أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صفاء الدين الاسدي - المسرح الطليعي















المزيد.....

المسرح الطليعي


صفاء الدين الاسدي

الحوار المتمدن-العدد: 4337 - 2014 / 1 / 17 - 18:55
المحور: الادب والفن
    


المسرح الطليعي
ان المسرح الذي ولد قبل اكثر من الفي عام مر بمراحل عديدة وتيارات كثيرة حتى وصل الى الحداثة التي جعلت منه مسرحا عصريا ومن هذه المسارح ،المسرح الطليعي او المسرح العبثي ذلك الذي حقق قطيعة مع التقاليد المسرحية القديمة وصار في طليعة المسارح التجريبية التي أسست مسرحا لا-أرسطيا لا يدين بالولاء إلا للإبداع, والخلق ويضرب عرض الحائط تقاليد المحاكاة والنقل.كما يسعى إلى التجديد والإبتكار على كافة المستويات الفكرية والفنية والجمالية... وانطلاقا من جدلية الاحتواء والتجاوز استطاع هذا المسرح الثوري والمتمرد أن يتصدر قائمة المسارح الأكثر مدعاة لكل أشكال النقد والإعجاب والدهشة والاستغراب والقبول والرفض... وهي ردود أفعال مفارقة يمكن ان تطال كل مسرح طليعي, ذلك أن " الطليعة هي حركة أو بعث فني لشيء أولفن متقدمة على شيء أو فن سابق أو سبق. وهي على ذلك تصبح حركة تدعو إلى التغيير. وأي مسرح يجرؤ على أن يصف نفسه بالطليعة مطالب بأن يستعمل وسائل وأدوات وتقنية وأشكال حرفية لها من الخصائص ما لم توجد في مسرح سواه.
من المسلم به أن مسرح الطليعي هو وليد تفاعل مجموعة من الشروط الذاتية والموضوعية التي تكاملت فيما بينها لتعطي هذا النوع من المسرح المتمرد والرافض، و الذي ركب موجة التجريب ليقدم لنا نمطا مسرحيا يعكس بعمق واقع الإنسان الغربي الذي صار يعيش داخليا واقعا مأساويا رغم المظاهر المادية الباذخة التي تؤثث الوسط الذي نبت فيه،إن الإحساس بالعبثية وقتامة المصير وتفاهة الحياة فلا رسالة للإنسان ولا هدف يسعى إليه، ولقد ولد هذا المسرح بعد الحربين العالميتين وحتمية الموت حيث تميزت بداية القرن العشرين بمجموعة من الأحداث السياسية الكبرى أهمها الثورة البلشفية التي تمخض عنها ولادة المعسكر الاشتراكي في مقابل المعسكر الليبرالي وكذا الحربين الكونيتين اللتين عصفتا بكل القيم الإنسانية السمحة، وأججت مشاعر الكراهية وروح الانتقام بين مختلف الأنظمة الحاكمة، وبغض النظر على الأسباب السياسية والظروف والملابسات التي ساهمت في تأجيج فتيل هاتين الحربين، فإن ما يهمنا هو نتائجها الوخيمة التي انعكست سلبا على الإنسان الغربي الذي عانى الأمرين وكابد كل أنواع العذاب الجسدية والنفسية.
فقد كان ينام ويستيقظ على الرعب والهلع الذي يسكن جميع القلوب، ويرى بأم عينيه شتى أنواع التعذيب الهمجي والوحشي لبني جلدته وعشيرته. لم ينج من هذه الحرب طفل ولا امرأة ولا شيخ ولا حيوان ولا معالم حضارية ولا زرع ولا نسل ... وتحول العالم إلى بؤرة مشتعلة. وانتهت سلسلة هذه المآسي بقنبلتين ذريتين سقطتا على رؤوس سكان عزل من هيروشيما ونكازاكي اليبانيتين. ليعلن بشكل رسمي عن تفاهة الإنسان الحديث وعبثيته وجنونه الذي فاق كل التوقعات، ودفعه إلى الضجر والتشاؤم. فعندما ينتفي وجود الله وتصير المادة هي المحرك الذي لا يتحرك " تختلط الأوراق ويفقد الإنسان توازنه الروحي،وتتزعزع كل معتقداته "كيف لا وقد أدرك هذا الإنسان أنه لم يعد أمامه من قيمة تستحق تفكيره إلا الموت , كما قد ساهمت مجموعة من العوامل الأخرى في ظهور مسرح الطليعي او العبثي, ولعل أهمها على سبيل المثال الفراغ الروحي الذي صار يشعر به الإنسان الغربي نتيجة تمرده على أشكال الروحانيات والأديان وتشكيكه في وجود الله والخلق والحياة الأخرى... واعتباره لكل الأفكار غير المادية المحسوسة ضربا من الخرافات الميتافيزيقية المجانية! بالإضافة إلى انهيار معتقداته في مصداقية التوجهات الفلسفية والمذاهب السياسية التي بشرت الإنسان بجنة الخلد على الأرض.
وتبين فيما بعد أن كل هذه التوجهات هي مجرد دعايات إيديولوجية وديماغوجية تستهدف تدجين الإنسان وتعبئته بأفكار هلامية سرعان ما تصطدم بحقائق الواقع العارية , فقد تفرد مسرح العبث بمجموعة من الأساليب في الكتابة الدرامية تختلف تماما مع ما كان سائدا في أدبيات المسرح الغربي, إذ تم إفراغ اللغة الكلامية من كل محتوياتها الدلالية, ولم تعد هناك أية حكاية ذات حبكة محددة, بل هناك عرض لمواقف متضاربة ومتناقضة مما يجعل الخط الدرامي يتراوح بين الصعود والنزول والخطية.
كما لم يعد هناك حديث عن بداية وعقدة ووسط ونهاية, بل اختلط كل شيء وتشابك وتعقد,وهو ما يتماشى مع فلسفة العبث التي تتلاعب وتسخر من جميع التقاليد المبنية على أساس عقلي ومنطقي, كما ان هذا المسرح قد قلص أهمية اللغة الكلامية وجعل منها مجرد عنصر من مجموع العناصر المشكلة لنسق العرض فإن مسرح العبث أفرغ اللغة من كل محتوياتها وحولها إلى أصوات مجردة لا معنى لها. ذلك أن اللغة حسب رواد هذا المسرح الطليعي لم تعد تؤدي وظيفتها التواصلية بين الناس . حيث أن كل فرد صار له عالمه الخاص, ولم تعد هناك أية قواسم مشتركة تجمعه بأفراد آخرين. وبالتالي تحول الإنسان إلى جزيرة صغيرة متقوقعة ومنغلقة على ذاتها.مما يحد من إمكانيات تواصله مع الآخرين وعليه, فإن اللغة أو بالأحرى اللسان الذي من أهم خاصياته أنه جماعي ومتعارف عليه صار كلاما فرديا وخاصا.وقد جعل يونسكو اللغة أكبر ضحية من ضحاياه عندما قلصها إلى مجرد أصوات وكليشهات فارغة من أي معنى.وما تقوله شخصياته ليس إلا سفسطة وملء للفراغ وكلاما من أجل الكلام. لكن إذا كان الهدف من استعمال بيكيت للغة هو التقليل من أهميتها باعتبارها وسيلة نقل للفكر أو باعتبارها آداة للتواصل وأجوبة كاملة على مشاكل الشرط الإنساني فإن استعمالها الثابث يمكن النظر إليه بشكل مفارق كمحاولة شخصية, التواصل مع ما يتعذر التواصل معه" ومادام أن الكلمات لا تحمل أي معنى, فإن مآلها هو الموت والتآكل والصمت. وبإجهاز كتاب مسرح العبث على اللغة الكلامية المبتذلة يكونون قد فتحوا آفاقا جديدة تتصل بحقيقة الإنسان ولا وعيه وشعوره الباطن. وقد كان بيكيت يعمل على المحاكاة الساخرة, فقد لجأ كتاب مسرح العبث إلى اقتحام أساليب فنية أخرى كالرمز, كما هو الحال في مسرحية " في انتظار غودو" والتي ترمز إلى العلاقة اللامتكافئة بين السيد والعبد.وانتظار الخلاص من "غودو" الذي قد يأتي أو لا يأتي , لقد تعرض مسرح’الطليعي في بداياته للنقد الشرس والتجريح والقذف من قبل النقاد والجمهور على حد سواء. لكن بعد ذلك صار لهذه الموجة الجديدة مؤيدوها ومناصروها من أوربا وكافة أقطار المعمورة .



#صفاء_الدين_الاسدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صفاء الدين الاسدي - المسرح الطليعي