بسام سليم
الحوار المتمدن-العدد: 4377 - 2014 / 2 / 26 - 18:42
المحور:
كتابات ساخرة
اختتام فعاليات بغداد عاصمة الثقافة التي كلفت ميزانية الدولة (500 مليون دولار) ماذا قدمت للعراق وللثقافة العراقية
ترى هل هو نوع من الاصرار على تجاهل الواقع العام من قبل القائمين والمسئولين عن اتخاذ القرار ..؟ هل هو نوع من الاصرار على انفاق هذه الاموال في كل ما من شأنه اصابة الشارع بالإحباط ..؟
والمثير في الامر ان فنانينا ومبدعينا انفسهم يتساءلون عن تلك الفعاليات وماذا قدمت للثقافة (ان كان فعلا ما قدم خلالها نوعا من انواع الثقافة) وهل انحصر مفهوم الفعاليات الثقافية في تقديم مجموعة من العروض وعلى مسرح وحيد يتيم في بغداد
علامات استفهام كبيرة وكثيرة تحيط بالمشهد الثقافي العراقي (شانه شأن باقي المشاهد) ولا نلمس من القائمين على العملية الثقافية واصحاب القرار فيها أي خطوات فعالة تصب في تقديم الاجابات الشافية والوافية ولا يتخذون اي خطوات نحو استثمار طاقاته الابداعية وانتاجات مبدعيه الثقافية في شتى المستويات ومختلف الاصعدة ,, ولعل اهم تلك التساؤلات التي يطرحها مثقفينا هي انه مادامت هذه الميزانية الضخمة قد رصدت لتنظيم مثل هذه الفعالية فمعنى هذا ان هذه الفعالية هي ليست مجرد فعالية اعتبارية او حدث عابر يمر بشكل دوري على العاصمة بغداد كونها احد العواصم العربية (مع ان هذه هي الحقيقة), أي ان القائمين حسب القراءة الاولية لميزانية الحدث ارادوا ان يحدثوا تغييرا واضحا على المشهد الثقافي ايمانا منهم حسب ما يدعون بأهمية الثقافة والفن ودورها في المجتمع وبناء الانسان والوطن ...فما هي النتائج التي لمسناها لاحداث مثل هذا التغيير المؤثر في واقع المشهد الثقافي ؟؟ انني افهم من خلال اطلاعاتي وقراءاتي لتجارب الامم التي سبقتنا بسنوات ضوئية في مجال الاهتمام الثقافي والمعرفي ان التغيير والتطلع نحو تطوير واقعا ما يحتاج اولا الى تغيير البيئة المحيطة وتوفير بيئة اخرى لخلق مناخ وبيئة يشع منها فعلا نور التعبير ونور الابداع الثقافي للفنان لكي يستطيع ايصال فنه الى جمهوره المتطلع اليه ...فهل لمسنا أي من هذا خلال فعاليات بغداد ؟ هل شاهدنا ولو خطوة واحدة نحو انشاء مسرح جديد يتميز باحتوائه احدث التقنيات الحديثة في مجال البناء والديكور والصوت لكي يقدم على خشبته فعاليات وفنون تليق بخلق هذا المناخ الثقافي وخلق جيل يعتز بالفن وبالتجربة الفنية ..؟ وماذا عن السينما هل اصبحت من نسيا منسيا من الواح سومر..؟ الم يفكر القائمون و المسئولون بضرورة انشاء وبناء دار سينمائية تعيد الينا بضع نسمات وعبق الماضي الجميل عندما كانت بغداد تعج بدور السينما التي تزين اجمل شوارعها ومناطقها الخلابة , ويستغرب الفنان والموسيقار العراقي العالمي عمر بشير المقيم في بودابست في احدى لقاءاته المتلفزة من الطريقة التي يتعامل بها القائمون على الثقافة في العراق مع مبدعيه وفنانيه الذين يفترض بأنهم العماد الاول والرئيس والاجدر بالتقديم والاحتفاء ويضرب مثالا على ذلك انه عندما اراد تقديم كونسيرت موسيقى على احد مسارح العراق اخبروه بأنه عليه ان يتكفل بأبسط تكاليف التنقل والاقامة في حين كشف ان اكبر المسارح العالمية الاوربية كمسرح فرانز ليست و البرت هول و لاسكالا يتسابقون لكي يقدم على خشبتها واحدا من عروضه الموسيقية الشيقة كما كان والده منير بشير في السابق ،كما وجميعنا يعلم ان الفنانة والمهندسة المعمارية العراقية العالمية زها حديد التي ذاعت ابداعات تصاميمها الهندسية في شتى انحاء العالم من اليابان الى المانيا ابدت استياؤها الشديد ايضا من تصرفات الحكومة العراقية وتعاملها مع ملف المشروع الذي قدم على اساس ان تقوم هي بوضع التصاميم الخاصة به مما ادى في النهاية الى صرف النظر عن المشروع واهماله نهائيا ..!!
هكذا يا اصدقائي لا احد يفهم حقيقة ما يجري في العراق ولا احد يريد يسأل عن مصير الثقافة وما الت اليه من العبث والتخريب والاهمال واذا كنا ننشد جميعنا الثورة الفكرية ونتغنى بها فهل لكم ان تخبروني متى واين وكيف ستحدث تلك الثورة الفكرية والحضارية واي ثورة تلك قد يشهدها الواقع الفكري و الثقافي العراقي وغياهب تغييب المظاهر الثقافية والفنية تحيط به من كل حدب وصوب ...واذا كانت ال500 مليون لم تحدث هذا التغيير فمتى سيحدث ؟؟
بأختصار يا اصدقائي ان فعاليات بغداد عاصمة للثقافة العربية ما هو الا حدث عابر لايمثل اي شرف لبغداد لاستضافة مثل هذا الحدث السيء السمعة ولم يقدم اي اضافة للمشهد الثقافي سوى استقبال المزيد من المتطفلين على الثقافة وسوى اضافة المزيد من الدولارات الى جيوب المتنفذين في الدولة
وتحية للعقلاء
#بسام_سليم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
اليوتيوب
لينكدإن
تيلكرام
تمبلر
بلوكر
الموبايل
