أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - اسعد اسعد - لا تحطموا الاصنام















المزيد.....

لا تحطموا الاصنام


اسعد اسعد

الحوار المتمدن-العدد: 1159 - 2005 / 4 / 6 - 12:18
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


جابت المظاهرات شوارع القاهرة تحمل لافتتات شعارها "كفاية" و "لا لتوريث الحكم" بعد ان شنت صحف المعارضة حملة لانهاء فترة رئاسة رئيس الجمهورية السيد/ محمد حسني مبارك و عدم اعادة انتخابه و المناداة باحباط ما وصفته المعارضة بانه محاولة توريث الحكم لنجله السيد/ جمال مبارك و لم تري الصحف المصرية و لا شوارع القاهرة ذلك الاسلوب في التعبير عن الراي في شخص الحاكم بل و اعلان رغبة القوي المعارضة في عدم استمرار رئيس الجمهورية في منصبه الذي انتخب اليه حسب شرعية او دستورية النظام المعمول به منذ ان اصبحت مصر جمهورية

و رغم ما قد يري البعض في هذا انه ظاهرة صحية من الناحية السياسية الا انها في واقعها و بمعطيات و احوال البلاد الان نجد انها لا تعكس الا مجرد غليان عاطفي بعيد كل البعد عن منطق التعديل و الاصلاح لان الذي ادي ببلادنا الي هذه الحالة ليس هو شخص رئيس الجمهورية بل هو النظام الاداري للدولة و المتوارث في معظمه من حكومة الاحتلال التركي العثماني عدا بعض مسمياته و المتمثل في عدة مكونات اهمها علي الاطلاق هو الهيكل الوظيفي للحكومة المركزية و الحكومات المحلية ثم القوانين التي تستخدمها هذه النظم في ادارة اعمال الحكومة ثم اللوائح التي تنظم كيفية تطبيق هذه القوانين عمليا و هذه المكونات هي التي يستخدمها الحاكم و يعمل بمفتضاها و في اطارها لذلك نستطيع ان نقول انه اذا كان النظام الاداري فاسدا او معطبا فان ممارسات الحكومة من اعلي منصب الي ابسط موظف فيها لا بد ان تعكس فساد هذا النظام الاداري بصرف النظر عن الاشخاص الذين يتولون المناصب بكافة مستوياتها

و بالنظر الي واقعنا المصري نجد ان المشاكل التي يعاني منها الشعب هي نفس المشاكل منذ امد بعيد و تعامل الحكومة مع اصحاب الراي و المعارضة تقابل بنفس الاسلوب مهما تغيرت الحكومة فاجهزة المخابرات و مباحث امن الدولة كان يناظرها في مرحلة ما قبل الثورة البوليس السياسي و اضطهادات الصحفيين و اصحاب الراي تمارس بنفس المنطق الذي هو الحفاظ علي نظام الحكم اما معارضة رئيس الجمهورية فكانت تسمي في الماضي العيب في الذات الملكية و ما زالت تصرفات الوزراء و الموظفون العموميون و ضباط الشرطة و المحافظون و رؤساء المجالس المحلية هي هي منذ زمان بعيد و السبب ان كل من يتقلد منصبا في حكومة بلادنا مهما كان مستوي هذا المنصب يجلس علي كرسيه مستخدما مفهوم ممارسة اعماله مستوحيا من القوانين و اللوائح و العرف الجاري في تطبيقها و بدلا من ان يجلس المفكرون و يجهدوا انفسهم و عقولهم في دراسة النظام الاداري و معرفة عيوبه و قصوراته و فجواته فقد سلكوا الطريق الاسهل متخلصين من مسؤليتهم بالقاء التبعية علي موظفي الحكومة و علي راسهم شخص رئيس الجمهورية

فانه بالنظر الي تاريخنا المعاصر و محاولة تقييم اداء الحكومات المتعاقبة بمقياس حل مشاكل الشعب و توفير الخدمات و تحديث و تطوير الانظمة التجارية و المالية و الادارية و القضائية فسنجد ان نفس المشاكل مازالت تسيطر علي مجتمعنا و تنموا و تتضخم بتضخم المجتمع فحكومة الملك السابق فاروق و حكومة الرئيس جمال عبد الناصر و الرئيس انور السادات و الرئيس حسني مبارك جميعها ادارت البلاد بنفس الاسلوب و المفهوم لان اداة الادارة الحكومية المتمثلة في ابعادها الثلاث اي الهيكل و القوانين و اللوائح المتاحة و التي يستخدمها موظفي الدولة علي كافة مستوياتها تحوي من الخلل و القصور و عدم الصلاحية مما يجعل ممارسة تطبيقها و استخدامها كاداة لادارة الدولة ياتي بالنتائج التي يعيشها الشعب المصري الان

و الغريب ان المفكرين المصريين و العلماء و الباحثين المتخصصين لم يطرقوا جانب علوم ادارة الدولة لتقييم الموجود و تقديم البديل كوسيلة لحل مشاكل مصر في مختلف فروع الحياة الاقتصادية و الا جتماعية فلقد استقدمنا التكنولوجيا الغربية متمثلة في السيارات و الاجهزة المنزلية و الادوات الكهربائية و التليفونات و الكومبيوتر التي انتجتها دول بدات اولا بتحديث و تطوير نظم ادارتها فكان الناتج ازدهار مستوي معيشة شعوبها و التغلب المستمر علي المشاكل التي تواجهها و لم نري في مصر مذكرات او ابحاث علمية في تطوير نظم ادارة الدولة تقدم الي مجلس الشعب في صورة مطالب تحت الاضواء الكاشفة التي تمارسها الصحافة و تتابع ماذا يفعل مجلس الشعب بهذه المطالب و اذا كان هناك شئ من هذا القبيل يقدم لمجلس الشعب فما دور الصحافة و اقلام الفكر في الدعاية له و تشجيع الشعب علي قراءته و ابداء الراي فيه ثم متابعته حتي لا تكون الافكار مجرد ورق يحفظ في الارشيف او مجرد ابحاث اكاديمية محفوظة في ادراج مكاتب اساتذة الجامعات بل و اقول ان المفكرين و السياسين و الكتاب يعيشون نفس المتاعب التي يعيشها عامة الشعب و البعض منهم لا يستطيع ان ينجز امور معيشته حتي اليومية منها الا باستغلال العيوب الموجودة في النظام الاداري و هم لا يعلمون او يتناسون انه مهما كان الشخص الذي سيضعونه علي الكرسي و مهما كانت درجته الوظيفية فانه سوف يستمر في نفس النمط في تادية وظيفته بنفس نتائج من سبقوه و ربما أسوأ بسبب استمرار تضخم المشاكل اللاحقة عن السابقة مادام الشخص يمارس مهام وظيفته بنفس الاداة المتاحة له التي هي نظام اداري فاسد

لقد ادت السنوات العديدة التي عشناها منذ عهد الملك السابق فاروق الي الان في متاعب و مشاكل غير قابلة للحل الي هجرة الملايين من ابناء مصر الي اوروبا و امريكا و بعد امتصاص الصدمة الناتجة عن خوض تجارب حرية الحياة الاجتماعية و السياسية فالغالبية من المهاجرين بدات تدرك ان سر الحضارة المزدهرة هو تكنولوجيا ادارة الدولة في المدارس و الشوارع و الشركات و المصانع في المسكن و الملبس و الطعام و بقية ضروريات الحياة كلها تمارس في اطار اداري موضوع و مصمم بحسب اعلي مستويات تكنولوجيا علوم الادارة العامة و الحكومية

و نحن لا نحتاج الي الاختراع لتطوير الهيكل الحكومي و القوانين و اللوائح لان هذه الاشياء اخترعت و اكتشفت و موجودة بالفعل و مستخدمة في كل الدول المتقدمة و علينا فقط استيرادها و استخدامها و اكبر عقبة يجب ان نتغلب عليها و نزيحها من طريقنا هو ضياع الوقت في التساؤل عما يصلح و ما لا يصلح لمجتمعنا من هذه النظم الادارية و الا قضينا حياتنا في المناقشات المعطبة بينما واقعنا يتدهور بسرعة كل يوم فاذا كانت هذه النظم المتكاملة قد ادت الي نجاح و ازدهار المجتمعات التي تطبقها فلماذا نشك انها قد تفشل اذا طبقناها بنفس التقنية و الاسلوب كلها مجتمعة متكاملة و ليس اجزاء منها بل هناك دليل قاطع علي نجاحها و هو نجاح الشباب و العائلات المصرية التي هاجرت و تركت البلاد تحت النظم الحكومية الحالية و التي تعيش في دول اوروبا و امريكا تحت النظم الادارية الحديثة و تستخدمها بنجاح في قضاء شئون حياتهم اليومية

ان استيراد النظم الادارية و تطبيقها لا يختلف عن استيراد مصانع الانتاج و تكنولوجيا التصنيع الا بمقدار ما يختلف الطب عن الهندسة عن الزراعة و ما اليه كل علم و فن في مجاله بل بالعكس كل هذه اشياء تكلفنا اموالا طائلة اما تكنولوجيا الادارة فهي متاحة لنا في مشاهدتنا و تجاربنا العملية و تقارير الصحف و المجلات المتخصصة في اوروبا و امريكا و لا تحتاج الا ان يتفرغ المتخصصين في بلادنا لاعداد دراسات لنقل هذه التكنولوجيا الي مصر و انا ارجو ان يتبني هذا المنطق المفكرين و الصحفيين و الكتاب المعترضين علي الاوضاع الحالية و ان يقوموا بتسليط الاضواء علي عملية تطبيق نظم الادارة التي تستخدمها الدول المتقدمة و ان يشجعوا الشعب علي التفكير و مطالبة ممثليهم و احزابهم بتبني هذه النظم و انا واثق ان الاحزاب ستجد في هذا المجال ارضا خصبة للتنافس السياسي و النتيجة الحتمية هي مصلحة لمصر و المشوار امامنا يجب الا يكون طويلا لان ملاحظة و تقييم و تطبيق اساليب الحياة العملية اسهل بكثير من فهم النظريات العلمية لاستخدامها و تطبيقها في التصنيع و الانتاج لان الاولي يستطيع ان يستوعبها و يمارسها رجل الشارع العادي اما الثانية فتحتاج الي علماء و متخصصين

و نحن كشعب يغلب علينا طابع التدين منذ اجدادنا الفراعنة ينبغي ان نعلم جيدا ان تغيير الديانات علي مر التاريخ لم يبدا بتحطيم الاصنام بل بتغيير العقول و القلوب و نمط التفكير التي تسبق تغيير العوائد و التقاليد المتوارثة فلنكف عن تحطيم الاصنام و لنبدا بتغيير اسلوب التفكير و لنستورد لبلادنا تكنولوجيا و نظم الادارة السليمة لشئون الحياة العملية بعيدا عن الاجتهادات حتي لا نعمي عن الموجودات و نضيع حياتنا في اختراع العجلات



#اسعد_اسعد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- فيصل بن فرحان يعلن اقتراب السعودية وأمريكا من إبرام اتفاق أم ...
- إيرانيون يدعمون مظاهرات الجامعات الأمريكية: لم نتوقع حدوثها. ...
- المساندون لفلسطين في جامعة كولومبيا يدعون الطلاب إلى حماية ا ...
- بعد تقرير عن رد حزب الله.. مصادر لـRT: فرنسا تسلم لبنان مقتر ...
- كييف تعلن كشف 450 مجموعة لمساعدة الفارين من الخدمة العسكرية ...
- تغريدة أنور قرقاش عن -رؤية السعودية 2030- تثير تفاعلا كبيرا ...
- الحوثيون يوسعون دائرة هجماتهم ويستهدفون بالصواريخ سفينة شحن ...
- ستولتنبرغ: -الناتو لم يف بوعوده لأوكرانيا في الوقت المناسب.. ...
- مصر.. مقطع فيديو يوثق لحظة ضبط شاب لاتهامه بانتحال صفة طبيب ...
- استهداف سفينة قرب المخا والجيش الأميركي يشتبك مع 5 مسيرات فو ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - اسعد اسعد - لا تحطموا الاصنام