أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عماد يوسف - النظام الشمولي الأمريكي - الدكتاتورية المشرعنة-















المزيد.....

النظام الشمولي الأمريكي - الدكتاتورية المشرعنة-


عماد يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 1171 - 2005 / 4 / 18 - 10:42
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تميز النظام العالمي الجديد، بحرقه مراحل تاريخية كبرى لم تعرفها المجتمعات البشرية سابقاً، هذا من جانب، ومن جانب آخر تميز هذا النظام العالمي الشكل "الأمريكي المضمون والأدوات" بغياب الجانب الفكري( الذي لطالما رافق صعود القوى الكبرى على مر التاريخ ) في محاولته السيطرة على العالم من خلال التحكم المباشر بمقدراته البشرية والإقتصادية والعسكرية ، وقوده في ذلك طموح وجموح لرجالات السياسة الأمريكية من شاكلة المحافظين الجدد، وهذا يعني نظاماً شمولياً عالمياً، بمعنى تحول العالم إلى دولة واحدة تتبع للسلطة السياسية الأمريكية التي تغيب فيها كل أشكال النظام الديمقراطي في تعاطيها مع دول هذا العالم وشؤونها الداخلية والخارجية، فالحرب على العراق شنتها الولايات المتحدة الأمريكية بالرغم من كل الممانعات الدولية آنذاك، وبرغم كل أشكال الرفض التي شهدتها المظاهرات في شوارع دول العالم قاطبة، وذلك حين شكلت تحالفاً من دول ثلاث من أصل 180 دولة في العالم(أمريكا-بريطانيا-إسبانيا) وإتخذت ذالك القرار التاريخي بشن هذه الحرب تحت حجج واهية أثبت الزمن بطلانها وعدم صحتها، وهذا ماورد مؤخراً على ألسنة صقور الإدارة الأمريكية أنفسهم، حين صرح بوش من على منصة البيت الأبيض بأن تقارير الإستخبارات الأمريكية كانت خاطئة فيما يتعلق بأسلحة الدمار الشامل العراقية.هنا أستحضر مقارنة بسيطة مع دكتاتور طاغي كصدام حسين، حين كان يقتل مثلاً الكثير من المعارضين بسبب تقارير أمنية ربما كانت كاذبة في الكثير من الحالات، ولكن كان دائماً يسبق عندهم السيف العزل، والفرق الوحيد بين آليات الدكتاتورية الأمريكية والدكتاتوريات المحلية، بأن الأمريكيين يعترفون في بعض الأحيان بأخطائهم، وهذا ما لا نجده عند أنظمتنا الدكتاتورية الأبيّة النفس والروح .
هنا اللعبة مخابراتية، وفي أمريكااللعبة مخابراتية أيضاً، هنا العقول المخابراتية تخطط وتوجه، وهناك أيضاً العقول المخابراتية تخطط وتوجه، هنا تنطلق المخابرات من قوتها العسكرية والإقتصادية العظمى في مجتمعاتها وسيادتها على الناس من خلال النظام الذي تحميه وتمثله، وهناك أيضاً تستمد المخابرات قوتها من قوة أمريكا العسكرية والإقتصادية على العالم وسيادتها على القرار العالمي في غياب أقطاب أخرى لمراكز القوة العالمية، زعمائنا العظام مطلقي الصلاحيات ، يسخّرون كل هذه الصلاحيات لخدمة مصالحهم الشخصية ومصالح عائلاتهم والفئة القليلة التي تشكل أنظمتهم الديكتاتورية، وفي أمريكا جورج بوش وكونداليزارايس ومن لم شملهم من باقي الصقور الجارحة ، هم أيضاً لديهم صلاحيات مطلقة في حكم العالم وتوجيهه بما يخدم مصالحهم الشخصية وامتيازاتهم الرأسمالية، لدرجة أن كونداليزا رايس وفي مؤتمر صحفي لمدة عشر دقائق مثلاً؛ يمكن أن تضع خطة عمل لكل دول العالم وتوجه رئيس كل منها بما عليه أن يفعل ويتصرف في بلاده ومع بقية بلدان العالم ..
يمكن القول هنا ، بأن هذا النظام لا يحمل أي معاني أو قيم إنسانية سامية، وهذا الخطاب الديماغوجي في نشر الديمقراطية وحقوق الإنسان قد ظهر بهتانه من خلال الكثير من الأحداث التي ميزت مرحلة فرض إرادة هذا النظام على العالم، فإبتداءً بأبو غريب وفضائحه، وإنتهاءً بجولات ساترفيلد في بيروت لإعطاء التعليمات لبعض قوى المعارضة اللبنانية التي لا ترى، ولا يرى ساترفيلد أيضاً في مكوثه بينها في بيروت وتعليماته أي تعدي على السيادة الوطنية اللبنانية .
عندما جاء الإستعمار الأوروبي إلى البلدان العربية حمل معه في زمنه مفاهيم عصر الحداثة، وكان قد ترافق مع النتاج الفكري الأوروبي المستنير، بمعنى أنه وبرغم وجود حكومات أوروبية تسعى إلى توسيع نظامها الامبراطوري، مثل فرنسا وإنكلترا وإيطاليا وغيرها، إلاً أن هذه الدول كانت تحكمها روادع في مجتمعاتها لم يكن بالإمكان إلاّ أن تأخذها في الحسبان، وهذا طبعاً بمقارنة مع ما يحصل اليوم مع الولايات المتحدة التي تسعى إلى أمركة العالم . إتفاقيات سايكس بيكو خطط لها رجال السياسة في أوروبا، وليس المخابرات ، وكانت أغلبية تلك الإنتدابات هي من نتائج وإرهاصات حرب كونية هي الحرب العالمية الأولى، وفي ذلك الزمن كان هذا الشكل من أنظمة الإنتداب " كما سمّوه" مقبولاً لدى القوى العالمية الأخرى وخاصة المنتصرة في الحرب الكونية بإعتبار أن هذه من النتائج والغنائم الطبيعية للقوى المنتصرة، ولكن في الكثير من حالات الإستقلال العربية، خرج المستعمرون منها بضغوط من شعوبهم، ونعني هنا الشعوب الأوروبية إنطلاقاً من مفهوم حق الشعوب في تقرير مصيرها ومن مفاهيم الديمقراطية ومفهوم الأمة والمواطنة والنظام الجمهوري، والبرلماني والتعددية الحزبية وغيرها، وقد تركوا في كل المجتمعات العربية بذوراً ونواة لأنظمة الحكم الوطنية الليبرالية والتي ’قمعت فيما بعد و’دمرت من أنظمة الحكم الشمولية الدكتاتورية في العالم العربي. وهذا يعني بأن غالبية هذه الدول قد غادرت هذه المستعمرات بسبب ضغط الشارع والقوى المدنية والحكومات الأوربية، وذلك ليس بسبب تعرض هذه الدول الإستعمارية إلى القتل والتدمير في هذه البلدان ، ولكن بسبب ما حملت هذه القوى من مفاهيم وقيم تنتمي في الكثير منها إلى خطاب عصرالتنوير و الحداثة في أوروبا، ما يعني أن هذا الإستعمار قد واكبته تيارات فكرية كانت بشكل أو بآخر أحد ضوابط وكابح مهم لجموح هذا الإستعمار، وذلك بعكس ما حصل مثلاً في فييتنام، عندما خرجت منها أمريكا في عام 1973 بضغط من الشارع بسبب القتل والدمار الفظيعين الذين مني بهما الجيش الأمريكي هناك، حتى أن الغالبية العظمى من هذا الجيش عاد ليدخل إلى المصحات العقلية في أمريكا ووجد الكثير من الصعوبات في التأقلم مع الحياة المدنية الأمريكية.
طبعاً من نافل القول ؛ التمييز بين حالتين استعماريتين أحلاهما مرّ، ولكن بما أن التاريخ يكرر نفسه ويعيد إنتاج ذاته بمفاهيم مختلفة جاءت أسوأ من سابقاتها بكثير، فلينبري من يستطيع لدحض وتفنيد ما تعمل على نشره وتعميمه أمريكا، تغسل فيه عقول الناس ساعية لفتح الأبواب لإستعمار آخر، ولنسمّي الأمور بمسمّياتها؛ الديمقراطية الأمريكية، يعني الإحتلال الأمريكي، حقوق الإنسان الأمريكية، يعني حقوق سيادة الأمريكان على هذا المجتمع أو ذاك، إنتهاء عصر الديكتاتوريات يعني إنهاءها محلياً وإخضاعها للديكتاتورية الأمريكية العالمية، إلغاء المعتقلات السياسية العربية وإستبدالها بأبو غريب وغوانتامو، تدمير بذور الفكر العلماني العربي وإستبداله بالأنظمة السياسية الطائفية ، عزل الدين الإسلامي عن المسيحي وتحويلهما إلى كانتونات طائفية وعرقية وإثنية، ضرب المفهوم القومي العربي بوصفه الضامن الوحيد للهوية العربية، و إستبداله بالإنتماء القطري والإقليمي بعد أن ’يدمغ بخاتم الثقافة الأمريكية واسقاطاتها ..
لم تردد الولايات المتحدة يوماً، أو تعلن احترامها لرغبة الشعوب، أو حقها في تقرير مصيرها، وإختيار مستقبلها ونظامها السياسي الذي يتناسب مع تاريخها وتراثها الفكري والثقافي والحضاري، كانت أمريكا دائماً وصيّة على الشعوب المستضعفة وخاصة في الشرق الأوسط حيث بحر النفط الهائج . لا ينطبق ذلك على كوريا الشمالية لأن نظامها يمتلك السلاح النووي، ولا على كوبا التي لا تملك سوى قصب السكر وأنواع السيجار الفاخر، وهي لا تعني لإسرائيل شيئاً. هنا فقط في الشرق الأوسط منبع الديانات السماوية والحضارة الإنسانية الأولى، وحضور بني إسرائيل، هنا فقط يحب الأمريكيون أن يمارسوا بهلوانياتهم في نشر القيم الديمقراطية المنشودة .
السؤال الذي يطرح نفسه، ألم يكن بالإمكان أن تنجز هذه الشعوب مشروعها الوطني في التحول الديمقراطي؟ وهل تعجز هذه المجتمعات عن إنتاج ذاتها كمجتمعات حرّة تساهم في بناء الحضارة البشرية ويكون لها موقع المشارك الندّي لباقي دول العالم، ولماذا لم تعط أمريكا الفرصة لهذه الشعوب التي كانت قد بدأت فعلاً في النضال لتحقيق هذا التحول ؟! ولماذا لم تحاول أمريكا أن تسقط نظام صدام حسين بالطرق الدبلوماسية والسياسية ؟ وكان هذا ممكناً جداً ! السؤال طبعاً موجه للراغبين في حرق المراحل سريعاً بمد اليد للآخر الذي تنتفي معه كل أشكال العلاقة الندّية المتكافئة ..



#عماد_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإخوان المسلمين والشارع - المدني - السوري
- أمريكا في الشرق - العراق نموذجاً -
- في تجربة لجان إحياء المجتمع المدني في سوريا -- الضرورة- التح ...
- في التفاصيـــل ؟
- في بعض قضايا المعارضة السورية
- المجتمع المدني ودلالاته الوطنية


المزيد.....




- مجلس الأمن يناقش إنهاء مهمة البعثة الأممية في العراق
- سجال عراقي - أممي حول بعثة -يونامي-
- تصويت لحجب الثقة بحق رئيسة جامعة كولومبيا
- الخارجية الروسية: الأحاديث الغربية عن نية روسيا مهاجمة دول - ...
- إسبانيا تمنع سفينة تحمل شحنة أسلحة إلى إسرائيل من الرسو في أ ...
- مقتل 3 فلسطينيين بالضفة الغربية
- تونس تتحفظ على بعض النقاط في بيان -قمة البحرين- بخصوص القضية ...
- هزة أرضية تضرب ولاية البويرة الجزائرية
- الاستخبارات العسكرية الروسية: الناتو قدم لأوكرانيا 800 دبابة ...
- الأردن.. مقتل مهربين اثنين وإصابة آخرين خلال محاولتهم تهريب ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عماد يوسف - النظام الشمولي الأمريكي - الدكتاتورية المشرعنة-