أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد صبحى منصور - يحرُمُ شرعا أن ينصّ الدستور على أن مصر دينها الاسلام . لماذا ؟















المزيد.....

يحرُمُ شرعا أن ينصّ الدستور على أن مصر دينها الاسلام . لماذا ؟


أحمد صبحى منصور

الحوار المتمدن-العدد: 4213 - 2013 / 9 / 12 - 18:56
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


يحرُمُ شرعا أن ينصّ الدستور على أن مصر دينها الاسلام . لماذا ؟
أولا : لماذا ؟
1 ـ لأن هذا النّص إستبعادى. يستبعد ملايين المصريين من دولتهم ويجعلهم أقل درجة من (المسلمين ). نحن نتحدث هنا عن إستبعاد ملايين المصريين من المسيحيين والبهائيين والعلمانيين اللادينيين . قد يكونون أقلية ، ولكن إستبعاد شخص واحد فيه ظلم ، والظلم حرام شرعا ، فكيف بظلم الملايين .
تتضاعف المشكلة بالحديث عن الشريعة وهى مرتبطة بالنّص على دين الاسلام للدولة ، ويأتى تطبيق هذا ( الاسلام ) بالشريعة والمراد بها الشريعة السنية . وهذا يجعل الاستبعاد يشمل أيضا غير السنيين ، أى الشيعة المسلمين .
ثم تتفاقم الخطورة بالمادة 219 سيئة السُّمعة ، والتى تفسر الشريعة تفسيرا وهابيا . فتكون المحصلة خطيرة جدا ، وهى أن عبارة ( الاسلام دين الدولة ) وملحقاتها من الشريعة والمادة 219 تجعل الاستبعاد يشمل الأغلبية الساحقة من المصريين .
فالأغلبية الساحقة من المصريين صوفية سنيون ، يؤمنون بالأولياء الصوفية والأئمة الشيعة والسنة ، ويقدسون الأضرحة التابعة لهم بلا تفرقة؛ يذهبون للحج الى القبور المقدسة فى موالد الحسين والسيد البدوى والسيدة زينيب والسيدة نفيسة والامام الشافعى و المرسى أبى العباس وابى الحسن الشاذلى وأبى الحجاج الأقصرى والشبراوى وأبى العزايم ..الخ . هذه الأغلبية الساحقة سيتم إستبعادها لأنهم مشركون طبقا للتفسير السنى للشريعة . وهذا يعنى أن الدستور سيكون على مقاس أقلية ضئيلة جدا ـ لا تعترف بمصر ، والوطن ( مصر ) ليس لديه إعتبار عندها ، فالوهابية السياسية ( الاخوانية ) تجعل دينها الوهابى هو الجنسية وهو الوطن . وعندهم ( طُظ ) فى مصر .
ثم إنّ هذه الوهابية أقلية داخل الدين السّنى نفسه . فالدين السّنى الأرضى يتكون من أربعة مذاهب ، أحدها المذهب الحنبلى الأشد تزمتا ، الذى ينقسم بدوره الى تيارات ، أشدها تطرفا هو التيار الذى يمثله ابن تيمية ، ثم نبعت الوهابية من تيار ابن تيمية ،وتأسست عليها الدولة السعودية الأولى والثانية ، ثم الدولة السعودية الثالثة الحالية والتى نشرت الوهابية فى مصر بإنشاء الجمعيات السلفية والاخوان المسلمين . وهناك تيارات أكثر تطرفا داخل الوهابية ، أحدثها التيار القطبي التابعة لفكر سيد قطب ، وينتمى اليه زعماء الاخوان الحاليون . أى نحن أمام أقلية من أقلية من أقلية من أقلية من أقلية ..الخ . يؤكّد هذا أن تعداد الاخوان والسلفيين الذين تنطبق عليهم وحدهم مواد ( الاسلام دين الدولة ، الشريعة ، والمادة 219 ) لا يصل الى ربع مليون فى مواجهة 80 مليون مصرى ينتمى بوجدانه الى مصر . فمن الظلم أن يعبر الدستور على أقلية ضئيلة جدا لا تعترف بالانتماء للوطن المصرى ، وتستبعد المصريين جميعا . هذا ظلم فادح . والظلم حرام فى دين الاسلام .والله جل وعلا لا يريد ظلما للعباد ، والله جل وعلا لا يحب الظالمين .
2 ـ لأن هذا النّص يؤسس للدولة الدينية . والدولة الدينية خصم للاسلام . بل إن الدعوة الاسلامية موجهة بالأساس ضد الدولة الدينية وكهنوتها . فهذا النّص يعطى ولاية للدولة على الشأن الدينى مثل أى دولة دينية كهنوتية تتحكم فى الدين . وهذا يتناقض مع الحرية المطلقة فى الدين التى أكدها رب العزة فى أكثر من ألف آية قرآنية .
إن وظيفة الدولة فى الاسلام ليس هداية الفرد وإدخاله الجنة ، لأن الهداية مسئولية فردية شخصية ، فمن شاء من الأفراد أن يؤمن فليؤمن ، ومن شاء من الأفراد أن يكفر فليكفر ، ومن إهتدى من الأفراد فهو يهتدى لنفسه ، ومن شاء أن يضل فهو يضل على نفسه ، وكل فرد مسئول عن نفسه فى إختياره الدينى ولا تزر وازرة وزر أخرى ، وكل فرد سيأتى يوم القيامة أمام رب العزة ليحاسبه عن ( دينه ) ، أى لا بد من الحرية المطلقة ( فى الدين ) لتتم المساءلة أمام الواحد القهّار ( يوم الدين ).
إنّ الذى يعطى لنفسه حق التدخل فى إكراه الناس فى الشأن الدينى إنما يرفع نفسه فوق مقام رب العزة ، لأن الله جل وعلا خالق السماوات والأرض شاء أن يكون الناس أحرارا فى الايمان به أو الكفر به جل وعلا ، ولهذا نرى بلايين البشر يختارون بهذه الحرية التى منحها لهم الله جل وعلا أن يكفروا بالله جل وعلا . وموعدهم يوم الدين أمام الله جل وعلا . وبالتالى يكون عدوا لله جل وعلا ذلك الذى يريد أن يجعل نفسه متحكما فى الشأن الدينى الذى لم يشأ رب العزة التحكم فيه . وهذا ما يقع فيه أرباب الدول الدينية . وهذا ما سيفعله بمصر ذلك النّص على أن للدولة المصرية دينا يتمحّك بالاسلام ، وهو يناقض الاسلام !.
إن وظيفة الدولة فى الاسلام دنيوية وليست دينية ، أى تتركّز فى علاقات الأفراد وحقوقهم ، وخدمة الفرد وحمايته وضمان حقوقه فى الحرية والعدل السياسى والعدل الاجتماعى والكرامة الانسانية ، ومنها حريته المطلقة فى الدين على مستوى العقيدة والشعائر والدعوة . ومن هنا فإن النّص على أن الدولة دينها الاسلام أو المسيحية أو اليهودية أو البوذية يعنى تحول تلك الدولة الى دولة دينية ، وبغضّ النظر عن الشعارات فإن الدولة الدينية لا بدّ أن تنتمى الى دين أرضى ، يفترى على الله جل وعلا كذبا ، وكل الدول الدينية تعتنق مذهبا دينيا متفرعا من مذهب أكبر ، فالدولة الفاطمية تنتمى الى مذهب شيعى إسماعيلى إمامى، والدولة الايرانية الحالية تنتمى الى مذهب شيعى أمامى إثنا عشرى ، ونظام بشار الأسد ينتمى الى مذهب شيعى علوى نصيرى . و الدولة السعودية تنتمى الى مذهب الوهابية التيمية الحنبلية السّنية ، ودولة الاخوان تنتمى الى مذهب القطبية الوهابية التيمية الحنبلية السنية . ومهما رفعت الدولة الدينية من شعارات التسامح فلا بد أن تضطهد من لا يعتنق مذهبها ودينها ، ولهذا يعانى الشيعة فى السعودية ويعانى السنيون فى ايران . وحتى البوذية المشهورة بالتسامح فإنه بمجرد أن أصبح لهم نفوذ سياسى فى بورما قاموا بذبح المسلمين . ومع أن مصر كانت مشهورة بالتسامح معظم تاريخها ، فإن وصول الوهابيين للنفوذ أوقع الاضطهاد بالأقباط والشيعة والبهائيين وأهل القرآن .
الدولة الدينية ( المذهبية ) لا بد أن تفرض مذهبها الدينى على الاخرين ، وتعاقب من يناقش مذهبها لتصونه من النقد . وهى تعتمد الاكراه فى الدين ، ويزدهر فيها عقوبة المخالف والمذابح الدينية والمذهبية ومحاكم التفتيش الدينية . ساد هذا فى العصور الوسطى ، وانتهى فى الغرب ، وأعادته السعودية الوهابية للمسلمين فى العصر الحديث والراهن . ونرى نتيجة هذا فى المذابح فى سوريا والعراق ، والمجرم الأكبر فيها هو الوهابية السلفية الاخوانية .
فهل نجعل فى الدستور المصرى قنبلة زمنية تنفجر فى وجه مصر ؟
أخيرا :
1 ـ هذا النصّ على أن ( الاسلام دين الدولة المصرية ) يحوّل مصر الى دولة دينية ظالمة تتناقض مع الاسلام .
2 ـ أعرف أن كلامى هذا سيذهب ـ كالعادة ـ أدراج الرياح . لذا أكتفى بالقول : اللهم بلّغت..اللهم فاشهد .!.



#أحمد_صبحى_منصور (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صناعة الفرعون : دراسة قرآنية
- القاموس القرآنى (بَغْيًا بَيْنَهُمْ.)
- القاموس القرآنى : ( البغى)
- خلط السياسة بالدين : من ( خضر العدوى ) الى ( راسبوتين )
- حوار مع عقل تونسىّ مسلم رائع
- على هامش محاولة إغتيال وزير الداخلية المصرى
- شريعة التترس فى الأزمة السورية الراهنة
- القاموس القرآنى : مصيبة
- صفحة من كتاب ( ألف نيلة ونيلة )
- شريعة الدعوة فى الاسلام
- حوار لم تنشره صحيفة الدستور المصرية
- إصلاح دينى أولا ...وإلّا فالسقوط فى الهاوية
- إلى متى يستمر إضطهاد أهل القرآن فى مصر ؟
- تليفزيون الناس الغلابة
- متى تعود مصر بلدا آمنا ؟!!
- إنت يهودى ..إنت ماسونى ..إنت صليبى .!!
- الإخوان مرض .. التوصيف والعلاج
- خاتمة كتاب :( مبادىء الشريعة الاسلامية وكيفية تطبيقها )
- تطبيق مبادىء الشريعة الاسلامية يستلزم إصلاح التعليم المصرى
- تطبيق مبادىء الشريعة الاسلامية يستلزم إصلاح المساجد:(4) مقتر ...


المزيد.....




- مرجعية العراق الدينية تدعو لوقف الحرب
- ترفض -السماح ببقائه-...هل تريد إسرائيل رأس المرشد الأعلى الإ ...
- استقبل قناة الأطفال المحبوبة على شاشتك الآن.. التردد الجديد ...
- إيهود باراك: لا مبرر منطقيا للحرب مع إيران الآن
- مادورو يدعو يهود العالم لوقف جنون نتنياهو
- الاحتلال يفرض سياسة جديدة بعد 6 أيام من إغلاق المسجد الأقصى ...
- أفغانستان تغير تسمية -الجامعة الأمريكية- إلى -الجامعة الإسلا ...
- حرس الثورة الإسلامية يعتقل 5 جواسيس للموساد في لرستان
- آية الله مكارم شيرازي: الشعب الايراني يقف خلف سماحة قائد الث ...
- الدلالات الرمزية والدينية لتسميات العمليات العسكرية الإسرائي ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد صبحى منصور - يحرُمُ شرعا أن ينصّ الدستور على أن مصر دينها الاسلام . لماذا ؟