أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حيدر فاضل - في تفسير العنف الراهن في العراق ... لماذا نذهب بعيدا ؟















المزيد.....

في تفسير العنف الراهن في العراق ... لماذا نذهب بعيدا ؟


حيدر فاضل

الحوار المتمدن-العدد: 1232 - 2005 / 6 / 18 - 09:45
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تصاعدت موجات العنف في العراق مكتسبة بشاعة وقسوة قل مثيلها ، مثل اطلاق الرصاص عشوائيا على المدنيين الآمنين وقطع الرؤوس والاعدامات الجماعية وتفجيرات انتحارية عبثية و تفنن في التفخيخ و القتل .
ومع تصاعدها كثرت الكتابات التي تحاول تفسير وتحليل العنف الدموي الاحمق الذي لا طائل منه سوى مكاسب سياسية محدودة .
بعض الكتابات تحيل الاسباب الى عنف متأصل في نفوس العراقيين تأريخيا ، وبأننا شعب دموي عنيف المزاج منذ عهد الاشوريين والبابليين مرورا بالعهود الاسلامية والفترات (( المظلمة )) و هجمات المغول و التتار ثم الصراع الصفوي العثماني ... وصولا الى يومنا هذا .

بعض آخر من الكتاب يركز الاسباب في العهد الحديث للدولة و المجتمع العراقيين ، وتحديدا عهد الجمهورية الاول ، اعوام عبد الكريم قاسم ، واعتباره عهدا كرس العنف الدموي منذ بدايته ، ويذنب الاحزاب السياسية التي نشطت في عقود القرن الماضي ، ويحيل بداية العنف الراهن الى تلك الاعوام .

لست في معرض تخطئة هؤلاء وأولئك وبينهم كتاب مرموقون ، لكن اسباب العنف الراهن ليست بعيدة كل هذا البعد ، انها اقرب بكثير ، بل هي قائمة الان وتولد العنف في كل ساعة يعيشها العراقيون .

تركة ثقيلة !

انها اولا في التركة الثقيلة والخطيرة لحكم البعث طيلة 35 عاما . ومعروف ان انقلاب 1968 كرس عنفا سلطويا جديدا بدأ بقتل ثلاثة من الطلاب المحتفلين بساحة السباع في تشرين الاول 1968 ، و بمشانق ساحة التحرير لمن اتهموا بالتجسس والعمالة والاغتيالات التي يصعب حصرها وما كان يجري في اقبية قصر النهاية واجهزة الامن .

اذكر المرة الاولى التي رأينا فيها (( صدام حسين )) ، كان ذلك في تحشيد جماهيري بساحة الكشافة في بغداد ، وربما كانت المرة الاولى لظهوره امام التجمعات الشعبية ، كرجل نافذ اليد من رجال الحكم الجديد .
كان يصرخ ، عبر مكبرات الصوت ، في الجمهور المحشد هاتفا وملقنا للهتاف : (( اعدام الخونة )) ثم يشير بيده مستنهضا ترديد الجمهور للعبارة وراءه ، كما يفعل المغنون في حفلاتهم اليوم ، يهتف صدام حسين (( ماذا تريدون؟)) ويكرر العبارة مع الاشارة (( اعدام الخونة )) ، تلقف اعضاء حزبه ، القريبون من منصة الهتاف ، الأمر وكانوا الجوقة الاولى المرددة ، حتى تسيد الهتاف على الجموع التي ملأت الملعب ، اصبح صدام يكتفي بالسؤال لترد الجموع بحناجر بحت من كثرة الترديد (( اعدام الخونة )) ، وكانت اولى الكلمات التي سمعناها من صدام محركا دولاب الدم الاول .

وتوالت دواليب العنف وتوفير مستلزماته، تسليح الحزبيين ، جيش شعبي ، استثمار موارد النفط لبناء احدث الاجهزة القمعية السرية ، وصولا لبناء دولة مخابراتية اشترت التقنية و الخبرة من دول المعسكرين الدوليين المتصارعين انذاك ، وخاصة دول المعسكر (( الاشتراكي )) التي لم تبخل بشيء ، الى الحد الذي يصبح فيه مدير الامن العامة خريج الجامعات السوفيتية.

وحين اكتمل بناء الدولة المخابراتية الحديثة تربع صدام قائدا أوحد على دستها مزيحا رفاقه المنافسين وغير الراضين وغير المرغوب فيهم ، بالعنف والدم الذي طال كل من يعارض ويختلف او ( قد( يعارض ويختلف . ولم يتوقف مسلسل العنف و القمع حتى اليوم الاخير للدكتاتور .

ثم جاء زمن الحرب ، العراقية الايرانية في ثماني سنوات عقبها غزو الكويت وحرب الخليج الاولى وسنين الحصار التي شهدت ذروة التشدد في مركزية السلطة وضيق الدائرة المتحكمة بشؤون البلاد والعباد ، بموازاة حرب داخلية متواصلة ضد الكرد والشيعة وكل من يعارض ويرفض ، والمقابر الجماعية شاهد لا يدحض.
سنين طويلة كانت الالوان المتسيدة هي : (( الخاكي )) لون الحرب بتدرجاته وتشكيلاته ، و(( الاسود )) لون الحزن على الضحايا ، ولون الدم في الضمائر والعيون .
ثلاثة أجيال نشأت في ظل الحروب وعسكرة المجتمع ، أجيال تآخت مع السلاح المبذول المتداول ، الكل مدربون ويجيدون استخدامه ، في الحروب وفي الاعراس ومجالس العزاء ، وعقب اذاعة بيانات النصر الكاذبة . الآذان الفت لعلعة الرصاص ، والموت اصبح حدثا يوميا عاديا ، وارخص شيء هي حياة انسان .

المزاج النفسي الاجتماعي الجمعي ، تكرس مزاج قسوة وعنف وخشونة قصوى ، لا يعرف لغة غيرها الا ما ندر .
اسلوب السلطة في فرض ارادتها (( العنف )) ، واسلوب معارضيها في الوصول لرغباتهم (( العنف )) ، حين لم يكن متاحا لهم التعبير عن ارادتهم الا بالسلاح ، عدا من كان خارج العراق.
الاغاني كانت اغاني عنف (( احنا المشينا للحرب )) و القصائد والزجل الشعبي والهوسات (( يا حوم اتبع لو جرينا )) و (( المايصيربعثي مايشم هوه العراق )).
التربية والتعليم تعسكرت مؤسساتها بعد تبعيثها ، والعلم يرفع في باحات المدارس مصحوبا بزخات الرصاص ، واجبر التلاميذ على الذهاب الى معسكرات التدريب الاجباري لاستخدام السلاح والتطوع لجيش القدس.

شباب اليوم ، القوة الحيوية في المجتمع ، وآباؤهم وامهاتهم ايضا ، نشأوا في هذا الجو المشحون بالعنف والعسكرتاريا .
وكان الفصل الاخير من حياة ذلك العهد واحدا من الفصول الاكثر دموية وعنفا ، حين دخلت البلاد اقوى جيوش العالم واحدثها تقنية واكثرها قسوة ووحشية في حرب ادهشت المحاربين قبل المتفرجين ، حتى لمن تربى وترعرع في احضان ماكنة الحرب .
قبل ايام حدثني شاب كان ضابطا في الحرس الجمهوري ( والده ايضا كان ضابطا كبيرا في الحرس ) ومشاركا بمعركة مطار بغداد خلال الايام الاخيرة لنظام صدام ، عن تفاصيل واحداث لم يزل يجدها اعجوبة ولغزا محيرا ، وكيف انه شاهد ، دبابات واليات عسكرية بكاملها تذوب وتختفي من ساحة المعركة ، ومجاميع عسكرية تباد في لحظات .

سقط صدام في 9 نيسان 2003 مخلفا تركته الثقيلة من الخراب النفسي الجمعي والفردي ، لكننا الان في السنة الثالثة والمشهد السائد ما زال مشهد حرب وعنف.
وهناك عوامل مساعدة ومغذية ومسببة في ديمومة العنف :

الارهاب ليس لغزا

ــ دخول الارهابيين افواجا بدء في الاشهر الاخيرة لعمر نظام صدام حسين ، حين اخذ باستقبال الاف المتطوعين والمجاهدين العرب ، من انتحاريين وغيرهم .
ــ والامريكان ساعدوا في ذلك لاحقا ، حين تعمدوا ترك حدود البلاد مشرعة ، (( استدراج الإرهابيين من جحورهم الى ارض مكشوفة ، ومحاربتهم على ارض بعيدة )) هكذا تقول وجهة النظر الامريكية. انهم يحاربون الارهاب على ارضنا نحن علنا ، لعلها احدى ضرائب تخليصنا من نظام مثل النظام السابق .
ــ المعسكرات ومخازن الاسلحة وذخيرة الجيش والاجهزة القمعية تركت سائبة لمن يرغب ولمن ينهب ، كما الحال مع الدوائر المدنية للدولة ( سوى وزارة النفط التي حرستها الدبابات الامريكية ! ) . والشاحنات المحملة بمختلف الاسلحة والاعتدة التي تركها الجيش المهزوم ، الذي حل نفسه قبل قرار برايمر ، على مفترقات الطرق . حتى ان احصائية نشرت في العام الماضي ، لم تبالغ في تقديراتها ، اشارت الى ان هناك ما لا يقل عن ثمانية ملايين قطعة سلاح متداولة بين الاهالي .

ــ دول الجوار ، سوريا وايران خاصة ، لم توفر جهدا لادامة وتغذية الارهاب وعدم الاستقرار في العراق ، والمعلومات التي تنشر عن الدور السوري والقادمين من السعودية وغيرها عبر دول اخرى ليست كلها كاذبة ان لم تكن في اغلبها صحيحة ونحن في العراق نعرف معرفة اليقين هذه الادوار ،كل شيء مكشوف عندنا ، اما ايران يكفي التذكير بان السيد سليماني المسؤول في المخابرات الايرانية اعلن قبل عام في تصريح نشرته الصحف وبينها الشرق الاوسط ، ان الزرقاوي ومجموعة من مساعديه يدخلون الى ايران ويخرجون منها بعلم الاجهزة الايرانية لان نشاطهم في العراق يخدم المصالح الاستراتيجية العليا لايران.

المتضررون من التغيير

اجهزة صدام السرية والمخابراتية ، التي كانت اصلا تحت الارض ، ظلت محافظة على قواها وأعادت تنظيم نفسها واستدعت رجالها ، ومعروف لنا ان الكثير من البعثيين الذين جرت تصفيتهم في السنة الماضية ، صفوا على يد رفاقهم لانهم رفضوا الاستجابة للاوامر ، وفي الاعظمية جرت حوادث غير قليلة من هذا القبيل بينها تصفية احد الكوادر البعثية امام انظار عائلته كي يكون عبرة لمن يرفض الاوامر ، وهناك توزع جريدة البعث السرية (( الثورة العربية )) بطريقة اقرب الى العلنية !
المنتفعون في العهد الفائت ، المتضررة مصالحهم ، ويتضررون اكثر لو جرى التغيير المنشود وبناء الدولة على اسس جديدة غير التي كانت .

هؤلاء يشكلون مصدرا من مصادر العنف بتحالفهم مع فلول البعث واجهزته ومع الارهاب الملتحي التكفيري بتنسيق معلن وبتوزيع للادوار مكشوف. وهي بالتحديد القوى والتجمعات السياسية التي تدعي تمثيل العرب السنة وتفاوض باسمهم ، تلك التي عارضت العملية السياسية وقاطعت الانتخابات وزايدت في الوطنية على غيرها .
لم يكن لهذه القوى نفوذ بين الناس ، فاتكأت على الارهاب كأنه نفوذ لها ، وعلى خطاب التمثيل الطائفي المكروه ، دون تخويل من احد .
(( حدث ان صديقا لي جرى اختطاف ابن اخيه ، وطلب الخاطفون 250 الف دولار لاطلاق سرحه ، كان التفاوض يتم بين عائلة المخطوف و(( وسطاء )) ممثلين لهيئة علماء المسلمين وكوادر سابقة في حزب البعث ، رست المفاوضات على دفع 120 الف دولار ، كانت حصة الخاطفين 40 الف والباقي توزع بين رجال الهيئة والبعثيين ... ولم يكن الحدث فريدا بل شائعا ، لذلك يطلق العامة على الهيئة تسمية هيئة علماء الخاطفي )).

ــ عشرات الاف المجرمين العتاة الذين اطلقهم صدام من سجونه قبيل رحيله ، وتجار الحروب الذين شكلوا مافيات منظمة تحيا وتتغذى وتثري على ادامة العنف والارهاب المنفلت ، سبب اخر لدوام العنف والارهاب .

الاحتلال الامريكي

السنة الثالثة وطائرات الهليكوبتر ، بانواعها ، تصول في سماء العاصمة بغداد والمدن الاخرى ، الدبابات الضخمة العملاقة والاليات الحديثة المحصنة تجول الشوارع والاحياء بعسكرييها الذين نتخيلهم آلات أخرى لأننا لا نرى منهم سوى بعض الوجه محتمين بأحدث اللوازم العسكرية القتالية. وحين يتعرضون لهجوم يكون الرد عشوائيا في كل الاتجاهات وبكل الاسلحة التي بحوزتهم ، ودائما يكون الدم البريء هو الاكثر هدرا .

في بغداد وامام اعيننا تسلك القطعات العسكرية الامريكية ، سلوك السيد المحتل ، مثل قطع الطرق الرئيسة والجسور وتطويق مناطق سكنية بكاملها بالدبابات والاليات والقصف المكثف والعنف غير الموجب ، القطعات العسكرية الامريكية تتصرف بحماقة غير مبررة حتى عسكريا حسب انتقاد القيادات العسكرية البريطانية المحلية لها ، انهم يتصرفون مثل ذلك الذي يشعل علبة الكبريت كلها مع انه يحتاج لعود كبريت واحد او اثنين .

هجمات القوات الامريكية وحملاتها على الارهاب في المناطق الغربية لم تخل من العنف المفرط .
والسلوك الامريكي لا يدان في هذا فقط بل في مواقف مكشوفة مدت في عمر الارهاب ، منها ما جرى في اتفاقية الفلوجة الاولى التي عقدت في السنة الماضية مع المفاوضين من وجهاء المدينة ورجال الدين واطراف اخرى ، نص الاتفاق كما نشرت الصحف في حينها على بنود سرية يغض بموجبها الطرف الامريكي عن منافذ باتجاه الموصل وسامراء لخروج المقاتلين العرب من المدينة !
ومنها اطلاق سراح المعتقلين من الارهابيين و المجرمين بالجملة قبل احالتهم للقضاء او استكمال التحقيق معهم .

وايضا التقصير المتعمد في تجهيزات الشرطة العراقية ، لعدم الاطمئنان اليهم (( مركز حي صدام قرب حي العامل ، الذي هاجمه الارهابيون وسيطروا عليه واطلقوا سراح العشرات من زملائهم ، لم يكن مجهزا سوى برشاشة بي كي سي واحدة والباقي مسدسات وبنادق كلاشنكوف ، وقبل ايام قليلة من الهجوم تم تفتيش المركز من قبل الامريكان فوجدوا قذيفة اربي جي بدون قاذفة ، ولان الاربي جي ممنوع على الشرطة تم فتح تحقيق بتهمة مساعدة الارهاب )).

القوات العراقية

المشكلة حديثا ، شرطة وجيش ، التي تتحمل الوزر الثقيل وتقدم من الضحايا الكثير ، وكان لها الدور الاول في الحد من الجريمة والارهاب ومواجهتهما ، مثلما كانت الهدف الاول للارهاب الاعمى الذي لم يبق ولم يذر .
هي الاخرى سبب في اشاعة جو من العنف ، مجاميع تتنقل على ظهر ناقلات )) البيك اب )) السريعة دائما ، شاهرة اسلحتها بوجه الاخرين ، فاتحة دربها وسط الزحام باطلاق الرصاص واهانة الاخرين ، انها اقرب الى الميليشيا من القوات النظامية.

مفارز الحماية الخاصة الكثيرة ، يشهرون مسدساتهم وبنادقهم المختلفة من نوافذ السيارات واسطحها على المارة والعابرين ، فاتحين دربهم ... بالعنف .
حتى شرطي المرور يقف وسط الشارع ماسكا مسدسه بيده ، وقبل ايام قليلة جرت مشادة كلامية ، في تقاطع الكرادة الشرقية ، بين شرطي مرور وسائق ، ناكد الشرطي في احقيته بالمرور ، انتهت باطلاق شرطي المرور الرصاص على راس السائق الذي قتل فورا !

وفي ظل حكومة الجعفري الانتقالية تسعى القوى السياسية المهيمنة ، بعد استحقاق انتخابي ، الى تحزيب اجهزة ومؤسسات الدولة المسلحة ، سواء عبر فتح الابواب امام ميلشياتها او هيمنة كوادرها في تولي المسؤوليات في هذه المؤسسات ، وليس خافيا الخطر الناجم عن هذا السعي على السلم السياسي العام .

ميليشيا الاحزاب

حين انطلقت (( العملية السياسية )) بادرت الاحزاب العقلانية الى حل ميليشياتها ، تجاوبا مع القرارات الصادرة واحزاب اخرى تشكلت حديثا ، او اعادت نشاطها ، لم تسع الى تشكيل ميليشيا ،أملا في عملية سياسية سلمية تتم عبرها مراحل الاستحقاقات السياسية التي ثبتت في (( قانون ادارة الدولة للمرحلة الانتقالية ((.

الا ان غيرها فعل العكس ، وكان مبادرا الى تعزيز قدرات ميليشياته وتجهيزاتها ، فهذا انفع ، من وجهة نظرهم ، في غلبة موازين القوى في التنافس السياسي الذي يتوجب ان يكون سلميا .
بعض الاحزاب الطامحة للسلطة تظهر سلميتها وتبطن (( ميلشياتها )) ، وتتكئ على القوة العنفية حين يلزم الامر.

المزاج الشعبي العام وتدهور خدمات الدولة وضعفها

المزاج النفسي الشعبي السائد ، في الكثير من اوجهه محتقن متوتر ، خاصة في العاصمة بغداد ، بسبب التدهور غير المعقول في الخدمات العامة واشتداد ازمات الكهرباء والماء والمرور والمواصلات والاتصالات والسكن ... الخ. وكل الخدمات العامة تشكو من الازمات ، دون حلول جدية .

وبسبب تضخم الفساد الاداري في اجهزة الدولة الى حدود لم يسبقها مثيل وتولي مسؤولين ، يفتقرون للكفاءة والنزاهة ، المسؤولية عن اجهزة لها علاقة مباشرة بحياة الناس اليومية .

وايضا بسبب استمرار البطالة الضاربة ( التي تشكل عاملا مساعدا جدا للارهاب والجريمة ) . والسلوك المهين لقوات الاحتلال والقوات المسلحة العراقية في التعامل مع الاهالي .

حالة الاحتقان والتوتر الحاد في المزاج النفسي الشعبي العام يمكنها ان تجد متنفساتها بانفجارات غير محسوبة ، عفوية غير واعية ، ويمكنها ان تشكل مناخا مناسبا للاضطرابات العنفية و الهيجان الشعبي المساند لأي بوادر تطرف في التصرف الجمعي . انها حاضنة نفسية للعنف .

مثلا بامكان ثأر عشائري ان يشعل حوادث نزاع طائفي ، كما الحال في احداث المدائن ، وحينها تتداخل العوامل لتكون نتيجتها نزاعا طائفيا .
الاحتقان العام المقصود يقلل من قيمة العقل ويغلب قيمة العواطف ، ويجعل المزاج الجمعي هشا و هشيما بامكان شرارات طائشة او مغرضة ان تشعل حرائق محدودة او غير محدودة ، وحين تسيل الدماء لاغراض طائفية او فئوية ضيقة يصعب ايقاف تداعياتها وتطوراتها .

كل هذه ، وغيرها مما فات ذكره ، تشكل مقومات واسباب حاضرة للعنف ، وفيها يجد العنف ولادات وحواضن
ورعاة وممولين وداعمين و مناخا خصبا . وليس الموروث وحده مهما علا شأنه وتأثيره .

وعلى ذكر الموروث فان من الانصاف ذكر ان العراقيين ورأيهم العام ينبذ العنف والارهاب ، وان التعبير المتداول عند عامة الناس ، ضحايا العنف والمكتوين بناره ، ان ما يريدونه ويتطلعون اليه هو الامان والاستقرار وانهم تعبوا من دورات العنف والحروب واصوات الانفجارات والرصاص .

صوت العقل ليس غائبا ولن اجافي الحقيقة ان زعمت انه الغالب لدى عامة العراقيين ، كبارهم يحنون لاعوام الطمأنينة والسلم وصغارهم يتطلعون الى حياة آمنة تضمن لهم مستقبلهم .
وهذه الارادة هي التي ستزكيها الحياة وان طال عهد العنف .



#حيدر_فاضل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- مصدردبلوماسي إسرائيلي: أين بايدن؟ لماذا هو هادئ بينما من ال ...
- هاشتاغ -الغرب يدعم الشذوذ- يتصدر منصة -إكس- في العراق بعد بي ...
- رواية -قناع بلون السماء- لأسير فلسطيني تفوز بالجائزة العالمي ...
- رواية لسجين فلسطيني لدى إسرائيل تفوز بجائزة -بوكر- العربية
- الدوري الألماني: هبوط دارمشتات وشبح الهبوط يلاحق كولن وماينز ...
- الشرطة الأمريكية تعتقل المرشحة الرئاسية جيل ستاين في احتجاجا ...
- البيت الأبيض يكشف موقف بايدن من الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين ف ...
- السياسيون الفرنسيون ينتقدون تصريحات ماكرون حول استخدام الأسل ...
- هل ينجح نتنياهو بمنع صدور مذكرة للجنائية الدولية باعتقاله؟
- أنقرة: روسيا أنقذت تركيا من أزمة الطاقة التي عصفت بالغرب


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حيدر فاضل - في تفسير العنف الراهن في العراق ... لماذا نذهب بعيدا ؟