محمد العلي
الحوار المتمدن-العدد: 1221 - 2005 / 6 / 7 - 10:10
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
بعد إقرار ما يسمى بحقوق المرأة السياسة في الكويت ، توالت التبريكات والتصريحات من الشرق والغرب وكثر الحديث عن دور المرأة السياسي ومستقبل المنطقة العربية والإسلامية .
نعم . إن للمرأة حقوق ، وعليها واجبات اجتماعية وسياسية ، ولكنها ليست بالصورة الهزيلة المغلوطة الخاطئة التي تقدم للناس ، فما يقدم من فكر وتصور وتطبيق للوضع الاجتماعي والسياسي الذي يجب أن تكون عليه المرأة ما هو إلا التفاف على حقوق المجتمع وحقوق المرأة السياسية وواجباتها الاجتماعية ، وما هي إلا عملية خلق وضع بديل خاطئ تُحَيد به المرأة وتبعد عن دورها الرئيس والأساس ويحرم به ( الإنسان ) بشكل خاص و ( المجتمع ) بشكل عام من قدرات وإمكانات المرأة الحقيقية العظيمة ، فالأمر لا يقتصر على دخول النساء في صراع بين بعضهن البعض وبين الرجال من أجل الحصول على مقعد في مجلس النواب ، فدور المرأة السياسي أكبر من ذلك ، فهي من يصنع المجتمع وهي من يصنع الحياة .
وأحد أهم أسباب تعميم التصور والتطبيق " العلماني " الغربي لمشاركة المرأة السياسية وإبقاء العقول في الأفق الفكرية " العلمانية " المحدودة الضيقة ، هو فساد تصور من قبلوا الدخول في اللعبة " الديمقراطية " باسم الإسلام ، الإسلام الذي من المفترض أن يُقَدِم الحلول للمجتمعات الإنسانية ويقودها خارج أزمتها القائمة وينقلها إلى الأفق الفكرية والحياتية الفسيحة الرحبة ، فموقف من قبل الدخول في اللعبة " الديمقراطية " باسم الإسلام - فيما يخص دور المرأة السياسي وبشكل عام - لم يخرج من الآتي : 1 – مؤيد للتصور الغربي ويتوهم إمكانية إلباسه لباس إسلامي شرعي – مثل ما يحدث في إيران - 2 – رافض للتصور الغربي ولكنه لا يقدم البديل وسيبذل جهده في المشاغبة – مثل بعض السلفيين والقبليين في الكويت - وسيصب همه على عرقلة المشروع الغربي للمرأة دون طرح المشروع الإسلامي البديل الصحيح المقنع المناسب ، فهو مثلما أنشغل من قبل في المسائل الهامشية والشكلية والمظهرية عن المسائل الجوهرية سيستمر على نفس المنوال ، ولن تكون له القدرة على مواجهة زخم الهجمة " العلمانية " الشرسة الجديدة التي ستغير الأوضاع الاجتماعية والساحة السياسية إذا ما استمر في السير على نفس الحال وبنفس التصور للمسألة ، بل إن موقفه المشاغب وطرحه الهزيل سيكون عامل دعم للمشروع " العلماني " الغربي الذي سيجد الفراغ الكبير لكي يملأه ، وذلك من طبيعة الأشياء .
الغلبة للأقوى .
إن صورة ( القوي يأكل الضعيف ) صورة تظهر في كل زمان تسود به حياة الغاب والكهوف و المغارات ، وهي صورة تتكرر في زمن كل جاهلية ، ولكن بصور وبأشكال مختلفة
فها هي السلطة التنفيذية في الكويت وبواسطة الترغيب والترهيب - ولأنها الأقوى - استطاعت فرض رؤية الغرب وتوصياته وتصوره الخاطئ لوضع المرأة ودورها في المجتمع ، فهي كما فرضت " العلمانية " من قبل وتطبيقاتها في التربية والتعليم والاقتصاد والإعلام ... الخ وصاغت الدولة بها وجعلت الناس تعيش في الأفق الفكرية للمغضوب عليهم والضالين - إلا من رحم الله - ستفرض الرؤية الغربية " العلمانية " لمشاركة المرأة السياسية بعد طلاء تلك التطبيقات بطلاء إسلامي يزيف حقيقة الوضع القائم .
ومواد الطلاء كثيرة ومتنوعة ومتعددة ، محاضرات – خطب - دروس – برامج – صور وأشكال ومظاهر وشخوص وأشخاص ...الخ دون ( تطبيق فعلي للإسلام ) ، إلا في بعض الجوانب المحدودة الشكلية والمظهرية التي تستخدم في الطلاء والتزييف والتمويه وكما تقدم ، وهذا هو ( الدجل ) بعينه ، فالدجل هو تمويه الشيء وتزييف حقيقته بعد طلائه بمادة تختلف عن المادة المكونة للشيء المراد تزييفه وتمويهه ، مثل طلاء الحديد بماء الذهب ، " فالعلمانية " تطلى وتموه ببعض مظاهر وأشكال وصور الدين ، وهذا هو دور علماء السلاطين ومن قَبِل الدخول في لعبة " الديمقراطية " من الذين يمثلون العمل الإسلامي وهم لا يعون أبعاد وعمق الصراع ، فالسلطة " العلمانية " تستخدمهم في عملية الدجل والتزييف والتمويه ، وفي تضليل الناس عن الحقيقة ، فحالهم – وبالنسبة للناس الذين يثقون بهم وبوعيهم - حال ماء الذهب الذي تطلى به الأشياء وتزيف وتموه به المواد ، وهذا ينطبق على الوطنيين من أصحاب النوايا الطيبة والأخلاق الفاضلة ، فالطاغوت يجيد الاختباء ورائهم مستغلا غفلتهم وطيبتهم وحسن خلقهم ونواياهم ، كما يجيد الاختباء وراء علماء السلطة والمشيخة الرسمية .
إن الوضع " العلماني " القائم أوجده من لا يريد للمرأة القيام بمهمتها الطبيعية والحقيقية نحو ( الإنسان والأسرة والمجتمع ) ، لأن ذلك - حتما - سيفسد عليه مخططاته الشريرة نحو البشرية ، فالساسة " العلمانيين " والماديين الذين ربطوا مصالحهم مع ( الشيطان ) ستتهاوى مصالحهم أمام مجتمع يكون للمرأة فيه دور حيوي ومحوري ووضع عادل صحيح غير منقوص .
فمن أجل تصحيح هذا الوضع الخاطئ يجب على الذين يؤمنون بدور المرأة السياسي الحقيقي نحو ( الإنسان والأسرة والمجتمع ) الاتحاد والتلاحم أمام هذه الهجمة الشيطانية " العلمانية " الشرسة ، لقد جاء الوقت لكي يعرف الذين يحملون هم الأمة بأن الأمور لا تصلح ولا تتغير من خلال الآليات السياسية الفاسدة ، ومن المحال ذلك ، فهي آليات سياسية تتجه بالبشرية إلى الهاوية السحيقة وتنحدر بها ما لم يتم مواجهتها بآليات سياسية إسلامية أصيلة تعمل على بقاء وارتقاء الجنس البشري ، فكيف أواجه وأعالج نتائج آلية سياسية فاسدة مفسدة وأنا أركب فيها وأغذيها بروحي وحركتي وهمتي وأمدها بطاقتي ؟ ! ، ألا يجب أن أعمل على إيجاد وتكوين آليتي السياسية الخاصة الصالحة المصلحة التي سأواجه بها الآلية السياسية الفاسدة المفسدة ونتائجها ؟ ، فلا يصح إلا الصحيح ، فالعمل لا يكفي أن يكون ( عمل صالح ) ، بل يجب أن يكون ( عمل صحيح ) أيضا حتى يكون ( عمل مصلح ) ومثمر ، والعمل لا يكون عمل صحيح بموافقة الأهواء المريضة والآراء السقيمة ، فهو لا يكون عمل صحيح إلا إذا وافق السنن والقوانين التي أنزلها الخالق للخلق .
قال تعالى { أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أم من أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم والله لا يهدي القوم الظالمين (109) } ( التوبة )
الكاتب - محمد العلي
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟