أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - علي وهبي عطايا و مازن علي فقيه - إدانة غابرييل نادو-دوبوا في كيبك تُشكل مصادرة فظّة لحرية التعبير من قبل المحكمة.















المزيد.....

إدانة غابرييل نادو-دوبوا في كيبك تُشكل مصادرة فظّة لحرية التعبير من قبل المحكمة.


علي وهبي عطايا و مازن علي فقيه

الحوار المتمدن-العدد: 3920 - 2012 / 11 / 23 - 10:41
المحور: دراسات وابحاث قانونية
    


في الأول من تشرين الثاني من سنة 2012 أدانت محكمة كيبك الكندية التعليقات التي أدلى بها غابرييل نادو-دوبوا في أيار2012 واتهمته بإهانة او إزدراء المحكمة في سياق الاضراب الطلابي الذي شهدته "كيبيك" الكندية. ويبدو ملحاً وضرورياً ان تقوم المحكمة بتوضيح بعض التساؤلات الهامة التي أثارها هذا الحكم نتيجة لما يمكن ان يترتب عليه من آثار مستقبلية على صعيد المبادئ القانونية.
إن صدور حكم قضائي في مسألة معيّنة ممكن ان يشكل سابقة قضائية لاسيما في كيبك الكندية حيث يمكن لأي حكم قضائي, منذ صدوره حول مسألة معينة, أن يشكل مبدأ يُساهم في توضيح مفهوم ونطاق قاعدة قانونية لتطبيقها في حالة معينة تحدث وتتكرر في المستقبل في دعوى اخرى. لذلك من الواجب ان يفهم المتقاضون بطريقة واضحة وصريحة ما هي الأقوال التي يُمكن ان تشكل جريمة إزدراء او اهانة للمحكمة لاسيما اذا اخذنا في الإعتبار ان القاعدة القانونية خاصة التي تهتم بتجريم الأفعال يجب ان تنذر بماهية الفعل للمخاطبين بها في المجتمع قبل ان تعاقب توافقا مع مبدأ ان القانون يهدد او يُنذر قبل ان يعاقب la loi avertisse avant de frapper. من البديهي اعتبار ان على المحكمة واجب اساسي و ضروري بإعلام المواطنين بصفة عامة حول حدود ونطاق حرية التعبير عند مناقشة حالات متعلقة بالمصلحة العامة مثل تلك الناجمة عن اوامر قضائية تُصدرها المحكمة او القضاء. في هذا المجال يبدو ان القرار الصادر من محمكة كيبك في قضية غابريال نادو-دوبوا ترك الكثير من علامات الاستفهام في هذا الصدد.
تشكل الأوامر القضائية المُلزمة و المانعة عن القيام بفعل معيّن تدبيرًا استثنائيًا والسبب يرجع الى انها تضع قيود كبيرة واستثنائية على حرية المواطنين التي تتوجه إليهم هذه الأوامر القضائية بشكل مباشر وتحذرهم من سلوك فعل معين. كما أن الالتزام بهذه الأوامر القضائية يشمل جميع المواطنين كواجب بمن فيهم مَن لم تتم الإشارة إليه بطريقة مباشرة. لذلك تذكَّر المحاكم دائماًا بأن هذه النماذج او النوعية من الأوامر القضائية يجب أن تكون محددة بعناية شديدة من أجل حظر السلوكيات او التصرفات او الأفعال التي تم تعيينها بدقة على وجه التحديد فقط كي لا تتحول الأوامر القضائية الى اداة قمعية عامة تحد او تنتقص من الحقوق و الحريات العامة.

بدأت فصول قضية الطالب غابرييل نادو-دوبوا مع صدور قرار من جانب القاضي إيدموند يتصف بصفة الأمر القاضي بناء على طلب من الطالب جان فرنسوا موراس بإفساح المجال له بمتابعة محاضراته في جامعة لافال الكندية دون اي مضايقة من الجمعيات والمنظمات الطلابية وحركاتها الإحتجاجية في جامعة لافال الكندية اثناء افعتصامات الطلابية فيها. وفي هذا المجال جاء في الأمر القضائي الصادر عن القاضي إيدموند انه يتعين إبقاء حرية وصول الطلاب إلى بعض الصفوف الدراسية في جامعة لافال الكندية و منع عرقلة وصول الطلاب إلى صفوف المحاضرات ولم يمنع القاضي في امره القضائي الطلاب من الاعتصام السلمي ولا استخدام أي وسيل تعبير أخرى بهدف توعية الطلاب الذين كانوا متجهين إلى الفصول الدراسية في الجامعة لإقناعهم سلميًا بالامتناع عن التصويت ضد الإضراب.

إن تحديد ما إذا كان الكلام او القول يشكل تحريضاً على رفض او انتهاك امر قضائي يجب ان يقتصر على مفهوم ضيق يتمثل فقط في دعوة صريحة ومباشرة لا تحتمل التأويل بمخالفة التدبير او الأمر القضائي ااصادر عن القضاء اي يجب ان تكون دعوة مباشرة الى انتهاك او مخالفة هذا التدبير او الأمر القضائي. ومن الثابت ان مفهوم تحقير او إزدراء المحكمة يجب ان يُفسر تفسيراً صارماً، ضيقاً ومنضبطاً: إدانة الفعل يجب ان يسبقه إثبات فعلي ان هذا الكلام او القول كان القصد منه الإمتناع عن إحترام الأمر القضائي او إنتهاكه او مُخالفته. ولكن هنا في قضية إدانة غابرييل نادو-دوبوا، المُتهم عبّر عن رأي ذو طبيعة عامة يتعلق بمشروعية اللجوء الى الأوامر القضائية من قبل القضاء في مجال الحراك او النشاط الطلابي في الجامعة. ان التدقيق في الأقوال الصادرة عن المتهم في هذه القضية التي اتُخذت كدليل ضده لإدانته بتحقير او إزدراء المحكمة التي اصدرت الأمر القضائي تُظهر بشكل لا لبس فيه ان ما قاله المتهم الطالب غابرييل نادو-دوبوا لايترك مجالا للشك في انه لا يوجد في قوله اي عبارة تطلب او توصي او تنصح بإنتهاك الأمر القضائي الصادر عن المحكمة. وفي هذا الصدد تُثير المحكمة مسألة مهمة قد تكون هي التي ادت الى تكوين قناعة لدى قضاتها ان المتهم شجّع او حرّض على عدم احترام او انتهاك الأمر القضائي الصادر عن القضاء وبالتالي ازرداء المحكمة وهي ان هناك شخص اخر تدخل اثناء كلام المتهم ونصحه صراحة بإحترام الأمر القضائي. ان هذا التناقض بين المداخلتين في سياق كلام المُتهم الذي سبق بيانه هو الذي اثبت للمحكمة ان كلام المتهم يُشكل دعوة لعصيان وإنتهاك الأمر القضائي. هنا الواقعة واضحة هناك طالب قاطع كلام المتهم و طلب منه الإمتثال للأمر القضائي الصادر من المحكمة العليا وإحترامها، اما المتهم فتحدث فقط عن مشروعية الأمر القضائي كخيار او وسيلة لإستعماله في حراك طلابي للتصويت على الإضراب في الجامعة وهذا لا يمكن اعتباره منطقيا دليل اثبات قاطع على تحقيره او ازدراءه للمحكمة وقراراتها.

يبدو منطقيا زمُنصفاً اعتبار ان الطالب غابرييل نادو-دوبوا الذي تمت ادانته من قبل محكمة كيبك، قد عبّر عن رأيه فقط بعدم مشروعية الأمر القضائي وما صدر عنه لا يتضمن اي كلام او خطاب او يوصّي بتجاهل هذا الأمر القضائي او التحريض على انتهاكه او مخالفته من قبل الطلاب وبالتالي من غير العادل تصنيف اقواله على انها ازدراء او تحقير للسلطة القضائية التي اصدرت الأمر القضائي. يُمكن الإستنتاج من ما سبق ان الكلام او الخطاب الصادر عن ان الطالب غابرييل نادو-دوبوا يبقى ضمن سياق التعبير عن الرأي فقط لا غير. ان استنتاج الإزدراء او تحقير المحكمة التي اصدرت الأمر القضائي من مجرد التعبير عن رأي من شأنه تحوير مفهوم التعبير عن الرأي بطريقة سلبية جدا من قبل محكمة كيبك واعطائه معنى ومفهوم في غير محله. ان القبول بوجهة نظر محكمة كيبك التي على اساسها تمت إدانة الطالب غابرييل نادو-دوبوا سوف يزيد من نطاق الأمر القضائي ويجعله اداة لمنع التعبير عن الرأي وهذا يشكل سوء استعمال وسوء تفسير لنطاق الأمر القضائي من قبل المحكمة وقيد جدّي على حرية التعبير بشكل عام.

ان الأوامر القضائية يُمكن ان تمنع افعال او اعمال تعيّنها بذاتها بدقة او تذكرها صراحة لكن من غير المقبول ان يتم تفسير الأمر القضائي من قبل المحكمة على انه يُشكل ضمنياً حظر عام على حرية الأفراد بابداء رأيهم فيما يتعلق بمشروعية او ضرورة او مزايا هذا الأمر القضائي. اكثر من ذلك لا يمكن للمحكمة الذهاب بعيداً في هذا المنهج التوسعي لحظر حرية التعبير او ابدأ الرأي بـ امر قضائي طالما ان القول او الكلام الذي جاء تعبيرا للرأي لا يشمل صراحة الحضّ او التحريض او دعوة صريحة ومباشرة على مخالفة وإنتهاك هذه الأوامر. الأمر القضائي يجب ان يكون صريحا وواضحاً بشكل كافٍ ويُبين بوضوح ماهية انتهاكه الممكنة اي يُظهر للمخاطبين به ما هي الأمور او الأفعال التي يجب ان لا يقوموا بها او ان يمتنعوا عنها بتعبير آخر وعلى اساسها يكون التمييز واضحا وبارزا لما يُعتبر انتهاكا لها من عدمه.
في القضية الحاضرة المعروفة بقضية غابرييل نادو-دوبوا،ادخل الحكم الصادر عن محكمة كيبك في مفهوم ازرداء او تحقير المحكمة التي اصدرت الأمر القضائي، التعبير عن الرأي بمشروعية الأمر القضائي والوسائل التي يمكن للأشخاص استعمالها كي يُظهروا عدم موافقتهم عليه دون اي ايحاء او طلب لإنتهاك او مخالفة هذا الأمر القضائي. و يبدو واضحا ان حكم إدانة غابرييل نادو-دوبوا لم يميز بين القول او الكلام الذي يعبّر عن رأي بمشروعية الأمر القضائي وبين إعلان او الدعوة الى انتهاكه وعدم إحترامه . ومن هنا تكون المحكمة العليا قد اخطأت في حكمها عندما حمّلت الأمر القضائي الصادر من القضاء اكثر ما يحتمل وقامت بتأويل وتفسير ضمني لماهية الأمر القضائي ونطاقه وهذا ما لم يكن عادلاً ابداً.



#علي_وهبي_عطايا_و_مازن_علي_فقيه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- الأمم المتحدة تدعو إلى ضبط النفس في الشرق الأوسط
- سويسرا تمتنع في تصويت لمنح فلسطين العضوية الكاملة في الأمم ا ...
- اعتقال أكثر من 100 متظاهر مؤيد للفلسطينيين من حرم جامعة كولو ...
- بمنتهى الوحشية.. فيديو يوثق استخدام كلب بوليسي لاعتقال شاب ب ...
- البرلمان العربي يستنكر عجز مجلس الأمن عن تمكين فلسطين من الح ...
- الكويت: موقف مجلس الأمن بشأن عضوية فلسطين في الأمم المتحدة ي ...
- قائمة الدول التي صوتت مع أو ضد قبول الطلب الفلسطيني كدولة كا ...
- لافروف يعلق على اعتقال شخصين في ألمانيا بشبهة -التجسس- لصالح ...
- اعتقال عشرات الطلاب الداعمين لفلسطين من جامعة كولومبيا الأمي ...
- استياء عربي من رفض أميركا عضوية فلسطين بالأمم المتحدة


المزيد.....

- التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من ... / هيثم الفقى
- محاضرات في الترجمة القانونية / محمد عبد الكريم يوسف
- قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة ... / سعيد زيوش
- قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية ... / محمد أوبالاك
- الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات ... / محمد أوبالاك
- أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف ... / نجم الدين فارس
- قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه / القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / اكرم زاده الكوردي
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / أكرم زاده الكوردي
- حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما ... / اكرم زاده الكوردي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - علي وهبي عطايا و مازن علي فقيه - إدانة غابرييل نادو-دوبوا في كيبك تُشكل مصادرة فظّة لحرية التعبير من قبل المحكمة.