أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - رضا براهني - المسألة القومية في ايران بين الحقيقة والاصرار على انكارها*















المزيد.....


المسألة القومية في ايران بين الحقيقة والاصرار على انكارها*


رضا براهني

الحوار المتمدن-العدد: 1202 - 2005 / 5 / 19 - 05:46
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
    


انك تستمع لي ولكنك لا تراني .
فروغ فرخ زاد شاعرة إيرانية

أصبحت المسالة القومية اليوم لأولئك الذين يعيشون في إيران كحقيقة تاريخية واضحة كوضوح الشمس أكثر من أي وقت مضى، لان سير الشعوب الإيرانية المضني في الطريق الطويل من اجل تحقيق المساواة في الحقوق فيما بينها و باتجاه الديمقراطية اخذ يدخل منعطف هاما، لأن التنوع والاختلاف الثقافي والقومي في علم اليوم وتواجد أصحاب وممثلي هذا الكثرة القومية والثقافية في إطار بلد واحد والابتعاد عن سياسة صهر الشعوب في بوتقة لغوية وثقافية واحدة هي من السمات البارزة والأساسية للديمقراطية، ومن حسن الحض فأن عالم اليوم يختلف كثير عن العوالم السالفة ويتمتع بسمة كبرى في التنوع، والاهم من ذلك وفي هذه المرحلة الراهنة من تاريخنا، فان الوعي الجمعي بين أوساط الشعوب والقوميات المظلومة ارتقى بصورة مدهشة في كافة إرجاء المعمور، بحيث أصبح الجميع ينادي بأعلى صوته مطالبا بالتساوي في الحقوق و الحفاظ على الهوية القومية والإسهام الفاعل في إدارة المناطق الذين يعيشون ضمن إطار حدود تواجدهم القومي في إطار بلدهم الواحد، لأننا لا نستطيع القبول بترجيح وفرض لغة بعينها على حساب تخلف لغاتنا وثقافاتنا وفنوننا، وليس إمامنا إلا طريق واحد هو ومساواة جميع الشعوب الإيرانية المظلومة في إيران مع أولئك الذين فطروا على اللغة والثقافة الفارسية، حيث إن مساواة الأتراك والأكراد والعرب والتركمان والبلوش مع نظائرائهم من الناطقين بالفارسية والتي تطرح اليوم بصور مختلفة في إيران، هي مسالة حياتية بالنسبة للحافظ على وحدة إيران وسيادتها الوطنية، وإذا سلبت الديمقراطية، الحرية، والمساواة في الحقوق والثقافة من هذه القوميات، فالعنة والويل في أسباب تقسيم إيران وتدمير وحدة أراضيها ستلاحق أولئك الذين فروضوا مثل الواقع على الشعوب الإيرانية وستلاحقهم هذه أللعنة إلى ابد الآبدين.
إن عالم اليوم يسير بخط متسرعة نحو تحولات كبرى، تقف إمامها جميع التحولات الماضية على الرغم من أهمية قيمها الاجتماعية، الثقافية، العلمية والفنية مبهورة وصاغرة، فالإنسان يواجه اليوم تحديات الكشف الكامل عن ذاته في المجالات الداخلية سواء منها العلمية والثقافية، والكشف عنها أيضا في المجالات الخارجية في محاكاته للنجوم والأجرام السماوية، كيف يمكن لهذا الإنسان يصل إلى درجة من التخلف بحيث يقول إن لغة ألام التي يتكلم بها هي لغة سماوية، مقدسة و إن لغة الآخرين فاقدة لكل الخصائص الجمالية، وان على أولئك الذين ولدوا على لغات أخرى، يجب إن يتركوها ويتعلموا لغته وثقافته ويجب إن ينصهروا فيهما.
مما لا شك فيه إن اللغة الفارسية لغة جميلة ولا يستطيع احد يتنكر لهذه الجمالية، ولكن لغة أي إنسان بالنسبة له تعتبر جميلة، ثم نتساءل، لماذا لا تعطي نفس الفرص للغات الأخرى كي تنمو و تتطور وتصبح جميلة ؟ ما الذي تربحه الجماهير الناطقة بالفارسية، عندما يحرم الآخرين اللذين فطروا على لغات أخرى إن يتعلموا لغتهم وثقافتهم ولا يسعون في سبيل اعتلاء شأنهما ؟.
إذا كان الاتهام يوجه إلى الساعين في طريق استعادت الهوية القومية والثقافية ومساواتها مع ألغير أحيانا، وهو من الجائز بالنسبة للأتراك و للأكراد والعرب والبلوش والتركمان في البلدان الأخرى بالاعتداء على إيران، فأن مثل هذا الاتهام الأولى به إن يوجه إلى دولة إيران الحالية فهو ينطبق عليها، حيث من المحتمل إن تقوم إيران في المستقبل باجتياح إطراف بحر الخزر بحجة أنها كانت في يوما من الأيام خاضعة للسيطرة الإيرانية، أو تهاجم قسما من أفغانستان بحجة اشتراك هويتها اللغوية مع الإيرانيين الناطقين باللغة الفارسية، أو بحجة إحياء خراسان الكبرى وتضمها إليها.
والسؤال المطروح هو إذا كانت إيران لا تمتلك الجرأة في غزو اذربايجان الشمالية أو أفغانستان فكيف لدول صغيرة إن تهاجمها ؟إضافة إلى ذلك فان هذه الحدود والثغور يجب إن لا تكون جدار من الحديد ، فالمواطن العربي الاهوازي في إيران يتكلم الفارسية إلى جانب العربية ، كما إن الأتراك و اللذين يشكلون أكثر من نصف سكان طهران يتكلمون على الدوام إلى جانب الفارسية التركية وهذا الأمر ينطبق على البلوش والأتراك والتركمان أيضا، إذا لماذا نخاف التجديد ؟ فإيران ممكن ترضخ بسهولة وبدون إراقة الدماء والعناء وخرج الميزانيات التاريخية وألباهضة إلى القبول بقيام نظام فيدرالي فيها، في إيران الراهنة، ما عدى الفرس، فان بقية أصحاب اللغات الأخرى وفي إطار إيران شئنا أم أبينا يتكلمون لغتين، فالأتراك والأكراد والعرب والتركمان والبلوش يتكلمون إلى جانب الفارسية لغتهم الأصلية وإنهم في مناطق سكناهم فقط يتكلمون لغة أمهم، إما أولئك الذين ولدوا على اللغة الفارسية فإنهم قد ترفعوا على الآخرين إلى درجة رفيعة بحيث أنهم غير مستعدين لتعلم أي من اللغات القومية الأخرى غير الفارسية، وهذا يعني إن غرور الفرس قد منعهم من التكلم بإحدى اللغات التي يكون مجموعهم 67 % من سكان إيران، لان الجميع يقر بدءا من هيئة الأمم المتحدة إلى جيش الجمهورية الإسلامية الإيرانية واستنادا إلى إحصائياتهم هم، إن اللغة الفارسية ليست لغة جميع الإيرانيين، وإنما يتكلم بها ثلث سكان إيران فقط، لان إيران لا تتعلق بالفرس وحدهم، حتى طهران أيضا لا تتعلق بالفرس وحدهم، فطهران تعتبر اكبر مدينة عالمية يتكلم سكانها اللغة الاذرية واكبر مدينة يتكلم سكانها الفارسية، لماذا لا يعلنونها رسميا ومن جميع الجوانب سوءا على صعيد وسائل الأعلام او على صعيد المؤسسات الحكومية والوطنية على أنها مدينة ناطقة بلغتين؟ أنهم ينظرون مندهشين و لكنهم في الواقع لا يبصرون شيئا ؟
ونسأل أيضا هل من الوجدان أن تنهب ثروات الدولة المركزية وخلال 100 عام الماضية الثروات الكامنة في الأراضي العربية في خوزستان( الأهواز ) في حين يعيش السكان الأصليين من العرب ظروفا في غاية من الفقر والحرمان ؟مرة نهبت أرضهم من قبل الشركات الاحتكارية النفطية وفقدوا كل شي ومرة أخرى تهدمت بيوتهم فوق رؤوسهم إثناء الحرب العراقية الإيرانية ، رغم أنهم دافعوا جنبا إلى جنب الأتراك وساير الشعوب الإيرانية ببسالة عن أرضهم ووقفوا بالضد من إخوانهم العرب في الطرف الآخر من الحدود ، لكي لا تقع أغنى منطقة في إيران بيد الأجانب وفي هذا المجال قدموا الكثير من القتلى والجرحى و الأسرى، ماذا فعلتم تجاههم ؟ وماذا قدمتم لهم ؟ لم تقدموا لهم أي شيء غير الذل والاحتقار ؟ و عند ما دفع حب الأرض الجماهير العربية الكادحة في الأهواز للتظاهر مدافعين عنها لماذا تصديتم لمظاهراتهم بالنار والحديد، وقتلتم وجرحتم الكثير من أبنائهم وألقيتم بهم في غياهب المعتقلات و السجون ؟ بأي حق تفعلون هذا ؟ لماذا تعتقلون مفكرهم الأستاذ يوسف عزيزي بني طرف فهو كاتب وداعية من دعاة الحرية وبحسب قولكم يكتب بلغتين مقدستين هما العربية والفارسية وقد كتب حتى ألان المئات لا بل الآلاف من الصفحات في مجال القصة والشعر والترجمة وأكد مرارا وتكرارا إن الحل النهائي للمعضلة القومية في إيران يكمن في احترام الحقوق المتساوية لجميع أبناء الشعوب الإيرانية. إنني أقولها بصراحة إن دخان هذا الاعتقال سوف يدمع عيونكم، ولو كنت مكانكم لاعتذرت له ولأسرته ولجميع أبناء شعبه العربي الأبي في خوزستان( عربستان ) بأي وجه تعتقلون المواطن الآذري أنصاف علي منذ اشهر في سجون تبريز، هل ذنبه لأنه يقوله بشموخ انه إنني تركي إيراني وأريد منكم إن ترعوا حقوق زوجتي وأطفالي؟، أليس من الحق إن يترعرعوا ويتعلموا في محيط لغة أمهم سوءا كان ذلك في المدرسة أو الجامعة أو المعمل وفي الدوائر الحكومية أو بصورة مكتوبة وشفهية ؟هل تعتقدون إن الجماهير الإيرانية لا تستطيع أزاحتكم من السلطة ؟ حسنا لماذا لا تريدون تلمس الحقيقة بدلا من هذا الإصرار والعناد على إنكارها ؟ إذا كنتم لا تستسيغون الحديث عن العالم المتمدن لماذا لا تعملون بأوامر الله الذي كلم أنبياءه بلغتهم وطلب منهم إن يخاطبوا الناس بلغتهم ؟ و من حقنا إن نسأل ونقول في عالم أي من المصالح الواقعية والخيالية أفضل من إحراز المساواة في الحقوق بين جميع أبناء الشعوب الإيرانية ؟ لقد قدمنا من اجل حرية التعبير والعقيدة ما لا يعد ولا يحصى من خيرة أبناءنا، ثم إن في بلد متعددة القوميات مثل إيران، ماذا تعني لنا الحياة دون تحقيق الحريات الثقافية واللغوية ؟،ثم ما معنى حرية العقيدة دون إطلاق حرية اللغات ؟ إن لغة كل إنسان بالنسبة عزيزة عليه خاصة وإذا كان يعيش في منطقة الملايين منها يتكلمون بهذه اللغة؟
هذا التنوع اللغوي وما يحتويه من جمالية في إيران إنما يتم تجاهله بفعل سعي حفنة من العنصريين المتعصبين الذين كانوا يتهمون دوما يتهمون مواطنيهم من العرب والأتراك بآلاف التهم، و بدلوا أوطانهم إلى سجن كبير ابتغاء لمرضاة لهؤلاء المتعصبين.
لقد قلنا مرارا والآخرين كذلك قالوا مرارا اننا في إيران لدينا ثلاث مشاكل أساسية وهذه المشاكل هي :
1- مشكلة القوميات وعلاقتها ببعضها البعض.
2 – مشكلة النساء وعلاقاتها مع الرجال.
3 – مشكلة العمل ورأس المال.
إن هذه المشاكل الثلاث مرتبطتان ارتباطا وثيقا ببعضها البعض ولا يمكن حل قضية على حساب قضية أخرى، فطالما لا يعترف بحل المسالة القومية عبر مساواة جميع القوميات في الحقوق، وطالما لا تحل معضلة النساء ومساواتهن بالحقوق مع الرجال وإزالة الحيف الذي لحق بهن طوال هذا التاريخ، وطالما أيضا لا تحل العلاقة بين العمل وراس المال على أساس من المساواة والعدل، فستبقى المشاكل الاجتماعية في بلد واسع المساحة كإيران باقية دون حل، فإما المشكلة الأولى نابعة من بنيان الخارطة الجغرافية لإيران، وان كانت هذه المشكلة لها ما يشابهها في بلدان العالم الأخرى، فاليوم نادرا ما نشاهد إن تفرض لغة وثقافة ثلث سكان البلاد على جميع سكانها وان يتحمل بقية القوميات الساكنة في هذه البلاد هذا الفرض، وفيما إذ لم يتم إلغاء هذا الفرض عندئذ لا ينهار النظام الحاكم في إيران وحده وحسب، وإنما سيادة إيران ووحدة أراضيها معرضة للخطر أيضا.
مما لاشك فيه إن العلاقة بين الرجل والمرآة والبناء الذي يحكم هذه و العلاقة بين العمل ورأسمال ليستا بعيدتين عن علاقاتهما بالتأثير بالقضية القومية، فإذا لم يتم التعجيل في حل مسالة علاقات القوميات الإيرانية مع بعضهم البعض، وكذلك العلاقات الثقافية واللغوية فيما بينهم فان وجود إيران كدولة سوف يواجه الخطر الحتمي الشديد، وان القانون الذي لا يراعي التنوع الثقافي و القومي، ولا يراعي التساوي في الحقوق ولا يدافع عن جميع أبناء الشعوب الإيرانية فان مثل القانون بالنسبة لهذه الشعوب ساقط من الاعتبار ولا يعترفون إلا بقانون يستمد قوته من واقع بلادهم، وهنا ليس للدين أي علاقة بهذه المسالة، فاليهود والأرمن قد حافظوا على لغاتهم، كما إن الدول التي انفصلت عن إيران ظلت محافظها على دينها، فالدين ليس مسالة اليوم أو الأمس ولا انتم الذين أنزلتم حمايته من السماء، فالمساواة في الحقوق لا يفقد هذه القوميات دينها ولا يعيد لها دينها الذي فقدته، وهنا لابد من توضيح مسالة أراها على غاية من الأهمية، وهي إن نظام الشاه عندما سمح باستعمال لغة وثقافة واحدة وأوجد مسببات نموها وازدهارها وفرضها على الشعوب الإيرانية من خلا ل منع وتداول اللغات والثقافات الأخرى، فأته إن على الكردي والعربي والتركمني والبلوشي والاذري إن يصبحا فرس قبل إن يتمكنوا من عرض أفكارهم ونظرياتهم كما إن أفكار هذا المثقف لا تصل إلى أبناء جلدته وذلك بدليل إن التعليم العام ما عدى موضوع أو موضوعين من الابتدائية حتى المراحل العليا كله يتم باللغة الفارسية ومن ثم اللغة الأجنبية في حين إن رجال الدين وفي كل منطقة من المناطق القومية كان يخاطبون الناس بلغتهم القومية، وان نظام الشاه بمنعه اللغات القومية غير الفارسية قد ارتكب خيانة عظمى بحق هذه الشعوب لأنه بعمل هذا قد فتح الباب لمصراعيه إمام رجال الدين للتبليغ ضد نظامه من خلال مخاطبة الناس بلغتهم القومية مما مهد الأرضية لسقوط النظام المكي في إيران، إما نضال المعارضة ضد النظام في الخارج فكانت اللغة المستعملة هي اللغات الإنجليزية والفرنسية والألمانية وبالتالي تم إخراج دعاة اللغة الفارسية من الساحة.
إن إدراك هذه المسالة في الوقت الراهن يحتوي على أهمية خاصة، كما إن النساء التركيات والكرديات والعربيات والبلوشيات والتركمانيات يعانن من اضطهاد مضاعف بدليل أنهن لا يستطعن تربية أولادهن بلغتهن ولا يساعدن أولادهن في آدا واجبهن الدراسي، لماذا لأن لغة التعليم هي ليس لغة التواد والتواصل بين أبنائهن.ولان اللغة ليست لغتهن، فالآذربايجاني والكردي والعربي والبلوشي والتركماني يعانون من الاضطهاد المضاعف وهذه الصفة تعتبر من الخصائص التي تتميز بها الغالبية من بلدان المنطقة.
إن هذه المسالة في أفغانستان والعراق قد تم حلها عن طريق تدخل القوى الغربية، وليس معلوم حتى الآن ماذا يجري لهذه البلدان بعد عشر سنوات، فالتجربة العراقية والحزن الروحي العميق الذي الم بالشعب الأمريكي بدليل خداعه من قبل دولته والهزيمة الروحية للولايات المتحدة الأمريكية وحتى دعاة الحرب قد لا تسمح لها تكرار التجربة العراقية والتدخل عسكريا من اجل إسقاط النظام في إيران، إضافة إلى ذلك فان اكبر قومية من حيث عدد السكان في إيران واعني بها القومية التركية التي عانت من الاضطهاد في عهد الشاهين وفي عهد النظام الإسلامي وهكذا القومية العربية في خوزستان" عربستان " قد حاربتا الشريك السابق للولايات المتحدة الأمريكية و من بعده حليفه صدام، من الذي يضمن أنهم لا يحاربون هذه المرة، ثم من وجهة نظرنا ليس مهما من يصبح رئيسا للجمهورية أو رئيسا للبرلمان أو من يستلم الوزارة الفلانية أو الوزارة العلانية، وإنما المسألة أعمق من ذلك بكثير، ولا تحل بذاهب أحدى الحلقات، أو حتى بإلغاء ولاية الفقيه، حتى أنها لا تحل بفصل الدين عن الدولة هذه معلولات لقضايا ومسائل إذا لم تذهب عللها فان معلولاتها سوف تبرز وتعبر عن نفسها بصورة أو بأخرى، وعلى المثال هناك من بين أربعة أشخاص ممن تولوا رئاسة الجمهورية في إيران واحد منهم على الأقل ينحدر من جذور أذرية ، والأخر كان نصف آذري وغير فارسي وكلهم يتبجحون بالنطق بالعربية إلا أنهم لن يسعفوا لا العربي ولا التركي ولا الشعوب الأخرى و إن أي شخص أخر من هذه الأفراد لن يداوي جراحات الشعوب الإيرانية عندما يمسكوا بصولجان الحكم ، وان الدواء الشافي لعلاج هذه الغدة السرطانية هو الديمقراطية ، لان مسالة القوميات في إيران لا يكمن إن يمر إلا من خلال سلوك هذا الطريق العريض ، وأنني أعلنها بصراحة إن أي حركة لا تجعل هذه الأمور نصب أعينها فلن تجد من يؤيدها بين الشعوب الإيرانية وخاصة بين الشعب الاذري الذي يشكل سكانه 37 من سكان إيران .
إن نضال الطبقة العاملة الإيرانية في سبيل تحسين ظروفها نضالا يستحق التمجيد وأننا نرى أنه نضال مشروع ويستحق التأييد، وان نضالنا لن ينفصل عن هذا النضال، كما هو لن ينفصل عن نضال المراة من جل نيل حقوقها ومساواتها مع الرجل هذا النضال الذي أيدناه وسنبقى نؤيده إلى النهاية، ولن تتقسم إيران من خلال هذه النضالات، هذه الأمور ممكن إن تكون مقدمة للتقسيم ولكنها ليست الأسباب الرئيسية لتقسيم إيران، وان تقسيم إيران وارد في حالات معينة وهي عندما نتجاهل التركيبية السكانية القومية السكانية وعندما نقف سدا إمام أي مبادرة من قبل الشعوب المظلومة من اجل نيل حقوقها المشروعة، ونتهمها اتهامات واهية على إن تحركها من اجل هذه الحقوق إنما يتم بتوجيهات خارجية أو أنهم مجاميع معتدية حاءات من يتم من وراء الحدود، إن مثل هؤلاء العنصريين الذي يكيلون هذا السيل من الاتهامات لأبناء القوميات الإيرانية كمثل جبل من جليد في قارة استوائية سوف يذوب ويتفتت إلى قطع صغيرة ن وعند إذن لن تنفع العنصريين النازيين و الفاشيست الفرس أساطير تاريخ فارس القديمة الذي يشتْرونها منظريهم على الدوام، وهم يتناسون هذه الحقيقة انه استنادا إلى الإحصائيات المتوفرة لدينا انه من بين 33% من السكان في إيران ولدوا من أمهات فارسية وان الحقيقية كالشمس لا يمكن حجبها في الغربال أو من خلال التطبيل والتزمير أو رفع الشعارات الخاوية البعيدة كل البعد عن الحقيقة والواقع، في حين إن 67% من سكان إيران يقولون إننا نريد إن نتعلم بلغتنا، ولا يستطيع أي احد في الكون إن يغيْر هذا الواقع مهما أوتي من قوة، لقد كان صدام رجلا ديكتاتورا وكان كاذبا وهو يعلم ذلك ونتيجة لكذبه راح وطن بأكمله وتبدل العراق الذي كان مهدا لحضارات العالم القديمة إلى ارض محروقة، ثم يأتون ويطلقون على ذلك اسم التجديد الثقافي والديمقراطي، ولم يبقى إلا يطلبوا من صدام إن يأتي ويستلم السلطة نيابة عنهم وليضع حد لهذه الفوضى. لماذا ؟ لأن أولئك الذين يجب أن يشبعوا شبعوا وان كان الرأسمال العالمي على الدوام شره نهم يطلب المزيد و لا يعرف الشبع نهائيا ، ورغم كل هذه الفجائع لم يجرأ أي من دول الجوار إن يخطوا خطوة واحدة داخل الأراضي العراقية، ثم يأتي العنصريين العلمانيين وغير العلمانيين ليقلوا زوجوا الفتيات الآذريات من الرجال الفرس حتى أولادهم يتكلمون الفارسية ناسين إن لغة الطفل من لغة أمه وليس من لغة أبيه.
إن حكومة يديرها أفراد على هذه الشاكلة تليق بلحى أولئك السادة الذين بقت أضابيرهم مفتوحة منذ عهد محمود أفشار والدكتور شيخ الإسلام إلى يومنا هذا.
إن أولئك ”الاغوات " الذين اثروا السكوت على الكلام إزاء ما يجري من مآسي بحق الشعوب الإيرانية أنهم سيقفون غدا مطاطيء الرؤؤس إمام التاريخ، وهذا ما حصل فعلا لدى المثقفين المسيحيين عندما سكتوا إمام الممارسات اللأنسانية التي تعرض لها اليهود إبان عهد هتلر النازي، كما إن التاريخ سيحاسب أولئك الذين اثروا السكوت على المجازر التي تعرض لها الشعب العربي الاهوازي الذي تظاهر من اجل حقوقه الثقافية واللغوية والقومية وزج أبناءه في السجون وكذلك اثروا السكوت على اعتقال السيد يوسف عزيزي بني طرف كما اثروا السكوت على اعتقال المواطن المناضل الآذري أنصاف علي هدايت، هذا السكوت لا يقل في أهمية عن سكوت المثقفين المسيحيين عن جرائم النازية إزاء اليهود في عهد هتلر، ونحن هنا لا نجلس ساكتين نندب حضنا على ما حصل لنا، أقولها بصراحة لقد حكم الأتراك إيران الآف السنين وكان خلالها الأدب الفارسي مستمر في الازدهار والإنتاج، إنني طالب وكاتب تلك الأعمال الأدبية وأضفت صفحات جديدة إليها. إلا إن عالم اليوم قد ارتاح لي مجال لكي ارفع صوتي عاليا لاقول لكم لماذا حرمتموني من النطق بلغة أمي، فالبهلويان رضا وابنه محمد قد منعا تدوال اللغة التركية ولم يسمح رضا شاه لزوجته التركية والدة محمد رضا شاه إن تطبع ديوان شعرها الذي نظمته بالتركية ولا تزال شهريار تتألم وهي في قبرها ولسان حالها يقول لماذا منعتموني من طبع ديوان شعري باللغة التركية، كما أنهم كانوا يلاحقون الكاتب التركي الآذري ساعدي ليروا عن ماذا يبحث هذا الرجل في جبال ووديان وسهول اذربايجان ، الم يكن إباءنا هم الذين فجروا ثورة الدستور، أو الم يجبروني وأنا ابن الحادية عشرة على لعق الجريدة التي كانت مكتوبة بالآذرية، من هنا فان الفرس أكثر من غيرهم يتوجب عليهم المطالبة بتساوي الحقوق بين أبناء القوميات الإيرانية المظلومة، عليهم إن يتركوا مسبة العرب والأتراك والأكراد والتركمان والاستهزاء بهم.
إن إيران لا يمكن لها إن تحافظ على وحدتها كبلد إلا من خلال تساوي الحقوق بين أبناء القوميات، إن الشعوب المحرومة ليس بوسعها إن تقف مكتوفة الأيدي الأبد حتى يستيقظ وجدان الفرس من غفوته، ولا ننسى إن هناك الكثير من أصحاب الضمائر الحية من الفرس يقفون إلى جانبهم ويؤيدون مطالبهم، ولكن إلا تنظرون أنكم تعيشون في علم متحضر ومتجدد، إلا تقرون هذا الكم الهائل من الكتب المؤلفة والمترجمة التي تصدر في إيران وخارجها والتي تقر إن إيران بلد متعدد القوميات ؟ إذا لماذا تنسبون أنفسكم إلى العالم المتحضر؟ و إذا لم يكن بوسعكم العمل بأبسط الظروف الحضارية لماذا تقبلون وتعترفون بالميثاق العالمي لحقوق الإنسان ؟ إن إيران الراهنة هي بمثابة سجن كبير للقوميات، حسنا ما هي إذن واجباتكم كبشر؟ هل تقفون مكتوفي الأيدي حتى تتقسم البلاد إلى أجزاء ، تقمعون العرب والأتراك والأكراد مرضاة للعنصريين الإسلاميين وغير الإسلاميين لماذا تؤلبون الحكومة على اعتقال هذا وذاك ؟ أليس من الأفضل إن تضعوا تحت تصرف العرب والأكراد والتركمان والأتراك والبلوش الأموال المضاعفة حتى يتلافوا الخسائر التي لحقت بهم طوال التاريخ ؟ حسنا من اجل خدمة شعبكم لأي أفكار أخرى ادعوكم.
ترجمة جابر احمد



#رضا_براهني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- فعل فاضح لطباخ بأطباق الطعام يثير صدمة بأمريكا.. وهاتفه يكشف ...
- كلفته 35 مليار دولار.. حاكم دبي يكشف عن تصميم مبنى المسافرين ...
- السعودية.. 6 وزراء عرب يبحثون في الرياض -الحرب الإسرائيلية ف ...
- هل يهدد حراك الجامعات الأمريكية علاقات إسرائيل مع واشنطن في ...
- السودان يدعو مجلس الأمن لعقد جلسة طارئة الاثنين لبحث -عدوان ...
- شاهد: قصف روسي لميكولايف بطائرات مسيرة يُلحق أضرارا بفندقين ...
- عباس: أخشى أن تتجه إسرائيل بعد غزة إلى الضفة الغربية لترحيل ...
- بيسكوف: الذعر ينتاب الجيش الأوكراني وعلينا المواصلة بنفس الو ...
- تركيا.. إصابة شخص بشجار مسلح في مركز تجاري
- وزير الخارجية البحريني يزور دمشق اليوم للمرة الأولى منذ اندل ...


المزيد.....

- الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية / نجم الدين فارس
- ايزيدية شنكال-سنجار / ممتاز حسين سليمان خلو
- في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية / عبد الحسين شعبان
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية / سعيد العليمى
- كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق / كاظم حبيب
- التطبيع يسري في دمك / د. عادل سمارة
- كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟ / تاج السر عثمان
- كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان / تاج السر عثمان
- تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و ... / المنصور جعفر
- محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي ... / كاظم حبيب


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - رضا براهني - المسألة القومية في ايران بين الحقيقة والاصرار على انكارها*