أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جلال الغزالى - أدوات الاستفهام الأخرى















المزيد.....

أدوات الاستفهام الأخرى


جلال الغزالى

الحوار المتمدن-العدد: 306 - 2002 / 11 / 13 - 03:35
المحور: الادب والفن
    


 

انهى مدرس اللغه تلقين درس اليوم و كان عن أدوات الاستفهام ، ثم لخص الدرس و الامثله على السبورة و اختلس نظرة إلى ساعته مستبطئا جرس انتهاء الحصة ، وهو ما ظل يفعله طيله ربع القرن الاخير عدة مرات في اليوم الواحد ، القواعد نفس القواعد ، و الامثله نفس الامثله ، ثم النظر الى الساعه في اشتياق للجرس ، ولذلك ضاق وهو يرى على غير المألوف طالبا يرفع يده مستأذنا في الكلام ، فالقواعد واضحه وموجودة فى الكتب وعلى السبورة والامثله واضحه وموجودة فى الكتب و على السبورة ، واللغه لا تحتمل غير ما هو مقرر
 - ماذا تريد ؟
 - هذه كل ادوات الاستفهام ؟
 - نعم هي كل ادوات الاستفهام .
 - ألا توجد أدوات استفهام اخرى ؟
 - لا .
- و لماذا ؟
حملق فى الطالب بدون تعبير محدد ، وفي نفس اللحظه دق الجرس فخرج من الفصل بلا تعليق ، وفي الحصه التاليه كان يلقن نفس الدرس لفصل آخر ، و عندما بدأ فى  اختلاس النظر الى الساعة وقف عشرة من الطلبه دفعه واحدة يسألون معا في صوت واحد
 - هذه كل ادوات الاستفهام ؟
 - نعم هى كل ادوات الاستفهام .
 - ألا توجد ادوات استفهام اخرى ؟
 - لا .
- و لماذا ؟
حبس في اللحظه الاخيرة صرخه ذعر كادت ان تفلت منه و قد سيطر عليه فجأه شعور قوى بأنه يتعرض للاغتصاب ، هم ينتهكون اللغه عالمه و شكله و مضمونه و شرفه و لامساس ، وعلى الفور ساق العصاه الى حجرة الناظر وقد تحشرج صوته لفداحه الكارثه ، لكنه فوجئ بالناظر  يصرفهم الى فصولهم و يسر اليه بأن الأمر أخطر مما يتصور ، و أن الظاهرة المخيفه لا تقتصر عليه هو و لغته فقط ، اذ أن جميع مدرسي جميع اللغات في جميع المدارس أبلغوا بأن عدد الطلبة الذين يتساءلون عن ادوات اخرى للا ستفهام فى تزايد غريب،وان الموضوع الان برمته فى ايدي امينه، وبالفعل قامت اجهزه الامن بواجبها و استدعت الطلبه واقربائهم حتى الدرجه الرابعه و جيرانهم فى الماضى و الحاضر،و لم تسفر كل من اساليب التحقيق عن التوصل الى اى خيط يؤدى للكشف عن التنظيم الذى يحرك تلك التوجهات الهدامه، ثم اتضح ان الظاهره لا تنحصر فى الطلبه فقط، بل هى منتشره  فى جميع الاوساط والقطاعات والاعمار، و عند استشاره اجهزه الامن العالميه  بمقتضى  الاتفاقيات الامنيه المبرمه بين الجميع، ورد ما يؤكد انها ليست ظاهره محليه،و ان التساؤل الملح عن ادوات اخرى للاستفهام يتجاوز مجالات التعليم و اللغات الى تفاصيل الحياة اليوميه على مستوىالعالم كله، و اكدت اجهزه الرصد الارضيه و الفضائيه وقوع احداث شديده الغرابه، اذ توقف عن العمل معظم عمال و موظفى عدد كبير من المصانع و المعامل فى كثير من بلدان العالم و هم يتساءلون في صوت واحد عن ادوات اخرى للاستفهام، و توقف بحارة عدة سفن ضخمة عن تسيير تلك السفن و هى في عرض المحيط و تساءلوا عن ادوات اخرى للاستفهام،  توقف ازواج و زوجات عن ممارسه الجنس لحظه الذروة و نظركل الى الاخر متسائلا عن ادوات اخري للاستفهام،كما توقف عن العمل فلاحون وعمال نظافه و مطارات و موانئ ومطاعم و مستشفيات و دور لهو و صحف و وسائل نقل وغير ذلك، و اختلطت كل فئه بالفئات الاخرى والجميع يتساءلون عن ادوات اخرى للاستفهام، و حتى الاطفال الصغار الذين لم يتعلموا القراءة و الكتابه بعد ، توقفوا عن الطفوله بمواصفاتها المفروضه و المقرره فى كل النواميس، و تساءلوا  بشراسه بالغه عن ادوات اخرى للاستفهام، ثم نشرت قصائد و قصص و روايات وعرضت مسرحيات و افلام سينمائيه جميعها لا تحتوى الا على تساؤل واحد يتكرر بايقاع ضاغط عن ادوات اخرى للاستفهام، و اكدت مراكز الابحاث و الدراسات النفسيه ان ملايين البشرالان من جميع الجنسيات و الاعمار يحلمون آثناء نومهم بحلم واحد لا يتغير عن ادوات اخرى للاستفهام، و بناء على كل ذلك اجتماع مجلس اداره  عموم العالم واصدر بيانا عبر جميع الاقمار الصناعيه،ندد فيه بتلك الاحداث الفوضويه، واشاد بالتعاون المثمر بين جميع الجهات الرسميه العالميه على اختلاف توجهاتها الايدولوجيه ، و اوضاعها السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية , للقضاء على تلك الظاهرة الاجرامية ،  ثم أصدر مجلس ادارة عموم العالم اوامره المشددة الى اجهزة امن العالم بضرورة الكشف عن القوى المحركه  و القضاء عليها ، و على الفور قامت اجهزة امن عموم العالم باعتقال المئات من بعض البلدان ، و الالاف من بلدان اخرى ، بما يتناسب مع تعداد شعب كل بلد ، و باشرت ضرب و تعذيب جميع المعتقلين في اطار المواثيق العالمية لحقوق الانسان ، و في نفس الوقت تمت مصادرة كل المطبوعات و المصنفات الفنيه المقروءه و المسموعه و المرئيه و مصادرة جميع الاحلام الشخصيه التى تتعلق بأدوات اخرى للاستفهام ، و لكن وقفت كتل بشرية ضخمة في جميع انحاء الكرة الارضية من القطب الى القطب تتكلم بصوت واحد و بايقاع ثقيل واحد و تقول ": نحن أدينا ما علينا منذ الخلية الواحدة الى ما نحن عليه الان ، و خلال ذلك تناوبنا الفرح و الحزن و التعاسة و الحب و القتل و الانتحار و الثورة و الخيانة و الصمت و الضجيج و البناء و الهدم و الميلاد و الموت ، و مارسنا الخلط المتعمد و الفصل المتعسف بين الحلم و الكابوس ، و تبادلنا النهش و المضغ و الاثبات و النفى و الحرق و الشنق و التمجيد ، و أكلنا الارض و أكلتنا الارض ، و تراجعنا للزمن الماضى بعد فواته و تسابقنا للزمن القادم قبل اوانه ، فعلنا كل ذلك و غيره من اجل التوصل الى ادوات اخرى للاستفهام ، و الان تقولون لنا لا توجد ادوات اخرى غير المقررة علينا من البداية ، و هذا وضع لا يمكن احتماله " ، و في الحال أصدر مجلس ادارة عموم العالم اوامره الى قوات فض الشغب العالمية بأبادة تلك التجمعات البشرية ، و عندما اصدر قادة الميدان اوامرهم للجنود بأطلاق النار و الليزر و كافة المبيدات الاخرى على كل من يتساءلون عن ادوات اخرى للاستفهام ، و لأن الجنود اعتادوا على الطاعة و تنفيذ الاوامر حرفيا ، و جه كل منهم سلاحه الى نفسه و أطلقه ، مما دعا مجلس ادارة عموم العالم لأن يصدر بيانا عاجلا بأن الأمر يتعلق بفيروس مجهول يقسم البشر الى مجانين فوضويين يتساءلون عن ادوات اخرى للاستفهام ، و عقلاء وقوريين لا يتساءلون عن ادوات اخرى للاستفهام ، و اكن فوجئ مجلس ادارة عموم العالم بمعلومات مؤكدة من مراكز الابحاث المتخصصة بأن الظاهرة انتقلت الى المادة ذاتها ، و ان الذرات تخرج عن مسارها المألوف الذى يحدد خواص كل مادة و تكتب بكل لغات العالم و بأحجام ترصدها الاجهزة الدقيقة متسائلة عن ادوات اخرى للاستفهام ، و لذاك تغيرت الخواص المعروفة لكثير من المواد ، و تحول الذهب الى رصاص و الللاشئ الى ذهب ، و النبات الى حيوان و الحيوان الى جماد ، و الماء الى ضفادع و الهواء الى افاعى ، كما تحولت قلوب و عقول حيوانات راقية و اصبحت كتلا معدنية صماء يأكلها الصدأ ، و عندئذ قرر مجلس ادارة عموم العالم انها نهاية التاريخ و لابد من انقاذ الارض بنسفها تماما ، و على ذلك تم بناء صاروخ ضخم يحمل مركبة فضاء ضخمة تحمل كل العقلاء الوقوريين الذين لا يتساءلون عن ادوات اخرى للاستفهام ، و تنقلهم الى كوكب آخر حتى يتم نسف الارض من على مبعدة ، و لكن قبل ان يخرج الصاروخ من المجال الجوى للارض تغيرت مادته من الحالة الصلبة الى الحالة الغازية نتيجه لتساؤل ذراته و ذرات المركبه الفضائيه ايضا عن ادوات اخرى للاستفهام ، و تبعثر العقلاء الوقوريين في الفضاء عائدين الى الارض بفعل جاذبيتها ، و لأن الله لطيف بعباده تغيرت الذرات المكونة للهواء فتغيرت كثافته و هبط جميع العقلاء الوقوريين هبوطا آمنا ، و في لحظة وصولهم تغيرت مادة الأشياء فى اماكن الهبوط المختلفة و تحولت الى خوازيق أنيقة ، حيث استقر كل منهم على خازوقه الخاص بمنتهى التعقل و الوقار ، و في التو جرى استدعاء اعضاء مجلس ادارة عموم العالم من على خوازيقهم ، و عقدوا اجتماعا هاما تقرر فيه الصمت و استمرار الاجتماع الى اجل غير مسمى ، و بعد زمن من اجتماعهم المستمر الصامت جاءهم واحد من علماء الاثار معلنا اكتشافه لبردية ذات صلة بالاحداث ، و اخذ الرجل فى ترجمة محتويات البردية و كانت كالآتى : " أيها الاله العظيم آمون .....   يا خالق السماء و الارض و ما بينهما .. و الذكر و الانثى و ما بينهما ، أنا واحد من أخلص كهنتك و لابد انك تعرفنى ...
 أيها الاله العظيم آمون ...   أنا اعرف انك تعرف انى اعرف انك غير موجود بالفعل .. و ان الماس هم الذين اوجدوك داخلهم من قديم لاسباب تخصهم ... ثم جئنا نحن الكهنة و اكدنا وجودك لاسباب تخصنا لا داعى لذكرها منعا للحرج ... و لكى يصدقنا الناس كان لايد ان نصدق نحن انفسنا ... و هاأنذا اخاطبك باعتبارك موجود بالفعل مع انك غير موجود بالفعل ...
 أيها الاله العظيم آمون ... أنت اله غبى و قصير النظر ... حذرناك كثيرا في تقاريرنا اليوميه المرفوعه اليك .. و اياك ان تنكر فلدينا نسخا من تلك التقارير من باب الاحتياط..قلنا لك مرارا و تكرارا ان الناس و الاشياء جميعا يتساءلون عن ادوات اخرى للاستفهام..لكنك عملت اذنا من طين و اخرى من عجين..والان انظر..ها هم الناس يحفرون داخلهم و يحفرون حولهم و يحفرون فى بعضهم البعض بحثا عن ادوات الاستفهام الاخرى ...والتماسيح تخرج من النيل و تعيش فى القصور و تركب العربات الذهبيه..و زهور اللوتس تتحول الى اشواك حاده ثم تنطلق سهاما موجهه الى كل شئ على سطح الارض..و حتى نهر النيل لون نفسه بنفسه عن عمد ، و عرائسه تخرج نهارا جهارا تمارس الجنس مع كل الكائنات و كل الاشياء و باوضاع غير الاوضاع المقدسه..و كل ذلك وغيره يتم من اجل التوصل الى ادوات اخرى الاستفهام ايها الاله العظيم امون اعرف انك تعرف انى اعرف انه فى لحظه توصل الناس و الاشياء الى ادوات اخرى للاستفهام تموت انت ونموت معك ...و لكن ايهما افضل ...ان تموت و نموت الان و نصبح ذكرى مرحة و مسليه الى الابد ..أم تتحول انت الى مستنقع راكد ونتحول نحن الى رائحتك النتنه على مدى المستقبل.. ايها الاله العظيم امون ... لان الوضع لا يتحمل صمتك المريب ..انا مضطر لتحمل المسؤليه ..و ها انا اصرح لجميع من يقرأ هذا الكلام بان الطريق الى ادوات اخرى للاستفهام هو...." و الى هنا تنتهي صفحه البرديه ، و قال عالم الاثار انه لم يتمكن من العثور على بقية الصفحات و هو لذلك يطالب مجلس عموم العالم بازالة جميع المبانى و المنشآت من على سطح الارض، و كشط الطبقات الارضيه واحده بعد الاخرى وصولا الى المركز بحثا عن البرديه،لكن اعضاء مجلس ادارة عموم العالم ظلوا يحدقون فى الفراغ ،اذ انهم من فرط الصمت فقدوا القدره على الاستقبال و الارسال و على الادراك ايضا...
  



#جلال_الغزالى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- فيلم -العار- يفوز بالجائزة الكبرى في مهرجان موسكو السينمائي ...
- محكمة استئناف تؤيد أمرا للكشف عن نفقات مشاهدة الأفلام وتناول ...
- مصر.. الفنانة دينا الشربيني تحسم الجدل حول ارتباطها بالإعلام ...
- -مرّوكِية حارة-لهشام العسري في القاعات السينمائية المغربية ب ...
- أحزان أكبر مدينة عربية.. سردية تحولات -القاهرة المتنازع عليه ...
- سلطنة عمان تستضيف الدورة الـ15 لمهرجان المسرح العربي
- “لولو بتعيط الحرامي سرقها” .. تردد قناة وناسة الجديد لمشاهدة ...
- معرض -بث حي-.. لوحات فنية تجسد -كل أنواع الموت- في حرب إسرائ ...
- فرقة بريطانية تجعل المسرح منبرا للاجئين يتيح لهم التعبير عن ...
- أول حكم على ترامب في قضية -الممثلة الإباحية-


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جلال الغزالى - أدوات الاستفهام الأخرى