هل الإصلاح حوت سوف يبتلع النظام

عمر السعدي

الحوار المتمدن-العدد: 1208 - 2005 / 5 / 25 - 09:57
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    

هل هناك نية حقيقية للإصلاح في سوريا ؟ سؤال ضبابي تتولد عنه جملة من الأسئلة حول مفهوم الإصلاح من وجهة نظر النظام ومن وجهة نظر الشارع ومن وجهة نظر المعارضة والأهم كيف يريد الخارج أن يكون هذا الإصلاح ؟ إذا ما بدأنا بالنظام فإن كل المؤشرات توحي بأنه وطوال الفترة السابقة كان النظام يحاول وبشكل دائم الالتفاف والمراوغة فتارة يروج للإصلاح الاقتصادي ويطبل ويزمر له ثم الإصلاح الإداري الذي أقيمت لأجله المحاضرات والندوات وضجت به الصحف والمحطات الرسمية (قرقعة ولا طحين) وظل الإصلاح السياسي عبارة عن (تابو) لا وجود له في المصطلح السياسي للنظام في سوريا طوال الخمس سنوات الماضية وكأن الإصلاح السياسي هو الحوت الذي سوف يبتلع النظام وبالتالي يجب السباحة بعيدا وعدم الاقتراب منه.
إذا ما انتقلنا للشارع فسنجده كأي شارع له طموحاته بالحرية والأمن وتحسين وضعه الاقتصادي الذي بات لا يحسد عليه من أحد إن هذا الشارع هو شارع مغيب عن السياسة منذ أكثر من أربعين عاما وإن حالة التغييب ألقسري هذه تركت الكثير من الكدمات القابلة للشفاء إذا ما توفر لها العلاج المتمثل بمناخ حر وهواء ديمقراطي إن البعض يروج بأن هذه الكدمات هي( عبارة عن مرض عضال لا يمكن الشفاء منه لكي يبقوا على مبرر لاستمرار حالة الحجر على هذا الشعب الذي لا يستحق الحرية والديمقراطية لان هذه الحرية فصلت على مقاس الشعوب الغربية) متناسين أنهم يمارسون من خلال هذه المقولات أبشع أنواع التمييز لأن الحرية هي مقولة ملتصقة بالإنسانية ومتى نقول أن هذا الشعب لا يستحق الحرية فإن كلامنا ينطوي على كلام مضمر بأن هذا الشعب منقوص الإنسانية أو إنسانيته لم تكتمل بعد .

إذا كان هذا حال النظام والشارع فما هو حال المعارضة وما هو مفهومها حول الإصلاح ؟ إن هناك حقيقة مرة ألا وهي أن المعارضة لم تصل بعد إلى خطاب واضح حول الإصلاح في سوريا فما زالت المعارضة معارضات والرأي أراء البعض يطالب بالإصلاح من خلال النظام القائم نفسه والبعض الآخر يطالب بالإصلاح بمعزل عن هذا النظام تحت شعار أن التجارب ولأحداث السابقة أثبتت أن هذا النظام غير قابل للإصلاح وأن كلفة الإصلاح أكبر من كلفة التغيير . ولكن رغم الاختلاف يبدو أن هناك شبه إجماع على خيار الإصلاح والتغيير السلمي ورفضا للعنف و للتدخل الأجنبي ولكن السؤال ماذا لو استمر النظام في حالة عدم الاستجابة وسياسة القمع والاعتقال ورفض خيار الإصلاح السياسي والانفتاح على بقية القوى والفئات السياسية في سوريا؟ لعل الإجابة على هذا السؤال تتضح إذا ما عرف النظام حقيقة موقف الخارج وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية منه فقد بات من الواضح وكما قالت وزيرة الخارجية الأمريكية غوندليزا رايس بأن سوريا ليست بمنأى عن التغيير الحاصل في الشرق الأوسط . وبناء على المطالب الأمريكية والأوربية المعلنة وغير المعلنة التي يتسرب بعضها بين الحين والآخر عبر الصحافة وبعض وكالات الأنباء فأنه مازال الكثير الذي يجب على النظام في سوريا عمله لكي يكون مقبولا في الخريطة السياسية الجديدة للمنطقة وهذه المطالب منها ما هو متعلق بالقرار 1559 ومنها ما هو متعلق بالعراق وقضية التسلل عبر الحدود ولجوء بعض المطلوبين إلى سوريا وأموال النظام العراقي السابق والكثير غيرها إضافة إلى ملف حقوق الإنسان والديمقراطية . إذا هناك ملفات كثيرة وحساسة مفتوحة وملفات أكثر سوف تفتح كما تشير كل الدلائل وإن أية محاولة لعدم الاستجابة قد تجعل النظام في سوريا خارجا عن الشرعية الدولية وبالتالي قد يكون الوطن بأسره في دائرة الخطر وبالتالي يجب على النظام أن يتخذ خطوات حقيقية وسريعة باتجاه الإصلاح السياسي لأن الإصلاح السياسي ليس حوتا بل الحوت الحقيقي هو حوت الاستبداد الذي يوشك على ابتلاع الوطن والنظام على حد سواء.

#عمر_السعدي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات