أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية - كتاب : نظام سورية القديم مقابل دم الحريري ، أو - خيار مايو - السوري !















المزيد.....



كتاب : نظام سورية القديم مقابل دم الحريري ، أو - خيار مايو - السوري !


المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية

الحوار المتمدن-العدد: 1163 - 2005 / 4 / 10 - 12:40
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


8.4.2005
صدر أول أمس في منشورات " المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة
في سورية " باللغة الإنكليزية ، سلسلة التحقيقات الخاصة ، كتيب / تقرير بعنوان An USA-Syrian Barter : The Ancient Regime of Syria For the Blood of al-Hariri
( مقايضة أميركية ـ سورية : النظام السوري القديم مقابل دم الحريري ) يقع في اثنتين وسبعين صفحة ، وهو من إعداد الدكتورة نعمى الخطيب والصحفي السوري نزار نيوف. ويتناول التقرير، الذي يوزع على المشتركين فقط ،احتمال إبرام صفقة أميركية ـ سورية تقوم على مقايضة دم الرئيس الشهيد رفيق الحريري بما يسميه الكاتبان " نظام سورية القديم " ، أي تلك البنى والهياكل ومراكز القوى التي ارتبطت تاريخيا بحزب البعث الحاكم منذ استيلائه على السلطة في العام 1963 ، ولا سيما في عهد الديكتاتور الراحل حافظ الأسد . حيث يعتقد الكاتبان أن دوائر صنع القرار في واشنطن ، وبعيدا عن الضوضاء والصخب الإعلامي الذي يتحدث عن الضغوط الأميركية على النظام السوري والتفكير بإسقاطه ، قد توصلت إلى خلاصة تقول بأن لا بديل للنظام السوري في الأفق المنظورسوى النظام نفسه ، بالنظر لعدم وجود معارضة قادرة على إدارة دفة البلاد ومنعها من الانزلاق نحو الفوضى كما حصل في العراق ، حيث أدى التدخل المسلح إلى ما أدى إليه رغم تمتع المعارضة العراقية ـ لأسباب تاريخية لا مجال لذكرها هنا ـ بحد أدنى من القوة اللازمة لقيادة البلاد نحو الاستقرار ولو تدريجيا . وهي ( أي الإدارة الأميركية ) باتت تعتقد أن تفكيك " البعث" يمكن أن يتم بأيدي تحالف طبقة الكومبرادور Comprador والمندرينات Mandarins ،التي ولدت في ركاب " التقاسم الوظيفي المافيوي " مع السوق الدولية ، والتي يمكن أن تكون " شريكا حقيقيا " للولايات المتحدة وإسرائيل والاتحاد الأوربي أكثر من أي فئة أخرى . ويرى الكاتبان ، في هذا السياق ، أن الخيار الغربي الآن هو ما بين رامي مخلوف من جهة ، ورياض الترك والإخوان المسلمين من جهة أخرى( بالمعنى الرمزي طبعا) . وقد اختار الغرب رامي مخلوف ، أو ما يسميه الكاتبان بـ " خيار مايو May Option" وأحيانا بـ " الخيار الإيطالي "! ونقدم فيما يلي ملخصا لأهم ما جاء في التقرير الذي يتضمن قائمة بأسماء الكوادر الحزبية والمخابراتية التي تطالب الإدارة الأميركية بإطاحتها ، و " التهم " الموجهة إليها أميركيا .

ملخص التقرير :
من المتوقع أن يعقد مجلس الأمن الدولي في غضون الساعات القليلة القادمة جلسة خاصة لمناقشة وإقرار مشروع القرار المتعلق بتشيكل لجنة تحقيق دولية خاصة بقضية اغتيال الرئيس الحريري . وبحسب المعلومات الراشحة من أوساط رسمية فرنسية ، فإن مسودة مشروع القرار قد صيغت من قبل دائرة المستشارين المقربين جدا من الرئيس جاك شيراك بعد تبادل وجهات النظر بين هذا الأخير والحكومتين البريطانية والأميركية ، وبعد الأخذ بعين الاعتبار التحفظات التي يمكن أن تبديها الصين وروسيا بشأن " حدود صلاحية اللجنة " وما إذا كان سيعطيها القرار المذكور " الحق في توسيع نطاق تحقيقاتها لتطال مسؤولين سوريين كباراً على الأراضي السورية " ، أم تقييد صلاحياتها بحيث " تقتصر على المسؤولين اللبنانيين ورجال المخابرات السورية الذين كانوا على الأراضي اللبنانية ساعة وقوع الجريمة " . وطبقا للمصادر الفرنسية نفسها ، فإن " تباين وجهات النظر بين واشنطن وباريس يدور حول هذه النقطة بالذات " . ففيما تأخذ واشنطن بـ " إطلاقية الصلاحيات " إلى الحد الذي تمكّنها من استجواب " أي شخص داخل لبنان وخارجه ، وبغض النظر عن مرتبته الوظيفية وحصانته ،يرى محققو اللجنة أن هناك فائدة من التحقيق معها " ، تأخذ باريس بـ " الحدود المقيدة " لأنها تخشى من " مرامي واشنطن التي يغريها الوضع الناشىء عن اغتيال الحريري بالذهاب إلى أبعد مدى ممكن ، وإلى الحد الذي يمكن معه إخضاع الرئيس السوري نفسه للاستجواب والتحقيق ، أو على الأقل التلويح بهذه الإمكانية ، من أجل استنزاف أكبر قدر ممكن من التنازلات السياسية من الرئيس السوري ، على اعتبار أن الأنظمة التوتاليتارية والديكتاتورية تميل دوما إلى مقايضة بقائها في السلطة ، وإن تحت أسماء وتجليات أخرى ، بمصالح السوق الدولية " . وتؤكد هذه المصادر على أن " رسائل جس نبض أرسلت من قبل القيادة الفرنسية إلى الرئيس السوري ، عبر القيادة المصرية ، تتعلق بالحدود التي يمكنه الذهاب إليها في تعاون حكومته مع لجنة التحقيق الدولية لجهة كل ما يتصل بأركان أجهزة مخابراته ، مقابل تعهد أوربة والولايات المتحدة بالحفاظ على استقرار نظامه واستثنائه شخصيا من أي محاولة لزجه في قضية اغتيال الحريري " . إلا أن الرئيس السوري ، بحسب هذه المصادر ، لم يقدم إي إجابة واضحة بهذا الشأن قبل أن تستجيب الأمم المتحدة للطلب الرسمي الذي أرسلته الخارجية السورية إلى الأمم المتحدة ، والذي تطالب فيه بحذف العبارة الواردة في تقرير لجنة تقصي الحقائق حول تهديدات أطلقها الرئيس السوري للمغدور رفيق الحريري صيف العام الماضي . وهو ( أي انتظار إجابة الرئيس السوري ) ما كان سببا في إرجاء مناقشة التقرير في مجلس الأمن حتى الأسبوع القادم بعدما كان مقررا يوم الخميس الماضي . ومن الواضح أن قيادة النظام السوري تدرك جيدا أن تثبيت هذه الفقرة المتعلقة بتهديدات الرئيس السوري للمغدور رفيق الحريري ، يمكن ـ من الناحية القانونية ـ أن يؤسس " ملف اتهام " للرئيس السوري بالوقوف وراء الجريمة . ففي الفقه الجنائي ، المحلي منه والدولي ، يكفي وجود شاهد واحد على الأقل تحت القسم لإثبات واقعة التهديد . ومن المعلوم أن هناك ثلاثة شهود ، بحسب النائب وليد جنبلاط ، يؤكدون على أن الرئيس المغدور أخبرهم بواقعة تهديد الرئيس السوري له . ولهذا يشعر النظام السوري بخطر حقيقي محدق به جراء هذه النقطة بالذات ، وليس جراء أي نقطة أخرى ، بما فيها إرغامه على الانسحاب من لبنان . ذلك لأن التحقيق مع الرئيس السوري يهشم هيبته في الشارع السوري ، وداخل النظام أيضا ، ويمكن أن يطلق سلسلة تفاعلات سياسية محلية وخارجية تؤدي إلى إطاحة النظام .
في السياق نفسه ، من الملاحظ أن كلا من سورية ولبنان قد ركزتا في رسائلهما إلى الأمم المتحدة على الفقرة السابعة من مشروع القرار ، والتي تدعو " جميع الدول والأطراف الى التعاون مع اللجنة وان يوفروا لها معلومات ذات صلة قد تتوافر لديهم تتعلق بالعمل الارهابي المذكور أعلاه". وتعتبر هذه الصياغة من نوع ما يطلق عليه أميركيا بـ " الغموض البنّاء " الذي يسمح بتأويل قانوني " مفتوح " قابل للترجمة القانونية التنفيذية ـ الإجرائية " حسب الحاجة " ، بما في ذلك ـ أساسا ـ تأويلها بالمعنى الذي يضع سورية ، جغرافيا ونظاما ، في إطار النطاق الذي يشمله عمل لجنة التحقيق العتيدة . ومن شبه المؤكد أن يتم تثبيت صيغة الفقرة السابعة من مشروع القرار كما هي ، بالنظر لأن " غموضها البنّاء" يتيح مجالا واسعا أمام فرنسا والولايات المتحدة للمناورة السياسية خلال الأشهر القادمة ، بحيث تلجآن للتلويح بالتحقيق مع الرئيس السوري ، وأي شخص آخر في نظامه ، عندما يكون ذلك ضروريا ! والواقع ، إن هذا يتيح للولايات المتحدة تنفيذ أجندتها لتغيير النظام السوري من داخله وبأدواته نفسها ، إذا لم تستجد تطورات دراماتيكية غير محسوبة ! [ ملاحظة من المحرر : صدر هذا التقرير أول أمس ، أي قبل تصويت مجلس الأمن على مشروع القرار . ويبدو أن قرار المجلس ، وكما توقع الكاتبان ، ثبّت الفقرة السابعة كما هي في المسودة . وقد جاءت على النحو التالي : يطلب (مجلس الأمن ) الى جميع الدول وجميع الأطراف ان تتعاون تعاونا تاما مع اللجنة وعلى وجه الخصوص ان تزودها بأية معلومات ذات صلة تكون في حوزتها فيما يتعلق بالعمل الإرهابي المذكور أعلاه ] .
في هذا السياق ، علينا أن نعيد إلى الأذهان أن بول وولفيتز ،نائب وزير الدفاع الأميركي الذي غادر وزارته إلى رئاسة البنك الدولي للتو، وفي شهادة له أمام لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ الأميركي بتاريخ الثالث من شباط / فبراير الماضي ، شكك بأن يكون الرئيس السوري بشار الأسد مسيطرا على الأوضاع في بلاده أو ممسكا تماما بزمام الأمور فيها . وقال وولفيتز " ان سلوك سورية الذي يقوض الديموقراطية في العراق المجاور يلقي بظلال من الشك على ما اذا كان الرئيس بشار الأسد هو من يدير دفة الأمور في سوريا" . وفيما نفى أن تكون الولايات المتحدة معادية لسورية ، أشار إلى أنه " من المفيد لفت الانتباه إلى من هو المسؤول ( في سورية ) . فهناك بعض الجدل في شأن ما اذا كان الرئيس الأسد ممسكاً تماماً بالزمام في سوريا أم لا. لكن ما نعرفه بالتأكيد هو ان هذه دولة بوليسية وان هناك من هو مسؤول، ولدينا لائحة بمن هم أرفع 12 مسؤولاً هناك. وجميعهم يتحملون بعض المسؤولية". وفي معلومات خاصة حصل علينا من مصادر أميركية وفرنسية متطابقة في باريس ، علم أن الإدارة الأميركية لم تكتف بتسريب الرقم 12 إلى وسائل الإعلام ، بل طلبت من الرئيس بشار الأسد التخلص منهم " ، فضلا عن مجموعة أخرى من القيادات الوسيطة ، إذا كان جادا فعليا في تعاونه مع الولايات المتحدة ، وصادقا في تأكيداته للإدارة الأميركية بأن القرار السياسي والأمني في سورية يعود له في اتخاذه وليس إلى مراكز قوى أفلت من يديه زمام السيطرة عليها وعلى نشاطاتها في المنطقة ، لا سيما في لبنان والعراق " حيث تؤكد الإدارة الأميركية بلا انقطاع على أن لديها ما يثبت " تورط مسؤولين سوريين كبار في دعم العمليات الإرهابية في العراق والسيطرة على لبنان " . فمن هم هؤلاء المسؤولون ، وكيف تنظر الإدارة الأميركية إلى خطورتهم على مصالحها في العراق ولبنان ، وما هي التهم التي توجهها لهم ، وأي معايير استخدمتها لتحديد مسؤوليتهم وطبيعتها ، وما المعلومات غير المعروفة عنهم ؟
" المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية " حصل على قائمة بأسماء هذه الدزينة من المسؤولين الذين وضعت لهم الإدارة الأميركية اسما كوديّاً هو " عصابة الدزينة في سورية " . وفيما يلي كشفا بأسمائهم وبالتهم المسندة إليهم أميركيا ( الملحق رقم 1 في التقرير ) :
1ـ عبد الحليم خدام ـ نائب رئيس الجمهورية : وتعتقد الإدارة الأميركية بأنه " المشرف الأول على التمرد السني في العراق " ، وبأنه هو من كان وراء رفض " هيئة علماء المسلمين " المشاركة في الانتخابات العراقية . وقد أشارت الإدارة الأميركية في طلبها المذكور أعلاه إلى أن " لديها معلومات موثقة من شيوخ عشائر عراقيين على صلة بحارث الضاري ( رئيس الهيئة المشار إليها ) تؤكد بأن خدام هو الذي حرض الهيئة والعديد من شيوخ العشائر السنة على الامتناع عن المشاركة في الانتخابات على اعتبار أن ذلك هو موقف القيادة السورية ، في الوقت الذي كان فيه الرئيس بشار الأسد قد أكد لمعاون وزير الخارجية الأميركية ريتشارد أرميتاج ، خلال زيارته مطلع العام الحالي إلى دمشق ، بأن سورية " لا تمانع من حيث المبدأ في إجراء الانتخابات ، ولن تتدخل في الأمر ، ولن تطلب من أي من الأوساط العراقية مقاطعتها " . ويعتبر خدام " الواجهة السياسية " لما يسمى بـ " الحرس القديم " . ويرتبط باسمه " الهجوم المضاد " الذي قادته السلطة اعتبارا من شباط / فبراير 2001 ضد الحراك الذي بات بعرف باسم " ربيع دمشق " ، والذي أسفر عن اعتقال عشرة من رموز هذا الحراك في مقدمتهم رياض الترك والنائب المستقل رياض سيف ـ الممثل السياسي الأبرز لـ " المشروع البرجوازي الوطني الديمقراطي " في سورية بطبعته الحديثة التي تشكل ، بشكل أو بآخر ، امتدادا ولو مقطوعا للمشروع البرجوازي الديمقراطي الذي أجهز عليه " البعث " بانقلابه العسكري في آذار / مارس 1963 .
2 ـ فاروق الشرع ـ وزير الخارجية : وترى فيه الإدارة الأميركية " لسان الحال الديبلوماسي Diplomatic Spokesman " المعبر عن مواقف " تحالف كبار ضباط الجيش والمخابرات ممن يعتبرون عماد الحرس القديم وقوته الضاربة " . ويعتقد على نطاق واسع بأنه هو من ورط القيادة السياسية السورية في مواقفها الارتجالية التي أدت بها إلى الصدام مع واشنطن على خلفية القضيتين اللبنانية والعراقية . وذكرت مصادر أميركية لـ " المجلس " بأن خدام والشرع موضوعان على رأس لائحة الأسماء " التي سيطيح بها المؤتمر العاشر لحزب البعث الحاكم في حزيران / يونيو القادم بناء على طلب واشنطن " ، إن لم تطح بهما أحداث طارئة تسبق المؤتمر ! ومن المعتقد أن " قطف" رأس فاروق الشرع لن يقف دونه الدعم الكبير الذي يحظى به من قبل ما يسمى بـ " الحرس القديم " ، الدعم الذي هو في جزء منه حصيلة زواجه من سيدة " تنحدر من الطائفة العلوية " وفق ما يقوله مصدر حزبي بعثي . ورغم أن الشرع حاول بعد وفاة الأسد الأب تحجيم تدخل المخابرات العسكرية في الأمور " الإدارية والديبلوماسية " لوزارة الخارجية ، إلا أنه بقي في الجوهر وفيا بولائه للتحالف المشار إليه . ويذكر في هذا الصدد أن الشرع كان في العام 2000 وراء قرار بحل مشكلة جوازات السفر للآلاف من الإخوان المسلمين عبر إعطاء القنصلية السورية في جدة بالمملكة العربية السعودية الضوء الأخضر للقيام بهذه المهمة . إلا أن المخابرات العسكرية أرادت أن توحي للإخوان المسلمين بأنها هي التي تقف وراء المشروع من أجل كسب " ودهم" ، حيث طالبت أحد الموظفين القنصليين بإبلاغ المراقب العام للإخوان المسلمين السيد علي صدر البيانوني بذلك . وقد قام هذا القنصل بترتيب الأمر . إلا أن قيام البعض في السفارة ببيع جوازات السفر قد حال دون ذلك ، وأدى ـ من جملة ما أدى إليه ـ إلى فرار الموظف القنصلي إلى الخارج والذي تتهمه السلطة الآن ، مع آخرين ، ببيع جوازات سفر لمنظمات أصولية حقيقية أو وهمية !
3ـ اللواء المتقاعد محمد سعيد بخيتان ـ رئيس مكتب الأمن القومي ( مدير إدارة الأمن الجنائي ومحافظ حماه سابقا ) : وتتهمه الإدارة الأميركية باستخدام نفوذه المزدوج ، كرئيس لمكتب الأمن القومي من جهة و العشائري من جهة أخرى ، في إنشاء صلات مع العشائر السنية العراقية وتأمين وصول الدعم اللوجستي للإرهابيين العراقيين . ذلك لأن السيد بخيتان ينحدر من منطقة تدمر الصحراوية التي تتمتع رموزها الاجتماعية ـ العشائرية بعلاقات تاريخية وثيقة مع العراق تعود في جذورها إلى عشرات السنين ، وبعضها يرقى إلى القرن التاسع عشر . وتعتقد الإدارة الأميركية بأن السيد بخيتان قد عزز " نفوذه العشائري " خلال فترة خدمته كمحافظ لمدينة حماة التي تعتبر هي الأخرى ، وبشكل خاص ريفها الفلاحي ـ البدوي ، على علاقة تاريخية بالعراق . وهو الآن ـ كما تعتقد واشنطن ـ يستخدم هذا الرصيد من العلاقات أيضا في " إدارة الحرب السنية العراقية ضد الحكومة المؤقتة وقوات التحالف " . وكانت تقارير صحفية قد أشارت إلى أن المئات من ريف حماة قد ذهبوا إلى العراق كمتطوعين لصالح الجماعات الإسلامية المقاتلة . وقد ذكرت بالاسم بلدة " طيبة الإمام " التي " أرسلت وحدها أكثر من سبعين متطوعا إلى العراق".
4 ـ اللواء غازي كنعان ـ وزير الداخلية : وقد ذكرت مصادر موثوقة أن الإدارة الأميركية قد قلبت له ظهر المجن منذ عدة أشهر بعد " شهر عسل " امتد لأكثر من عشرين عاما من التعاون الأمني في لبنان فيما يتصل بشؤون المنظمات الإرهابية . وتتهم الإدارة الأميركية كنعان بأنه " كان المشرف الأعلى على عملية تهريب الأموال العراقية إلى سورية ولبنان " . وفي هذا الإطار تعتقد الإدارة الأميركية بأنه هو من أرسل النائب إيميل إيميل لحود ( نجل الرئيس اللبناني ) و كريم بقرادوني واللواء جميل السيد مدير الأمن العام اللبناني إلى العراق قبل سقوط نظام صدام بشهرين لنقل الأموال العراقية إلى المصرف المركزي السوري والمصرف التجاري السوري وبنك المدينة في بيروت . وبأنه ضالع في إدارة تمويل الجماعات الإرهابية في العراق . وتؤكد مصادر فرنسية أن " ضغوطا هائلة تجري بعيدا على الأضواء لإطلاق سراح المديرة التنفيذية لبنك المدينة رنا قليلات ، التي تتمتع بحماية كنعان و " أزلامه " في لبنان وهي في سجنها ، ونقلها إلى الخارج للتحقيق معها حول ضلوع بنك المدينة بقضية أموال صدام " . وتتخوف هذه المصادر جدّيا من " إقدام شبكة غازي كنعان في لبنان ، وبشكل خاص اللواء جميل السيد ، على تصفيتها داخل السجن لقطع الطريق على أي محاولة دولية لفتح هذا الكنز الهائل من المعلومات " . ولذلك ـ تقول هذه المصادر ـ حرصت السفارة الأميركية على تنبيه الحكم اللبناني إلى أنه سيتحمل المسؤولية كاملة عن أي أذي قد تتعرض له هذه السيدة ، والذي سينظر له على أنه من قبيل " عمل يهدف إلى إخفاء معلومات عن محققي مكتب المباحث افيدرالي FBIوالبنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي " الذين زاروا بيروت في الخريف الماضي كبعثة تحقيق في مصير ما بات يعرف بـ " أموال صدام " . وقد أكد لنا John Walzer و Thomas Vinton هذه المعلومات خلال ريارتهما لنا في باريس العام الماضي لإجراء تقاطع بين المعلومات التي حملاها من بيروت والتقارير التي نشرناها حول هذه القضية . كما التقى المحققان ، للغرض نفسه ، الصحفي اللبناني بيار عطا الله( مراسل “النهار” في باريس). والمحققان المشار إليهما يعملان مع مؤسسة Fortress Global Investigations التي تعتبر أكبر شركة تحقيقات خاصة في الولايات المتحدة (www.fortressglobal.com ). [ ملاحظة من المحرر : نقلت وسائل الإعلام اللبنانية يوم أمس ، وبعد صدور هذا التقرير ، خبرا مفاده أن رنا قليلات تم تهريبها فعلا إلى الخارج بجواز سفر مزيف ( كونها ممنوعة من السفر )صادر عن إحدى دول الكومنولث البريطاني ، مستخدمة أحد اليخوت مجهولة المالك . وأنها أصبحت في مصر ، وهي في طريقها إلى إحدى الدول الغربية ] .
5 ـ اللواء محمد منصورة ـ رئيس الشعبة السياسية في وزارة الداخلية : وينظر إليه بحق على أنه " المرجعية صاحبة الفيتو " على كل ما يتعلق بالشأن العراقي . فعلى مدى يقارب ربع قرن من رئاسته لفرع الجزيرة في المخابرات العسكرية ( مركزه مدينة القامشلي شمال شرق سورية ) ، وبفضل الملفات التي كلّف بالإشراف عليها من قبل الرئيس الأسد الأب والعماد علي دوبا ـ الرئيس الأسبق للمخابرات العسكرية و " بانيها وصانع أمجادها " الحقيقي ، استطاع منصورة أن يكوّن من نفسه قطبا مركزيا ، ليس على صعيد القضايا الداخلية وحسب ، بل وعلى صعيد الملفات الإقليمية والداخلية المرتبطة بها أيضا ، كملف القضية الكردية والعراق وتركيا . ( انظر البروفيل السياسي والأمني الذي نشره " المجلس" مؤخرا لمحمد منصورة ـ ملاحظة من المحرر ) .
6 ـ اللواء آصف شوكت ـ الرئيس الحالي لشعبة المخابرات العسكرية : صحيح أنه من الصعب إثبات ضلوع شوكت بجرائم ضد حقوق الإنسان على الصعيد الداخلي ، كما هي حال بقية ضباط الشعبة ممن هم من " جيله الأمني " أو ما قبله ، أو على الصعيد الإقليمي ( في لبنان أو العراق ) ، بالنظر إلى أنه لم يكن في موقع قيادي يسمح له بذلك ( الفرع 293 الذي كان يرأسه معني بشؤون أمن القوات ) ؛ إلا أن ما لا يقل صحة هو أن " موقعه العائلي " كصهر للرئيس ، سمح له بإقامة " شبكة تجارية مافيوية " يديرها شقيقه ، على ما يقول المقربون منه . وقد امتد نشاط هذه الشبكة إلى ما يتجاوز الحدود السورية . وتشير معلومات موثوقة أن كفة آصف شوكت قد بدأت بالرجحان على كفة خصمه اللدود ماهر الأسد لدى الرئيس السوري . ولا يغير من هذه الحيقية شيئا أن كلا منهما عضوان في " مجلس الستة " الذي يتخذ القرارات الكبرى في سورية ، ومن ضمنها ـ طبقا لمعلومات فرنسية ـ القرار المتخذ بإعدام رفيق الحريري !
خلال زيارته السرية لفرنسا في يومي التاسع عشر والعشرين من الشهر الماضي ، وهو ما كشفت عنه منظمة " المجلس الوطني للحيقية والعدالة والمصالحة في سورية " في حينه ، حاول شوكت تقديم نفسه لفرنسا على أنه " البديل الذي لم تتلوث يداه بالدم كبقية أعضاء نواة النظام " ، ووصل به الأمر إلى حد وصف شقيق زوجته ، ماهر الأسد ، بأنه " قصي الأسد التكريتي " ،مقارنة لدور هذا الأخير في سورية بدور قصي صدام حسين في ظل النظام العراقي السابق ، كما يؤكد المصدر الفرنسي . بل إن المصدر ذهب إلى حد التأكيد على أن " آصف شوكت ألمح للمسؤولين الفرنسيين بأن شقيق زوجته ضالع حتى أذنيه بجريمة اغتيال الحريري " . إلا أن الفرنسيين ـ يقول المصدر ـ تعاملوا مع أقوال شوكت واتهاماته لماهر الأسد " بحذر شديد " خشية أن تكون " محاولة منه لتصفية حساب قديم ، أو ثأرا سياسيا على خلفية إطلاق النار عليه من قبل ماهر الأسد في العام 2000 ، أو إبعادا للشبهة عن نفسه " . ويضيف المصدر " إن هناك نظرية يجري تداولها في الأروقة الأمنية الفرنسية والغربية تفيد بأن الجناح الإصلاحي في النظام السوري ، الذي يحسب عليه آصف شوكت ، قد يكون هو الآمر الفعلي بتصفية رفيق الحريري من أجل خلق مفاعيل وتداعيات تتيح للرئيس السوري القضاء على الحرس القديم تحت حماية أوربة والولايات المتحدة " .
7 ـ اللواء المتقاعد هشام بختيار ( الاختيار ) ـ مدير إدارة المخابرات العامة : وتعتقد الإدارة الأميركية بأنه " ضابط الارتباط " بين النواة الصلبة للنظام السوري والقيادة الإيرانية ، ولا سيما الحرس الثوري الإيراني وجماعة المرشد علي خامنائي ، بسبب " جذوره الإيرانية الشيعية التي كانت العامل الأساسي في اصطفائه من قبل الرئيس الراحل حافظ الأسد ليكون أحد أركان النظام " ، كما يقول مصدر أميركي . ووفقا لهذا المصدر ، فإن هشام بختيار " متهم مع آخرين ، وبشكل خاص اللواء مصطفى التاجر الذي قتل في ظروف غامضة في آب / أغسطس 2003 في مزرعة المنصورة التي يملكها في ريف حلب ، بالإشراف على عمليات الاتجار بالمخدرات المزروعة في البقاع اللبناني ، واقتناء ورش workshops تزوير العملات الأجنبية ، وبشكل خاص الدولار الأميركي من فئة 100 دولار و 20 دولارا " . وهو إلى ذلك ، بنظر العديد من المعتقلين السياسيين السوريين ممن لهم تجربة خاصة معه ، يعتبر من أكثر ضباط المخابرات " دموية ووحشية " في تاريخ هذا الجهاز . وبعد العام 2000 حاول التقرب من العديد من هؤلاء المعتقلين السابقين ، سواء في مكتبه كرئيس لفرع هذا الجهاز في دمشق أو في مكتبه بمنطقة دوّار كفر سوسة بعد أن أصبح مديرا لإدارة المخابرات العامة ، في محاولة يائسة منه لمحو صورته البشعة في أذهانهم . وتبرز في هذا المجال صلته وعلاقته المكشوفة بـبعض أعضاء مجلس أمناء " لجان الدفاع عن الحريات الديمقراطية وحقوق الإنسان " بعد إعادة تأسيسها في صيغتها الجديدة ، حيث كان يستقبلهم بشكل دوري ( غالبا يوم الخميس من كل أسبوع ) لتأمين جوازات سفر لبعض المعارضين الممنوعين من السفر ، دعما منه لـ " اللجان " ومساهمة منه في تلميع صورتها . وقد أدى هذا إلى خلاف ثم انشقاق في هذه المجموعة أسفر في النهاية عن خروج عدد من الكوادر مثل حازم نهار وعفيف مزهر وجديع نوفل وآخرين!!؟؟ وهذه من عجائب سورية التي تستحق التأمل بل وحتى .. الجنون !
8 ـ اللواء بهجت سليمان ـ رئيس الفرع الداخلي ( 251 ) في إدارة المخابرات العامة : وكانت الإدارة الأميركية ، إلى ما بعد إسقاط النظام العراقي بقليل ، تقوّمه على أنه " أحد أعضاء الفريق الخاص بالرئيس بشار الأسد ، ويمكن التعاون معه والثقة به بسبب ثقافته السياسية وحرصه على تقديم نفسه لمحدثيه المحليين والأجانب كمثقف لا كرجل مخابرات " . وتعترف الإدارة الأميركية في الملف الذي أعدته عن هذا الرجل بأنه " يمكن أن يكون وجها حداثيا لنظام منفتح وأكثر تسامحا يقوده بشار الأسد . خصوصا بعد أن نجح في استقطاب عدد من أبرز الوجوه الثقافية والصحفية التحديثية التي لا تعتبر مكونا عضويا من مكونات النظام ومؤسساته بالمعنى التقليدي للانتماء ، مثل الكاتب المشهور ميشيل كيلو الذي يعتبر أحد أهم استطالاته في " الشارع الثقافي " السوري ، وصاحب نشرة " كلنا شركاء" المهندس البعثي أيمن عبد النور ومراسل " الحياة " في دمشق ابراهيم حميدي ، ومحمد جمال باروت ، وبالتالي لا تشكل استفزازا للنخبة الثقافية السورية أو تكون محط احتقارها " . غير أن هذا التقويم " الإيجابي" لشخصية بهجت سليمان ، الذي افتتح سباقا محموما بين ضباط " سرايا الدفاع " للحصول على شهادة الدكتوراه ولو بطرق ملتوية ( من جامعات أوربة الشرقية ) ، سرعان ما تغير بعد أن اكتشفت هذه الإدارة أن " الدكتور" بهجت سليمان ليس أكثر من " مقاول ـ شريك co-entrepreneur لعمليات الإرهاب في العراق " . وأصبحت تتهمه بأنه " أنشأ مع مفتي حلب ، الشيخ أحمد حسون ، شركة لإنتاج وتصدير الإرهابيين إلى العراق . حيث يقوم المفتي حسون بتجنيد الشبان من الأوساط الشبابية التي تؤم المساجد ، ومن ثم تقديمهم للجنرال سليمان الذي يتولى بقية العمليات اللوجستية المتعلقة بتدريبهم بعد إرسالهم إلى معسكرات الحرس الجمهوري في جديدة شيباني Jdaydet Shibani في حوض وادي بردى غربي دمشق ، بحكم علاقته مع ماهر الأسد ، ومن ثم تأمين إرسالهم إلى العراق " . ويشير " الملف الأميركي " لبهجت سليمان إلى أنه " جنى عشرات الملايين من الدولارات جراء القيام بهذا النوع من (مقاولة الإرهاب) ، إما من أموال العراق التي هربها صدّام ، أو من الأموال التي توفرها شبكات التمويل الإسلامية التي يعتبر الشيخ أحمد حسون أحد أبرز ممثليها في سورية " . والجنرال سليمان ، إلى ما تقدم ، يعتبر أحد أكثر شخصيات النظام " إثارة للجدل " ، لجهة سيرته الشخصية . فهو حصل على درجة الدكتوراه في نظريات الاقتصاد ـ السياسي الماركسي الجديد ( أو ما يسمى " اليسار الجديد " أو " مدرسة التبعية " ) من جامعة بودابست في هنغارية حين كان لم يزل يخدم برتبة صغيرة في " سرايا الدفاع " التي كان يقودها رفعت الأسد قبل حلها أواسط الثمانينيات الماضية .الأمر الذي حرض هذا الاخير على السعي من أجل الحصول على لقب مواز من جامعة موسكو عن أطروحة كتبها له ( كما قال لنا الصحفي والمستشرق الروسي سميرنوف في شهادته الشخصية ) الصحفي والمترجم الكردي السوري زياد الملا ( عضو الحزب الشيوعي السوري ـ جناح بكداش !!؟) الذي كان يعمل في مكتب وكالة أنباء نيفوستي بدمشق . ويصف رجل الاستخبارات ( أو الديبلوماسي ) الأميركي المغفل الاسم الذي وضع ملف بهجت سليمان بأن هذا الأخير " يمتلك قرون استشعار بالغة الحساسية إزاء التغيرات غير المنتظرة في الطقس السياسي، لا تمتلكها إلا القوارض و الحراذين البرية Lizards . وهو ما مكنه من التخلي في وقت مبكر نسبيا عن سيده رفعت الأسد والالتحاق بشقيقه حافظ إبان أزمة الصراع على السلطة مطلع الثمانينيات الماضية ". ولعل الإهداء الذي وضعه الجنرال سليمان على أطروحته بعد طباعتها ونشرها، يكفي بذاته للتعبير عن " التكوين الإشكالي " في شخصيته . فقد جاء الإهداء مشبعا بعبارات الإطراء والإجلال لكل من فيلسوفي الحزب الشيوعي اللبناني ، واليسار العربي عموما ، حسين مروة ومهدي عامل ( حسن حمدان ) اللذين صفتهما ـ مع أعضاء آخرين في الحزب الشيوعي اللبناني مثل سهيل طويلة ـ حركة " أمل " الشيعية بأوامر مباشرة من قائدها نبيه بري ( الحليف اللبناني الأقرب للنظام السوري وأجهزة مخابراته ) في العام 1987 ، وفي رواية أخرى " حزب الله " بأمر من المخابرات الإيرانية ! وتشير معلومات أخرى إلى أن أوامر تصفيتهما جاءت من اللواء عزت زيدان( المنحدر من قرية دوير رسلان في ريف طرطوس ) قائد الفرقة 14 " الخاصة " ، المكونة من بقايا " سرايا الدفاع" المنحلة ، ووحدات منتخبة من " القوات الخاصة " التي كان يقودها اللواء علي حيدر الذي كان طرفا أساسيا في الصراع مع رفعت الأسد في أزمة العام 1984 المعروفة . وكانت هذه الفرقة قد دخلت بيروت قبل فترة من ذلك الوقت لوقف العملية المشتركة التي قادها الحزب التقدمي الاشتراكي بقيادة جنبلاط ، والحزب الشيوعي اللبناني ، لتطهير بيروت من " زعران حركة أمل الذين عاثوا فسادا وتخريبا وإجراما في المدينة " ، حسب تعبير قيادي شيوعي لبناني في شهادته الخاصة لنا حول تلك الأحداث.
في السياق نفسه ، يؤكد الكاتبان أن بهجت سليمان جدد خلال الأشهر الأخيرة صلاته القديمة برفعت الأسد ، وقد طرح عليه فكرة العودة إلى البلاد بالنظر لأن " وجوده في سورية الآن ذو أهمية بالغة " ، وفق ما قاله لنا رجل أعمال سوري قام بدور الوسيط بين الرجلين . [ ملاحظة من المحرر : أكد مراسل صحيفة البيان الإماراتية قبل أول أمس ، وبعد صدور هذا التقرير ، أن رفعت الأسد عاد إلى سورية وتم تكليفه بالاتصال بالقوى والفعاليات اللبنانية في الشمال ] .
9ـ العقيد ماهر الأسد ( شقيق الرئيس بشار الأسد ، والقائد " الفعلي " للحرس الجمهوري ) : رغم أنه مصنف في بعض التقارير الاستخبارية الغربية على أنه " أحد دعائم التحالف التكنوقراطي ـ الليبرالي الذي يساند الرئيس بشار الأسد في مواجهة ما يطلق عيه اسم الحرس القديم " ، إلا أن مراجعة لهذا التصنيف من المؤكد أنها قد حصلت بعد سقوط نظام صدام و حدوث انعطافة حاسمة في " الموقف " الاستراتيجي للنظام السوري . وجاءت هذه المراجعة إثر " وضع الأجهزة الأمنية الأميركية في العراق أيديها على وثائق تثبت ضلوع ماهر الأسد في تأمين الدعم اللوجستي للإرهابيين الذين يدخلون من الأراضي السورية ، بالتعاون مع اللواء بهجت سليمان وثيق الصلة به ، وأحد حلفائه الأساسيين داخل هرم النظام " . وتؤكد تقارير استخبارية فرنسية وبريطانية ، مصدرها المخابرات الأردنية ، أن ماهر الأسد اجتمع مرة واحدة على الأقل في السفارة الأميركية بعمّان مع رجال أعمال إسرائيليين موفدين من قبل رئيس الوزراء الإسرائيلي آرييل شارون . وطبقا لهذه التقارير ، فإن الاجتماع كان أواخر تشرين الثاني / نوفمبر 2003 بطلب من ماهر الأسد شخصيا . وفي معلومات خاصة حصلنا عليها من أوساط أردنية قريبة من مجلس الأعيان الأردني ، فإن ماهر الأسد " كان قد فرّ بتاريخ 26 من الشهر المذكورمن سورية الأردن مع ضابطين في الحرس الجمهوري ( العميد بشير قره فلاح والعميد محمد سليمان ، وهما من دورة باسل الأسد ومجموعته الخاصة ) ، وطلب من الملك عبد الله الثاني نقل رسالة إلى الإدارة الأميركية تفيد باستعداده للإطاحة بشقيقه وإبرام صفقة سلام مع إسرائيل " . وطبقا لما أكده هذا المصدر ، فإن الملك عبد الله سافر إلى واشنطن في اليوم التالي واجتمع بالرئيس جورج بوش الذي استلم الرسالة بحضور كوندوليزا رايس مستشارة الأمن القومي آنذاك . لكن المخابرات العسكرية التابعة للبنتاغون نصحت الرئيس بوش بعدم التجاوب معه باعتباره متورطا في أعمال إرهابية في العراق ، وهو أراد بخطوته هذه ( أي الاتصال بواشنطن ) اللعب على حبلين وتضليل الإدارة الأميركية بهدف حرف أصابع الاتهام الأميركية عن الدور الحقيقي الذي يقوم به " . وكان ماهر الأسد ـ بحسب ما كشفه لنا مصدر فرنسي ـ قد زار باريس ( وبرفقته أحد أقرب المقربين منه في الحرس الجمهوري ، العميد مناف مصطفى طلاس ) في الفترة من 4 إلى 7 تشرين الأول / أكتوبر الماضي واجتمعا مع مسؤولين فرنسيين ثم ( في أوتيل ماريوت الواقع في جادة الشانزيليزيه )مع أحد الموظفين الكبار في مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي بحضور رفعت الأسد الذي قدم من ماربيا في إسبانيا لهذا الغرض . وتتقاطع هذه المعلومات مع الاعتقاد السائد بأن ماهر الأسد ، الذي سبق له وأطلق النار على زوج أخته اللواء آصف شوكت بسبب ذم هذا الأخير لرفعت ، إنما ينسق تماما في جميع خطواته مع ملياردير ماربيا ( رفعت الأسد ) إلى درجة أن هذا الأخير هو من نصحه بفتح خط ساخن مع الإسرائيليين والأميركيين عبر عمّان وقطر . لكن ، وكما يتضح من جميع المعلومات المتوفرة ، فإن العم وابن أخيه فشلا حتى الآن في إقناع أي من صانعي القرار في واشنطن أو تل أبيب بأنهما يمكن أن يشكلا " دويتو " قيادي لعملية التغيير ، خصوصا وأن المطروح الآن لم يعد فقط ترميم النظام وإصلاحه ، بل التفكير بإمكانية اقتلاعه من جذوره كليا عندما تتأكد لـ " أولي الأمر " في الغرب إمكانية تنفيذ ذلك بأقل الخسائر المادية والسياسية والأمنية . هذا بافتراض أن " المحافظين الجدد " قد استفادوا من الدرس العراقي وكفوا عن زراعة الفوضى قبل إيجاد بدائل مقنعة للشارع المحلي !
10ـ العميد ذو الهمّة شاليش ـ المرافق الشخصي للرئيس الأسد ورئيس حرسه الخاص : وتعتبره الإدارة الأميركية " الوكيل الحصري " لجميع الأنشطة التجارية غير المشروعة مع نظام صدّام حسين خلال الفترة 1997 ـ 2003 . وتقع " غرفة عمليات " أعماله في الفيلا ( أو الاستراحة ) الخاصة به شمال شرقي دمشق في منطقة شبه معزولة قريبة من الطريق الدولي إلى بغداد ( ولعل ذلك لتسهيل أعماله على نحو أفضل !) .
7 ـ عبد الله الأحمر ـ الأمين العام المساعد للحزب : وينظر إليه من قبل واشنطن على أنه " الرمز الأكثر بشاعة " للأيديولوجية البعثية الصدّامية فيما بعد صدام . ويعتبر عبد الله الأحمر واحدا من أعتى المعادين لأي انفتاح سياسي أو فكري في البلاد . أما على صعيد الجناح " المتنور" في البعث ، وفي الشارع السوري بشكل عام ، فتدور الأحاديث عن فساده الذي " تزكم رائحته الأنوف أكثر مما يزكمها روث الدجاج " في المزارع التي يملكها في بلدته تل منين في ريف دمشق . ومن المعلوم في أوساط المعتقلين السياسيين السوريين أن التلوث البيئي والروائح الفظيعة التي تطلقها مزارع دجاجه الواقعة ليس بعيدا عن سجن صيدنايا العسكري ، قد تسببت بأمراض جهاز التنفس لدى العديد من معتقلي السجن المذكور ! ويتداول العديدون في الشارع السوري نكتة تنطوي على تورية لاذعة " عن الرفيق الأمين العام المساعد لحزب الدجاج والصيصان " ، وبعضهم يلقبه بـ " راعي الدجاج " ! كما وتدور أحاديث أغرب من الخيال عن " سرقته " للأموال التي جمعتها لجنة برئاسته ذات يوم لدعم السودان !
11ـ سليمان قداح ـ الأمين القطري المساعد للحزب : ويعتبر " الواجهة الحزبية " لتحالف ضباط الجيش والمخابرات ، أو " الجناح الحزبي " لهذا التحالف الذي يشكل فاروق الشرع " جناحه الديبلوماسي " .
12ـ الدكتور أحمد درغام ـ رئيس مكتبي الإعداد الحزبي والمنظمات : وهو عضو اللجنة الثلاثية المسؤولة عن التحضير لمؤتمر " البعث " القادم ، إلى جانب سليمان قداح ومحمد سعيد بخيتان . ويذهب بعضهم إلى تسميته " جدانوف البعث" ، في إشارة إلى " أصوليته الأيديولوجية " التي تظهر أكثر ما تظهر في الرقابة التي يمارسها على الكتب السياسية والأيديولوجية والدينية المناطة مراقبتها المسبقة بمكتبه ، فضلا عن الكتب والمقررات في الجامعات السورية . ويعتبر درغام واحدا من أقرب البعثيين إلى العماد علي دوبا ( رئيس المخابرات العسكرية الأسبق ) الذي كان وراء جلبه إلى القيادة القطرية . ويتمتع درغام بعلاقات وثيقة مع عدد من كبار قادة الجيش والمخابرات . ورغم أنه كان يحرص على تقديم نفسه للأوساط الثقافية والأكاديمية ( حين كان عميدا لكلية الآداب في جامعة دمشق ) على أنه علماني وينتمي إلى " الجناح اليساري " في الحزب ، إلا أن بعضا ممن يعرفونه عن قرب في بلدته التابعة لريف حماة وسط سورية يصفونه بأنه " متزمت مذهبيا لجهة الطائفة العلوية التي ينحدر منها " . وترتبط باسم أحمد درغام إحدى أكثر الحوادث التي عبر من خلالها عن كرهه واحتقاره للمثقفين " الآخرين " . ونعني قصة طلبه من المخابرات اعتقال الروائي الكبير هاني الراهب ، المتوفى في آذار / مارس 2000 ( وهو أيضا ينحدرمن الطائفة العلوية ) . ففي العام 1985 ، وحين عاد الدكتور الراهب إلى دمشق من صنعاء ( حيث كان معارا لجامعتها كأستاذ للأدب الإنكليزي ) لحضور مؤتمر اتحاد الكتاب العرب ، أدلى في المؤتمر بتعليقات لاذعة ( وجريئة جدا في حينه ) اتهم من خلالها أعضاء المجلس التنفيذي الذين " انتخبوا " في المؤتمر ، ووصفهم بأنهم " عملاء وأزلام للمخابرات ، ومجرد عناصر شرطة للحكومة " ووصف رئيس الاتحاد علي عقلة عرسان بـ " الرقيب علي ، رئيس مخفر اتحاد الكتاب العرب " . كما ودعا إلى " حرية الصحافة والتعبير " . وبعد المؤتمر استدعاه درغام وتكلم معه بشكل بذيء واتهمه بـأنه " عميل لكامب ديفيد " ! وبعد حوالي أسبوع على هذه الواقعة ، وبينما كان الدكتور الراهب يقفل راجعا إلى اليمن مع زوجته السيدة ميسون الخيّر ، اعتقله ضباط المخابرات في مطار دمشق بتدخل من أحمد درغام . ورغم إطلاق سراحه بسرعة ، فقد سحب جواز سفره . وبعد حوالي أسبوع أرسل درغام ، بوصفه آنذاك عميدا لكلية الآداب ، كتابا إلى وزارة التعليم العالي طالب فيه بطرد الدكتور الراهب من وظيفته كأستاذ للأدب الإنكليزي في الكلية . وعلى الفور صدر قرار وزاري بطرده بعد أن دعمه درغام باتصال هاتفي من علي دوبا . وقد بقي الراهب ممنوعا من السفر لأكثر من عامين ، قبل أن ينجح في فك أسره والسفر إلى التدريس في جامعة الكويت !
استثناء ضباط الجيش والقوات المسلحة ( النظامية ):
يلاحظ التقرير أن الطلب الأميركي قد خلا تماما من أسماء ضباط الجيش والقوات المسلحة ، رغم أن بعضهم ( كقادة الفرق والألوية المدرعة التي تحيط بدمشق ، سواء على خط الدفاع الأول والثاني عن العاصمة ، مثل الفرقة الأولى والثانية والسابعة والتاسعة ، أو تلك المصنفة كوحدات احتياط " استراتيجي" بيد القيادة العامة ، كالفرقة الثالثة ) يشكل مكونا أساسيا من مكونات " النواة الصلبة " للنظام ، وبشكل خاص ما يسمى بـ " الحرس القديم " . ويعتقد الباحث أن هذا يعود لعدة أسباب :
ـ رغبة الإدارة الأميركية بأن لا تكرر أخطاءها في العراق وتستعدي الجيش ؛
ـ ميل ضباط القوات المسلحة ، رغم تابعيتهم السياسية المباشرة لقيادة النظام وليس إلى رئاسة الأركان ( بمعنى أن رئيس الأركان لا يملك الصلاحية المطلقة في عزلهم وترقيتهم كما هي حال الجيوش في الدول الديمقراطية ، وإنما القائد العام ـ رئيس الجمهورية بعد تزكية من المخابرات العسكرية وفرع الضباط التابع لها ) ، إلى أن يكونوا ضباطا محترفين أكثر مما هم " ضباط للحزب والنظام " . هذا فضلا عن أن الإدارة الأميركية قد نجحت في بناء علاقات جيدة مع أوساطهم عبر العماد علي حبيب ، رئيس هيئة الأركان العامة الحالي واللواء جهاد سليطين قائد الفرقة الثالثة ( من خلال رفعت الأسد). ويشير الباحثان في هذا السياق إلى أن رئاسة هيئة الأركان المشتركة للقوات المسلحة الأميركية ، قد بنت علاقات تفاهم طيبة مع الجنرال علي حبيب منذ أن كان قائدا للقوات السورية التي شاركت في حرب تحرير الكويت في العام 1991 ، والتي شكلت طليعة الصدم الأساسية التي ألقي عليها عبء فتح الثغرات في الموانع العراقية ، بالنظر لرغبة القوات الأميركية في أن لا تكون الخسائر الكبرى ( وهي التي تقع في بداية الهجوم البري ) من بين صفوفها ، وإنما من صفوف " القوات الحليفة " . ويذكر الباحث في هذا الإطار أن الجنرال شوارزكوف ( قائد عملية تحرير الكويت ) ، وبتوجيه من الجنرال كولن باول ( رئيس هيئة الأركان المشتركة آنذاك ) ، منح ضباط القوات السورية المشاركة في العملية ، وتحديدا ضباط الصف الأول والثاني ( من مستوى قائد كتيبة وما فوق ) ، أكثر من مئتي سيارة حديثة " كهدايا ، وعربون صداقة ، واعتراف بدورهم البطولي في تحرير الكويت " ، وفق ما جاء في الكلمة التي وجهها شوارزكوف للضباط السوريين في حفل تسليم الهدايا . وأشار الباحثان إلى أن الحكومة السعودية ( تحديدا الفريق خالد بن سلطان رئيس الأركان ) هي التي دفعت ثمن هذه السيارات / الهدايا. وطبقا لما ذكره الباحثان ، فإن الاتصالات استمرت بين الجنرال حبيب والإدارة الأميركية لاحقا ، وفي أكثر من مناسبة .
ـ رغبة الإدارة الأميركية في الإيحاء إلى الجيش وقيادته بأن واشنطن تميز بينهم وبين ضباط الحرس الجمهوري والمخابرات ، على اعتبار أن هؤلاء " ضباط نظام وسلطة" فيما أولئك " ضباط دولة " ! هذا فضلا عن رغبتها في اللعب على مشاعر ضباط القوات المسلحة التي تنظر إلى ضباط الحرس الجمهوري والمخابرات على أنهم " أبناء الست " ، فيما يتملكهم إحساس بأنهم في المقابل " أبناء الجارية " .
كوادر الصف الثاني المطلوب التخلص منهم ( ملحق رقم 2 ) :
رغم أن الطلب الأميركي شمل أكثر من مئة اسم لكوادر الصف الثاني ، مدنيين وعسكريين، فقد لاحظ الباحثان أن الأغلبية الساحقة منهم تنتمي لجهاز المخابرات العسكرية بالدرجة الأولى ، والمخابرات العامة بالدرجة الثانية ، والحرس الجمهوري بالدرجة الثالثة ( من حيث العدد ) . ومن أبرز هؤلاء العميد رستم غزالي ، العميد منير جلعود ،العميد جامع الجامع ، العميد محمد مخلوف ، العميد أمير التلة ، العقيد أمير كنعان ، العقيد برهان برهان ، العميد عبد الله الحريري ، العميد علي دياب ، العقيد نبيل حميشة ، العقيد فريد الحكيم ، العقيد برهان قدور ، وغيرهم . ويشترك هؤلاء ـ حسب القائمة الأميركية ـ في أنهم جميعا ضالعون بجرائم خطف واغتيال وتعذيب في لبنان ، والقيام بأعمال تجارية غير مشروعة ، وتبييض أموال . ولوحظ أن المذكرة الأميركية طالبت السلطات السورية بتحديد مصير العقيد جهاد الصافتلي ، الذي تعتبره الإدارة الأميركية مسؤولا مباشرا عن تنفيذ اغتيال الرئيس رينيه معوض وداني شمعون مع أفراد أسرته ، طبقا للمصادر الأمنية الفرنسية التي استندت إليها في معلوماتها ، والتي تعتقد أن أمرا من الرئيس الراحل حافظ الأسد قد صدر بتصفيته مع عدد من مرؤوسيه على أيدي وحدة العمليات الخاصة في المخابرات الجوية من أجل قطع جميع الخيوط أمام أي تحقيق مستقبلي في جريمة اغتيال الرئيس معوض وأسرة شمعون .
إلى ذلك ، ضمت القائمة عددا من الشخصيات المصنفة في قائمة " كوادر الصف الثاني" رغم أن أصحابها لما يزالوا في وظائف ملحقة برئاسة الجمهورية ومكتب القائد العام للجيش والقوات المسلحة ، بصفة مستشارين . وقد أحدثت لهم هذه الوظائف بعد إحالتهم على التقاعد بقوة قانون خدمة الضباط المعدل . ومن أبرز هؤلاء العماد الأول علي أصلان ، اللواء حسن خليل ، اللواء محمد ناصيف .
ثلاثة سيناريوهات للتغيير
تحت هذا العنوان أشار الباحثان إلى أن الولايات المتحدة قد وضعت ثلاثة سيناريوهات للتغيير في سورية :
ـ السيناريو الأول : أو ما يعرف بـ " الخطة A " . وتقوم هذه الخطة على ضرب مقرات قيادة الحرس الجمهوري و " سرايا الصراع " ، في المزة والمعضمية وجسر قدسيا وسفوح جبل قاسيون ومحيط جديدة عرطوز والقابون وبرزة ، ومقرات أجهزة المخابرات وعقد الاتصال في حي البرامكة وكفر سوسة وساحة التحرير والعباسيين ، مع تجنب استهداف قوى ومقرات الجيش النظامي باستثناء مدرجات المطارات العسكرية كإجراء احتياطي مرده عدم معرفة الطريقة التي سيتصرف بها قادة الأسراب الجوية المقاتلة ، رغم أن الأغلبية الساحقة من الطيارين الحربيين ( ولأسباب طبيعية صرفة غير قابلة للتدخل البشري ) ينحدرون من أبناء المناطق الداخلية الجافة في سورية ، وليس أبناء منطقة الساحل الرطبة . وبتعبير آخر : من الطائفة السنية وليس العلوية ، حيث جرى التعويض عن ذلك من خلال إحالة هؤلاء إلى الطيران السمتي ( الحوامات) بالنظر لأن الشروط الصحية التي يتطلب توافرها في طيار الحوامات أقل تطلبا للمعايير المتشددة، ومن خلال تشديد قبضة المخابرات الجوية على سلاح الجو .
وطبقا لهذا السيناريو فإن شيئا من " الفوضى الخلاقة " ستنشأ عن ذلك بعدما يشعر الناس بأنه جرى تدمير أجهزة القمع وبالتالي كسر حاجز الخوف لديهم . الأمر الذي سيسمح بخروج الناس إلى الشوارع وتحول العملية إلى " كرة ثلج " متدحرجة . إلا أن هذه الخطة لا تحظى حتى الآن بالإجماع في أوساط الإدارة الأميركية بالنظر لأنها غير مضمونة العواقب ، ولأنها لا تعرف حتى الآن كيف سيتصرف الجيش النظامي : هل سيبقى " محايدا " ومتفرجا على غرار ما فعله الجيش اللبناني مؤخرا ، أم أنه سيتولى زمام المبادرة في قيادة عملية الدفاع عن النظام !؟
ـ السيناريو الثاني : أو " الخطة B " . وتتضمن هذه الخطة عناصر خليطة من السيناريو السابق . حيث يصار إلى ضرب المواقع المشار إليها أعلاه بعد أن يكون قد جرى الاتصال بضباط من الوحدات العسكرية المدرعة في الجيش النظامي المحيط بدمشق وضمان تحركهم لصالح التغيير. وبمقتضى هذه الخطة ، يقوم هؤلاء بالزحف على العاصمة بعد أن يكون قد تم التأكد من شل فاعلية الحرس الجمهوري وطائراته الحوامة المضادة للدروع ، وتحييد سلاح الجو سياسيا أو تقنيا . ولم تزل هذه الخطة موضع جدل رغم أن مؤيديها أكثر عددا من مؤيدي الخطة الأولى في أوساط صانعي القرار الأميركي . ووجه التحفظ عليها هو توازن القوة والرعب الموجود بين مراكز القوى . وهو ما عمل عليه الرئيس الراحل طيلة ثلاثة عقود مستلهما " عقيدة نابليون بونابرت في إدارة الصراع بين مراكز القوى في النظام ، والقائمة على مبدأ استحالة الحكم من قبل أي طرف بمفرده . وهو ما يعبر عنه فرنسيا بمفهوم السلطة كمحصلة صفرية : Le Pouvoir somme zéro " .
وفي الحالتين كلتيهما ، كما يقول الباحثان ، يخشى الأميركيون من حدوث إصابات كبيرة في أوساط المدنيين تؤدي إلى نتائج معاكسة ، بالنظر لأن الأغلبية الساحقة من المقرات المشار إليها ، والملحقات التابعة لها ، عمد النظام إلى إنشائها في المناطق السكنية ، سواء داخل العاصمة أم محيطها !
ـ السيناريو الثالث : أو " الخطة C " . وهي التي جرى العمل على إنضاجها منذ اغتيال رفيق الحريري ، وباتت الأسلوب الذي يحظى بالأغلبية الساحقة من أصوات صانعي القرار الأميركي ، فضلا عن فرنسا وبريطانيا وأوربة على وجه العموم . وتعتمد هذه الخطة أولا وأساسا على بشار الأسد نفسه وفريقه ، وتعول كثيرا على المؤتمر القطري العاشر لحزب البعث الذي سيعقد ، من حيث المبدأ ، أواخر أيار / مايو القادم . ويسمي الكاتبان هذا الخيار بـ " الخيار الإيطالي " ، أخذا بعين الاعتبار ما قامت به الولايات المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية في إيطاليا للحؤول دون استيلاء الحزب الشيوعي على السلطة ، بالنظر لأنه كان الحزب الوحيد القادر فعلا على حكم البلاد . حيث لجأت إلى دعم فلول النظام الفاشي المتبقين تحت أسماء وعناوين أخرى . وبالنظر لتخوف الولايات المتحدة من وصول الإسلاميين إلى سدة السلطة في سورية ، باعتبارهم القوة المعارضة الوحيدة المنظمة والتي تتمتع بقوة شعبية تضم مروحة واسعة من التيارات والاصطفافات ، فإنها لا تجد بين أيديها الآن ورقة أكثر أهمية من ورقة بشار الأسد وفريقه . وقد زادت خشية الولايات المتحدة من الإسلاميين بعدما قابل خبراء تابعون لها في دمشق مؤخرا عشرات من رموز اجتماعية وثقافية ومدنية محسوبين على الإخوان المسلمين ، أو مقربين منهم ، مثل المحامي هيثم المالح رئيس الجمعية السورية لحقوق الإنسان الذي نقل عنه هؤلاء الخبراء قوله " إننا الأكثرية ( يقصد السنة ) ، وتتجاوز نسبتنا 85 بالمئة من عدد السكان وهم ( العلويون) أقل من 15 بالمئة . وطبقا للشريعة الإسلامية وللدستور نفسه فإن وجودهم في رئاسة الجمهورية يشكل تحديا لقناعاتنا وإيماننا ومعتقداتنا كونهم أصلا غير مسلمين ويدينون بديانة غير توحيدية وشبه وثنية تقوم على عبادة رجل اسمه علي ابن أبي طالب ( ابن عم النبي محمد ) . وهذه قضية لا يمكن تجاهلها في بلد يعتبر الإسلام دينا رسميا للدولة ولرئيسها . وقد راعتها الولايات المتحدة نفسها في العراق " !! ويضيف الباحثان قولهما " لولا الوضع العراقي الاستثنائي لكان اعتماد واشنطن على الإسلاميين مخرجها الوحيد لتغيير النظام في سورية . وهي ليست مستعدة لأن تأتي بقوة سياسية سيكون على رأس جدول أعمالها تقديم الدعم لخصومها في العراق " .
ويخلص الكاتبان إلى القول بأن المخرج الوحيد الذي بقي أمام الولايات المتحدة هو " الخيار الإيطالي " أو " خيار مايو " . ويقوم هذا الخيار على دعم الرئيس السوري من أجل القيام بعملية " انقلاب داخلي " على نظامه تعيد إنتاج " انقلاب مايو " الساداتي في العام 1971 على " مراكز القوى " . لكن بدلا من اعتقالهم لأسباب سياسية ، يصار إلى تسليم بعضهم إلى محكمة دولية بعد أن تثبت لجنة التحقيق الدولية ضلوعهم في اغتيال الحريري ، والبعض الآخر إلى محاكم جنايات بتهمة الفساد ، والبعض الآخر .. إلى بيوتهم ! هذا فيما يصار إلى تأسيس " حزب وطني " سوري يضم كبار رجال المافيا والمندرينات التي ولدت في ركاب السلطة و / أو بالتحالف معها من داخل " البعث المنحل " نفسه ومن خارجه . فما بين مصر وسورية ـ يقول الكاتبان ـ مجرد " دورة حضارية ، جوهرها أن ما يحصل في الأولى سيحصل في الثانية حتما بعد 15 إلى عشرين عاما . وهذه هي السيرورة الحتمية لجميع الأنظمة التي قامت على انقلابات بونابرتية من طراز ناصري وبعثي " . فهل يقود مؤتمر البعث في أيار / مايو القادم " انقلاب مايو " السوري !؟ هذا ما يؤكده الكاتبان ، وهذا ما يسميانه " نظام سورية القديم مقابل دم الحريري " لأن المعارضة " الوطنية " إما مشغولة بالدفاع عن الفلوجة ، أو بقيادة حملات تخوين ضد القوى الديمقراطية الحقيقية لصالح مرشدها الروحي ... " الدكتور" بهجت سليمان !



#المجلس_الوطني_للحقيقة_والعدالة_والمصالحة_في_سورية (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مصدر في إدارة السجل المدني بدمشق :عصابة مافيا من عناصر المخا ...
- شجار - مهني - يتحول إلى مواجهة طائفية في بلدة مصياف السورية ...
- - الأمير السوري الحديث - إما زعيم عصابة أو ..جندي مارينز !
- بينهم يعرب كنعان ووالده وهشام بختيار ورامي مخلوف والنائب محم ...
- - المجلس - يحصل على بعض محتويات لجنة تقصي الحقائق الدولية في ...
- مؤشرات على عزم النظام السوري إبقاء أجهزته الأمنية في لبنان و ...
- هل يعلن الرئيس الأميركي يوم الأربعاء القادم مسؤولية المخابرا ...
- هذا هو موقفنا من نقل مواطنين سوريين من غوانتانامو لتعذيبهم ف ...
- فيما النظام السوري يتبنى رسميا - خطة صدام - قبل سقوطه ومعارض ...
- فيما الرئيس السوري يعلن ضمنا عن فتنة لنظامه في لبنان : اجتما ...
- القصة شبه الكاملة لشريط - الجزيرة - حول مدعي اغتيال الحريري ...
- فيما يتواصل تعزيز الحراسات الأمنية حول المراكز الحساسة في دم ...
- السلطات السورية تسلّم سبعاوي التكريتي وتضع الآخرين قيد الإقا ...
- فيما الخارجية السورية ووزير الدفاع اللبناني يؤكدان ما كشف عن ...
- مصدر عسكري سوري : الرئيس بشار الأسد أعطى أوامره للأركان العا ...
- نداء متجدد إلى قادة المعارضة الديمقراطية اللبنانية : العمال ...
- معلومات موثوقة عن قيام أجهزة المخابرات السورية في لبنان بتوز ...
- تصحيح وتصويب حول بيان - المجلس - المتعلق بجريمة اغتيال الحري ...
- الحدث الذي سيغير وجه لبنان وسورية .. إلى الأبد !! الجنرال رس ...
- مسؤول أميركي كبير يؤكد لإذاعة بي بي سي ما كشف عنه المجلس قبل ...


المزيد.....




- كوريا الشمالية تدين تزويد أوكرانيا بصواريخ ATACMS الأمريكية ...
- عالم آثار شهير يكشف ألاعيب إسرائيل لسرقة تاريخ الحضارة المصر ...
- البرلمان الليبي يكشف عن جاهزيته لإجراء انتخابات رئاسية قبل ن ...
- -القيادة المركزية- تعلن إسقاط 5 مسيرات فوق البحر الأحمر
- البهاق يحول كلبة من اللون الأسود إلى الأبيض
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /29.04.2024/ ...
- هل تنجح جامعات الضفة في تعويض طلاب غزة عن بُعد؟
- بريكس منصة لتشكيل عالم متعدد الأقطاب
- رئيس الأركان الأوكراني يقر بأن الوضع على الجبهة -تدهور- مع ت ...
- ?? مباشر: وفد حركة حماس يزور القاهرة الاثنين لمحادثات -وقف ...


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية - كتاب : نظام سورية القديم مقابل دم الحريري ، أو - خيار مايو - السوري !