أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد كودي - التمايز يمين / يسار : بحث في نظام التسمية2















المزيد.....



التمايز يمين / يسار : بحث في نظام التسمية2


محمد كودي

الحوار المتمدن-العدد: 1305 - 2005 / 9 / 2 - 11:44
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كيف تطور التعارض يمين / يسار داخل المقاربة الطبوغرافية الخجولة واللامنتظمة؟ أي ما هو المسار والمسلسل التكويني الذي قطعته هذه اللغة الطبوغرافية في بحر اشتغالها، إبتداءا من الدلالات الوصفية البسيطة "الجانب الأيمن" « Le coté droit و "الجانب الأيسر" « Le coté gauche »، وصولا إلى دلالات وصفية أكثر تركيبا مثل "أقصى يسار الجانب الأيسر" « Extremité gauche de la partie gauche »، حيث أن آليات التحديد كانت تستخدم دلالات طبوغرافية من خلال استعمال كلمات مثل الجانب الجزء أو الطرف الأيسر لتأسيس قاعدة للفعل السياسي كما يقول "مارسيل كوشيه"
والسؤال الأساسي: هو كيف تم إقرار هذه الدلالات الوصفية البسيطة؟ وكيف تم بعد ذلك الوصول إلى دلالات مركبة وأكثر تعقيدا لمجاراة تشعبات وغنى الفعل السياسي؟ وكيف انتقلت هذه الثنائية من لغة طبوغرافية محايدة تحاول جهدها مقاربة الفعل السياسي، إلى لغة للمؤسسة / البرلمان لا يمكن حل رموزها إلا من طرف الفاعلين السياسيين داخل هذه المؤسسة، وبعد ذلك إلى لغة للمجال العام أي للمجال السياسي، أي إلى مقولات تعبر بإمتياز عن الهوية السياسية؟ وبالتالي ما هي العوامل التي دفعت بقوة إلى تكريس الوظيفة التمايزية والتصنيفية لهذه الثنائية؟ وما هو دور الثورة الفرنسية في خلق هذه الصيرورة؟
أولا: اليمين / اليسار : مقولات طبوغرافية.
كيف انتقلت المقاربة الطبوغرافية من دلالات وصفية بسيطة إلى تجريدات نظرية أكثر
تعقيدا؟ وكيف ساهمت الجغرافية من خلال مقولاتها: الجانب/الجزء/الطرف، وعلى يمين الملك في إقرار هذا الرمز التبسيطي؟ وهل كان في إمكان هذا الرمز التبسيطي والإختزالي للفعل السياسي أن يصبح مقولة للهوية السياسية، لو أن الجغرافية لم تنزل بثقلها النوعي لتأسيس الإرهاصات الأولية لهذه الثنائية؟ وكيف استطاع الفضاء البرلماني أن يكرس حضوره في قلب التصورات اللغوية؟ إنطلاقا من أن هذا الفضاء كمعطى جغرافي وطبوغرافي، أصبح يفرضإطاره الهندسي على كافة المقاربات اللغوية، وبذلك ستصبح اللغة معطى تابعا لهذا الفضاء، أولا: لكون الحضور الطبوغرافي للبرلمان في التصورات اللغوية أصبح أمرا ثابتا، وثانيا: من خلال إجهاد اللغة لذاتها في مقاربة تشعبات وغنى الفعل السياسي البرلماني، حيث أن اللغة كمؤسسة تعاقدية ظلت تستحضر بكثافة مؤسسة أخرى وهي البرلمان. إلا أن السؤال الإشكالي هو كيف انتقلت ثنائية اليمين/اليسار من دلالات طبوغرافية بسيطة إلى دلالات طبوغرافية أكثر تعقيدا، وفي مرحلة ثالثة إلى مفاهيم اختزالية تؤسس لنفسها بمعزل عن أي إكراه طبوغرافي؟
1 - الدلالة الطبوغرافية البسيطة.
إن أية مقاربة توضح بما لا يدع مجالا للشك أن هذه الثنائية استعملت قبل الثورة الفرنسية وخارج الحقل السياسي الفرنسي وبالضبط في إنجلترا، حيث قام أحد الباحثين الإنجليز وهو "إدوارد شامبيرلين" « Edward. Chambelayne » في كتابه « L’éstat present de l’Anglettere » الصادر سنة 1672 بإشارة محايدة ولا تتضمن أية حمولات إيديولوجية أو سياسية، من خلال وصفه لأعضاء إحدى الجمعيات بالقول "على يمين الملك وعلى يسار الملك" .
إلا أن السؤال الأساسي: ألم تشكل هذه الصياغة المثقلة بالطبوغرافية الإرهاصات الأولى المباشرة أو غير المباشرة لتأسيس التمايز يمين/يسار؟ أم أن الأمر لا يعدو أن يكون مجرد إشارة منقطعة ومنعزلة، وبالتالي لم يكن لها أي تأثير في الحمولة التي سيتم اكتشافها بعد ذلك؟
إن المقاربة الوصفية ل « Edward de Chaberlayne » لم تشكل أي امتداد إصطلاحي للثنائية التي تم اكتشافها بعد ذلك، كما لم تكن لها أية مساهمة في تبني التصنيف المكاني في صيف 1789، حيث بقيت مجرد إشارة عابرة ومنعزلة، وبالتـالي كان مـن المـمكن أن لا يـكون
لها أي حضور فعلي في الخطاب السياسي، نظرا لكون البنيات الإستقبالية لم تكن ناضجة بما فيه الكفاية لاستقبال هذه الإشارة أو مجرد الإحالة عليها في صيرورات التأسيس. لذا بقيت هذه الحمولة منعزلة ووصفية، لأنها تتغدى من المقاربة الوصفية التي تتضمنها الثنائية في دلالتها الأولية، وبالتالي فهي لا تكرس انشطارا لغويا يؤسس لهويات سياسية مستقبلية. أما أول إشارة شكلت اللبنة الأولية في المسلسل التكويني والدلالي لثنائية يمين/يسار، فكانت بتاريخ 8 ماي 1789، حيث تم التوافق على نظام إنتخابي، يهدف إلى تجاوز تضارب الإقتراحات ما بين « Mirabaut » و « Malouet » فيما يخص إجتماع الفئات التي تضمها المجالس العامة، وتم التوصل إلى النتيجة التالية وهي دعوة المجلس إلى الإنقسام إلى شطرين، أولئك الذين يدعموا رأي « Malouet » عليهم أن يتجهوا إلى اليمين، أما الذين يؤازرون رأي « Mirabaut » فعليهم أن يصطفوا في اليسار، وإتجه أغلب النواب إلى اليمين حيث اكتشفوا واقع التقارب ما بين آرائهم وتصوراتهم للنظام السياسي.
من هنا يمكن القول ان هذا الإنشطار وبتجاوزه لأحد ثوابت العقل السياسي الفرنسي أسس البنية الإستقبالية الأولى للتمايز يمين/يسار، وأسهم بشكل كبير في المسلسل التكويني لهذه الثنائية. لأن الصراع ما بين « Les Mirabauts » و « Les Malouets » شكــل البــدايــة الأولى لحــضور الفــضاء البرلــمانــي ولـــو في صــورتـه المــقـلصة -المجالس العــمـومــيــة: « Les Etats generaux » في قلب التصورات اللغوية، فهذه الديناميكية الإنشطارية هي التي ستؤسس للثنائية سواء في حمولتها الطبوغرافية أو السياسية. وأول من أشار إلى انشطار المجلس هو "ديكوسنوي" Duquesnoy » » في مذكراته حول جلسة 23 غشت 1789 المخصصة لمناقشة الفيتو الملكي وإعلان الحقوق المتعلقة بالحرية الدينية، حيث يقول:"إنه من الملاحظ أن القاعة المخصصة للجلسة منقسمة بشكل واضح، ففي طرف منها يوجد أفراد يتبنون أراء مبالغ فيها أحيانا، ولكنهم ينظرون إلى أفكار مثل الحرية والمساواة بنوع من السمو. أما في الطرف الآخر، فهناك أفراد لهم رؤية جد متخلفة حول هذه المسائل، ولا يرغبون في التعبير عنها مما يجعلهم أقل قوة من أولئك الجالسين في الطرف الآخر.
والملاحظ في هذا الإتجاه أن « Duquesnoy » يهمل الدلالات الطبوغرافية في شكلها الوصفي، أي اليمين/اليسار، ويسجل فقط معطى أساسيا واحدا وهو مسألة الإنقسام، وهذا الأمر له دلالاته، حيث أن الإقتصاد التمثيلي في شكله المفردن أو الأحادي، هو الذي كان يلاقي قبولا وتجاوبا، وبالتالي فحالة الإنقسام التي عرفها المجلس شكلت صدمة كبيرة للملاحظ، لكونها دليل على التآكل وإنهيار القيم المشبعة بمفاهيم الواحد والوحدة والتجانس. ومع ذلك فإن هذه الإشارة شكلت معطى أوليا في البنية التكوينية والدلالية لثنائية اليمين/اليسار. إلا أن الشهادة الأكثر تعبيرا فهي للبارون "Gauville" الذي لم يعد يستهلك الإنقسام بشكله القائم فقط، بل أكثر من ذلك أنه أخذ يستهلكه بحمولته الطبوغرافية، حيث يقول: "لقد أصبحنا نتعارف أولئك الذين يبدون ارتباطاهم القوي بالدين والملك، وهم يجلسون على يمين الملك حتى يتجنبون الصراخ والكلام الوقح الوارد من الجهة الأخرى". لكن الجزء الأكثر تعبيرا في شهادته، والذي يكرس الدلالة الطبوغرافية هي قوله: "حاولت الجلوس في أماكن متعددة من القاعة... حتى أكون سيد آرائي ومواقفي لكني وجدت نفسي مكرها على الإلتحاق بالجانب الأيمن، لأنه كان مفروضا علي في الجانب الأيسر أن أصوت وحدي، وبذلك أتعرض لإحتجاجات مدرجات القاعة كلها" .
إن المقاربة السائدة لحد الآن هي المقاربة الطبوغرافية في دلالتها الوصفية من خلال كثافة استخدامها لدلالات، مثل الجانب الأيمن - الجانب الأيسر - يسار ويمين الجمعية، وعلى يمين وعلى يسار الملك، حيث يتجلى الحضور القوي الذي ما انفك الفضاء البرلماني يفرضه على التصورات اللغوية، لأن اللغة وانطلاقا من ميكانيزماتها الداخلية لا زالت عاجزة عن خلق فضائها الخاص، ومقاربتها الذاتية بمعزل عن الفضاء البرلماني وإكراهاته الطبوغرافية. فمنطق اشتغالها في بناء الدلالة التكوينية لهذه الثنائية لازال يستعين بالمعطيات الجغرافية، مع العلم أن انفصال الفضاء الطبوغرافي عن اللغة هو الذي سيعطي لهذه المقولة دلالاتها الذاتية وحمولتها النوعية وهويتها السياسية، إلا أن هذا الأمر لا ينفي أن الدلالة الطبوغرافية الوصفية لم تعرف تطورات مهمة ولو بشكل بطيء، فقد تم الإنتقال من مفاهيم اليمين/اليسار كدلالات أولية قائمة في اللغة كما في حالة "Les Malaouts" و "Les Mirabauts" إلى دلالات أكثر تحديدا أي في علاقة مع الفضاء الطبوغرافي، مضافا إليها إنطباعات سياسية، كما في شهادة البارون "Gauville" .
والجدير بالإشارة أن مسلسل الإنفصال بين اللغة والفضاء البرلماني سيعرف نقلة نوعية في البناء التكويني والدلالي لهذه الثنائية، يؤسس لإنفصالها عن أي مقتضى مكاني. ففي تقرير ل "Camille des Moulins" في جلسة 1789-12-19 المخصصة لخلق موكلين يقومون برهن أملاك الكنيسة، يوجد في هذا التقرير، بالإضافة إلى المقتضى المكاني "على يمين الرئيس" دلالة أكثر قوة تعطي للمقولة حمولتها بمعزل عن أي فضاء طبوغرافي وهي قوله: "لقد صفق اليسار عندما قدم Mounier" " استقالته"
إن هذه الإشارات تبقى نادرة ولم يكن بوسعها أن تؤسس لهذه المقولات الأساسية في زخم الإستخدامات ذات الكثافة الجغرافية والحمولة الطبوغرافية، وهذا الأمر إنعكس بشكل جلي على كافة التعريفات الممنوحة لثنائية اليمين/اليسار. إلا أن الإشكال الحقيقي هو كيف انتقلت هذه الثنائية الوصفية والمحايدة من دلالات بسيطة إلى دلالات أكثر تركيبا وتعقيدا؟ وهل يمكن الإقرار بأن هذه الدلالات الأخيرة في صورتها التركيبية، كانت تعبيرا عن طبيعة المخاض الذي تعرفه اللغة، من خلال رغبتها في إقرارثنائية اليمين/اليسار بحمولتها الرمزية ودلالاتها الإختزالية؟ وبصورة واضحة، كيف تم إقرار هذه الصيغة التركيبية؟ وما هي العوامل التي كانت وراء هذا التكريس؟ وكيف تم المرور إلى صيغة أو صيغات تجريدية واختزالية، ولكنها أكثر تعبيرا عن غنى المشهد السياسي؟
2 - الدلالة الطبوغرافية المركبة.
أدى قرار الجمعية التأسيسية بمنع إعادة الإنتخاب بالنسبة للنواب إلى تجديد هيئتهم، وبالتالي تم القضاء على الصفة المتنافرة للجمعية، والتي كانت تعبيرا عن الهيكلة البدائية لنظام الطوائف والفئات. إلا أن هذا لا يعني تناغم وتجانس الجمعية الجديدة. لأن الإنقسام غدا شيئ طبيعيا وضروريا للممارسة السياسية، كما تدل على ذلك شهــادة "Le feuittant Mathieu dumas " الذي يقول: "وبهذه الطريقة أصبحت الجمعية التشريعية منقسمة إبتداءا من جلساتها الأولى وحتى إغلاقها، ولا شيء استطاع أن يغير من هذا الترتيب المكاني"، بل أكثر من هذا، فالإنقسام لم يعد في خطوطه العريضة ثنائيا بل ثلاثيا من خلال ظهور الوسط"، هذا الإتجاه الذي كان يرغب في كل ما كان يحدث، لكنه كان يود أن يتحقق ذلك ببطئ، وبدون هزات أو توترات".
و بالنظر إلى ظاهرة التعدد التي أصبحت تميز الحياة السياسية الفرنسية، أصبحت اللغة غير قادرة على مجاراة هذا التعدد في تركيبته المعقدة، حيث أن "الجانب الأيسر" و " الجانب الأيمن" كما كانا سائدين في بداية مناقشة الفيتو الملكي، لم يعودا بمثل هذا النقاء، لأن واقع التكتل الثنائي قد تراجع لصالح صياغة أكثر تعقيدا، وأصبح الإنشطار في الجانب الأيمن والأيسر يفرض نفسه على الملاحظين، ويشير "Disquensoy" سنة 1791 إلى "السلوك الرائع لجزء من اليمين". ويستطرد في وصف حالة الإنقسام والإنشطار التي مست الأطراف وخصوصا اليسار، حيث يقول: "إن اليسار أصبح منقسما إلى جزئين مختلفين وجد متعارضين". إلا أن السؤال المحوري هو كيف تعاطت اللغة مع منطق التعدد هذا؟ حيث يتضح أن المقاربة في دلالتها البسيطة أصبحت عاجزة عن مجاراة تشعب وغنى الفعل السياسي، مما يؤشر إلى بداية أزمتها وتراجعها أمام مقولات طبوغرافية أكثر تركيبا من خلال الإستعمال المكثف للدلالات والحمولات الجغرافية.
والجلي أن الثنائية المفاهيمية: الجانب الأيمن/الجانب الأيسر، تركت مكانها لتمفصل ثلاثي يقحم الوسط. وفي هذا الإتجاه يشير "Matheiu dumas" إلى واقع التغيرات التي مست فضاء المجلس التشريعي، "لأن المقاعد المتواجدة على اليسار، والتي كان يدافع أصحابها بشغف وبحق عن الحرية أصبح يحتلها مبدعون أكثر جدة"، كما "أن عددا كبيرا من الأفراد المتنورين والمعتدلين في أفكارهم تموضعوا في الوسط، حيث امتلئت صفوفهم وكانوا يرون أن من شأن قوتهم العددية أن تظهرهم بمظهر الأغلبية، ولم يبق أمام المتعلقين بالدستور سوى المقاعد الموجودة على اليمين والتي كان يحتلها المدافعون عن النظام القديم في الجمعية السابقة".
ولاشك أن التغيرات التي مست الهندسة السياسية للمجلس التشريعي كانت لها انعكاسات مهمة وحاسمة على المسلسل التكويني والدلالي لثنائية يمين / يسار، وانتقال هذه الثنائية من مقولات طبوغرافية بسيطة إلى أخرى أكثر تعقيدا.
ففي تقرير عن جلسة الجمعية التشريعية المنعقدة في 7 ماي 1791، وبالنظر إلى واقع التعدد الذي أصبح يطبع أطراف الحقل السياسي الفرنسي، ستظهر دلالة أكثر تعقيدا من خلال حمولتها الجغرافية المكثفة، بحيث تم التعبير عن واقع التعدد داخل كل من الجانب الأيسر والجانب الأيمن بالإشارة مثلا إلى "اليسار الأقصى من الجانب الأيسر" أو "اليمين الأقصى من الجانب الأيمن".
ويتضح من خلال هذه الإشارة أن التلازم الديناميكي ما بين اللغة والمؤسسة البرلمانية في دلالاتها الطبوغرافية لازال قويا وقائما، لأن البرلمان لازال حاضرا وبشكل مكثف في قلب التصورات اللغوية، فهذه الأخيرة لازالت عاجزة عن خلق فضاءاتها الخاصة وتصوراتها الذاتية بمعزل عن أي إكراه خارجي، إلا أن هذا لا ينفي وجود نوع من الديناميكية والتطور في مجاراة الفعل السياسي بثرائه وتشعباته، حيث أن هذه الدلالة المعقدة والأكثر تركيبا سيتم اختصارها بعد ذلك في دلالة أقل تعقيدا مثل "أقصى الجانب الأيسر" التي وردت في تقرير يهم جلسة 20 فبراير 1791 . إلا أن القفزة النوعية التي حققتها اللغة في بحر تخلصها من طبوغرافية المجالس ولو نسبيا كانت في التقرير الذي يهم جلسة 24 مارس 1791، حيث يشير إلى ارتفاع وتعالي الصراخ والإحتجاج من طرف أقصى اليسار، كما أن عبارة "أقصى الجزء الأيمن" سيتم اختصارها في تقرير يهم جلسة 1791/3/26 إلى "أقصى اليمين"، وبذلك تم تبسيط هذه الدلالات واختزالها في دلالات عملية، إلا أنها لازالت لم تقطع مع حمولتها الجغرافية، فهي تبقى وصفية وليست لها أية حمولة سياسية أو إيديولوجية، ولم يكن في إمكانها أن تشكل تقليدا سياسيا يؤسس لهويات سياسة بمعزل عن أي إكراه طبوغرافي، وبذلك يمكن الإقرار مع "مارسيل كوشيه" بكون التطورات الأولى لتكريس هذه الثنائية كانت خاطئة، كما أن تكريسها لم يكن بالأمر الهين. فإذا كانت الثورة الفرنسية قد ساهمت بشكل قوي وبفعالية في إدخال ثنائية يمين/يسار إلى الخطاب السياسي، إلا أن هذا لا ينفي أن نفس الثورة، ومن خلال أطراف فاعلة قد حاولت وبكل ما أوتيت من جهد في القضاء عليها، لأن "سييز" Sieyes أحد أقطاب الثورة الفرنسية كان لا يقبل وإلى حدود 20 يوليوز 1991 سوى "وجود حزبين متماثلين ومتشابهين مع ما يعرف في الخارج بالحزب الحكومي وحزب المعارضة، وهذا الأمر غير قابل للتجزئة في أي نظام تمثيلي، فهما يلتقيان في أي شيء مهما كان شكل الحكومة" .
تانيا: اليمين / اليسار: مقولات سياسية.
كيف انتقلت ثنائية يمين /يسار من اللغة الطبوغرافية الوصفية المحايدة إلى لغة سياسة قادرة على فك رموز، مضامين وأطراف الفعل السياسي؟ وكيف أصبحت هذه اللغة تؤسس لفضائها ومنطقها الخاص بمعزل عن أي إكراه طبوغرافي مؤسسي؟ وما هو المسار الذي قطعه هذا النظام الإصطلاحي، حتى أصبح يستخدم بشكل إعتيادي ومنتظم في الحقل السياسي؟ وكيف استطاعت هذه الثنائية أن تتخلص من شروط تأسيسها التاريخية، لتصبح وحدات عالمية للسياسة، وكيف إنتقل نظام التسمية يمين /يسار من حمولات مغلقة ومختزلة في الموقف من الثورة الفرنسية إلى حمولات أكثر انفتاحا؟ وما هي العوامل والميكانيزمات الأساسية التي كانت وراء تكريس نظام التسمية هذا؟
1 - ثنائية يمين / يسار: وميلاد الأحزاب السياسية.
ظلت الأحزاب السياسية ولو في صورتها البدائية حاضرة وبقوة في قلب التفاعلات السياسية لكافة المجتمعات القديمة، حيث تواجدت من خلال نظام العصب أو الزمر، فهيمن هذا النظام في المدن الأثينية، كما في الإمبراطورية الرومانية التي عرفت تطابقا ما بين القطبية "الحزبية" السائدة والطبقات الإجتماعية القائمة. فالتنافس الحزبي كان محتدما ما بين حــزب "Plebeins " أي العامة، وحزب النبلاء " Patriciens "، ويشير ""مونتسكيو" إلى واقع التقاطبية السياسية الذي هيمن على المشهد السياسي الروماني. ويرى أنه كلما نزع الرومان إلى منح حريات جديدة إلى بعض المدن الواقعة تحت سيطرتهم، فإن هذا العمل يؤدي إلى ظهور زمرتين: الأولى تدافع عن القوانين والحريات، وترى ضرورة تمديدها لتشمل كافة المدن. أما الطرف الآخر فيريد أن يقتصر مجال الحريات على المواطنين الرومان. أما بالنسبة للأمم الأخرى، فيجب أن تسري عليها إرادة القوة التي تتمتع بها الإمبراطورية. واستمرت الظاهرة الحزبية ولو في أشكالها الماقبل حداثية في العصور الوسطى، فظهر حزب "Guelfs" الذي يدعم البابا في مواجهة الإمبراطور الألماني الذي يحظى بدعم سياسي كبير من حزب "Gubelins". وفي ظل الثورة الفرنسية يلاحظ بروز ظاهرة سياسية، شكلت الإرهاصات الأولية لنشأة الأحزاب السياسية، وهي ظاهرة النوادي السياسية، مثل نادي اليعاقبة والجيروندين والكردوليين.
إلا أن الإشكال الحقيقي هو كيف ساهمت الظاهرة الحزبية في تكريس هذا النظام الإصطلاحي؟ وإذا كانت الظاهرة الحزبية حاضرة وبقوة في قلب التفاعلات السياسية والإجتماعية للمجتمعات القديمة، فلماذا ظل نظام التسمية غائبا إلى حدود القرن الثامن عشر؟
يتزامن الميلاد الحقيقي لثنائية يمين/يسار في نظر "مارسيل كوشيه" مع ميلاد الجمهورية، ومن المصادفات التاريخية الغريبة أن اليسار لم يكن وراء هذا التأسيس، بل أن الأطراف المقاومة للثورة الفرنسية هي التي ساهمت في إعطاء هذه الثنائية طبيعتها وشكلها النهائي، حيث بادر أنصار الملكية إلى التكثل، الأمر الذي أسس لميلاد "الأحزاب" وإن في شكلها الماقبل حداثي وكان ذلك سنة 1815، كما اتجه أنصار الحلول التوافقية إلى التكتل بدورهم. وهكذا وإبتداءا من 7 أكتوبر أصبح يتضح أن الإنقسام داخل الحقل السياسي قد جرى استهلاكه بشكل كبير، لأن أغلبية النواب المحسوبين على اليمين اتجهوا إلى الجلوس على اليمين.
ويرى "مارسيل كوشيه" أنهم لو جلسوا على اليسار لتغير وجه العالم من خلال الحمولات السياسية والإيديولوجية والرمزية التي يحفل بها نظام التسمية. وبالنظر إلى واقع الصراعات والخلافات المحتدمة ما بين الحكومة -التي كانت تحاول إدارة الصراع بنوع من الواقعية وبين المناصرين الأكثر حماسة للنظام الملكي الأمر الذي فشلت فيه-، لم يبق أمام الملك إلى اللجوء إلى حل المجلس التشريعي في شتنبر 1816، و الإعلان عن إجراء إنتخابات تشريعية في أكتوبر من نفس السنة، هذه الإنتخابات التي هزم فيها أنصار الملكية هزيمة نكراء، وبذلك عمد الملك إلى تشكيل حكومة من الوسط، وابتداءا من هذه اللحظة أصبحت الصورة أكثر وضوحا، فالتكتلات الحزبية تتطابق مع الهندسة البرلمانية، التي أصبحت مشبعة بحمولات سياسية، كما أن النظام الإصطلاحي أصبح واضحا ليس فقط من خلال تفرعاته الكبيرة يمين/يسار، ولكن كذلك من خلال تفرعاته الجزئية اليمين المتطرف واليسار المتطرف ويمين الوسط، ويسار الوسط. لأن الحكومة الوسطية أصبحت تواجه معارضة مزدوجة، فهناك من جهة أنصار النظام الملكي، ومن جهة أخرى اليسار الذي يرى ضرورة إدخال إصلاحات سياسية على النظام الملكي.
إن هذه الصورة تجاوزت الثنائية الحزبية البريطانية، مما جعل "Virolles " أحد أقطاب أنصار النظام الملكي يطالب في غشت 1816 بتبني النظام الحزبي على الشاكلة البريطانية، لكون منطق العمل البرلماني أصبح أكثر تعقيدا. وبتفاعل مع هذا النموذج الخاص بتوزيع القوى السياسية، ستأخذ التسميات والإصطلاحات السياسية يمين/يسار دلالاتها وضرورتها الحقيقية. فسنوات 1820-1815 كانت حاسمة في تكريس ثنائية يمين / يسار، والواضح أنه إذا كانت هذه الثنائية قد تخلصت نسبيا من حمولتها الطبوغرافية، إلا أنها بقيت محتفظة بحمولات مغلقة تعكس بشكل أولي الموقف من الثورة الفرنسية، هل أنت مع أم ضد الثورة الفرنسية؟ ولازالت لم تؤسس لفضاءها الخاص بمعزل عن الشروط التاريخية التي أنتجتها، حتى تتحول إلى وحدات عالمية للسياسة، بالإضافة إلى أن هذه الثنائية لازالت تندرج في إطار لغة المؤسسة / البرلمان، ولم تصبح بعد لغة للمجال العام.
وبالفعل فقد ظل النظام الإصطلاحي يمين / يسار مرتبطا إلى حد كبير بالممارسة البرلمانية، حيث كان يجري استخدامه بكثافة في تقارير الجمعيات التشريعية، وظل محصورا في إطار المؤسسة البرلمانية كآلية لتحديد أطراف اللعبة السياسية البرلمانية، وكأداة لفك رموز الفعل السياسي. والجدير بالملاحظة أن انتخابات ماي 1849 كان لها دور مهم في بلورة هذه الثنائية وانتقالها من آلية طبوغرافية محايدة ووصفية إلى تكريس هويات سياسية، وترسيم التباين داخل هذه الهويات السياسية، وبذلك انتقلت هذه الثنائية من لغة للمؤسسة إلى لغة للمجال العام. ولتبسيط التباين والتمايز ما بين الإتجاهات السياسية، لجأت أطراف الفعل السياسي إلى ألوان الأعلام، حتى يصبح من السهل على الشعب الوقوف على التمايز القائم.
وانطلاقا من هذه الألوان سيتم التعرف على أطراف الصراع منذ بداية العمل بالإقتراع العام، واستمرت هذه الإستعارة من خلال المماهات ما بين اللون الأبيض باعتباره إختزالا لكل المناهضين للثورة من ملكيين وكاثوليك. أما اللون الأحمر فكان مرادفا لكل المناصرين للثورة والراغبين في تكريس المساواة والعدالة والحرية. وشكلت لغة الألوان هذه الأداة الضرورية البدائية لتحديد المواقف الشعبية من الصراعات القائمة، نظرا لبساطتها واختزاليتها للبرامج السياسية والتمثلات العقائدية. وكرست كومونة باريس سنة 1848 لغة الألوان كآلية لتحديد أطراف الصراع السياسي، وكان بذلك اللون الأحمر هو لون الثورة.
وطيلة أواخر القرن التاسع عشر، شكلت الألوان الأداة الضرورية لتكريس التمايز واستقطاب الفئات الإجتماعية وإقحامها في الجدالات السياسية القائمة، كما تم استحضار مفاهيم أخرى لتكريس الثنائية مثل المحافظين والجمهوريين وأنصار النظام القديم والعهد الحديث. إلا أن القفزة النوعية التي حققتها ثنائية يمين / يسار كانت مع قضية "Dryfus " سنة 1900، حيث ستتخلص من حمولاتها المغلقة والمختزلة في الموقف من الثورة الفرنسية إلى حمولات متحركة وأكثر انفتاحا على الإنشغالات السياسية والإجتماعية للمجتمع. فقضية "Dryfus" ساهمت بشكل كبير في إنقسام المجتمع إلى طرفين متعارضين ومتناقضين فيما يخص الكثير من القضايا السياسية والإجتماعية مثل الموقف من الحقيقة، العدالة، الدين، الأمة والثورة.
2 - اقتصاد جديد للتمثيلية.
عرف نظام التمثيلية تطورا مهما وساهم بشكل كبير في إقرار التمفصل يمين/ يسار، ومنحه حمولة سياسية وإيديولوجية بمعزل عن أي إكراه طبوغرافي، حـــيث أصبح هذا النظام
الإصطلاحي يستعمل بكثافة في الخطابات السياسية والمرجعيات الإيديولوجية.
ومما لا شك فيه أن ثنائية يمين / يسار لم يكن في إمكانها إرساء هذا التقليد السياسي، لولا تظافر مجموعة من العوامل السياسية والإجتماعية، كان أهمها ظهور الظاهرة الحزبية ببنياتها التركيبية ومرجعياتها الإيديولوجية، بالإضافة إلى المزاوجة ما بين التمثيلية في شكليها السياسي والإجتماعي. فقبل الثورة الفرنسية كان الإعتقاد السائد أن على النائب في الغرفة التشريعية أن يعبر فقط عن آرائه ومعتقداته الشخصية، ويعتبر هذا الشرط من الشروط الأساسية الموجودة ضمنيا في التفويض الممنوح له من طرف منتخبيه، وبالتالي فالنائب لا يعبر عن تيار إجتماعي بقدر ما كان يعبر عن آرائه وإنشغالاته الخاصة، والتي تشكل مع باقي الأراء التعبير الحقيقي عن إرادة الأمة هذا الكيان الميتافيزيقي,إلا أن أهم تغيير سيطبع هذا التصور ويجعله يتراجع هو ظهور الأحزاب والتكتلات الأخرى التي تعمل على الدمج ما بين التمثيلية في بعدها السياسي وعمقها الإجتماعي، حيث أن الأولى ليست سوى إمتدادا طبيعيا للثانية,وبذلك انتقلت التمثيلية من النموذج الأحادي، حيث الكل يندمج ويذوب في وحدة النائب ووحدة إرادته إلى النمودج الثنائي للتمثيلية الذي يزاوج بين فضائين مختلفين: الفضاء الإجتماعي بإنكساراته وتمزقاته والفضاء السياسي كمجال للصراع والتسويات والتوافقات، وأصبح من المفروض أن ينفتح البرلمان على التفسخات الإجتماعية القائمة، وأن لا يبقى إطارا مغلقا يعبر فيه كل فرد عن آرائه الشخصية بمعزل عن توترات الحقل الإجتماعي، وبذلك عرف الإقتصاد التمثيلي تغييرا مهما في حمولته وأصبح آلية أساسية يتمكن الأفراد من خلاله التفكير في السياسة وتحديد تمركزهم ضمن الحقل السياسي، والتعرف على مواقفهم في ظل ظاهرة التمفصل السياسي القائمة والموضوعية، وهذا الأمر هو الذي يمنح للثنائية قوتها الرمزية، لأن قوتها تتمثل في قدرتها أن تجعل من الفرد المواطن متفرجا على الإنقسام القائم في المشهد السياسي بين أطراف الصراع من جهة، وفاعلا أساسيا في تكريس واقع الإنشطار من جهة أخرى. وستقوم ثنائية اليمين / اليسار بمنح ثوابت ملائمة لهذه اللعبة المزدوجة، بالنظر إلى حمولتها المزدوجة أولا الحمولة العاطفية وثانيا بإعتبارها موجها محايدا، وهذه الثوابت ستقوم بمنح الثنائية الوسائل الشاملة لتأكيد الهوية السياسية، ومقاربة موقعها النسبي وسط المظهر السياسي العام والشمولي ,



#محمد_كودي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- 1 اليمين/ اليسار: مقاربة نظرية لشروط النشأة وآليات التصنيف ا ...


المزيد.....




- وزيرة تجارة أمريكا لـCNN: نحن -أفضل شريك- لإفريقيا عن روسيا ...
- مخاوف من قتال دموي.. الفاشر في قلب الحرب السودانية
- استئناف محاكمة ترمب وسط جدل حول الحصانة الجزائية
- عقوبات أميركية وبريطانية جديدة على إيران
- بوتين يعتزم زيارة الصين الشهر المقبل
- الحوثي يعلن مهاجمة سفينة إسرائيلية وقصف أهداف في إيلات
- ترمب يقارن الاحتجاجات المؤيدة لغزة بالجامعات بمسيرة لليمين ا ...
- -بايت دانس- تفضل إغلاق -تيك توك- في أميركا إذا فشلت الخيارات ...
- الحوثيون يهاجمون سفينة بخليج عدن وأهدافا في إيلات
- سحب القوات الأميركية من تشاد والنيجر.. خشية من تمدد روسي صين ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد كودي - التمايز يمين / يسار : بحث في نظام التسمية2