أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - مودي بيطار - هيفاء بيطار في أبواب مواربة : ما أصعب ان تكوني امرأة في هذا الشرق















المزيد.....

هيفاء بيطار في أبواب مواربة : ما أصعب ان تكوني امرأة في هذا الشرق


مودي بيطار

الحوار المتمدن-العدد: 3 - 2001 / 12 / 11 - 21:49
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    



مقولة النسوية الاسترالية جرمين غرير بديهية في الغرب: التحرر الجنسي لمصلحة النساء والزواج لمصلحة الرجل. هيفاء بيطار تعكس المقولة رأساً علي عقب في أبواب مواربة الصادر عن دار نلسن، السويد، والذي حققت غلافه نورما بختي. النسوية خاسرة أساساً، تقول المؤلفة هيفاء بيطار التي تعمل طبيبة عيون في اللاذقية، سورية، وتستعد لانزال مجموعة قصصية الي السوق.
للمؤلفة كتاب واحد في السنة علي الأقل، ولئن ارضت الغزارة الكاتب دائماً فإن تأثيرها في القارئ قد يكون مختلفاً، إلا اذا كان المستوي هو نفسه في حالي النتاج المدروس والأقل درساً.
لا مكان للمرأة الجديدة في بلادنا، تقول بيطار التي تضطر بطلتها الي الهجرة هرباً من الاحباط والخوف، كانت سمر طالبة جامعية عندما أحبت رضا الثري وخرجت معه علناً علي رغم التحذير والاستهجان. نسويتها تبلغ ذروتها عندما تفقد عذريتها وتحمل فيجبرها رضا علي الاجهاض الذي يكاد يتسبب بموتها ويودي بالطبيب الي السجن، الفضيحة تفضح أيضاً نسوية سمر المزعومة، فهي لم تحب وتمارس الجنس مجاناً بل كانت متأكدة من أن حبيبها سيتزوجها، في مونولوغ مفعم بالنَفَس الصحافي والبوح، الذي عرفه أدب النساء في الستينات، تفاخر سمر بحريتها وتمردها وصدقها، لكن والدتها تضعف صورتها النرجسية عندما تشير الي التناقضات في شخصيتها. سمر تتمني الموت في سبيل رفع الظلم عن المظلومين لكنها تريد الثراء والعيش الرغيد. لن أتزوج إلا من رجل ثري(...) صاحب المبادئ والأخلاق شحاذ . ابنة العشرين إذاً ليست مثالية تماماً، وتطلب مقابلاً للمبادئ الغيرية وحب الحقيقة التي ملأت مونولوغها طوال 85 صفحة.
تخلق بيطار شخصيات لخدمة النقد الاجتماعي، وتكرر موضوع المرأة الضحية بعد ايقونة بلا وجه الذي صدر العام الماضي وربما غيره أيضاً. تستعيد سمر مأساتها وهي في منتصف العمر وتدين تجربتها قائلة ان اهم صفة للشباب هي الغباء . هل ارادت ان تكون رائدة أو مثالاً للحب الحر، تتساءل؟ تعرف ان شعورها بالتحدي فطري، لكن نبذها بعد الحادثة جعلها تحس انها لا تساوي شيئاً علي الرغم من الأسئلة المنطقية التي يقابلها مجتمعها بلا منطق كامل. في الصفحة 44: لماذا أنا ساقطة؟ ألأنني عاشرت رجلاً أحبه؟(...) كيف حدث هذا التحول في حياتي من شابة متفتحة علي الحياة، سعيدة(...) مؤمنة بالحب وحقها بعيشه بحرية الي عاهرة؟ . لم تعد صورتها فيها بل في الآخرين الذين دافعوا عن قيمهم السلفية بنبذها لكي لا تتحول الي رائدة كما ظننا. الآخرون هم الجحيم قال جان بول سارتر، وسمر اكتوت بناره، حتي فكرت في الانتحار وانفصلت عن تجربتها وتبرأت من جسدها. ما عدت أجرؤ علي التفكير انني أملك أعضاء تناسلية، وفكرة أن يلمسني رجل ترعبني . تتساءل عن قدرة الآخرين علي تعذيب بعضهم بعضاً، وتنجح الجماعة في عقاب الفرد عندما ينتقل الشرطي فيهم الي وعيه الخاص. نجحوا في جعلي احتقر نفسي علي الرغم من اقتناعها انها فتاة صادقة طاهرة، أحببت في النور(...) لم أكذب ولم أختبئ أو أنافق ص 65. وتؤرجحها المشاعر المتناقضة فتنتقص من أهلية ديّانيها، لكن يكفي ان يمثل هؤلاء الجماعة في مجتمع ضيق شبه بدائي لكي يملكوا القدرة علي رجمها.
ثوب الضحية واسع علي سمر التي لم تغلق الأبواب تماماً أمامها بل بقيت مواربة . الرجل ليس جلاداً في الرواية، بل مخصي وفق عرف المجتمع القبلي الريفي القيم الذي تعيش فيه. لم يقتلها والدها أو شقيقها لغسل العار واستعادة الاحترام كما تقتضي تقاليده بل واجهها الأب بعقاب حضاري خالص: الصمت. سمر هي التي تستفزه وتستغرب مقاطعته، وتطالبه بالرحمة والتعاطف كأن ألمها كان ثمناً كافياً للفضيحة والعذاب الذي طاول الأسرة. شقيقها هاني ينصحها بالتدين للتحايل علي مجتمعها وايهام الآخرين ان ندمها يستحق العطف واعادة التأهيل. موقف الرجلين موقف نسائي عادة في مجتمعاتنا، إذ لجأ احدهما الي المقاطعة والثاني الي الرشوة، وكلاهما يفتقر الي المبادرة ويحتال عند الضعف. هيفاء بيطار تكتب بلسان الأم التي تحذّر ابنتها من الوقوع في شرك شعارات النسويات وزخم الشباب، وبطلاتها سابقات علي النسويات لكنهن لسن كذلك. يتظلمن ويشكين ضياع الأنا لكنهن لا يملكن أدوات التغيير ولا يحتملن ان يكن رائداته أو ضحاياه. والدة سمر دعمتها في محنتها وساعدتها علي اجتيازها بحبها اللامحدود فمنعت انفصالها التام ورفضها، وإذ تقارن نفسها بل تحس ان ابنتها تتفوق عليها ربما لعمق صدقها مع نفسها . الأم أحست دائماً بتميزها وأحبطها ضياع ذلك في الطبخ والجلي والغسل والعناية بالأولاد. يرتجف قلبي تقول في ص 66 وأنا أدرك ان لا مستقبل خاصاً بي، وأنني في اللحظة التي أصبحت زوجة وأماً تنازلت عن حلمي الخاص وطموحي . الواقع انها فقدت فرديتتها ولم تجد مكاناً لها في زحمة الأسرة. الزواج يطفئ كل شيء متوقد في الروح ويحول المرأة الي ممسحة تقول، حتي الجنس يصبح واجباً وحباً رسمياً، وتختفي الرومنطيقية سريعاً لتحل العملية مكانها. في عيد زواجها الأول لم يهدها زوجها أزهاراً أو عطراً بل خفاقة بيض، وهي تتوق للانعتاق والعيش وحدها علي رغم تكريسها نفسها لأسرتها وربما بسببه.
الأم أجمل الشخصيات والتصاقها بالواقع كغيرها لا يمنعها من الثورة عليه. في مشهد تطهري جميل ترمي زجاجة الكحول التي أهدتها اياها صديقة طفولة تزوجت مسؤولاً أثري بفضل الفساد، وتتقيأ العصير الذي شربته عندها وتطلق سباباً فاحشاً تعجبت من قدرة ذاكرتها علي حفظه. تجمع الحب والحكمة وتجد القوة لتمنع انهيار ابنتها تماماً علي الرغم من خيبتها واحباطها لضياع روحها في التفاصيل وخسارتها موهبتها في الرسم التي ورثتها سمر.
يبلغ النقد الاجتماعي حد الكاريكاتور في هند التي تدرس العلوم في الجامعة ولا توفق بوظيفة ملائمة فتتزوج ثرياً شبه أمي يكبرها بربع قرن وفي سجله زوجة أولي وستة أولاد. عرفت الجحيم في علاقته الجسدية به ثم اتخذت عشاقاً أنفقت عليهم من ماله واكتشفت كرمه.
أبواب مواربة حافلة بإدانة مجتمع تشيخ فيه روح الشباب في مطلع شبابهم فيبحثون عن الضمان المادي بأي وسيلة. هند تبيع نفسها ولا تحظي حتي بوهم الحب، هاني يفضّل كرة القدم الحل السحري للفقر علي الجامعة، رامز يتظاهر انه شخص متنور يحب سمر ولا يتأثر بتجربتها لكي يستخدم مرسمها مكتباً له. الحياة كريمة مع السفلة وبخيلة مع الشرفاء والأوادم تقول هند، وما يثير القرف والخوف في بلاد متخلفة كثير. تحقق سمر الحلم الأقصي للمنبوذين وتصبح فنانة مشهورة لكنها تبقي قحبة صارت رسامة مشهورة للآخرين. بعد خيبتها برامز تترك بلادها الي الحلم الأميركي. لا تبقي لتتحدي وتدعم مثيلاتها بل تهرب، والمختصر المفيد في أبواب مواربة تقوله الأم علي لسان أربع نسوة معذبات: كم هو صعب ان يكون الإنسان امرأة في هذا الشرق .

ہ فازت الكاتبة هيفاء البيطار بجائزة ابو القاسم الشابي التونسية عن مجموعتها القصصية الساقطة (دار رياض الريس للنشر).



#مودي_بيطار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- “سجل الان” طريقة التسجيل في منحة المرأة الماكثة في البيت 202 ...
- ليست الحقيقة.. مفاجأة في فيديو زعم ناشروه أنها فرحة مسن رزق ...
- عالم مصريات شهير يعلن الفشل في العثور على مقبرة الملكة كليوب ...
- من بينهم مشاهير في تيك توك.. عصابة -اغتصاب الأطفال- في لبنان ...
- السعودية.. القبض على شخص تحرش بامرأة والأمن يٌشهر باسمه
- دفنت في العراق قبل 75 ألف سنة.. علماء يكشفون شكل امرأة النيا ...
- الكشف عن وجه امرأة -نياندرتال- عمرها 75 ألف عام
- تحديد الجنس الأكثر عرضة للوفاة المبكرة
- تهم “الإرهاب” الكيدية تلاحق الناشطات مناهل العتيبي وبشرى بلح ...
- هل هناك -فجوة صحية- بين النساء والرجال؟ دراسة تجيب


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - مودي بيطار - هيفاء بيطار في أبواب مواربة : ما أصعب ان تكوني امرأة في هذا الشرق