أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد اسماعيل حكيمي - الأسس والإجراءات التحكيم الدولي















المزيد.....


الأسس والإجراءات التحكيم الدولي


محمد اسماعيل حكيمي

الحوار المتمدن-العدد: 3969 - 2013 / 1 / 11 - 14:52
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مقدمة
إن من أهم الظواهر القانونية المعاصرة ظاهرة انتشار نظام التحكيم كوسيلة لحل النزاعات، والواقع أن هذا النظام هو نظام قديم حديث "قديم في نشأته ووجوده" حيث عرف في المجتمعات القديمة التي عدته وسيلة لحل النزاعات القائمة بين أفرادها وفقًا للأعراف والتقاليد السائدة فيها.
وبعد ظهور الدولة أصبح من أهم وظائفها حسم النزاعات وتحقيق العدالة بحماية الحقوق والمراكز القانونية وذلك من خلال السلطة القضائية التابعة لها، والتي منحتها الدولة ولاية الفصل في النزاعات القائمة بين مواطنيها وأقرت القوانين اللازمة لبيان كيفية اللجوء إلى هذه السلطة وكيفية ممارسة هذه الوظيفة وكيفية تنفيذ الأحكام الصادرة عنها وطرق الطعن فيها إضافة إلى الضمانات اللازمة التي تكفل استقلال هذه السلطة وحيدتها وتكفل لأطراف النزاع حقوقهم وحرياتهم في الدفاع عن مصالحهم.
وهو نظام حديث في "أحكامه ومادته ودراسته،" فرغم أن الدولة أصبحت تتولى مهمة الفصل في النزاعات عن طريق السلطة القضائية التابعة لها فقد أقرت التحكيم كوسيلة أخرى للفصل في هذه النزاعات وسنت القوانين التي تتضمن القواعد التي تكفل سلامة إجراءات التحكيم والحكم الصادر بناء على هذه الإجراءات.
والتحكيم بوصفه وسيلة لحسم النزاعات يتمتع بمزايا متعددة ‘تشكل الدافع في اللجوء إليه بد لا من القضاء، ومن هذه المزايا السرعة في حسم النزاعات مقارنة مع القضاء، وسرية إجراءات التحكيم بما يحقق مصالح الأطراف ويضمن استمرار العلاقة بينهما خلافًا للإجراءات أمام القضاء فالأصل فيها العلانية.
الإشكالية: ماهي أسس والإجراءات التي يجب على الدولة مراعاتها حين للجوء ها إلى تحكيم الدولي من أجل حسم ألنزاعاتها بطرق السلمية؟؟؟؟

المبحث الأول : التعهد السابق لنشوء الخلاف
المطلب الأول : الشرط الإتفاقي :Claus Compromissoire
المطلب الثاني معاهدة التحكيم الدائمة : Traité d’arbitrage obligatoire permanent
المبحث الثاني : المشارطة وإجراءات التحكيم الدولي
المطلب الأول: مشارطة التحكيم
المطلب الثاني: إجراءات التحكيم الدولى

المبحث الأول: التعهد السابق لنشوء الخلاف
من المبادئ المسلم بها في العلاقات الدولية عموما إن الدولة لاتلزم إلا بمحض إرادتها سواء في نطاق المعاهدات أو في نطاق اللجوء إلى القضاء الدولي.
كما يعود تاريخ هذا النوع من التعهد إلى الفترة التي سبقت عقد مؤتمرات السلام بلاهاي، ذلك أن المجموعة الدولية بذلت مجهودات كبيرة بغية إدراج بند التحكيم في أحكام المعاهدات . وان كان هذا الطرح لم يلقى النجاح خلال مؤتمر لاهاي 1899( )، خاصة بعد فشل المشروع الروسي بأعمال مبدأ التحكيم الإجباري في الخلافات ذات الطبيعة القانونية، نتاجا لما وجه إليه من جانب ألمانيا التي بدت الناقد والمعارض، إلا انه أمام المؤتمر الثاني بلاهاي 1907م تمكن المؤتمرون من إصدار تصريح جماعي ، تضمن الاعتراف بمبدأ التحكيم الإجباري ومنذ ذلك الحين تضاعفت المجهودات والمعاهدات المنتظمة تعهدا سبقا بالإحالة إلى التحكيم، وراح يتمثل في وسيلتين.
المطلب الأول : الشرط الإتفاقي :Claus Compromissoire
ويقصد به ذلك البند Clause الذي يندرج ضمن أحكام معاهدة ويهدف إلى إحالة النزاع المحتمل بين أطرافها على التحكيم الدولي، بمعنى ذلك النزاع الذي قد ينجم عن تلك المعاهدة.
ويمكن تقسيم شرط التحكيم إلى :
أولا - شرط التحكيم الخاص spéciale
وغالبا مايدرج ضمن فقرة وسائل حل المنازعات، المترتبة على تفسير وتطبيق المعاهدة مثل التوفيق أو التفاوض أو غيرها من الوسائل السلمية، كما انه في الغالب يأتي ضمن المعاهدات الثنائية، كتلك المتعلقة بالتجارة أو تعزيز السلم أو المنظمة للحدود الدولية( )، ولعل اقرب مثال على ذلك ما ورد في نص المادة 7 من معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية (اتفاقية كامب ديفيد ) المبرمة 26-03-1979 والتي جاءت ب "تحلٌ الخلافات بشأن تطبيق أو تفسير هذه المعاهدة عن طريق المفاوضة –إذا لم يتيسر حلٌ أي من هذه الخلافات عن طريق المفاوضة فتحلٌ با لتوفيق او بالإحالة إلى التحكيم الدولي ....".

ثانيا - شرط التحكيم العام Générale
وتكون فيه قاعدة التعهد هي خضوع كل الخلافات للتحكيم، ذلك أن البند يتناول جميع المنازعات من غير استثناء، والتي قد تنشأ من جراء تطبيق المهددة الأساسية التي تضمنته ومن ذلك نص المادة التاسعة من الاتفاقية التي وضعت حدا لتواجد الدول الثلاثة الكبرى (الولايات المتحدة الأمريكية – بريطانيا – فرنسا ) على إقليم ألمانيا - الفدرالية سابقا – 23- 10- 1954 كما يدخل ضمن هذا الصنف أيضا المعاهدات المتعلقة بالاستثمارات .
المطلب الثاني معاهدة التحكيم الدائمة : Traité d’arbitrage obligatoire permanent
كان الشرط الإتفاقي عبارة عن بند تابع مدرج ضمن أحكام أي معاهدة عامة، فإن معاهدة التحكيم الدائمة هي عبارة عن معاهدة مستقلة قائمة بذاتها. وهي صورة من صور التحكيم الإجباري متضمنة بذلك شرط تحكيم عام بين الأطراف، ولا ينصرف هذا الدوام إلى محكمة التحكيم الدائمة، بل إن صفة الدوام هنا تبقى محصورة في المعاهدة، خلافا للمحكمة التي تتشكل عند كل خلاف على حدة.
ولقد كانت كل معاهدات التحكيم الدائمة عبارة عن معاهدات ثنائية إلى غاية سنة 1914م، ولعل من أهمها، معاهدة التحكيم لبريطانية الفرنسية، المبرمة بتاريخ 14-10-1903 م تحت شعار التفاهم الودي كما شجعت عصبة الأمم المجموعة الدولية على نهج هذا السلوك لحل خلافاتها، مما أدى إلى تزايد عدد المعاهدات الثنائية ذات الطابع ألتحكيمي، وان كان اغلبها ينص على اللجوء الأولي للتوفيق، فإنه في حالة الإخفاق تسلك الأطراف المعنية مسلك التحكيم الدولي .ومن أشهر هذه المعاهدات تبرز اتفاقات لوكارن، إلى جانب المعاهدات الجماعية التي تتمثل في ميثاق التسوية السلمية للخلافات الدولية الذي أقرته عصبة الأمم في 26سبتمبر 1928م، لتدخل عليه بعض التعديلات الخفيفة بواسطة الجمعية العامة للأمم المتحدة وذلك في 28 ابريل 1949م.
ويتميز هذا النوع من المعاهدات بخصائص هامة من حيث إنها تنشأ تنظيما متكاملا وشاملا للتحكيم الدولي، إذ ينبغي في هذه الحالة أن يحرر اتفاق تحكيم خاص عند كل خلاف ينشأ على حدة، ذلك لأن النص على الإجراءات في معاهدة التحكيم الدائمة أمر قاصر عن تحقيق الغاية منه كما يمكن للأطراف في هذا الإنفاق النص على شروط وإجراءات تتبع في التحكيم في شأن قضية معينة بطريقة تختلف عن ماهو مقرر في معاهدة التحكيم الدائمة.
كما أنه من النادر إلا تتضمن الالتزامات التحكمية ذات الطابع الإجباري تحفظات معنية تبديها الأطراف المعنية عند إبرام المعاهدات بهذا الشأن :
أولا – طبيعة التحفظات الواردة على هذه المعاهدة :
غالبا ماينص مثل هذه المعاهدات على انه – لايخضع أو يستثنى من التحكيم الدولي - :
- المنازعات التي تمس "المصالح الحيوية أو الجوهرية " للدول المعنية .
- المنازعات التي تمس "الاستقلال" أو" شرف الدولة ".
- المنازعات التي تمس" مصالح الدول الغير".
ومن الثابت أن أول معاهدة تحكمية تضمنت هذه العبارات، في المعاهدة الفرنسية - لبريطانية 1903 م، ذلك إنها اتخذت كنموذج لكل المعاهدات اللاحقة عليها، ويعاب على إدراج مثل هذه التحفظات ضمن المعاهدات، بأنها تؤدي لامحالة، إلى إفراغ هذه الإلتزا مات الدولية من جوهرها، مما يجعلها عديمة الجدوى، إضافة إلى ذاتية تلك العبارات والغموض الطاغي على المفاهيم الناتجة عنها. ويرى الأستاذ كوك دينه انه ما إذا كانت هناك مبررات وجيهة تستدعي ضرورة إبداء التحفظ على المعاهدة، فإن ذلك لايجب حقيقة إن للتحفظ جنب سلبية من حيث انه يعدل أحكام المعاهدة ولو نسبيا، كما يمس بوحدتها مرورا توازنها إلى تفتيت نظامها( ).
ثانيا – التقييدات الواقعة على هذه التحفظات :
لقد بذلت مجهودات في الوقت الحاضر من طرف المجموعة الدولية، بهدف حصر هذه التحفظات والساعية إلى تحقيق النتائج المتمثلة في مراعىات جانب الموضوعية بقدر المستطاع، وكذا التركيز على السعي نحو الانحسار التدريجي للتحفظات المرتبطة "الشرف" الاستقلال " "المصالح الحيوية للدولة " زيادة على ذلك السعي نحو ادراج المعاهدات لتحفظات واضحة ومحددة.
وتجدر الإشارات إلى أنه يمكن للأطراف أن تدرج بندا ضمن هذا الاتفاق، والذي بمقتضاه يسمح لهيئة التحكيم أن تستدرك النقائص التي قد يحملها هذا الاتفاق، ولعل احد أوجه التطور في هذا المجال، يتمثل في تحرير نصوص عامة، تقتدي بها الدول الأطراف كنماذج Modèle عند رغبتها في للجوء إلى التحكيم الدولي، وعبرت عنه المادة 51 من اتفاقية لاهاي 1907 ( بهدف ترقية التحكيم إن الدول المتعاقدة قد أقرت القواعد التالية التي يتعين تطبيقها على إجراءات التحكيم في حالة عدم توصل هذه الأطراف إلى صياغة قواعد أخرى ) وحسب الدكتور بالقاسم، فإن " القاعد التي تضمنتها الاتفاقية ،يمكن أن تصلح كنموذج يقتدي به إما كقواعد تنسخ بصفة مباشرة، وإما احتياطية في حالة سكوت اتفاق الإحالة عنها " وتنص المادتان 53 ،54 من نفس الاتفاقية على " إمكانية لجوء الأطراف إلى تعيين لجنة مختصة تخولها صلاحية تحرير هذا الاتفاق لصالح هذه الأطراف.
ونخلص للقول بأنه في كلتي صورتي التعهد المسبق، يتعين على أطراف النزاع فضلا عن هذا إبرام مشارطة التحكيم إلى جانب ذلك، فمعاهدة التحكيم الدائمة وبدرجة اقل الشرط الإتفاقي يكمن دورهما في تحديد لا في تنظيم إجراءات التحكيم بالدقة المطلوبة .

المبحث الثاني : المشارطة وإجراءات التحكيم
المطلب الأول: مشارطة التحكيم
يقصد بمشارطة التحكيم ( Compromis ) اتفاق دولتين أو أكثر على حل خلاف نشأ بينهم وذلك يكون عن طريف التحكيم من اجل الفصل في النزاع القائم . في نفس الذي يعتبر فيه هذا الإتفاق معاهدة دولية وجب توافر نوعان من الشروط لبلوغ صحته وكذا مشروعيته .
أولا - الشروط الشكلية لصحة معاهدة التحكيم :
إذا كانت مشارطة التحكيم معاهدة دولية، وهو ما سلف ذكره، فإن ذلك يعني وجوب توافر الشروط الشكلية المنصوص عليها في المبادئ العامة للقانون الدولي، وخاصة تلك المتعلقة بعقد المعاهدات وكذلك في نصوص القانون العام الداخلي لكل من الدول المتعاقدة من حيث :
أ‌- أهلية التعاقد: Capacité requise pour conclure un traité
من المسلم به أن المعاهدة الدولية لاتعتبر صحيحة، ما لم يكن أطرافها جميع متمتعا بأهلية إبرا مها، كما انه سرى التعارف على أن الأشخاص القانونية الدولية، المخولة أساسا لإبرام المعاهدات هي الدول كاملة السيادة ، وهو ما يعني التمتع بأهلية الكاملة للدولة المعنية ، مما يكسبها حق إبرام كافة المعاهدات إما ذات السيادة الناقصة فإن امتداد نقصانها يسري على تلك الأهلية التي من المفروض أنها تتمتع بها في حدود معينة، ومن ثم فلا يجوز لها إبرام المعاهدات إلا في تلك الحدود، وفي نفس السياق جاز للمنظمات الدولية إبرام المعاهدات التي تقتضي قيامها بوظائفها ، نتاجا لمحدودية الشخصية التي تتمتع بها والمحصورة وفقا لمقتضيات تلك الوظائف، من هذا المنظور يتجلى تمثل قواعد القانون الدولي في إطار اشتراط الأهلية لدى أطراف المعاهدة بغية صحتها، في الحين الذي يكون فيه دور قواعد القانون العام الداخلي فيمكن في تعيين الجهاز أو السلطة المختصة للتعبير عن إرادة الدولة في إبرام المعاهدة وكذا التوقيع والتصديق عليها .
ب‌- سلامة الرضاء من العيوب : Le Consentement des parties
تشترط قواعد القانون الدولي العام لصحة المعاهدة أن يكون رضا أو إرادة أطرافها سليما ، بمعنى أن لا يكون هذا الرضا مشوبا بأي عيب من عيوب الرضا وهي (الغلط - التدليس "الغش " الإكراه ) وفي هذا السياق يرى الأستاذ الغنيمي أن المعاهدة لايمكن أن تنالها عيوب الإرادة شأن العقد في القانون الخاص إذ يقول " إن الكلام عن عيوب الإرادة في نظرية المعاهدة يشهد على أصحابه بحقيقتين: الأولى أنهم ينكرون أن المعاهدة دليل من أدلة الإرادة الشارعة لأن المصدر الخالق لقانون يملك إرادة إنشائه وتبعا لهذا فلا محل للكلام عما يشوب إرادته من عيوب، أما الثانية فهي ان فقهاء القانون الدولي، أصحاب هذا الاتجاه لازالوا متأثرين بأفكار القانون الخاص في نظرتهم للمعاهدة على أنها عقد Contrat، فهم حسب رأيه يستعيرون من القانون الداخلي، بل يخلطون مابين المعاهدة وغيرها من الاتفاقات الدولية "الوفاقات الدولية " على اعتبار أنها ليست لها طبيعة تشريعية، وتلك هي التي يجوز, حسبه, أن تناقش فيها عيوب الإرادة.
ج_ مشروع موضوع التعاقد:
إن من بين شروط صحة انعقاد المعاهدة أيضا أن يكون الموضوع الذي تعالجه مشروعا وفقا للنظام العام الدولي بمعنى أن لا يكون مخالفا للقواعد العامة للقانون الدولي ولا للمبادئ الأخلاق ولا للتعهدات السابقة.
وقد أكد ميثاق هيئة الأمم هذا المبدأ حيث قررت المادة 103 أنه ( إذا تعارضت الالتزامات التي يرتبط بها أعضاء الأمم المتحدة وفقا لهذا الميثاق مع أي التزام دولي آخر يرتبطون به, فالعبرة بالالتزامات المرتبطة على هذا الميثاق).
وقد أكدت محكمة العدل الدولية في قضية برشلونة تراكسيون, في حكمها الصادرة في 05-02-1970على هذه القواعد الآمرة, منها حظر الأعمال العدوانية, أعمال الإبادة, المساس بالحقوق الأساسية للجنس البشري, لاسيما أعمال العبودية والتمييز العنصري.
ثانيا - الشروط الموضوعية لمشارطة التحكيم:
إن كان اتفاق التحكيم ، عمل إرادي يتوافق على إرادة الدول، فإن لهذه الأخيرة الحق في تضمين المسائل التي تراها مناسبة وضرورية ، كما انه توجد بعض المسائل التي لزم توافرها عادة في مشارطة التحكيم( ).
أ‌- تحديد موضوع الخلاف:
من اتفاق التحكيم تحديد نقاط الخلاف، والمسائل المختلف عليها فيما بين الدول، كذلك إذا كان الخلاف يدور حول أكثر من موضوع، فإنه يجب لاكتمال الاتفاق إن يضم بيانا لكل مسألة على حدة. ويفضل أن يكون موضوع الخلاف واضحا ومحددا تحديدا دقيقا في اتفاق التحكيم لأن تحديد طبيعة الخلاف يساعد المحكمة توصل إلى قرارا عادل في حل الخلافات وخاصة إذا كان متصلا بموضوع الحدود الدولية ، ذلك أنه يجب على الأطراف في النزاع الحدودي، تحديد موضوع الخلاف تحديدا دقيقا، شاملا المناطق المتنازع عليها، إن كان النزاع حول بعض مناطق الحدود الدول المتجاورة، أما إذا كان الخلاف بين الدول المتحكمة يتمثل في الخلاف حول بعض علامات الحدود, فيجب على الدول المختلفة أن تحدد في اتفاق التحكيم, عدد هذه العلامات، ويتم ذلك عن طريق الوصف في بطاقات ومن ثم تلحق بالمشارطة، وعلى سبيل المثال كما هو الحال في قضية طابا بين مصر وإسرائيل.
ب_تنظيم وسلطات محكمة التحكيم :
وهو الموضوع الثاني الذي يتعرض له، اتفاق التحكيم، من حيث تنظيم المحكمة المختصة بالنظر في النزاع، وكذا تحديد سلطاتها.
1 - تنظيم محكمة التحكيم:
من هذا المنطلق تظهر إرادة الدول المتحكمة، في تنظيم محكمة التحكيم، كما انه بادئ ذي بدء من الوهلة الأولى يعد اختيار هيئة التحكيم من أول الأمور التي ينبغي الاتفاق عليها من جانب الأطراف المعنية، كما يعهد إلى المحكم بالفصل في المنازعة المعروضة على التحكيم. وللدول المتنازعة مطلق الحرية في اختيار المحكمين, فقد تتفق على اختيار فرد أو هيئة محكمين.
ولعل ماجرى عليه العرف الدولي، أن ينتخب المحكمون من بين الحكام او الباباوات، وكذا الأمراء آو القساوسة، بل أكثر من ذلك البرلمانات أو كليات الحقوق والمحاكم العليا. أو من بين قائمة المحكمين الموجودة بمحكمة التحكيم الدائمة بلاهاي .
2 - سلطات محكمة التحكيم :
وهي من الأمور التي يجب تحديدها في مشارطة التحكيم، فيجب أن ينص في مشارطة التحكيم على تعريف الخلاف محل التحكيم, وبيان للمسائل المطلوب من المحكمة تقديرها, وكذلك النص على القواعد التي اتفق الأطراف على تطبيقها على النزاع محل التحكيم, لى تعريف الخلاف محل التحكيم، وكذالك بيان المسائل المطلوب من المحكمة تقديرها ، وكذالك النص على القواعد التي أتفق الأطراف على تطبيقها على النزاع محل التحكيم، ويكون ذلك عادة ما يكون ببيان هذه القواعد أو المبادئ بالتحديد، كما قد يقتصر الأطراف على الإشارة إلى هذه القواعد( )، أو يترك الأمر للمحكمة التي تفصل وفقا للقاعد القانونية في النزاع ، إضافة إلى إمكانية الفصل في النزاع وفقا لمبادئ العدالة الإنصاف، وإذا كانت نصوص المشارطة أو اتفاق التحكيم ، تحتاج لتفسير فإن المحكمة تملك ولاية تفسيره، وذلك حسب مبدأ استقرت عليه أحكام محاكم التحكيم، والذي يقضى بأن القاضي الدولي يملك حق الفصل في اختصاصاته ، دون حاجة إلى رأي الدول أطراف في الإنفاق، إلا أن ذلك لايعني قدرة المحكمين على إنشاء هذا الاختصاص، كما ينبغي ان يذكر بوضوح، في المشارطة السلطة المخولة للمحكمة، وتحديدها خاصة بالنسبة للحكم، وتحديد ما إذا كان، الحكم نهائيا فا صلا في الخلاف، ام سيقتصر الحكم على إصدار رأي استشاري.
ومن المبادئ الثابتة في قانون التحكيم الدولي ، تتبع إجراءات المداولة والحكم للقواعد التي تم تقنينها في الاتفاقيات العامة الدولية ..لاهاي 1899- 1907 م ، وكذالك النص على مسجل هيئة التحكيم ، حيث مايترك عادة تعيينه لرئيس هيئة التحكيم، كما يجب النص على مايعرف بميزانية هيئة المحكمة، ومكافئات قلم كتاب المحكمة، وفي الأخير يحدد أطراف النزاع المدة التي يمارس فيها الحكم سلطاته، كما يقع على المحكمة الالتزام بعدم تجاوز هذه السلطات المخولة لها بموجب اتفاق التحكيم، ذلك أن هذا الأخير هو قانون الأطراف وقانون المحكمة، ولعل عدم الالتزام به من طرف المحكمة قد يؤدي إلى تعرض ا لحكم الصادر عنها للبطلان.

المطلب الثاني: إجراءات التحكيم
يقصد بإجراء التحكيم مجموعة القواعد التي يجب على المحكمة إتباعها في سير التحقيق في موضوع النزاع وحتى صدور الحكم وكقاعدة عامة فان اتفاق التحكيم هو الذي يجب أن يبين قواعد الإجراءات التي تسير عليها المحكمة.
في هذا الإطار يشمل الإجراء ألتحكيمي, كأي إجراء قضائي, مرحلة تحقيق مكتوبة لهيئة التحكيم من جانب كل طرف في النزاع مع تبادل هذه المذكرات بينها والرد عليها, وتصحب هذه المذكرات بالمستندات التي تؤيدها, على أن كل وثيقة تقدم للهيئة من أحد الأطراف يجب أن تعلن منها صورة رسمية للطرف الآخر, ولا تجتمع هيئة التحكيم إلا بعد الانتهاء من الإجراءات الكتابية, ما لم تدعو لذلك ظروف خاصة (المادة 63).
تأتي بعد مرحلة الإجراءات المكتوبة مرحلة الإجراءات الشفهية وتشمل الإجــــراءات الشفوية مرافعات ممثل الأطراف أمام الهيئة, ولكل من طرفي النزاع أن يبدي كل ما يراه مفيدا للدفاع عن وجهة نظره وأن يتقدم بد فوع فرعية تفصل فيها هيئة التحكيم بصفة نهائية بحيث لا يجوز إثارتها فيما بعد, وبإمكان ممثل الأطراف الاستعانة بمجموعة من المحامين (المادتان70-71).
يشرف رئيس هيئة التحكيم على المرافعات الشفوية, ولكل من أعضاء الهيئة أن يوجه إلى ممثلي الخصوم ما يراه من أسئلة، وأن يطلب منهم إيضاحات عن النقاط الغامضة، ولا تكون الجلسات علنية إلا بقرار تصدره الهيئة بموافقة الخصوم، ويسجل ما يدور في الجلسات في محاضر يحررها كتاب "أمناء" يعينهم رئيس الهيئة، ويوقع على هذه المحاضر الرئيس وأحد الكتاب(المواد 66-72).
عند ما يفرغ الخصوم من تقديم أوجه دفاعهم والأدلة التي يستندون إليها، يعلن الرئيس إقفال باب المرافعة، ثم تختلي الهيئة للمداولة.
وتحصل المداولات في سرية، ولا يجوز إفشاؤها، ويلي ذلك صدور قرار التحكيم، (المادتان 77-78 من اتفاقية لاهاي).
وتنعقد هيئة التحكيم في لاهاي ما لم تتفق الأطراف على أن يجري هذا الانعقاد في دول أخرى, وإذا كان اتفاق الإحالة خاليا من تعيين اللغة التي تستعملها تلجأ عندئذ الهيئة إلى تحديدها(المادتان61-62).
والجدير بالذكر أن إجراءات التحكيم لا تقوم مبدئيا في حالة غياب أحد الطرفين ذلك أن التحكيم هو في الأساس, طريقة لتسوية اختيارية, وتخلف أحد الطرفين عن الحضور يعتبر دليلا على عدوله عن التحكيم.

خاتمة :
إن حل النزاعات الدولية ومما لاشك فيه ، يتوقف بشكل كبير، على إرادة الدول أطراف النزاع، كما ان المعطى الذي كرس هذا الوضع الدولي ، يتجلى في النصوص القانونية والمواثيق الدولية ، كما إن كل وسيلة من الوسائل السلمية لها ميزاتها الخاصة، لذالك إذا كان الميثاق يلزم الدول بتسوية خلافاتها بالطرق السلمية، فهو في نفس الوقت لايفرض عليها للجوء إلى طريقة معينة بحد ذاتها .

المراجع:
 أشجان فيصل شكري داود. الطبيعة القانونية لحكم التحكيم وآثاره وطرق الطعن به دراسة مقارنة, رسالة لنيل الدكتوراه, سنة الجامعية 2008.
 د.صالح محمد محمود بدرا لدين, التحكيم في منازعات الحدود الدولية " دراسة تطبيقية على قضية طابا بين إسرائيل ومصر", دارا لفكر العربي, الطبعة 1991.
 د. أحمد بلقاسم. التحكيم الدولي, دار هومة, طبعة 2005.



#محمد_اسماعيل_حكيمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- كيف تمكنّت -الجدة جوي- ذات الـ 94 عامًا من السفر حول العالم ...
- طالب ينقذ حافلة مدرسية من حادث مروري بعد تعرض السائقة لوعكة ...
- مصر.. اللواء عباس كامل في إسرائيل ومسؤول يوضح لـCNN السبب
- الرئيس الصيني يدعو الولايات المتحدة للشراكة لا الخصومة
- ألمانيا: -الكشف عن حالات التجسس الأخيرة بفضل تعزيز الحماية ا ...
- بلينكن: الولايات المتحدة لا تدعم استقلال تايوان
- انفجار هائل يكشف عن نوع نادر من النجوم لم يسبق له مثيل خارج ...
- مجموعة قوات -شمال- الروسية ستحرّر خاركوف. ما الخطة؟
- غضب الشباب المناهض لإسرائيل يعصف بجامعات أميركا
- ما مصير الجولة الثانية من اللعبة البريطانية الكبيرة؟


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد اسماعيل حكيمي - الأسس والإجراءات التحكيم الدولي