أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يوسف نبيل جزراوي - اماكن لها في القلب اماكن!!















المزيد.....

اماكن لها في القلب اماكن!!


يوسف نبيل جزراوي

الحوار المتمدن-العدد: 4007 - 2013 / 2 / 18 - 19:21
المحور: الادب والفن
    


اماكن لها في القلب اماكن!!
الأب يوسف جزراوي/سيدني
ليواردن Leeuwarden مدينة هولندية، قد يعجز القلم عن وصف جمالها.هي عاصمة مقاطعة فريزلان Fryslan ، في هذه المدينة وغيرها من مدن المقاطعة تسود اللغة الفريزية علاوة إلى اللغة الهولندية. إنها مدينة الأمل، مناظرها ومسطحاتها المائية تُبهج القلب فتتفتح بصائرك وتثيرك لمشاهدة مفاتن هذه المدينة. تشدك طبيعتها، ومركزها التجاري (السنتر). تحلو لك الإقامة هناك، لاسيما حينما تتأمل المسطحات المائية، وتجذبك الفرق الموسيقية التي تطرب الناس الجالسين في المقاعد الخارجية للمطاعم، ومن دون سابق إشارة ترى مجموعة من الناس قد شكلوا دائرة واعتلت اياديهم اكتاف بعضهم البعض وراحو يرقصون رقصتهم الفلكلورية بزيهم الشعبي وهم يسعدون الحضور المجتمع في المطاعم او الجالسين على جسور المشاة المائية مستذوقين مشروباتهم الكحولية التي تتالف مع فرحتهم، وتشعر وكأنك في مظاهرة فرح! وقد تتلقى دعوة للرقص ليشاركوك بهجتهم. وأنت تتأمل هذه المناظر يتعمق لديك شعور حبّ الحياة، وتدرك كم الإنسان جميل، وكم الحياة رائعة حينما تحيا مع أناس يمتازون بسمو حسهم الإنساني.... وتستيقظ من تأملاتك حينما ينتهي العازفون من العزف لغرض الإستراحة. تتطلع إلى الساعة، ترى أن الوقت قد داهمك فتقودك قدميك إلى نافورة جميلة تنثر المياه بشكل لطيف ومريح للنظر، تجلس حولها للإسترحاء، فيبادر اليك الجالس بجوارك باسئلة تقليدية في محاولة لتبادل اطراف الحديث أو التعارف:" الطقس جميل، كيف حالك، كم الوقت الآن، أ أنت تسكن المدينة، هل تحتاج إلى المساعدة؟". هذه الأسئلة جزءً من الحياة اليومية. وقد ينصحك صديق لك يقيم في المدينة بأن تستأجر يختًا بـ (120) ايرو ثمنًا للمنام والطعام والشراب فتقضي الليل على سطح الماء وأنت تتمتع بضوء الشموع، وجمال الليل وضياء القمر وموسيقى المياه.... وتمر الساعات وكأنها دقائق، تتناول عشائك وتكتفي بقدح من البيرة التي تتألف مع تأملاتك وكتاباتك وأنت تدون هذه الخبرة الجديدة والغريبة وقد تصبح مدمنًا على تكرارها....لما تشاهده من مناظر جميلة واحاسيس غريبة تُعزز فيك القدرة على الهدوء والسلام والأسترخاء. تخرج من باب غرفتك الصغيرة فيطالعك النهر في ليل هادئ، مُضيء، وتلامسك انسام الهواء النقي، فتأخذ شهيقًا، وتفتح الذراعين بل الذات باكملها وتقول: ما أجمل الحياة ....وتهمس شكرًا يا ربّ على هذه النعمة العظيمة؛ نعمة الحياة.
ولا ابخل عليك عزيزي القارئ في اصطحابك إلى مدينة خرونيكن Groningen الهولندية، حيث الجامعة العريقة، والبناء الشاهق، والازقة القديمة، ومحلات الانتيكات، فتجد هناك كل ما يخطر ببالك من إنتيكات واشياء عتيقة. ثم يصادفك السوق الشعبي الذي يفتح كل يوم، ولكن يوم الخميس له مذاق ونكهة خاصة، فالأسعار رخيصة، والبضائع في غاية الجودة، وتجمهر الناس يطرب روحك، لاسيما حينما تجد رسامًا قد التف حوله الناس وهو يرسم رائعته الفنية، ويستقبلك رسام آخر بكلمة Hi وبإبتسامة صادقة عفوية يعرض عليك رسم صورتك او اية صورة تريدها بالقلم الأسود بمبلغ قدره 15 ايرو... ثم تسير قليلاً لتجد فتاة شقراء تعج بالجمال تعزف على آلتها العتيقة الكمان او الكيتار وقد وضعت امامها على الارض قبعتها لترمي فيها ما تجود به يداك. ثم تطالعك الكنائس وتقف مندهشًا امام عظمة العمران وتدخل للزيارة والصلاة وترى نفسك وكانك في عالم اخر..، عالم جعلك اخصب إنسانية وروحانية. وتسحرك الورود المغروسة في الحدائق المتنوعة الالوان والنباتات المفروشة على الطرقات ويثير انتباهك النظافة واحترام القانون!
جمال هذه المدينة بحيوية سكانها وبجمال الحدائق وسحر طبيعتها والأماكن الخلابة والمركز التجاري (السنتر) والجداول المائية، اما عن لطف السكان فيطول الحديث عنه، وكيف لا يطول وهي مدينة الشبان القادمين من مختلف مدن هولندا بل من مختلف دول العالم لغرض الدراسة؛ إنها مدينة إلتقاء الحضارات. وقد تستوقفك معزوفة موسيقية تأتيك من الازقة، ويدهشك منظر الشبان الذين تجمعوا امام المكتبة أو في داخلها لغرض شراء الكتب أو المطالعة. وتلتفت إلى اليمين لتلمح عيناك طوابير بشرية امام شباك تذاكر السينما، وتطالعك الإعلانات...وترى المطاعم مليئة بالناس والفرح والطمأنينة عنوانًا لحياتهم، وإذا جلست لتتناول وجبة الطعام فلابد أن يبادلك اطراف الحديث احد الجالسين لاسيما إذا كنت تتكلم الهولندية او الإنكليزية، حينها ستدرك الإنفتاح وحسن الإستقبال وعمق المساحات الفكرية والانسانية لدى هذا الشعب العظيم. تغادر المطعم وقد ملأت فكرك قبل بطنك. تواصل رحلتك الممتعة بحيوية، فتجد مجموعة من الأطفال قد تجمعوا ليستمعوا إلى اشهر المعزوفات الموسيقية، وقد تتعكر صفوتك وينقطع مسلسل تاملاتك حينما تقودك المقارنة للتساؤل: كيف اهالي الأطفال في الغرب يحثون صغارهم على الإستماع إلى الموسيقى وتعلم الفنون والعزف ورقص الباليه ومطالعة الكتب، لينمون ذائقتهم الفنية والثقافية، ونحن نشتري لأولادنا الالعاب (مسدس، سيف، دبابة، بندقية....) فننمي فيهم العنف!!
وتعود إلى صفوتك حينما تصادفك العمارات والبيوت الأثرية، وتمتع نظرك بالنظر إلى برج مارتيني الشهير. تستمر في التسكع وانت في حيرة من امرك إلى اين تنظر، فالجمال يحيط بك من كل أتجاه وزاوية، وتحدق يسارًا لتشاهد القوارب المائية. وقد تفاجئ باوركسترا تعزف موسيقى موزارد، موسيقى تعكس واجهة المدينة الحضارية.
ويظل اعظم ما في مدينة خرونيكن بل في هولندا باكملها هو إنسانية الإنسان وتنوع الفعاليات الثقافية، فالفن يطل عليك من كل الأزقة، والإبتسامات والغنى الإنساني تلمسه في العمل والشارع والمطعم والأسواق والجامعة ودور الأوبرا وفي كل مكان. إنهم شعب في غاية الإنسانية والرقي.
حدائق وطبيعة خلابة، وجامعة عريقة ومكتبات كبيرة، موسيقى وعازفين، مناظر ساحرة وعمران اثري....مناظر مُمتعة تحاصر انظارك اينما ما ذهبت.... هذه كلها تترك أثرها الإيجابي في نفسك لينعكس صدها على شخصيتك وتكوينك الثقافي والإنساني.
وقد تعجز عن الوصف حينما تتأمل قدم وعراقة محطة القطار التي بنيت سنة 1896، فتستوقفك جدرانها العتيقة ذات اللون الرماني.... تذهب إلى شباك التذاكر لتقطع تذكرة القطار، واذا لم يكن لديك بطاقة التخفيض فلا عجب أن رأيت أحدهم يعرض عليك بطاقته ويقدمها لقاطع التذاكر فتحصل بفضل هذه المساعدة على تخفيض 40/ بالمئة من ثمن التذكرة، لأن هذه البطاقة تخول صاحبها باصحطاب ثلاثة اشخاص معه وتشملهم بالتخفيض أيضًا. وتستقل القطار لتعود إلى محل اقامتك، فتجد معظم الهولنديين قد وضعوا الهيتفون في اذانهم، وهم منهمكون في مطالعة مجلة، كتاب، اوراق عمل.... وتلمع في ذاكرتك صورًا عن ابناء جلدتك وهم يقضون حياتهم في الثرثرة أو الطهي وقتل الوقت في امور لا تقدمهم خطوة واحدة للأمام.
وانا اروي لكم رحلتي في الركض وراء الفن والطبيعة والجمال والسياحة الأدبية، اختم هذه الذكريات فافشي لكم سرًا: كم تمنيت أن يعود بيّ الزمان إلى الوراء حينما تركت هولندا أمُّ الدنيا وعاصمة الجمال، وقدمت إلى هذه القارة التي تقع في كعب الدنيا في كل شيء.
حقًا هناك اماكن لها في القلب أماكن!!



#يوسف_نبيل_جزراوي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- وصمة الدم... لا الطُهر قصة قصيرة من الأدب النسوي
- حي المِسكيّة الدمشقي عبق الورق وأوجاع الحاضر
- لا تفوت أحداث مشوقة.. موعد الحلقة 195 من قيامة عثمان الموسم ...
- أزمة فيلم -أحمد وأحمد-.. الأكشن السهل والكوميديا المتكررة
- بي بي سي أمام أزمتي -والاس- و-وثائقي غزة-... هل تنجح في تجاو ...
- من هم دروز سوريا؟ وما الذي ينتظرهم؟
- حسان عزت كما عرفناه وكما ننتظره
- -الملكة العذراء-: أسرار الحب والسلطة في حياة إليزابيث الأولى ...
- مكتبة الإسكندرية تحتفي بمحمد بن عيسى بتنظيم ندوة شاركت فيها ...
- زائر متحف فرنسي يتناول -العمل الفني- المليوني موزة ماوريتسيو ...


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يوسف نبيل جزراوي - اماكن لها في القلب اماكن!!