أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف - بمناسبة 8 مارس/ اذار 2005 يوم المرأة العالمي - فلاح صبار - أنت .. اللون.. والأوتار .. والقلم















المزيد.....

أنت .. اللون.. والأوتار .. والقلم


فلاح صبار

الحوار المتمدن-العدد: 1131 - 2005 / 3 / 8 - 08:55
المحور: ملف - بمناسبة 8 مارس/ اذار 2005 يوم المرأة العالمي
    


أي سر فيك ايتها الحورية المقدسة .. أيها الإنسان الجبار؟ وأي إرادة صلبة تحتضنين سيدتي , حيث يتكسر عند ضفافك جبروت القمع وعهر الحكّام؟ كنت الماء والنار والأرض والحب والحرب والإنتصار .. فمنك بدأت الحياة , ومنك انبثاق العطاء الأزلي و فيك روعة الصفات .
على مر العصور كنت ذاك الدور الريادي المتميز ..ومنذ فجر السلالات الأولى , حيث أنت الآلهة والكاهنة الحكيمة والطبيبة والحبيبة والأديبة , فأنت الكل والجزء ومنك الكل .
بطاقة حب واحترام لآذار الربيع ..آذار نوروز.. وبداية سفر البركات. بطاقة حب اليك في يومك الآذاري هذا , الذي فرضته ارادتك وتضحياتك اللانهائية وحكمتك وعطائك اللامحدود.

*****

بدأت صرختك المدوية مليئة مفعمة بالرجاء, علّ هذه الصرخة ,الصدى , لتقوّم اعوجاجا مفترضا فيه .. قد يكون او لا يكون . كنت لبوة ثائرة تحذرين وبكل تلك القسوة اللذيذة وليدك اللدن الطري . نعم سيدتي. كنت تستشعرين بصوت مسكون, آلام الزمن القادم وآماله .. داعية إياه لصون كرامة شامخة لاتخشين ضياعها فحسب بل لتزرعي وتؤكدي روح العناد الجميل فيه لمواجهة أشباه الرجال, خوف إفتضاض بكارة النقاء والصفاء.
ماريد من جيبك فلوس
ولا ريد من جدرك غموس
ردت الولد ..هيبة وناموس ........ إيه يوليدي
كانت كل تراتيل القديسين ساكنة خجولة أمام تلك النغمة العراقية ...... وكانت " تراجيديا ناي ابو علي" ..جيرانكم صغيرة امام بحّة صوتك المنغّمة .. ذاك الصوت الذي أضفى على نسيمات مدينتك - خد العذراء- عذوبة خاصة جدا.
دللول يمّه دللول
دنام نومة العوافي
أوف يمّه
تره نوم الغزيّل .. بالطرافي
دنام يمّه نومه هنيّه
أو نوم الغزيّل بالثنيه
دللول .. يالولد يبني .. أو سوّي لولا

*****

كنت دائما ايتها الاخت والحبيبة والام , ذلك الخيط الرفيع الواهي.. الصلب ..الذي تجذبين به الغائب قسرا لرائحة الطلع وعبق الزنابق . لقد غادر ظلال الزقاق الذي تفوح منه رائحة الرز المسلوق غروبا, وابتسامة بائعات " الكيمر والروبة " الشقية صباحا . واختلط فيه عطر النارنج بالياسمين واللوز " وبوخة المرافئ " . ترك كل ذلك مجبرا لأنه أراد تقويم ذلك الإعوجاج الإستبدادي والذي تباهى به القادة الساسة الأقزام. اراد استمرارية العمل بوصيتك المقدسة , من مكان آخر. لقد رسمك وطنا حيث ترفلين ببردة الزهو والفرح ,و حيث يصلب الجوع والأسى. لقد عاف كل شئ .. كل شئ , وإتجه صوب المنافي البعيدة .. تلك المنافي التي سحقت ما سحقت .. إلاك . كنت له ظلالا, سيدتي .. حينما يضعف , وسيفا مشرعا حقا على موائد اولي الأمر الضلال. لم ينس ذلك الرحم ألاول والثاني .. انت والوطن !

ايتها الاخت والحبيبة والأم .. لقد حملك ذاك الغريب قرآنا وصليبا في غربته.. و فكرة متوهجة متجددة تهزم الظلام والظلّام ! كنت معه سيدتي طفولة شقية و متعافية .

*****

كان الصديقان متلازمين طيلة تلك السنين الكئيبة . التقيا صدفة في مكان قريب .. بعيد .. إسمه يبقى منفى . احلامهما وآلامهما وكل شئ متطابق بينهما تقريبا . يختلفان ويتخاصمان ويصطلحان وسواها وسواها..الا انت سيدتي ووطن جميل يحتضن ابنائه بمودة عارمة , وطنا ناجياه كثيرا عبر زهو الوتر ! كان اتفاقهما مطلق فيه , فلا وجود للنسبية في هذا الأمر ابدا . في ليلة من ليا لي شباط الأغبر كنت يا سيدتي حاضرة معهما .. كا نا غارقين في ينابيع الدمع . دمع لا مجال لعاطفة لهفة اللقيا فيه - هي سفرة غير سياحية..والله !!!! - بل هو دمع يرثي قهرهما ويلعن ذلك الإستبداد الذي منع صديقه من وداع امه الوداع الأخير. في تلك الليلة الباردة الغبراء, جاء ليزور صديقه ليتفقا على إعداد برنامج امسية موسيقية يكون الوطن حاضر فيها . دخل البيت حيث الباب مشرعا كالعادة. هي عادة يموت فيها العراقيون لإظهار روح المودة والألفة .. و ياهلا! .
- مرحبا . صامتا كان صديقه .
- مابك .. مالذي يجري هنا ؟ " ماكو شي " قالها صديقه بجفاء ! صاحبتها سعلة منه حادة لتغييره نوع السجائر دائما.
- اراك تترنم بلحن جديد .. ؟ عظيم .. " وبدأ يدردم قاصدا لفت انتباه صديقه الصامت, ثم أردف : "الحمد لله أخيرا سوف نخلص من اغاني ..ابنادم ,والكنطرة بعيدة , وعيني يا عراق ,والطيور الطايرة واخواتها .. رغم تغلغلها في روح العراقيين".
بدأت نفسية صديقه الصامت وعلى غير عادته تتأزم وتحتقن . كان يريد قول شئ , لكنه لا يحبذ اظهار أي حالة ضعف , ولكنها مصيبة كبرى قد حلّت به . إنها فعلا مصيبة كبيرة ! إنهمر المطر من عينيه قائلا:
- لقد فقدت امي منذ اسبوعين ! وما أحببت إخبارك .. لقد إتصل قريبي من الكويت واخبرني بذلك .. وها انا قد شرعت بتلحين قصيدة امي تطارد قاتلها .. سأ ختنق ..يجب عمل شئ .. قال . كانت القصيدة لصديقهما المشترك الشاعر ممدوح عدوان الذي كتبها بدوره لأمه في لحظة العنفوان الجماهيري .
كان وقع الخبر بالنسبة لصديقه الزائر مفاجأة فظيعة , أنه يعرفها دون ان يلتقيها .. كان يتحدثان بأدق تفاصيلهما دائما , الطفولة , الصبا والشباب.. وكرة الطائرة , والردات الحسينية .. كل شئ ..كل شئ فصرخ صرخة لم تتعدى صندوقه الصدري .... آ خ خ خ يايمّه ! لقد كانت تلك الأم المجاهدة مثالا رائعا في الصبر والتضحيات الجسام كما هو معروف لجميع سكان المدينة التي تقطنها .

أنا الآن خمر وامي هي الأمر
امي تطارد قاتلها لاتنام . . وتشحنني كبرياء
تعبئني بالهموم وتشحذني كالحسام
صار ثأري نبضا
فلا يرتوي العطش الكربلائي .. ولا يرتوي بالدماء المهلهل
*****
تدفقت لحنا فريدا على الوتر العراقي , وغنّيت بصوت الوجع الكربلائي سيدتي . صغرت كل تلك المسميات والمغريات في غربته الطويلة إلّا انت .. ايتها الأخت, الحبيبة ,الأم . انت والوطن . كان قد غنى لك الوتر العراقي أعذب ما جادت به روح الغائب .
- أبو الليل .. لك داد!! حكيت ويّه بغداد اخيرا .. ويّه اختي وبناتها .. بس امي ما موجوده ! قال له صديقه الشاعر.
- انشاءالله خير كاكه . . يمكن عند الجيران . . لا تقلق أجابه.
ثم أردف صديقه الشاعر نصا بديعا , بعد ان احتسى ما تيسر من قهوته العلقم ! و كنت انت حاضرة يا سيدتي في قلمه و ارادته وحلمه . وإحتضن الوتر القلم وكل شئ .. كل شئ .

طائر الغربة اذ حط على كتفي .. ألفاني حزين
فإشتكى غربته مثلي شوقا وحنين
أنا يا طائر لا أخشى الضياع
إنما أخشى بأن ترحل امي .. دونما قبلتها عند الوداع
فإسمعيني ..إنني أشتاق يا امي لعينيك صباحا ومساء
أنا لا أجحد بالقول
إذا قلت بأن الأم .. قد كانت نبيا
قبل كل الأنبياء !!

*****


يتمازج العشق والكون و كل شئ ثم يتوحد في محرابك سيدتي . طوبى لك ايتها الفاضلة .. ايتها الشهيدة ..ايتها العاملة والمناضلة . طوبى لكّن جميعا . فمن الدفء الأول .. رضعنا التطهر من شهوة السلطة المغتصبة للآدمية .. وعرفنا التوحد في قدسية المكان العراق ..العراق , واختبرنا التجلد امام النائبات. . فكنت ياسيدتي , المقدسة , يا روعة الإصبع البنفسجي إرادة مجتمع , وستبقين تلك الحورية الجمال التي منحت الكلمة , واللوحة , والأغنية معنى جليل . بلى , فأ نت اللون والأوتار والقلم وستبقين
كل شئ..كل شئ ..كل شئ .

2005-03- 04



#فلاح_صبار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صفحات من تأريخ الموسيقى
- صفحات من تأريخ الموسيقى2


المزيد.....




- من أجل صورة -سيلفي-.. فيديو يظهر تصرفا خطيرا لأشخاص قرب مجمو ...
- من بينها الإمارات ومصر والأردن.. بيانات من 4 دول عربية وتركي ...
- لافروف: روسيا والصين تعملان على إنشاء طائرات حديثة
- بيسكوف حول هجوم إسرائيل على إيران: ندعو الجميع إلى ضبط النفس ...
- بوتين يمنح يلينا غاغارينا وسام الاستحقاق من الدرجة الثالثة
- ماذا نعرف عن هجوم أصفهان المنسوب لإسرائيل؟
- إزالة الحواجز.. الاتحاد الأوروبي يقترح اتفاقية لتنقل الشباب ...
- الرد والرد المضاد ـ كيف تلعب إيران وإسرائيل بأعصاب العالم؟
- -بيلد-: إسرائيل نسقت هجومها على إيران مع الولايات المتحدة
- لحظة تحطم طائرة -تو-22- الحربية في إقليم ستافروبول الروسي


المزيد.....

- المشاركة السياسية للمرأة في سورية / مية الرحبي
- الثورة الاشتراكية ونضـال تحرر النساء / الاممية الرابعة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف - بمناسبة 8 مارس/ اذار 2005 يوم المرأة العالمي - فلاح صبار - أنت .. اللون.. والأوتار .. والقلم