أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف - بمناسبة 8 مارس/ اذار 2005 يوم المرأة العالمي - ليلى الصفدي - العنف ضد النساء لمن تلتجيء المرأة المعنفة؟؟؟















المزيد.....

العنف ضد النساء لمن تلتجيء المرأة المعنفة؟؟؟


ليلى الصفدي

الحوار المتمدن-العدد: 1131 - 2005 / 3 / 8 - 09:42
المحور: ملف - بمناسبة 8 مارس/ اذار 2005 يوم المرأة العالمي
    


- الجولان المحتل
لم يكن رنين هاتفي المتكرر واغلاق الخط مرات في وجهي، الاّ تلخيصاً لحياتها التي تتأرجح بين مفترقين أحلاهما مر.
لسهولة الحديث سأفترض اسمها (فتاة) لما لهذا الاسم من مدلول نوعي، وتنكيره ليس الاّ للقول انها واحدة من كثيرات أرادت ان ترفع صوتها عالياً هذه المرة لتقول –لا-، لا للظلم والمعاناة، لا للعنف، لا ..هذه المرة تجرح بعمق لأنها كانت في وجه أحبته كثيراً وحلمت معه أن الحياة ملكهما للنهاية، وأنه سيبني لها قصوراً ويتوجها ملكة، وانها سترعاه وتحبه الى الأبد.
(لي في هذه الدوامة قرابة السنة، وكل مرة اقول ربما هذه الاخيرة، فلماذا افضح سري؟؟ وماذا سيقول الناس؟). هذا ما قالته "فتاة" لي في البداية... فتاة التي تحاول منذ حوالي السنة كظم جراحها والغفران لزوج أحبته طويلا وما زالت تحبه. "فتاة" تتعرض للضرب بشكل وحشي مرات ومرات.. وتقضي لياليها مرتعبة خوفا من غضب زوجها الذي لا يهدأ الا بعد ان يعلّم على جسدها بقعاً زرقاء...تراهن على الوقت كي تختفي، وتعود الى حياتها الطبيعية....
ولكن "فتاة" عرفت ان جراح الروح اعمق ..ستبقى.. وستجرح... رغم كل الكبرياء المصطنع، لهذا قررت ان تبوح..لا بل ان تصرخ وتُسمع صراخها الذي طالما اختنق بين جدران صمتها.
اقلقني صوتها المرتجف فأسرعت اليها وانا مثقلة بمسؤولية وتساؤل!.. ماذا سأقدم لها من موقعي هذا؟؟ هذا الموقع الذي يضعني كل يوم جديد امام هم جديد وخوف جديد، وسؤال يؤرقني عن الجدوى... جدوى عملي ومشروعي كله...الجريدة؟
بالطبع لا املك عصا سحرية لحل المعضلات، ولكني املك نافذة صغيرة تبعث قليلا من الامل... والضوء.. وقليلا من الاوكسجين، وكثيرا من العيون المشرعة التي ربما ستحتضن "فتاة" بحب وتفهم أو ربما بادانة واستنكار.
بعد ان قابلتها بوجهها الشاحب ويدها الباردة، قالت لي: "هل تعرفي لماذا اردت اخبارك انت بالذات، أولا: لأنك امرأة وستشعرين بي وبمعاناتي، وثانيا: لانك غريبة وستعامليني كما انا دون أية احكام مسبقة....".
"لن يصدقني احدا أنه يضربني لأنه انسان بكل معنى الكلمة"
"لا تتخيلي.... إنه انسان كريم، محب، واع، ولكن لا اعرف ما يحدث له أحياناً ليجن جنونه ولا يهدأ الاّ بعد ضربي بشكل عنيف".
كلامها الذي يحمل النقيضين انعكس على صوتها المرتجف الباكي حينا والضاحك آخر، والمتسائل:
"البارحة كنت اميرته التي سيعمل المستحيل لتكون سعيدة، واليوم خرج ليعود كالمجنون كالتائه لا يعرف كيف سيبدأ الشجار معي؟ كيف سيفرغ عصبيته؟ باختصار كيف سيضربني؟".
"فتاة" بنت القرية، بنت مجدل شمس في الجولان المحتل. لم تستطع "فتاة" اخبار مأساتها لأقرب الناس اليها، اختارتني لأني اعمل في الصحافة والاهم انني من خارج البلدة، فأنا قادمة من دمشق...غريبة عن البلدة، وبالتالي يمكن ان اعاملها بتجرد وحيادية وبدون احكام مسبقة.... تصوروا كم من المعاناة ستتحمل المرأة في القرية العربية، كم من الضربات ستتلقى... كم من الاهانات ستبتلع..ولن تستطيع قول آخ ....
- العنف هل هو ظاهرة في مجتمعنا؟
او هل هو حالات عرضية هنا وهناك؟
من يتحمل مسؤوليتها الرجل المعنِف؟ أم المرأة المستفزة؟
أو هل يتحمل المسؤولية المجتمع الذي يلفلف ويبرر ويحل مشكلاته بشكل مؤقت؟
واذا كان العنف ظاهرة، فما هي أسبابه؟
في هذا الصدد سألنا الاخصائي النفسي "صالح الصفدي" حيث قال:
"العنف ظاهرة ملازمة للمجتمعات الذكورية، واذا كنا نشعر انها في تفاقم هذه الايام فهذا تابع لعدة مستجدات: اولها ان المرأة قد خطت بضع خطوات الى الامام بحيث اصبحت تعبر عن نفسها وعن كيانها وبالتالي عن معاناتها، والامر الثاني ان القوانين الاسرائيلية ومنذ حوالي السنة والنصف، وبعد تطور العديد من حالات العنف الى جرائم قتل، قد اصبح صارما بعض الشيء، وهكذا اصبحت حالات العنف تتكشف اكثر من السابق، وذلك بوجود حالات عديدة من الشكاوى الى الشرطة.
بالنسبة للاسباب فهي عديدة ومتنوعة، احساس الرجل بأن شيئا ما قد مس كرامته وطعن برجولته، مثل توجيه كلام جارح...اهانات.... التذكير باحباطاته وفشله...الشك والغيرة المرضية...ضغوطات خارجية مثل: وضع اقتصادي سيء..احباطات المحيط..تعليقات او تدخلات اصدقاء..تدخل اهل الزوجين في العلاقة الزوجية... وفي احيان كثيرة يكون العنف ناتجا عن حالات مرضية تخص احد الزوجين او كلاهما مثل: السادية...المازوخية..او وساوس قهرية مرضية..او حالات فصام".
وحين سألته: هل ممكن تجاهل حالات العنف والمراهنة بزوالها على الوقت؟ أي هل هي حالات عرضية ام سلوك مرضي لا ينتهي الا بالعلاج؟؟
قال: "ذلك يعتمد على اسباب حالة العنف، وشخصية الزوجين، في بعض الاحيان قد تكون عرضية وتزول بزوال الاسباب، ولكن في معظم الاحيان بعد ان تتأزم العلاقات لدرجة العنف يصبح من السهل معالجة أي خلاف بسيط بالعنف، ولينتهي العنف لا بد من وجود رادع، الرادع ممكن ان يكون ذاتي وهذا نادر، وممكن ان يكون رادع خارجي كتدخل الاصدقاء والاقارب، واخيرا ممكن ان يكون بتدخل من الشرطة. لذا يفضل اللجوء الى المختصين قبل تأزم الامور: العاملين الاجتماعيين، الاخصائيين النفسيين.. اما اذا لم تنفع هذه المحاولات فيجب ايجاد رادع لهذا العنف اما عن طريق الابتعاد او الاحتماء بالقانون او مأمور الشؤون الاجتماعية او الشرطة".
- ما هو رأي القانون؟؟
ولمعرفة ماذا يقول القانون في مثل هذه الحالات سألنا المحامي رياض أبو سعدة، حيث أجاب:
" إن قانون حماية العائلة من العنف لسنة 1991 ينص على ان محكمة العائلة تستطيع أن تصدر قرارا للدفاع عن كل طرف يتعرض للعنف من أحد الزوجين (احيانا المرأة هي التي تعتدي بالضرب وقد صادفنا مثل هذه الحالات)، وذلك بابعاد الزوج المعتدي عن البيت لفترة قد تطول حتى سنة كاملة، وتستطيع الشرطة مباشرة بعد التبليغ أن تتخذ الاجراءات القانونية بابعاد الزوج المعتدي وفي حال وجود دلائل مادية (علامات على الجسم، تقرير طبي، او شهادة شخص) تستطيع الشرطة تحضير لائحة اتهام وتقديمها للمحكمة.
برأيي يجب على الزوجة المعنَفة أن تتقدم بالشكوى بعد استنفاذ الوسائل الاخرى لأن الحالة قد تتطور أحياناً إلى الجريمة، يجب أن يتخلص مجتمعنا من النظرة التي تدين المرأة في مثل هذه الحالات فليس بإمكان المرأة تحمل الضرب اليومي والتأقلم مع العنف. بدلا من نظرة الادانة يجب أن نطوّر نظرة احترام لهذه الخطوة الجريئة.
ومن الجدير بالذكر أخيراً أنه اذا اتضح للمحكمة أن الشكوى باطلة فيحق للطرف المتضرر المطالبة بالتعويض".

بالرغم مما قاله المحامي، وبالرغم مما قاله الاخصائي النفسي، وبالرغم من ان القوانين الاسرائيلية الصارمة تحمي المرأة، الا ان "فتاة" وحيدة وخائفة، ولا تجد الحلول المناسبة، "فتاة" يمكن ان تكون 70 او 80 % من النساء....لا اعرف، ولكن ما اعرفه ان القوانين المفروضة على المجتمع من الخارج لا تحل شيئاً، لا بد ان تكون القوانين نابعة من داخل المجتمع، من حاجاته، من وعيه، من ثقافته حتى تأخذ شرعيتها وتتفعل وإلا بقيت حبراً على ورق. فحتى لو عاشت المرأة العربية في سويسرا أو السويد فهي ستبقى خاضعة لنفس المنطق والثقافة والمعاملة، وستبقى "حرمة" حتى لو بدلت قليلا من ملابسها.
ولنعد الى قريتنا: لا اعرف كم من العنف ستتحمل المرأة لتجد حلا مقنعا ومريحا لمشكلتها، وإلى من ستتوجه لطلب المساعدة ومد يد العون، هل ستتوجه إلى أهلها الضعفاء دوما حيال هذه الأمور والذين يعمدون الى المدارة في الغالب خوفاً من الطلاق والثرثرة الاجتماعية السائدة في مجتمعنا، او هل تتوجه إلى الاصدقاء المقربين الذين يلجأون الى تهدأة الاوضاع وايجاد الحلول المؤقتة التي تزيد الوضع سوءاً أحياناً، هل تتوجه إلى رجل الدين الذي يبدو أن هذا الموقف لا يليق بمهامه الروحية الموكلة اليه؟، وبالتالي لا يستطيع حل هذه المشكلة لانه بالاصل غير مؤهل لسماع تفاصيل اسرية خاصة بالزوجين خصوصا اذا كان الامر يتعلق بامور جنسية او ما شابه، واذا لجأت اخيرا الى الشرطة وهذا تجاوز للمختصين لانهم ظاهرة جديدة في مجتمعنا ولم يثبتوا مصداقيتهم حتى الان، فستكون الشرطة حلا اجباريا للمرأة التي تتعرض للعنف والتي تلام فيما بعد لقيامها بمثل هذا الاجراء.
ويبقى السؤال الملح والمهم: لمن ستلجأ المرأة في مثل هذه الحالات؟؟
أين هم المختصون والذين بات عددهم بالعشرات؟
أين المؤسسات الفاعلة؟ الا تستحق المرأة التفاتة خاصة؟ الا يقاس تقدم المجتمعات وتطورها بمكانة المرأة واحترامها فيها؟
أليس من الجدير بالاتحادات النسائية التي نسمع عنها ولا نراها ان تبادر لاحتضان هؤلاء النساء؟ والى تفعيل دورها بمساندة المؤسسات الوطنية الفاعلة من أجل الارتقاء بوضع المرأة ومنحها الطمأنينة والدعم النفسي والمعنوي والقانوني اذا لزم الامر؟
أتمنى أن يكون هذا المقال مدخلاً لوضع قضية المرأة عموماً على أجندة الشريحة المثقفة في مجتمعنا وأخص بالذكر المؤسسات التنموية الموجودة أو التي يمكن أن تتواجد مستقبلاً.
بقيت لي ملاحظة أخيرة أخاطب بها الرجال الذين يمارسون العنف ضد نسائهم، واتمنى أن يقفوا عندها ويفكروا قليلاً، وهي:

أن الناس ربما تميل إلى وصف الرجل القاسي والعنيف بالقوة والجبروت، في اعتقادي أن هذا الوصف صحيح ظاهريا فقط، أما بواطن الأمور وحقيقتها ومنطقها فيقول: أنه كلما مال الرجل الى استخدام القوة.. كلما دلل على ضعفه وانعدام شخصيته، ولا يجب أن نهمل هنا مفهوم الرجولة في أذهاننا كشرقيين والذي يرتبط بالفحولة والقوة الجنسية تحديدا، والتي ربما كانت العامل الحاسم في عنف الرجل أو عدمه.



#ليلى_الصفدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- ماذا قال الجيش الأمريكي والتحالف الدولي عن -الانفجار- في قاع ...
- هل يؤيد الإسرائيليون الرد على هجوم إيران الأسبوع الماضي؟
- كوريا الشمالية تختبر -رأسا حربيا كبيرا جدا-
- مصدر إسرائيلي يعلق لـCNN على -الانفجار- في قاعدة عسكرية عراق ...
- بيان من هيئة الحشد الشعبي بعد انفجار ضخم استهدف مقرا لها بقا ...
- الحكومة المصرية توضح موقف التغيير الوزاري وحركة المحافظين
- -وفا-: إسرائيل تفجر مخزنا وسط مخيم نور شمس شرق مدينة طولكرم ...
- بوريل يدين عنف المستوطنين المتطرفين في إسرائيل ويدعو إلى محا ...
- عبد اللهيان: ما حدث الليلة الماضية لم يكن هجوما.. ونحن لن نر ...
- خبير عسكري مصري: اقتحام إسرائيل لرفح بات أمرا حتميا


المزيد.....

- المشاركة السياسية للمرأة في سورية / مية الرحبي
- الثورة الاشتراكية ونضـال تحرر النساء / الاممية الرابعة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف - بمناسبة 8 مارس/ اذار 2005 يوم المرأة العالمي - ليلى الصفدي - العنف ضد النساء لمن تلتجيء المرأة المعنفة؟؟؟