فواد رشيد
الحوار المتمدن-العدد: 1186 - 2005 / 5 / 3 - 14:21
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
ان اجراء الانتخابات، كمشروع سياسي ومصيري مهما كان تفسيرنا وتقييمنا وتحليلنا لاستحقاقاته الايجابية او السلبية ونتائجه وآلية اجرائه، فانه في اخر المطاف يتم تنفيذه في العراق ايا كانت مردوداته ونتائجه التي يمكن ان تتعارض حتى مع تطلعات الشعب العراقي، وقد قلنا الكثير في هذا المجال واعلننا عن تصوراتنا ومفاهيمنا بصددها ولامجال هنا للغوص فيها بشكل مجدد.
ان الجبهة الاشتراكية والتقدمية لم يكن لها دور ملموس ومؤثر ومحسوس في العملية الانتخابية السابقة وبالطبع لهذه القضية اسباب واقعية ومادية معروفة من قبل الكثير.
كما ان مرور هذا المقطع التاريخي الحساس بعيدا عن تاثيرات القوى اليسارية والتقدمية يعني ايضا باننا لن نتمكن في الامد القريب وبخاصة في موضوع محدد الذي هو كتابة الدستور الجديد للعراق، من تحقيق مانستطيع تحقيقه ونكون مرة اخرى بعيدين عن دائرة التأثير على المجرى السياسي العراقي، ولست مقتنعا ايضا باننا سنتمكن من تجاوز ذلك بشكل فجائي ونصبح احد اللاعبين البارزين في الساحة السياسية. ولكن في نفس الوقت اود القول بان الجبهة اليسارية والتقدمية تستطيع ان تشارك بشكل فاعل ومحسوس وان تلعب دوره المشرف وهذا استنادا على حقيقة واضحة الا وهي ان احد اسباب ضعفنا وتحجيم دورنا وتاثيراتنا يكمن في عدم المضي قدما لتوحيد صفوفنا وابراز تيارنا كتيار متحد ذو برنامج سياسي واضح يتحدى كافة القوى الدينية والقومية واليمنية. والاسوء من ذلك هو المضي في اتجاهات عدة وحتى متعارضة مما ادى في نهاية المطاف الى هدر طاقاتنا وتبعثر صفوفنا.
ولست هنا بصدد التطرق الى تحديد المواقف السلبية لجهة معينة او عدة جهات، لان ذلك لن يخدم قضيتنا في الظرف الراهن بل ان الاهم من ذلك هو قبول التحدي في الامتحان الثاني (كتابة الدستور) الامتحان الذي ان نجحنا في ادائه قد يعوض بعض ما خسرناه في امتحاننا الاول( الانتخابات).
انني على يقين بان المشاركة الفاعلة لنا في كتابة الدستور ولعب دور محسوس ومؤثر لايعني انهاء الوضع المأساوي في عراق اليوم، ولكن رغم ذلك فان عدم المشاركة في هذا المجال تعني بشكل تلقائي باننا سنطلق العنان للقوى السياسية اليمنية في المجتمع لحشو الدستور بالرجعية والاستبداد وسيكون القوى اليسارية والتقدمية في طليعة المتضررين.
ان الدستور الجديد سيشكل بداية لحياة سياسية واقتصادية وثقافية جديدة في البلد ويحدد السمات والملامح الاساسية للمجتمع العراقي في المستقبل البعيد، وهنا يطرح السؤال التالي: ماذا يريد التيار اليساري والتقدمي ومالذي ينتظره؟
مع الاسف لايوجد حتى الآن تنظيم سياسي وجهة يسارية معينة تستطيع لوحده تغيير موازين القوى وتسجل لنا النقاط الايجابية، لذلك يمكن القول بان رص صفوف القوى اليسارية والتقدمية المناصرين للحرية والرفاهية يشكل الخطوة الاولى والضمان الوحيد لانجاز مايمكن انجازه ومنافسة قائمتنا لبقية القوائم القومية والطائفية والرجعية، وسنثبت للعالم اجمع بان العراق ليس فقط بلد القوميين والدينيين وان هناك جبهة اخرى يمثل تطلعات الشعب العراقي واثبتت وجودها في كتابة الدستور او حتى في معارضة الدستور الذي يتعارض مع تطلعات وآمال الشعب العراقي. ان عراق اليوم زاخر بالطاقات التقدمية والمدنية رغم كثرة التحديات وكثرة الهجمات الشرسة التي تستهدف كم الافواه واسكات الاصوات التقدمية والعلمانية والمدنية.
نحن اليسار والعلمانيين والديمقراطيين والتقدميين، نحن مناصري الحرية والرفاه والحياة المدنية، نختلف بالطبع في تصوراتنا وتفسيراتنا ورؤيانا وهذا لاغبار عليه ولاعيب فيه ولكن في نفس الوقت ثمة قضايا وامور سنكون مستفيدين او متضرريين لها بشكل مشترك، وان الدستور الجديد هو احد هذه الامور.
ان المساهمة الفاعلة بهذا الاتجاه السالف للذكرهي مسؤولية تاريخية تقع على عاتقنا وان التاخر واهمال هذه القضية المصيرية يسدد ضربة قوية للحرية والتقدم في العراق. لذلك من المهم ان نستفيد من هذه المحطة لتوحيد صفوفنا (حتى ولو كان ذلك في لحظة تاريخية واحدة كاضعف الايمان).
ان الانخراط في جبهة يسارية وتقدمية واحدة قد يشكل ضغطا فكريا وسياسيا على كل طرف على حدة، ولكن مزايا الدخول فيها ومانربحه ككل لاتقارن بمساوئها وبما نخسره في حال الاستمرار على الحالة الراهنة.
لقد آن الاوان للتقدم بهذا الاتجاه، فلنشكل جبهة ونجمع فيها كافة الاصوات المدنية والتقدمية والعلمانية معا لاجل:
1. العمل على التخفيف من حدة الخلافات فيما بيننا وتحديد وتوسيع النقاط المشتركة، ولايشكل ذلك طلبا ميكانيكيا بقدر ماهي امر يفرضه الواقع الراهن
2. العمل على تشكيل مركز خاص يحمل اسما معينا يعبر عن حملتنا لكتابة دستور تقدمي ومدني وعلماني.
3. اشراك كافة الجهات وحتى الشخصيات الاجتماعية والسياسية اليسارية دون تمييز والابتعاد قدر المستطاع عن المزايدات السياسية (الكمية!) والمراتبية في الجبهة، وهذه ايضا يفرضه الواقع الراهن وهو استجابة للمتطبات الموضوعية.
4. الشروع في تنظيم الاجتماعات وعقد الندوات والبدء بحملة اعلامية واسعة في داخل العراق وخارجه والعمل على تنظيم صفوف الجماهير لهذا الغرض.
5. المباشرة بالعمل لكسب الدعم المادي والمعنوي من قبل القوى التقدمية والانسانية لحركتنا ونشاطاتنا التي مر ذكرها.
6. ..............
انا لست الان بصدد بيان وتحديد كافة الجوانب المطلوبة لبرنامج كهذا ولكن من المستحسن ان نفتح باب المناقشة والبحث بغية مشاركة كافة الاصوات وذلك من اجل الوصول الى ادق الاطروحات والبرامج. واتمنى ان يكون هذه المساهمة المتواضعة يشجعنا لتحمل المسؤولية التاريخية الملقاة على عاتقنا وندرك اهمية وحساسية المرحلة الراهنة في خلق مجتمع مدني وعلماني وتقدمي.
فهلم جميعا لرص وتوحيد الصفوف، ولاتوجد مبررات لرفض هذه الوحدة.
#فواد_رشيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟