|
المهرهو ثمن استعباد المرأة العراقية
عودة وهيب
الحوار المتمدن-العدد: 1132 - 2005 / 3 / 9 - 11:52
المحور:
ملف - بمناسبة 8 مارس/ اذار 2005 يوم المرأة العالمي
المهر هو كمية الأموال او المواد العينية التي يقدمها احد طرفي الزواج اوكلاهما قبل الزواج ويسمى (الحاضر) او بعده ويسمى (الغائب)
وتختلف عادات الشعوب في قضية المهر ففي العراق وبلدان عربيه اخرى يقوم الرجل بتقديم المهر للمرأه وفي مصر غالبا ماتتقاسم عائلة العريس وعائلة العروس قيمة المهر وفي المجتمع اليهودي تقوم المراه بتقديم المهر لعريسها وفي الريف العراقي والى عهد ليس بالبعيد حيث كانت المرأه تلعب دورا مهما في الأقتصاد الريفي كان اغلب الأباء وخاصة الفقراء يصادرون مهور بناتهم كنوع من التعويض عن خسارتهم الأقتصاديه الناجمه عن زواج بناتهم ،ولهذا لا يطلب الأباء الريفيون وقت ذاك اي مهر من الرجل في حال موافقتة على العيش مع اهل زوجته، ويسمى الزوج في هذه الحاله ( الكعيدي ) ويلجأ الى هكذا زواج الرجال الفقراء الذين لايملكون قيمة المهر، وكان (الكعيدي) محل احتقار المجتمع ، وفي بعض الحالات يلجأ الفقراء هربا من كلفة المهر الى نوع من الزواج يسمى زواج ( كصة بكصة) اي امرأة مقابل امرأة ،حيث يقوم الرجل بتزويج اخته من رجل مقابل زواجه هو من اخت الرجل المقابل وفي اغلب الأحيان لايدفع الرجلان اي مهر، وفي هذه الحالة يكون مصير المرأتين مترابطا فأذا طلقت احداهن تطلّق الأخرى.أما (الفصلية)وهي المرأة التي يتم تقديمها كغرامة من قبل عائلة القاتل الى عائلة المقتول فليس لها اي مهر ولكنها يمكن تطليقها بعد قيامها بأنجاب مولود والتخلي عنه لزوجها. ينظر الناس الأن الى المهر كضروره لتاسيس وتاثيث بيت الزوجيه وليس كثمن للمرأة، وصار الأباء يعفّون عن سلب مهور بناتهم، ويقوم الموسورون باضافة بعض المال الى مهور بناتهم.كما ان اغلب النساء العاملات يساهمن في تأثيث بيت الزوجية، ولكن النشأة الأولى للمهر تؤكد على كونه كان ثمنا للمرأه كما سنرى لاحقا.
كيف ظهر المهر تأريخيا لأول مره ؟
في المجتمعات البدائيه حيث الأقتصاد البدائي المعتمد على صيد الحيوانات وألتقاط القوت وليس انتاجه كان من المستحيل ظهور فكرة المهر لأن البشر وقتذاك لايملكون اي نوع من انواع الثروات فهم لم يتعلموا بعد تهجين الحيوانات وامتلاكها او زراعة الأرض . ولكن عندما تمكن المجتمع من انتاج غذائه عبر تهجين بعض الحيوانات ورعايتها وزراعة الأرض وظهور فائض من الأنتاج ادى الى تراكم الثروات عندها فقط توفرت الشروط الموضوعيه لولادة ( المهر ) في تلك المجتمعات البدائيه كان الزواج يتم على اساس قرابة الدم وعلى هذا الأساس تكون ابنة العم هي المرشحة الأولى لزواج ابن عمها، ومهما توسعت دائرة الزواج انذاك فأنها لا تتعدى حدود رابطة قرابة الدم (العائله , البطن , الفخذ , القبيله ) . وكان الزواج من الأغراب غير ممكن عمليا . في مثل تلك الظروف ماذا يحصل لو أراد رجل الزواج بأمرأة غريبة لأي سبب كان ؟ ليس امامه الا اختطافها، وعندها ستهب قبيلة الفتاة لأسترجاعها ، ولابد ان حروبا عده قد نشبت بسبب محاولات الرجال الحصول على امرأة غريبه، ولابد ان الحاجه دفعت بالمجتمعات البدائيه الى البحث عن حلول سلميه، وكانت الحلول السلميه لا تتعدى ثلاثة امور : استرداد المرأة المخطوفه او تقديم امرأة من قبيلة الخاطف لقبيلة المرأة المخطوفه او تقديم بديل مادي . والحل الثالث لم يكن واردا في مرحلة التقاط القوت ولكنه بات قابلا للطرح بعد تحول المجتمع الى مرحلة الرعي والزراعه . وعندما قبلت قبيلة الفتاة المخطوفه بأخذ البديل العيني عندها وضعت اللبنة الأولى في بناء عادة ( او تقليد ) المهر . ولابد ان هذا الحل السلمي صار مقبولا وشائعا ، وبمرور الأيام صار الزواج من (الغريبه ) امرا ممكنا ومسموحا به ، وصار لاحقا بامكان الرجل الذهاب الى قبيلة غريبه ومفاوضتها حول ثمن الفتاة التي يريد الزواج بها....... وسارت الأمور على هذا المنوال الى امد قريب . ولعل العادات الحالية المتمثلة بأستعراض القوة اثناء الزفاف من اشهار للسيوف او اطلاق العيارات النارية هي بقايا من عادات التصادم التي تحدث بعد قيام الرجل بخطف فتاة من قبيلة غريبة . ويتذكر كاتب السطور بعض العادات المنتشرة في جنوب العراق والتي تسمى ( الشكر ) حيث يقوم شباب العشيرة في حالة زفاف فتاة من عشيرتهم الى عشيرة غريبة بأعتراض موكب الزفاف ومطالبة عائلة العريس باعطائهم ثمنا للسماح لموكب الزواج بالمرور وهذا الثمن يسمى (الشكر) وهو عبارة عن مواد عينية غالبا ماتكون سكرا. الأن يعتقد معظم الناس ان المهر ليس ثمنا للمرأة بل هو وسيلة واقعيه لتأسيس وتاثيث عش الزوجيه فأذا كان كذلك لماذا لايكون تقديمه مشتركا بين الرجل والمرأة ولماذا يشترط كتابته في عقد الزواج وكانه عملية بيع وشراء ولماذا تشترط بعض العوائل مهور عالية جدا؟ أن الواقع يقول ان المهور احدى المعوقات الأساسية التي تمنع الزواج وتساهم بانتشار ضاهرة العنوسة بين النساء ، كما ان المهر ومهما قل مقداره يبقى مؤشرا على استعباد المرأة من قبل الرجل في عام 1959 رفعت نسوة عراقيات شعار ( ماكو مهر بس هالشهر ) وقتها اعتبر المحافظون ان هذا الطرح هو دعوة للتحلل وتحطيم الأسره، في حين أعتبره المجددون دعوة لمعارضة ( بيع ) المرأه الذي كان شائعا في ارياف العراق تحت ستار المهر. ولايزال مطلب الغاء المهر مطلبا انسانيا يعيد للمرأة كرامتها ويبعد عن الزواج صفة التملك ويضفي عليه بعدا انسانيا من خلال مشاركة المرأة للرجل في بناء عش سعادتهما.
#عودة_وهيب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
البعث... مصالحة ام أجتثاث
-
الأصرار
-
مباديءالبعث بين النظرية والتطبيق
-
مليون توقيع ... مليون خيبة
-
شركاء في الجريمة
-
عراق مابعد الأنتخابات
-
المرأة بين الظلم والشعور بالظلم
-
رمّانتان... بيد الدكتور الباجه جي
-
انّي ادّعي
-
ليست دعاية انتخابية ... شيعة ونساء العراق انتخبوا العلمانيين
-
الديمقراطية الأرهابية
-
العام الجديد وصراع الأمل في العراق
-
بصراحة ابو كاطع
-
بين المنع والأمتناع
-
حكي شباط
-
الفلم الأمريكي
-
عبادة حقوق الأنسان
المزيد.....
-
أمريكا: هل من مخاوف من تزوير الانتخابات؟
-
في مدينة جاكسون الأمريكية.. احتمالية الوفاة بإطلاق النار أكث
...
-
لبنان: إسرائيل مسحت معظم شوارع 37 بلدة ودمرت 40 ألف وحدة سكن
...
-
بأعين خبراء وسياسيين.. هذا ما يبحث عنه التونسيون في العلاقات
...
-
-سراب التصويت-.. هل يتكرر سيناريو 2020؟
-
فكر بها فرعون ومرت على كل العصور.. ما حكاية قناة السويس؟
-
تضرّعٌ وصلوات في الهند لأجل فوز كامالا هاريس ودونالد ترامب و
...
-
لافروف: روسيا تعتزم مواصلة العمل لحل المشكلة الفلسطينية
-
روسيا.. إعصار يضرب محج قلعة في شمال القوقاز (فيديو)
-
لافروف: روسيا تدرس مقترحات بشأن عبور السفن في البحر الأسود
المزيد.....
-
المشاركة السياسية للمرأة في سورية
/ مية الرحبي
-
الثورة الاشتراكية ونضـال تحرر النساء
/ الاممية الرابعة
المزيد.....
|