أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - يعقوب بن افرات - نعم للثورة - لا للدستور















المزيد.....

نعم للثورة - لا للدستور


يعقوب بن افرات

الحوار المتمدن-العدد: 4315 - 2013 / 12 / 24 - 16:36
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


من المتوقع إجراء الاستفتاء على الدستور المصري في منتصف الشهر القادم. وكان الاستفتاء الأول منذ اندلاع ثورة 25 يناير التي أطاحت بنظام مبارك قد تم في عهد المشير الطنطاوي، فيما عقد الثاني في عهد الرئيس المنتخب الأول محمد مرسي، وسيكون الاستفتاء المرتقب هو الثالث في عهد الجنرال عبد الفتاح السيسي.
كل استفتاء من الثلاثة أثار جدلا كبيرا بين المصريين. فأما الاستفتاء الأول الذي حدد موعد الانتخابات قبل صياغة الدستور، فقد حظي بترحيب الأخوان المسلمين. ولا غرابة فهذا الاستفتاء جاء وليد صفقة بين الاخوان والجيش على حساب القوى الثورية والليبرالية، وكانت النتيجة كما هو معروف فوز الاخوان بأغلبية مقاعد البرلمان.
اما الاستفتاء الثاني فكان على مسودة الدستور التي صيغت بأغلبية اخوانية وافتقدت إلى إجماع وطني شامل. فقد زاد الدستور من مخاوف القوى الليبرالية واليسارية من احتمالات قيام الاخوان بالاستيلاء على مقاليد الحكم وإدامة سلطتهم من خلال ما سمي "التمكين" او "أخونة" النظام. أما الاستفتاء الحالي على الدستور الجديد فيشكل موضع جدل عارم لأنه يتم على خلفية الإطاحة بانقلاب عسكري على أول رئيس مدني منتخب بانتخابات نزيهة وديمقراطية. ولكن إذا دققنا في المقارنة بين الدستورين، فنجد أنه لا فرق جوهري بين دستور مرسي ودستور السيسي، فكلاهما يكرسان نفس المبدأ وهو خضوع الدولة المدنية للدولة العسكرية.
لقد أطاحت ثورة 25 يناير بنظام مبارك ولكنها أبقت على الجيش متحكما بمصير الدولة. وقد حاولت الفرق السياسية المتنافسة على الساحة، من اخوان وقوى ليبرالية ويسارية، الاستقواء بالجيش على القوى الأخرى لضمان وجودها السياسي. حسب الدستورين، الجديد والقديم، يتمتع الجيش بصلاحيات سيادية، وهو يشكل سلطة رابعة مستقلة الى جانب السلطات الثلاثة التي تؤسس النظام الديمقراطي وهي التشريعية، التنفيذية والقضائية. فمن صلاحيات المجلس العسكري الأعلى أنه هو من يعّين وزير الدفاع ويعزله، والوزير يمثل الجيش داخل الحكومة وليس خاضعا لأوامر الرئيس.
ان استمرار نفوذ الجيش في الساحة السياسية يقوّض إمكانية إنشاء نظام ديمقراطي، فالجيش يتلاعب مع القوى السياسية ويؤلب فريقا على الآخر. وكما تعاون الجيش مع الاخوان لإضعاف القوى الثورية المدنية وضمان نفوذه، يستند اليوم إلى القوى المدنية واليسارية في حربه ضد ما أصبح يسمى "الإرهاب" في إشارة إلى الإخوان الذين كانوا بالأمس حلفاءه في إدارة البلاد.
من يحاول اليوم التزام الحياد إزاء هذه اللعبة الخطيرة التي تبقي مصر في حالة من الفتنة والتناحر، ويعارض الاخوان وفي نفس الوقت يرفض التعاون مع الجيش وأساليبه القمعية، بات يعتبر "طابورا خامسا" ومتعاونا مع الاخوان ويُهدَر دمه. أحد ابرز الأمثلة على ذلك إدانة أحمد ماهر وأحمد دومة‏ ومحمد عادل، الناشطين في حركة 6 ابريل والذين تحدوا قانون "منع التظاهر" فحُكم عليهم بالسجن ثلاث سنوات. لهذا الحكم المبالغ به قياسا بالتهمة، عدة دلالات منها انه رسالة من النظام بأنه لن يحتمل المعارضة حتى لو كانت سلمية ومدنية، لا مجال للاحتجاج ومن يعبر عن رأي مخالف لرأي النظام سيكون مصيره كمصير الاخوان. ثانيا، يكشف الحكم تبعية القضاء المصري للنظام، وثالثا يكشف الغطاء عن الانقلاب الذي سمي كذبا "ثورة 30 يونيو"، بأنه كان ثورة مضادة ممولة من السعودية بهدف إعادة الفلول للحكم.
كيف يمكن التحدث عن "خريطة طريق" نحو إنشاء نظام ديمقراطي في حين تتم ملاحقة تيار سياسي رئيسي أثبت قوته الانتخابية من خلال المشاركة والفوز بأغلبية الاصوات في كل الانتخابات السابقة. إن من ألغى الانتخابات البرلمانية ولم يعترف بنتائجها ولجأ للقضاء المنحاز كانت القوى الليبرالية واليسارية التي تواطأت مع الجيش للإطاحة بالرئيس المنتخب، وذلك بعد ان كانت بنفسها قد اعترفت بنزاهة الانتخابات وشاركت بنفسها فيها. كيف يمكن ان تتم انتخابات نزيهة وديمقراطية وقادة الاخوان المسلمين قابعون في السجون بتهم مفبركة وواهية في حين يتمتع وزيرا الدفاع والداخلية اللذان بقيا من حكومة مرسي بحصانة مطلقة، بسبب تبعيتهما للجيش؟
السؤال المطروح الآن هو ما الفرق بين الانتخابات المزمع عقدها بعد الاقرار بالدستور وبين الانتخابات التي عقدت في زمن مبارك. في فترة حكم مبارك كانت الانتخابات البرلمانية تأتي مسبوقة بحملة اعتقالات يشنها النظام ضد الاخوان المسلمين لمنعهم من المشاركة، في حين سمح للأحزاب الكرتونية بالمشاركة، مما ضمن للحزب الوطني الحاكم الأغلبية المطلقة. وماذا عن الانتخابات المقبلة في حال لم يشارك فيها الاخوان، هل ستمثل نظاما ديمقراطيا حقيقيا. الاجابة واضحة، الانتخابات القادمة ستعيدنا الى أيام ما قبل الثورة عندما كان يتم تطريز الانتخابات لتتلاءم نتائجها مع مصالح النظام الحاكم.
السؤال الاهم هو ماذا لو شارك الاخوان من خلال حزبهم في الانتخابات البرلمانية وحظوا بنسبة كبيرة من الأصوات؟ هل سيتم إلغاء الانتخابات مجددا؟ وماذا لو تمكن الاخوان من خلال اغلبية برلمانية من تعديل الدستور من جديد وإجراء استفتاء عليه؟ هل ستقوم القوى الليبرالية واليسارية مرة اخرى بانقلاب "شعبي"؟ إن تسمية الاخوان بالإرهاب لا يحل مشكلة مصر بل يعقدها، فالحرب على "الارهاب" ليست سوى حرب بأساليب فاشية على قوى سياسية مشروعة لها دعمها وجماهيرها، مما سيقود البلاد في نهاية المطاف إلى نظام استبدادي وفاسد.
ان الطريقة الوحيدة لمنافسة الاخوان تكون من خلال الصراع السياسي والفكري وليس من خلال اعادة الدولة القمعية التي لا تفرق بين اخواني وعلماني أو بين "إرهابي" مُلتحٍ وبين مدني ثوري. ولا بد من طرح برنامج بديل للاخوان، لان ممارساتهم تعتمد هي الأخرى على الإرهاب الفكري وتستند إلى جهل الناس من جهة، وخوفهم من العالم العصري، ولكن ضعفهم هو في عدم امتلاكهم البرنامج العملي الواقعي لإنشاء دولة معاصرة لإنقاذ مصر من الوضع الاقتصادي والاجتماعي المزري. وراء اللباس الديني يختفي برنامج شبيه ببرنامج النظام القديم المعادي للعمال وحقوقهم ويستند الى تعليمات صندوق النقد الدولي والنظام الرأسمالي المتوحش تماما كذلك الذي ترتكز عليه الطغمة العسكرية الحاكمة.
ان "خريطة الطريق" المنبثقة عن الانقلاب العسكري ستنتهي إلى طريق مسدود، لأن القصد من ورائها ليس إنشاء دولة ديمقراطية حديثة بل القضاء على الاخوان المسلمين، وما يشير الى ذلك هو الملاحقة والاعتقالات المستمرة لكل قياداتهم بهدف منعهم من المشاركة وتحقيق الفوز في الانتخابات. ان مهمة "إنشاء نظام ديمقراطي" قائم على القضاء على الاخوان هي مهمة مستحيلة ستنبثق عنها حالة طوارئ تعيشها البلاد لأمد غير معلوم.
ان موقف القوى اليسارية من الدستور الجديد يدل على خوفها الكبير من عودة الاخوان الى الحكم. فهي تبرر الدستور وتنادي بالتصويت بنعم عليه، محذّرةً من العواقب الوخيمة لعودة الاخوان. لقد أصبحت هذه القوى رهينة للجيش والداخلية فهي مستعدة لتبرير كل شيء حتى لو كانت نفسها غير مقتنعة به وينافي طموحاتها، ورغم يقينها انه لا فرق جوهري في المضمون بين دستور مرسي الذي عارضته بشدة وبين دستور السيسي الذي تنادي اليوم بدعمه. ان التحالف الغريب بين اليسار والفلول والجيش هو مصيبة كبرى ألمّت بثورة 25 يناير، فقد قضى على إمكانية بروز تيار ثالث بديل للنظام القديم والاخوان، وهكذا وجدت القوى اليسارية نفسها في المعسكر المضاد للثورة بحجج الخوف من القوى الإسلامية.
المخرج الوحيد المحتمل من المحنة الحالية هو الوصول إلى تفاهم بين الاخوان والقوى المدنية على إخراج الجيش من المعادلة السياسية، وصياغة دستور يجمع بين كل الاطراف، يُخضع الجيش للسلطة التنفيذية.
إن تحالف القوى التي شاركت في ثورة 25 يناير، سواء الاسلامية او العلمانية، مع الجيش لضرب القوى المنافسة، يبعد مصر وثورتها عن تحقيق الأهداف النبيلة التي راح ضحيتها الآلاف، بل ويعيد مصر عقودا الى الوراء. إن المنافسة مع الاخوان يجب ان تبقى في الأطر السياسية وليس الأمنية، والتغلب عليهم سيتم من خلال إقناع أغلبية الشعب المصري وعلى رأسه الطبقة العاملة بان "الاسلام هو الحل" ليس شعارا عمليا بل وصفة ساهمت في إدخال مصر للنفق المظلم الحالي.



#يعقوب_بن_افرات (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- امريكا تتراجع وإسرائيل تنعزل
- الانتخابات المحلية تكشف عمق الكارثة في المجتمع العربي
- أوباما تائه والأسد ضائع
- على الأسد الرحيل!
- عباس يقود الفلسطينيين الى الجحيم
- انقلاب بغطاء ليبرالي
- مصر أضاعت طريقها
- يسقط يسقط حكم العسكر!
- المستوطنات هي -شظيّة في المؤخّرة الإسرائيليّة-
- انتصار الأسد في القصير يعجّل في تفكّك سورية
- الربيع التركي يخلط كل المفاهيم
- وزير الماليّة الاسرائيلي لپيد ضدّ العمّال
- أوباما يعلن توبته لنتنياهو
- سنتان للثورة السوريّة: “إمّا الأسد أو الخراب”، شعار يحقّق ذا ...
- مصر لا تحتمل المقاطعة
- انتفاضة مع وقف التنفيذ
- الولايات المتّحدة تمهّد لاتّفاقيّة مثيلة لأوسلو في سورية
- مصر: طريق الآلام نحو الديمقراطيّة
- الانتخابات في اسرائيل
- لا قوميّة للرأسماليّين الكبار


المزيد.....




- الغواصة الروسية النووية -قازان- تغادر ميناء هافانا
- نجل بايدن يطالب بإعادة محاكمته في قضية حيازته سلاحا ناريا
- النيران الصديقة تمنح فرنسا فوزا صعبا على النمسا
- فيديو: كاليفورنيا تحترق.. مشاهد صادمة لنيران تلتهم مساحات شا ...
- هل تواجه صعوبات في النوم خلال الصيف؟ إليك بعض النصائح للتغلب ...
- بيربوك في منتدى DW: عدد الصحفيين المقتولين في غزة -غير مقبول ...
- يورو 2024: فرنسا تفوز على النمسا بهدف يتيم من نيران صديقة
- مصرع قائدة طائرة صغيرة جراء تحطمها بولاية نيويورك (فيديو)
- البيت الأبيض: واشنطن ستراقب عن كثب زيارة بوتين لكوريا الشمال ...
- مسؤول إسرائيلي يعلق على مصير عشرات الرهائن في غزة


المزيد.....

- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - يعقوب بن افرات - نعم للثورة - لا للدستور