أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ميخائيل الخوري - ثقافة التلفزيون














المزيد.....

ثقافة التلفزيون


ميخائيل الخوري

الحوار المتمدن-العدد: 1279 - 2005 / 8 / 7 - 11:59
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يمارس جهاز التلفزيون في أيامنا هذه، نوعاً من التأثير السلبي على عقل المواطن العربي البسيط، الذي بات يقضي معظم أوقاته مسمّراً أمام شاشته الصغيرة، يشاهد كلّ ما يأتيه به العالم من برامج، بمجرّد كبسة واحدة على أحد أزرار جهاز التحكّم الموجود بين يديه.

لقد نسي هذا المواطن بشكل شبه كامل، معنى القراءة أو الكتابة أو سماع الموسيقى، منذ أن انساق وراء إغراء هذا الجهاز، فلا تراه إلا وقد انبطح على فراشه أو إحدى كنبات المنزل، يقلّب القنوات التي يؤمّنها له الاشتراك في خدمة الكابل على مدار الـ24 ساعة، ليشاهد مجموعة من الأفلام السينمائية التي تسدّ النفس بتفاهتها، أو نشرات الأخبار المضجرة التي تتناقلها الشبكات بعضها عن بعض، أو برامج المقابلات التي تتكرّر فيها الأسئلة والأجوبة الغبية، دون إغفال برامج "تلفزيون الواقع"، الخالية من أيّ شكل من أشكال الواقعية أو الإثارة أو التشويق، والحافلة بأشنع مظاهر البساطة والسخف والفراغ العقلي.

هذا، ناهيك عن أنّ التلفزيون بات يشكّل لدى الكثير من العائلات العربية، لا سيما العاملة منها، الوسيلة الأنجع لتهدئة الأطفال، عن طريق وضعهم لساعات طويلة أمام الشاشة، بدلاً من قراءة القصص والروايات المسلّية لهم، أو مشاركتهم اللعب في أوقات محدّدة من النهار...إلخ.

وأما الأحداث المليئة بجرائم القتل والاغتصاب والعنف، فقد أصبحت تشكّل القسط الأوفر من البرامج التي يتابعها الشباب العربي اليوم على القنوات التلفزيونية المختلفة، بعد أن أصبحت الأشرطة الوثائقية التي تتحدّث عن القضايا الإنسانية أو التي تتناول عالم الحيوان مثلا،ً بعيدة وغامضة بالنسبة إليه.

إنّ هذا الإدمان الهستيري على التلفزيون، ساهم بشكل كبير في إضعاف قوّة العقل البشري على التحليل، فسيل الصور والكلام الذي يتدفّق منه، حلّ مكان التفكير الذهني عند الإنسان المدمن، حتى أضحى التلفزيون، بشكل أو بآخر، الناطق الرسمي بأفكاره، والمؤثّر المباشر، الذي يفرض عليه مفاهيم جديدة، مغايرة للمفاهيم التي كان يؤمن بها في السابق، تجاه قضية معيّنة من القضايا السياسية أو الاجتماعية أو الثقافية أو الإنسانية.

فإذا أخذنا اليوم مثلاً قضية الإرهاب، التي باتت تشغل بال أكثرية دول العالم، نجد أنّ هذا التعبير، أصبح بالنسبـة لكثيـر مـن المشاهديـن السذّج، ملازماً للإنسان العربي، المسلم بوجه التحديد، فقط لأنّ قناةً كالـ"سي أن أن" الأميركية، أو الـ"بي بي سي" البريطانية، أو غيرها من القنوات الأجنبية الأخرى، بثّت تقريراً حول مسؤولية بعض المنظمات ذات "الطابع الإسلامي"، عن تفجيرات طالت مدناً غربية (أو عربية) محدّدة، أو صوّرت ريبورتاجاً عن عمليات نفّذها حزب الله "الإرهابي!" ضد الجيش الإسرائيلي في مزارع شبعا اللبنانية، أو عن هجمات قامت بها حركتا حماس أو الجهاد الإسلامي "المتطرفتان!" داخل الأراضي الفلسطينية المحتلّة...إلخ. فكأنّ كلّ ما تعلمناه في السابق، عن أنّ الإرهاب لا يرتبط بدين أو بفكر محدّدين، وأنّ هناك فرقاً شاسعاً بين مفهومي المقاومة والإرهاب، كان وهماً وضرباً من ضروب الخيال، وأنّ الحقيقة تكمن في تلك المفاهيم الجديدة التي تلقّننا إياها اليوم المحطّات التلفزيونية على اختلاف أنواعها.
إنّ المواطن العربي أصبح اليوم أكثر انقياداً وأسهل انسياقاً من ذي قبل، بفضل سيطرة التلفزيون على أفكاره وقناعاته، وبعده المتزايد عن أجواء الثقافة بكلّ أشكالها السياسية والاجتماعية والإنسانية، والتي تشكّل العودة إليها الحلّ الوحيد الذي بإمكانه أن يحطّم هذه الصورة المخيفة لملايين المواطنين العرب الذين طوّعت إرادتهم وأخضع وعيهم وهم غافلون.







الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- -تُبت إلى الله-.. داعية مصري يثير التكهنات حول اعتزال المطرب ...
- طهران تهدد بالردّ الصارم على أي خطوة إسرائيلية متهورة
- جولة مفاوضات ثانية في إسطبول بين الروس والأوكرانيين
- إيران: سنرد على المقترحات الأمريكية وفق مصالحنا الوطنية والت ...
- السيسي يلتقي وزير خارجية إيران ويحذر من حرب شاملة
- تركيا تأمل بأن يتم في نهاية المطاف لقاء بين بوتين وزيلينسكي ...
- غروسي يؤكد دور مصر -الواضح- في محاولة تسوية الملف النووي الإ ...
- السعودية.. حجّاج من الصين ينظفون شوارع مكة المكرمة
- مباحثات أمنية بين مديري المخابرات السودانية والإثيوبية في بو ...
- مغردون: هجوم أوكرانيا على روسيا يستدعي ذكريات بيرل هاربر ومخ ...


المزيد.....

- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ميخائيل الخوري - ثقافة التلفزيون