أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - ياسر عبد الله - ملاحظات نظرية حول التحالفات كيف ومتى ومع مَن نتحالف ؟!















المزيد.....


ملاحظات نظرية حول التحالفات كيف ومتى ومع مَن نتحالف ؟!


ياسر عبد الله

الحوار المتمدن-العدد: 1257 - 2005 / 7 / 16 - 12:42
المحور: العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
    


تمتاز الحياة السياسية المصرية بخاصية ربما استعارتها من الحياة السينمائية او ربما اكتسباها معاً من مجمل البناء الفوقى للمجتمع المصرى وهذه الخاصية هى ( الموضة ) ففى كل فترة من الفترات تسود موضة معينة ويكثر الكلام عنها ثم تختفى ساحبة ورائها الكلام عنها, وكما ان لكل فترة موضتها فلكل فترة ايضاً متطلباتها هذا ما ادركه منذ زمن بعيد الشعب المصرى فصاغ مثلاً سائراً " كل وقت وله آدان " ودائماً ما اتت الموضة لتخفى المتطلبات الحقيقية للمرحلة والمشابهة هنا ايضاً تلح على الاذهان بين السينما والسياسة, فحين تتطلب المرحلة فناً راقياً وكوميديا سوداء تضحك الناس وفى نفس الوقت تبصرهم بهمومهم يُقدم للجمهور فناً مبتذلاً وكوميديا هابطة فى صورة تجميع لنكات وحوادث غير مترابطة درامياً وحين تتطلب المرحلة تحالفاً وطنياً ديمقراطياً بل جبهة وطنية ديمقراطية واسعة يصاغ للجماهير التحالف فى صورة تجميع لقوى سياسية دون اى تفاهمات او اتفاقات مبدئية .

ان من يقدمون الكوميديا الهابطة هم ابناء طبقة واحدة ذات مصالح مشتركة اجتماعية واقتصادية و سياسية وهم يقدمونها على الساحتين السينمائية والسياسية لنفس الغرض وهو تضليل وعى الجماهير فالبرجوازية المصرية كنتيجة لضعف انتاجها الفكرى وهزالته – خاصة فى هذه المرحلة– تجد امانها فى تشويه وتضليل وعى الجماهير فهى تدرك تماماً ان الجماهير المستغلة عندما تدرك وتفهم وتعى ستدق اول مسمار فى نعش مستغليها.

ان هذا العرض النظرى يهدف الى ايضاح انه يوجد على الساحة السياسية المصرية فريقان داخل اليسار المصرى يسعيان الى التحالف : فريق يسعى الى تحالف توحيدى تحت راية واحدة لايسمح بوجود اى تمايزات داخله , وفريق يسعى الى تحالف اتحادى يعترف بوجود تيارات مختلفة داخله ويؤمن باحتفاظ كل فصيل برايته المستقلة,

كذلك يحاول هذا العرض ان يكون خطوة على طريق ربط النظرية الماركسية كما يفهمها كاتبه – وفقاً لوعيه النظرى المحدود– بالواقع المصرى لذا فقد حاول كاتبه قدر ما استطاع ان ينقد نقداً موضوعياً علمياً ويبتعد عن الالفاظ البراقة فليس هذا وقت تحريض الجماهير بالفاظ رنانة بقدر ماهو وقت تثوير الجماهير عن طريق مخاطبة عقولهم .

فإلى الراغبين فى الفهم لا الهتاف , فى التحليل لا التضليل , وفى التحديد لا التوحيد , إلى رفاق وزملاء لم يفقدوا ايمانهم بقوة الطبقات الشعبية المصرية وقدرتها على النضال تحت قيادة احزابها المستقلة ,اهدى هذه السطور



اصلاح ام تغيير ؟ :



لاشك ان المعركة من اجل التغيير الديمقراطى فى مصر هى المعركة المميزة والفارزة لكل التيارات والقوى السياسية الموجودة على الساحة الآن , وللدقة فان معركة التغيير الديمقراطى فى مصر الآن هى لحظة فارقة فى تطور الثورة الوطنية الديمقراطية المصرية وكونها لحظة فارقة يعنى انها ستحدد إلى اى مدى ستستمر هذه الثورة هل ستستمر إلى النصر إلى التغيير الشامل ؟ ام ستنتكس مكتفية ببعض الاصلاحات الدستورية الهزيلة ؟!.



ان اى ثورة سياسية يعتمد مصيرها على مسيرها ويعتمد مسيرها على توازن القوى المشاركة فيها والطليعة القائدة لها .

والاتجاه الغالب فى مصر الآن هو الاتجاه البرجوازى الاصلاحى سواء فى صورة جناحه المدنى الليبرالى ( وممثله الاساسى حركة كفاية ) او فى صورة الجناح الدينى ( وممثله الاساسى جماعة الاخوان المسلمين ) , وهذا الاتجاه البرجوازى الاصلاحى يرغب فى قيادة الحركة الجماهيرية لايقافها عند حدود معينة وهى الاصلاحات الدستورية التى لا تسمح بالمساس بمجمل البناء

الطبقى فى مصر , وهذه الظاهرة تتكرر كثيراً على مدار التاريخ المصرى فالديمقراطية البرجوازية على الطريقة المصرية كانت دائماً ديمقراطية عرجاء تنتهى حدودها عند تبادل السلطة عن طريق الانتخابات لكنها كانت تمنع كافة الحريات الاخرى التى تمكن الطبقات الشعبية من الدفاع عن حقها فى الحياة وامتلاك الثروة التى من صنع اياديها فلم تخل الدساتير والقوانين المصرية منذ عام 1923 حتى الان من نصوص تسمح بصيانة النظام الاجتماعى والسلام الاجتماعى. حتى فى اكثر لحظات البرجوازية المصرية نقاءً وثورية وديمقراطية لم يمتنع ممثلها الاساسى آنذاك ( حزب الوفد ) عن حل ( الحزب الشيوعى المصرى ) عام 1924 لانه تجرأ وحرض العمال على الاضراب مهدداً بذلك حق الملكية المقدسة لدى البرجوازية.

ان الديمقراطية البرجوازية المصرية ترضى وتقبل باى شئ الا استقلال الطبقات الكادحة عن قيادتها وحقها فى احزابها المستقلة.

ان تلك الديمقراطية المبتورة التى تقف عند حدود بعض الاصلاحات الدستورية الهزيلة تبقى حركة مطلبية وذلك لامكانية تحقيق ذلك داخل حدود النظام القائم لذا فهى تلتمس إلتماساً ولا تنتزع إنتزاعاً برغم من انها فى احيان كثيرةً تستخدم مظاهرات الجماهير الشعبية للضغط بشرط الا تستقل تلك الجماهير وتنفصل عن قيادتها, فالبرجوازية المصرية ومن بين تياراتها حركة الاخوان المسلمين تتفادى السير فى معركة التغيير الديمقراطى حتى النهاية فهى تدرك تمام الادراك ان هناك ترابطاً وتلازماً بين الثورة الديمقراطية والثورة الاشتراكية , فالخطوة الاخيرة فى طريق الثورة الديمقراطية هى نفسها اول خطوة فى طريق الثورة الاشتراكية .

ان انتزاع كافة الحريات الديمقراطية التى تمكن الطبقات الكادحة من الدفاع عن كافة حقوقها المترابطة ترابطاً جدلياً الحقوق الاجتماعية والوطنية والديمقراطية يمهد الطريق لانتصار تلك الجماهير فى معركة انهاء الاستغلال الطبقى, والبرجوازية المصرية الاكثر وعياً وتنظيماً من الطبقات الكادحة تتجنب هذا الطريق باعطاء تلك الجماهير الغاضبة بعض الاصلاحات الديمقراطية الهزيلة التى لاتمكنهم من الدفاع عن حقوهم لكنها تمكنها من اطالة عمر الاستغلال الطبقى عن طريق التنفيس وتخفيف الضغط, وهى فى ذلك تلميذة نجيبة للامير المملوكى محمد بك الالفى الذى قال بعد زيارته لانجلترا عام 1807 انه اذا فتح الله عليه بملك مصر فسوف يعمل على راحة اهلها قياساً على ان مالك البقرة لو غذاها ورعاها لمنحته خيراً وفيراً بينما لو اجاعها واساء معاملتها لماتت جوعاً وحرمته من خيرها ( صلاح عيسى – البرجوازية المصرية ولعبة الطرد خارج الحلبة )



ان اى رهان على اى شئ غير استقلال الجماهير الكادحة فى معركة التغيير الديمقراطى يعنى استمرار نهج " المالك والبقرة" و ايقاف المسالة عند حدود الاصلاحات الدستورية الهزيلة وهو ما يعنى عملياً استبدال نظاماً ديكتاتورياً سافراً بنظام ديكتاتورى ايضاً لكنه اقل سفوراً.



جماعة الاخوان المسلمين والنظام مساومة او مقاومة ؟!:



منذ نشأة جماعة الاخوان المسلمين تسود بينها وبين السلطة علاقة غريبة اشبه بمن يغازل النحلة من بعيد ليتجنب قرصها, فحتى فترة قريبة غابت جماعة الاخوان المسلمين عن كافة التحركات الجماهيرية الموجهة ضد نظام الحكم حتى تحركت فجأة وحدها ولان الماركسية تؤمن بان المفاجأة لا تحدث فجأة لذا وجب الانتباه والتحليل.

فمنذ منتصف السبعينات تعاون الاخوان المسلمون مع نظام الحكم ليلعبوا دور الكابح والمفرمل الاساسى ضد تحركات اليسار المصرى وامتد هذا التعاون حتى فترة قريبة جداً ففى انتخابات نقابة المحامين الاخيرة ساند الاخوان المسلمون بقوة مرشح الحكومة وذلك فى الوقت الذى بدأت فيه معركة التغيير الديمقراطى تشتد.

ان تحرك الاخوان المسلمين المفاجئ على الساحة يعنى ادراكهم ان النظام الحاكم فى مأزق يمكن من خلاله الضغط عليه للاعتراف بشرعية الجماعة المحظورة وتحركهم المفاجئ يعنى ايضاً رغبتهم فى لعبهم دور المفرمل لتطور العملية الثورية وايقافها عند حدود معينة لا تهدد كيانهم السياسى فجماعة الاخوان المسلمين تدرك جيداً ان النصر النهائى للديمقراطية يعنى انتهائها كجماعة سياسية لها قوة مؤثرة.

ان الاخوان المسلمين ليسوا بديلاً للنظام بقدر ماهم إمتداداً له, وتناقضهم مع النظام ليس تناقضاً رئيسياً مما يعنى انهم ليسوا نفياً موضوعياً له, فالتناقضات فى الماركسية نوعان : تناقضات عدائية و تناقضات غير عدائية, ففى التناقضات العدائية يستلزم حلها ان يقضى احد اطراف التناقض على الطرف الآخر منتجاً بذلك النفى الموضوعى له اى نظاماً جديداً لا يمت للقديم بصلة اما فى التناقضات الغير عدائية فلا يستلزم لحلها القضاء من احد طرفى التناقض على الطرف الآخر بل من الممكن ان يتبادلوا الاماكن وهم بذلك يمارسوا النفى الجدلى حيث يعتبر الجديد امتداداً للقديم وتطوراً له, والفارق الرئيسى ان النفى الموضوعى يعنى تغييراً شاملاً ونظاماً جديداً مختلفاً اما النفى الجدلى فيعنى فقط استبدال القديم بالجديد لاطالة عمر النظام وتطويره.

ان الاخوان المسلمين هم النفى الجدلى للنظام الحاكم والتطور الطبيعى له ويتجلى ذلك فى رفضهم لاى اصلاحات ديمقراطية حقيقية مثل فصل الدين عن الدولة فتحت غطاء الطبيعة الخاصة للمجتمع المصرى يتم فرض ديكتاتورية النظام الحاكم فى مصر وتحت غطاء الدين والشرع سيتم فرض ديكتاتورية رجالات الدين من جماعة الاخوان المسلمين, والقول هنا بوجود تيار سياسى داخل جماعة الاخوان المسلمين يؤمن بفصل الدين عن الدولة قول عار من الصحة ففى حديث لعبد المنعم ابو الفتوح - القيادى المحسوب على التيار السياسى داخل الجماعة - لجريدة العربى فى 28 سبتمبر 2003 ظل متمسكاً اشد التمسك بارتباط الدين بالدولة .

ان فكرة وصاية الدين على الدولة تنبع من طابع برجوازى اصيل يخشى استقلال الطبقات الشعبية عن قيادتها فعن طريق فرض وصاية رجالات الدين سيتم فرض قيادة البرجوازية تحت دعوى انه لا صوت يعلو على صوت الامام .

والخط السياسى الموجود الآن فى اليسار المصرى للاستقواء بالاخوان على السلطة هو خط خاطئ بكافة المقاييس للاسباب التى ذكرتها كذلك كان خاطئاً ذلك الخط السياسى المتمثل فى الاستقواء بالسلطة على الاخوان والذى ساد لفترة من الزمن .

ان كلا الخطين خاطئين لانهما ينطلقان من تحليلين خاطئين فحين ينطلق الاول من ان الاخوان بديل حقيقى للسلطة ينطلق الثانى من ان السلطة بديل عقلانى للاخوان.

ان الاتجاه الصحيح تجاه هذه المسألة يتمثل فى استقلال اليسار عن كل من الاخوان والسلطة بوصفه بديل ثالث موضوعى للاخوان والسلطة معاً.

والتحالف الذى دعى اليه الاخوان المسلمون يأتى من رغبتهم فى الوصاية على الحركة الجماهيرية لايقاف معركة التغيير الديمقراطى عند الحدود التى بينتها سالفاً ولكننا قبل ان نخوض فى موضوع التحالف لابد ان نتكلم قليلاً عن تيار الإشتراكيين الثوريين الطرف الثانى فى تحالف الاخوان



التذبذب النظرى والتأثير البرجوازى :



ظهر تيار الإشتراكيين الثوريين على الساحة بعد سقوط الاتحاد السوفييتى, فبعد سقوط الاتحاد السوفييتى ازدادت البلبلة الفكرية فى اوساط اليسار المصرى ازدياداً مطرداً نتيجة المركزية الفكرية التى كان يمارسها السوفييت, وقد وجد تيار الإشتراكيين الثوريين ضالته فى نقد التجربة السوفييتية فى كتاب تونى كليف " رأسمالية الدولة فى روسيا " وبغض النظر عن صحة تحليل تونى كليف من عدمه فقد بدأ التيار بإرتكاب نفس الاخطاء التى ارتكبتها تيارات سابقة على السقوط ادعت الثورية وكانت فى حقيقتها تيارات استنساخية لنظريات ومعارك بعيدة كل البعد عن الواقع المصرى ولم تحاول تلك التيارات المستنسخة ربط النظرية الماركسية بالواقع المصرى الذى تدرسه, كذلك جاء الإشتراكيون الثوريون امتداداً لتلك التيارات الناسخة فبدلاً من دراسة الواقع المصرى تم استجلاب نظريات وخلافات لاتمت للواقع المصرى بصلة وساد اعتقاد ان ما هو صالح فى بريطانيا او بلجيكا صالح ايضاً لفلاحى سراندو وصرد وبهوت وهو اعتقاد يعبر عن نزعة مثالية فجة وغير علمية ولاتمت للماركسية بصلة .

وقد ادى ذلك الى نضوب الوعى النظرى الخاص بالمجتمع المصرى فالنظرية الماركسية هى اداة لدراسة المجتمعات وتحويلها تجد تطورها الجدلى حين تتفاعل مع ما تدرسه فتؤثر فيه ويؤثر فيها وعن طريق هذا التأثير المتبادل يتم دفع النظرية خطوة الى الامام, اما اذا تحولت النظرية الى سلسلة من القوانين الجامدة بدعوى ان هذه القوانين هى صحيح الماركسية فهذا يعنى انتهاء الماركسية ذات نفسها .

" ان التحليل المحدد للظرف المحدد هو الشئ الجوهرى فى الماركسية وهو روحها الحية " (لينين)

والنتيجة المنطقية المترتبة على جفاف الوعى النظرى الخاص بالمجتمع المصرى هى اهمال النضال النظرى المهم جداً لنضال الطبقات الكادحة الذى هو جزءً من نضالها الثلاثى الابعاد ( السياسى والاقتصادى والنظرى ) او اقتصاره على نوع من تفسير المتون وشرحها او استنساخ النظريات الموجودة فى الكتب من هنا يتحول الوعى النظرى الى مفاهيم مجردة لا تعبر عن الواقع و تحولها الى نوع من الهتافات وهذا ما يؤدى الى تقديس الوعى العفوى البدائى للجماهير بدلاً من محاولة قيادته ودفعه الى الامام ويتجلى ذلك فى جمل يلوكها البعض مثل "الحركة تقرر كل شئ والمهم الشارع" دون فهم لطبيعة الشارع المستهدف ومحاولة قصر كل طرق النضال المتاحة على المظاهرات والهتاف.

ان الانحناء امام عفوية الجماهير يعنى عملياً ابقاء وعى الجماهير على ماهو عليه وهذا - فى التحليل الاخير- يؤدى الى سقوط الكرة فى ملعب البرجوازية وتسليم قيادة تلك الجماهير الغير مسيسة الى مستغليها.

ان وعى الجماهير هو صمام الامان الوحيد لقيادتها القيادة الصحيحة وتنظيمها التنظيم الصحيح فالفهم يخلق التحديد ( هيجل ) وعندما تفهم الجماهير فستحدد مواقعها الطبقية وستُصف نفسها بعيداً عن البرجوازية وكل الطبقات المستغلة.

ان اى محاولة لإبقاء وعى الجماهير النضالى عند حدود التظاهر يعنى عملياً بقاء الحال على ماهو عليه واستخدام الجماهير من قبل البرجوازية كفزاعة للنظام للضغط عليه وابتزازه.

والخطأ النظرى الاساسى لدى جماعة الاشتراكيين الثوريين يكمن فى نظرية الدائمية , فالدائمية تنافى الماركسية ففى الماركسية لاشئ دائم فكل شئ يتحول وكل شئ يتبدل, ان الدائمية تنفى وجود اى مراحل لكل منها ظروفها الخاصة ومتطلباتها وهو مايتنافى مع الماركسية ويؤدى فى الغالب الى التخبط النظرى وعدم ربط النظرية بالواقع المحيط بها ومن ثم تتحول النظرية الى خيالات جميلة وتتحول الثورة الى انتظار لمهدى منتظر.

ان التروتسكية كنظرية ورثت ذلك عن خصمها اللدود -الستالينية- فالخطأ الاساسى فى الستالينية كان ايقافها للنضال النظرى بدعوى ان الاتحاد السوفييتى بلغ مرحلة الاشتراكية عام 1936 وتم استبدال النضال النظرى بالعمل التنظيمى وهو ما ادى فى النهاية الى تحول الحزب الى حزب ادارى متبقرط , ان الدائمية تنفى الاستمرارية والتمرحل وهى لذلك تسعى لانتظار الغرب المحرر فلكى يحدث النصر يجب ان يكون نصراً عالمياً وهو ما يعكس وراثتها للميل الإقتصادوى لكل المدرسة السوفييتية ( الستالينية,الخروشوفية, التروتسكية ).

ان عدم الاعتراف بالاستمرارية ونفى التمرحل يؤدى الى تخزين النظرية الى ان يحدث النصر العالمى وذلك يعنى فى التحليل الاخير الذيلية لاى تيار برجوازى قائد وهذا ما تجلى فى التحالف مع الاخوان المسلمين حث تحالف الإشتراكيون الثوريون دون اى تفاهمات او اتفاقات مبدئية وحتى دون ذكر اسماء الاطراف المشاركة فى التحالف فى اعلانه ويتجلى ذلك ايضاً فى اصرار بعض افراد هذا التيار على الحاق " الللجنة التنسيقية للحقوق العمالية والنقابية " بحركة كفاية بدلاً من السعى الى المحافظة على استقلالها وبروزها كقطب عمالى متميز .

من هنا لم يتجه الإشتراكيون الثوريون للتحالف مع حزب التجمع لانه فى نظرهم لايقود الشارع ولو حدث فقط وتم التفكير فى معنى الشارع وتحديده لكان التحالف مع حزب التجمع اسهل بكثير من التحالف مع الاخوان المسلمين.

والنتيجة المنطقية للنسخ النظرى هى الخوف من ظهور اى تيارات اخرى تعبر عن ربط النظرية الماركسية بالواقع المصرى ومن هنا جاءت محاولة الإشتراكيين الثوريين لفرض الوصاية على مجمل الحركة الشيوعية المصرية والتحدث باسمها .

ان محاولة تنظيم الإشتراكيين الثوريين التحدث باسم جميع الشيوعيين يعنى ان هذا التيار الذى يمثل فصيلا صغيرا من مجمل الحركة يخشى وجود تيارات اخرى ناقدة له لاحساسه بعدم امتلاك نظرية اصيلة غير مستنشخة كتطبيق للماركسية على الواقع المصرى وهو مايجعل ممثليه دائماً ما يسارعون إلى القاء التهم والالفاظ الجارحة دون ان يحاولوا محاورة خصومهم الفكريين لعدم امتلاكهم الوعى النظرى القادر على التحليل والمحاورة .



عن التحالف كيف ومتى ومع مَن؟!:



عندما سارع الإشتراكيون الثوريون للتحالف مع الاخوان المسلمين كان ذلك دليلاً على وجود نظرية خاطئة عندهم عن التحالفات وهذه النظرية او فى الواقع الفكرة تتمثل فى ايمانهم بالتحالفات التوحيدية لا الاتحادية وهذه التحالفات التوحيدية تعبر عن فكرة برجوازية اصيلة مارستها البرجوازية المصرية طوال التاريخ المصرى هى فكرة " الكل فى واحد " فالجبهات تحت قيادة البرجوازية لاتعترف بالتنوع داخل الوحدة بل تعترف فقط بوجود حركة واحدة دون تمايزات داخلها وهو ما تجلى فى اصرار حركة برجوازية مدنية مثل كفاية على عضوية الافراد لا التنظيمات ورفضها الدائم لاشتراك اطراف مختلفة فى تظاهراتها براياتها المستقلة وهو ماينعكس ايضاً على حركة الاخوان المسلمين التى تصر على التحرك منفردة واذا تم التحالف معها فلابد ان يكون تحت رايتها ووصايتها ان هذا هو الامتداد الطبيعى لفكرة الكل فى واحد ومنطق الوصاية الذى تمت ممارسته فى كل الاشكال التى سميت بالتحالف حتى الآن ففى تحالف القوى المعارضة وجلسات الحوار الوطنى تم إستبعاد القوى المحجوبة عن الشرعية وفى مشروع تحالف الاخوان المسلمين مارس التيار الاسلامى الوصاية الفكرية حيث تمت الدعوة لمناقشة اوراق معدة سلفاً .

ان البرجوازية المصرية تخشى الاعتراف بالوحدة والتنوع لادراكها ان ذلك سيؤدى الى نظرية الوحدة والصراع وهذا ما يتناساه ايضاً الإشتراكيون الثوريون فعند نشوء التحالف ينشأ وضع جديد لا بد من نقده نقداً موضوعياً حتى يتم دفع التحالف الى الامام ونشوء تحالف على اسس جديدة . ان الصيغة البارعة التى اكتشفها وصاغها ماوتسى تونج ( تحالف- نقد- تحالف ) تعبر اشد التعبير عن المنهج الماركسى الصحيح فى قضية التحالفات فبدون الصراع الداخلى لايمكن تطوير التحالف او دفعه الى الامام, والاعتراف بقانون الوحدة والصراع يتطلب ادراك التناقضات الرئيسية والتناقضات الثانوية وتحديد النضالات الرئيسية والنضالات الثانوية, فنضالى من اجل فصل الدين عن الدولة وكافة الحريات الشخصية ونضالى من اجل تحرير المرأة لاينفصل ابداً عن نضالى من اجل الديمقراطية والتحرر الوطنى فالقضايا مترابطة ومتشابكة ولايمكن فصلها باى حال من الاحوال .

ان الشرط الاساسى لانجاح اى تحالفات هو الاعتراف بحق كل فصيل فى رايته المستقلة والوصول للقرارات عن طريق التوافق بين التيارات المختلفة مع حق كل تيار فى الدفاع عن رأيه الخاص والنضال الفكرى والنظرى من اجله , ان الاخلال بهذا الشرط يعنى وحدة قسرية وتحالفاً ذيلياً لاحدى القوى على حساب باقى القوى الاخرى.



ان طريق النصر الوحيد للديمقراطية هو اقامة جبهة وطنية ديمقراطية قائمة على احترام كافة التيارات والقوى السياسية واستقلالها والطريق الوحيد لاقامة مثل هذه الجبهة هو التحالف الواسع بين الشيوعيين بكافة تنظيماتهم وافرادهم المستقلين وبروزهم كتيار متميز يعبر عن الطبقات الكادحة المصرية ورؤيتها للتغيير الديمقراطى.



ان ساعة العمل قد دقت وطريق الثورة الديمقراطية المصرية الطويل قد بدأ واى رهان على اى شئ غير جبهة وطنية ديمقراطية تحترم كافة الاختلافات والتيارات السياسية الداخلة فيها يعنى استمرار الوضع على ماهو عليه او فى احسن الاحوال اصلاحات دستورية هزيلة لا تعبر عن الديمقراطية الحقيقية التى يستحقها الشعب المصرى .

ياسر عبد الله

12 يوليو 2005



#ياسر_عبد_الله (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التحالفات : كيف ومتى ومع مَن ؟
- السبت 20 مارس ومرض الطفولة اليسارية
- اغنية الصليب
- الوَهم
- الأرض
- رسالة الى شعب فقير
- المجد للأنسان


المزيد.....




- اندلاع اشتباكات بين الشرطة الإسرائيلية ومتظاهرين في تل أبيب ...
- الولايات المتحدة: اعتقال مئة من المتظاهرين المؤيدين للفلسطين ...
- اعتقال الشرطة الأمريكية متظاهرين في جامعة كولومبيا يؤجج الاح ...
- الحزب الشيوعي العراقي: معا لتمكين الطبقة العاملة من أداء دو ...
- -إكس- تعلّق حساب حفيد مانديلا بعد تصريحات مؤيدة لأسطول الحري ...
- انتشار التعبئة الطلابية ضد الإبادة الجماعية الإسرائيلية
- بيلوسي للطلبة المتظاهرين: انتقدوا إسرائيل كما شئتم لكن لا تن ...
- فرنسا: القضاء يوجه اتهامات لسبعة أكراد للاشتباه بتمويلهم حزب ...
- ضغوط أميركية لتغيير نظام جنوب أفريقيا… فما مصير الدعوى في ال ...
- الشرطة الإسرائيلية تفرق متظاهرين عند معبر -إيرز- شمال غزة يط ...


المزيد.....

- مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة / عبد الرحمان النوضة
- الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية ... / وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
- عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ ... / محمد الحنفي
- الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية / مصطفى الدروبي
- جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني ... / محمد الخويلدي
- اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956 / خميس بن محمد عرفاوي
- من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963.......... / كريم الزكي
- مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة- / حسان خالد شاتيلا
- التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية / فلاح علي
- الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى ... / حسان عاكف


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - ياسر عبد الله - ملاحظات نظرية حول التحالفات كيف ومتى ومع مَن نتحالف ؟!