أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - حسام محمد شحادة - محاكمة دسيس على اللغة














المزيد.....

محاكمة دسيس على اللغة


حسام محمد شحادة

الحوار المتمدن-العدد: 1230 - 2005 / 6 / 16 - 07:27
المحور: المجتمع المدني
    


انتفض المبتدأ، حال سماعه الخبر وأعلن مباشرة أن استدعوا لي، كل من الخبر والمضاف إليه، والفاعل والمفعول به، وكل الضمائر، وكل أدوات اللغة. وحين حضر الجميع قفز المبتدأ من مكانه مدوياً بصرخة لجة المكان بأسره قائلاً: من الذي أعلن على الملأ أن الفاعل والمفعول به في عيني سواء، فهل يستوى الفاعل الذي قام بإرتكاب جرم بشع يندى له جبين الشرفاء، بذلك المفعول به.

حينها خيم الصمت على المكان وسادت حالة من الذهول، وفي خضم هذا الهدوء القاتل انبري المضاف إليه قائلاً: أعتقد يا سيادة المبتدأ أن القائلَ هو دسيس على اللغة، حينها إنتهز الخبر الفرصة وأعلن تأييده لهذا الرأي وموافقته عليه. قرر المبتدأ أن يشكل لجنة بحث وتقصي حقائق ، وبعد أن طال التحقيق كل من له علاقة ومن لا علاقة له بالأمر، اتضح في نهاية المطاف أن القائل هو ت. ح.

على الفور أصدر المبتدأ قراره في إحضار المدعو ت. حـ ، وحين مثل أمامه سألة كيف تجرأت على تزوير الحقائق؟ من جرك إلى هذا الهراء؟ ما هي دوافعك؟ تلعثم ت.حـ وحاول أن يتحدث أو يقول شيئا ولكن سبقته دمعة الحزن، وخر أمام الموجودين يطلب السماح،حينها إجتمعت لجنة المحكمة وقرروا أن يطرد المدعو ت. حـ من قاموس اللغة. وعليه أصدر المبتدأ فرمان بموجبه دعى كل الضمائر الحية والغير حية وكل أدوات اللغة أن اتخذوا التدابير اللازمة في حال مشاهدة الدسيس يتجول أو يقترب من أحد هوامش القاموس اللغوي.

هذا ما فعلة المبتدأ ملك اللغة، حين إكتشف دسيس عليها، خوفاً على صدق اللغة وحرصاً على أدواتها قرر طرد هذا الدخيل ونفيه خارج إطار القاموس اللغوى. فماذا عنا نحن مستخدموا اللغة ؟! ... حين يدعي أحدهم الحكمة وينسج من خياله المريض عنواناً للظلم، حين يٌشبه الفاعل بالمفعول به، حين يجرم العمل الأهلي برمته ويتهمه بأنه عبارة عن مشاريع براجماتية مسيسية تعمل وفق أجندة الممول . كيف يمكن لنا أن نشكل محكمه شبيهه بمحكمة اللغة لمن يقول أن المؤسسات الأهلية تنشر برامج تبشيرية ( التبشير الثقافي) يتهمها بأنها تزور القيم والحقائق وتغرز ثقافة أجنبية في المجتمع ؟

كيف لي أن أفهم هذا الاتهام السافر الذي لا يرتكز إلى قوانين الأدب واللياقة وحسن الطوية في طرحه، فهو قائم على إرهاصات فردية، ومواقف شخصية، لا عن طريق بحث ومعلومات مثبته، فعلينا أن ندرك أن غياب القانون يسمح ببروز نتوءات تعتقد أنها مثقفة بالقدر الكافي وتعلم بالقدر الكافي، ولكن علينا أن ندرك أن النتوء في حد ذاته هو شكل غير طبيعي لخلل في منظومة القانون وخلل في عملية التكوين.

أنه ليس سراً ولسنا بحاجة إلي الكثير من العناء لندرك قيمة وتوجهات العمل الأهلي في فلسطين، فقد لعب العمل الأهلي دوراً هاماً وبارزاً في تاريخ النضال الوطني الفلطسني، وقد أثر تأثيراً مباشراً في عملية البناء والتنمية برمتها وكان ومازال دوماً صمام أمان وحامل راية العمل باتجاه المجتع المدني وقضايا العدالة والديمقراطية في المجتمع، ناهيك عن دوره الخدماتي المساند لعمل المؤسسات الحكومية في المجال الصحي والتربوي والثقافي .

وإذا اتهمنا المؤسسات أنها تعمل وفق برنامج تبشيري فكيف يمكن لنا فهم الموقف الرافض لبعض المؤسسات الغير حكومية من وثيقة الإرهاب التي نَضمتها وكالات التمويل الأمريكية كشرط رئيسي للتمويل. في المقابل وقعت عليها العديد من المؤسسات الأخري ومن مختلف التصنيفات المؤسساتية.

حقيقة لا أريد الغوص أكثر في تفاصيل الحديث عن العمل الأهلي فهو بحد ذاته أصدق من يعبرعن ذاته، ولكني أريد أن أأكد أن التنمية الحقة تقتضي حسن الفعل وحسن التوجه. والتغيير لا يأتي من خلال مقالاً حاقداً دسيساً على القيم الأصيلة، والتنمية لا يمكن أن تزدهر بمعزل عن الفهم المسنتير لقضايا المجتمع. فليس أن تحرك شفتيك هذا يعني أنك تتحدث عن قيمة، وليس أن تلوث الورقة البيضاء باللون الأزرق أو غيره يعني أنك قد كتبت شيئاً ذو قيمة، القيمة بالأساس هي ساكنه بداخلنا تعيش معنا تتجول في ثنانيا روحنا الغارقة في دار الأمس، فإن استطعنا أن نحقق الوئام بين دوافعنا، وأن نحول التنافس والصراع بين عناصرنا إلى إنسجام وتعاون، سندرك حينها أننا نفيض خيراً، نتحدث ونكتب خيراً. ولعمري ما نحن بالغوا الخير قبل أن نعشق كل الأشياء الجملية فينا ونفيق من سيطرة فكرة بناء ذواتنا على أنقاض الأخرين.

فإذا قرر المبتدأ أن يطرد ذلك الدسيس على اللغة خارج ممكلة اللغة، فنحن ما زال لدينا فسحة في القلب لأن نمنحه قمرا لعله يستشعر دربه في عتمة الفكر ومتاهات الطريق.





#حسام_محمد_شحادة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأعتداء على القيم والمؤسسات المدنية قضية رأي عام
- الأسرة وتكويناتها
- قرائة تحليلية لمؤتمر الشباب الأول


المزيد.....




- احتجاجات أمام سجن محلي في تكساس للإفراج عن طلبة تظاهروا دعما ...
- بالصور..اعتقال عشرات الطلاب في تكساس بسبب مشاركتهم في مظاهرا ...
- تأييدًا لغزة.. طلاب وأساتذة يتظاهرون في جامعة سيدني
- شبح المجاعة لا يغيب.. غزيون يشتكون شح السلع وغلاءها
- الحكم على مغنٍ إيراني بالإعدام على خلفية احتجاجات مهسا
- الإعدام لـ11 شخصا في العراق أدينوا -بجرائم إرهابية-
- تخوف إسرائيلي من صدور أوامر اعتقال بحق نتنياهو وغالانت ورئيس ...
-  البيت الأبيض: بايدن يدعم حرية التعبير في الجامعات الأميركية ...
- احتجاجات أمام مقر إقامة نتنياهو.. وبن غفير يهرب من سخط المطا ...
- الخارجية الروسية: واشنطن ترفض منح تأشيرات دخول لمقر الأمم ال ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - حسام محمد شحادة - محاكمة دسيس على اللغة