أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - راندا شوقى الحمامصى - الروحانية نهج للحياة














المزيد.....

الروحانية نهج للحياة


راندا شوقى الحمامصى

الحوار المتمدن-العدد: 4170 - 2013 / 7 / 31 - 23:43
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


نظراً لتعدُّد وجهات النظر في الموضوع، فليس من السهل تحديد تعريف للنهج الروحاني للحياة. ومن المهم أن نعلم أن كون الإنسان متديِّناً لا يعني أنه يحيا حياة روحانية. فهناك من هم متديّنون كُثْرٌ يؤمنون بالله والروح وبالحياة بعد الموت ومع ذلك يعيشون حياة مادية في طبيعتها. فالله سبحانه وتعالى بالنسبة إليهم هو المانح والمانع، الباذل المعطي بحبّه والمنتقم الجبار في غضبه. علاقتهم بالله كعلاقتهم بأي سلطة وهي قائمة على إرضاء الحق من أجل التمتّع بعطاياه وإخفاء ما في مكنون أنفسهم من أفكار ونوايا. مبتغاهم في الحياة الفوز بخلاصهم الذاتي لدخول جنة صوّروها لأنفسهم، وهدفهم الأساس الحصول على شيء ما – وهو في هذه الحالة نِعَمُ الله وأفضاله والعروج إلى جنة أبدية كونهم مميزين عن الخُطاة. إنه اتجاه يتفق والموقف المادي للحياة شكلاً إن لم يكن مضموناً أيضاً. فهو يركّز على اكتناز الثروة والحصول على المتعة والتفوق والقوة.
وهناك طبقة أخرى من الناس نراهم ينحون بحياتهم نحو الروحانية واتخاذها وسيلة للتغطية على قصورهم وفشلهم وإحجامهم عن مواجهة تحديات الحياة الإجتماعية. وهؤلاء الذين يتوارون وراء ستار الإنقطاع عن الشؤون الدنيوية يعزلون أنفسهم عن رَكْب المجتمع الرئيسي ليصيبوا قليلاً من المسؤولية أو يعافوها بالكلية أمام تحديات الوجود الإنساني، فيعيشون حياة محورها ذاتهم وكيانهم الشخصي. بعض هؤلاء هم كسلى أنانيون، وكثير منهم أساءوا فهم الحياة الروحانية لأنهم اعتبروها مجرد الإبتعاد عن الشؤون الحياتية اليومية للمجتمع باعتبارها مادية صرفة.
ومع كل ذلك، لا يمكن اعتبار الروحانية بكل بساطة نقيض المادية أو هي الصورة العكسية لها، بل بالعكس فإنها في جوهرها عملية لها هدفها الأسمى وأغراضها المتنامية المتطورة الرفيعة. ففي رحلتنا الروحانية نتطلع دوماً إلى تحقيق الأسمى والأنبل لأنفسنا، وبذلك نصنع حضارة إنسانية دائمة التقدم تسودها الوحدة والإتحاد.
إننا معشر البشر نقف في مفترق حقيقتين: الحقيقة المادية والحقيقة الروحانية. وبالذات في نقطة تلتقي فيها المادية بالروحانية. فجانب لنا في عالم الحيوان يعيش والآخر في عوالم الروح يسمو. وعليه فإن بإمكاننا أن نعيش حياة مادية بحتة نتمثل فيها بالحيوان، أو حياة تسمو بنا عن الطبيعة الحيوانية لنَلِجَ بها عوالم الروح. هذا الخيار إنما هو لُباب حريتنا وجوهرها. فالإنسان مخلوق منحه الله القدرة على اكتساب المعرفة ومَلَكة المحبة وموهبة الإرادة. ففي المعرفة لنا الخيار في تحديد نوعها وكيفية استخدامها؛ بإمكاننا تسخيرها لشن الحروب أو لتأسيس السلام. فإذا ما اخترنا السلام وكرّسنا أنفسنا في هذا السبيل نكون قد اخترنا الروحانية نهجاً للحياة، وهذا ما ينسحب على الخيارات الأخرى من قبيل الصدق والأمانة والعدالة والشفقة والتعاون والحُسْن والجمال والتواضع والخدمة وجميع الفضائل الروحانية الأخرى. وإذا ما وضعنا أمامنا هدف استعمال عقولنا لممارسة المزيد من تلك الفضائل وتسخير طاقاتنا في المحبة وانجذابنا لها وتطويع إرادتنا في العمل لأجل ذلك، فإننا بذلك سلكنا طريق الحياة الروحانية.
والأمر لا يقف عند هذا الحدّ، ذلك لأن الحياة الروحانية هي عالم الترقي والإنقطاع (عدم التعلّق) والتوجّه نحو الهدف بالتأمّل والتقييم والإنضباط والخلاّقية والإبداع، حياة فيها الواقع الموضوعي والتطلع إلى المستقبل البعيد، عبادة وعمل، تصميم وإصرار مجبول بالإذعان. إنها أمور تبدو لنا متضاربة، إلا أنها في خاتمتها تسمو بنا عن حدودات الزمان والمكان وعن متعلّقات النفس البشرية، وتدعونا إلى إعادة شاملة لما يجول في خاطرنا من مواقف وتجارب في الحياة. إنه نهج من الحياة لا يعمل على تفحُّص ما بقرارة أنفسنا فحسب، بل وعلاقتنا الشخصية مع الآخرين وعلاقتنا مع الله سبحانه وتعالى – وهو عملية من شأنها أن تساعدنا حتماً في التعرّف على الهدف من حياتنا والمعنى الأسمى لوجودنا.(من كتاب-سيكولوجية الروحانية)



#راندا_شوقى_الحمامصى (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الخطبة المباركة(لحضرة عبد البهاء) باللّغة العربيّة في تونون ...
- نقطة تحول في مسيرة الحضارة الإنسانية
- شمس الحقيقة
- الإنسان وفصول الطبيعة
- الأمم المتحدة تفحص اسباب العنف ضد المرأة والفتيات
- موازين إدراك حقائق الأشياء
- السلام أيها الإنسان في كل مكان
- نحو الاتّحاد
- لماذا تتعدد الأديان وما سبب الاختلاف بين أتباعها2-2
- لماذا تتعدد الأديان وما سبب الاختلاف بين أتباعها1-2
- تحزّب العالم تحت عباءة الدين 3-3
- تحزّب العالم تحت عباءة الدين 2-3
- تحزّب العالم تحت عباءة الدين 1-3
- الدين واحد
- الإنسانية وصراعها اليوم
- وادي الفقر الحقيقي والفناء الاصلي- السفر السابع للسالكين إلى ...
- وادي الحيرة السفر السادس للسالكين إلى الوطن الالهي من المسكن ...
- وادي الإستغناء السفر الخامس للسالكين إلى الوطن الالهي من الم ...
- وادي التوحيد السفر الرابع للسالكين إلى الوطن الالهي من المسك ...
- وادي المعرفة السفر الثالث للسالكين إلى الوطن الالهي من المسك ...


المزيد.....




- تنامي الإسلام الراديكالي في بنغلاديش
- مصر تقضي بسجن إسرائيليين اثنين 5 سنوات للاعتداء على موظفين ب ...
- محافظ السويداء: الاتفاق مع وجهاء الطائفة الدرزية ما يزال قائ ...
- إيهود باراك يقارن بين قتال الجيش الإسرائيلي لحماس وقتاله لجي ...
- مصر.. سجن إسرائيليين بسبب واقعة -أحداث طابا-
- المصارف الإسلامية تحقق نجاحات كبيرة على حساب نظيراتها التقلي ...
- -الأقصر ولكن الأفضل-.. الرئيس الأوكراني يعلق على اجتماعه مع ...
- مصر.. فتاة ترفع الأذان داخل مسجد أثري يشعل  نقاشا دينيا
- خطوات تثبيت تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 TOYOUE EL-JANAH ...
- برازيليون يحولون نبات يستخدم في الاحتفالات الدينية إلى علاج ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - راندا شوقى الحمامصى - الروحانية نهج للحياة