أوصمان خلف
الحوار المتمدن-العدد: 1183 - 2005 / 4 / 30 - 11:11
المحور:
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
بعد الإنتظار الطويل والُممل الذي أصاب المواطن العراقي لمدة قاربت ثلاثة اشهر على أعلان النتائج النهائية للأنتخابات ، وبعد أن لفظت حكومة السيد د.علاوي أنفاسها الاخيرة ، تم الأعلان عن حكومة السيد د. الجعفري ، بعد ولادة عسيرة ، هذه الحكومة ما ان ولدت حتى أصابت بعاهات مستديمة نتيجة الولادة الغير طبيعية لها .
كلما كان المواطن العراقي البريء المظلوم والمتاجر به من قبل معظم قادة الكتل السياسية العراقية ، يسأل قادة الائتلاف الشيعي ، عن سبب التاخير في تشكيل الحكومة الجديدة ، فكانوا يضحكون عليه و يتذرعون بذرائع واهية ، فمرة كانوا يرجؤونها الى عدم أتفاق السنة على أختيار ممثليهم ، ومرة يرجؤونها الى ظرورة مشاركة جميع العراقيين بتنوّعهم الديني و القومي و المذهبي ، ومرة يرجؤونها الى وجود حوار مع حكومة السيد علاوي( القائمة العراقية ) لأشراكها في الحكومة الجديدة ، ومرة يرجؤونها الى ضرورة مشاركة ممثلي الاحزاب و الاقليات التي لم تسنح لهم فرصة المشاركة في الانتخابات قبل حوالي ثلاثة اشهر ، ومرة يرجؤونها الى أن أختيار الوزراء سيتم على أساس الكفاؤة و السمعة بعيداً عن أُسس الطائفية و الدينية والقومية .
فتم الانتظاركل هذه المدة الطويلة ، ترقبا ًمليئاً بالامل في الاعلان عن تشكيل حكومة وحدة وطنية ،يعيد للعراقي أمنه وأستقراره ، ليعيش عيشاً سعيداً رغيداً ، ونوماً هانئاً بعيداً عن صوت الإنفجارات وأطلاق العيارات ، وسقط في فترة الإنتظار ، المزيد من الضحايا الابرياء ، ناهيك عن هدر المليارات و سرقة مثلها من أموال العراقيين ، تحت حجج و ذرائع لم يكن لها أي أساس من الصحة .
.
وأخيراً تم الاعلان عن الحكومة الجديدة التي سال لُعاب العراقيين لها ، وما ان تم الأعلان عنها حتى خاب ظن وامل المواطن الذي غُرر به ، فأصبح مرة اخرى ضحية للمزايدات السياسية وصولا للمناصب الوزارية أو الحكومية ، فالحكومة لم تكن مكتملة المناصب الوزارية ، وطفا على السطح منذ اللحظة الاولى من ولادتها ، الطابع الديني، فمازال هناك من الحقائب الوزارية الهامة و الكثيرة التي ظلت شاغرة او أُنيطت امر ادارتها بالوكالة على سبيل المثال وزارتي الدفاع و النفط ، ومن جهة أخرى ، فما ان انتهى السيد الجعفري من كلمته ، حتى تداخل حوالي 6 من عضوات و اعضاء الجمعية بمداخلاتهم فلم يُبد أحداً عن رضائه ، لطريقة أختيار الجعفري للوزراء ،عدا السيد عبد العزيز الحكيم رئيس المجلس الاعلى للثورة الاسلامية ، بالاضافة الى ان عدد من اعضاء الجمعية عبّروا عن سخطهم للطريقة التي تمت بها منح الثقة للحكومة الجديدة .ووردت ردود وتصريحات من شخصيات و ممثلي مختلف الكيانات العراقية بعد الأعلان ، وأهم تصريح بعد تشكيلة الحكومة هو تصريح السيد غازي الياور رئيس العراقي السابق الذي قال بأن الحكومة الجديدة لم تكن حكومة وطنية .
أن السيد الجعفري لم يكن موفقاً في التوافق بين المكونات المتنوعة للشعب العراقي ،فقام بزج الدين في السياسة ، وكان السيد علاوي قد حذّر مراراً وتكراراً من أستغلال نفوذ رجال الدين من قبل السيد الجعفري لأغراض سياسية . لقد ثُبت بأن السيد الجعفري رجل الدين وان كان حاسر الرأس و بالتالي لا يمكن ان يكون رجل سياسة عادل في بلد متعدد الاديان كالعراق حيث فيه المسلم ، الصابئي ، اليهودي ، ألأيزيدي ، المسيحي ،العلوي … ومتعدد القوميات أيضاً .
لكن ما اثار الأستغراب و الدهشة وهذا ما أريد التركيز عليه ، هو ان السيد د. الجعفري صرح مرارا و تكراراً بانه ( عمل ليل نهار لتشكيل هذه الحكومة التي تعكس التنوع العرقي و الديني للمجتمع العراقي ) و اضاف ان قائمة الحكومة الجديدة تضم ممثلين عن كل الجماعات العرقية و الدينية و عدد من النساء ، و هنا أذكّر السيد الجعفري ، بان تصريحه هذا عاري من الصحة ، و مندّد فيه وبشدة وهى تجنّي على الواقع و الحقيقة العراقيين ، لقد قُمتم كما فعل ذلك غيركم من قبلكم ليس لسبب سوى التعصب الديني الاعمى ، بأقصاء أبناء دينيين عراقيين عريقين مسالمين و قديمين بقدم وجود الحياة في بلاد الرافدين ، و هما أبناء الدين الأيزيدي و الصابئي بالاضافة التمثيل بوزارة يتيمة لأبناء الدين المسيحي ، من التمثيل في الحكومة التي قمتم بتشكيلها و فق أُطر دينية ضيّقة ، وعبّرتم عن نواياكم الحقيقية الغير وطنية من خلال تشكيلكم لهذه الحكومة التي وضعت مولوداً مشوّهاً مفقود الأطراف و بالتالي لن تستطيع الحركة ولن تلق الدعم لمواجهة الارهاب الذي سيزداد حتما ، وستراق المزيد من الدماء العراقية البريئة وستهدر المزيد من طاقات وثروات العراق .
نعم يا سيد رئيس الوزراء ، أقصائكم لأبناء هذين الدينين المسالمين ، وأديان أخرى لم يلق الى الشعور بالمسؤولية الوطنية الخالصة و التي كان من الواجب ان تتحلون بها بعيدا عن الانطواء الديني المتشدد والعنصرية الطائفية ، وهذا دليل قاطع يدحض الأدعاءات الصادرة منكم بأنكم تعملون من أجل مصلحة العراق بكافة أطيافه ، وفي حقيقة الامر انتم لا تعملون الا لمصلحة حزبكم باتجاهه الديني .
فقد تم توزيع 16 حقيبة وزارية لقائمة الإئتلاف الشيعي التي ينتمي اليها السيد د. الجعفري من مجموع 32 وزارة وهو نصف عدد الحقائب الوزارية التي تم الاعلان عنها دون أعطاء اية حقيبة وزارية للأيزيديين أو الصابئة ، ثم يأتي السيد الجعفري ليصرح بملأ فمه بانه عمل ليل نهارلتشكيل هذه الحكومة التي تعكس التنوع الديني و العرقي العراقي !
أن الأيام القادمة ، ستكشف مدى الخطأ الكبير الذي أرتكبته السياسيون العراقيون الذين يدعون ليل نهار بأنهم لا يعملون ألاّ من أجل مصلحة الشعب العراقي ، و الحقيقة أنهم لا يعملون ألاّ لمصلحة أحزابهم ومصالحهم الشخصية . ... فليكن الله في عون الشعب العراقي ...
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟