أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - مصطفى بوهندي - رسالة إلى فرعون وموسى بشأن الإرهاب العالمي المعاصر















المزيد.....

رسالة إلى فرعون وموسى بشأن الإرهاب العالمي المعاصر


مصطفى بوهندي

الحوار المتمدن-العدد: 1267 - 2005 / 7 / 26 - 09:05
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


إلى السيدين العظيمين الذين شغلا التاريخ والناس منذ فجر المعرفة، فرعون وموسى.
اعذراني سيدي، إن اقتحمت عليكما قدسيتكما، وراسلتكما للمشاركة في معالجة ظاهرة الإرهاب في العالم المعاصر.
وليعذرني أولائك الذين لا يرون للأديان دورا في معالجة القضايا الكبرى المعاصرة، إن أنا استلهمت من القرآن والكتب المقدسة اقتراحات للمساهمة في مدارسة هذه الظاهرة.
وليعذرني أولئك الذين يتكلمون باسم الدين، ولم يقرءوا في نصوصه أن يقال لفرعون قولا لينا، وأن يقال لموسى: "يا موسى أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس ، إن تريد إلا أن تكون جبارا في الأرض وما تريد أن تكون من المصلحين".

سيدي فرعون، يا صاحب العظمة والمهابة وكل الألقاب التي ترغب أن ينعتك الناس بها.
أحييك تحية تليق بمقامك السامي، وأتمنى أن تصلك رسالتي وأنت في أحسن حال أنت وأهلك وكل أفراد شعبك.
وبعد:
فلقد تلقينا ببالغ الأسى والحزن نبأ مقتل أناس مسالمين أبرياء من أجناس مختلفة، ما كانوا في ساحة حرب ولا في موقع عدوان، نسأل الله لهم أن يغفر ذنبهم ويتقبلهم من الشهداء، ونخشى أن يبوء قاتلوهم بآثامهم جميعا فيكونوا من أصحاب النار.
ولقد تألمنا قبل ذلك لكل الأعمال الإرهابية التي لم تترك مكانا من العالم إلا ووصلته، بدمويتها وفواجعها ولا إنسانيتها ومختلف الشرور المنبعثة منها،
كما تألمنا لكل ردود الفعل الهمجية المتخذة بسببها في حق كثير من الناس الأبرياء كذلك، أفرادا وهيئات وشعوبا بأكملها، دون التمييز بين الصالح منها والطالح.

سيدي فرعون:
إن الذي يؤلمنا أكثر من كل هذه المآسي هو استمرارها من دون أن يبرز في الأفق إشارة لتوقفها من كل الأطراف، وبيني وبينك فإن قدرتك على إيقاف مسلسلها أكبر من قدرة مخالفيك، وإني أعلم أن رغبتك في توقفها كبيرة لا يوازيها شيء، لكنني أظن أن الطرق التي اتبعت في ذلك غير مجدية، إن لم تكن تأتي بنتائج معاكسة، ولهذا أرسلت إليك رسالتي، وظني كبير أنك ستتفهمها وتعمل بما تراه صالحا منها.
إني معك في أن ما ارتكبه موسى ومن سار على نهجه من قتل لا يمكن أن يكون مبررا على الإطلاق، وهو جريمة بكل المقاييس، وإن كان قتل خطإ عند موسى. وإنه نفسه قد علم ذلك ، واعتبره من عمل الشيطان العدو المضل المبين. وقد اعترف لربه بهذا الظلم لنفسه وطلب لها المغفرة، وتاب إلى ربه معلنا أنه لن يساهم أبدا في أي جريمة ولن يكون ظهيرا للمجرمين حين قال: هذا من عمل الشيطان إنه عدو مضل مبين، قال ربي إني ظلمت نفسي فاغفر لي فغفر له إنه هو الغفور الرحيم، قال رب فبما أنعمت علي فلن أكون ظهيرا للمجرمين".
وأقر معك أن كثيرا من أشياع موسى قد ارتكبوا جرائمهم عن سبق إصرار وترصد، واعتقدوا أن ما قاموا به هو نوع من الجهاد المقدس، الذي ينالون به رضوان الله وجنته ونعيمها، وربما يشفعون بذلك في سبعين من أقاربهم فلا تمسهم النار، وربما يحصلون بسبب ذلك على سبعين من الحور العين كأنهن بيض مكنون.
أقر معك بهذا وأكثر منه، لكني أنبهك إلى أنك تتحمل النصيب الأكبر من المسؤولية في صناعة موسى ومن معه بكل تلاوينهم. وفي دفعهم إلى أن يقذفوا أنفسهم في اليم للالتحاق بقصرك في الضفة الأخرى دون مبالاة بالغرق وبكل ما يعترضهم في الوصول إليك. إذ أصبح قصرك هو الملاذ الآمن لهم من بطش جنودك وأعوانك في الأرض.لا ملجأ لهم منك إلا إليك. فإذا آواهم آلك أو استخدمهم أقرباؤك أو أحبهم أبناؤك فقد نجوا منك، وتربوا حينها في بيتك ونالوا مما عندك من خيرات ونعم ، وحصلوا على ما يحصل عليه أبناؤك من علم ومعرفة وجاه ومكانة ومقام كريم. وكل هذا يا سيدي تستطيع أن تمنه على موسى ومن معه. لكنك لو رجعت إلى أبعد من ذلك قليلا لوجدت أن لك دخلا كبيرا في كل ما حل بهؤلاء من تهميش واستضعاف وإذلال واستعباد، حين كنت تتعامل معهم ولا يهمك إلا نفسك وشيعتك، وحين جعلت أهل الأرض شيعا تستضعف طائفة منهم تذبح أبناؤهم وتستحيي نساءهم، بل في كثير من الأحيان كنت لا تفرق بين ذكورهم وإناثهم وكبارهم وصغارهم ، وكنت تبيدهم جميعا ، وجعلت عليهم من بني جلدتهم من يسومهم سوء العذاب ويضرب عليهم الذلة والمسكنة، وكنت بذلك سيدي تصنع عداء الناس وكراهيتهم لك ولقومك، ولذلك فمهما أحسنت إليهم من بعد ، فإنهم لم ينسوا بعد أنك أسأت إليهم من قبل ومن بعد.
سيدي فرعون:
لم أرد بكلامي هذا أن أحملك مسؤولية الماضي، ولا أن أزيد من عداء الناس لك وكراهيتهم، ولا أن أنبش في الجراح القديمة التي نريد أن نشفى منها بشكل نهائي. وإنما أردت فقط أن أنبه إلى أن الواقع المأساوي الذي نعيشه جميعا لم يكن من صناعة هؤلاء المجرمين وحدهم، وإنما كانت لك المشاركة الكبيرة فيه، ونود – الآن- نحن جميعا أن نتعاون على تركه. فمهما يكن فنحن بشر لنا أخطاؤنا ولنا قدرتنا على تجاوز هذه الأخطاء وإصلاحها، ولنا قدرة على أن يغفر بعضنا لبعض ويصفح بعضنا عن بعض، ونتجاوز كثيرا من شرورنا، ونتعاون لتحقيق مصيرنا المشترك بعيدا عن نزغ الشيطان وغرور الإنسان.
سيدي فرعون:
إن لي أملا كبيرا في أن تصلك رسالتي بعد هذه القرون كلها فتتذكر وتخشى، وأهديك إلى ربك فترضى. فإني لم أيأس وأنا أكتب إليك من أن يكون لك قلب كما لكل الناس قلوب، وأن يكون عامرا بالمحبة كما هي قلوب الأسوياء، ولا أعتقد أن الذين انتخبوك قد كانوا كلهم مخدوعين فيك. ولولا ظنهم الحسن في مؤهلاتك العلمية والعقلية والخلقية لما أعطوك أصواتهم. وإني لأعلم سيدي فرعون أن هناك ظروفا موضوعية وذاتية تفرض نفسها عليك، فالتاريخ والثقافة والاجتماع والسياسة والاقتصاد وكل الجوانب النفسية المرتبطة بهذه الأشياء جميعا، تجعل انتقالك إلى تقمص أحوال مخالفيك وأعدائك وتقدير مواقفهم والتماس الأعذار لهم ، بعيدا عن فكرة الثأر والرد العنيف والمعاقبة بالمثل أمورا بالغة الصعوبة، ولن ينفع حينها قول المسيح: "أحب أعداءك" ولا قول القرآن : "ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم، وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم"، ولا كل أقوال العقلاء والحكماء الداعية إلى الحلم والحكمة في مواجهة الطيش والعدوان. لكنني يا سيدي فرعون أراسلك رغم كل هذه الموانع التي منعت الكثيرين من مراسلتك، بعد أن يئسوا منك، لكنني لم أيأس، وكتبت إليك وأنا أخاطب فيك فرعون العظيم العادل الحكيم، الذي يقدم مصلحة البشرية جميعا على مصلحة فئة صغيرة منها،بعد أن أثبتت تلك السياسة فشلها، وتأكد أنها سبب إيقاد نار الإجرام. فرعون الذي له قيم إنسانية يدعو إليها ويبشر بها بعد أن أقامها على نفسه أولا، وعلى رأسها العدل والحرية وحقوق الإنسان والمحبة والتسامح والغفران. وأظنها كافية لرأب الصدع وإعادة الثقة وإخماد نار العداوة والبغضاء وإصلاح ذات البين بين الناس ودفع نزغ الشيطان.
سيدي فرعون: اسمح إلى أن أنتقل بخطابي إلى غريمك موسى الذي ربيته في بيتك وليدا ولبث فيه من عمره سنين وفعل فعلته التي فعل وهو من الضالين.

سيدي موسى: يا أمل المستضعفين والمقهورين والمظلومين.
أحييك بأطيب التحيات الزكيات التي تليق بمقامك العالي بالله.
أعذرني سيدي إن أنا سمحت لنفسي باستدعائك للمشاركة في مدارسة مشكلة الإرهاب العالمية ، واعلم يا سيدي أنك لن ترضى عن المآل الذي آلت إليه الأمور في هذا المجال وإن كانت باسم الله والدين وتحرير الإنسان.
سيدي موسى: لقد قتلت نفسا بغير حق ، واعتبرت فعلك هذا من عمل الشيطان، وتبت منه وقررت أن لا تكون ظهيرا لأي من المجرمين الذين يقتلون النفس التي حرم الله بغير حق. واكتشفت يا سيدي أن ما قمت به قد ورطك فيه أحد شيعتك حتى قلت له : "إنك لغوي مبين". لكنك يا سيدي لم تستطع أن تبقى على توبتك، وتلتزم بالعهود التي أخذتها على نفسك من عدم الرجوع إلى فعلتك ومظاهرة المجرمين من شيعتك. إذ بمجرد أن رأيت واحدا من أعدائك الذي استصرخك عليه من علمت أنه غاويك ، حتى كدت تبطش به لولا أنه أرجعك هو إلى وعيك عندما قال لك: "يا موسى أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس، إن تريد إلا أن تكون جبارا في الأرض وما تريد أن تكون من المصلحين".
سيدي موسى : ليس أقوى من هذا الخطاب في ردك عن غيك وكل الذين ساروا على نهجك، فالقتل لا يمكن أن يكون سبيل المصلحين. ولن يكون القاتل في غير ميادين الوغى إلا أحد المجرمين، ولن يكون الذي استباح دماء غير المحاربين إلا واحدا من الجبارين الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون. ومن قتل نفسا بغير أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيي الناس جميعا.
سيدي موسى: كدت أن ترتكب جريمة أخرى، وهو ما يعني أنك خرجت عن طورك بمجرد ارتكابك للجريمة الأولى رغم كل العهود التي أخذتها على نفسك. وإني لأعلم أنك صاحب قضية عادلة، إذ عانت شيعتك من كثير من التمييز العنصري والاستضعاف وسوء العذاب والإذلال والإهانة والتفقير والتجويع والقتل والتشريد وكل الأعمال غير الإنسانية لفترات طويلة. لكن كل ذلك لا يمكن أن يبرر قتل نفس واحدة بريئة بغير الحق. ومن يفعل ذلك فكأنه يزكي كل الإجرام الذي طرأ في حق الناس جميعا بما فيهم شيعته. كدت أن ترتكب الجريمة الأخرى لأنك ارتكبت جريمتك الأولى، فكسرت بذلك حاجز حرمة الأنفس، فلن يوقفك بعدها شيء، لأنك تحولت من طورك الإنساني إلى طور وحشي لا تحكمه قيم. وإذا قتلت النفس الأخرى صرت جبارا متوحشا متعطشا للدماء، لا يروي عطشه إلا بشربها، ولن يكون في هذه الحالة إلا خطرا محدقا بالبشرية بما فيها أقرب الناس إليه. و لا يمكن أن يكون بذلك صاحب مبدإ أوقضية أو رسالة أبدا. بله أن يكون محررا للناس.
سيدي موسى: اسمح لي إن أنا حشرتك ضمن المقتدين بك في سلوك أنت تعترف أنه من عمل الشيطان. لكنني أردت أن أقيم بك الحجة عليهم، فلا يجعلوا منك قائدا عليهم في سلوك إجرامي أنت تتبرأ منه. لقد هربت بسببه ،لكن الله هيأ لك ظروفا أعاد فيها تربيتك ليعدك على عينه للدعوة والرسالة التي تحتاج إلى كثير من الحكمة والرحمة، فصرت راعي غنم في ما يقارب العقد من الزمن، حتى يلطف من أوصافك العنيفة التي تبلورت في قصر فرعون. غير أن كل ذلك قد ولى ونشأت أجيال جديدة ، ربيت هي الأخرى في قصر فرعون، وتعلمت فيه كل أشكال العنف التي تعلمتها وأكثر، لكنها اعتبرت – بخلافك – عملها مشروعا، واعتبرتك قائدا لها في هذا العمل. وكونت على أساس ذلك جماعاتها الإرهابية المكلفة بالتصفية الجسدية للأفراد والجماعات، في الأماكن الخاصة والعامة، للجانين والأبرياء سواء بسواء. واعتبرت كل ذلك جهادا في سبيل الله وعملا من أعمال دينه. وفاتها أن هذا الطريق هو طريق الجبابرة الطغاة والفراعنة البغاة، وأن أصحابه لا يمكنهم أن يحملوا رسالة للناس ولا أن يكونوا مصلحين فيهم. وأحسب أن الشيطان قد زين لهم أعمالهم وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا.
واسمح لي يا سيدي إن خاطبتهم من خلالك، فإني أعلم صدق كثير منهم ، وأعلم عدالة قضيتهم، وأقر لهم بحقهم في الدفاع عن حقوقهم. لكن قتل الأبرياء ما كان أبدا في يوم دفاعا عن حق، وإنما هو جريمة توازي بينه وبين ظالمه فيصير كلاهما مجرما جبارا في الأرض، محققا لمراد الشيطان في نشر العداوة والبغضاء والحقد والكراهية بين بني البشر، مغلقا كل أبواب الرجوع الممكنة إلى الحكمة والحق والإحسان.
يا سيدي : الدفاع عن الحق لا يكون إلا بالطرق الحقة المشروعة، فلا يمكنك أن تستنكر السرقة وتسرق، ولا أن تستنكر الزنا وتزني، ولا أن تستنكر قتل الأبرياء وتقتلهم أنت بغير حق تحت أي مسمى كان.
يا سيدي : سمعنا البعض منهم يستبيح دماء جميع الناس، معتبرا نفسه في ساحة وغى، يتلذذ بسماع انفجار هنا، وأشلاء هناك، ويعتد بمقتل أطفال في مدرسة ونساء في سوق مزدحمة، ومسافرين في محطة مترو، معتبرا كل ذلك نصرا للإسلام وقضيته، وتحقيقا للعدل في الأرض ضد فرعون ومن معه.. ولست أعلم يا سيدي أكبر من هذا الهوس الإجرامي إلا أن ينسب إلى الله سبحانه وتعالى وإلى دينه.
سيدي موسى: وددت لو سمعت كلامي أنت وكل الذين ساروا على نهجك قبل توبتك، ووددت أكثر لو أنهم أعطوا لأنفسهم حق إعادة النظر في السبيل الذي يسلكونه والمآل الذي يصيرون إليه، والزاوية التي يحشرون الإسلام فيها في نظر العالمين. وأعتقد أن كثيرا منهم ما قرءوا نصوص القرآن إلا مفصولة عن سياقاتها، وأرجو أن يعيدوا قراءتها في هذه السياقات، ليعلموا أن الجهاد المسلح لا يمكن أن يكون إلا في ساحة الحرب ولرد العدوان. ولا يجوز نقله بحال إلى مواطن الأبرياء الآمنين غير المقاتلين "لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم والله يحب المقسطين"، فكيف إذا كان هؤلاء قد آووكم وأكرموا مثواكم عندما أخرجكم أهلوكم من دياركم،وجئتم من أوطانكم إليهم مهاجرين وهاربين مترقبين. منكم من يبحث عن الطعام ومنكم من يبحث عن السلام ، فأطعموكم من جوع وآمنوكم من خوف.فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟
سيدي موسى: وددت من أتباعك وأنا أعلم صدق كثير منهم، أن يتخذوا من رجل السلام الأول ، ابن آدم الأول، قدوتهم في مواجهة العنف الحاصل ضد أشياعهم، ولا يردوا على الإجرام بمثله إن كانوا يخافون الله رب العالمين. إذ قال وهو يرد على أخيه الذي أراد قتله بغير حق: "لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك. إني أخاف الله رب العالمين، إني أريد أن تبوء بإثمي وإثمك فتكون من أصحاب النار وذلك جزاء الظالمين". وإني أعلم أن الجو الثقافي الذي نشأ فيه أتباعك لا يسمح لكثير منهم بتفهم المعاني الإنسانية العظيمة الواردة في هذه النصوص. لأن أكثر ما يتلقونه في مجالسهم هو رسائل التحريض على الإثم والعدوان والثأر والكراهية والانتقام، وليس تلك الرسائل التي تفيض بالحب والخير والعفو والصفح والغفران، حتى قال قائلهم: "لقد نسخت آية السيف والقتال كل آيات الصفح والرحمة والغفران". ورغم ذلك فإنني أصر على التوجه إليهم بهذه الرسالة، بعد أن يئس كثير من الناس من استجابتهم. مذكرا إياهم بقوله تعالى: "ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم، وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم، وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم". فهذا مقام آخر لا يلقاه إلا الذين صبروا ولا يلقاه إلا ذو الحظ العظيم، مقام الجهاد بالخير والحب والحسنى، بالمال والنفس من أجل الرحمة في الأرض، وهو مقام إحياء الأنفس بدل إزهاقها، وبذل كل العمر في ما ينفع الناس من علم نافع وعمل صالح وقول معروف ونهي عن الفحشاء والمنكر، وغيرها مما لا يدركه إلا الذين صبروا عليه وفق سنن الله في أرضه.وحتى لا أطيل أكثر فأنتم يا أتباع نهج موسى مدعوون لإعادة قراءة كتاب الله بعيدا عن سلطة العصبية والقبيلة والثأر والانتقام، وفي إطار قوله تعالى : "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين".
وفي الختام
سيدي فرعون وموسى: ألا يمكننا أن نعيش جميعا في هذه الأرض، بعيدا عن سياسة التمييز العنصري التي صنعتها يا فرعون ، وبعيدا عن فلسفة الإرهاب التي تتبعها يا موسى؟ وإنكما قادران على تغيير نهجكما، والبشرية تنتظر قراركما لتعيش بسلام
وتقبلوا سيدي فائق تقديري واحترامي، والسلام عليكما
البيضاء 20/07/2005.




#مصطفى_بوهندي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- فيديو كلاب ضالة في مدرج مطار.. الجزائر أم العراق؟
- الناتو يقرر تزويد أوكرانيا بمزيد من أنظمة الدفاع الجوي
- طهران: لا أضرار عقب الهجوم الإسرائيلي
- آبل تسحب تطبيقات من متجرها الافتراضي بناء على طلب من السلطات ...
- RT ترصد الدمار الذي طال مستشفى الأمل
- نجم فرنسا يأفل في إفريقيا
- البيت الأبيض: توريدات الأسلحة لأوكرانيا ستستأنف فورا بعد مصا ...
- إشكال كبير بين لبنانيين وسوريين في بيروت والجيش اللبناني يتد ...
- تونس.. الزيارة السنوية لكنيس الغريبة في جربة ستكون محدودة بس ...
- مصر.. شقيقتان تحتالان على 1000 فتاة والمبالغ تصل إلى 300 ملي ...


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - مصطفى بوهندي - رسالة إلى فرعون وموسى بشأن الإرهاب العالمي المعاصر