رسالة مفتوحة إلى الدكتور بشار الأسد

اللجنة السورية لحقوق الإنسان

الحوار المتمدن-العدد: 339 - 2002 / 12 / 16 - 15:20
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    

بمناسبة زيارته للمكلمة المتحدة

السيد  الدكتور بشار الأسد
رئيس الجمهورية العربية السورية

تحية ، وبعد:

مما لا يخفى عليكم أن الوضع الإنساني في سورية ما يزال متدهورا وخطيرا بعد
مرور سنتين ونصف على توليكم رئاسة الجمهورية العربية السورية، وباعتباركم
المسئول الأول عن كل ما يجري في طول البلاد وعرضها فإن اللجنة السورية
لحقوق الإنسان تود أن تضع أمامكم الحقائق التالية على أمل استجابتكم الفورية
لتصحيح الوضع الشاذ الذي دام طويلا في  سورية :

1- إن سورية تحكم بحالة الطوارئ  منذ 8/3/1963 ، ولقد كان لسيادة هذه
الحالة الشاذة فوق أحكام الدستور آثارها المدمرة على سورية سياسيا واجتماعيا
واقتصاديا وأمنيا. 

2- في سجون سورية اليوم ما يزيد على ألف معتقل سياسي ومعتقل رأي على قيد
الحياة ، بالإضافة إلى أكثر من 17000 سجين مفقود انقطعت  أخبارهم عن العالم
الخارجي منذ فترات طويلة  ولم يبلغ عن حالتهم ، فما زالوا رسميا أحياء مع
جهل العالم خارج السجون بمصيرهم.

3-  لقد اضطرت الظروف الاستثنائية التي عاشتها سورية في فترة الثمانينيات
وما تلتها عشرات الآلاف من المواطنين السوريين الأبرياء إلى مغادرة سورية 
والحياة في المنفى ، ولقد رفضت السفارات السورية في أنحاء العالم بناء على
التعليمات الرئاسية من حرمانهم من وثائق إثبات الشخصية وجوازات السفر
وتصديق شهاداتهم ووثائقهم الأخرى، أي حرموا من حقوقهم المدنية باعتبارهم
مواطنين سوريين. وتجاوزت هذه المعاملة اللاإنسانية هؤلاء لتشمل أولادهم
وأحفادهم، فمنعوا من حق التسجيل في سجلات دائرة الأحوال المدنية كمواطنين سوريين
، ومنعوا حقهم في الحصول على إثبات الشخصية والحصول على جوازات سفر. لقد
ألجأ هذا التصرف غير المسبوق في تاريخ الحكومات والشعوب آلاف المواطنين إلى
أضيق السبل، فقلت حيلة البعض ، بينما حصل آخرون على جوازات سفر غير حقيقية
بمعلومات حقيقية، واضطر فريق ثالث إلى اللجوء في قارات العالم ليحصل على
الأمن ووثيقة السفر والاعتراف الشخصي به وبأبنائه. 

4- لم تتوقف أجهزة المخابرات السورية العديدة يوما واحداً على مدار ربع
قرن من مضايقة المواطنين السوريين داخل سورية وخارجها.  فلقد عمدت هذه
الأجهزة التي مضربا للمثل على المستوى العالمي للقتل والقسوة والإرهاب وعدم
الاكتراث بقيمة الإنسان إلى اعتقال وتعذيب المعارضين وذويهم، ومنع أسرهم من
حقوقهم وألجأتهم أن يعيشوا في حالة من الفقر والحرمان ، ومنعت المواطنين
السوريين حتى من تقديم المعونة إليهم، وابتزت أموالهم وأموال أسرهم 
وصادرتها وصادرت ممتلكاتهم.  وأصبح السماح برؤية معتقل سياسي لمدة عشر دقائق
تجارة رابحة  تتقاضى شبكات الأمن منها مبالغ خيالية . في الوقت الذي استدرجت
هذه الأجهزة من خارج سورية العديد من المواطنين وأمنتهم لكن ما لبثت أن
اعتقلتهم عند أول نقطة حدودية ، ومات بعضهم تحت التعذيب . ودفع بعض المواطنين
مبالغ كبيرة بالعملة الصعبة للحصول على جواز السفر لمدة ستة أشهر في بعض
البلدان من أجل حل مشكلة إقامتهم ولو لأمد قصير.

5- الأمل الذي راود المواطنين بخطاب القسم عند توليكم رئاسة الجمهورية لم
يعمر طويلا بفعل الهجمة المعاكسة ضد بوادر حركة المجتمع المدني التي رأت
من وعود هذا الخطاب متنفساً ومخرجا من حالة الركود السياسي والمجتمعي الذي
فرض على سورية منذ تولي والدكم رئاسة الجمهورية. وتوجت هذه الهجمة بإغلاق
كثير من المنتديات التي ظهرت بينما ألقي القبض على رموز هذه المنتديات
الذين طالبوا بالإصلاح بصورة قانونية سلمية، وقدموا لمحكمة أمن الدولة العليا
التي يتعارض تكوينها مع الدستور الدائم لعام 1973 الناسخ لهذه المحكمة
الظالمة.

ثمة نقاط كثيرة يمكن الوقوف عليها ، ولكن أليس عندكم من مخرج لهذه الحالة
التي تكلس عندها الوضع الوطني في سورية وشرخت الوحدة الوطنية بسبب انفراد
جناح من حزب البعث بالسلطة  وفرضه القيود على الرأي الآخر. وناء الوضع
الإنساني  واستمرت معاناة عشرات الآلاف من المواطنين السوريين . لقد تأمل
الكثير في بداية عهدكم لكن سرعان ما تبخر الأمل . أليس عندكم أسلوب آخر
للتخلص من التركة الثقيلة التي ورثتموها عن والدكم ؟ أليس ثمة عزيمة للم شتات
المواطنين السوريين الذين تبددت بهم الأوطان في كل مكان عدا وطنهم ؟

إن اللجنة السورية لحقوق الإنسان ومن موقع المسئولية الإنسانية  تطلب منكم
التعامل الفوري مع الملف الإنساني والذي سيكون المدخل إلى الملف السياسي
والمصالحة الوطنية من خلال:

1-  إطلاق سراح كافة معتقلي الرأي والمعتقلين السياسيين في السجون السورية
.
2- إعادة الحقوق المدنية للمعتقلين السابقين واللاحقين الذين أطلق سراحهم
بعد فترات اعتقال طويلة.
3- الكشف عن مصير المفقودين والمختفين في السجون السورية .
4- إصدار عفو شامل غير مشروط عن المواطنين السوريين الملاحقين والمنفيين
طوعاً أو قسراً.
5- منح  كافة المواطنين السوريين الممنوعين من جوازات السفر والوثائق
الشخصية الأخرى حقهم الكامل في الحصول عليها بدون منع أو مضايقة. وإعادة
حقوقهم الطبيعية والمدنية وتسجيل أولادهم وأحفادهم كمواطنين سوريين في سجلات
الأحوال المدنية.
6- كف الأجهزة الأمنية من ملاحقة المواطنين وابتزازهم أمنياً ومادياً  في
داخل البلد وخارجه، وعدم تدخل هذه الأجهزة في غير اختصاصها الأصلي. 
7- العمل على إنهاء حالة الطوارئ بشكل متدرج بحيث يكفل حقوق المواطنين 
وحرياتهم العامة والخاصة.  وإلغاء كافة القوانين الاستثنائية والجائرة
وإبطال محكمة أمن الدول واستبدالها بالقضاء العادي.

لقد وعدتم شعبكم بالإصلاح ، بينما ما يزال شعبكم ينتظر الخطوات الأولى في
رفع المعاناة الإنسانية من كاهله.

إن اللجنة السورية لحقوق الإنسان تأمل في تجاوبكم الإيجابي مع خطابها، ولن
تألوا جهدا في العمل من أجل المظلومين والمضطهدين والمجردين من حقوقهم حتى
تعود الحرية وتعود الحقوق لأصحابها.

وشكراً

سليم الحسن
رئيس اللجنة السورية لحقوق الإنسان

------------------------------------
اللجنة السورية لحقوق الإنسان
Syrian Human Rights Committee (SHRC)
http://www.shrc.org
BCM Box: 2789, London WC1N 3XX, UK
Fax: +44 (0)870 137 7678

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل