|
أوقفوا اللعبة السياسية على اقدامها
سعدي السعدي
الحوار المتمدن-العدد: 1206 - 2005 / 5 / 23 - 08:29
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
أوقفوا اللعبة السياسية على اقدامها (ملاحظات حول مقالة الاستاذ عربي الخميسي الموسومة "سيدي فخامة رئيس الوزراء ................................." المنشورة على صفحة "موسوعة النهرين" الالكترونية)
انا لا الوم الدكتور الجعفري في ابعاد ابناء الاقليات القومية والدينية عن تشكيلته الوزارية .. هذه هي الديمقراطية ولعبتها فالرابح هو الذي يرقص في الساحة .. وهذه هي الديمقراطية التي افرزها الاحتلال والحرب على العراق، فالسيناريو اعد بشكل واضح، هو التغيير لنظام صدام حسين الدكتاتوري بنظام آخر على أساس طائفي قومي وبمحاصصات واضحة، بدأت بمجلس الحكم واستمرت هكذا. هذا الشكل كان الدكتاتور الصغير صدام حسين يحضر له كورقة رابحة في كسب اللعبة السياسية حين ضرب على وتر الطائفة والقومية والعشيرة والدين .. ولنقف وقفة تأملية على ما أفرزه صدام حسين لصالح المرحلة الجديدة. قتل الأكراد باكثر من مناسبة، رفع شأن السنة في مناسبات، واعلى شأن ابناء بعض المدن والعشائر مثل تكريت وراوة وسامراء وغيرها، بلى بلاءاً حسناً ضد الشيعة، حملته الايمانية الكبرى، ودعمه للعشائر لقتل وترويع ابنائها ومن اجل مزيد من الولاء للطاغية .. حتى القوميات والاديان والطوائف الصغيرة لم تنج من غسيل الدماغ ذاك .. فمن يعتقد بعد ذلك ان العراق بعد صدام وتحت الاحتلال الامريكي يمكن ان يفرز نظاماً ديمقراطياً حقيقياً!! للاسف كل "المحللين" و"الاستراتيجيين" و"المراقبين" المحايدين للكشر والمطلعين بباطن الامور والذين تتحفنا بهم كل يوم الفضائيات العربية وللأسف العراقية منها، يتباكون على الديمقراطية التي نقضها الدكتور الجعفري .. كل هؤلاء نسوا ان يوقفوا اللعبة على رجليها فاوقفوها على رأسها وباتوا ينظرون اليها بالمقلوب، فرؤية الحقيقة كما هي تزعج البعض. بحيث اصبح احد الاحزاب السياسية المناضلة ضد الدكتاتورية والذي قدم كوكبة خالدة من الشهداء في صراع واع ضد الدكتاتورية، شهداء يذكرهم التاريخ والى الأبد أنهم مآثر الشعب العراقي في النضال والصمود والتضحية حتى بات يسمى حزبهم حزب الشهداء .. إنه الحزب الشيوعي العراقي، اصبح هذا الحزب منسياً في اللعبة السياسية أو مهمشاً .. فقد وضعته المحاصصة القومية والطائفية على هامش العملية السياسية بينما كان يجب على كل شرفاء العراق أن يرفعوا الراية الحمراء في كل مكان رمزاً لبطولة الذين راحوا ضحايا الدكتاتورية رافعي الرؤوس، وببطولتهم وتضحيتهم اعطوا قوة مثل للذين في الطريق كي لا يحنوا رؤوسهم لعاصفة الجلادين، وليبقوا سائرين في النظال من أجل "وطن حر وشعب سعيد" .. اقول حتى هذا الحزب وامثاله من الاحزاب الديمقراطية الحقة تناست القيم النضالية الحقيقية وبقيت تائهة امام سياسة المحاصصة التي ستقود العراق حتماُ الى خراب لا محال وباسم الديمقراطية. ولكي يجعلوا اللعبة السياسية تقف على اقدامها كان على القوى السياسية ومنها الحزب الشيوعي العراقي أن تتكاتف لخلق جو من المنافسة السياسية الواعية .. لا محاصصة طائفية دينية مجة كريهة الرائحة، مهما كانت النوايا وراء مروجيها والملتزمين بها. إن كل الأنظمة الديمقراطية مبنية على اساس المنافسة بين احزاب سياسية، بين برامج سياسية، على اساس مبدأ التداول السلمي للسلطة بين الاحزاب، لا بين الطوائف والقوميات والاديان، لأن التاريخ اثبت ان حكماً مبني على الطائفية او القومية او الدين مصيره الانتقال "الديمقراطي؟؟" الى دكتاتوريات مقيتة والامثلة كثيرة ان اردتم اعطيكم امثلة، ولا ادخل الحكم الاسلامي بالموضوع كي لا يزعل الاخوة في الاحزاب الدينية، شيعية كانت ام سنية، بل امثلة اخرى منها على سبيل المثال حكم الكنيسة في اوربا الذي تحول تحت اسم الدين المسيحي الى اعتى دكتاتورية في العالم، كابوس لم يزاح عن صدر الشعوب الاوربية الاّ بفصل الدين عن الدولة، حينها فقط تقدمت تلك الدول بقفزات نوعية الى الامام .. وخذوا مثل المانيا النازية التي انتزع فيها هتلر السلطة باسم الديمقراطية فحول المانيا الى نازية بشعة .. هذان مثالان عن دكتاتوريتان احدهما دينية الطابع والثانية قومية الطابع. فعلى ماذا تراهنون ايها العراقيون الشرفاء وعلى من انتم آسفون؟؟ على الدكتور الجعفري؟ فهو قائد حزب، يريد للعراق ان يحكم الشيعة على مقاليده .. وهذا حقه الذي افرزته له مرحلة المحاصصة الطائفية فغاص بها، بوعي او بدون وعي، وإلاّ لماذا بقي الدكتور الجعفري وحزبه ساكتاً ازاء كل الخروقات المعيبة في تزوير ارادة الناس، واجبارهم انتخاب القائمة الشيعية في كل المناطق الشيعية على مرأى ومسمع منه، ولربما بايعاز منه. أتريدون من الدكتور الجعفري ديمقراطية حقيقية وهو ضالع في مسيرة المحاصصة الطائفية، هذا محال بل هراء .. إن رائحة المحاصصة الطائفية اصبحت تزكم الأنوف .. ليس الخطر لحد الآن يكمن في هذا، بل أن الخطر الحقيقي قادم حين ينبري ممثلي الطوائف الفائزة بكتابة الدستور بالمعنى الذي يفهمون، وحينها ستذبح حقاً تطلعات شعب قدم التضحيات الغالية من اجل انعتاقه، من اجل حريته، وباسم الديمقراطية .. فما افرزته الانتخابات من مظاهر قمع حقيقية لانتزاع الاصوات الانتخابية، ستزيف بنفس الطريقة ارادة الجماهير بالقوة عند التصويت على الدستور الذي ستكتبه الاكثرية البرلمانية؟؟ إن بشائر الاستئثار بالسلطة باتت واضحة .. وإن لم يعلن رسمياً عن اعتماد النمط الايراني في الحكم .. راقبوا الشارع العراقي ماذا تجدون .. لأول مرة في تاريخ العراق ترتدي المرأة الحجاب "خوفاً!!" .. لأول مرة تغلق محلات بيع الخمور "خوفاً!!" (ولكن المدعين في الدين يشربوها سراً، بل يسمحوا للمخدرات ان تنتشر بين العراقيين مدعين ان الدين الاسلامي لا يحرمها) .. لأول مرة تغلق محلات حلاقة الشعر "خوفاً!!" ولا اعلم لماذا؟؟؟؟؟ .. ولأول مرة تفجر محلات بيع اشرطة الموسيقى ويقتل اصحابها أو يغلقون محلاتهم "خوفاً" .. ولأول مرة يتقاتل ابناء الشعب العراقي من اجل محاصصة طائفية، ليس مسلم مع مسيحي او يزيدي أو صابئي او شبكي، بل مسلم مع مسلم .. وقس على ذلك اي منحدر كتب على العراق ان ينحدر اليه. كان الأجدر بالقوى الخيرة في المجتمع العراقي التي سحقتها فاشية صدام، وتسحقها الآن المحاصصات الطائفية والقومية ان تنتفض وتقول كلمتها .. أن تقول كفى تزويراً لارادة الشعب العراقي .. كفى طعناً بتطلعات الشعب العراقي، فالديمقراطية واضحة لمن يريد السير بها ونختصرها بكلمات: 1. دستور دائم لا وجود للعنصرية فيه مهما كانت الاسباب والمبررات .. لا عنصرية ولا تفرقة عنصرية وتحت اية يافطة كانت، طائفية أودينية أو قومية أو .. أو .. أن يحتوي الدستور على بنود واضحة تشير بان العراق للعراقيين مهما اختلفت تلاوينهم القومية والدينية والطائفية .. دستور يلغي هيمنة قومية مهما كبرت على القوميات الأخرى، تلغي هيمنة اي طائفة مهما كبرت على الطوائف الأخرى، تلغي هيمنة اي دين مهما كبر على الاديان الأخرى .. يجب ان يحتوي الدستور على مواد صريحة تؤكد حقوق المواطنة لكل العراقيين مهما اختلفت تلاوينهم. 2. أن تسن أسس ديمقراطية للحوار السياسي بين أحزاب سياسية وبغض النظر ماذا تدعي هذه الاحزاب واي صبغة تريد ان تصطبغ بها (ديمقراطية، دينية، قومية، طائفية) بشرط أن لا تسعى الى تكريس العنصرية والفرقة بين ابناء الشعب الواحد، فلا يسمح بتأسيس احزاب تحتوي برامجها نصوصاً صريحة تبشر بالعنصرية .. أحزاب تتنافس على اساس برنامج واضح المعالم وشعارات قادرة على كسب الجماهير لها. 3. أن يمتلك الاعلام دوراً تربوياً، بحيث لا ينحاز الى طرف دون الآخر، يعطي فرصة لكل الأحزاب المتنافسة لقول كلمتها الى الجمهور والترويج لبرامجها، أن تفعل الحوار السياسي العلني بين الأحزاب المتنافسة، كي يعي الناس ماهي حقيقة برامج هذه الاحزاب.. 4. أن تساهم الدولة ايجابياً في دعم الحملة الانتخابية لكل الأحزاب. 5. أن تفضي المنافسة الى اقصاء احزاب من العملية السياسية وادخال احزاب جديدة باستمرار .. على اساس قدرة تلك الآحزاب بكسب الرأي العام لصالحها .. 6. ان تثبت نسبة معينة للاحزاب الفائزة في الانتخابات الى البرلمان كأن تعطى نسبة فوز 5% كي يستطيع هذا الحزب او ذاك احتلال مكاناً ما في البرلمان. 7. أن لا تحصل ائتلافات بين الاحزاب قبل الانتخابات، بل ان حصل ذلك فليكن بعد الانتخابات كي تتعرف الاحزاب الفائزة على بعضها وتدخل فيما بينها بائتلافات حسب برامجها. 8. ان يكون الهدف الأول والأخير لكل العملية الديمقراطية اسعاد الشعب لا تدميره. وأخيراً، اوجه نداءاً إلى كل الأحزاب التي عانت من اضطهاد الفاشية الصدامية (لا تنسوا أن حزب صدام هو حزب قومي)، ابتداءاً من الحزب الشيوعي العراقي مروراً بحزب الدعوة الذي يترأسه الدكتور الجعفري ثم الأحزاب الكردية والاحزاب الديمقراطية الأخرى .. ندائي لهم جميعاً أن ينبذوا الطائفية والقومية والمحاصصات على هذا الاساس ويدخلوا في اصطفافات سياسية على اسس ديقراطية تبعدهم عن العداوات والاقتتال .. فالديمقراطية لا تسموا إلا بتعدد الأفكار والآراء والبقاء للأصلح .. دعونا نرى عراقاً جديداً خيراً .. لا عراقاً يضطهد به الشعب العراقي بعباءة الدين كما اضطهده صدام بعباءة القومية. دعوا الدين لأهل الدين والسياسة للسياسيين .. وليتمتع الجميع بالحرية الشخصية والدينية والقومية .. وليكن العراق عراق الجميع بدون تمييز على اساس الجنس واللون والمذهب والطائفة والعشيرة والدين والفكر والعقيدة وغيرها. انظروا الى شعوب البلدان الديمقراطية، وكيف يتخاصم ويتصارع السياسيون .. لكنهم في حياتهم الأخرى اصدقاء يعيشون حياةً طبيعيةً، وقد نفظوا عنهم غبار الخلاف السياسي .. فهل لنا ان نصل الى هذا المستوى من الوعي..
#سعدي_السعدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حجاب ام تيزاب
-
المرأة العراقية والمجتمع العراقي إلى أين؟؟؟
المزيد.....
-
ترامب يوجه تحذيرا بشأن عدم إطلاق سراح الرهائن من غزة قبل تنص
...
-
مهرجان كرامبوس: عرض الشياطين الذي يستقطب الأنظار في النمسا
-
حماس تؤكد مقتل 33 رهينة إسرائيلية وتحمل نتنياهو المسؤولية
-
اليمن ـ رصد أكثر من مليون حالة اشتباه بمرض الملاريا
-
تقرير عبري: نتنياهو أول من طرح فكرة تهجيرسكان غزة وينتظر الو
...
-
الصحة اللبنانية: مقتل 9 أشخاص وإصابة آخرين في الغارات الإسرا
...
-
بزشكيان يؤكد خلال اتصال هاتفي مع بوتين على الدعم الإيراني ال
...
-
بعد تصريحاته عن مساعدة المدمنين.. زاخاروفا تدعو هانتر بايدن
...
-
زيلينسكي يجري تعديلات جديدة في قيادة قوات كييف على خلفية فضا
...
-
رئيس أركان الجيش الإسرائيلي يتفقد قواته في جنوب لبنان
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|