أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عقيدي امحمد - مسرحية التمرين بين العرض والنص















المزيد.....

مسرحية التمرين بين العرض والنص


عقيدي امحمد

الحوار المتمدن-العدد: 1285 - 2005 / 8 / 13 - 09:53
المحور: الادب والفن
    


يعتبر النص المسرحي المؤشر الاول والاساسي الذي يحدد نوعية العرض المسرحي وشكله الذي يتابعه الجمهور ويتأثر به ، وغالبا مايكون ، تأثر الجمهور مطابقا لنوعية النص الذي يمكن أن يكون منسقا محكما او مهلهلا منهارا ، جادا صارما أوخفيفا مسرحا ، بحيث يمكن القول إن الكاتب المسرحي يحدد منذ البداية الهدف الاستراتيجي للعرض ، ولايمكن أن تبدا عناصر العرض المسرحي عملها قبل عنصر التأليف فا الانتهاء من كتابة النص هو بمثابة إشارة البدء للاخراج والتمثيل والديكور ، والموسيقى ، وذالك للعمل ضمن الفريق القائم على انتاج النص ، هذا بالنسبة للفرق الموجود بين النص والعرض من حيث الوسائل الدرامية المستعملة ، وهذا ماجاءت به مسرحية التمرين لمحمد بن قضاف ، والتي تروي قصة ثلاثة فنانين سعيد " محمد بن قضاف " المخرج . محمد " محمد عباس " الممثل جلول . " كمال بوعكاز " الموسيقي . حيث حاولوا بكل امكانيتهم البسيطة تحقيق حلمهم في تركيب مسرحية تتناول الاوضاع الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية التي تعيشها البلاد فا المسرحية تحوي يوميات المواطن الذي جسدها محمد عباس في دور علي المقهور ، من قبل جيرانه وكان يبحث عن وسيلة لاسماع صوته لكي يرفع عنه هذا الظلم ، فل يكفيه كتابة الرسائل ، بل لجأ الى قصر العدالة بحثا عن حقه المسلوب .
لنقول فيما بعد بأن محمد بن قضاف لم يستمد نصه من العدم بل نتيجة إلى ماعاشه الشعب الجزائري ، بصفة عامة ، والمثقف بصفة خاصة في السنوات الاخيرة من تهميش وحقرة وارهاب غاشم حيث أصبح كل من المواطن والفنان في هم مزدوج ، المواطن محقور ، والفنان مغبون ومنبوذ ، مصور لنا المرارة التي يعيشها الانسان معا في مواجهة بيروقراطية الادارة .
وقد قسم العرض المسرحي الى أربعة مشاهد أساسية تتقاطع مع يوميات هذه الفرقة التي تحاول أن تخرج عرضها الى النور ، لكن انعدام الفضاء حال دون ذالك ، فهي في ترحال بين ركح وأخر وتجد نفسها مجبرة على مغادرة القاعات واحدة تلو الاخرى ، بحجة اجتماعات نقابية أو حزبية .
لتنتهي المسرحية تحت صرخة محمد في ظلام دامس ، اذا هي سمفونية الصمت والغرابة التي أجتاحت القلوب والعقول معا وصولا الى أبواب قصر العدالة المغلقة التي تعني تلك المنافذ المسدودة في وجه هذا المضطهد ، وغياب لمعاني الاخلاص والاخوة والسلام التي لم تعد صالحة للاستعمال في توجيه رسالة المواطن الى المسؤول ـ إلا أننا نلمس في الاخير معاني التحدي والصمود التي يجب أن ، يتحلى بها المواطن والفنان معا .
أما فيما يخص الخطاب العام للاخراج ، والذي هو لفة موازية للغة النص المسرحي لكنها لاتظل على هذا التوازي حيث كلما بدات عملية الاخراج المسرحي يتحول هذا التوازي الى اتحاد وتفاعل ، فلا يحدث في العرض المسرحي أي انفصال بين الاقوال ، والافعال ، بل يبدو في النهاية وحدة متكاملة برغم عناصرها المتعددة التي سهر على بلورتها وتوظيفها فريق من الفنانين والتقنين بقيادة المخرج ، وهذا ما فعله المخرج محمد بن قضاف في مسرحية التمرين الذي حاول من خلال العرض تصوير معاناة الفنانين الجزائرين من ممثلين ، ومخرجين ، وكتاب محاولا بين الحين والاخر إيجاد حل للخروج من هذه الازمة ، وهذا من خلال تقديم أفكار قد يعجز على أي كان طرحها وهذا قد يرجع الى خبرته الميدانية ، فكان العرض في مجمله بؤرة تستفيض الاهتمام ، وتمهد الطريق أمام المتعة ، ومن خلال تتبعنا للعرض سجلنا بعض النقاط التي برزت فيها طاقة المخرج في الامساك بخيوط الحدث الدرامي وبالتالي إيقاعه ، فكان الاثر واضحا في السيطرة على الزمن الممتد عبر المشاهد والقاعات التي كانت تتغير بسبب الاجتماعات السياسية ، أو الاقتصادية واستطاعة لعبة اليقاع المتواترة والمتوترة أن تنقلنا من مكان الى أخر على خشبة المسرح المسطحة فلم يتغير فيها سوى اضواء البرجكتورات المتنقلة .
حيث استطاع محمد بن قضاف أن يبين لنا صورة واقعية نجدها في كل المسارح ومن أهمها مشكل القاعة ، والواقع المزري للثقافة الجزائرية ، وهذا ما أعطى نكهة شيقة للعرض المسرحي ، واعطى روحا للمثل محمد عباس والموسيقي كمال بوعكاز للتعبير عن هذا الهدف فكرة ، وجمالا ، فكانت أحكام اللعبة متقنة مضمونا وشكلا ، وذالك بسبب الخطة المتقنة التي سار عليها فريق العرض المسرحي ، والتي تهدف في مجملها الى استغلال الطاقات المتاحة ، وتجنب أي تعارض أوتصادم ، وهذا ماجعل العرض المسرحي يصل الى الجمهور في أحسن صورة .
أما فيما يخص اللغة ، يستحق عرض مسرحية التمرين وقفة متأنية لاستعرض مشكلة اللغة في المسرح الجزائري فالصراع بين الفصحى والعامية أصبح يشكل عائقا في دفع حركتيه الى الامام ، وفي العديد من الاحيان تحول هذا الصراع اللغوي الى جدار سميك يحجب عن الاهتمام بفنية المسرح وقدرته على أن يشكل حيوية إجتماعية تعطيه أهمية بين النشاطات الانسانية الابداعية وكانت أهمية محمد بن قضاف في كتابة نص مسرحية التمرين في استخدامه اللغة المحكية من اجل الحفاظ على الفصاحة الدرامية في الحوار الذي يصل الى الجمهور ، فكانت الافكار تتجلى بهذه الفصاحة المحكية بصورة تثير التساؤل ، فهو يجد نفسه يمنح العرض أهمية وقدرة على إحداث تغير روحي للواقع الذي يعرفه المسرح الجزائري خاصة ، والثقافة العربية عامة وجاءت مسرحية التمرين في الخط المناضل لتوصيل الافكار والصرعات الى المجتمع الجزائري كشحنات كهربائية ، تحمل الطاقات الفنية الى بطاريات الشعب الجزائري ، التي طلما جمدها النفاق اللغوي والسكون ، فاستعمال اللغة العامية لايقل أهمية في التعامل مع نص بالفصحى ، بل استطاع المخرج أستعمالها بحساسية مستوعية لفكرة اللغة .
الصراع إذن ليس بين اللغة العامية واللغة الفصحى ، بل هو صراع التوصيل وهذه الاخيرة لابد منها ، لنجعل إي عرض مسرحي لقمة مستساغة لعقول الجمهور ، وأن الاتفاق والفهم للنص هو المقياس الذي يحكم به على أي عرض مسرحي
حيث استطاع المخرج أن يشعل نار التوصيل في مسرحيته فكانت شاعرية بعض المشاهد ، وكانت البساطة تعطي نقلا للافكار المحكية ، ليصبح التواصل بين الخشبة والجمهور متألق حيث يخلق في النفس أثارا لاتمحى ، ونتائج تتضح اهميتها ونتائجها مع مرور الزمن أما فيما يخص تركيب الشخصيات ، لقد حاول المسرحي محمد بن قضاف أن يرسم لنا صورة الثقافة وهذا من خلال مسرحية التمرين وذالك بتقديمه شخصيات متماسكة لها مواقف ، ولها رأي ، وأهداف ، وهذا يرجع الى خبرته المسرحية الفائقة الحدود ، وقد وقف الممثل محمد عباس عند معاني النص وتصوره لهذه المعاني ، فقد تقمص الدور كما رسمه المخرج ، فالشخصية التي أكتسبها في المسرحية متفائلة طموحة ، تحبذ أن تؤدي أصعب الادوار وهذا ماشهدناه من خلال العرض بتقليده لشخصية هاملت ، لوليام شكسبير ، حيث أعطى للكلمات موقفا متصلبا متصلبا متشددا خاصة وأن مسرحية التمرين تتطرق للعديد من الجوانب بما فيها ، الاقتصادية السياسية الاجتماعية ، الثقافية ، فكانت الشخصيات في خدمتها فهي البطل الحقيقي في النص والعرض ، وكان اداء الشخصيات في أطار الحبكة العامة للمسرحية ، وهذا ماجعلها محصورة بين تطور المشاهد وتطورات وحدات العرض الدرامي الذي تحدد نهاية بتحويل الفريق المسرحي عبر العديد من قاعات العروض ، حاملة في طياتها نفس القضايا بنظرة تهكمية ساخرة خفيفة ، لكنه في كل الاحوال حافظ المخرج على مسافة محدودة بينه وبين مضمونه ، وهذا بغض النظر عن الشخصيات التي ألبسها ثوب التهكم والسخرية ، وهذا ماجعلها متفوقة في المستوى الفكري والفني مما يدفع بالمشاهد متابعة العرض بكل قواه العقلية ، ويحلال الدلالات والدوافع الكامنة وراء هذه السلوكات على النص المسرحي يعتبر المؤشر الاول والاساسي الذي يحدد نوعية العرض المسرحي وشكله الذي سيتابعه الجمهور ويتأثر به ، وغالبا مايكون تأثر الجمهور مطابقا لنوعية النص الذي يمكن ان يكون منسقا محكما أو مهلهلا منهارا ، جادا صارما أو خفيفا مرحا ، بحيث يمكن القول إن الكاتب المسرحي يحدد منذ البداية الهدف الاستراتيجي للعرض ، ولايمكن أن تبدأ عناصر العرض المسرحي عملها قبل عنصر التأليف فالانتهاء من كتابة النص هو بمثابة إشارة البداء للاخراج والتمثيل والديكور ، والموسيقى وذالك للعمل ضمن الفريق القائم على انتاج النص ، هذا بالنسبة للفرق الموجود بين النص والعرض من حيث الوسائل الدرامية المستعملة.



#عقيدي_امحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دراسة نقدية حول مسرحية الكترا
- المسرح المدرسي فضاء لاكتشاف المواهب وترسيخ الاسس التربوية
- دور الموسيقى الشعبية في ترقية المجتمع التواتي
- توني موريسون روايتها تجسد السخرية المأساوية


المزيد.....




- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عقيدي امحمد - مسرحية التمرين بين العرض والنص