورية التالية: • الحد من تبعات وسلبيات الثغرة التي تركها المؤتمر 17 وذلك بالعمل على تجديد الأجهزة التحتية أولا وتحصينها من القمع والحظر العملي وتفعيل لجنة التنسيق الوطني وعقد المؤتمر الاستثنائي. • التصدي للحظر العملي ولضرب حرمة الجامعة والعسكرة والأواكس... إلخ. • إفشال مخطط الإصلاح التخريبي وتحصين المكتسبات المادية المهددة للح.ط. • تكثيف النضال الثقافي لتوسيع وتعميق التعبئة والوعي الجماهيري والمخططات التي تستهدف الح.ط وربط نضالاتها بالقضايا المصيرية للح الشعبية المغربية وحركات التحرر الوطني. • ربط النضال الطلابي بالنضالات الشعبية. • التضامن مع حركة التحرر وفي مقدمتها الثورة الفلسطينية والمقاومة اللبنانية. ولقد خاضت الح.ط ما بين 81/84 نضالات ضارية تجسيدا لهذه المهام نصطفي منها البعض دون أن ننتقص من شأن النضالات التي لم نذكرها. * معارك التصدي 81/1982 : هكذا وبسرعة متواصلة كثفت الطبقات السائدة هجوماتها من الموسم الجامعي لسنة 81/82 بمخطط شمولي وضع الجامعة المغربية تحت طائلة حالة الاستثناء وبكل معاني الكلمة، ففي الثاني من شهر نوفمبر سيتم إنزال قوات الأواكس في معظم المواقع الجامعية حيث شكل منذئذ دراعا قمعيا للنظام داخل أسوار الجامعة من أجل قمع الطلبة وإبعادهم عن العمل النقابي مرتكبا جرائم بشعة في حق الجماهير الطلابية من تمزيق المجلات الحائطية والملصقات مرورا بتكثيف المتابعات بتعاون مع البوليس السري والعلني في حق مناضلي أوطم وصولا إلى المجازر بالسلاح الأبيض. وفي 3 دجنبر من نفس السنة وعلى إثر الإضراب الوطني لمدة 24 ساعة والتي دعت له لجنة التنسيق الوطني احتجاجا واستنكارا على عسكرة الجامعة مطالبة بسحب هذا الجهاز الغريب وفتح الحوار مع ممثلي الطلبة على المستويات المحلية والوطنية، وإيقاف مسلسل المتابعات، وفتح المقرات... شن النظام حملة إرهابية مست قواعد ومسؤولي أوطم على المستوى المحلي (وجدة، الرباط...) وعلى المستوى الوطني حيث تم اعتقال 3 أعضاء من الخمسة المتبقية من قيادة المؤتمر 16 والذين أعيدت فيهم الثقة في المؤتمر 17 الفاشل، وهم على التوالي: بوعيش مسعود السوسي، ومحسن عيوش، وقد تم اعتقاله من جديد في إطار الحملة القمعية التي رافقت وأعقبت انتفاضة 84 حيث حكم عليه بالسجن لمدة 5 سنوات وحرمانه من زيارة العديد من المدن بدعوى الانتماء إلى منظمة سرية. وفي التاسع من نفس الشهر –دجنبر- خاضت الجماهير الطلابية بفرع الرباط إضرابا عاما حددت مطالبه المستعجلة فيما يلي: إطلاق سراح الطلبة المعتقلين، إجلاء الأواكس، رفع العسكرة على الجامعة، فتح حوار مع ممثلي الطلبة، فتح مقرات أوطم التي أغلقت، وقد جاء الرد سريعا تمثل في التدخل الوحشي لقوات النظام المدججة بكل أدوات الإرهاب بما فيها الكلاب البوليسية، تلتها حملة اعتقالات ومتابعات ومداهمات واسعة... وفي شهر يناير من نفس السنة أقدم النظام على عسكرة المدرسة المحمدية للمهندسين، وشن حملة قمعية واسعة توجت بطرد العديد من مناضلي ومسؤولي أوطم في المدرسة، بعد أن صيغت مجلة "امفي" التي كانت تشرف على إصدارها جمعية المدرسة المحمدية للمهندسين المنضوية تحت لواء أوطم، وفي فبراير من نفس السنة أقدمت إدارة كلية العلوم بالرباط على طرد 7 أعضاء مسؤولي تعاضدية الكلية. * معركة 7 دجنبر – وجدة : في جامعة وجدة، نزل القمع بكل ثقله مع بداية سنة 82/83، بزرع جهاز الأواكس، فإذا كانت الجامعات الأخرى قد أغرقت بهذا الجهاز سنة 81/82 فإن إنزاله بكل من مراكش ووجدة كان في الموسم الجامعي اللاحق 82/83 وإغلاق مقرات أوطم التي حولت إلى مراكز مراقبة ونشاط المشبوهين لجهاز الأواكس، وتم منع ورفض الأنشطة الثقافية لاستقبال الطالب وافتتاح السنة النضالية، كما أغلقت أبواب الحوار مع أجهزة أوطم وتم اللجوء إلى التهديد، عبر ملصقات الإدارة بحرمان أي طالب يتحدث عن أوطم وينشط في إطاره من منحته، وهي نفس السنة التي تم فيها تقزيم المنح كل ذلك من أجل توفير شروط تمرير "الإصلاح التخريبي". غير أن الح.ط ستتصدى بنضالية متصاعدة، منذ البداية والمتوجة بالإضراب اللامحدود التي ارتكب فيها النظام مذبحة شنيعة في السابع من دجنبر 1982 اهتزت لها الجماهير بالمنطقة تضامنا وتنديدا واستنكارا، فخرجت جماهير التلاميذ في كل من وجدة، بركان، الحسيمة، الناظور، منددة وشاجبة، كما اهتز لها الرأي العام الوطني والدولي... ولم تأت معركة الإضراب اللامحدود بشكل مفاجئ ولا جاءت دفعة واحدة مباغثة بل كانت تتويجا لمسلسل نضالي احتجاجي، ولمعارك متقطعة ومتواصلة، افتتحتها الح.ط منذ بداية السنة الجامعية 82/1983 حيث نظمت التظاهرات بالكليات والحي الجامعي على حدة، كما نظمت التظاهرات على مستوى الفرع لإرغام الإدارة ومن ورائها النظام على التراجع محددة مطالبها النضالية المستعجلة بشكل واضح لا يقبل الالتباس: ديمقراطيا : الجلاء الفوري للأواكس، تسليم مقرات أوطم للأجهزة بمختلف الكليات مع إرجاع ممتلكات الاتحاد، فتح أبواب الحوار مع أجهزة أوطم، الوقف الفوري للتهديدات المختلفة في حق الطلبة، وقف المتابعات والاعتقالات، احترام حق النشاط النقابي والثقافي. تعليميا : فتح أبواب التسجيل أمام الطلبة الحاصلين على شهادة الباكالوريا، التراجع عن المذكرة 405، احترام حق الانتقال من كلية لأخرى ومن شعبة لأخرى كما جرى به الأمر من قبل التراجع عن "الإصلاح" المزعوم. ماديا : التراجع الفوري عن قرار تقزيم المنح، التراجع عن نظام التذكرة الخاصة بالتغذية تخفيض أثمان المقصف الجامعي... هذا الملف المستعجل كان أساس التحرك الجماهيري مند البداية والذي ستدخل على أساسه الح.ط معركتها اللامحدودة، ففي السادس من دجن 1982 انطلقت تظاهرة عامة تحت إشراف مكتب الفرع بالجامعةـ وافتتح النقاش الجماهيري الواسع حول السؤال التالي: ما العمل أمام تعنت الإدارة بعد سلسلة من النضالات السابقة؟ وعزمها ومن ورائها النظام على إركاع الح.ط" فكان الجواب جماهيريا حازما؟ تمثل في دخول شوط جديد من اجل احقاق الملف المطلبي المستعجل ..الاضراب اللامحدود حتى الاستجابة للمطالب، وفي اليوم الموالي سيشن النظام خديعة في حق الح.ط أسفرت عن ضحايا ومعتقلين...إلخ، وفي وقت كان فيها القمع ينتظر تراجع الح.ط تحت مذبحته الوحشية لكن الح.ط أبت إلا أن تستمر معركتها المشروعة والعادلة، الشيء الذي دفع بالنظام، وفي أجواء الإصرار الطلابي والتضامن والتنديد من طرف الرأي العام، إلى إقرار إغلاق الجامعة، مدشنا حملة إرهاب العائلات... غير ان الح.ط لم تذعن واستمرت بعد عطلة السنة في معركتها بأشكال أخرى –الإخلاء، المقاطعة، الشيء الذي فرض فتح الحوار، وحق النشاط النقابي والثقافي، وتجميد الأواكس وحق الانتقال من الشعب...إلخ لتدخل الح.ط في التهييء لمعركة التصدي لنظامات الامتحانات وذلك بتجديد أجهزتها وعقد التجمعات على مستوى الأقسام كما على مستوى الكليات، وفتح نقاش تعبوي موسع حول "الإصلاح التخريبي" والمطالبة بالتراجع الفوري عنه...إلخ. * معركة مقاطعة المواد الدخيلة بفاس : إن التذكير والرصد لهذه المعركة نابع من الناحية الأولى من الرغبة في التعريف بإحدى المعارك التي خيضت تصديا لمضامين الإصلاح التخريبي خاصة وأن مجمل الكرونولوجيات تركز على نضالات التصدي لنظام الامتحانات فقط، ونابع أيضا من الرغبة في تأكيد أن النضال ضد مخططات التعليم هو بنضال شمولي، لا يهم هذا دون الآخر... ففي سنة 82/1983 التي نحن بصدد تغطية أهم معاركها، خاضت الح.ط معركة نضالية طويلة بكلية الآداب بفاس تمثلت بالأساس في مقاطعة المواد الدخيلة على الشعب وقد كان قرار المقاطعة لهذه المواد قرارا قاعديا بكل معاني الكلمة إذ انبثق عن طريق التجمعات الخاصة بالأقسام، وهي التجمعات التي عقدت في جميع التخصصات لينطلق قرار المقاطعة عبر بيانات وتظاهرات الاقسام ثم من داخل مجلس الطلبة ولقد واجه هذا القرار النضالي السديد مضمونا وشكلا تعنتا واضحا من لدن الإدارة أولا، وطعنا فيه من لدن التوجه البيروقراطي ثانيا، وعزلة على المستوى الوطني ذلك أن كلية الآداب بفاس كانت هي الوحيدة التي استطاعت ترجمة مواجهة المواد الدخيلة عمليا. هكذا وفي هذه الشروط الموضوعية والذاتية فرض على المعركة أن تنتهي خاصة وأن أطراف النهج البيروقراطي على مستوى الموقع قد اشترطوا إيقافها حتى يساهموا في المعركة التي كانت تتهيأ الح.ط وطنيا لدخولها ، معركة مقاطعة نظام الامتحانات التصفوي. غير أن الأحداث اللاحقة ستظهر بالملموس أن أطراف التوجه البيروقراطي المهادن، كان همها الوحيد هو إخماد النضال وليس توسيع جذوته ورص صفوفه. المعركة الوطنية لمقاطعات نظام الامتحانات التصفوي : ما الذي يمكن أن نضيفه في شأن هذه المعركة النضالية التي قيل فيها وعنها الكثير؟ يكفي منهجة أهم محطاتها وثغراتها ونتائجها. ففيما يخص المحطات: منذ بداية سنة 82/1983 افتتحت الح.ط على الصعيد الوطني نقاشات موسعة حول طبيعة "الإصلاح" والنظام الخاص بالامتحانات الذي تتضمنه، نجاح معركة نظام الامتحانات تتطلب معركة وطنية موحدة –أن معركة من هذا الشأن يتطلب تفعيل لجنة التنسيق الوطني وتحمل للقيادة المتبقية مسؤوليتها في هذا الشأن- إن المعركة تتطلب تعبئة قاعدية مكتفة- إنها معركة تتطلب ترجمة المواقف المبدئية من "الإصلاح" ونظام الامتحانات على أرض الواقع، بتحمل الفصائل الخمسة لمسؤوليتها النضالية كاملة- والمعركة بحجم تلك، واصرار النظام، تتطلب دعما سياسيا وإعلاميا ملموسا... هكذا شرعت الح.ط في إنجاز هذه الخطوات بتجديد أجهزتها وعقد التجمعات على مستوى الأقسام والكليات، وعملت كليات الحقوق والعلوم إلى التنسيق لتوجيه المعركة. - الثغرات : لقد كانت أهم الثغرات التي أوصلت المعركة إلى الفشل تتمثل أولا في تهرب الفصائل البيروقراطية من المسؤولية حين دقت ساعة المسؤولية، لقد غابت القيادة المتبقية بل وعملت ما في وسعها على تعطيل وخرق المعركة من خلال ترأس البعض منها فقط على مستوى كلية الحقوق في محاولة إجهاض التنسيق بين كليات العلوم، التجمع التراجعي الذي فرضته تعاضدية كلية العلوم على قرار المقاطعة بدعم من باقي فصائل التوجه البيروقراطي المهادن، غياب الدعم الإعلامي والسياسي كل هذا أوصل المعركة إلى الفشل المعروف. - النتائج : لقد كان لفشل هذه المعركة آثارا سلبية على الح.ط حيث استغله النظام لحرمان الجماهير الطلابية من منحها، كما حرمها للدورة الأولى ولم تنظم دورة استدراكية وتعنتت أكثر فأكثر فيما يخص باقي محاور الملف النقابي. وعلى الرغم من هذه النتائج السلبية فإن الح.ط.م لم تنكسر، بل ستعمد في الشهور الأولى إلى استجماع قواها لردم وسد تلك الثغرات، وفي مقدمتها الثغرة التنظيمية الوطنية. * ما بين أكتوبر 1983- يناير 1984 : استكمالا لمسلسل النضال والتصدي الذي اختطته الح.ط وبعد الضربات التي جاءت من الداخل، كما أسلفنا، اتجهت الح.ط منذ مدخل الموسم الجامعي 1983/1984 نحو تكثيف التعبئة لأجل إعادة بناء أوطم وعقد مؤتمرها الاستثنائي من جهة أولى والنضال من أجل الحقوق المادية من جهة ثانية والنضال من أجل فرض حرية العمل النقابي والثقافي...إلخ. هكذا نظمت الأسابيع الثقافية والمجلات وكثفت التعبئة حول المؤتمر الاستثنائي خاصة وأن القيادة المتبقية كانت قد طرحت فكرة ندوة الأطر أو المائدة المستديرة الفصائلية، كحلقة وسطى من أجل انعقاد المؤتمر الاستثنائي ولتجنيب فشله. ولقد عبرت الح.ط عن استعدادها الكامل لإنجاز هذه المهمة المركزية التنظيمية والمتمثلة في عقد المؤتمر بحضورها الكثيف للنقاشات والندوات المقامة بل ورفعت الجماهير الطلابية شعارات جماهيرية لأجل إنجاز مؤتمر جماهيري ديمقراطي خاصة بكل من وجدة وفاس... وفي خضم هذه التعبئة ستنطلق الانتفاضة الشعبية ليناير 1984 والتي استغلها النظام لشن هجوم تصفوي واسع على الح.ط ومناضليه... * الحركة الطلابية ما بين 1984/1988 : تعد مرحلة 1984/1988 من أشد المحطات النضالية الطلابية قساوة وصعوبة فلقد شن النظام حربا استطاع من خلالها ما لم يتمكن من تمريره من قبل حيث أجهز كلية على الأجهزة التحتية للمنظمة، واعتقال أوسع مسؤولي ومناضلي أوطم وتجريم أي عمل نقابي... قدمت فيها الح.ط المئات من المناضلين الذين دافعوا باستماتة في المحاكمات الصورية عن أوطم ونددوا بالحملة الإرهابية التي تستهدف قبره، كما نددوا بالسياسة التعليمية ومخططها "الإصلاحي" المزعوم، وقدمت من جلدها بطلين سنة 1984 على إثر الإضراب لا محدود عن الطعام في مراكش، هما: الشهيدين بلهواري مصطفى، والدريدي مولاي بوبكر، كما قدمت شهداء من فاس تشبتا بخطها التقدمي في مناصرة الثورة الفلسطينية، وذلك في 20 يناير 1987.1988 الشيهدة زبيدة والشهيد عادل الأجراوي... ورغم ضراوة القمع، لم تتراجع الح.ط عن أهدافها النضالية، واستمرت متمسكة بمهامها النضالية حيث عملت على إعادة بناء أوطم منذ 1985 بالذات، وكانت المبادرة في فاس حيث انبثقت لجان الأقسام الموسعة ذات مهام أساسية وليست وظيفية فقط، وتم العمل على عقد مجلس الطلبة إلا أن فصائل النهج البيروقراطي عطلت هذه المهمة، وفي مكناس استطاعت الح.ط أن تنتقل من تشكيل لجان الأقسام إلى مجلس الطلبة الخ. وعلى المستوى النقابي تحركت الح.ط تصديا للإجهاز على مكاسبها المادية ولعل أهم معركة نقابية في هدا الشأن هي تلك التي خاضتها الح.ط في وجدة عبر معركة دامت ثلاثة أشهر توجت باعتصام ليل نهار وفرض التراجع عن تقنين الاستهلاك في المطعم، دون أن ننسى النضالات ضد الطرد في وجدة وتطوان في سنة 86/1987...الخ. كما ساهمت الح.ط في التعريف والفضح بالتقتيل الذي كان يتعرض له المعتقلون السياسيون، وأقيمت التظاهرات التضامنية والتعريف بالمعتقلين والمطالبة بإطلاق سراحهم، وعلى مستوى دعم نضالات الشعوب العربية، فقد وقفت الح.ط وقفة تضامنية معا الشعب الليبي على إثر القصف الذي تعرض له من طرف الإمبريالية الأمريكية، وعلى مستوى القضية الفلسطينية تمت إدانة زيارة "بريز" في فاس ووجدة، وفي اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني تدخل القمع بشكل همجي مخالف العشرات من الضحايا في صفوف الح.ط بوجدة...الخ. إن هذه النضالات الكبرى كانت تصطدم بالحصار الإعلامي الذي مارسته الصحافة الوطنية وباستسلام النهج البيروقراطي الكلي، وبالتراجع والانكماش في الشارع السياسي... وبالركود العام على مستوى المواقع الجامعية الأخرى، مراكز البيضاء، الرباط،... الخ. الشيء الذي شرع التراجع حول مهام نضالية، تنظيميا ونقابيا 1986-1987 وخلق تناقضات داخل القاعدة الطلابية المناضلة حول هذا التراجع . النهوض الجماهيري 1988-1989/1992-1993 : - مساراته و معيقاته – في سنة 1988-1989 بدا جليا أن الح.ط.م قد شرعت في انطلاقة جماهيرية جديدة متجددة بتراكماتها النضالية للسنوات السابقة، شاحدة طاقتها الكامنة لكسر الحصار المفروض عليها من كل الجهات ولاختراق سنوات التراجع وافتتاح مسار استنهاضي عارم. فلقذ شنت الح.ط نهوضها ذاك انطلاقا من المعارك النقابية الكبرى لسنة 1988-189 والتي مثلت بحق فاتحة جديدة من نضالاتهاالمتواصلة ففي هذه السنة بالذات ستدخل الح.ط في كل من فاس ووجدة معركة نقابية مصيرية، افتتحت بها الموسم الجامعي للسنة المذكورة هي معركة استرجاع المطرود، والتي انطلقت تحت شعار نضالي واضح ودقيق فتح أبواب التسجيل بدون قيد أو شرط، هكذا ستبدأ المعركة في كلية العلوم بوجدة انتزاع مطلب فتح أبواب التسجيل حتى انكسرت كل الكوابح المعنوية التي سيطرت ما بين 86-1988 وبدا بكل وضوح وجلاء أن التوجه الاستنهاضي قد بدأ شق طريقه العصي، وأنه رهين في تقدمه وتجذيره بشحد الطاقات النضالية للتصدي للأوضاع التعلمية والمادية والديمقراطية وقد تدعم هذا التوجه الاستنهاضي بإحقاق جماهير كلية الحقوق بوجدة مطلب التسجيل الشيء الذي أعطى دفعة معنوية على المستوى المحلي كما على المستوى الجماهير الصامدة بفاس، وهو الصمود المتوج بانتزاع مطلبها في تسجيل المطرودين بعد ان اضطرت إلى مقاطعة الشطر الأول من امتحانات سنة 1988-1989 في إطار صمود رائع لم تهزه ديماغوجية وتلاعب الإدارة ولا التهديدات القمعية ورغما عن التشكيك في المعركة ذاتها وفي مصيرها والتي لم تنل هي الأخرى لا من معنوياتها ولا من مصداقيتها النضالية، وإذا كان للجماهير الطلابية في كل من فاس ووجدة الفضل في تكسير الكوابح وإطلاق شرارة النهوض الذي سجل في باقي المواقع الجامعية بفتحها معارك نقابية حاسمة، فإن المواقع الأخرى التي كانت تشهد هي الأخرى ديناميتها النضالية، قد اتجهت ذات الاتجاه حيث أضحى شعار فتح أبواب التسجيل بدون قيد أو شرط معمما بسرعة فائقة، على الخصوص في كل من مكناس وتطوان والقنيطرة ومراكش والبيضاء....إلخ ففي القنيطرة خاضت الح.ط معركة طويلة النفس توجتها بإحقاق مكاسب مادية تعليمية وديمقراطية خاصة بعد تعنت طويل وتلاعب بمصير الطلبة من لدن الإدارة. وفي الجديدة خاضت الح.ط في هذا الموقع النضالي الفتي معارك متنوعة استطاعت من خلالها أن تفرض ذاتها وتغرس راية أوطم، وتحقق مطالب جزئية هامة، بل ودعت لجنتها التمثيلية –بمثابة تعاضدية- إلى العمل الدؤوب من أجل هيكلة أوطم وطنيا. وفي مواقع أخرى مثل مكناس تطوان مراكش الرباط... إلخ يتفاوت طبعا، فقد شهدت الحركة الطلابية دينامية استنهاض جلي خاصة في الشطر الثاني من الموسم الجامعي 1988-1989. ومع شهر فبراير من نفس السنة سيتعمق هذا التوجه الاستنهاضي بفتح النقاشات الطلابية حول آفاق النضال الطلابي، وهي نقاشات عبرت عن حيوية حقيقية ومتناهية، مست كل الجوانب النقابية منها والتنظيمية والديمقراطية والثقافية لتتوج بصياغة الملفات المطلبية وتشكيل أنوية تنظيمية تمثيلية حوارية... في إطار معارك نضالية دامت ليل نهار في وجدة مثلا –الاعتصام- ولتجني أوطم ثمار تضحياتها بإحقاق مكاسب هامة. وأمام العجز الواضح للنظام والإدارات في امتصاص هذا النهوض أو إيقافه، عمد إلى كسره عن طريق إلغام الساحة الجامعية بالتراجع وعن المكاسب في آخر السنة ا لذي دفع بالجماهير الطلابية إلى خوض معركة آخر ساعة، معركة المقاطعة والتي أبانت عن قوة الح.ط.م من جهة، كما أبانت مرة أخرى عن الحقد الدفين الذي يكنه النظام للح.ط.م ولمنظمتها وخوفه المتنامي من استرجاع قوتها وعنفوانها النضاليين في الساحة الجماهيرية. ليدشن النظام حملة قمعية شرسة بمباركة القوى الظلامية التي جعلت من صفحتها الصفراء أداة خيرة لمباركة القمع واجتثاث المناضلين حتى يتسنى لها اختراق الح.ط بدعايتها المسمومة ضد التوجه الكفاحي للمنظمة، ولقد عبرت جريدة "الإصلاح" التابعة لجماعة بنكيران العميلة والفاحشية عن هذا الخفي تجاه الح.ط. وفي ذلك الوقت عبر حزب التقدم والاشتراكية، عن حقده الدفين تجاه الطلبة القاعديين. وجعل المعركة محطة لتصفية حساباته مع هذا النهج المناضل وقد وصل به حقده إلى حد الطعن في المطالب النقابية المرفوعة... وفي السنة الموالية سيتصدر شعار التنظيم عموم الح.ط وخطواتها النضالية، وستنبثق اللجان التمثيلية وتعمم على المستوى الوطني والتي طرحت على عاتقها المهام النضالية التالية : - التأطير النضالي النقابي - التأطير التعبوي الثقافي - التنسيق فيما بينها لفرز إطار التنسيق الوطني وعقد المؤتمر الاستثنائي غير أن مهام اللجان قد تعثرت كما تشهد على ذلك الأجواء النضالية الحالية للح.ط.م وذلك لتفاعل العاملين الموضوعي والذاتي. فعلى المستوى الموضوعي : شن النظام حملته القمعية من أجل إيقاف هذا المسار النضالي بكافة الأشكال، دعمته القوى الظلامية بهجوماتها الفاشية على الح.ط ومنظمتها محاولة الاختراق، وخالقة لجانها المشبوهة... إلخ. فعلى المستوى الذاتي : بقاء الأشكال التنظيمية عند حدود الفوقية بشكل متفاوت طبعا، بل أن بعض المواقع التي سارعت إلى إنجاز هيكلة أكثر صلابة على المستوى المحلي، كوجدة مثلا التي صادق التجمع العام في بداية الموسم الجامعي 92-1993 على اقتراح الهيكلة القاعدية مازال يعطل من طرف النهج البيروقراطي. وكالرباط مثلا حيث أن الدعوة لإنجاز خطوات نضالية على طريق إعادة بناء قاعدي، مازالت تعرف المساومة والتعطيل، من لدن البيروقراطية التي تدور دفاعا عن لجان فوقية النخاع.
أزمة الحركة الطلابية المغربية
- طبيعتها، - أبعادها التاريخية، - مضاعفاتها الراهنة، - و الآفاق النضالية لتجاوزها.
أزمة الحركة الطلابية المغربية: طبيعتها- أبعادها التاريخية و مضاعفاتها الراهنة و الآفاق النضالية لتجاوزها. تجتاز الح.ط.م أزمة صعبة، تظافرت عوامل عدة و تداخلت في سبك خيوطها و تعمقها حتى وصولها إلى ما هي عليه الآن من تردي و استفحال على المستويات الموضوعية كما على المستويات الذاتية. و الحال أن مهمة تجاوز و تذليل هذه الأزمة، ان كانت هي الأخرى مهمة صعبة و شاقة فإنها ليست مستحيلة أكثر من ذلك، أنها مهمة راهنة و مستعجلة، غير قابلة للتأجيل تحت كافة الذرائع و التبريرات، كما تتطلب تجاوز الحلول الترقيعية الفوقية التي لم تزدها في آخر المطاف إلا تعمقا. فالمهمة مفروضة بحكم الضرورة النضالية لأن المسار النضالي لاطم و مصير الح.ط.م برمته تحديات انضافت إلى تلك المتراكمة و نقصد بذلك التحدي الذي تمثله القوى السياسية الظلامية كرقم سياسي يعمق من أزمة الح.ط.م باستهدافاته المعروفة- خطابا و ممارسة- و التي تضع نصب أعينها مهمة إقبار الح.ط.م منظمة و جماهير الشيء الذي يدفعنا إلى التأكيد على أن السيرورة النضالية للح.ط.م مفتوحة بدون تردد على تجاوز الأزمة و التصدي للمخططات التصفوية بكافة ألوانها، مادام أي تعطيل أو تخاذل في هذا الشأن لن يزيد الأزمة إلا تعمقا و استفحالا و ما دامت الحلول الترقيعية الفوقية و الانتظارية لن تخدم في آخر المطاف و أوله إلا الأهداف المشينة و التصفوية لأعداء الح.ط.م و منظمتها، و تمنح لهم فرص الانقضاض و الاختراق.
غير أن سؤالا جوهريا ينتصب بهذا الخصوص: هل مهمة تجاوز الأزمة ممكنة الإحقاق و قابلة للإنجاز؟ أم هي فقط رغبة ذاتية وإرادية تتكسر على صخرة الواقع المتردي و العنيد و من ثمة فإن آفاق الح.ط.م مظلمة لا مخرج لها؟... إن القول باستحالة تجاوز الأزمة، أو تعطيل مهمة التجاوز و سلك الانتظارية و المهادنة يعني مباشرة التسليم بقدرية الوضع الراهن، و يفضي إلى التفريط و الاستسلامية المقيتة و الغريبة عن تقاليد الح.ط.م نفسها، فضلا على ان القول باستحالة تجاوز الازمة او نهج اسلوب الانتظار والترقيع ينم عن جهل فاقع بالطاقات الكامنة لدى الح.ط.م و إمكانياتها في مجابهة و تجاوز الصعاب. ففي الاتجاه المعاكس لأية تبريرات أو أساليب الترقيع- المتحجبة وراء الذرائع المختلفة- نؤمن إيمانا قويا بقدرات الح.ط.م على أداء المهمة المركزية بتجاوز الأزمة التي تخترقها و لتفتح آفاق نضالية مستقلة أكثر صلابة و تجذرا، و ما ذلك على حركة صمدت في وجه الأعاصير بعسير و لنا في المعطيات التالية قاعدة إسناد حقيقي و دامغ. تلك المعطيات التي لا ترشح فقط إمكانية تجاوز الأزمة، بل تؤكدها بالقطع. فمن جهة أولى: بالرجوع إلى التاريخ النضالي للح.ط.م ذاتها نلمس بالكثير من الوضوح أن هذه الأخيرة قد استطاعت تجاوز أزمتها في أحلك الظروف، و استطاعت دوما كسر أطواق العوامل الكابحة لنموها و تجدرها، سواء كانت العوامل موضوعية أو ذاتية يصدق القول مثلا على المرحلة التي أعقبت القمع الوحشي لانتفاضة 23 مارس 1965 المجيدة... و خرجت أكثر قوة و صلابة و تجدرا... و سنعود إلى ذلك بتفصيل. و من الجهة الثانية: لازالت الح.ط.م تحتفظ رغم كل الظروف الصعبة القاسية بتقاليدها النضالية و حضورها القوي على عكس الكثير من الحركات الطلابية العربية مثلا و التي تفتتت تقاليدها النضالية، و استطاعت الحركات المعادية أن تجهز عليها... و هذا ما يشكل صمام أمان و صخرة تنكسر على صلابتها كل محاولات الفشل و الاجتثات و التشويه و التقسيم... و من جهة ثالثة: فإن توفر الح.ط.م على رصيد نضالي للتوجه الديموقراطي الجماهيري الصلب و الذي يشكل بحق العمود الفقري للح.ط.م شريطة أن يتمسك بقوة بتوجهه الأساسي في توحيد و تنظيم و توجيه الح.ط.م بدل الإنزلاقات و المحاولات الفاشلة المطبوعة حتى النخاع بالفوقية و البيروقراطية المقيتتين السائدتين. و من جهة رابعة: فإن احتدام الصراع الطبقي المترافق بالنهوض الجماهيري في المرحلة الراهنة، يشكل قاعدة إسناد و خلفية أساسية لتجدير النضال الديموقراطي الجماهيري عامة و ضمنه النضال الديموقراطي الجماهيري للح.ط.م في وقت تتعمق فيه الأزمة الاقتصادية و الاجتماعية و تنعكس مباشرة على الجماهير كل الواجهات و الأصعدة، و في وقت يظهر بالوضوح التام المحاولات الديماغوجية الترقيعية لشل و إيقاف النضال الجماهيري من طرف النظام، لم تستطع الوصول على مبتغاها و إحقاق هدفها. و إذا كان النضال الجماهيري لم يأخذ حتى الآن مداه و أبعاده المطلوبة، فإن ذلك راجع إلى تهافت القوى الإصلاحية على فتات العوائد السياسية الملغومة، و كذا الضعف البين للبديل الجماهيري الديموقراطي الجدري الذي من الضروري أن يكثف التوجيه و الممارسة النضالية لتجاوز هذا المأزق، تأطيرا و تنظيما للجماهير الشعبية و قيادة لنضالاتها من القاعدة إلى القمة. و من الجهة الخامسة: فإن الشروط الدولية الراهنة ترشح الحركات الطلابية لتلعب أدوارا نضالية تقدمية كما كانت دائما إلى جانب الطبقات و الفئات التي يصعقها النظام البربري العالمي الجديد، إذ أن الأدوار النضالية للح.ط.م لم تنته كما بشر بذلك العديد- انظر حوار مع فتح الله و لعلو في مجلة على الأقل- بل هي مطالبة موضوعيا بالاصطفاف إلى جانب كل القوى التحررية و الديموقراطية للتصدي للنظام البربري الجديد الذي يعد استمرارا لنظام الاستعمار الجديد، و للاستعمار المباشر... فلا شيء تغير في الجوهر، بل هناك مسلسل تعميق الاضطهاد و الاستغلال تحت إشراف الإمبريالية الأمريكية و الطبقات المندمجة بها. و من ناحية سادسة و أخيرا: فإن الأوضاع القومية و قضاياه الأساسية التي ارتبطت بها الح.ط.م تعرف مسلسلا تصعيديا، أكثر من ذلك فإن الفرز يتعمق أكثر بين القطبين الرئيسيين الجماهير الشعبية و عدوها التاريخي الثلاثي الإمبريالي و الصهيونية و الرجعية، مما يطرح تعميقا مقابلا لمسلسل الانخراط في النضال من أجل التضامن الفعلي المادي و المعنوي ضد هذا الثلاثي. إن المعطيات التي تم رصدها، سواء الداخلية أو المحيطة بالح.ط.م تؤكد إذن ضرورة النهوض النضالي لتجاوز الأزمة، و فتح آفاق نضالية ارحب واكثر تجدرا للخروج من الأزمة و ذلك على قاعدة النضال الديموقراطي الجماهيري. I- طبيعة الأزمة: نسترشد في تحديد طبيعة أزمة الح.ط.م بالتحليل السديد الذي بلوره الطلبة القاعديون ط.ق في هذا الشأن. ذلك أنه و رغم المستجدات و التطورات التي شهدتها الح.ط.م و محيطها الخارجي، لم تتغير طبيعة هذه الأزمة، بل الواقع الراهن نفسه بمستوياته الموضوعية و الذاتية، يؤكد بالملموس صحة و سدادة تحليل ط.ق و يضفي عليه علمية و نضالية، مما يرشحه إلى أن يكون سلاحا نفاذا في أيادي الج ط، لفهم أوضاعها و شروطها النضالية، و تحديد مسبباتها و عواملها و انشقاق المهام الملموسة لها و الآفاق الواعدة لنضالاتها... فما هو جوهر تحليل ط.ق لازمة الح.ط.م؟ يميز ط.ق بين مستويين فاعلين في تأزم الح.ط فمن ناحية أولى هناك الجوانب الموضوعية و من الناحية الثانية نجد المستوى الذاتي و يؤكد تحليل ط.ق كما يستحضر الجدلية القائمة بين المستوى الموضوعي و المستوى الذاتي، ذلك أن التمييز بين المستويين لا يهدف إلى عزل هذا عن ذاك، أو إغفال التأثير المتبادل بين المستويين. لنبدأ أولا بتحديد العوامل الموضوعية في أزمة الح.ط.م ثم بعد ذلك نمر إلى المستوى الذاتي لنصل أخيرا إلى الجدلية القائمة بينهما. أ-المستوى الموضوعي في أزمة الح.ط.م: يتمثل المستوى الموضوعي في أزمة الح.ط.م في جانبين مترابطين لا يمكن الفصل بينهما فمن جهة أولى السياسة التعليمية الطبقية التصفوية للنظام و هي السياسة التي تنعكس مباشرة على الأوضاع المادية و المعنوية و التعليمية للح.ط.م و من جهة ثانية القمع و محاولات اجتثات الح.ط المناضلة و تركيعها عبر الأساليب المتراوحة بين الحظر بأشكاله القانونية و العملية و ضرب حرية العمل النقابي و الثقافي و الاعتقالات و العسكرة... مرورا بالمحاولات المتعددة لإيجاد البدائل المشبوهة عن أ.و.ط.م ووصولا إلى الحرب الفاشية الإيديولوجية ضد توجهه التقدمي المناضل. إن هذا النضال الموضوعي يعبر عن التناقض الأساسي بين الح.ط ، كجزء من الجماهير الشعبية، و الطبقات السائدة و أعداء الحركة الطلابية بمختلف مشاربهم و ألوانهم. و تظهر تجليات المستوى الموضوعي لازمة الح.ط.م بالملموس فيما يلي: 1-القمع و الإرهاب الذي تعرضت له الح.ط و ما تزال، و الذي تراوح ما بين الاعتقالات و المتابعات و المحاكمات الصورية و أحكام الإعدام و الاستشهادات و ضرب حرية العمل النقابي. 2-محاولات ضرب أوطم و اجتثاته عن طريق الحظر، أو عن طريق إيجاد بدائل مشبوهة باءت كلها بالفشل، انطلاقا من الاتحاد العام الذي يوجد فقط في مقرات و أدهان حزب الإستقلال ) و الذي يراد اليوم تمرير الاعتراف به و تشتيت الح.ط انطلاقا من مصالح و حسابات حزبية ذاتية لا علاقة لها بالوحدة النضالية للح.ط و هي الوحدة المجسدة تاريخيا و نضاليا في إطار اوطم الممثل الوحيد التاريخي و الشرعي للح.ط.م بالداخل و الخارج( مرورا بظهير 1975 السيء الصيت و الذكر، و مراسيمه التطبيقية القاضية بخلق تعاضديات و مجالس أحياء إدارية بديلا عن اوطم و التي واجهتها الح.ط في حينها 1975-1976 و مرورا أيضا بمحاولات الأحزاب الرجعية خلق تنظيمات تضرب اوطم كالحركة الشعبية و الأحرار... و وصولا إلى الحركات الظلامية التي كانت تهاجم اوطم و تدعو لتصفيته، قبل أن تحاول إيجاد بدائل تمثلها، أو مغازلة الاتحاد العام لحزب الاستقلال مند اواسط الثمانينات ثم الانتقال الى محاولة ضرب اوطم عن طريق تصفيته من الداخل منذ نهاية الثمانينيات. 3-السياسة التعليمية التصفوية و الطبقية للاستعمار الجديد ونظامه السياسي والمتمثلة في ضرب وتقليص وحرمان الالتحاق بالجامعة عبر جميع الحواجز والتي تمثل فيها بنود الطرد الرقم المنفجر، مرورا بالنظام البيداغوجي الفاسد والتصفوي سواء على صعيد الامتحانات أو المواد المدرسية ووصولا إلى المضامين الرجعية التي تحفل بها المقررات... دون أن نغفل أوضاع التجهيز والتأطيرالتي تزداد ترديا و استفحالا. 4-الاجهازات المتتالية على الحقوق المادية للج.ط. و مكتسباتها في المنح و السكن و التغذية و النقل، عملا بتوصيات الدوائر الإمبريالية. 5-القبضة الحديدية على الجامعة المغربية، و تصفية مكتسباتها، حيث تداس حرمتها و تعسكر و حيث يتعمق مسلسل ضرب استقلالية و ديموقراطية الجامعة..الخ. هذه بتركيز شديد التجليات الواضحة للمستوى الموضوعي في أزمة الح.ط.م فماذا عن المستوى الذاتي؟ ب- المستوى الذاتي في أزمة الح.ط.م: في مقابل المستوى الموضوعي و تجلياته يضع تحليل ط.ق اليد على المستوى الذاتي في أزمة الح.ط.م، معتبرا أن الأزمة في جانبها الذاتي هي أزمة التوجه البيروقراطي المهادن و الذي ساد منذ نهاية السبعينيات و كرسته بالذات مقررات و قيادة المؤتمر السادس عشر المنعقد سنة 1979 حيث تم تسييد و فرض- خريطة تنظيمية تمركز القرار في المستويات الفوقية- التعاضديات على حساب مجالس الطلبة و لجان الأقسام محليا، و للجنة التنفيذية على حساب لجنة التنسيق الوطني وطنيا، الشيء الذي جعل التوجيه النضالي أبعد ما يكون عن جماهير أوطم مما أثر- سلبا على جماهيرية الإطار و استقلاليته و ديمقراطيته. و في الجانب الأول: رهنت قيادة المؤتمر السادس عشر التوجه النضالي لاطم بالشعارات الزائفة و الديماغوجية، من "سلم اجتماعي" و "مسلسل ديموقراطي" و "اجتماع وطني" و هي الشعارات التي شكلت الغطاء الإيديولوجي و السياسي للنظام ليشن حربه الطبقية ضد الجماهير الشعبية و ضمنها الح.ط و الحصيلة معروفة على كل المستويات حيث تعمق الاستبداد و الاضطهاد بكافة أشكاله... و في الجانب الثاني: انتهجت قيادة المؤتمر 16، في إطار رهاناتها الخاسرة على المسلسل الديموقراطي المزعوم صمتا رهيبا. حول معضلة أساسية من معضلات الح.ط و تعني مطلب ديموقراطية و استقلالية الجامعة، حيث لم تبلور مواقف واضحة و خطط نضالية تصديا لظهير 1975 و مراسيمه التطبيقية الذي لا يمس ديموقراطية الجامعة و استقلاليتها فقط، بل يمس مباشرة اوطم. إذ تنص على التعاضديات الإدارية كبديل عن أوطم. و في الجانب الثالث: و بسياسته و توجهه الشوفيني و تحت غطاء ديماغوجية الإجماع الوطني عزلت قيادة 16 اوطم عن المنظمات الطلابية التقدمية العالمية مختلقة صراعات و مفتعلة الخلافات، الشيء الذي حرم الحركات الطلابية العالمية من اوطم. الذي شكل أحد تنظيماتها الأكثر صلابة و فعالية و مصداقية كما حرم اوطم و جماهيره من الدور الاسنادي و التضامني للحركات الطلابية العالمية في حرب التصفية التي شنها النظام عليه منذ انتفاضة 1981. و لقد استكمل التوجه البيروقراطي المهادن مسلسل الأزمة الذاتية في المؤتمر 17 بانسحابه من الساحة النضالية و إلى حدود أواخر الثمانينات. و منذ فشل آخر مؤتمر للح.ط.م ظلت تراوح مكانها مدا و جزرا و لم تستطع حتى الآن تجاوز الأزمة بإعادة بناء المنظمة بناءا صلبا، يمكنها من فرض قوتها الكمية و النوعية في الساحة النضالية، إحقاقا لمطالبها و تصديا للمخططات التي تستهدفها و انخراطا ديناميا في نضالات الجماهير الشعبية ( الج.ش). ج-جدلية الموضوعي و الذاتي في أزمة الح.ط.م: إن تحليل ط.ق إذ يميز بين المستوى الموضوعي و المستوى الذاتي في أزمة الح.ط.م فإنه لا يضع سورا صينيا بين المستويين المذكورين، بقدر ما يؤكد على جدلية التفاعل و دينامية التأثر و التأثير بينهما هذا من جهة، و من جهة ثانية فإن تحليل ط.ق إذ يركز على الجدلية بين المستويين، فإنه يؤكد أيضا على استقلالية كل واحد منهما عن الآخر ذلك أن المستوى الموضوعي من الأزمة يعبر عن التناقض الأساسي القائم بين الح.ط.م و بين السياسة التعليمية و القمع و محاولات الاجتثات ألا و هي عوامل خارجية بينما يعبر المستوى الذاتي عن التناقضات الثانوية التي تخترق صفوف الح.ط.م و إذا كان تحليل ط.ق. يخلص في تعاطيه مع المستوى الموضوعي إلى ضرورة النضال الجماهيري الحازم و عدم المهادنة أو التخادل مع أعداء الح.ط.م فإنه و على المستوى الذاتي، يعمل على معالجة أزمتها بالحفاظ على وحدتها و في إطار صراع داخلي يطور الممارسة النضالية، و ذلك في إطارمنظومته التابثة الشهيرة- وحدة- نقذ- وحدة- الوحدة على أساس مصلحة الحركة، و الوحدة على أساس برنامج نضالي، و ليست وحدة توزيع المقاعد و الحسابات السياسية الضيقة مع النقد الجماهيري لكل مس بحق الطلبة في التقرير و التسيير أو التخاذل في مواجهة مخططات أعداء الح.ط.م. كما أن تحليل الط.ق يؤكد على أنه كلما كانت الشروط الذاتية التوجيهية و التنظيمية و النضالية صلبة قاعدة و قمة، كلما استطاعت الح.ط التصدي المضفر للازمة الموضوعية و انعكاساتها على المستويات المادية و التعليمية و الديموقراطية للح.ط و كلما كانت تلك الشروط متوفرة كلما استطاعت الح.ط لعب أدوارها في معارك و نضالات الجماهير الشعبية و مساندة حركات التحرر. و إذا كانت المستويات الموضوعية من الأزمة ثابتة، تتعمق أو تأخذ أشكالا متعددة، فإن المستويات الذاتية للازمة ليست قدرا محكوم على الح.ط الدوران في حلقتها و التاريخ الطلابي شاهد على ذلك، و من ثمة يستخلص ط.ق أنه لا مجال للاستسلامية وراء ضرورة العوامل الموضوعية و ثباتها الجهد كل الجهد ينبغي أن يتوجه إلى تصليب الح. من القاعدة إلى القمة على كل المستويات التنظيمية، و الثقافية، و النقابية و الديموقراطية. II- السياق التاريخي للأزمة الراهنة: سبقت الإشارة أعلاه إلى أن الأزمة الراهنة للح.ط.م تمتد جذورها إلى نهاية السبعينيات و التي كرسها التوجه البيروقراطي المهادن و عمقها فشل المؤتمر السابع عشر و ما تلاه و رافقته من تدهور ذاتي للح.ط. و هجومات شرسة شنت عليها من طرف النظام على كل الواجهات الديمقراطية والتعليمية والمادية غير أنه وقبل التدقيق في الأزمة الراهنة بملابسات تشكلها، والمحاولات الأساسية للخروج منها والمسار الانحداري التي سارت فيه حتى الآن، من الضروري التطرق إلى الأزمات السابقة في تاريخ الح.ط.م. لتستطيع جماهير اوطم حمل مشعال النضال الصلب وتستكمل طريق النضال عهدا ووفاء للأجيال الشامخة السابقة من جهة أولى، وكضرورة لا محيد ولا بديل عنها من أجل احقاق مطالبها على كافة المستويات والانخراط الواعي في المسلسل الحقيقي الوحيد، مسلسل نضالات الشعب المغربي التواق إلى التحرر والانعتاق السياسي والثقافي والاجتماعي والاقتصادي. فالأزمة الراهنة هي ثالث أزمة دخلتها الح.ط.م من الاستقلال الشكلي وتأسيس منظمتها اوطم، الأزمة الثانية هي التي أعقبت انتفاضة 23 مارس 1965 أما الأولى فهي التي ترافقت مع التأسيس حتى نهاية الخمسينات. 1- أزمة المرحلة التأسيسية: لقد كان تأسيس اوطم هذا المكسب التنظيمي التاريخي والهام، معرضا للإجهاض في صميمه وصلبه في المرحلة الممتدة من سنة الميلاد 1956 حتى نهاية الخمسينات ذلك أن المنظمة في هذه المرحلة كان عليها أن تحفظ طريقها وتموقع ذاتها في ظل مستجدات الأوضاع التي اعقبت الاستقلال الشكلي وبناء ركائز الاستعمار الجديد. كما كان على جماهير المنظمة أن تحدد طبيعة المنظمة. إما أن تكون مستقلة وجماهيرية وديمقراطية وتقدمية أو أن تصبح منظمة صفراء بديليتها للنظام من جهة ولأقوى حزب في الحركة الوطنية، حزب الاستقلال من جهة أخرى، وبالفعل كانت القيادة المتحكمة في اوطم تتجه نحو تصفية المكسب التنظيمي، بتحويله إلى منظمة فارغة من أي مضمون نضالي، فاقدة لاستقلاليتها تجاه النظام حيث وضعت الرئاسة الشرفية في يد ولي العهد آنذاك، و فاقدة لاستقلاليتها أيضا اتجاه حزب الاستقلال في محاولة لجعل اوطم موقدا لتصريف سياسة "الوحدة الوطنية" و التصفيق للمواقف السياسية للحزب التي أملتها سياسة"الوحدة الوطنية" تلك. فكيف خرجت اوطم من هذه الأزمة التي كانت تخترقها و التي كانت تعبر في الصميم و العمق عن المفارقة التالية: الح.ط يفرض موقعها الاجتماعي موقعا نضاليا حازما ضد الاستعمار الجديد إلى جانب الجماهير الشعبية، و هي أيضا تعبير عن المصالح المشتركة للفئات التعليمية المؤطرة داخل اوطم مما يفرض أن تكون هذه الأخيرة، مستقلة عن الأحزاب و النظام، و بين الخط التوجيهي الأصفر الذي حاولت قيادة الحركة الوطنية فرضها على التنظيم الطلابي الحديث الميلاد... إن الشروط و التحيثيات العامة و الخاصة التي كانت وراء خروج الح.ط.م منتصرة في هذه المرحلة، تجاوزت الأزمة الناشئة منذ الولادة هي كما يلي: 1-إن سياسة "الوحدة الوطنية"المزعومة و التي شكلت اسمنتا إيديولوجيا و سياسيا ربط الطبقات السائدة بالبرجوازية المتحكمة في الحركة الوطنية و التي جرت إليها فئات عريضة من البرجوازية الصغرى، هذه السياسة لم تصمد أمام ضراوة الواقع الموضوعي، و إفرازاته الطبقية، و تعرضت إلى ضربات قوية لتترك المجال يتضح باضطراب أمام الجماهير الشعبية و قواها المناضلة، على أن فرزا طبقيا متناميا و متصاعدا بين الطبقات التي ستشكل عماد الاستعمار الجديد. البرجوازية الكمبرادورية و الملاكين العقاريين الكبار، و بين مجموع الجماهير الشعبية من عمال و فلاحين و طلبة...الخ. إن الصفعات القوية التي تلقتها سياسة و استراتيجية "الوحدة الوطنية" قد وصلت ذروتها سنة 1970 حين طرد النظام حكومة عبد الله ابراهيم بعد تمكنه السياسي و تصفيته لجيش التحرير و المقاومة، و تصفية انتفاضة1958-1959 بالريف... و بعد أن تمكنت القوى الطبقية السائدة حتى الآن من استجماع قوتها. و كان طبيعيا أن ينعكس هذا الفرز، و هذا الاستقطاب الطبقي على الح.ط.م و أن تتعرض سياسة "الوحدة الوطنية" إلى ضربات نقدية و تجاوزية داخل الصف الطلابي. 2-لقد استتبع الفرز الطبقي فرزا سياسيا و تنظيميا هاما، حيث أعلنت العناصر الراديكالية داخل حزب الإستقلال عن طلاقها مع هذا الأخير مشكلة الاتحاد الوطني للقوات الشعبية بقيادة الشهيد المهدي بنبركة و رجالات المقاومة و جيش التحرير الذين لم يستطع النظام شراء ضمائرهم أو تصفيتهم إضافة إلى القيادة النقابية للاتحاد المغربي للشغل و كان الحزب الوليد سنة 1959 تعبيرا عن السخط الذي أصاب البرجوازية الصغرى و الخيبات التي لحقتها بعد سكرة إيكس ليبان و التي لم تدم إلا سنوات قليلة. و لقد أثر هذا الحزب في بداية الستينيات على الوضع السياسي في المغرب بسبب مواقفه الراديكالية من الحكم، حيث اتجه البعض منه إلى حمل السلاح للنضال ضد النظام، و طبيعي أيضا أن تتأثر الح.ط بهذا القرار السياسي خاصة و أن للحزب قاعدة طلابية أساسية داخل اوطم. 3- و على المستوى الطلابي ذاته، فقد لعب التوسع المضطرد لجماهيرية ا و ط م والتي كانت تضم آنذاك بالإضافة إلى التعليم العالي بالداخل والخارج مجموع الجماهير التلاميذية. ولقد كان التوسع كميا ونوعيا أيضا، إذ أن النظام ما كان بإمكانه في المرحلة التي أعقبت الاستقلال الشكلي مباشرة وقبل أن يعيد هيكلة وتصليب ذاته، لم يكن بوسعه إقفال أبواب التعليم، بل أقر تكتيكيا مبدأ تعميم التعليم ، في إطار ما يعرف بالمبادىء الأربعة للجنة الملكية الصادرة سنة 1957 والقاضي بتعميم التعليم وتعربه وتوحيده ومغربة أطره. إن التوسع كان نوعيا حيث التحقت أفواج أبناء الجماهير الشعبية الكادحة بالتعليم بعد ان ظل محصورا و مقننا في مرحلة الاستعمار المباشر. و هو ما أعطى دفعة قوية لاطم و جماهيره الطلابية و التلاميذية في الستينيات. و بالفعل استطاعت الح.ط.م أن تكسر طوق أزمة المرحلة التأسيسية، في سيرورة ابتدئها المؤتمر الرابع في أكادير و كرسها بحزم ووضوح مؤتمر الطلاق كما اسمته الحركة ط. و هو المؤتمر السادس سنة 1961 و جاءت الممارسة النضالية و مقررات المؤتمرات التالية لتعكس خروج المنظمة الفتية من أزمتها الأولى، و هي الأزمة التي كانت ترهن مسارها مكرسة خطا تقدميا لا رجعة فيه، سيتعمق بعد ذلك منذ المؤتمر الثالث عشر بالأساس ليصل ذروته في المؤتمر الخامس عشر. ب-الأزمة الثانية في تاريخ الح.ط.م: تتزامن نشوء ثاني أزمة في تاريخ اوطم بالقمع الشامل و التصعيد الإرهابي الذي طال الجماهير الشعبية في أواسط الستينيات بعد القمع الوحشي للانتفاضة المجيدة في 23 مارس 1965 و كذلك بالعجز الذي كان يتضح يوما بعد يوم وحدثا بعد الآخر،للخط النضالي السياسي الدي طرح على ذاته التصدي لتبعات ايكس ليبان و لركائز الاستعمار الجديد، و هو الخط الذي قاد نضالات الح.ش و الطلابية منذ نهاية الخمسينيات حتى أواسط الستينيات. و كان طبيعيا أن تتأثر نضالات الح.ط بهذه الأوضاع، و بالفعل شهدت السنوات الممتدة ما بين 64-1965 إلى حدود 1968 تراجعا و جزرا ملحوظين للح.ط و مجموع الجماهير الشعبية في وقت كانت فيه أحوج ما تكون إلى توجه نضالي صلب يتصدى للهيمنة الشرسة التي تأكل من جلدها. 1-تصعيد الهجمة: بعد أن تخلص النظام من القوة الضاربة للشعب المغربي جيش التحرير و المقاومة و انتفاضة 1958-1959... انتقل إلى تصفية و ضرب الإطارات السياسية و الجماهيرية، عن طريق الإحتواء و القمع معا، الاتحاد المغربي للشغل، اوطم، الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، الحزب الشيوعي ثم تصفية التطلعات الشعبية في التحرر و العدالة والانعتاق والديمقراطية. هكذا مرر دستورا ممنوحا يكرس الحكم المطلق منذ 1962، و خاض الحرب ضد القوى الراديكالية. داخل القوى السياسية و النقابية و أعلن الحرب على الثورة الجزائرية،ودشن مرحلة التراجع العلني عن مبدأ تعميم التعليم من خلال مخطط بنهيمة ( ) الذي واجهته الح.ط والتلاميذية لتلتف حولها الجماهير الشعبية في انتفاضة 23 مارس 1965. وقد استغل النظام الظرفية تلك، بعد أن استجمع قواه الطبقية وشدد من قبضته وحسم الأمر لصالحه ودشن مرحلة قطع شامل بعد 1965 فأعلن حالة الاستثناء، وصفى أخلص المناضلين الراديكاليين وعلى رأسهم الشهيد بنبركة، واضطر للاغتراب خيرة المناضلين...مما سمح له بتوسيع نفوذه وتضخم ثروات طبقاته، وتمرير مخططاته عبر سياسة فلاحية رأسمالية تبعية لصالح الملاكين العقاريين الكبار ضد الفلاحين الفقراء، وعم الإرهاب والفساد...الخ. 2/ عجز التوجه السائد على كل الواجهات: لقد شكلت انتفاضة 1965 محكا عسيرا للتوجه السياسي السائد داخل الحركة النضالية الجماهيرية خاصة وضمنها الطلابية، ففي أجواء الانتفاضة وبعده ظهر العجز واضحا للقوى السياسية الإصلاحية، حيث عملت قياداتها على عقد مصالحها مع النظام على حساب الج.ش وعلى حساب مناضليها الراديكاليين الذين شملتهم الحملة القمعية، وعملت الطبقات السائدة على تصفيتهم ، وقد لوح النظام لهذه القيادات بإمكانية عودتها لتستلم زمام الأمور في الحكومة ...وإطلاق سراح المعتقلين...الخ كجزرة استعملها من أجل الانقضاض على النضالات الجماهيرية والمناضلين الراديكاليين الذين بقوا مخلصين لخطهم النضالي: ودشنت تلك القيادات تراجعا حتى عن شعاراتها في مواجهة تبعات ايكس ليبان. وعملت على تجميد النضال الجماهيري بما فيه النضال الطلابي، وانتهاج بيروقراطية فوقية لوقف النضالات كما انتهجت خطا مهادنا واضحا تجاه السياسات التعليمية التصفوية. هكذا تجنبت إدانة إعلان حالة الاستثناء، في مقررات المؤتمر اللاحق مباشرة للانتفاضة 1965 ولم تعمل على تطوير الخط التنظيمي، بتوافق مع التزايد الكمي وحجم التحديات المطروحة على كامل الح.ط في الظرفية العصيبة تلك. غير أنه وفي وقت كان الخط التوجيهي السائد يعبر عن عجزه المتنامي ما بين 65-68 كانت بوادر النهوض وتجاوز الأزمة التي دخلتها الح.ط تتشكل وتنمو على كل المستويات وتفاعلا مع الأحداث والمستجدات التي شهدتها الأوضاع العامة داخليا وخارجيا. فمنذ 66-67 اتجهت الشبيبة التعليمية المغربية شيئا فشيئا نحو تبني الأفكار الجدلية والماركسية منها على الخصوص، بتأثير الثورة الصينية والفيتنامية والفلسطينية ، خاصة بعد هزيمة 1967، حين انتقلت فصائل هامة ووازنة في الحركات القومية إلى مواقع الفكر الماركسي وقد اتجهت الشبيبة المغربية في البداية نحو الحزب الشيوعي ثم حزب التحرر والاشتراكية، وهو ما يفسر التوسع الكمي لهذا الأخير في سنوات 67-68 داخل القطاع الطلابي، وما يفسر تمكنه من الحصول على كم أكبر في المؤتمر 12 لا وطم قياس للمؤتمرات السابقة، ومن ثمة يترك آثاره في مقررات هذا المؤتمر، تنظيميا وسياسيا غير أن حدود الحزب وطبيعته كانت غير منسجمة مع تطلعات الشبيبة التعليمية والتي لعبت أدوارا هامة في تأسيس اليسار الجديد منذ مطلع السبعينات وقد اشتد عود البديل منذ 1969 وهو ما عكسته مقررات المؤتمر 13 على كل المستويات. ووصل ذروته مع المؤتمر 15، وبذلك يستطيع الخط الجماهيري إخراج الح.ط من أزمتها وتجدير مواقفها وتصليب منظمتها وهي المواقف التي تعتبر حتى الآن مرجعية صلبة لا محيد عنها سواء على المستوى النقابي – التعليمي أو التنظيمي أو السياسي أو التحرري العام. ج- الأزمة الراهنة للح.ط.م. إذا كانت سنوات نهاية السبعينات منبت الأزمة الراهنة – الثالثة من نوعها في تاريخ الح.ط.م والتي كرسها الخط التوجيهي للمؤتمر السادس عشر، فإن فشل المؤتمر السابع عشر قد عمقها بمضاعفاته وتبعاته المعروفة، بينما شهدت المحطات النضالية بعد فشل المؤتمر 17 نضالات ضارية لم تستطع – رغم ذلك- إحقاق مهمتها المركزية ممثلة في تجاوز الأزمة، بل وحتى النهوض العارم الذي افتتحته الح.ط منذ نهاية الثمانينات ، لم يتمكن من إنجاز هذه القفزة النضالية البنيوية المطلوبة والملحة ، حيث تشهد الح.ط.م فصلا آخر من فصول تعمق أزمتها على المستوى الموضوعي كما على المستوى الذاتي: يهم الأمر أولا استمرار القمع الوحشي والحضر العملي واستمرار الهجوم على المكتسبات التعليمية والمادية للح.ط. والهجمات الفاشية والمادية والإيديولوجية والسياسية لقوى الظلام هذا على المستوى الموضوعي، بينما يتعلق الأمر ثانيا، وفي الجانب الذاتي بالأسس الهشة الفوقية والبيروقراطية لعملية إعادة البناء المنتهجة حتى الآن، ممثلة في الأشكال التنظيمية السائدة والعاجزة كليا على استجماع وتجنيد الح.ط. وتوجيهها ، بسبب البقرطة المتفشية والحسابات السياسية الضيقة التي تتحكم فيها بل ورغم تفاوت درجات الفوقية بين الأشكال التنظيمية الهشة، ورغم المحاولات النضالية للحد من الآثار السلبية للتجربة التنظيمية الحالية في بعض المواقع فإن تلك المحاولات تبقى دون الرد الديمقراطي الجماهيري المطلوب. وحتى يتسنى بالواضح تلمس الأزمة الحالية في أبعادها التاريخية ومضاعفاتها الراهنة ومحطات تعمقها، يجدر بنا الوقوف بالرصد والتحليل عند سياق وملابسات نشوئها وتشكلها اولا، ثم التطرق إلى موقع المؤتمر 17 منها ثانيا، لننتقل إلى استحراض النضالات الطلابية وتضحيات الح.ط. للخروج من الأزمة بعد المؤتمر 17، وتحديد الأسباب والعوامل التي أعاقت إنجاز هذه المهمة حتى الآن. 1/ سياق وملابسات نشوء الأزمة الراهنة: طفحت الأزمة الراهنة للح.ط.م. على سطح نضالاتها في إطار شروط موضوعية وذاتية دقيقة منذ النصف الثاني من عقد السبعينات وكرسها كما سبق القول المؤتمر 16 لذلك سنعمد إلى ترتيب وتحليل الشروط العامة (الموضوعية) والخاصة (الطلابية) لتشكلها عملا بالمنهجية المتبعة حتى الآن. - السمات العامة لعشية نشوء الأزمة الراهنة: لقد استطاع النظام ، ومنذ سنة 1974، أن يتحكم شيئا فشيئا في الواقع السياسي وتناقضاته المنفلتة، على عكس نهاية الستينات، وبداية السبعينات على الأخص، حيث شهد اهتزازات مست كيانه الداخلي – المحاولتين الانقلابيتين- وتعمقت عزلته بترافق مع حركة نضالية تتمتع باضطراد، وتتسم بعمق وتجدر نضاليين على كل الواجهات السياسية والإيديولوجية والنقابية. فبعد الضربات القمعية القوية التي وجهها النظام للقوى المناضلة والمخلصة السياسية منها والنقابية، انتقل إلى إعادة ترتيب الوضع السياسي الداخلي وتوجيهه مستفيدا بالأساس من الشروط الدولية وانعكاساتها على المستوى الداخلي ومستفيدا ثانيا، من تلهف القيادات السياسية الإصلاحية لإجراء مصالحة ولو على حساب تضحيات قواعدها ومناضليها في السجون والمنافي، ومستفيدا ، كما تمت الإشارة اعلاه، من آثار الضربة القمعية الوحشية التي أصابت القوى المخلصة. هكذا ستنقلب موازين القوى السياسية داخليا لصالحه، ليدخل في مرحلة جديدة يتحكم فيها سياسيا وإيديولوجيا بشكل قوي، مهللا لانتصاره المرحلي ومحاولا در الرماد في أعين الجماهير الشعبية بشعاراته الديماغوجية "المغرب الجديد" "الانفتاح السياسي" "المسلسل الديمقراطي" "الاجماع الوطني" وهي الشعارات التي طفحت إلى السطح السياسي منذ 74-1975 . فما هي الشروط الدولية التي استفاد النظام منها للخروج من مأزقه وعزلته؟ وما هي علاقتها المباشرة والحميمية بالوضع الداخلي وشعاراته؟... لقد شهدت بداية السبعينات بروز استراتيجية جديدة للإمبريالية ، أرادت من خلاله إعادة ترتيب الوضع الدولي المنفلت وحل أزمتها الاقتصادية المتفاقمة منذ الستينات. • فعلى المستوى الاقتصادي: أقرت الإمبريالية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية ما يعرف بقسمة العمل الدولية الجديدة كمخرج لعجزها وأزمتها المتفاقمة في الستينات بالأساس على عكس الانتعاشات التي كانت تعرفها اقتصادياتها بعد الحرب العالمية الثانية مباشرة وقد جاءت تلك الأزمة ونشأ ذلك العجز المتضاعف كنتيجة مباشرة ومنطقية لطبيعة نمط علاقات إنتاج الرأسمالية دائما وطبيعة تراكمه هاته. إلا أن الوضع الدولي لعب دوره المحدد في نشوء وتفاقم الأزمة الرأسمالية العالمية يظهر ذلك بالملموس إذا استحضرنا الشروط التاريخية تلك، منذ نهاية الستينات – حيث استطاعت حركات التحرر الوطني توجيه ضربات وطعنات قوية للهيمنة الاقتصادية الامبريالية ولنظام الاستعمار الجديد المراد تعميقه وإرساءه، ويكفي في هذا المجال أن نشير عربيا إلى دور الناصرية وتجربة تأميم قناة السويس وما لحقها من إجراءات اقتصادية وطنية وكذا الثورة الجزائرية وأبعادها التحررية الوطنية والتجربة اليمنية، فضلا عن سوريا والعراق. ويكفي أن نشير على المستوى الأسيوي إلى الضربات المتلاحقة التي تكبدتها الإمبريالية في المنطقة المعنية ، والتي افتتحتها الثورة الصينية منذ 1949 ثم الثورة الفيتنامية ....إلخ وفي أمريكا اللاتنية استطاع النظام الثوري في كوبا أن يطلق شرارة وتوجها كفاحيين في منطقة كانت الولايات المتحدة تعتبرها وقفا.. • لقد جاءت قسمة العمل الدولية – ضمن استراتيجية شاملة- للخروج من أزمة الرأسمالية العالمية واستهدفت تعميق الاندماج والتبعية للأنظمة الرأسمالية الشابة، مشجعة بورجوازيتها الكمبرادورية، من خلال نقل بعض الوحدات الصناعية من البلدان الرأسمالية الإمبريالية إلى بلدان الرأسمالية التبعية تلك الوحدات الصناعية التي تعتبر مكلفة قوة عملها في بلدها بينما تنحصر وتتقلص إلى حد كبير في البلدان التبعية، بل وعملت على تدعيم أكثر لبعض البلدان من أجل التصنيع في إطار منافسة الشيوعية كما هو الحال في كوريا الجنوبية، الهونغ كونغ وسنغافورة ... كما استفادت من الطفرة النفطية ودمجت رصيدها المالي في إطار ماليات الشركات الاحتكارية العالمية. • وعلى المستوى السياسي: وفي مجابهة النضالات التحررية المظفرة منها أو المتصاعدة ، عملت الامبريالية على واجهتين اثنين مترابطتين، فمن جهة أولى تشجيع إقامة أنظمة تعرف بأنظمة ديمقراطية الواجهة في العديد من البلدان التبعية، لتندرج البرجوازية غير المندمجة أو الشرائح العليا من البرجوازية الصغرى نحو أوهام التطور الاقتصادي والاجتماعي والسياسي وتضعف حركات المعارضة ولتشق حركات التحرر الوطني... ولتواجه أيضا الأنظمة الوطنية في مجال الديمقراطية و التعددية، بأنظمة تبعية ليس لها ولا عليها يعمد إحقاق الديمقراطية أو التعددية الفعلية لا الشكلية . ومن الجهة الثانية عملت الامبريالية العالمية وبعد الضربات التي تلقتها على يد حركات التحرر الوطني ...،عملت على اعادة ترتيب الاوضاع الجيو-سياسية ودلك بالزج بالانضمة التبعية الى لعب ادوار دركية بجانبها ،وفي هدا الاطار بالدات نفهم بالتدقيق سياق تدخلات النظام المغربي في العديد من البلدان الافريقية .تلك الاستراتيجية الجيو-سياسية التي ساهم في بلورتها بشكل اساسي المهندس الجيو سياسي الامريكي هنري كيسنجر . وعلى المستوى الايديولوجي . شنت الامبريالية حربا ايديولوجية متواصلة ومتصاعدة باسم الدفاع عن الحرية وحقوق الانسان،ضد البلدان الاشتراكية والانظمة الوطنية يعرف مآلها الأن جيدا ويلمس يوما بعد يوم من هو في حاجة الى دلك ،انه ليس الى الامبريالية والطبقات المرتبطة بها يعهد اقرار الحرية وحقوق الانسان والدفاع عنها... والحصيلة التاريخية النقدية تؤكد حاليا ،ما كان لهده الاستراتيجية ان تنجح وتستتبع بهجمات اشرس مند بداية الثمانينات- مع ما يعرف بالليبرالية المتوحشة- ولتصل الى البربرية الحالية لولا الثغرات البنيوية التي كانت تخترق اركان نقيضها الاشتراكي و الوطني . لقد انعكست الاستراتيجية الامبريااية على الوضع المغربي داته، فلعبت دورا هاما مساعدا مي انقلاب موازين القوى السياسية لصالح الطبقات السائدة . هكدا خلقت ما يسمى آنئد " بالانتعاشة الاقتصادية " والتي لم تكن الا احدى تجسيدات الظرفية العالمية وقسمتها الدولية الجديدة .خلقت اوهاما كبرى لدى البرجوازية المتوسطة والشر ائح العليا من البرجوازية الصغرى، اد حلمت هده الخيرة باحقاق تطور وصعود اقتصادي وسياسي. هكدا هللت لسياسة المغربة واعتبرتها انجازا وطنيا. لقد سهل الوهم داك ،عملية انجرارها نحو عقد التواطؤات مع الطبقات السائدة املا في تنمية وتطوير مراكزها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ، وهو ما يفسر السرعة المدهلة التي بصمت باصابعها العشر على شعارات النظام وهرولت وفق دلك للعمل بمقتضى دستور ممنوح تكرس الحكم المطلق والتي كانت قد رفضته في 1972 وهو ايضا ما يفسر الصمت الرهيب الذي مارسته على مخططات وإجراءات جاءت تفرض القبضة الحديدية على الحريات العامة، وليس التعديلات التي مست وطالت قانون الحريات العامة في 1973 إلا إحدى وجوهها ، فضلا عن صمتها الرهيب عن التقتيل الذي كانت القوى المناضلة تواجهه ومن بينهما المناضلين الراديكاليين في صفوفها...الخ • ولقد كان هذا الوضع بحاجة ماسة إلى اسمنت أيديولوجي سياسي، وهو ما أعلنه النظام من خلال – الشعارات المزيفة المعروفة: "المغرب الجديد" "الانفتاح السياسي" "الإجماع الوطني" "السلم الاجتماعي" تلك الشعارات التي طبلت لها القوى الإصلاحية وساهمت في تعريفها بالحنكة البرجوازية المعروفة ، وراء مقولات تكتيك واستراتيجية التي فقدت كل معانيها معها ،وكذا بإشاعة الأوهام حول البصيص والهامش الديمقراطي...، بل أن البعض منها تحمل مسؤوليات حكومية في أخطر الظروف، وساهم الإجماع وتمتين الجبهة الداخلية، الأكثر من ذلك فإن بعضها قد ساهم وقاد تمرير أخطر المخططات المعادية للج.ش وحزب الاستقلال . هكذا تعدلت موازين القوى ومالت بشكل كبير لصالح الطبقات السائدة التي خرجت من مأزق وعزلة بداية السبعينات ، مدججة أكثر بالقمع الملازم لها، وبالتفاف أحزاب المعارضة البرلمانية والتقاؤها معها حول الشعارات الديماغوجية السيئة الذكر ومن ثمة تمكنت من وضعية سياسية أفضل لمواصلة وتعميق النهب والاستغلال والاضطهاد والاستبداد للجماهير الشعبية. 2/ مسار تمكن التوجه البيروقراطي المهادن وتكريس الأزمة في شقها الذاتي إذا كانت المحطة النضالية الفاصلة ما بين أواخر الستينات وسنة 1973 قد وضعت حدا للأزمة الذاتية للح.ط.م. متجاوزة الأزمة –الثانية- التي أعقبت انتفاضة 23 مارس 1965، وفتحت الآفاق الرحبة – توجها وممارسة- فإن الضربة القاسية التي تلقتها الح.ط.م. من خلال القرار السياسي بحضر اوطم في 24 يناير 1973، قد شكلت تلك الضربة، قاعدة أبطلت من خلالها الأزمة الراهنة للح.ط.م. في شقها الذاتي مشخصة في سيادة خط توجيهي بيروقراطي مهادن. لن نطيل أو نستعرض بالتشخيص والتحليل للنضالات الطلابية وملابستها في الفترة الممتدة ما بين قرار الحظر القانوني ورفع الحضر وعقد المؤتمر 16 لأن هناك العديد من الكتابات قد حللت هذه الفترة، بقدر ما سنعمد إلى تشخيص أدق للكيفية التي تمكنت فيها الأزمة الذاتية من الح.ط.م أزمة التوجه البيروقراطي المهادن. ولعل أهم ملاحظة يجب تسجيلها بهذا الشأن، تكمن في أن الأزمة الذاتية لم تتكرس دفعة واحدة، بالنظر إلى الرصيد النضالي للح.ط.م بل جاءت على دفعات و استفادت من الحملة المسعورة التي شنها النظام على القوى الجذرية... لهذا فإن سيادة التوجه البيروقراطي المهادن لم يأت دفعة واحدة، بل عبر مسارات ابتدأت مع الحملة ضد مقررات المؤتمر 15، و تحميل مسؤولية قرار الحضر للخط النضالي الجماهيري للمؤتمر 15، مرورا بإغراق الساحة النضالية بالمواقف الشوفينية، وصولا إلى الخروج عن آخر المقررات التنظيمية للمؤتمر 15، و اللعن في الخط التنظيمي القاعدي المرتكز على الدور الأساسي للجان القاعدية في الأقسام و الدور التوجيهي لمجالس الطلبة، ووصولا إلى التوقيت التعسفي لانعقاد المؤتمر 15. و ما شابه من خروقات، على رأسها رفض كلمة رئيس اوطم المناضل عبد العزيز المغترب اضطراريا. و لقد عبر النهج البيروقراطي عن مواقف متخاذلة في مواجهة ظهير 1975 و مراسيمه التطبيقية القاضية بخلق بديل عن اوطم و الذي تصدت له الح.ط و أفشلته. 2-النضالات الطلابية لتجاوزالأزمة بعد فشل المؤتمر السابع عشر: استشعارا من الح.ط.م لحجم التبعات السلبية لفشل المؤتمر 17 على أوضاعها الذاتية، و في شروط موضوعية تميزت بتصاعد قساوتها و اشتدادها من جراء تصعيد النظام لوثائر هجوماته بهدف شل الح.ط وعبر فرض الحظر العملي على منظمتها، و تمرير مخططات التخريب التعليمي... و استشعارا بالظرفية العامة المتميزة هي الأخرى بتكالب في تمرير سياسات و توجيهات الدوائر الإمبريالية القاضية بتعميق الأوضاع الاجتماعية المتدهورة للج.ش... وجهت الح.ط.م جهودها النضالية بعد المؤتمر 17 صوب إنجاح المهام النضالية القادرة حقا على تحصين ذاتها و تصليبها من جهة و التصدي للهجومات التي كانت تستهدفها من الجهة الثانية. و قد كانت المهمات النضالية، و التي شكلت محاور برنامجها النضالي للخروج من الأزمة تتمثل في ما يلي: 1-العمل على الحد من تبعات و سلبيات فشل المؤتمر 17 و آثارها على مجموع الخريطة التنظيمية لاطم و ذلك بالنضال من أجل إعادة بناء و تجديد الأجهزة التحتية على مستوى الفروع و إعطائها دينامية تأطيرية موسعة و متنامية، و كذا تفعيل الاجهزة الوطنية عبر إطلاق دينامية تأطيرية التنسيق الوطني- في توجيه و توحيد نضالات الح.ط و الدفع بالقيادة المتبقية إلى تحمل مسؤوليتها النضالية والتنظيمية وفق ملتمس إعادة الثقة الذي منحه لها مؤتمر 17 من أجل عقد المؤتمر الوطني الاستثنائي. 2-التصدي للحظر العملي الذي باشره النظام منذ 1981-1982 و ذلك بالنضال من أجل رفع العسكرة و الأواكس و الإنزالات القمعية المتتالية و وفق المتابعات و الاعتقالات و الطرد في حق مناضلي اوطم و منح المقرات و فتح الحوارات مع اوطم على المستويات المحلية و الوطنية و رفع المضايقات المتصاعدة على حرية العمل النقابي و الثقافي...الخ. 3-التصدي للمخطط التعليمي التصفوي"الاصلاح" المزعوم الهادف إلى تعميق نخبوبة و طبقية التعليم، و القاضي بإغلاق أبواب التسجيل و الالتحاق بالجامعة، و شن الطرد الممنهج عبر بنوده المعروفة، و عبر نظام الامتحانات التصفوية و عبر تكريس المواد الدخيلة بالنسبة للعديد من الشعب و التخصصات... 4-النضال من أجل تحصين المكتسبات المادية و المعنوية للح.ط في المنح و السكن و التغذية و النقل... الخ و المعرضة إلى الإجهاض المتصاعد الوتيرة في إطار التخلص من عبأ التعليم بتقليص الميزانية المخصصة له، باعتباره قطاعا غير منتج كما أوحت بذلك الدوائر الإمبريالية. 5-تكثيف النشاط الثقافي، في إطار ثقافة وطنية ديموقراطية شعبية، لتوسيع و تعميق التعبئة الجماهيرية، ورص صفوفها، و تعميق و عيها بالمخططات التي تستهدفها و قد تمحورت الأنشطة الثقافية حول اوطم، تاريخه و أزمته و التحديات التي تواجهه... و المخرج و حول أزمة التعليم و السياسة التعليمية منذ الاستقلال الشكلي مضامين "الإصلاح" التخريبي و أبعادها الطبقية و حول قضية الديموقراطية و الاعتقال السياسي... و حول القضية الفلسطينية... 6-النضال إلى جانب الج.ش تصديا و قطعا للحملة القمعية المسعورة التي أرفقت و أعقبت انتفاضة 1971 و الاستمرار في فضح الشعارات المزيفة من "سلم اجتماعي" و "مسلسل ديموقراطي" و النضال من أجل إطلاق سراح المعتقلين مدنيين و عسكريين و عودة المنفيين و المغتربين اضطرارا، و التضامن مع النضالات الشعبية من أجل مد الهجمة على مستوياتها المعاشية و الاجتماعية و الديموقراطية. 7-التضامن مع حركات التحرر و في مقدمتها الثورة الفلسطينية و الحركة الوطنية اللبنانية، اللتان تعرضتا لأكبر هجوم عسكري للتصفية سنة 1982 و مواصلة النضال تعريفا بالقضية الفلسطينية كقضية وطنية، و التنديد باتفاقية كامب ديفيد و الأنظمة الملتفة حولها، و تعرية مخاطر استراتيجية مثلا في الإمبريالية و الصهيونية و الرجعيات العربية... لقد حققت هذه المحاور البرنامجية التفافا واسعا للح.ط و هي المحاور النضالية التي سارع إلى طرحها- بعد فشل المؤتمر 17- الطلبة القاعديون كجواب حازم عن شروط مرحلة ما بعد 1981 و هي المهام النضالية التي ستلقى إسنادا من لدن فصيل رفاق الشهداء و التي ستعرف بالبرنامج النضالي المرحلي للتصدي لهجمة النظام على المستويات المادية و التعليمية و الديموقراطية إعادة بناء اوطم و عقد المؤتمر الاستثنائي لتمكين الح.ط من أداتها صلبة قاعدة و قمة و ربط النضال الطلابي بنضالات الج. ش. والتضامن الفعلي مع حركات التحرر الوطني... و هو ما جسدته و عبرت عنه مختلف. أرضيات و برامج اللوائح الانتخابية التي تقدم بها ط.ق والتي أحرزت بمقتضاها على ثقة الج.ط من مراكش إلى وجدة مجسدة مضامينها الكفاحية على مستويات ملفاتها النقابية-التعليمية-المادية و الديمقراطية –كما على مستويات نضالاتها و أنشطتها الثقافية و التضامنية. إن قوة برنامج التصدي المذكور، يأتي أولا من قدرته على ملامسة اللحظة النضالية في أبعادها الذاتية و الموضوعية أولا، و تقديم مهام محققة و حازمة كبديل في يد الجماهير الطلابية،مما جعله مشعالا لنضالات بطولية و الامكانية الحقيقية لتعبئة الج.ط ورص صفوفها النضالية للخروج من الأزمة و مضاعفاتها التى تركها فشل المؤتمر 17 . وبدون العودة المفصلة للنضالات الطلابية التي جسدت هذا البرنامج بالذات والتفت حوله ،منذ 81 -82 . والتي قدمت فيها الج.ط. تحت راية برنامج التصدي أروع امثلة التضحية والصمود ، دون العودة الى تفاصيل المرحلة الفاصلة ما بين 81 -1984 . يطرح السؤال التالي : لماذا لم تستطيع الح ط م تجاوز الازمة في هذه المرحلة ؟ لقد لعبت العوامل الموضوعية ، ممثلة في الهجمات المسعورة التي استهدفت الح ط واطارها المناضل دورا اساسيا في لجم الاندفاعة الجماهيرية و نضالتها في الفترة ما بين 81 -1984 ،ونالت من مكاسب واعاقت بالفع توجهها النضالي للتصدي واعادة البناء ومن .........خطواتها نحو تجاوز الازمة ،غير ان تلك العوامل ما كانت بالاد قادرة علا تعميق الازمة ،وما كان بامكانها احقاق اهدافها وبالحجم المعروف، لولا العامل الذاتي في اوضاع الح ط . كيف ذلك ؟ فرغم القمع الوحشي واستكمال الحصار ،بل وحالة الطوارئ والاستثناء المعلنة في الجامعة المغربية في اطار حرب شعواء من اجل تركيع الح ط م وشل مقاومتها ،رغم كل ذلك ،يشهد تاريخ الح ط م ابان هذه المرحلة بالذات ،على ان النظام لم يتمكن من توقيف نضالاتها ،او ينال من ارادتها الصعبة ،بل ان الحكم لم يكن بمستطاعه فرض اية حلقة من حلقات مخططاته دون مواجهة عنيفة ومكلفة ،وصلت في العديد من المعارك الى فرض التراجع ،مثل اعادة فتح الحوارات بعد اغلاقها وبالعمل النقابي وتجديدالاجهزة وفرض الانشطة الثقافية و الملصقات بعد منعها ،وتجميد وتجميع الاواكس. وفرض التسجيل والانتقال من الشعب وتعطل تمرير بنود الطر الى غاية الموسم الجامعي 86-87 ...- وقد فرضت الح ط ذلك بصمودها ومعاركها الطويلة النفس في العديد من الاحيان . ان الهجمات الموضوعية لم تكن قادرة فعلا على ان تشل الح ط ولم تستطيع في تاريخ اوطم ان تنجح في ذلك ، من هنا ينتصب السؤال حول المسؤولية الذاتية ، حول الوضع الذاتي ما دام من الديماغوجي التشكيك في قدرات وطاقات الح ط المناضلة وهي تشكيكات غير قادرة على الصمود امام الواقع وفي الميدان بالذات . ولقد لعب التوجه البيروقراطي المهادن ادوارا اقل ما يقال عنها انها تمشي في الاتجاه المعاكس للخروج من الازمة وانجاز المهام النضالية المطروحة ،بل وشكل عرقلة حقيقية للمسار النضالي ،من خلال افشاله للمؤتمر 17 اولا ،ومن خلال انسحابه من الساحة النضالية في وقت كانت الح ط تعرف صدمات مصيرية تهم اوضاعها المادية والتعليمية كما تهم منظمتها وحقوقها الديمقراطية...ومن خلال خلق الثغرات لأهم المعارك الكبرى ،مثل معركة المقاطعة التي طعنها النهج البيروقراطي نكل مستويات تكويناته طعنة قوية ،بدءا من القيادة المتبقية مرورا بكلية العلوم بالرباط ،ووصولا الى الفصائل الثلاثة المهادنة . ان فشل المعركة لم يكن قدرا ، فرغم ان الشروط التنظيمية بعد مشل 17 لم تكن مساعدة ،الا ان العمل على الحد من تفاقمها بتحمل المسؤولية النضالية قاعديا ووطنيا والالتفاف حول الح ط . كان بامكانه انجاح اهداف المعركة ، رغم صلابة الطبقات السائدة وقمعها الوحشي...الخ . وبعد انتفاضة يناير 84 ،رغم تصاعد وتيرة القمع الذي مس اوسع القواعد المناضلة وزج بمناضلي اوطم في السجون و المتابعات. وبدأتمحاكمة اوطم كجمعية سرية . رغم ذلك،فان الج ط لم تتراجع عن المهامالنضاليةالتي كتفها برنامج التصدي واعادة الهيكلة ،بل وفي أجواء اعدام العمل النقابي والفراغ التنظيمي عمقت الج ط هذا البرنامج بحيث اضحت اعادة البناء اكثر قاعدية،لجان الاقسام،مجالس الطلبة ...وصولا الى المؤتمر الاستثنائي، وهو ما جسدته المواقع الاكثر صمودا ،مثل فاس ما بين 84-85 الى حدود 86 -87 حيث لعب التوجه البيروقراطي دور المعرقل لاعادة البناءالجماهيري،رافظا تشكيل مجلس الطلبة بعد ان كانت لجان الاقسام قد تشكلت ،وتوسعت في كمها كما في وظيفتها ومهامها...مبرره الوحيد ان ذلك يخرج عن نطاق مقررات المؤتمر 16 وهو التبرير الذي لا يصمد امام الواقع.. وفي مكناس استطاعت الج ط. أن تنجز خطوات تنظيمية هاته بتأسيس لجان الأقسام و انعقاد مجلس الطلبة، و في وجدة أعلن مناضلوا النهج القاعدي في أواخر سنة 85-86 من خلال مسؤولياتهم في الأجهزة التحتية عن ضرورة بناء لجان الأقسام كخطوة ضرورية أولى... الخ. و في الرباط تشكلت لجنة تمثيلية بكلية العلوم 84-1985 و في حي القاطنين إسماعيل. و لقد ارتبطت المهمة التنظيمية بخوض نضالات مهمة و صعبة في شتى الواجهات النقابية و التضامنية مع المعتقلين و مع الثورة الفلسطينية و ليبيا... إلا أنه و في نهاية 86-1987. ثم التراجع عن خطوات إعادة البناء الشيء الذي سيعطل نضالات الح.ط، و سيدخلها مع سنة 88-1989 في صراعات داخلية عنيفة ومأساوية مما فرض انطلاقة جديدة في كل إعادة البناء منذ 1989، وعلى الخصوص مع مطلع سنة 1990، حيث ستقدم شعار إعادة هيكلة اوطم وعقد المؤتمر الاستثنائي، غير أن إعادة البناء تلك لم تصل إلى الأهداف النضالية التي توختها الح.ط من خلالها، والتفت حولها وذلك راجع إلى العوامل التالية والتي تشكل إحدى مضاعفات الأزمة موضوعيا وذاتيا. - فعلى المستوى الموضوعي: - استمرار النظام في ممارسته الحضر العملي على اوطم عبر رفض تجديد الأجهزة متذرعا بالقانون ، أي بالظهير 1975 ومراسيمه التطبيقية كما حصل في فاس سنة 1990-1991 – وهو ما لم يفعله مع القوى الظلامية في الدار البيضاء الشيء الذي يؤكد حقده على اوطم وإرادة اجتثاته بدعم فلول الظلام. - استمرار القمع والاعتقالات والمتابعات والحصار العسكري، تشهد على ذلك السجون كما يشهد على ذلك عدد الشهداء الذين سقطوا في السنوات الأخيرة ...مما يعني أن مهمات النضال من فرض المشروعية العملية للاوطم لا تزال مستمرة ومستعجلة. - تعميق مسلسل الإجهاز والهجوم على مكتسبات الجماهير ط من النواحي المادية المعنوية والتعليمية مما جعل الوضع النقابي للج.ط يزداد تأزما وتفاقما. - الهجومات الفاشية لقوى الظلام والهادفة إلى شل الح.ط وضرب أي نهوض جماهيري تقدمي عن طريق UGEM أو عن طريق ما يسمى باللجان التابعة لقوى الظلام. - غياب نشاط ثقافي مكثف للرفع من التعبئة النضالية، في أغلب المواقع النضالية، وموجه أساسا نحو أهداف النضال الراهن بكل مستلزماته. - هشاشة الخريطة التنظيمية الحالية، وعجزها عن أداء مهام الاستنهاض النضالي التي طرحتها على نفسها، والتفت حولها الح.ط عند انطلاقها وهي المهام التي طرحت بشكل مترابط الإشراف على هيكلة قاعدية صلبة على المستوى المحلي، والعمل على توحيد الح.ط.م نضاليا وتنظيميا على المستوى الوطني. - إن النضالات المحلية ببطولاتها المشهودة لن تستطيع أن تخترق الحصار الأسود المضروب على الح.ط بل أن النظام والقوى الظلامية، تجهد على بقاءها دون النقطة النضالية والتنظيمية الوطنية والتي من شأنها قلب موازين القوى لصالح الح.ط ومنظمتها. - إن التحديات المطروحة والصراع الجاري على أشده بين مسلسل القمع وحلقاته الراهنة بين نضالات الج.ش تتطلب حضورا نضاليا وموقفا أكثر فعالية ودينامية من لدن اوطم. - إن القضايا القومية الأساس وفي مقدمتها القضية الفلسطينية تتعرض إلى هجوم امبريالي صهيوني رجعي كاسح، الشيء الذي يتطلب رفعا من إيقاع النضال والتضامن المعنوي والمادي. - ومن ثمة فإن المهام النضالية المحورية المطروحة على الح.ط.م في المرحلة الراهنة من نضالها ، وللخروج من أزمتها الحالية هي مهام متداخلة كالتالي: 1- النضال من أجل إعادة بناء اوطم من القاعدة إلى القمة، على أرضية تنظيمية قاعدية صلبة. 2- النضال من أجل فرض – المشروعية العملية لاوطم- وصيانة هويته التقدمية الكفاحية وتحصين وحداته التمثيلية التاريخية. 3- النضال من أجل تحسين الشروط التعليمية للج.ط والتصدي للمخططات التصفوية التخريبية في أفق تعليم ديمقراطي شعبي علماني وموحد – تتبوأ فيه اللغة الأمازيغية مكانتها الطبيعية والوطنية. 4- النضال من أجل تحسين الشروط المادية والمعنوية للج.ط منح سكن ونقل وتغذية....الخ. 5- النضال من أجل حرمة الجامعة واستقلالها وديمقراطيتها. 6- تكثيف النضال الثقافي في واجهاته التعبوية والفكرية والإيديولوجية والفنية والأدبية... على أرضية الثقافة الوطنية الديمقراطية، الشعبية بمكوناتها الأمازيغية والعربية. 7- ربط النضال الطلابي بنضالات الج.ش من أجل كسر القبضة الحديدية للنظام على الحريات الديمقراطية – إطلاق سراح المعتقلين وعودة المنفيين وفرض حق التعبير والتظاهر والتجمع ...إلخ. وإنهاء الحكم الاستبدادي المطلق من أجل ديمقراطية مجالسية يكون الشعب مصدر السيادة فيها وتنبثق السلطات منه...- والتصدي للرأسمالية التبعية ولبراليتها المتوحشة على كل الواجهات الاقتصادية والاجتماعية. 8- إطلاق صيرورة النضال والتضامن الفعال مع حركات التحرر وفي مقدمتها الثورة الفلسطينية دعما للانتفاضة الشعبية البطلة من أجل العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة والمساهمة النضالية النشيطة في فضح العدوان الامبريالي والصهيوني الرجعي تحت مظلة النظام البربري العالمي الجديد، على شعوب الأمة العربية في العراق وليبيا وغيرهما... هذه المحاور النضالية الكبرى للح.ط التي تحتاج إلى تفصيل وممارسته هي محاور النضال الديمقراطي الجماهيري الاوطمي، للخروج من الأزمة وإطلاق دينامية كفاحية متجدرة.
مقارنة أولية بين: الخطاب السلفي و خطاب الإسلام السياسي
مقارنة أولية بين الخطاب السلفي و خطاب الإسلام السياسي . خلافا لما ذهب إليه د. رفعت السعيد، في إحدى مقالاته التي تناول فيها بالدراسة والتحليل، إشكالية العلاقة الفكرية والسياسية بين الفكر الأصولي الثيو-قراطي والفكر السياسي لما يعرف بالسلفية النهضوية والذي اعتبر فيها أن الإسلام السياسي هو مجرد امتداد – ارتدادي ومتطرف – للسلفية، وهذا ما يشتهر به عنوان المقالة نفسها "الإسلام السياسي من التطرف إلى مزيد من التطرف" ( ) وحيث أن مضمون المقالة يخلص إلى أن الإسلام السياسي ماهو إلا حلقة من حلقات المشروع الفكري والسلفي، في لبوساته الارتدادية ، من الأفغاني ومحمد عبده مرورا برشيد رضا وحسن البنا، وانتهاء بأمير جماعة التكفير والهجرة المصرية "مصطفى شكري... خلافا لذلك، فإن متابعة وتمحيصا أكثر دقة وعمقا يتجاوزان المستوى المظهري للخطابين – حيث يبدو أن الخطابين متوحدان حول الدعوة إلى تمثل واستلهام السلف/الماضي...- فإننا نستطيع بمقارنة عمق الخطابين تلمس البون الشاسع الفاصل بين الخطابين ، سواء على الصعيد النظري والفكري العام، كما على صعيد المشروع السياسي الذي يحمله الخطابان. فعلى المستوى الأول، تظهر في مقدمة الإشكالات التي عالجتها وتعارضت بشأنها الحركتان، إشكالية العقل ودوره في المجتمع والتاريخ ثم إشكالية الاجتهاد مداه وطبيعته وحدوده ، وهي إشكالية مرتبطة أشد الارتباط بإشكالية العقل، وأخيرا الإشكالية الثالثة المتمثلة في ثنانية الأنا والآخر، كما صاغتها الحركتان، أي إشكالية الجدلية القائمة بين الثقافات المتنوعة ، المعبرة عن صيرورة كل شعب أو أمة، كما صاغتها بدقة علمية الكتابات الماركسية. أما على الصعيد الثاني والمتعلق بمشروع الخطابين السياسي، فإن مقاربة متأنية للخطابين، تكشف بالملموس، على أن الأمر يتعلق باختلافات بينة وأساسية . فالسلفية كخطاب إيديولوجي – سياسي ينتمي عضويا إلى ما يعرف بحركة النهضة التحديثية الليبرالية، حيث تشكل الحلقة الأولى من حركة النهضة التحديثية الليبرالية المنبعثة منذ القرن الماضي في العالم العربي... بينما يشكل الإسلام السياسي، في مشروعه السياسي – قطيعة مع الأولى، ونزوعا فاشيا إقامة دولة ثيوقراطية تفتيشية تحت عباءات الأمراء والخلفاء.... -1- التعارضات النظرية: 1- في مسألة العقل: لنقارن أولا بين هذين النصين المعبرين، أولهما لرائد من دعاة السلفية، والثاني لأحد أبرز دعاة الثيوقراطية في المغرب راهنا. يقول محمد عبده في شأن العقل: "المسلم الحق هو الذي يعتمد على العقل في شؤون الدنيا والدين" ( ) ، بينما يرى عبد السلام ياسين :"كان العقل الفلسفي في تاريخ المسلمين القديم آفة حين تصدى الخوض في ذات الله وصفاته والعقلانية المعاصرة....هي الخراب المطلق للدين" ( ) إنا بصدد قطيعة شاملة بين الدعوتين بخصوص مكانة وأدوار العقل إذ بينما يدعو محمد عبده إلى ضرورة اعتماده، ليس في الشؤون الدنيوية فقط، بل في القضايا الدينية الصرفة أيضا، نرى عبد السلام ياسين يهاجم العقل وأدواره في فهم التاريخ والمجتمع، بل ويرى فيه تدميرا حين يمس القضايا الدينية، وبينما يجعل محمد عبده المسلم الحق مرادفا ومشروطا بانتهاجه العقلانية في التحليل ، يعتبر ياسين استعمال العقل متعارضا مع الدين. ألم يقل هذا الداعي المغرق ماضوية وغيبية أن "أدوات التحليل التي ابتليت باستعمالها هذه الطبقة من المثقفين المعاصرين تلاميذة الجاهلية، ليس فيها شيء اسمه الغيب"... ومن الناحية التاريخية، شكلت السلفية النهضوية محاولة إحياء وامتداد معاصر للعقلانية العربية التي عرفت اضطهادات تاريخية ليس أقلها القتل والتنكيل ، الذي كان ضحيته كل من جهر باعتماد العقل في الشؤون الدينية والدنيوية كالمعتزلة وابن رشد وابن سيناء ....الخ بينما يستند الإسلام السياسي إلى المرجعيات الرجعية الاستبدادية التي هاجمت العقلانية، منها الغزالي ....- ولأخذ نظرة مفصلة عن ذلك، يمكن الرجوع إلى الكتاب الفذ للشهيد حسين مروة الذي ليس صدفة أن يغتاله الظلام على عادته ، وهو كتاب : النزعات المادية..." ويلخص أحد قياديي جمعية الإصلاح والتجديد، ذراع السلطة الاستبدادية في المغرب، موقف حركات الإسلام السياسي من العقل قائلا:"إن جميع الاتجاهات الفقهية متفقة في موقفها من قضية العقل وحدوده....لقد ...توحدت الاتجاهات في مسألة "نقد العقل" خصوصا بعد أن استخلص المسلمون نتائج التجربة الطويلة والمغامرة الضائعة في إطار علم الكلام....( )
2- إشكالية الاجتهاد: إذا كانت كل من خطابات السلفية والإسلام السياسي تقر بضرورة اعتماد الاجتهاد لإيجاد الصيغ الملائمة للمشكلات الواقعية الراهنة فإن هذا الالتقاء بين الخطابين سرعان ما سيكشف عن تباعدات كبرى وتمايزات أشد بخصوص طبيعة هذا الاجتهاد ومداه. ومن نافلة القول أن الموقف من الاجتهاد ليس إلا امتدادا طبيعيا ومنطقيا للموقف من العقل، ذلك لأن إشكالية الاجتهاد وثيقة الارتباط بإشكالية العقل، ، حيث يستحيل بالمطلق فصل هذه عن تلك. فالاجتهاد عملية عقلية منطقية، حتى وإن انطلقت من ذهنية غيبية لا تاريخية كتلك المعتمدة من لدن ياسين ، والتي يدعو ويبشر بها . وعلى الرغم من اقرار حركات الاسلام السياسي بضرورة الاجتهاد ،الا انها تحصره وتقيده من جانبين ،اولا في المجال ،حيث لا اجتهاد مع وجود النص. وثانيا في الاشخاص ،حث تحصره في فقهاءها .ففي الجانب الاول ،فان الدعوة الى الاجتهاد فارغة من أي معنى ،خاصة اذا استحضرنا الهلوسات الغيبية التي يروجها الاسلام السياسي و القائلة بأن كل المشكلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية لها حلولا جاهزة في الاسلام ،وانه يكفي تطبيق ما تسميه بالشريعة ،لاقامة ما تدعوه بحاكمية الله... و من الناحية الثانية، فان حصر الاجتهاد نفسه في نخبة الامراء - قيادات الحركات-يعني مباشرة وبدون مساحيق قبر أي رأي آخر و التنكيل به ،اكثر من ذلك يتوعد عبد السلام ياسين كل من خرج عن اجدهاداته وتاويله للاسلام بالهلاك والاضطهاد والاستبداد ،وهو ما فعله مع المفكر حسن حنفي- وهو معروف بتأويل واجتهاد متنور للاسلام- حيث توعده بقطع لسانه ولسان امثاله عند قيام السلطة الثيوقراطية التي يدعو ويبشر لها ياسين . اما الخطاب السلفي ،فقد اتجه اتجاها مغايرا في هذا الشأن،حيث ان موقفه ازاء الاجتهاد حكمه الموقف ازاء العقل،فالاجتهاد مفتوح،بل،وكما سبقت الاشارة،فان محمد عبده قد دعا الى قراءة و استعمال العقل في الشان الديني الصرف ذاته. 3 – بين الانفتاح والتعصب الماضوي. ان ارساء الاجتهاد على العقل ،جعل من الخطاب السلفي خطابا اكثرتفتحا ودينامية مع التطورات العالية لنهاية القرن الماضي وبداية الحالي ،مي وقت شكل فيه التعصب والانغلاق سمة بارزة في الخطاب الاديولوجي لحركات الاسلام السياسي، كنتيجة منطقية لتقزيم ووأد العقل ،وكذيل مباشر لماضويتها. ويظهر البون أكثر شساعة بين الخطابين ، عند مقارنة علاقة كل من الخطابين مع تجارب وثقافات الشعوب الاخرى.ففي زمن صعود الخطاب السلفي النهضوي ، تشكلت العلاقة ما بين الذات والآخر على أسس أكثر انفتاحية، وبالرغم من أن كتابات السلفيين كانت لا تترك فرصة إلا وتشير إلى الماضي وإلى الفترات الذهبية في التاريخ العربي الإسلامي، كما تقول، إلا أن هذه العودة وتلك الإشارات إلى الماضي ظلت تخدم هدفا تحديثيا واضحا، وظل هاجسها الأساسي متمثلا في مغالبة المعيقات الراهنة، "التخلف، الانحطاط...إلخ" كما صاغته أدبيات السلفية. هكذا جهدت الخطابات السلفية نفسها في استلهام قيم أطروحات سياسية وفكرية ليبرالية، ومحاولة تطويعها لخدمة أهداف تحديثية داخلية، يظهر ذلك في كتاب النقد الذاتي لصاحبه علال الفاسي، بجلاء، وهو الكتاب الذي نجد محاولة لاستلهام أفكار العقد الاجتماعي وغيرها من الموضوعات الليبرالية، بل أن محمد عبده، وبعد زيارته لأوربا، فرنسا بالتحديد، صرح بالمفارقة التي تركتها هذه الرحلة في ذهنيته، وكتب يقول، بمرارة واستفزاز واضحين: "الكفرة يتصرفون كمسلمين، بينما يتصرف المسلمون كأنهم كفرة" . أما إذا رجعنا لبدايات الإسلام السياسي، من المودودي حتى قطب، ومن البنا حتى القرضاوي، ومن مصطفى شكري حتى سعيد الحوى ومن مطيع حتى بنكيران، ومن الترابي حتى ياسين ...إلخ، فإننا نجد خطابا، وإن اختلفت درجات حدته، يغلق أبواب التفاعل ويوصدها باسم الجاهلية والكفر، والحاكمية، و ...إلخ، والتي تنم في آخر المطاف عن عنصرية تجاه الآخر، والتي لا تصطف إلا بجانب أشكال العنصرية والفاشية والتفوق العرقي الذي أفرزته الرأسمالية سواء في بلدان المركز الإمبريالي ، أو في الكولونيالي التبعي. -ب- تعارض في المشروع السياسي: إذا كانت حركات الإسلام السياسي ، تبتعد على الدوام عن طرح برامج ومشاريع سياسية مفصلة، متحجبة وراء شعارات عامة، مثل بناء دولة الخلافة ...إلخ فإن ذلك لا يعني غياب مشروع سياسي ، بل يعني بالذات إخفاء طابعه الاستبدادي والاضطهادي والاستغلالي ، حتى تتمكن من ذر الرماد في عيون الجماهير ، وتجنيدها دون معرفة مصيرها ، مركزة فقط على المصير الأخروي كمقابل خوض الجهاد... ومن ثمة لا بد من الإقرار أن تحليل وتشخيص الأهداف الرجعية لهذه الحركات ما زال في حاجة إلى دفعة نظرية وتجريبية ، بالانطلاق من تفكيك رموز خطابها المتحجب وفضحه على أوسع المستويات ، وبالاستناد إلى تجاربها نفسها التي كشفت بالملموس وعرت بالواضح والمكشوف عورة الاستبداد والاضطهاد التي تحمله هذه الحركات. وسنبقى في حدود ما يسمح به المقال- عند المقارنة بين الخطابين قيد التحليل وسنأخذ مسألتين محوريتين في الصراعات الدائرة على أشدها راهنا : يتعلق الأمر أولا، بقضية الديمقراطية بينما يهم الأمر ثانيا ، قضية المرأة ، ففي هذين المحورين ، نتلمس أيضا اختلافا أساسيا بين الخطاب السلفي وخطاب الإسلام السياسي. 1- مفهومان للشورى : احتل مفهوم الشوري في الإيديولوجية السلفية، كما في أيديولوجية الإسلام السياسي، موقعا محوريا. فهذه الأخيرة تعتبر الشورى أساسا للحكم السياسي الذي تريد إقراره، كما تعتبره بديلا متعارضا جذريا مع الديمقراطية سواء منها الليبرالية أو الشعبية . بينما تنظر السلفية النهوضية إلى الشورى باعتبارها مطابقة في الجوهر مع الديمقراطية السياسية الليبرالية، ومن ثمة فإن مفهوم الشورى، كما صاغته وأعادت تأويله الحركة السلفية، هو مفهوم مملوء بالشحنة الليبرالية على عكس مفهوم الشورى لدى حركات الإسلام السياسي المثخن حتى النخاع بالديكتاتورية الثيوقراطية. هكذا نجد أنفسنا أمام مفهومان لاصطلاح من أكثر الاصطلاحات تداولا وانتشارا فالشورى عند السلفية تنطلق من نقد الاستبداد السياسي الذي هيمن قرونا طويلة في ظل السلط المتعاقبة مشرقا ومغربا وتدعو إلى بديل ديمقراطي شوري يستلهم بالأساس القوانين الوضعية التي سادت المجتمعات الغربية منذ ما يعرف بالثورة البرجوازية التي افتتحتها الثورة الفرنسية سنة 1789. وفي هذا الشأن كانت الحركات السلفية ومثقفيها من الدعاة الأوائل منذ القرن الماضي إلى تجاوز الحاكم المستبد، بل فضل بعضهم كافر ديمقراطي عن مسلم مستبد ، وساهموا في إدخال مفاهيم المواطنة والمدنية...الخ، في ذات الوقت كان يواجهون الطرقية والشعوذة اجتماعيا ....الخ. أما بالنسبة للإسلام السياسي، فتنطلق حركاته من تأويل خاص، يضع الشورى نقيضا للديمقراطية الليبرالية والشعبية، ويعتبرونها تجاوزا لهما، حيث أن الحاكم سيكون مسؤولا أساسا أمام الله، فليس هنالك مجال للحديث عن سيادة الشعب والأمة، ما دامت السيادة والحاكمية – الحكم – لله، يمارسه الأمراء أو الخلفاء...إنها الثيوقراطية البغيضة في أبشع صورها. 2- قضية المرأة ليست هذه القضية الا جزءا من القضايا الاجتماعية التي أبانت فيها حركات الإسلام السياسي عن رجعيتها واضطهادها لجنس بشري، لا ذنب له إلا أنه وجد نفسه متمايزا عن نصفه الثاني- الرجل – في أعضائه وتكوينه الفيزيولوجي...حتى أصبح هذا مدعاة وسبيلا للاضطهاد، وهو ما ينم عن أبشع صور الاضطهاد. لنأخذ مثالا عايشناه السنة الماضية 91-1992- هنا في المغرب. في شهر مارس 1992، شرعت إحدى التنظيمات النسائية المغربية - اتحاد العمل النسائي - في تنظيم حملة المليون توقيع على عريضة لتغيير مدونة الاحوال الشخصية ، فكان أن أقامت حركات الإسلام السياسي الدنيا ولم تقعدها ، نقدم مثالا عنها المذكرة التي تقدم بها ايديولوجيو هذه الحركات، والتي تطالب ب : " - إيقاف نشاط هذه الحملة ووضع حد للفتنة التي تريد إشعالها في مختلف المدن المغربية، - إجراء تحقيق مع المسؤولين عنها لمعرفة دوافعهم وأهدافهم الحقيقية...- اتخاذ الإجراءات القانونية التي تتطلبها نتائج التحقيق". بين أصحاب المذكرة الدنيئة وأفكارهم الاجتماعية الاضطهادية وبين الأفكار التي عبر عنها السلفيون قطيعة بنيوية، إذ في الوقت الذي رأت فيها أقلام المذكرة المذكورة ، أن الدعوة إلى تغيير المدونة فتنة، رفض علال الفاسي أبرز داعية سلفية تعدد الزوجات في كتابه : النقد الذاتي، والصادر في أواخر الأربعينات. وختاما ، إذا كانت السلفية التحديثية قد أفلست بسبب الطبيعة الطبقية التي اسندت إليها، البورجوازية التجارية الناهضة منذ القرن الماضي، وبالنظر إلى المأزق التاريخي الرأسمالي والليبرالي في مجتمعات الكولونيالية والتبعية كما يقول الشهيد مهدي عامل، وجاءت الحركات القومية والراديكالية البرجوازية الصغرى في الأربعينات والخمسينات لتنهي وتتجاوز في ذات الان أفكارها وقيمها. فإن مآل حركات الإسلام السياسي أكثر حلكة، بالنظر إلى طبيعتها الفاشية، واستظلالها بالقوى الأكثر رجعية: البرجوازية الطفيلية- مصر-السودان-الجزائر...- شريطة طبعا ان تتقدم القوى الديموقراطية و الجذرية بالاساس في تاطير وتنظيم وتوجيه النضالات الطبقية،نحو اهداف واضحة وملموسة ،بعيدا عن الرهانات الترقيعية... انتهى . 22 دجنبر 1992
#عبد_اللطيف_زروال (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حزب النهج الديمقراطي بين القيادتين الأولى والثانية للمنظمة
-
أهمية بناء المنظمة الماركسية اللينينية المغربية
-
إلى أحمد بيان : إذا تكلم السفيه فالتزم الحكمة
-
إلى أحمد بيان : البديل الجذري تنظيم بورجوازي صغير
-
الأسس المادية للخط البيروقراطي النقابي البورجوازي الصغير بحز
...
-
امتدادات الخط الثوري لمنظمة -إلى الأمام- بفصيل الطلبة القاعد
...
-
الحقائق التاريخية التي تؤرق كاهل التحريفية الإنتهازية بحزب ا
...
-
إمتدادات التحريفية الإنتهازية لمنظمة -إلى الأمام- بحزب النهج
...
-
الذكرى 41 لمنظمة -إلى الأمام- و مواجهة التحريفية الإنتهازية
-
في الذكرى 41 لتأسيس المنظمة الماركسية اللينينية الثورية المغ
...
-
لماذا الهجوم على النهج الديمقراطي ؟
-
نداء -شباب التغيير الآن-
-
بيان -شباب التغيير الآن- بالمغرب
المزيد.....
-
الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي (إ.م.ش) تدعو للمشاركة الوازنة
...
-
النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 576
-
فريق حزب التقدم والاشتراكية بمجلس النواب يُطالب الحكومة بتقد
...
-
السيد الحوثي: بقية الفصائل الفلسطينية المجاهدة في غزة تواصل
...
-
هل تسعى تركيا إلى إنهاء الصراع مع حزب العمال الكردستاني؟
-
تركيا.. اعتقال رئيس بلدية -أسنيورت- بتهمة الانتماء لحزب العم
...
-
العدد 577 من جريدة النهج الديمقراطي بالأكشاك
-
الجبهة الديمقراطية تراسل الاحزاب السياسية والبرلمانات العالم
...
-
المكتب السياسي لحزب النهج الديمقراطي العمالي يدين بشدة وصف ا
...
-
بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
...
المزيد.....
-
الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي )
/ شادي الشماوي
-
هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي
...
/ ثاناسيس سبانيديس
-
حركة المثليين: التحرر والثورة
/ أليسيو ماركوني
-
إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية (الشيوعيين الثوريين والانتخابات) دائرة ليون تر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
كرّاس - الديمقراطيّة شكل آخر من الدكتاتوريّة - سلسلة مقالات
...
/ شادي الشماوي
-
المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ الفصل الثالث من كتاب -
...
/ شادي الشماوي
-
ماركس الثورة واليسار
/ محمد الهلالي
المزيد.....
|