أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أمير دوشي - بوش : المحافظ المتناقض















المزيد.....



بوش : المحافظ المتناقض


أمير دوشي

الحوار المتمدن-العدد: 1146 - 2005 / 3 / 24 - 11:55
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


: ملف خاص
بوش : المحافظ المتناقض
تقرير عن الممارسة السياسية للمحافظين الجدد 2000 / 2004
ترجمة : أمير دوشي

رغم محدودية عهده لولاية واحدة ، فإن جورج بوش قد عمل على تغيير صورة أمريكا في الخارج وحكومتها في الداخل اكثر من أي رئيس أمريكي آخر منذ سنوات عدة .

قلة هم الرؤساء الذين حضوا بالحب الصادق والكره الواضح كما نال جورج بوش ، وقلة أيضا هم الرؤساء الذين دفعوا بالأمة إلى انشقاق حاد واستطاعوا تغيير سياسات الحكومة في الداخل وطريقة النظر إليها من الخارج .
ولقد أثبتت رئاسة بوش قوة راديكالية عاتية : من سياسة الـ CIA إلى إصلاح التعليم في الداخل بطرق مختلفة نحو السلب أو الإيجاب ، إلى زعزعة حكام السعودية وسان فرانسيسكو . ودون المضي في تقديم خلاصة وافية بكل الذي أنجزه جورج بوش ، سيركز هذا التقرير على ثلاث مواضيع قد يحكم التاريخ على كونها خلافية : الثورة المزعومة في السياسية الخارجية ومواصلة النهج المحافظ في الحكومة ، والتوسع الدراماتيكي في سلطات الرئيس .
لنبدأ مع السياسية الخارجية . إذ كان للسيد بوش التأثير الأكبر على الدبلوماسية الأمريكية منذ زمن الرئيس ترومان . فبعد الحرب العالمية الثانية صاغ ترومان نظام حلفاء يكفل استمرارية الحماية من التهديد السوفيتي ويضمن تواصل قيادة الولايات المتحدة لأوربا بعد الأعمار .
عمل ريغان الى إبدال صيغة ترومان بتحدي شعبي اشد لما يمثله الاتحاد السوفيتي آنذاك ، لكن جوهريا لم يغير هيكليتها . لكن السيد بوش فعل ذلك . فبعد انتهاء الحرب الباردة - في الحقيقة بعد فترة طويلة من انتهائها - ذهب السيد بوش الى أن النظام الدولي قد استنفذ أغراضه ورفض ما يفترض انه حجر أساس كمعاهدة الحد من الصواريخ البالستية ، وما أضيف لاحقا ، مثل معاهدة كيوتو ، ومحكمة الجرائم الكبرى التي رفضها الكونغرس كذلك .

في الحقيقة ، ثورة السيد بوش في السياسة الخارجية قد تمت بخطوتين . رفض المعاهدات كان الخطوة الأولى ، وحيث إنها تتفق مع الحقائق الجيوبولتيكية ، فأن سقوط الاتحاد السوفيتي قد كان الأكثر ثباتا . أما الخطوة التالية فقد حصلت بعد اعتداءات 11 سبتمبر ، ممثلة بالحرب في أفغانستان والعراق . وكرد فعل على وحشية الاعتداءات فَعَلَ حلف الناتو المادة الخامسة القائلة أن أي اعتداء على أحد أعضائه هو اعتداء على كل الأعضاء ، مبديا الاستعداد لمساعدة أمريكا . وكانت إدارة بوش بطيئة في الاستجابة لهذا العرض . وحل "تحالف طوعي" محل التحالف التقليدي . وفي العراق وضع السيد بوش الحرب الوقائية والحرب الاستباقية الممكنة موضع التنفيذ . فقد قيل ، في زمن العولمة ، إن الدفاع عن النفس يعني العمل المنفرد أو بشكل استباقي إذا تطلب الأمر . أما العمل من خلال الأمم المتحدة ، وانتظار الآخرين ، فقد يعني الانتحار .
بشكل جلي ، هناك الكثير مما هو مشترك بين هاتين الخطوتين . كلاهما تقول بأن المعاهدات قد تقيد حرية أمريكا في الحركة ، وعندما يحصل ذلك ، على أمريكا تجاهلهما . وكلاهما يتضمن بأن الممارسة المنفردة للقوة قد تكون كافة لتحقيق الأهداف الأمريكية . رغم ذلك ، فأن الخطوة الثانية مضت ابعد من الأولى . فهي تطرح قوانين جديدة للمضي الى الحرب واستبدال التحالف التقليدي بتحالف طوعي . رغم كل ذلك بدا خلال الأسابيع القليلة الماضية وكأن هذه الإضافات قد أصابها التصدع . هل وصلت ثورة بوش في السياسة الخارجية الى حدودها ؟
قد يكون ذلك واقعا .
في آيار 2003 ، وعلى سطح حاملة الطائرات ابراهام لنكولن ، أعلن الرئيس بوش : ( في أوقات نستخدم القوة العسكرية لتحطيم أمة . ولكن اليوم لدينا قوة عظيمة لتحرير أمة عبر تحطيم نظام خطر وعدواني ) .
لكن التجربة في العراق تناقض تلك التفاؤلية ، أو على اقل احتمال توحي بأن " تحرير أمة " يتطلب اكثر من إسقاط نظام مشاكس . شرعيا ، تفرغ الأشياء هنا من حقائقها . فهي لن تنشأ تلقائيا لو أن الدوافع الأمريكية كانت صادقة كما يدعي البعض داخل الإدارة الأمريكية . والتحالف الطوعي يفعل القليل ليقر بالشرعية .
أكثر من ذلك ما يقوله ( أيفود دالدر ) من معهد بروكلين ، و( جيم لندس ) من مجلس العلاقات الخارجية : فإن مبدأ الحرب الاستباقية يفترض أن الخدمة الاستخبارية ستكون كافية جدا لتحذير أمريكا من الأخطار قبل وقوعها . لكن سجل الأخطاء غير مطمئن في هذه النقطة .
وأخيرا ، فأن مشاكل العراق قد أجهدت التحالف غير المستقر الذي هو فريق السياسة الخارجية للسيد بوش . فالمحافظون الجدد الذين يذهبون الى أن قدر أمريكا هو نشر الديمقراطية في العالم ، قد فقدوا تأثيرهم . وأصحاب النظرة التأكيدية للوطنية ، مثل السيد تشيني ورامسفيلد ، القائلين بأن القوة العسكرية ستكون كافية لردع أعداء أمريكا ، لم يسقطوا من عروشهم حاليا ، لكن أصابهم شئ من الوهن ونزعات التفرد أصبحت اكثر إشكالية وبدأ سياسة "القوة الناعمة" اكثر أهمية . كل هذا يثير أسئلة عن دعم السياسة الخارجية للسيد بوش حتى داخل وزارته .
وقد شهدت الأشهر الماضية توجها جاء ليؤكد هذه الشكوك . فبعد تسليم السلطة للعراقيين والحصول على بركات مجلس الأمن ، كما هو مطلوب دائما ، طلبت أمريكا مصادقة الأوربيين على مبادرتها المعروفة بـ" الشرق الأوسط الكبير" وطلبت من الناتو المساعدة في تدريب القوات العراقية . السؤال الكبير هنا هو : إن كانت هذه التغيرات جزء من مراجعة جادة لتقييم السياسة الخارجية الأمريكية أو إنها تغيير تكتيكي لمواجهة الصعوبات الراهنة .
الجواب الأمين هنا: من المبكر التأكد من ذلك . لكن يبدو أن هذه التغييرات تكتيكية . ورغم حضور أصحاب الوزن الثقيل في وزارته ، فأن السيد بوش هو دائما من يرسم السياسة الخارجية ، ولطالما أنكر أي تغير في هذا الإطار . هذا لا يقلل من حقيقة مفادها : في السياسة الخارجية الرئيس هو من يؤشر دائما مخطط ما يجب أن يفعل بشكل واضح ..
صحيح إن العراق قد أثار الشكوك حول مبدأ الحرب الوقائية والاستباقية ، لكن المناقشات قد أظهرت بأن البديل عن " الذهاب إلى الحرب" ، من وجهة النظر الأمريكية ، هو اشد سوءا . وتلك هي الدعوة التي رفعها الفرنسيون والألمان والقائلة : فقط في حالة الاعتداء الفعلي أو التهديد المهلك لا تستخدم البلدان قوتها العسكرية شرعيا إلا بموافقة مجلس الأمن . وما من رئيس أمريكي َقبلَ أو قد يقبلَ مثل هذه الفكرة . وان أصر الآخرون بأن البديل للتفرد هو الأمم المتحدة فأن أمريكا ستتشبث بالقرار الانفرادي .
والأكثر أهمية هو أن البنية التحتية لسياسة بوش المتحولة لم تتغير واقعيا . إذ توجد هوة في القوة العسكرية بين أمريكا وأي طرق آخر . فلأمريكا من الفرص ما لا يملكه الآخرون . لذا فأن الحلفاء التقليدين نافعون ، اكثر مما هم ضروريون .
وقد اظهر العراق بأن ممارسة أمريكا للقوة اصعب مما تتصوره الإدارة نفسها ، لكن ممارسة القوة ما تزال تعني الكثير للسيد بوش . وفي هذا السياق تم تهذيب السياسة الخارجية وان لم يتم إعادة هيكلتها .
في حملته الانتخابية ، ظهر السيد بوش نصيرا للسياسة الخارجية المعتدلة ، لكن في التطبيق لم يمارس ذلك . وفي الجبهة الداخلية كان مدهشا . فرغم قصر حكمه " ولاية واحدة " فقد تفرق الناس الى قطبين في الداخل مثلما هم في الخارج .

 ولد الحكومة الكبرى :
بوش واحد من اشد السياسيين المحافظين الذي سكنوا البيت الأبيض . ولقد أطعم السيد بوش اللحم الأحمر الدسم لكل المجاميع التي تكون تحالف المحافظين – معارضة الإجهاض والزواج المثلي للمحافظين الاجتماعيين ، والحرب على العراق للمحافظين الجدد ، وتخفيض الضرائب ورفع القيود لاصحاب الأعمال المحافظين - وقد قاد الليبراليين إلى الجنون الوحشي المطلق . يقول جوناثان جايب في النيويورك تايمز : " انه الرئيس الأسوأ في التاريخ الأمريكي" ويكتب هارولد مرسن في الأمريكان يورسبكت : " يبدو اشد خطورة مقارنة بريغان أو بأي رئيس آخر في تاريخ هذه الأمة " .
لكن على وجه التحديد أي نوع من المحافظين هو السيد بوش ؟
منذ ترشيح باري كولدوتر الدونليستوني عام 1964 للبيت الأبيض كان للمحافظين فلسفة حكومية بسيطة . وقد اعتبر ريغان الحكومة مشكلة اكثر منها حلا ، لذا فقد قلص المشاريع الاجتماعية ولم يكن هجوم قوات نيوت كنكرج بسبب قوة مجتمع جونسون بل كذلك لكونه عمود من أعمدة سياسة فرانكلين روزفلت الجديدة في مجتمع الوفرة .
لكن سجل السيد بوش مختلف جدا . فبينما يعد خفض الضرائب بشكل دراماتيكي ، أمرا كان يمكن للسيد ريغان أن يصفق له إعجابا ، فأنه قد وسع درجة الحكومة المركزية ومدياتها ، من اجل أن يدفع بقضية المحافظين قدما . وحاول السيد بوش رعاية ولادة فلسفة سياسية جديدة هي الحكومة المحافظة الكبرى . فلقد شهدت رئاسته الزيادة الكبرى في النفقات " وفقا لقراراته الشخصية " منذ زمن التكساسي جونسون . ففي الولاية الأولى ارتفعت النفقات الفيدرالية بنسبة 29% وفقا لميزانية 2005 ، ثلاث أضعاف الزيادة التي حصلت في ولاية كلنتون الثانية . وزادت إدارة بوش الصرف على التعليم من 26 مليار في 2001 الى 63 مليار في 2004 ، بزيادة 75% . وكذلك اندفعت الحكومة الى التوسع الأكبر في الرعاية الصحية لكبار السن ، البرنامج الذي انشأ في الستينات . واليوم يعمل الكثير من الموظفين في الإدارة الحكومية اكثر من أي وقت مضى .
يمكن القول إن التوسع في الإدارة الحكومية هو نتاج سلبي للأحداث خصوصا بعد اعتداءات 11 سبتمبر . فقد دفعت التهديدات الإرهابية بالحكومة كثيرا أو قليلا نحو تشكيل جهاز حكومي جديد هائل للأمن المحلي . والذي كان السيد بوش قد عارض تشكيله في البدء . وقد وعد بوش المحافظين بالسيطرة على النفقات الاستنسابية " وفقا لقراراته الشخصية" ودعا الى حذف 65 برنامج حكومي ليوفر 4.6 مليار لميزانية الحكومة .

 ليس الأمن المحلي فقط :
رغم ذلك يبدو هذا الجدال غير مقنع . فالحرب على الإرهاب تشكل فقط جزء من أسباب زيادة الأنفاق الحكومي . وبخصوص وعد السيد بوش بالسيطرة على الأنفاق الحكومي ، فإن البيت الأبيض قد فاجئ الجميع بالتوسع الحكومي للسنين القادمة . وتشير بعض التقديرات الى أن نفقات الرعاية الصحية ستكلف تريليون دولار في مرحلتها الثانية .
تمضي حكومة السيد بوش المحافظة الكبرى الى ما وراء الردود العمياء على الأحداث . في حملة عام 2000 ، أوضح السيد بوش بأنه يملك موقف مختلف عن أسلافه المحافظين بشأن الدولة . وأثنى على " الحكومة النشيطة والمركزية الفعالة " . وعلى النقيض من أسلافه المحافظين لم يدعو الى خفض نفقات التعليم بل دعا إلى زيادتها واكثر من ذلك أطرى على مجتمع جونسون العظيم آنذاك .
كذلك فان حكومة بوش المحافظة تمضي إلى ما وراء الرغبة العمياء في المصروفات العامة ، لذا نراها حافظت على الالتزام الجمهوري البعيد الأمد باللامركزية خلال إعطاء الحكومات الفيدرالية دورا اكبر في تنظيم الأسس التعليمية اكثر من ذي قبل . حيث واصلت الشك الجمهوري القديم بالإدارة الحكومية عبر استخدام الحكومة للدفع باتجاه تحفيز القيم المحافظة ، وهكذا تنشر وزارة التربية قيم العفة والحشمة في برنامج التربية الجنسية . وتستخدم وزارة الصحة والخدمات الإنسانية نظام الرعاية الاجتماعية للدفاع عن الزواج والمسؤولية الأبوية . فيما يلغي وزير العدل ، اشكروفت ، حق الدفاع عن الذين يؤيدون الانتحار أو استخدام المخدرات لأغراض طبية .
من أين أتى كل هذا ؟
إن تحول السيد بوش الى الحكومة المحافظة الكبرى هو الترياق المضاد للمشاكل المتفاقمة للحكومة الصغيرة . فحالما انتهت فترة التسعينات بدأ السيد كنكرج ومجموعته المرحة بمعالجة صبر الأمريكان بقذائف من الراديكالية . قد يسر الطبقة المتوسطة إظهار الحب نحو الفقراء ، لكنها ستكون اقل مرحا عندما يتضمن ذلك الحب تخفيضا في الرعاية الصحية ومنحا للطلبة . وليس أمرا غير عادل توصل السيد بوش الى أن السبيل الوحيد الى الوئام مع الحكومة هو إعادة الكرة ثانية عبر جعل القيم المحافظة محببة الى عقل الطبقة الوسطى . فالعديد من أنصاره المتحمسين يعدون خفض الضرائب من أولوياتهم الكبرى : الخفض الذي يجريه السيد بوش كما ينبغي . لكن العديد من أطراف التحالف المحافظ ينظرون الى الحكومة لحل مشاكلهم . والعديد من رجال الأعمال أيضا يطلبون من الحكومة ترك أعمالهم في الداخل ودعم مصالحهم في الخارج . كما أن العديد من الهيئات الأمريكية تدعو منذ سنوات إلى إصلاح نظام التعليم . وهناك دعوة المحافظين الاجتماعيين إلى توظيف الحكومة لنشر قيم الفضيلة ومحاربة الرذيلة كدعم الانتحار والترخيص بالتدخين .
انه موقف مثير جدا للرئيس الذي اعتاد أن يبدأ اجتماعه الوزاري بتلاوة الصلاة . ويعمل كل من في البيت الأبيض والأغلبية الجمهورية في الكونغرس بكد على إغداق الهبات الحكومية على المجموعات ذات الولاء الجمهوري . فالتشريع الزراعي يتضمن هبات هائلة الى رجال الأعمال الزراعيين . ويوفر تشريع الأدوية دعما ماليا لصناعة الأدوية . وقد لعبت انتلجينسيا المحافظين الجدد دورا حيويا في تشجيع النزعة الحكومية المحافظة التي لها دورها في تشجيع الحرب على العراق . حيث يرى ( ايفرن كرستول ) عراب المحافظين الجدد بأن : نمو الدولة أمر طبيعي ، بل لا يمكن تجنبه " ويشن ابنه ( بيل ) عبر مجلة " ويكلي ستاندر " حربا صليبية لاحلال النزعة الوطنية المحافظة العالية محل قاعدة " اتركونا لوحدنا محافظين " .
ويذهب السيد ( كرستول ) وأنصاره إلى أن : " الرغبة في أن تترك لوحدك ليس الموقف السائد " وحبك لبلدك وكرهك لحكومتها ليس الموقف الفلسفي الذي يمكنه أن يستمر طويلا . بالإضافة الى عدم وجود حاجة لان تكره حكومتك إن كانت بأيدي أمينة ( في إشارة إلى الجمهوريين ) .

 الفلسفة الدائمة :
تذهب اكثر المجادلات صوابا إلى تفضيل سياسة السيد بوش لحقيقة المضي إلى ما وراء توسيع الحكومة . فقد اقترن الاتفاق العام ، بشكل متزايد ، بالمنافسة والمسؤولية . والتشريع الذي يهدف الى عدم ترك أي طفل خارج التعليم هو اشد الإصلاحيات أهمية في نظام التعليم الأمريكي منذ عقود . وحيث وظف مزيج من السياقات الوطنية ونظم الاختبارات العامة لقياس تقدم الأطفال : فإن فشل عدد كبير من الأطفال في مدرسة ما للوصول الى القياسات المطلوبة ، لعائلة الأطفال الحق بطلب تحويل أبنائهم إلى مدرسة أخرى . وكذلك الأمر مع الإصلاح الذي ادخل على نظام الرعاية الصحية ، والذي مضى إلى ابعد من نظام الادخار الطبي . إن التأكيد على المسؤولية يوضح لماذا يبغض قطاع كبير من الناس سياسة بوش رغم تشريعات الإنفاق الكبيرة .
رغم ذلك فإن محاولة إدخال المنافسة في برامج المدارس والرعاية الصحية لم تمضي بعيدا . فهناك من الأسباب ما يدفع للشك فيما إذا كانت البيروقراطية التعليمية تسمح بإغلاق المدارس الفاشلة . وقد فشلت الإدارة باستخدام التوسع في الرعاية الصحية كرافعة لإدخال إصلاحات هيكلية كوسائل اختبار . وتبقى فرصة بوش الحقيقية لبناء خيار في قلب البرامج الحكومية تكمن في إصلاحات الأمن الداخلي . وان وضع هذا البرنامج موضع التنفيذ ، دون شك ، فان توجه الحكومة المحافظة جدا سيكون ذا نتائج سيئة . فمشكلة التشريع الجديد بسيطة جدا : فان تم تخفيض كبير للضرائب وزيادة في الإنفاق العام ستكون المحصلة خلل هائل في الموازنة . مع إن هناك الكثير لا يعتقدون بفكرة أن تخفيض الضرائب أمر خاطئ مبدئيا . حيث إن دعوة الحزب الجمهوري الى ترك النقود في جيوب الناخبين افضل من وضعها في أيدي البيروقراطيين ، هي إحدى الجوانب الجذابة في سياسة الحزب الجمهوري الحاكم . لكن الخلل الكبير والمتواصل في الموازنة سيكون ذا تأثير ملحوظ على المواطنين . وإذا استمر الجمهوريون بفرض الضرائب كحزب صغير والإنفاق كحكومة كبيرة ، فإن الخلل في الميزانية سيصل الى 500 بليون في العام في العقد القادم .
ورغم أن هذه الحكومة هي حكومة المحافظين الكبرى ، لا يبدو إنها حكومة العلاج الشافي ، فهي تعزل قطاعات واسعة من تحالف الجمهوريين ، إذ لا يبدو أن الليبراليين على استعداد لسماع إرشادات السيد اشكروفت . والجيل القديم من المحافظين لا يود أن يرى واشنطن وقد امتدت سلطاتها على كل المدارس المحلية . كما لا يرغب رجال الحكومة الأكفاء في أن يروا اختلال الموازنة وقد اصبح خارج السيطرة .
لقد انتقد السيناتور ميكاين الرئيس بوش لفشله في استخدام سلطاته للسيطرة على الكونغرس الذي ينفق الأموال كبحار ثمل . واشتكى السيناتور ( لامب أوف ) من أن ميراث الرئيس في الإنفاق المحلي قد تعاظم الى مدى بعيد وقد يكون أحد معوقات الحرية في العصر الحديث . ويقول في هذا الصدد : " قد يكون هذا أمرا عاطفيا لكن ليس المحافظة على الإطلاق " .
تكمن المشكلة الثالثة في النتائج غير المقصودة . فقبل أربعين عاما ، انتقد الآباء المؤسسون للمحافظين الجدد المجتمع الكبير على أساس أن أهدافه المنتفخة غالبا ما تثمر عن نتائج سلبية : فالسيطرة على الإيجارات – مثلا - قللت من توفر السكن . وقد تكون إحدى اكبر العواقب غير المقصودة لجمهور السيد بوش أن تلحق حكومة المحافظين الكبرى بحكومة الليبرالية الكبرى . فالحكومة بطبيعتها سكين تندفع بشفرتها نحو اليسار ، جزئيا لان العاملين في الدولة يميلون نحو اليسار ، وجزئيا لان برامج الدولة تشجع الاستقلالية . واكبر من عملية لي ذراع الدولة نحو النهاية المحافظة ، ربما يوفر الجمهوريون عتادا اكثر للإدارات الجمهورية المقبلة .
ولا يمثل السيد بوش شيئا إن لم يكن طموحا . وان كان قدر لفلسفته الجديدة الثبات والاستمرار سيكون بمثابة الشخصية المغيرة في تاريخ الحركة المحافظة الجديدة . وان فشلت فلسفته سينظر إليه على انه صانع سياسة داخلية محكوم عليه بإنكار الطابع الرئيسي للثورة التي بدأت مع الحرب الباردة : حيث يكمن جوهر المحافظة في تقليص الحكومة .
ليست رئاسة السيد بوش متطرفة فيما حاولت إنجازه فقط ، بل كذلك في الطريقة التي اعتمدتها لتحقيق ذلك . وغالبا ينظر إلى مرحلته على إنها تحول غير اعتيادي في الأسلوب . وقد يعود ذلك في جزء منه إلى جمهوره ، وفي جزئه الآخر يكون نتيجة لقوى تكتلاتية ، فقد وسع من نفوذ الرئاسة على حساب مفاصل أخرى من الحكومة . ذلك هو المشروع العظيم الثالث لرئاسته الأكثر إقلاقا ، والذي تصعب ملاحظته خارج واشنطن .

 الإمبراطورية المستعادة :
وصل السيد بوش الى السلطة مدعيا أن القيود على السلطة الرئاسية - منذ فضيحة ووترغيت - قد أضرت بصناعة القرار الحكومي . والإشارة الضمنية هنا هي : تحتاج الحكومة الجديدة الى فترة خلوة لتطحن سياساتها ، وللشعب الحكم على النتائج . في عام 2002 قال دك تشيني : " طالما شاهدت تأكل في سلطات وقابليات رئيس الولايات المتحدة في تأدية عمله " وأضاف : " انه والرئيس بوش تحدثا عن الحاجة لـ ( دفع مؤسساتنا الى صيغ افضل من التي ورثناها من الذين سبقونا ) " . ولقد نجحا ، ليس كليا ، لكن بثمن باهظ .
فالحكومة الموحدة ، من إدارة بوش وكونغرس للحزب الحاكم نفسه تميل إلى تعزيز السلطات الرئاسية في كل سبيل – وهذا ما يحصل في الوقت الحاضر كما خطط الحزب الجمهوري بطريقة شرعية . عرف توم ديلي ، زعيم الأغلبية ، عمله ببساطة " كيف لي أن أساعد الرئيس ؟ " وتدفع الأقلية الضئيلة بالقوات المسلحة للاتفاق معها ، ولتجنب أي تراجع ، وقد ذكر السيد بوش رجال الكونغرس والسيناتورات ، في حملته لنصف المرحلة في 2002 ، بأن مصالحهم تقتضي أن يكونوا على وئام معه .
وستفضي الحرب على الإرهاب الى تقوية السلطة التنفيذية اكثر من ذي قبل ، والأكثر أهمية هو التعزيز المتواصل لسلطات المفاصل التنفيذية وشمولها الحريات الشخصية للأمريكان .
لكن طموحات الرئيس بوش تذهب بعيدا اكثر مما تعمل القوى الخفية على جعلها حتمية . وأحد معايير طموحه كان دعوة المجلــس القضائــــي في وزارة العــــــــدل " المصدر الرئيسي للاستشارات القانونية للإدارة " المشكل في 2002 ، والادعاء بأن سلطة الرئيس كقائد عام كانت في الحقيقة غير محددة في إدارة الحرب . وكما صيغت قانونيا " يتمتع بحرية تصرف كاملة في ممارسة سلطاته كقائد عام للقوات المسلحة " .
يظهر هذا الادعاء كم هي واسعة نظرة بوش للسلطات التي يمكن أن يمارسها . وما من رئيس قد سبقه الى هذا البعد . قالت المحكمة العليا بأن الدستور لا يكفل مثل هذه القراءة وأدانت السياسة المعتمدة عليها : احتجاز معتقلي حرب أفغانستان دون اتهام . لكن القضية غير الاعتيادية كانت في فرض المحكمة العليا نفوذها على السيد بوش بشكل عام ، مع أن للسيد بوش أسلوبه الخاص بالإدارة .
اكثر السلطات أهمية لفحص سلطة الرئيس هو الكونغرس ، رسميا سلطة السيادة . ولمعرفة كيف تعامل السيد بوش وحلفائه مع الهيئة التشريعية ، علينا النظر الى مشروع الرعاية الصحية .
ففي كانون الأول 2003 ، أرسل البيت الأبيض مشروع قرار لاصلاح نظام الرعاية الصحية ، وقيل حينها ، أن كلفة المشروع هي 400 بليون . لكن الكلفة الحقيقية كانت 534 بليون . وطلب من خبراء التأمين عدم الرد على أسئلة الكونغرس المتعلقة بالآلام التي يسببها الصرف من العمل . وبعد أن حرر البيت الأبيض ومجلس السيناتورات صفتين ، بدأ الجمهوريون العمل للتوفيق بينهما ، ورفضوا السماح لخمسة من الديمقراطيين المسموح لهم المساهمة في التشاور واعادة كتابة المشروع .
وعقب ذلك ، عندما شعروا بنقص في الأغلبية عند بدأ التصويت في الساعة الثالثة مساءا ، وتحديا للأسبقيات من حيث الأهمية والزمان والترتيب ، أبقى البيت الأبيض التصويت مفتوحا لثلاثة ساعات بينما كانت الأذرع ملوية . وفي النهاية ، مر المشروع قبل السادسة مساءا . وقد أسمى السيد ( نورمان اورنستين ) من معهد العمل الأمريكي ، تلك العملية بأقذر خرق للأنظمة في التاريخ الحديث .
عادة ما كانت صناعة القوانين تشبه صناعة الصوصج ( لا تنظر عن كثب ) . فعندما كان الديمقراطيون في الحكم ، لم يكونوا يديرون الكونغرس كما هو مدون في النصوص المدرسية . ويحتاج البعض من رجالات الكونغرس الذين يقدسون التراث الى بعض التشذيب ، خصوصا مع سلطة اللجان . لكن الجمهوريين مضوا قدما دون الأخذ بنظر الاعتبار أي عنصر مخفف ، وبدلا عن ذلك أدعو صيغة الغاية تبرر الوسيلة . هم يقولون أن السيد بوش عمل تخفيضا كبيرا في الضرائب واصلاح نظام التعليم والرعاية الصحية من خلال المؤسسة الموالية بمرارة والمنقسمة على نفسها . والبديل لمثل هذه التكتيكات الحاسمة هو هيئة تشريعية متزمتة ، والتي ستكون - كما يقولون - أسوء بالطبع .
لكن إن جرى الاعتقاد بأن الغايات جيدة ، فإن الوسائل ستكون ذات ضرر مؤسساتي مرضي على الكونغرس . فنظام اللجان يمتلك الكثير لكنه سرعان ما ينهار ، والآن تكتب المشاريع من قبل القادة ومساعديهم بالتناغم مع البيت الأبيض . وغالبا ما تقطع المداولات : فالكثير من السجالات يصوت عليها تحت يافطة ( القانون المغلق ) والتي تحظر أي تعديل . أما مرحلة المؤتمر ، حين تعمل تسوية للصيغ المختلفة للمشاريع ، فغالبا ما تتحول من فرصة للمساومات الى فرصة لاعلان الولاء والمشايعة ثانية . وفي بعض الأوقات لا تجتمع لجنة المؤتمر على الإطلاق . في أحيان كثيرة أهمل الجمهوريون القانون القائل بأن للجنة فقط الحق في فصل الخلافات حينما كانوا يقرون مشاريع القرارات في اللحظة الأخيرة ويضعون الميزانية مزقا .

 كلب الحراسة النعسان :
بالنسبة لمهام الكونغرس الأخرى كمراقبة عمل الحكومة ، فقد أصابها الخلل كذلك ، مع بعض الاستثناءات ( أقامت لجنة القوات المسلحة جلسات استماع لفضيحة أبو غريب ) وتركت الاستقصاءات الجدية كلجان خاصة ، مثل تلك التي نظرت في اعتداءات 11 سبتمبر . ووضعت مسؤولية مثل هذه اللجان في أيدي الجمهوريين ، فهم يمانعون في البحث عن واحدة من سوءاتهم . فيما لم يبدي السيد بوش على نحو صحيح أو دقيق إذعانا ملحوظا إلى دور الكونغرس . وقد رفض البيت الأبيض السماح لـ ( توم رج ) مسؤول الأمن الداخلي ، بالمثول للشهادة . وأعلن انه لن يجب على أسئلة الديمقراطيين عن لجنة الميزانية ، كما رفض السيد بوش الشهادة أمام لجنة 11 سبتمبر . في كل هذه الحالات تتراجع الإدارة في النهاية . لكن في زمن التغير الدراماتيكي ، كانت كلاب الكونغرس المكلفة بالحراسة نائمة .
وكان إشراف الكونغرس في لب ادعاء الإدارة بأن التدخل المتواصل يضر بصناعة القرار التنفيذي . وموضوع سياسة الطاقة الجديدة المثال الأبرز عن ذلك . فعندما حاول الديمقراطيون الدفع بنائب الرئيس تشيني لان يكشف عن الذين التقاهم عندما صاغ مشروع الطاقة ، رفض تشيني ذلك ، متذرعا بحماية الدستور للرئيس ونائبه في الكشف عن مداولاتهم . وكما ذهب النائب العام للمحكمة العليا : " ليس للكونغرس حق التدخل في قدرة الرئيس على أداء هذه الوظائف ولا تخويل قضائيا خاص لاستخدام المحكمة لعمل ذلك " . في هذه الحالة ، تغلب السيد تشيني ، ونصره هذا يشجع إدارات المستقبل .
ولم تتوقف الإدارة عند هذا الموضع . فليس الكونغرس وحده بل كذلك مجموعة القوانين الصغيرة وأنظمة الإدارة تحد من سلطة الرئيس مثل : طلبات حرية المعلومات ، وسلطة تصنيف الوثائق ، وإجراءات الخدمة المدنية . وجزئيا لتلبية احتياجات الأمن الداخلي ، فأن التحفظ على السلطة التنفيذية قد زاد هذه المواضع فعليا . المثال الأبرز هنا هو قانون المواطنة . والذي دعم قوى تعزيز القانون والمراقبة . وعلى الأقل ، فأن ذلك القانون مرر من قبل الكونغرس وخضع للمراجعة . وبشكل عام ، فإن الإدارة قد زادت من سلطاتها بتأكيدها لتلك السلطات . حالا بعد أحداث 11 سبتمبر اصدر السيد اشكروفت خطوطا عامة جديدة بخصوص طلبات حرية المعلومات . وقد قلب النائب العام سياسة فترة كلنتون برفض تلك الطلبات إذا كان السماح بها قد يتسبب بضرر جوهري . وتشتكي منظمات المجتمع العامة من رفض تلك الطلبات في الوقت الحاضر ، حتى وان كانت تتعلق بأمور ليس لها علامة بموضوعة الأمن ، مثل التلوث والسلامة العامة .
ووفقا للأرشيف الوطني ، فإن 44 مليون وثيقة قد تم تصنيفها في السنتين الأوليين من حكم إدارة بوش . وهذا يعادل ما صنف في إدارة كلنتون الثانية . واغلب الرسميين – ومن ضمنهم ، لبعض الأسباب ، وزير الزراعة – قد فوضوا لتصنيف الوثائق . وهذا اكثر من رد على اعتداءات 11 سبتمبر . فقد اصدر الرئيس بوش أمرا تنفيذيا قلب به القاعدة التي تقضي بأن تصنف الأوراق الرئاسية أوتوماتيكيا بعد 12 عاما من مغادرة الرئيس للبيت الأبيض . بدلا من ذلك ، قرروا بأن للرؤساء السابقين الحق في أن يقرروا فتح بعض الملفات خلال حياتهم ، وللرئيس سلطة مراجعة الأوراق .

 بالتفصيل :
جزء من رد الفعل هذا ضد الفحص والتدقيق هو استخدام ما يمكن أن يسمى حكومة بالحرف الصغير : دس إضافات في اللحظة الأخيرة أو التعامل السلطوي الأخرق مع نصوص اللوائح التي تطبق القوانين . ومثلما ذهبت جريدة الواشنطن بوست في مقالها الأخير إلى القول بأن مثل هذه التغيرات غالبا ما ينظر إليها على إنها صغيرة ولكن يمكن لها أن تكون ذات تأثير كبير . مثلا ، تغير كلمة " يستهلك " الى " يملئ" في قانون إدارة مناجم الفحم ، سمح للحكومة بزيادة استخراج الفحم في فرجينيا الغربية . وبإضافة جملتين عن الأدلة العلمية الى ورقة كشف الميزانية زادت سلطاتها في إدارة الخلافات القانونية .
بالتأكيد ، فأن اكثر الطرق إثارة للقلق والتي استطاعت بها الإدارة من زيادة سلطاتها كانت ماكنة العلاقات العامة . وقديما قال توماس جفرسون بأن جمهور الناخبين حسن التنظيم كابح مهم جدا للحكومة . وبإصدارها المعلومات المجتزئة ، وأحيانا المظللة ، فأن إدارة الرئيس بوش قد أعاقت عملية الفحص والتدقيق .
لننظر على سبيل المثال في الجدل المثار بشأن خفض الضرائب . بالتأكيد كان مظللا الادعاء الذي طرحه السيد بوش عن الخفض وتأثيراته التوزيعية التي كان يجب أن يعرفها . في عام 2000 ، ادعى إن الجولة الأولى من الخفض ستكلف 1.6 ترليون خلال عشرة أعوام ، وهو ربع فائض الميزانية في تلك اللحظة . ووفقا لأرقامه فإن الحصة ستكون الثلث وليس الربع . وقد توصل الى هذه الأرقام من خلال وسائل التحايل الحسابية الشنيعة والتي يكافح الآن لحظرها .
وأكد بأن هذا الخفض سيوفر " دعما عظيما لمن هم في حاجة ماسة " مقدما دراسة مالية مفصلة لإسناد ادعائه هذا . في الماضي ، كانت الدراسات المالية جزئية . إلا أن هذه الدراسة توصلت الى نتائجها بحذف خفض الضرائب التي سيكون اشد المستفيدين منها هم الأثرياء ( مثل أبطال ضريبة العقار ) . ومن خلال أي حسابات بسيطة يتضح أن خفض الضرائب سيكون ذو اثر انكفائي على الذين " هم في حاجة ماسة " .
فأخذ الحقائق خارج سياقها ، وتسييس الدراسات الحكومية ، وتقديم أمثلة غير سوية كنماذج وحيدة هي الأساليب المتفردة لحكومة بوش . ولكنها لا تزال ذات اثر تدميري . فنظام الفحص والتوازن – في الحقيقة الديمقراطية نفسها – يتطلب ناخبين قادرين على فهم تأثير القرارات التي تتخذ بالنيابة عنهم ، حتى يتمكنوا من تقديم الثناء أو النقد بعدالة . إذا كان من الصعب أخباركم عن نقاشات الإدارة بشأن الحرب ، كونها مبررة أو باطلة ، أو من يستفيد من عملية خفض الضرائب ، فإن حسابات الجمهور العام ستكون غير ممكنة .
واكثر من ذلك . فإن أعدادا من فريق الإدارة غالبا ما تصرفوا بطرق أوهنت النقاش العام مباشرة . في مايس 2002 ، قال ( دان بارلنت ) مدير الاتصالات في البيت الأبيض ، في جريـــدة الواشنطن بـــوست : إن النقــد الديمقراطي لافعال هذه الإدارة قبل " سبتمبر " كان بالضبط ما يريد أعداؤنا أن نفعل " .
ودمج السيد اشكروفت نشطاء الحريات المدنية والمتعاطفين مع الإرهاب ، مخاطبا الكونغرس بالقول : " رسالتي لأولئك الذين يروعون محبي السلام بشبح فقدان الحرية : تكتيكاتهم فقط تدعم الإرهابيين " كل هذا يدفع الى القول : بعد اعتداءات 11 سبتمبر ، النقاش نفسه قد يكون خيانة .
ولطالما قال السيد بوش بأن الناخبين يقدمون حكمهم في نوفمبر ، وهو يتطلع الى ذلك . لكن الانتخابات كل أربع سنوات ليست الوسيلة الوحيدة لكبح الحكومة . إذ أن أصالة النظام الأمريكي هي : على الإدارات العمل ضمن ضوابط نظام الفحص والموازنة . وهذه يجب أن تخضع الفحوصات نفسها للتدقيق والفحص .
ان مصدر التنافس الرئيسي للسلطة هو الكونغرس . وقد اصبح أشبه ما يكون بملحق للإدارة . تشجع المعلومات الفحص والتدقيق العام ، لكن تدفقها قد شح . فقد نقيت أفعال الحكومة من خلال قوانين الخدمة العامة وإجراءاتها . وقطعت الضوابط وأبدلت . والأعلام الحر أمر جوهري لاشتغال الديمقراطية ، لكن ( اندي كارد ) كبير موظفي البيت الأبيض ، لا يؤمن بهذه النظرة بل يذهب بالى القول : " لا اصدق أن للإعلام وظيفة الفحص والموازنة " وفي مناسبة تجاوزت الإدارة الخط الفاصل بين مصالح الحكومة ومصالح الحزب مستخدمة أموال دافعي الضرائب لتمويل دعاية لمشروع الرعاية الصحية .
تقريبا ، كل الحكومات تلوي الحقيقة . وهذه نادرا ما كانت ملجئا للكذب الفاضح : بدلا من ذلك ، استغلت هذه الإدارة المعلومات العامة وخرقت الضوابط الأساسية للسلوك السياسي في الكونغرس والخدمة المدنية والنقاش العام . ومهما كانت منافع زيادة السلطة الرئاسية ، فإن السيد بوش قد أنجز أهدافه بالقليل من كسب اكبر الدعم لسلطته وليس بأضعاف سلطات مؤسسات أخرى .

 في حلبة المسرح :
قد يعتبر أنصار السيد بوش التململ من توسيع السلطات انتقاصا من الإنجازات المرئية الكثيرة لرئاسته . ويطالبون بالنظر إلى الطريقة التي شرع بها البيت الأبيض طرائقا للحد من الإنفاق على الطاقة النووية أو خططا لبناء جمعيات التملك للسكن ، والمشروع بعيد المدى لاصلاح الضرائب . من جانب آخر يشتكي منتقدوه من إدارته قد شوهت البيئة وزادت من التفاوت الاجتماعي وتخطط لدرج قانون الإجهاض ثانية .
غالبا ما تتطلب الدلالات الحقيقية لأي حقبة رئاسية وقتا معينا لتظهر جلية . ويبدو أن اغلب المشاريع الخلافية غير ذات أهمية نسبيا . والأمر الأكثر أهمية والذي يميز رئاسة بوش هو المدى الذي قد فاقت به كل التوقعات . فعندما انتخب الرئيس ، اعتقد على نطاق واسع أن سلطته ستكون مهلهلة ، وستنجز القليل فقط . ولفأل حسن أو سيئ فإن كل هذه النبوءات قد دحضت .


عن مجلة الايكونومست
2004



#أمير_دوشي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- شاهد.. تضرر مبنى -قلعة هاري بوتر- بهجوم روسي في أوكرانيا
- حلوى بريطانية كلاسيكية تواجه حالة من عدم اليقين بسبب الواردا ...
- البنتاغون يواجه تحديات غير متوقعة بسبب أوكرانيا.. موردون لا ...
- العلماء الروس يضعون قاعدة بيانات لدلافين مهددة بالانقراض
- تربة تقاوم الجفاف في العراق
- تصريح صحفي صادر عن الملتقى الوطني لدعم المقاومة وحماية الوطن ...
- خامنئي يعلق على قمع الاعتصامات المناصرة لفلسطين في الولايات ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن مواصلة عملياته وسط غزة (فيديو)
- ارتفاع حصيلة ضحايا القصف الإسرائيلي على غزة إلى 34568 قتيلا ...
- تزامنا مع سيول عارمة.. حبات برد بأحجام كبيرة تخترق الخيام في ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أمير دوشي - بوش : المحافظ المتناقض