رحال الصحراوي
الحوار المتمدن-العدد: 1268 - 2005 / 7 / 27 - 11:38
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
تعرف مدينة العيون وباقي المدن الصحراوية منذ اواخر شهر ماي غليانا شعبيا انطلق بمناسبة الذكرى الثانية والتلاثين لتاسيس الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب ، فعلى خلفية المطالبة بتقرير مصير الشعب الصحراوي عبر استفتاء ديموقراطي ونزيه ، فجر نشطاء "البوليساريو" مسيرات ووقفات احتجاجية بدات بالتنديد بترحيل المعتقل "هدي الكينان " من السجن الاكحل بالعيون إلى سجن ايت ملول وتطورت الاحداث بعد ذلك مع ضراوة الرد القمعي الذي تعاملت به الاجهزة البوليسية للنظام المغربي لتنتقل إلى مدن الداخلة وكلميم والسمارة واسا الزاك وبوجدور بالاضافة إلى المظاهرات الطلابية بالمدن الجامعية التي يدرس بها الطلبة الصحراويون (اكادير – مراكش- الدار البيضاء – الرباط – فاس ) .
ان هذا الغليان الشعبي الذي يطلق عليه نشطاء الجبهة "انتفاضة الاستقلال" ياتي في سياق انسداد افاق اجراء استفتاء ديموقراطي بالصحراء الغربية ، وفشل خطة النظام المغربي المعتمدة على ارشاء الاعيان الصحراويين ، ليس سوى تعبير سياسي عن حركة الجماهير الصحراوية المطالبة بتقرير المصير .
كان رد فعل الدولة المغربية بالشكل المالوف ، حيث دشنت حملة عشوائية من القمع والتعذيب ومداهمة البيوث والمطاردات والاختطافات والتنكيل بالشباب الصحراوي الذي لم يمارس سوى حقه المشروع في التعبير والتظاهر واعلان آرائهم السياسية بخصوص النزاع حول الصحراء الغربية . ففي الوقت الذي تسمح فيه الدولة لنفسها ولاحزابها والاعيان العملاء (اغنياء الحرب ) بالصحراء للتعبير عن "بيعتهم" ويتغنون بالاجماع الوطني حول الوحدة الترابية للمملكة ، ترتعد فرائص هذه الاخيرة حين يتعلق الامر بالمناضلين الصحراويين المعبرين باشكال سلمية عن الرأي "الآخر" والمطالبين بالاستقلال .
هكذا اسفرت الحملة القمعية عن اعتقال افواج من المناضلين الصحراويين واجراء محاكمات صورية في حقهم وكانت الاحكام القاسية والظالمة تعكس الطابع الديكتاتوري للنظام :
حسنة الحيرش
20 سنة سجنا نافذة
الداودي عمر
15 سنة سجنا نافذة
بوعمود محمد سالم
15 سنة سجنا نافذة
عبد الرحمان بوكرفة
يبلغ من العمر 53 عاما: خمس سنوات
اشياهو ابراهيم
ثلاث سنوات سجن نافذة
آزلي عبد الله
سنتين سجن نافذة
سلامي محمد سالم
سنتين سجن نافذة
سعيد السالك
من المضحك جدا الحكم الذي صدر في حق هذا الشاب المعاق ذهنيا: بسنة موقوفة التنفيذ
الحافظ التوبالي
8 سنوات سجنا نافدة
بابا العربي
8 سنوات سجنا نافدة
عليوات سيدي محمد
8 سنوات سجنا نافدة
حمادي الكرشة
8 سنوات سجنا نافدة
البشير بابا
6 سنوات سجنا نافدة
الحسن اندور
6 سنوات سجنا نافدة
عبد العزيز الداي
4 سنوات سجنا نافدة
النفاع بوشامة
سنتين سجنا نافدة
لمين
سنتين سجنا نافدة
ابيش فراح
سنتين سجنا موقوفة التنفيد
المختار البيهي
سنتين سجنا موقوفة التنفيد
الراضي ماء العينين
سنتين سجنا موقوفة التنفيد
ايوب الحبيب
تمت تبرئته في محاكمة 12 يوليوز واحتفظ به في السجن لمتابعته في ملف مرتبط ايضا بالمظاهرات .
هذا وما زال العديد من المعتقلين بالسجن الاكحل بالعيون والمتابعين في نفس القضايا منهم من تعرضوا للتعذيب والاعتقال واطلاق سراحهم دون محاكمة ، ومنهم من لا زالوا معتقلين ابرزهم الناشطة الحقوقية الصحراوية "امينتو حيدارة" التي اعتقلت من مستشفى بلمهدي بالعيون. وتعتبر امينتو حيدرة احدى رموز الكفاح الصحراوي حيث كانت قد اختطفت سنة 1987 وتم اطلاق سراحها في 1991 بدون محاكمة ، وقد اعتقلت في 17 يونيو بعد مشاركتها في الوقفة الاحتجاجية المنظمة لاطلاق سراح المعتقلين والتي صادفت ذكرى انتفاضة" الزملة" المؤرخة للنضال الصحراوي بقيادة محمد بصيري ضد الاستعمار الاسباني سنة 1970 . وقد تشكلت لجنة دولية للمطالبة باطلاق سراحها مع جميع المعتقلين الصحراويين .
في هذه الاجواء القمعية ، تعرف منطقة الصحراء الغربية حصارا عسكريا واعلاميا بما يعنيه ذلك من حالة طوارئ غير معلنة حيث تم طرد العديد من الحقوقيين الاجانب بينهم الصحافة الاسبانية والمنظمة الحقوقية النرويجية "رافتو" ، كما تمت مداهمة مقر الجمعية الصحراوية لضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان والاستيلاء على ارشيفاتها وممتلكاتها .
اذا كان التعامل القمعي للدولة مع حركة النشطاء الصحراويين المطالبين بتقرير مصير شعب الصحراء الغربية طبيعيا بالنظر إلى طابعها القمعي ، فلا يجب غض الطرف عن بعض اشباه المثقفين والاحزاب الليبرالية التي دشنت حملة تعبئة شوفينية تدعو النظام الديكتاتوري إلى المزيد من "الحزم" و"عدم التساهل" في مواجهة "الانفصاليين" و "عملاء الجزائر" ...الخ داعية اياه إلى تكثيف القمع بمبررات صيانة "الوحدة الترابية " و"عدم التسامح مع من احرق العلم الوطني" . وقد بلغت هذه الحملة اوجها مع ما سمي "نداء المواطنة" .
ان هذه المبررات ليست سوى تعبيرا عن زيف الاسم الديموقراطي الذي تنعت به هذه الاحزاب نفسها وينعتها بها بعض الواهمين . فبغض النظر عن عدم تبنيها للموقف الديموقراطي الواضح في دعم تقرير مصير الشعب الصحراوي عبر استفتاء ديموقراطي ( وهو موقف تقر به كل المواثيق الدولية التي تصم هذه الاحزاب آذاننا كل يوم حول تبنيها للمنظومة الدولية لحقوق الانسان) ، والنضال ضد نظام زج بالآلاف من شباب الشعب المغربي الكادح في حرب غادرة منذ منتصف السبعينات مستنزفا ميزانيتنا الاجتماعية في تجهيز ترسانته العسكرية لاجل حرب لا تفيد فقراء المغرب في شيء . ولكن عدم ديموقراطية هذه الاحزاب لا يظهر فقط في عدم تبني هذا الموقف الديموقراطي ، بل في عدم قبول حق الصحراويين في التعبير عن موقفهم السياسي (الذي بينت انتفاضة العيون وغيرها انه مسنود شعبيا لدى جماهير الصحراء الغربية ) بشتى الاشكال المعروفة للتعبير الحر : الاعلام – المظاهرات – حق التنظيم الجمعوي والنقابي والسياسي ... وهو الحد الادنى لمبادئ النضال لاجل الديموقراطية.
امام الديموقراطيين الجذريين بالمغرب خياران ليس اجتنابهما واردا الا عند من يريد الجلوس بين كرسيين (اذ ان مصيره هو السقوط) : اما التضامن مع الجماهير الصحراوية المطالبة بتقرير المصير عبر دعم الكفاح لاجل تقرير مصير الشعب الصحراوي موقفا وممارسة ، وإما دعم مواقف النظام وأحزابه الليبرالية الشوفينية . لذلك وجب الدفاع عما يلي:
- الدعم كل الدعم للنضال من اجل تنظيم استفتاء ديموقراطي في الصحراء الغربية .
- من اجل أوسع حملة محلية ودولية للتنديد بالقمع الهمجي الذي يقوم به النظام المغربي ضد النشطاء الصحراويين المطالبين بحق تقرير المصير. ولأجل المطالبة بإطلاق سراح المعتقلين الصحراويين وإسقاط المتابعات القضائية في حقهم، مع متابعة كل المجرمين من مسؤولي الأجهزة البوليسية والمخابراتية المتورطة في هذه الحملة القمعية.
- المطالبة برفع الحصار العسكري والإعلامي عن المناطق الصحراوية واحترام الحقوق الديموقراطية لسكانها والسماح بدخول الصحافة والمنظمات الحقوقية المغربية والأجنبية .
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟