أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - الأماميون الثوريون - في التناقض بين الثورتين الديمقراطية البورجوازية والديمقراطية البروليتارية















المزيد.....


في التناقض بين الثورتين الديمقراطية البورجوازية والديمقراطية البروليتارية


الأماميون الثوريون
تيار ماركسي ـ لينيني ـ خط الشهيد زروال

(Alamamyoun Thaoiryoun)


الحوار المتمدن-العدد: 4288 - 2013 / 11 / 27 - 14:57
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


كثر الحديث عن دراسة الثورات في القرن 20 والتي اتسمت بالبعد الإشتراكي الذي وضع لينين أسسه النظرية والعملية بعد تحقيق الثورة الإشتراكية ببلد واحد، وتوسيع هذا المفهوم ليشمل عدة دول بعد الحرب الأهلية والحرب الإمبريالية الثانية، واختلف الدارسون حول تناول الثورتين الروسية والصينية، الإختلاف الذي يطغى عليه التعصب الفكري والعقائدي لهؤلاء، إلى حد تجاوز المنطلقات العلمية المادية التي تتطلبها الدراسة التاريخية لمثل هذين الحدثين العظيمين ليصل إلى حد التنافر الأيديولوجي والسياسي بين الفريقين، اللذان يتبادلان التهم حول المنظور التاريخي لمنطلقاتهما المتناقضة التي احتلت مستوى أيديولوجيا وسياسيا يقود إلى الكلام عن التقليد والتحديث في الفكر والنظرية، الذي لا ندري إلى أين سيصل بأصحابه ومتى سيتم وضع حد لمثل هذه المجازفات الجدلية غير العلمية المادية.

فالتناقض بين الثورتين التي قادهما ستالين بالإتحاد السوفييتي وماو بالصين، جعلت بعض هؤلاء يحددون انتماءاتهما الفكرية والنظرية بالصفتين المقرونتين باسم هذين القائدين، ليتم الحديث عن الماركسية اللينينية ـ الستالينية والماركسية الللينينية ـ الماوية، محاولة منهم تجاوز منطلقاتهما (أي الثورتين) النظرية والعملية كحد فاصل بين البعد التاريخي للمفهوم إلى التركيز على الإنتماء الأيديولوجي والسياسي، فينعت هذا الفريق الآخر بالتقليدية والتحريفية ويعتبر أحدهما نفسه أكثر ثورية من الآخر، كما يفعل بالأخص رفاقنا "الماويون المغاربة" انطلاقا من مقولة ماو:"إذ أن تفكيرهم يعجز عن مجاراة تغيرات الظروف الموضوعية فأظهروا أنفسهم تاريخيا في صورة الانتهازية اليمينية. إن هؤلاء الناس لا يدركون أن صراع التناقضات قد دفع العملية الموضوعية إلى الأمام، فبقيت معرفتهم في مرحلتها القديمة." (1)

والتقليدية بالنسبة إليهم مرادفة للإنتهازية مما يدفع بهم إلى أن يواجهوا كل من يخالفهم الرأي من الماركسيين اللينينيين ومن منطلقاتهم الفكرية والنظرية اللاعرفانية.

وهكذا يتم اقتران التقليد/القديم بالإنتهازية كما جاء في قول ماو الذي يتخذه "الماويون" للتغطية على عدم القدرة على تجاوز منطلقاتهم اللاعرفانية التي يحددها موقع الثورة الصينية اللاتاريخي في أذهانهم، فيعتبرون كل عمل ابتغى فهم الواقع الموضوعي للأوضاع السياسية والإقتصادية الراهنة وآفاق الثورة الديمقراطية البروليتارية في علاقتها بالثورة الديمقراطية البورجوازية، انطلاقا من المذهب الماركسي اللينيني عملا تقليديا، غافلين كنه التقليد والتقليدية الذي يتجاوز البعد التاريخي للمفهومين ليصل إلى حد البنية الفكرية النمطية التي تريد إسقاط الإنتماء الأيديولوجي على أية قضية من القضايا السياسية والإقتصادية الراهنة بشكل فج، فالتقليد ليس فقط الرجوع إلى الوراء من أجل استنباط الحلول الواقعية الراهنة لهذه القضايا بل هو كذلك تجريد لفكر القائد واعتباره حقيقة مطلقة يتم التشبث بها بشكل أعمى بمزج صفة القائد بالإنتماء الفكري والعقائدي.

فالمذهب الماركسي اللينيني باعتباره مرحلة متطورة عليا للدياليكتيك الماركسي ليست فقط صفة مقرونة بالمناضل الثوري لينين، بل هي أكثر من ذلك نظرية حديثة حول عصر الإمبريالية والثورة الإشتراكية، فكيف لنا أن نضيف لها صفة ثانية وثالثة وأكثر؟ ومن منطلقات أيديولوجية وسياسية وننعتها بالستالينية والماوية والغيفارية وغيرها، وبالتالي نعت المتشبثين بالمفهوم العلمي المادي للماركسية اللينينية بالتقليد والفكر التقليدي.

إن البعد التاريخي للمفهوم لا يتم من منطلقات أيديولوجية وسياسية متعصبة تجعل صاحبها يستخف بل يكن العداء إلى أي حد لغير المتفقين معه، كما يفعل "الماويون المغاربة" اتجاه الماركسيين اللينينيين بل النظرة إلى المفهوم يجب أن تنطلق من النظرة الفلسفية المادية للدياليكتيك الماركسي وليس من الأوهام الأيديولوجية الضيقة، فما هي الدلالة التاريخية لمفهوم الماركسية اللينينية؟

أولا ـ ارتباط ظهور مفهوم الماركسية اللينينية بحدث تاريخي عظيم طبع حياة الناس بل المجتمعات والعالم بأسره وهو إنجاز الثورة الإشتراكية، هذا المفهوم الذي يعتبر التطوير التاريخي الممكن للماركسية على المستوى الفلسفي والسياسي والإقتصادي والتنظيمي والقابل للتطور على مستوى الممارسة العملية، وأصبح بذلك المفهوم الجديد لفلسفة وعلم الماركسية، أي الماركسية اللينينية، التي تعتبر حدثا تاريخيا تجاوز منطلقاته النظرية الفلسفية والعلمية ليصبح المنطلق الأساس لكل ممارسة ثورية تسمى بهذا المفهوم، وتصبح هي بذاتها ولذاتها منطلقات التطور المستقبلي للبشرية.

ثانيا ـ تاريخ هذا المفهوم مقرون بالحدث النوعي بالقفزة النوعية التي تلازمه عبر التاريخ والتي طبعت العالم وهي الثورة الإشتراكية بالإتحاد السوفييتي، النموذج الوحيد والأوحد في العالم الذي استطاع طبع حياة الناس بعد الثورات البورجوازية بأوربا الغربية، وأحدثت طفرة فلسفية وعلمية لا يمكن تجاوزها بالنمطية الفكرية والتقليد بل بالعلمية المادية المعرفية المنطقية التاريخية، التي لا يمكن أن تنطلق إلا من الماركسية اللينينية كنظرية الثورة الديمقراطية البروليتارية نقيض الثورة الديمقراطية البورجوازية، باعتبار أن منطلقات الثورة الديمقراطية البورجوازية منبثقة من حضن نمط الإنتاج الإقطاعي ومن فلسفة رفض هذا النمط من طرف البورجوازية وليس من منطلقات المرحلة العليا للرأسمالية الحديثة التي تعتبر حضن منطلقات الثورة الإشتراكية ونقيضها الأساسي.

هذا الحد الفاصل بين الثورتين تم بشكل تاريخي لا انفصام فيه وهو وليد الحدث التاريخي للثورة الإشتراكية، الذي لا يمكن تجاوزه بالرجوع إلى الخلف والحديث عن تطوير الماركسية اللينينية من منطلقات الثورة الديمقراطية البورجوازية بالصين التي لم تستطع الإنتقال إلى المرحلة الثانية/الثورة الديمقراطية البروليتارية، فما هي منطلقات الثورة الصينية؟

أولا ـ هي التشبث بالنظرية الماركسية اللينينية التي أعطت نموذجا حيا للثورة الإشتراكية السوفييتية نقيض الرأسمالية الحديثة ذات البعد الإمبريالي الذي يميز المرحلة التاريخية التي أفرزت الماركسية اللينينة باعتبارها التكامل النظري لفلسفة وعلم الماركسية، وهي نقيض الثورة البورجوازية والنظرية الثورية البروليتارية التي لا جدال فيها بعدما تم تحقيق الثورة الإشتراكية بالإتحاد السوفييتي، وطبع الحياة في العالم بطابعها وخلق تناقضات تاريخية بين الإمبريالية والإشتراكية يصعب تجاوزها أيديولوجيا وسياسيا. فمهما تم النضال الثوري عبر الثورة الديمقراطية البورجوازية لا يمكن أن يصل حد تجاوز منطلقات الثورة الديمقراطية البروليتارية التي تم تحقيقها عبر البناء الإشتراكي في بلد واحد، الذي تم توسيعه جغرافيا في شكل اتحاد أكثر من 24 بلدا ومئات القوميات، عاشت وتعايشت في نمط إنتاج واحد موحد تنتفي فيه الفوارق الطبقية والإجتماعية بشكل كبير وأصبحت فيه القوى المنتجة ذات الصفة الإجتماعية الإشتراكية، ذلك ما طبع الثورة الإشتراكية بالإتحاد السوفييتي وشرق أوربا.

ثانيا ـ لقد كان للبناء الإشتراكي الذي انطلق منذ نهاية الحرب الأهلية التي انتصر فيها تحالف العمال والفلاحين أثر كبير في ترسيخ أسس المفهوم الإشتراكي للثورة الذي أحرز انتصارات تلو انتصارات سياسيا واقتصاديا، وصلت حد القفزة النوعية بعد توسيع مفهوم الثورة الإشتراكية في بلد واحد مع الإنتصار الباهر على الإمبريالية في الحرب الإمبريالية الثانية، هذا الإنتصار الذي خلص الإنسانية من جرائم الفاشية والنازية وفتح الباب أمام توسيع مفهوم الثورة من الغرب إلى الشرق بعد تحقيق الثورة الديمقراطية البورجوازية بالصين ذات الجذور الديمقراطية البروليتارية، بفضل تحقيق الثورة الديمقراطية البروليتارية بالإتحاد السوفييتي وشرق أوربا والتي قال عنها ماو:"وقد بدأ تحقيق مثل هذا التغيير في جزء من الكرة الأرضية أي في الإتحاد السوفياتي. ولا يزال الشعب هناك يقوم بدفع عملية هذا التغيير إلى الأمام. أما الشعب الصيني وسائر شعوب العالم فهي بدورها تمر الآن، أو ستمر في المستقبل، بمثل هذه العملية."(2)

ولم تستطع الثورة الصينية تجاوز إنجازات الثورة الديمقراطية البروليتارية العظيمة في الإتحاد السوفييتي كما يعترف ماو بذلك، لكونها سبقت الثورة الديمقراطية البورجوازية الصينية بكثير على جميع المستويات النظرية والعملية.

ثالثا ـ لقد انطلقت الثورة الديمقراطية البورجوازية الصينية نظريا من منطلقات الماركسية اللينينية التي وضع لينين أسسها وطورها ستالين في مرحلة البناء الإشتراكي في الإتحاد السوفييتي، وشرق أوربا التي حررها من سيطرة الإمبريالية ومنع الإمبرياليين من اجتياح الصين مما فتح آفاق انتصار الثورة الصينية التي واجهت الإقطاع المتعفن سياسيا واقتصاديا، إلا أن الثورة الصينية لم تستطع تجاوز مرحلة الثورة الديمقراطية البورجوازية رغم أنها حدث عظيم بعد الثورة الإشتراكية السوفييتية، وبذلك لا يمكن أن تضيف إلى الماركسية اللينينية فلسفيا وسياسيا واقتصاديا وتنظيميا، لكون هاتين الثورتين متناقضتين في ظل الوحدة بينهما، والتي تشكل فيها الثورة الديمقراطية البورجوازية بصفة عامة التناقض الثانوي المساعد على بلوغ مستوى الثورة الديمقراطية البروليتارية، باعتبارها الحضن الذي انبثقت منه الثورة الإشتراكية، وقد يصبح هذا التناقض أساسيا في كون تناقضات الثورة الديمقراطية البورجوازية الداخلية التي تحاول عرقلة تطور القوى المنتجة في اتجاه الديمقراطية البروليتارية، كما هو الشأن في الصين التي لم تستطع تخطي مستوى التطور الديمقراطي البورجوازي، بعد فقدانها للسند التاريخي للثورة الديمقراطية البروليتارية بروسيا، بعد التراجع عن الخط والإسترانيجية اللينينين بالإتحاد السوفييتي.

رابعا ـ تعتبر الثورة الديمقراطية البروليتارية وليدة الثورة الديمقراطية البورجوازية ونقيضها التاريخي باعتبارها المرحلة التاريخية المتقدمة في تطور المجتمعات من الرأسمالية إلى الشيوعية، وهي باستطاعتها جر عربة كل ثورة ديمقراطية بورجوازية ناشئة التي من الممكن تطويرها بعد تحقيقها لتصل حد الثورة الديمقراطية البروليتارية، إلا أن الثورة الديمقراطية البورجوازية الصينية لم تستطع تجاوز تناقضاتها الداخلية بحكم شروط الحياة المادية التي طبعت المجتمع الصيني، وهي ذات صفة الإقطاع لتبقى رهينة منطلقاتها النظرية المتسمة بالماركسية اللينينية دون القدرة على تجاوزها إلى الممارسة العملية في البناء الإشتراكي الحقيقي، الشيء الذي يمنعها من أن تضيف للثورة الديمقراطية البروليتاريا جديدا بقدر ما يمكن عرقلة تطور اتجاهها إلى الشيوعية، التي يسعى البناء الإشتراكي السوفييتي الوصول إليه عند تحقيق الإشتراكية كاملة، خاصة بعد اغتيال ستالين مهندس البناء الإشتراكي وصعود التحريفية الإنتهازية إلى السلطة والتراجع عن الخط والإستراتيجية اللينينين، مما خلق للثورة الصينية أعباء إضافية باعتبارها وليدة الثورة الديمقراطية البروليتارية بالإتحاد السوفييتي، التي تراجعت فيها الثورة أو بالأحرى توقفت مما أثر على الثورة الديمقراطية البورجوازية الصينية التي تراوح مكانها.

ولا غرابة أن نجد الصين حاليا في مراحل متقدمة على روسيا في التطور نحو الإمبريالية لكون الثورة الديمقراطية الصينية ذات أسس بورجوازية، حيث الأساس الإقتصادي الذي طغى عليه الإقطاع حال دون تطورها رغم منطلقاتها الماركسية اللينينينة وليس انطلاقا من مفاهيم البورجوازية التقليدية المعروفة في الثورات البورجوازية التي حدثت في أوربا.

خامسا ـ إن الثورة الديمقراطية البورجوازية التي قادتها الطبقة العاملة والفلاحون بالصين ليست كمثيلاتها التي قادتها البورجوازية وسيطرت على السلطة في البلدان الأوربية، إلا أن عرقلة تطور الثورة الديمقراطية البروليتارية بالإتحاد السوفييتي و ثقل الإرث التاريخي للإقطاع بالصين ، جعلا هذه الثورة الناشئة لم تكتمل لتصل حد الثورة الديمقراطية البروليتارية والبناء الإشتراكي كما هو الشأن في الإتحاد السوفييتي وشرق أوربا.

ونرى اليوم الصين مؤهلة لتصبح من أكبر الإمبرياليات الحديثة لكون منطلقات البورجوزاية التي أرستها الثورة الصينية صلبت عود اقتصادها الرأسمالي الحديث الذي لا يمكن تجاوزه، فالتحريفية الإنتهازية بالصين حولت الدولة بسلاسة بعد موت ماو مباشرة إلى دولة رأسمالية حديثة متسمة بالإمبريالية، بينما في الإتحاد السوفييتي فرغم محاولات التحريفية الإنتهازية تحويل القوى المنتجة الإشتراكية التي خلفتها الثورة الديمقراطية البروليتارية إلى قوى إنتاج رأسمالية لم تستطع إعلان انهيار التجربة الإشتراكية إلا بعد أكثر من ثلاثة عقود من الهدم، بينما الصين لم يتم فيها الهدم بشكل مباشر بقدر ما تم التطور السلس نحو الإمبريالية من منطلقات الثورة الديمقراطية البورجوازية التي لم تكتمل أطوارها لتصل حد الديمقراطية البروليتارية.

إن تفكيك الإتحاد السوفييتي وشرق أوربا إلى دويلات أضعف موقع روسيا بين الإمبرياليات الشيء الذي لم يحدث في الصين وتم تعطيل القوى المنتجة الإشتراكية في روسيا بعد الإنتقال من الإشتراكية إلى الرأسمالية، وهدم القوى المنتجة الإشتراكية لا يمكن حدوثه بالسهولة بمكان كما يتصوره أصحاب التعصب لتحديث الماركسية اللينينية عن طريق "الماوية"، الذين ينعتون كل من يتحدث عن هذه المرحلة من أجل بناء تصور متكامل لدى الماركسيين اللينينيين بالتقليد والتقليدية هذا الحكم الأعمى الذي لا تقبله النظرية الماركسية اللينينية.

سادسا ـ إن مخلفات الثورة الديمقراطية البروليتارية بالإتحاد السوفييتي وتداعياتها على النظام العالمي ستبقى تعرقل الإمبريالية مهما حاولت التحريفية الإنتهازية تحويل روسيا إلى إمبريالية إذ لن تستطع تجاوز القوى المنتجة الإشتراكية و تداعياتها على الحركة العمالية العالمية، التي نمت في أحضان الثورة الديمقراطية البروليتارية والتي ستبقى تعرقل أي محاولة لتحول روسيا إلى دولة إمبريالية حديثة كالصين التي توفرت لها كل مؤهلات الإنتقال السلس إلى الرأسمالية الحديثة جاهزة بفضل الثورة الديمقراطية البورجوازية، وكان للتكامل بين البناء البورجوازي بالإنتقال من الإقطاع إلى الرأسمال من منطلقات الديمقراطية البروليتارية أثر كبير في التحديث في الصين، فكان النموذج الرأسمالي الحديث المقتبس من "هون كونك" خير معين في سلاسة الرأسمالية الحديثة في الصين، ولم يتم إدماج هذا النمط في الصين إلا بعد القضاء على كل مظاهر الديمقراطية البروليتارية التي حاول ماو بناءها في الصين، عكس الطفرة الإقتصادية التي حققتها دكتاتورية البروليتاريا في الإتحاد السيوفييتي ذات الأثر الكبير في النهوض الإجتماعي الإشتراكي بالإتحاد السوفييتي.

لقد تكاملت أسس المذهب الماركسي اللينيني خلال المرحلة المتقدمة من الإمبريالية التي تفاقمت فيها التناقضات الداخلية للرأسمالية الحديثة، فصعدت الأنظمة الفاشية والنازية التي سيطرت على السلطة السياسية والإقتصادية والعسكرية في أوربا، بعد نتائج الحرب الإمبريالية الأولى وانتصار الثورة الديمقراطية البروليتارية بالإتحاد السوفييتي، وبرزت الأزمة الإقتصادية العالمية نتيجة هزيمة الإمبريالية أمام الجيش الأحمر في الحرب الأهلية التي غذتها التحريفية الإنتهازية، وانطلق البناء الإشتراكي بقيادة ستالين باكتشاف قوانين علم الإقتصاد الإشتراكي انطلاقا من الدياليكتيك الماركسي الذي تم عبره دحض النظرية القائلة بأنه يمكن وضع قوانين اقتصادية حديثة، كما هو الشأن في علم الإقتصاد الليبرالي الذي يسعى إلى التخلص من تناقضاته الداخلية من أجل الإستمرار لتجاوز أزماته عبر استغلال البروليتاريا، عكس الإتحاد السوفييتي الذي سعى إلى القضاء على جميع أشكال الإستغلال في المجتمع الإشتراكي، انطلاقا من نفي الصفة الخاصة لوائل الإنتاج التي تعتبر التناقض الأساسي بين الرأسمال والعمل عبر هدم علاقات الإنتاج القديمة واكتشاف قوانين جديدة لتيسير علاقات الإنتاج الإشتراكية، لكن دون الوقوع في تطبيق أسلوب استغلال جديد ليعوض الأسلوب الرأسمالي القديم إنما الشروع في محو كل أشكل الإستغلال، ولا يمكن لذلك أن يتم إلا ببروز أشكال الإنتاج الإشتراكية تنطلق من أرض الواقع التي من خلالها يمكن اكتشاف هذه القوانين الجديدة خلال مرحلة البناء الإشتراكي.

إن البناء الإشتراكي بالإتحاد السوفييتي هو النموذج الأمثل الوحيد المنبثق من الصراع لدحض الرأسمالية الحديثة، والذي وضع لينين أسسه النظرية والعملية عندما أدرك أن الإمبريالية آتية لا ريب في ذلك وستعصف بالعالم إلى الهلاك، وقامت الثورة البولشيفية التي أحدثت تحولا عميقا في علاقات الإنتاج الرأسمالية باكتشاف علاقات الإنتاج الإشتراكية في روسيا وتوسيعها بعد الإنتصار في الحرب الأهلية والحرب الإمبريالية الثانية. وما كانت الثورة الديمقراطية البروليتارية لتحدث طفرة علمية على مستوى الإقتصاد الإشتراكي لو لم يتم تطبيق قوانين التطور الإجتماعي وفق الدياليكتيك الماركسي الذي أقر أحد القوانين العامة للتطور الإجتماعي وهو قانون "التوافق الضروري بين علاقات الإنتاج وبين صفة القوى المنتجة"، هذا القانون الذي اكتشفه ماركس بعد نقده للرأسمالية وحاول ستالين تطبيقه في المجتمع الإشتراكي بنفي قوانين الإقتصاد اللامتكافيء التي تحكم علاقات الإنتاج في المجتمعات الرأسمالية، وحول بذلك وسائل الإنتاج من خاصة رأسمالية إلى اجتماعية اشتراكية بنفي التناقض الأساسي في الإقتصاد الرأسمالي الذي يتجلى في التناقض بين الصفة الخاصة لوسائل الإنتاج التي يتحكم فيها الرأسماليون والعمل الذي أصبح اجتماعيا يتم فيه استغلال البروليتاريا.

ولم يحدث ذلك فجأة واحدة بل واجهت الثورة الديمقراطية البروليتارية القوى الرجعية التي ترفض هذا التوافق الضروري في التقدم، والتي أخذت تقاومه حيث ترى أن مصالحها مهددة بالزوال وأن طبقتها متجهة إلى الفناء وهي البورجوازية والملاكون العقاريون بتحالف مع الإمبريالية، والتي انهزمت في الحربين الأهلية والإمبريالية الثانية. ونتج عن التناقض بين القوى الإجتماعية الصاعد (البروليتاريا والفلاحون) في صراعها مع القوى القديمة الرجعية (البورجوازية والملاكون العقارون) التي تسعى إلى نفيها، واحتدم الصراع الطبقي بين القوتين لكن هذه المرة في صالح العمل ضد الرأسمال عكس التناقض في المجتمعات الرأسمالية، التي استحوذت فيها المزاحمة الحرة على علاقات الإنتاج الرأسمالية التي تسعى الديمقراطية البروليتارية إلى تحطيمها بتحطيم أسس الإحتكارية والمزاحمة الحرة، انطلاقا من القضاء على فوضى الإنتاج بوضع أسس الإقتصاد الإشتراكي وفق البرامج الصحيحة من أجل الإنتاج الإجتماعي الإشتراكي.

وأكبر ما يمكن أن يعرقل هذه البرامج هو عدم ضبط العلاقة الجدلية بين النظر والعمل، فالواقع الإجتماعي للإتحاد السوفييتي بعد الحرب الأهلية ينم عن أزمة شاملة آلت إلى الجوع المطبق في صفوف البروليتاريا والفلاحين، إلا أن الوضع السياسي بعد الإنتصار في الحرب الأهلية بفضل الجيش الأحمر المكون من تحالف البروليتاريا والفلاحين، جعل المهام الإدارية تنتقل من المستوى السياسي إلى المستوى الإقتصادي في أرض الواقع من أجل البناء الإشتراكي، لتكون دولة دكتاتورية الروليتاريا مجالا خصبا للحركة الإجتماعية الإشتراكية في جميع الجبهات لتحويل جميع وسائل الإنتاج إلى اجتماعية، والتي لا يمكن تحويلها دفعة واحدة في مجتمع يعرف تخلفا على مستوى الصناعة وتصنيع الفلاحة مما أحدث عرقلة أمام التطور الصناعي نتيجة التخلف الفلاحي الذي يعيق التطور الإشتراكي، الذي لا يمكن أن تقع فيه الطفرة إلا عندما يصل الكم حدا هائلا يتطلب التحول النوعي بعد الوصول إلى تدمير الصفة الخاصة في الإنتاج الفلاحي بشكل كبير، بعد تطوير وسائل الإنتاج الإجتماعية الإشتراكية التي أثرت على تطور القوى المنتجة بعد الطفرة الصناعية، والمطروح على دكتاتورية البروليتاري التعامل مع هذا الوضع الجديد الذي أصبح معه الفلاحون الصغار والفقراء يشكلون الدعامة الأساسية في البناء الإشتراكي بتحويلهم إلى طبقة عاملة، ولم يتم ذلك إلا بعد التطور الصناعي الذي بلغ شأنا عظيما بفضل التقدم التكنولوجي الذي ساهم فيه العلماء السوفييت الذين طوروا نظرياتهم العلمية وفق الدياليكتيك الماركسي في مراحله العليا التي وضع لينين أسسها.

ــــــــــــــــــــ

(1) ماو تسي تونغ : في التناقض.

(2) نفس المرجع.



#الأماميون_الثوريون (هاشتاغ)       Alamamyoun_Thaoiryoun#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في ذكرى اغتيال كمال الحساني .. شهيد من هذا ؟ ، أم استشهد من ...
- فئات السياسة العسكرية الثورية
- من يوميات النضال الثوري لمنظمة -إلى الأمام- 1970 1979 الجزء ...
- من يوميات النضال الثوري لمنظمة -إلى الأمام- 1970-1979 الجزء ...
- من يوميات النضال الثوري لمنظمة -إلى الأمام- 1970 – 1979 الج ...
- من يوميات النضال الثوري لمنظمة -إلى الأمام- 1970-1979 الجزء ...
- من يوميات النضال الثوري لمنظمة -إلى الأمام- 1970-1979 الجزء ...
- من يوميات النضال الثوري لمنظمة -إلى الأمام- 1970-1979 الجزء ...
- من يوميات النضال الثوري لمنظمة -إلى الأمام- 1970-1979 الجزء ...
- الرد الشعبي على المؤامرة الإمبريالية و الرجعية في المنطقة
- رسالة أبراهام السرفاتي إلى ابنه موريس( علي )
- عهد الحماية الفرنسية من جديد
- الموقف الوطني الحقيقي من الصحراء و مهام الحركة الجماهيرية و ...
- الماركسيون-اللينينيون يحاكمون بتونس
- لنكشف عن حقيقة التدخل في الزايير من طرف الحكم العميل
- مغرب النضال : المستقبل بين يدي الطبقة العاملة
- كيف نشأ اليسار الماركسي – اللينيني ؟
- نداء من أجل التضامن مع المعتقلين السياسيين في المغرب
- حكم الحسن – عبد الله – الدليمي حكم العطش و الجوع و الطرد و ا ...
- ليسقط برلمان الخونة والإنتهازيين


المزيد.....




- في ذكرى 20 و23 مارس: لا نفسٌ جديد للنضال التحرري إلا بانخراط ...
- برسي کردني خ??کي کوردستان و س?رکوتي نا??زاي?تيي?کانيان، ماي? ...
- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 28 مارس 2024
- تهنئة تنسيقيات التيار الديمقراطي العراقي في الخارج بالذكرى 9 ...
- الحرب على الاونروا لا تقل عدوانية عن حرب الابادة التي يتعرض ...
- محكمة تونسية تقضي بإعدام أشخاص أدينوا باغتيال شكري بلعيد
- القذافي يحول -العدم- إلى-جمال عبد الناصر-!
- شاهد: غرافيتي جريء يصوّر زعيم المعارضة الروسي أليكسي نافالني ...
- هل تلاحق لعنة كليجدار أوغلو حزب الشعب الجمهوري؟
- مقترح برلماني لإحياء فرنسا ذكرى مجزرة المتظاهرين الجزائريين ...


المزيد.....

- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي
- بصدد الفهم الماركسي للدين / مالك ابوعليا
- دفاعا عن بوب أفاكيان و الشيوعيّين الثوريّين / شادي الشماوي
- الولايات المتّحدة تستخدم الفيتو ضد قرار الأمم المتّحدة المطا ... / شادي الشماوي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - الأماميون الثوريون - في التناقض بين الثورتين الديمقراطية البورجوازية والديمقراطية البروليتارية