أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عزالدّين بوغانمي - اليسار وجذُور التطرّف














المزيد.....

اليسار وجذُور التطرّف


عزالدّين بوغانمي

الحوار المتمدن-العدد: 4667 - 2014 / 12 / 20 - 21:15
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كان يمكن لليسار في العالم بصِفة عامّة أن يكون أكثر مرونة، وأكثر قدرة على التّعامل مع عراقيل التّاريخ. وأكثر شجاعة على السّير في الطريق الأقلّ مآسي. واليسار التّونسي بصفة خاصّة الذي يحمل في بواطنه ثقافة أهل السنّة والجماعة، كان بإمكانه أن يكون أوسع وأكثر اندماجا وانفتاحا على محيطه الحداثي التّقدّمي، وأقلّ حدّة وخشونة في ايجاد مساحات مشتركة مع قوى سياسيّة نيّرة لمواجهة الفاشيّة بكلّ أنواعها الزّمنية أو الدّينية. كان يمكن لليسار في كلّ العالم أن ينْجحَ في احتلال مواقع مفصليّة سواء في المجتمع أو في الدّولة، تُمكِنُه من محاربة اغتراب الإنسان الذي هو جوهر المعركة الطّبقيّة.
كُلّ هذا كان مُمْكِنًا لولا كتابيْن في التّراث السيّاسي الماركسي. هما "نقد برنامج قوتا" لكارل ماركس، و"الثّورة البروليتاريّة والمرتد كاوتسكيً" لِلنين.
الكتاب الأوّل كُتِبَ سنة 1875، ولم يُنْشر إلّا سنة 1891، وقدْ تميّز بالصرامة القاطعة، والتصلّب الذي أورد فيه ماركس استنتاجاته حول مشروع البرنامج. حتّى أن انجلز تعمّد حذف بعض العبارات القاسية وعوّضها بنقاط !
والحقيقة أن ذلك النصّ العنيف، استمدّ عنفه -كما سيوضّح انجلس ذلك بعد مُضيّ 15 عامًا على كتابتهِ- من الظروف السّياسيّة ومن الخلافات داخل الأمميّة الأولى. بحيث كان كارل ماركس ملتحما بالحركة الاشتراكية الألمانية أكثر مما في أية لحظة أخرى، وكان لابد للتراجع البين في مشروع البرنامج، من أن يبعث فيه بالغ الاشمئزاز. ثمّ إنّه كان حينذاك، وما كادت تمضي سنتان على مؤتمر الأممية في لاهاي، في ذروة المعركة ضد باكونين وأتباعه من الفوضويين الذين كانوا يعتبرونه مسؤولًا عن كل ما يجري في صفوف الحركة العمالية في ألمانيا من تراجع. ولذا كان لابد له أن يتوقّع اتّهامه بأن يكون هو وراء ذلك البرنامج بشكل سِرّي !
يعني الرّجل كتب كتابا -في جانب من الجوانب- لدفع التّهمة عن نفسه. وبإمكانكم تخيّل تأثير الذّاتيّة على مضمون النّص.

الكتاب الثّاني الذي دفع ببعض اليساريين عندنا في تونس إلى التطرّف حدود التّشنّج واليباس الدّائم، فيما كانوا يحوزون على مؤهّلات وجدانيّة تجعلهم شعراء لولا تشبّعهم بمضامين هذا الكتاب التّصفوي.
"الثّورة البروليتاريّة والمرتد كاوتسكي". وهو كرّاس خصّصه لينين لِتخوين أبرز المنظرين الماركسيين في أوروبا و بقية العالم بعد وفاة فريدرخ انغلز. ويكفي لأيّ عاقلٍ أن يتمعّن في النعت "المرتد" ومفهومه الدّيني حتى يتوقّع ضعف مصداقيّة الكتاب.

لقد عوقب كاوتسكي في هذا الكِتاب، وخُوِّنَ، ووُصِفَ بأبشع النُعوت وأشدِّها قسوة، من أجل فكرة جوهريّة يتبنّاها يساريو تونس اليوم على بِكْرةِ أبيهم. وهي أنّه "في ظل النظام الديمقراطي البرجوازي (( لم يعد هناك مجال للنضال المسلح كوسيلة لتسوية النزاع الطبقي )) .. وقد وضّح كاوتسكي ذلك في رسالته *مرثاة لينين* حيث يقول بالحرف ما يقوله حمّة الهمّامي اليوم وبقيّة الرّفاق اللّينينيين جدًّا : "...وممّا يضحك، الدعوة الى الاطاحة بالسّلطة السياسية بالعنف" ! و وصف كاوتسكي البلاشفة في نفس الرّسالة ب"كقابلة مستعجلة تستخدم العنف لتجعل امرأة حبلى تلد جنينها في شهرها الخامس بدلا من التاسع".

المصيبة أنّ الرّفاق اليوم، في مستوى الخطاب والتّحالفات، وفي شكل تعاطيهم مع بقيّة الأحزاب التي واجهت معهم الفاشيّة الدّينية والإرهاب، لازالوا أوفياء لهذين النصّين تحديًدًا، نصّي كارل ماركس ولينين، واعتبار الاستنتاجات الواردة فيهما بمثابة قوانين الخط الثّوري المكتملة في الوقت الذي يمارسون فيه سياسات "قوتا" و"كاوتسكي"..

أعتقدُ أنّ هذا التّناقض بين رماديّة النّظريّة، واخضرار شجرة الحياة هو الذي سبّب لهم كلّ هذا التّعب وهذا التطرّف اللّغوي الذي يؤدّي إلى مراكمة الخسائر السّياسيّة الفادحة والعجز عن استثمار الأوضاع السّياسيّة لصالح الثورة والشّعب في حقل مقتضيات المرحلة وممكناتها الواقعيّة، وليس استجابة لنداءات ايديولوجيّة غامضة وخاطئة حتّى نظريًّا.

لا شكّ أنّ "الماركسيين" الذين لم يطّلعوا على الماركسيّة سيهاجمونني بشدّة لأنّهم سيظنّون أنّي بهذا الحفر في الفكر أسُبّ مجلس الأمناء. فقط أذكّر بعض الرّفاق أنّ مثل هذه المواضيع الخطيرة كنت أُناقِشُها مع ذلك الرّجل العظيم المثقّف الثّوري الاستثنائئي ،، ذلك القلب الذي غُدِرَ فتوقّف على الخفقان..



#عزالدّين_بوغانمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في الذّكرى الرّابعة للثّورة: لماذا أساند الباجي قائد السّبسي ...


المزيد.....




- مصدر يوضح لـCNN موقف إسرائيل بشأن الرد الإيراني المحتمل
- من 7 دولارات إلى قبعة موقّعة.. حرب الرسائل النصية تستعر بين ...
- بلينكن يتحدث عن تقدم في كيفية تنفيذ القرار 1701
- بيان مصري ثالث للرد على مزاعم التعاون مع الجيش الإسرائيلي.. ...
- داعية مصري يتحدث حول فريضة يعتقد أنها غائبة عن معظم المسلمين ...
- الهجوم السابع.. -المقاومة في العراق- تعلن ضرب هدف حيوي جنوب ...
- استنفار واسع بعد حريق هائل في كسب السورية (فيديو)
- لامي: ما يحدث في غزة ليس إبادة جماعية
- روسيا تطور طائرة مسيّرة حاملة للدرونات
- -حزب الله- يكشف خسائر الجيش الإسرائيلي منذ بداية -المناورة ا ...


المزيد.....

- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .
- الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ / ليندة زهير
- لا تُعارضْ / ياسر يونس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عزالدّين بوغانمي - اليسار وجذُور التطرّف