أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد محمد موسى - مراجعات أدبية، لماذا تخلى أوباما عن مبارك؟















المزيد.....


مراجعات أدبية، لماذا تخلى أوباما عن مبارك؟


أحمد محمد موسى

الحوار المتمدن-العدد: 4507 - 2014 / 7 / 9 - 07:46
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تنظر الولايات المتحدة الأمريكية إلى مبارك على انه الحليف الاستراتيجي لها في الشرق الأوسط بعد إسرائيل، مبارك على مدى ثلاثة عقود حكم بها مصر كان له الفضل الذي تعترف به الولايات المتحدة الأمريكية في رعاية مصالحها في الشرق الأوسط، بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية تكمن مصالحها في توفير الممر الأمن لناقلات النفط عبر قناة السويس ، والمحافظة على امن إسرائيل والتحالف ضد الإرهاب، كما وان السياسة الأمريكية الخارجية تنظر إلى مصر كدولة محورية في الشرق الأوسط تضمن الاستقرار السياسي بالحفاظ على قوة الدفع في عملية السلام في الشرق الأوسط، وكل هذه المصالح كان يرعاها مبارك ، وكانت الولايات المتحدة الأمريكية تزيد من دعمها لمبارك الذي حظي بلقب الحليف الاستراتيجي.

لكن مبارك تنحى عن حكمه اثر موجة احتجاجات شعبية عمت شوارع مصر طالبت بداية بالإصلاح ثم تحول المطلب إلى إسقاط مبارك ونظامه الذي زاد البلاد فقرا ، وكتم الحريات ، وسجل ما سجل من انتهاكات لحقوق الإنسان، إلى أن انتهى به الأمر لمحاولة توريث الحكم .
ومن الملفت للنظر أيام الثورة المصرية الموقف الأمريكي المتقلب عبر وسائل الإعلام، فقد خرجت علينا وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون في أول أيام الثورة لتقول إن نظام مبارك مستقر ، وبعد توسع حركات الاحتجاجات بدأ الموقف الأمريكـــــي يضغط على مبارك إلى ضرورة تقديم الإصلاحات ، ليستقر أخيرا الموقف الأمريكي على مطالبة مبارك بضرورة التنحي .

سؤال البحث.
بناء على ما سبق، فإن المكانة التي كان يتمتع بها مبارك عند الولايات المتحدة الأمريكية مكانة لا توازيها مكانة، فهو المحافظ على مصالحها في الشرق الأوسط ، لكن ينقلب الموقف الأمريكي عليه في أيام الثورة ويدعم مطالب الشعب ويدعوه إلى الرحيل وترك السلطة يجعل من الضروري إثارة سؤال يكون موضع بحث واهتمام ألا وهو:
لماذا تخلى اوباما عن حليفه الاستراتيجي مبارك في ثورة 25 يناير2011 ؟ وكيف اثر ذلك على عملية التحول الديمقراطي في مصر؟
لعل هذا السؤال مهم وخاصة ما تشهد به المنطقة من تغيرات تثير مجموعة من الأسئلة الأخرى حول الموقف الأمريكي من الأحداث في مصر، وأهمها:

ما هي الأسباب وراء تغير موقف اوباما من مبارك في أخر أيام ثورة 25 يناير؟
ولماذا اختلف الموقف الأمريكي من الأحزاب الإسلامية في مصر وخاصة الإخوان المسلمين؟
كما أننا نتساءل كيف سيؤثر موقف اوباما الداعم للثورة في مصر على نظرة المسلمين إلى أمريكا؟
وما هو الموقف الأمريكي من علاقات الأحزاب الإسلامية في الوطن العربي مع حماس وإيران؟
ويحق لنا أن نتساءل عن ماهية الضمانات أو المواقف التي قدمتها الأحزاب الإسلامية لأمريكا ولمصالحها في الشرق الأوسط؟ وكيف ستحافظ أمريكا على مصالحها الإستراتيجية من خلال التحالف مع التيار الإسلامي؟
وما هي نوع الديمقراطية التي ستدعمها أمريكا في مصر بعد مبارك؟

كل هذه الأسئلة سنناقشها بناء على الأدبيات المتوفرة.



مراجعة الأدبيات.
في سياق مراجعتي للأدبيات المتعلقة بموضوع تخلي أوباما وإدارته عن الحليف الاستراتيجي مبارك في ثورة 25 يناير 2010 تبين أنها تتمحور في أحداث متقلبة عبر فترات زمنية ، لذلك سأبدأ بعرض الأدبيات بناء على تسلسل منطقي للأحدث التي تشير إلى توتر في العلاقات الأمريكية المصرية في فترة حكم بوش واوباما مرورا بمرحلة الثورة المصرية والموقف الأمريكي منها وصولا إلى انعكاس هذا الموقف على التحول الديمقراطي في مصر، ومما يؤكد على تمحورها أيضا إن المتابع لوسائل الإعلام يرى إن الموقف الأمريكي في تعامله مع الأحداث كان متقلبا، ففي أول أيام الاحتجاجات خرجت علينا وزيرة الخارجية الأمريكية لتقول لنا أن نظام مبارك مستقر، وبعد زيادة الحركات الاحتجاجية بدأت الإدارة الأمريكية بمطالبة مبارك بضرورة إجراء إصلاحات ، ومع توسع الحركات الاحتجاجية دعت أمريكا إلى ضرورة تنحي مبارك ، أي إن الموقف الأمريكي كان يستجيب لمطالب الثورة المصرية. (ياسين2010،88).
ربطت الولايات المتحدة الإرهاب بسبب غياب الديمقراطية في الشرق الأوسط بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 ، لذلك سارعت الولايات المتحدة الأمريكية إلى ضرورة تطبيق الديمقراطية في الشرق الأوسط بهدف سحب العداء والمحافظة على مصالحها من خطر التهديدات ، لكن سرعان ما تنبهت إلى خطر الإسلاميين في حال وصولهم للحكم ، لذا بدأت تضغط على حلفائها بضرورة إجراء إصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية حتى تحد من انتشار الإرهاب (ياسين2010،89).
كما وان الرئيس بوش عندما التقى بمبارك في القمة التي جمعتهما في مزرعة بوش في كراوفورد عام 2005 عرض عليه التقارير التي رصدتها وزارة لخارجية الأمريكية والتي تسجل انتهاكات لحقوق الإنسان والحد من الحريات في مصر ، وأراد بوش الضغط على مبارك كي يتبنى النموذج الأمريكي في الثقافات والممارسات السياسية ، لكن مبارك رفض لأنه كان يصر على إن الإصلاح السياسي يجب إن يخرج من الثقافة السائدة في المجتمع العربي، واعتبر هذا الضغط تدخل في الشؤون الداخلية المصرية.(بطرس2010،103)

لم تتوقف الجهود الأمريكية الرامية إلى الإصلاح في مصر ، لكن مبارك وأعوانه راحوا يتلاعبون بهذه الإصلاحات من اجل فرض رأسمالية المحسوبية على طريقتهم الخاصة ، كما وان مبارك تعهد بفرض إصلاحات دستورية عام 2005 لكن هذه الإصلاحات فرضت قيودا على الحدود السياسية وحقوق الإنسان ، مما جعل الإدارة الأمريكية تفرض عقوبات على مبارك ، لكن في عام 2006 تراجعت إدارة بوش عن المطالبة لما شهدته من أزمات متصاعدة في فلسطين والعراق ، وفي عهد أوباما كانت المطالبات ملحة على مبارك من اجل فرض الديمقراطية ورفع حالة الطوارئ، والسماح للمراقبين الدوليين بمراقبة الانتخابات ، لكن تحول مبارك ضد اوباما ، لذلك اكتفت الإدارة الأمريكية بالحفاظ على علاقات طيبة مع مبارك، وعندما اندلعت الثورة المصرية اخذ الأمريكيون يستنبطون خطابات دعوا من خلالها إلى الإصلاح في مصر على مدى فترة حكم مبارك ، لكن المصريين تابعوا هذه الخطابات عن كثب وخاصة أنها لم تبدي أي جدية في الترويج لإصلاحات حقيقية، لذلك كان على إدارة اوباما أن تثبت ذلك مع المصريين من خلال الدعوة إلى انتقال منظم للسلطة.(دان 2011)
ومما يؤكد على توتر العلاقات أيضا أن اوباما عندما جاء إلى الحكم تخلى عن سياسات بوش، حيث كان ينظر اوباما إلى هذه السياسات إنها تدعم الإصلاح من الخارج، ونتيجة ذلك كان مجيء حماس والإخوان المسلمين إلى السلطة، ثم إن هذه السياسات جعلت الانطباع العربي ينظر إلى أمريكا إن الديمقراطية وانفتاح النظم السياسية لم يعد من أولوياتها ، مما جعل العلاقة تتوتر بين اوباما ومبارك خاصة إن مبارك لم يكن يستجيب للضغوط الأمريكية بشأن الإصلاح ، وزيادة تمرد مبارك ومحاولة توريث الحكم جعلته حليفا للولايات المتحدة الأمريكية يفقد التأيد الشعبي ، فما نفع هذا الحليف بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية إن لم يهدئ المخاوف تجاه إيران أو أي شيء أخر؟، ثم إن الثورة في مصر لم يقدها الإسلاميون بل قادها جميع الشعب المصري لذلك كان على الولايات المتحدة مساعدة هذه الدول على التحول التدريجي الذي يخلق بدوره الاستقرار والسلام (المعشر2011) . لعل المعشر يحاول في مقالته إعطاء حل للولايات المتحدة الأمريكية يكمن في : إذا أرادت الولايات المتحدة الأمريكية الحفاظ على مصالحها فعليها دعم مطالب الشعب. لكنه لم يتنبه إلى خطر الإسلاميين الذي كانت أمريكا تخشاه وهذا يثير تساؤل : لماذا أصبحت الولايات المتحدة في حاجة إلى التعامل مع الإسلاميين كي تؤمن مصالحها في الشرق الأوسط؟
يشير محيو في دراسته أن الإدارة الأمريكية طورت إستراتيجيتين تجاه الشرق الأوسط، الأولى: التحرك لتغيير الأنظمة وإعادة تشكيل الشرق الأوسط، والثانية: عالمية وهي الحروب الاستباقية، فامن النظام العالمي بات بات يفرض جلب شرق أوسط جديد ، وان الدافع الأمريكي عند اوباما تحديث العالم العربي وجلبه للحداثة، نظرا لما سببته الأنظمة الاستبدادية التي بات على إثرها التطرف وتهديد المصالح الأمريكية ، خاصة وان هذه الأنظمة فقدت الشرعية في الداخل وباتت في صراع مع شعوبها ، وبسبب نمو القوى الإسلامية في العالم العربي وإذا ما سيطرت على الحكم سيصبح هناك صراع مع القوة الغربية حددت أمريكا شروط لهذه القوى في حال وصولها للحكم ، وهي عدم مصادرة الحريات ، وتقبل المبادئ الديمقراطية ، وعدم تهديد المصالح الأمريكية ، وهذا فعلا ما نشهد به اليوم من خلال مراقبة الأحداث.(محيو2011)
ويؤكد بوروما أن تدليل الولايات المتحدة للحكام الطغاة على مدى نصف القرن الماضي ما داموا ممتنعين عن مهاجمة إسرائيل وبقاء الإسلاميين تحت سيطرتهم زادت من التأجيج والتطرف الإسلامي ، لذلك فان معاداة الإسلاميين لم تعد تضمن الحماية للمصالح الأمريكية في المنطقة ، وفي الثورة المصرية دعت الولايات المتحدة الأمريكية إلى انتقال سلمي منظم للسلطة ، لأنه كان من الضروري أن تدعم مطلب الشعب وتقف بجانب الشعب خاصة أنها تضمن إن الاقتصاد في أيدي المجلس العسكري ، وان بناء المؤسسات أمر صعب في البلاد العربية ، مما اثأر المناداة بمساعدات أمريكية وعن طريق هذه المساعدات تبقى خطوط التواصل مفتوحة بين البلدين. (بوروما 2011،57)، أي أن أي حكومة سوف تأتي إلى الحكم سيكون الدعم الأمريكي ورقة ضغط عليها، لكن لماذا لم يتنبه الباحث إلى نقطة مهمة، في حال وصول الإسلاميين إلى الحكم من الممكن إن يتحالفوا مع إيران ويتلقون منها مساعدات تغني عن المساعدات الأمريكية.
يبين شوارتز إن حركات الاحتجاج في مصر أيام الثورة كان لها اثر على الاقتصاد المصري ، إذ لو تدخل الجيش لفض هذه الاحتجاجات لكان قد اضر بالمصالح الاقتصادية لرموز مبارك ، وكان كلما زاد تشبث مبارك بالسلطة زاد الاقتصاد ضررا وخصوصا السياحة، ومع توسع حركات الاحتجاج وامتدادها لتشمل السويس وعمال قناة السويس كان الخطر يوشك على تسبب أزمة عالمية ، لان إغلاق هذه القناة التي توفر العبور لناقلات النفط سيعتبر كارثة عالمية تضر بالمصالح الغربية ، لذا بدأ القادة العسكريون والدول الغربية بالبحث عن حل أكثر جاذبية من العنف الا وهو رحيل مبارك، مبارك كان على استعداد بالتضحية من اجل كل هذا لكن الضغوط الخارجية والداخلية أجبرته على التنحي.(سوارتز2011،53). لكن الكاتب لم يوضح التطورات التي ستطرأ على الحكم بعد مبارك ، وهذا يثير سؤال: هل كان يخطط الغرب لوضع حليف مكان مبارك من رموز مبارك؟
يوضح عروري ذلك ، فمن خلال ترحيب الولايات المتحدة الأمريكية بالانتقال السلمي للسلطة كان من وراءه ما يلي: قيام شخصية مبارك عن الحكم مع بقاء نظامه واستبدال مبارك بعمر سليمان وبهذه الطريقة تكون الولايات المتحدة قد هدأت الاحتجاجات وحافظت على مصالحها ، يضاف أن الديمقراطية التي تدعمها الولايات المتحدة الأمريكية تعتمد على الاستغلال وبقاء البلاد العربية في حالة تبعية لها لأنها ستتعامل مع رموز النظام السابق حتى لو فاز الإسلاميون ، ويؤكد الباحث هذا بما حصل عندما فازت حماس في الحكم عام 2006 ، حيث بقيت الولايات المتحدة تتعامل مع رموز عباس ولم تعترف بهذه الانتخابات.(عروري 2011،55)
أما مطر فينظر إلى استجابة الولايات المتحدة الأمريكية لمطالب الشعب جاءت من منظور الهاجس الإيراني ، إذ لو وقف اوباما بجانب الأنظمة الاستبدادية لكان من المحتمل أن تحصل فتن وحروب في المنطقة ، وهذه الحروب سوف تؤثر على المصالح الأمريكية في المنطقة ، واوباما عندما استلم الحكم كان الهاجس الأكبر عنده تحسين الاقتصاد الأمريكي الذي خلفه بوش ، لذلك اختار اوباما أن يقف بجانب الشعوب ليذب التحول العربي إلى مداره لاستخدامه كأداة تعوض غياب الأدوات العسكرية في مواجهة إيران ، بالإضافة إلى المحافظة على المصالح الأمريكية عن طريق دعم الأنظمة التي سوف تأتي إلى الحكم وفتح قنوات الاتصال معها. (مطر2011)
أما بالنسبة لتعامل الولايات المتحدة مع الإسلاميين فيبين ساتيك إن تركيز الموقف الأمريكي في الاحتجاجات اظهر انه لا يريد إغضاب الشارع المصري ، وذلك لان الأمريكيون وجدوا في الإسلام شريكا في مواجهة التمدد الشيوعي ، وتريد إن تستخدم الإسلاميين أداة للمواجهة من خلال إقامة أنظمة إسلامية مدعومة أمريكيا ، وبما لها هذه الأنظمة من شعبية وجماهير تكون أكثر مساعدة من أنظمة الحكم الاستبدادي التي لم تعد تتمتع بجماهير في كبح جماح الحركات اليسارية والشيوعية المدعومة من التحاد السوفيتي، أما فيما يختص بخوف الولايات المتحدة من الإسلاميين إذا وصلوا للحكم فان الكاتب يبين أن أمريكا تعاملت من قبل مع الإسلاميين ، وذلك من خلال الصراع الذي دار بين الإسلاميين والدولة في الجزائر مطلع التسعينيات، حيث فتحت واشنطن خطوط الاتصال مع المعارضين الإسلاميين عن طريق استضافتهم على أرضها ، ثم ساهمت في اتفاق الهدنة بين المؤسسة العسكرية وجيش الإنقاذ الإسلامي التي أسفرت عن تولي بوتفليقة للحكم، ومنذ تولي اوباما للحكم عمل على سحب العداء الإسلامي لبلاده من خلال الخطاب الذي وجهه إلى العالم الإسلامي من جامعة القاهرة، والتصالح مع الإسلاميين اقتضى وجود حل للقضية الفلسطينية التي لم تعد الولايات المتحدة قادرة على حفظ الاستقرار والسلام في العراق وأفغانستان بدون حلها، لذا ستتساعد أمريكا مع الإسلاميين إذا توصلوا للحكم من اجل إيجاد حل للقضية الفلسطينية حتى تحافظ على مصالحها.( ساتيك 2011،)

ينظر المعشر إلى تخلي الإدارة الأمريكية عن مبارك جاء نتيجة رد فعل للبحث عن أنظمة جديدة بعد إغلاق الأنظمة الاستبدادية لأي فضاء سياسي يساعد في ظهور قادة يتمتعون بتأيد شعبي يساعد في عملية السلام ويهدئ المخاوف تجاه إيران، وعندما تفاجأت الولايات المتحدة بالثورة في تونس ومصر كان عليها أن تدعم الشعب والحكومات الجديدة لأنها تؤدي إلى الاستقرار والسلام .(المعشر2011). لكن كيف تؤدي إلى الاستقرار؟ وكيف تريد أمريكا التعامل معها، لم يوضح الكاتب.
يحاول حسين أن يوضح ذلك ، فهو يرى إن تخلي اوباما عن مبارك عندما أصبح مبارك غير قادر على الحكم كان من ورائه مخطط للمرحلة القادمة، خاصة إذا سيطر الإسلاميين على الحكم ، إما أن تعود مصر مع الولايات المتحدة كحليف، وإما لا تعود، إذا لم تعد فيصبح تقسيم مصر وإضعافها مطلبا ضروريا من مطالب أمريكا خوفا من تعاملها مع الإسلاميين وخصوصا حماس وحزب الله، لذلك تنظر الولايات المتحدة الأمريكية إلى الأوضاع في مصر عن كثب، وذلك عن طريق إرساء الفتنة الطائفية لإرباك أي حكومة قادمة بعد مبارك ، مع السعي لتسليح جماعات وتمويلها ، بالإضافة إلى بقاء الاقتصاد المصري ضعيفا حتى يكون إنعاش الاقتصاد ورقة ضغط على أي حكومة ، كما وإنها تسعى إلى دعم شخصيات لها باع في العلاقة مع الولايات المتحدة الأمريكية ، وإذا خسرت هذه الشخصيات تكون مهمتها في عرقلة الدولة ، بالإضافة إلى السعي على دول تحتضن العمالة المصرية حتى تكون أيضا ورقة ضغط على أية حكومة مقبلة ، وأخيرا الإبقاء على صحراء سيناء منطقة منزوعة السلاح مع السعي لإثارة القلق فيها حتى تدخلها لحلف شمال الأطلسي وتكون بذلك قد أمنت حدود إسرائيل ومصالحها.(حسين2011)

أما حمد فينظر إلى انعكاس التخلي على التحول الديمقراطي في مصر من منطلق ما تقوم عليه السياسة الأمريكية، فالسياسة الأمريكية في الشرق الأوسط تقوم على إن الولايات المتحدة تعتمد على حلفائها في تامين مصالحها وتقوم بالتخلي عنهم عندما يواجهون خطر السقوط وقد فقدوا دورهم ، وهذا التخلي يكون لصالح بدلاء زعمتهم أمريكا في تامين مصالحها الإقليمية والمحلية ، كما وإنها تزرع جيوشا في حلفائها تكون قوة احتياط ، لكن لا يوضح من هم البدلاء وكيف سيساعدونها في تامين مصالحها، ثم ينتقل ليبين إن الولايات المتحدة الأمريكية بعد الربيع العربي ستواجه تحديات مع الحكومة المنتخبة في مصر ، ولعل من أبرزها : بروز قوة الإسلام التي تزيد من المخاطر الأمنية على إسرائيل ، لذلك عندما صدمت أمريكا بالثورات ركضت مسرعة إلى دعم الديمقراطية في هذه البلدان كي يكون دعمها مدخلا للمشاركة والحضور مع أي حكومة مقبلة من اجل المحافظة على مصالحها من جهة ، ومن جهة أخرى تكون قد فتحت قنوات الاتصال مع الإخوان المسلمين.أما فيما يختص بتخوف أمريكا من الإسلاميين ، فيرى الكاتب إن القوة الليبرالية والعلمانية التي ارتبطت بها أمريكا لم تعد تتمتع بشعبية وخصوصا في مصر، لذلك لم تعد تعتمد عليها في الدفاع عن مصالحها، والحكومة المستقبلية في مصر سواء كانت من الإخوان وغيرهم من التيارات الإسلامية ستكون حكومة منتخبة من الشعب ، ولا يمكن لهذه الحكومة المغامرة بمستقبلها السياسي مع أمريكا بعيدا عن مصالح الشعب.(الحمد2012،8)

أما هيكل فيرى أن تمرد إيران أصبح يتطلب شرق أوسط جديد خشية التطرف والإرهاب وتهديد المصالح الأمريكية، فهو يرى إن إقامة شرق أوسط جديد مدعوم أمريكيا سيساعد في استخدامه كقوة في وجه إيران.(هيكل2012،320)

من الملفت للنظر إن الأدبيات السابقة وتحليلاتها كانت متناقضة بشأن تخلي اوباما عن مبارك وكيفية انعكاس الموقف الأمريكي على التحول الديمقراطي في مصر بعد مبارك ، إذ يتضح من الأدبيات أنها تركزت فيما يلي:
1- توتر العلاقات بين اوباما ومبارك من خلال تمرد مبارك في فرض الإصلاحات التي دعت إليها الولايات المتحدة الأمريكية والتي تحد من التطرف والإرهاب كان سببا في تخلي اوباما عن هذا الحليف مع البقاء على نظامه ووضع حليف أخر من رموز مبارك يساعد في فرض إصلاحات تحد من التطرف والإرهاب .
2- تخلي اوباما عن مبارك كان بغرض كسب أنظمة جديدة أكثر انفتاحا تساعد في مواجهة الخطر الإيراني وتحافظ على السلام مع إسرائيل وتساعد أمريكا في مواجهة التمدد الشيوعي المدعوم من الاتحاد السوفيتي خاصة بعد فقد الأنظمة الاستبدادية لجماهيرها.
3- أي حكومة مستقبلية في مصر لا بد أن تأخذ في اعتبارها المحافظة على المصالح الأمريكية ، لان المساعدات الأمريكية ستكون ورقة ضغط على هذه الحكومات سواء كانت من الإسلاميين أو غيرهم .
4- إذا فاز الإسلاميون في الحكم وحاولوا التحالف مع قوى مثل إيران وحزب الله وحماس ضد إسرائيل ستستخدم أمريكا مخطط تقسيم مصر من خلال إثارة الفتنة بهدف تسليم سيناء لحلف شمال الأطلسي التي ستؤمن حدود إسرائيل وتحافظ على المصالح الأمريكية .
المراجع.
بطرس، ماجد رضا.2010. "العلاقات المصرية الأمريكية المضامين والمستقبل".المجلة العربية للعلوم السياسية62: 91-109.

بوروما، إيان.2011." اوباما يحسن صنعا". الكتب وجهات نظر145: 57-57.

حسين، فوزي حسن.2011." ماذا ينتظر مصر ؟". المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات. الوصول في 5 كانون أول 2012.
http://www.dohainstitute.org/release/d0ba61fb-d980-45ff-9748-122133cda87b

الحمد، جواد.2012." سياسة أمريكا في المنطقة بعد الربيع العربي وموقع الحركات الإسلامية منها". دراسات شرق أوسطية 59: 7-11.

ساتيك، نيروز غانم.2011. " هل نشهد تغير الموقف الأمريكي من الإسلاميين في المرحلة القادمة". المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات. الوصول 13 تشرين الثاني2012.
http://www.dohainstitute.org/release/f98690ee-1e34-4c4d-bb41-dc1753076e5d

شوارتز، مايكل.2011."السيد أوباما مبارك سقط". الكتب وجهات نظر145 : 52-54.

عرورى، نصير.2011." الديمقراطية المأزق الأمريكي في مصر".الكتب وجهات نظر145: 55-56.

محيو، سعد.2011." في الذكرى العاشرة لهجمات 11سبتمبر.. هل الربيع العربي صنع في امريكا؟" swissinfo.ch. الوصول في 12كانون أول 2012.
http://www.swissinfo.ch/ara/detail/content.html?cid=31089664
مطر، حسام محمد.2011." هاجس أمريكا الأكبر في الربيع العربي إيران".المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات . الوصول في 10 كانون أول 2012.
http://www.dohainstitute.org/release/416cc60f-3ca7-4c34-ac08-b0fca8eada46

هيكل، محمد حسنين.2012.مبارك وزمانه:ماذا جرى في مصر ولها؟.القاهرة: دار الشروق.

ياسين، أشرف محمد عبد الله.2010." السياسة الأمريكية تجاه الإصلاح السياسي في الشرق الأوسط".المجلة العربية للعلوم السياسية 26: 67-89.

Dunne, Michele.2011.” Too Late for Reform Now”. Carnegie Endowment For International Peace. Accessed October 25,2012. http://carnegieendowment.org/2011/01/31/too-late-for-reform-now/cfk

Muasher, Marwan.2011.” How the U.S. Can Back Mideast Reform”. Carnegie Endowment For International Peace. Accessed October 25,2012. http://www.carnegieendowment.org/2011/02/09/how-u.s.-can-back-mideast-reform/f1
أحمد محمد موسى، طالب في برنامج ماجستير الديمقراطية وحقوق الانسان جامعة بيرزيت، يركز ابحاثه على قضايا الديمقراطية وحقوق الانسان في الوطن العربي.



#أحمد_محمد_موسى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاردن من قانون الصوت الواحد الى قانون الصوتين، أين الحقوق؟
- الى أين وصل مسعى التحول في كل من تونس ومصر؟


المزيد.....




- في اليابان.. قطارات بمقصورات خاصة بدءًا من عام 2026
- وانغ يي: لا يوجد علاج معجزة لحل الأزمة الأوكرانية
- مدينة سياحية شهيرة تفرض رسوم دخول للحد من أعداد السياح!
- أيهما أفضل، كثرة الاستحمام، أم التقليل منه؟
- قصف إسرائيلي جوي ومدفعي يؤدي إلى مقتل 9 فلسطينيين في غزة
- عبور أول سفينة شحن بعد انهيار جسر بالتيمور في الولايات المتح ...
- بلغاريا: القضاء يعيد النظر في ملف معارض سعودي مهدد بالترحيل ...
- غضب في لبنان بعد فيديو ضرب وسحل محامية أمام المحكمة
- لوحة كانت مفقودة للرسام غوستاف كليمت تُباع بـ32 مليون دولار ...
- حب بين الغيوم.. طيار يتقدم للزواج من مضيفة طيران أمام الركاب ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد محمد موسى - مراجعات أدبية، لماذا تخلى أوباما عن مبارك؟