أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - عبدالرحيم الكريمى - الديكتاتورية والحرية ضادان لا يتفقان















المزيد.....

الديكتاتورية والحرية ضادان لا يتفقان


عبدالرحيم الكريمى

الحوار المتمدن-العدد: 287 - 2002 / 10 / 25 - 03:13
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


ـــــــــــــــــــــــــــــــ

 

حينما يكون الفاصل الزمني بين الديكتاتورية والزج في السجون، والحرية وفتح أبواب السجون، يوما واحدا وبعض يوم، تحتاج هذه النقلة إلى وقفة للتأمل، فوجدت نفسي أتخيل ولو للحظة، إني كنت واقفا أو جالسا خلف قضبان سجنا ما في العراق،              في لحظة تلقى قرار العفو، وفتحت أبواب الزنزانة، وقالوا لي أخرج أنت حر، هل كنتني أصدق؟؟ الأبواب مفتوحة فعلاً، ويشدني نور الشمس للحرية أن أخرج من ظلام مستبد ظالم إلى النهار، ولكن ساقاي لا تقويان على حملي، غير مصدقتان تلك الخطوة التي لم تعتادهما طوال سنين سجنى، فقد كنت منذ لحظه في هذا الجب الرطب المظلم بقرار، وها أنا أجرني لنور الحرية بقرار، فأطرقت سمعي إلى سجاني وهو يزعق بنفس نبرة صوته التي دفعتني من ظهري إلى داخل الزنزانة يوم دخلت، لقد كان جلادا في دخولي، وجلادا في خروجي، فبنفس نبرة صوته يزعق أن اخرج، وكأنه يدفعني من ظهري أيضا أن أخرج من زنزانتي الصغيرة إلى زنزانتي الكبيرة، آه يا وطني.

 

لابد أنى كنت سأخرج هاتفا باسم صدام صاحب العفو، وأكيد كنت سأنسى لحظتها القانون!! أم أن صدام والقانون كلا واحدا، تماما كعزام الجاسوس الإسرائيلي الذي يعد له أن يخرج الآن من السجون المصرية بقرار، رغم إدانته بقانون، لم أعد أفهم وكنت محتاجا لوقت للتأمل، وسألت نفسي، من أقوى وأشمل القانون في بلادنا أم القرار، ولكن المهم أنى خرجت بعد أن عفى عنى صدام، فأفقت من هذا الكابوس وقلت بكل صوتي"أعوذ بالله".

 

قرار العفو هو بلا شك هدية صدام لشعبة الذي ذهب كله، عن بكرة أبيه إلى صناديق الانتخابات، وصوت 100% من الشعب العراقي، أو قل صوت الشعب العراقي بشكل مطلق لصدام، رغم ان اينشتين اثبت أن كل شيء في الدنيا نسبى، فتسائلت ألم يتخلف أحدا لظروف عائلية أو مرضية، أو لم يمت أحدا لحظتها، أم أن عزرائيل خاف لو نزل يقبض على روح أحد، يدخل السجن، المهم أن نسبة الحضور مائه بالمائة، والصوات أيضا نسبته مائه بالمائة، (على فكرة أنا كنت ساعتها في السجن وكنت قبل دخولي السجن أمتلك بطاقة انتخاب، قبل أن اصبح معارضاً للنظام)، وأظنها لم تلغى، ولا أدرى إذا كانوا قد صوتوا بدلا منى في صناديق الاستفتاء، إذا كانوا عملوها يبقى الحقيقة كتر خيرهم، قدروا ظروفي، وسألت نفسي بعد انتهاء ساعات عمل الاستفتاء، من الذي اخترع حكاية الاستفتاء، فهمسوا في أذني وقالوا دى حكاية مصرية منذ أحمس، فسكت، لأني دارس للتاريخ الفرعوني جيدا، ولم يكن أحمس عنده صناديق.       

 

في بلادنا الحرية تكون بقرار والسجن بقرار، وهذه نصف مصيبة، وتصبح المصيبة كاملة لو كان هذا القرار أو ذاك منطوق فردى، والحقيقة أن المنطوق الرئاسي لقرار العفو كان صدامياً، ولا أعتقد في وجود قانون وحالة الطوارئ في العراق أن مثل هذا القرار يكون منسجما مع الحالة العامة التي تعيشها العراق، فشعبه يعيش مثلنا منذ اكثر من عشرين عاما حالة الطوارئ، ويخضع لقانونها الجائر، الذي يسلب الشعب كل حقوقه القانونية والدستورية، ويجعله عرضه لبطش حكامه حسب أهواءهم وأمزجتهم الخاصة، ويعتبرون أنفسهم فوق القانون والدستور، في ظل أنظمة الحكم المطلق الشمولية التي نعيشها.

 

والقرار في توقيته وفى منطوقة محير، إذ يأتى بعد الإفراج عن أرشيف الكويت، حيث تحركت خمس شاحنات كبيرة من العراق إلى الحدود الكويتية تحمل كل ما استولت عليه العراق من مستندات أثناء غزوها، ثم يأتى قرار العفو بعد الاستفتاء على صدام حسين لحكم العراق سبع سنوات أخرى، وهو يجيء أيضا في ظل التهديد الأمريكي لغزو العراق بحجة نزع أسلحة الدمار الشامل التي يخفيها، ورغبة أمريكا الجامحة في تغيير صدام حسين، ثم يأتى في الوقت الذي تتحرك أمريكا فيه بكل اندفاعها إلى تكتيل المعارضة العراقية في الخارج، والتي تعانى من أحكام قضائية في العراق، وممتنعة عن الرجوع إلى الوطن، ثم يأتى أخيرا هذا القرار بالعفو مواكبا لمطلب كويتي يعضضه رأى عام في جامعة الدول العربية بالإفراج عن الأسرى الكويتيين لدى النظام العراقي.

 

في ظل تلك الظروف جميعا، أراني أقرأ قرار العفو على نحو  سياسي مرتبط بالشأن الخارجي وليس الداخلي في العراق، وأقصد انه قرار يحاكى ما يحيط بالعراق من مؤثرات خارجية، أكثر منه محاكاة للوضع الداخلي بالعراق، والإصلاح السياسي.

 

فالقرار يصب في اتجاه السياسة الخارجية للعراق في الأساس، فهو رسالة موجهة خاصة بعد نتيجة الاستفتاء المطلقة، إلى أمريكا أراها تحمل معنيين الأول أن حول صدام إجماع شعبي مطلق، وان باب العفو مفتوح لمن يريد العودة من المعارضة إلى الوطن، والثاني انه لا فائدة من اللعب بعيدا عن صدام في حكم العراق، وعلى من يريد التعامل مع العراق عليه التعامل مع صدام، بينما قرار العفو من جانب آخر في ارتباطه بفك اسر الأرشيف الكويتي، يحمل معنى المصالحة مع الكويت، خاصة لو شمل العفو الأسرى الكويتيين.

 

أما ما بقى من قرار العفو لمحاكاة الداخل، فهو بسيط وضئيل، وغير حقيقي، فمثل هذه القرارات المفروض أن تكون ضمن سياسة تعنى رغبة من السلطة في المصالحة الوطنية وفتح صفحة جديدة مع المعارضة بغية الوحدة الوطنية للجبهة الداخلية، ونهج يعترف بالقوى السياسية الأخرى، والتنظيمات والأحزاب الاخرى، ويرسى قاعدة الحوار بدلا من القمع والقتل والاعتقال سبيلا للاختلاف والاقتناع، وعادة ما تلجأ الحكومات إلي المصالحة الوطنية في حالة الشعور بالخطر على الأمة من التهديد أو العدوان الخارجي في الأساس، وهو ما ينطبق على الحالة العراقية، ولكن حينئذ يكون قرار العفو فقط لا يكفى للمصالحة الوطنية، إلا إذا كان دعائيا وذو أهداف بعيدة عن المصالحة الوطنية،   إذ لا يمكن فهم هذا القرار في سياق وإطار الأحكام العرفية وقانون الطوارئ.

 

 ورغم بريق قرار العفو وهالته المزغلله للعين، إلا انه لابد من القول انه بريق زائف، فخروجي من السجن ليس هو المعضلة الأساسية، رغم حقا أهميه هذا الخروج، إلا انه إذا لم يكن مسموحا بالحرية الحقيقية بالتنقل والاجتماع والتنظيم والنشر والمظاهرات والإضرابات وعقد المؤتمرات الشعبية، إذا لم يكن خروجي مقرونا بهذه الحريات، يبقى البريق زائفا، ويصبح خروجي من السجون العراقية خروج دعائي موظف إعلاميا لهدف آخر في نفس يعقوب، يبقى خروجا من السجن الأصغر إلى السجن الأكبر، وربما بانتهاء الغرض أو الهدف الحقيقي من قرار العفو تصبح العودة إلى السياسات القهرية أحادية النظرة والغير قابلة بالاعتراف بالغير السياسي شبه مؤكدة، خاصة في وجود حاله الطوارئ وقانونها البغيض، فقرار العفو يبقى حبر على ورق إن لم يترافق مع مجموعه من القرارات الأخرى المكملة في إطار منظومة متماسكة من الحريات والإصلاح السياسي والديموقراطية.

 

إن الحريات يا ساده لا تتجزأ، والدعوة إلى المصالحة السياسية دعوة نبيلة خاصة في وجود مثل هذه الهجمة الأمريكية الشرسة على بلداننا، والتي لا تلبس أن تنفك أزمة هنا إلا لتتعقد هناك، والتي تستدعى من كافة القوى السياسية التكاتف والتجمهر حول مصلحة الوطن العليا، في جبهة وطنية وديموقراطية تجيش كل قوانا وشعوبنا لمنازلة العدو الذي يصر على عدوانه علينا، وعقبال عندنا.

ـــــــــــــــــــ د. عبد الرحيم الكريمى ـــــــــــــــــــ 24 اكتوبر 2002 ـــــــــــ       

 



#عبدالرحيم_الكريمى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كوكب الأرض بين الأمركه والنظام العالمي الجديد
- حينما يختزل الوطن في رجل.. أو في لحظة تاريخية.. أو فكرة - مل ...
- التسوية السياسية مع إسرائيل بين الممكن .. والمستحيل


المزيد.....




- -طبيب العطور- بدبي.. رجل يُعيد رائحة الأحبة الغائبين في قارو ...
- -أمر أخلاقي وعادل-.. ترينيداد وتوباغو تقرر الاعتراف رسميا بـ ...
- السيدة الأولى للعراق شاناز إبراهيم أحمد تكتب لـCNN: فرسان ال ...
- السعودية.. تداول فيديو لمواطن يطلق النار من سلاحه بمكان عام. ...
- شاهد: -السحابة الخارقة- تضرب شمال فرنسا وهطول برَد بحجم حبة ...
- رصد طائرة غريبة وغير مألوفة في الولايات المتحدة
- مصر.. من هو إبراهيم العرجاني رئيس اتحاد القبائل العربية في س ...
- مشروبات كحولية لا ينصح بتناولها مع اللحوم المشوية
- أردى أحدها قتيلا.. شرطي أمريكي يخلص رجلا من أنياب كلاب شارد ...
- رئيس الوزراء الهنغاري: أوروبا تلعب بالنار


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - عبدالرحيم الكريمى - الديكتاتورية والحرية ضادان لا يتفقان