أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد صبحى منصور - معجزة اختيار اللفظ في القرآن:مدخل لعلم قرآنى جديد (الجزء العاشر)















المزيد.....

معجزة اختيار اللفظ في القرآن:مدخل لعلم قرآنى جديد (الجزء العاشر)


أحمد صبحى منصور

الحوار المتمدن-العدد: 4226 - 2013 / 9 / 25 - 21:06
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الثالث والعشرون :
نلاحظ فى قوله جل وعلا :( يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (34) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (35) وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (36) لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ (37))فى سورة عبس ) أنه جاء الأخ أولا ، ثم الأم والأب ثم الزوجة والبنين . ولكن نرى الأمر مختلفا فى قوله جل وعلا فى سورة المعارج : (يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ (11) وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ (12)) فقد بدأ بالبنين ثم الزوجة ثم الأخ . السياق يوضح معجزة إختيار اللفظ هنا .
السياق فى سورة ( عبس ) يتحدث قبلها عن ملمح من متاع الدنيا وهو الطعام : ( فَلْيَنْظُرْ الإِنسَانُ إِلَى طَعَامِهِ (24) أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبّاً (25) ثُمَّ شَقَقْنَا الأَرْضَ شَقّاً (26) فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبّاً (27) وَعِنَباً وَقَضْباً (28) وَزَيْتُوناً وَنَخْلاً (29) وَحَدَائِقَ غُلْباً (30) وَفَاكِهَةً وَأَبّاً (31) مَتَاعاً لَكُمْ وَلأَنْعَامِكُمْ (32) ) ثم بعدها يأتى الحديث عن البعث بالانفجار الثانى الكبير الذى يوقظ الموتى ، أو بالتعبير القرآن شديد الدلالة : ( فَإِذَا جَاءَتْ الصَّاخَّةُ (33). فى هول المفاجأة هذا يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه، ففى المفاجأة الصاعقة يكون لكل إمرىء شأن يغنيه ، هو نفسه : ( يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (34) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (35) وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (36) لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ (37)).
سياق الآيات قبلها عن متاع الطعام فى الدنيا هو سبب الترتيب بجعل الأخ فى المقدمة ثم الوالدين ثم الزوجة والأبناء . لأن الذى يجمع بين متاع الدنيا وهذا الترتيب هو المدة الزمنية . فمتاع الدنيا لكل منا مرهون بمدة بقائه حيا فى هذه الدنيا . هو كما قال رب العزة : (وَلكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (36) البقرة ). فى مدة بقاء الفرد منا حيا فى هذه الدنيا يعيش ـ فى الأغلب ـ أطول فترة من حياته مع أخيه ، ثم والديه ، والأم فى الأغلب تعيش بعد الأب ، ثم الفترة الأقل مع الزوجة والأولاد . وجاء وصف الزوجة بالصاحبة أى التى يصحبها الرجل فى حياته ، أى التى تطول صحبته لها سواء كانت زوجة أو عشيقة أو سكرتيرة أو أختا . فى مفاجأة البعث يتخيل الفرد أنه مات أو ( نام ) من وقت قصير ، يوما أو بعض يوم ، ثم إستيقظ :( وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ (55) الروم ) (يَسْأَلُونَكَ عَنْ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا (42) فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا (43) إِلَى رَبِّكَ مُنتَهَاهَا (44) إِنَّمَا أَنْتَ مُنذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا (45) كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلاَّ عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا (46) النازعات ) . أى إنه فى هذه المفاجأة الرهيبة لم يستوعب بعد ما يحدث وهو فى حالة فرار ، والفترة الزمنية الى قضاها فى الدنيا ( التى هى بالنسبة له مجرد الأمس ) تظل فى خياله وهو يفر من أكثر من عاش معهم فى هذه الدنيا . لذا جاء الترتيب حسب الزمن هنا .
أما فى سورة المعارج فإن الموقف مختلف ، فهو عن عذاب يراه المجرمون بعد الحساب ، وقد أبصر أعماله السيئة ، فيتمنى لو يفتدى نفسه من هذا العذاب بأحب الناس اليه، يقول جل وعلا :( يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ (11) وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ (12) وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْويهِ (13) وَمَنْ فِي الأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ يُنجِيهِ (14) كَلاَّ إِنَّهَا لَظَى (15) نَزَّاعَةً لِلشَّوَى (16) تَدْعُوا مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى (17) ) ( المعارج ). مقام الهلع الذى يعصف بالمجرمين وهم على وشك الإلقاء فى جهنم يجعل المجرم على إستعداد لأن يفتدى نفسه بأحب الناس اليه ، ويأتى فى المقدمة الأبناء ثم الصاحبة الحبيبة ثم الأهل والعشيرة . ولكن بلا فائدة .
الرابع والعشرون
( اهْبِطُوا مِصْرًا )( البقرة 61 ) ،(ادْخُلُوا مِصْرَ ) يوسف 99 ).
ماهو الفارق بين كلمتى ( مصر ) فى ألايتين الكريمتين ؟. فى كتابنا ( مصر فى القرآن الكريم ) قلنا: (جاءت كلمة (مصر) في القرآن الكريم في خمسة مواضع هي :
" وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّءا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتا : يونس87 "و " وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ.. يوسف21 "و" وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ : يوسف99 "و" وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ.. 51 الزخرف "وفي قوله تعالي في قصة موسي قال : " اهْبِطُوا مِصْرًا.. البقرة 61 ".
وواضح أن كلمة " مصر" قد وردت في سياق قصتي يوسف وموسي إلا أن الأمر الذي يستدعي إيضاحا هو قوله تعالي علي لسان موسي لقومه . " اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ .. 61 البقرة "، فكلمة " مصر" هنا لا تدل علي مصر الوطن وإنما تعني المدينة المتحضرة أي مدينة متحضرة في أي مكان . ودليلنا أن كلمة " مصر" في الآية جاءت مفعولا به منصوبا وهي منونة " مصرا " أي ليست ممنوعة من الصرف ، وفي موضع آخر يقول تعالي علي لسان يوسف " وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ :99 يوسف " فجاءت الكلمة هنا " مصر " تدل علي الوطن وهي مفعول به أيضا ومنصوب ولكن بدون تنوين لأنها ممنوعة من الصرف حيث تدل علي( مصر) الوطن الأعجمي. وهذه التفرقة اللغوية الدقيقة بين كلمة " مصر" في الآيتين توضح لنا أن كلمة "مصر" لها معنيان : (معني الوطن الذي يعيش فيه المصريون)،
وهذا هو المعني الذي ورد في القرآن ممنوعا من الصرف أي بدون تنوين، وذلك في أربعة مواضع. و (معني المدينة المتحضرة) .
وفي القاموس في معاني كلمة مصر : " مصروا المكان تمصيرا جعلوه مصرا فتمصر " ومصر أي المدينة التي تتميز عما حولها من بوادي. ونفهم ذلك من قولهم عن عمر بن الخطاب أنه الذي " مصر الأمصار " أي " أنشأ الأمصار" أو أنه بعث العمال أو الولاة علي "الأمصار" أي الولايات . وقد أطلقوا علي الكوفة والبصرة لقب "المصران" مثني " مصر" . وقد بدأ التمدن في العالم ببناء المدن في مصر لذا نحتت اللغة العربية كلمة : "مصر" لتدل بها علي قيام الدولة أو المدينة المتحضرة التي تحيط بها البوادي . وفي قصة يوسف قوله لإخوته وهو في سلطانه في مصر. " وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ... يوسف 100 " أي كان شرق مصر في ذلك الوقت رعويا بدويا . وهكذا فإن موسي حين قال لقومه "اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ :61 البقرة" تفيد أي مدينة ولا تدل علي الوطن المصري علي وجه الخصوص.
وكلمة " مصر" بمعني البلد المتمدن أو الدولة تعتبر اعترافا من اللغة العربية بقدم العمران المصري والحضارة المصرية. فالعرب حين عرفوا النطق باللغة العربية استعاروا كلمة " مصر " لتدل علي المدينة والحضارة ، ثم جاء القرآن فيما بعد يسجل هذا المعني ويميزه بفارق لغوي دقيق حين يجعل كلمة " مصر" الوطن ممنوعة من الصرف باعتبارها علما ـ وذلك في أربعة مواضع ، ثم تكون كلمة " مصر" الدالة علي المدينة منونة في موضع وحيد في القرآن الكريم . ) إنتهى النقل من الكتاب المذكور .
الخامس والعشرون :
يقول جل وعلا : ( اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمْ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنْ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ ) البقرة 257) . ونتدبرها فى ضوء الفصاحة والاعجاز إختيار اللفظ . نتوقف مع ( الطباق ) و ( المقابلة ) وهى من سمات الفصاحة العربية التى ترد كثيرا فى القرآن الكريم ، ونقتصر على أمثلة من سورة التوبة .
الطباق ، وهو المجىء بلفظين متناقضين فى المعنى . وهو نوعان :( إيجابى ) كقوله جل وعلا: ( إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَاماً يُحِلُّونَهُ عَاماً وَيُحَرِّمُونَهُ عَاماً) (37)) لفظ ( يحلّونه ) هنا يناقض لفظ ( يحرمونه) ، ومثله:( انفِرُوا خِفَافاً وَثِقَالاً )(41))فلفظ خفافا يناقض ثقالا. والطباق (السلبى ) بالنفى مقابل الإثبات ، كقوله جل وعلا: ( يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ) (74)) هنا تناقض بين (ما قالوا) و(ولقد قالوا).وقد يجتمع فى الآية الواحدة أكثر من ( طباق ) كقوله جل وعلا :( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمْ انفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنْ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ (38)) فلفظ (أنفروا ) يناقض ( إثّاقلتم)،ولفظ ( الدنيا ) يناقض (الآخرة). والروعة هنا أنها جمل منفصلة فى آية واحدة قصيرة .
أمّا إذا كان الطباق بين كلمتين فأكثر أو جملتين أصبح ( مقابلة ). و( المقابلة ) أيضا نوعان : بالايجاب كقوله جل وعلا:( فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلاً وَلْيَبْكُوا كَثِيراً )(82)) فجملة ( فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلاً ) تناقض جملة (وَلْيَبْكُوا كَثِيراً)، ومثلها :( يُرْضُونَكُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ )(8))، ( يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلاَّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ )(32)). والمقابلة السلبية مثل : (لا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ (44) إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ (45)) . وقد يجتمع الطباق والمقابلة فى آية واحدة كقوله جل وعلا :( وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ)(71)). هنا طباق بين كلمتى ( المؤمنون والمؤمنات ) وهنا ايضا مقابلة بين جملتى (يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ ).وأيضا : ( إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (40)) فى الآية الكريمة طباق سلبى فى كلمتى (إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ )، ومقابلة فى جملتى ( وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا ). نكتفى بهذا القدر لندخل فى موضوعنا :
نجد المقابلة أكثر تعقيدا فى قوله جل وعلا:( اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمْ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنْ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ )، ففى الجانب الأول تجد ( اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ) فى مقابل :( وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمْ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنْ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ ). التناقض هنا بين ( أغلب ) الكلمات: ( الله / الطاغوت ) ( الذين آمنوا / الذين كفروا ) (مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ / مِنْ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ ). هنا تنتهى الفصاحة فى اسلوب ( المقابلة ) ويقع إعجاز الإختيار للفظ فى هذه الكلمات متشابهة: ( ولى / أولياؤهم ) ( يخرجهم / يخرجونهم )، والفروق الدقيقة بينها . ونوجزه فى الآتى :
1 ـ الاسلام طريق مستقيم أو صراط مستقيم، وهو محدد ولا يتعدد . لذا جاء التعبير عنه بالمفرد ( وَلِيُّ )( يُخْرِجُهُمْ )( النُّورِ ).هنا الإله الواحد الولى الواحد والنور الواحد بالكتاب الواحد الذى( يخرجهم) . وفى المقابل نجد الشقاق والاختلاف والتعدد ( أَوْلِيَاؤُهُمْ )( يُخْرِجُونَهُمْ ) (الظُّلُمَاتِ ).
2 ـ وتبدأ القصة بأن الله جل وعلا خلقنا على الفطرة النقية الدين القيم ، ونولد بهذه الفطرة :( فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ )(30) الروم ) هذه الفطرة هى النور. ثم يأتى ( الطاغوت ) ليخرجنا منها فيتعلم الطفل تقديس البشر والحجر وينضم الى قطيع الذين كفروا: ( وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمْ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنْ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ ). ولكن ينجو منهم من يتبع النور الالهى فى الكتاب المنير، ويصبح بفضل الله جل وعلا من الذين آمنوا:( اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ).
3 ـ وتأتى الظلمات ( جمع ) فى مقابل ( النور ) المفرد تأكيدا على الوصية العاشرة من الوصايا العشر والتى يقول فيها رب العزة جل وعلا :( وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (153)( الأنعام ). هنا تجد هذه الكلمات مفردة تعبر عن القرآن فقط : ( هَذَا)( صِرَاطِي )( مُسْتَقِيماً )( سَبِيلِهِ) (فَاتَّبِعُوهُ ) ( سَبِيلِهِ). بينما تجد طرق الشرك متعددة متفرقة :( السُّبُلَ ) (فَتَفَرَّقَ ).
4 ـ نذكّر هنا بأن القرآن موصوف بأنه نور ، وبأنه السبيل لخروج الناس من الظلمات الى النور ، . جاء هذا فى آيات كثيرة، منها قوله جل وعلا : ( يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنْ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنْ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ (15) يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنْ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ)المائدة:15 ، 16) (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنْ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمْ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمْ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ) الأعراف:157 ).( الر كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ)إبراهيم: 1 ) (هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ ) الحديد: 9 ).
ودائما : صدق الله العظيم



#أحمد_صبحى_منصور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- معجزة اختيار اللفظ في القرآن:مدخل لعلم قرآنى جديد ( الجزء ال ...
- معجزة اختيار اللفظ في القرآن:مدخل لعلم قرآنى جديد:( الجزء ال ...
- معجزة اختيار اللفظ في القرآن: مدخل لعلم قرآنى جديد:( الجزء ا ...
- معجزة اختيار اللفظ في القرآن:مدخل لعلم قرآنى جديد:( الجزء ال ...
- معجزة اختيار اللفظ في القرآن : مدخل لعلم قرآنى جديد : ( الجز ...
- معجزة اختيار اللفظ في القرآن:مدخل لعلم قرآنى جديد : ( الجزء ...
- معجزة اختيار اللفظ في القرآن : مدخل لعلم قرآنى جديد : ( الجز ...
- معجزة اختيار اللفظ في القرآن : مدخل لعلم قرآنى جديد : ( الجز ...
- معجزة اختيار اللفظ في القرآن : مدخل لعلم قرآنى جديد : ( الجز ...
- القاموس القرآنى ( أجل )
- يحرُمُ شرعا أن ينصّ الدستور على أن مصر دينها الاسلام . لماذا ...
- صناعة الفرعون : دراسة قرآنية
- القاموس القرآنى (بَغْيًا بَيْنَهُمْ.)
- القاموس القرآنى : ( البغى)
- خلط السياسة بالدين : من ( خضر العدوى ) الى ( راسبوتين )
- حوار مع عقل تونسىّ مسلم رائع
- على هامش محاولة إغتيال وزير الداخلية المصرى
- شريعة التترس فى الأزمة السورية الراهنة
- القاموس القرآنى : مصيبة
- صفحة من كتاب ( ألف نيلة ونيلة )


المزيد.....




- المحكمة العليا الإسرائيلية تعلق الدعم لطلاب المدارس الدينية ...
- رئيسي: تقاعس قادة بعض الدول الإسلامية تجاه فلسطين مؤسف
- ماذا نعرف عن قوات الفجر الإسلامية في لبنان؟
- استمتع بأغاني رمضان.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على ا ...
- -إصبع التوحيد رمز لوحدانية الله وتفرده-.. روديغر مدافع ريال ...
- لولو فاطرة في  رمضان.. نزل تردد قناة وناسة Wanasah TV واتفرج ...
- مصر.. الإفتاء تعلن موعد تحري هلال عيد الفطر
- أغلق باب بعد تحويل القبلة.. هكذا تطورت أبواب المسجد النبوي م ...
- -كان سهران عندي-.. نجوى كرم تثير الجدل بـ-رؤيتها- المسيح 13 ...
- موعد وقيمة زكاة الفطر لعام 2024 وفقًا لتصريحات دار الإفتاء ا ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد صبحى منصور - معجزة اختيار اللفظ في القرآن:مدخل لعلم قرآنى جديد (الجزء العاشر)