حزب الوحدة الديمقراطي الكردي في سوريا-يكيتي
الحوار المتمدن-العدد: 1128 - 2005 / 3 / 5 - 10:59
المحور:
اخر الاخبار, المقالات والبيانات
تقريــر سياسي
لقد باتت منطقة الشرق الأوسط مطالبة بالتغيير الذي تستدعيه العوامل الداخلية، وتساعد عليه المطالبة الدولية التي أخذت في الفترة الأخيرة أشكالاً صريحة وضاغطة، خاصة بعد أن تحولت هذه المنطقة إلى ميدان أساسي للحرب على الإرهاب، وتصاعدت الدعوات لتأهيل المنظومة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية لدولها كي تنسجم مع ترتيبات النظام الدولي الجديد.
ولذلك، فإن الاستراتيجية الأمريكية التي تشكل لها منطقة الشرق الأوسط مصدر قلق وموضع اهتمام أساسي، باتت تستند إلى ثلاثة قواعد ، هي الأمن، الإصلاح والسلام. ورغم أن موضوع الأمن هو الأكثر إلحاحاً وضغطاً في أمريكا اليوم لتحقيق الاستقرار المطلوب حسب مفهومها، لكن التصدي لهذا الموضوع لا يمكن أن يكون ناجحاً وكافياً دون الاهتمام بالقضايا الأخرى. ولذلك، لا بد من إحداث تغير في الديناميكية الإقليمية التي تنتج تحديات أمنية، وتخلق مناخات صالحة لانتعاش ظاهرة التطرف والإرهاب، والسعي لتحقيق إصلاح سياسي واجتماعي واقتصادي في دول الشرق الأوسط، والعمل على إيجاد حل عادل لقضية الصراع العربي الاسرائيلي وحلقتها الأساسية القضية الفلسطينية.
ورغم الصعوبات والشكوك التي تعترض مساعي التغيير من الخارج، إلا أن تضافر العوامل الخارجية مع المبررات الداخلية للمباشرة ببدايات قد تضع المنطقة أمام عهد جديد. فالانتخابات الفلسطينية أحدثت تطورات هامة، حيث سحبت البساط من تحت أقدام حكومة شارون اليمينية، التي بررت تعنتها وعدم استعدادها للتفاوض بعدم وجود شريك سياسي على الجانب الفلسطيني، وأفسحت المجال أمام دفع عجلة السلام إلى الأمام. كما أن نجاح الفلسطينيين في ترميم المؤسسات والأجهزة الأمنية، شكل بداية جديدة على طريق الإصلاح الداخلي وعلى إدارة دفة المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي والتي أحرزت أولى خطواتها في القمة الرباعية بـ شرم الشيخ وأسفرت عن اتفاق متبادل لوقف إطلاق النار، وتهيئة الأجواء أمام نجاح العملية السياسية، مما يعني أن الدولة الفلسطينية لم تعد بعيدة المنال.
كما أن الانتخابات العراقية التي جرت في ظل ظروف فريدة ودقيقة، وفي ظل أوضاع أمنية معقدة، شكلت منعطفاً ديموقراطياً هاماً للعراق الجديد الذي يباشر الآن بالعودة إلى الحياة الديمقراطية بعد غياب طويل دام لأكثر من نصف قرن، كما شكلت بداية إيجابية لتطورات أخرى، ستكون لها آثار هامة على داخل العراق وخارجه، إضافة إلى أنها أبرزت في نتائجها جملة من الحقائق والدلالات أبرزها فشل المراهنة على العمليات الإرهابية في ثني الشعب العراقي عن تقرير مصيره بنفسه. كما أن الإقبال الكردي الكبير على صناديق الانتخاب، عبّر عن تعطش الشعب الكردي هناك للديمقراطية وإصراره على التمسك بعراق ديمقراطي فيدرالي موحد. كما عبرت نتائج انتخابات مجلس محافظة كركوك عن حقيقة الأكثرية الكردية لسكانها وهويتها الكردستانية، إضافة إلى أن حصول القائمة الكردية على 75 عضواً في الجمعية الوطنية، يمنح الجانب الكردي دوراً أساسياً في الحكومة المركزية القادمة، وفي تحديد ملامح مشروع الدستور العراقي الذي ستتم صياغته تمهيداً لعرضه على الاستفتاء أواخر العام الحالي.
أما في لبنان، فإن الأوضاع هناك تشهد تطورات دراماتيكية متلاحقة، والمعارضة اللبنانية تصعّد نضالها، خاصة بعد التعديلات التي أدخلت على الدستور اللبناني، والتي تم بموجبها تمديد رئاسة العماد أميل لحود لولاية ثانية، مما وفر لها-أي للمعارضة- عناصر وشروط جديدة، نقلت قضية الوجود العسكري السوري إلى واجهة الأحداث، انطلاقاً من تحول هذا الوجود من عامل مساعد على الأمن والاستقرار، إلى عامل خلاف وتوتير، وارتقعت الأصوات المطالبة باحترام خصوصية لبنان واستقلاله وعدم التدخل في شؤونه. وبسبب القراءة السورية الخاطئة لتلك التطورات، فقد اندفعت القضية اللبنانية نحو التدويل، حيث صدر القرار 1559 عن مجلس الأمن الذي يطالب باحترام الدستور اللبناني وتفكيك الميليشيات المسلحة ونشر الجيش اللبناني في الجنوب.
وجاء اغتيال الرئيس رفيق الحريري، ليزيد من حدة الأصوات المطالبة بتدخل دولي في لبنان، ومن مخاطر انزلاقه إلى حرب أهلية، خصوصاً بعد أن قررت الأمم المتحدة والاتحاد الأوربي إرسال بعثة تحقيق دولية لمعرفة دوافع ومرتكبي جريمة اغتيال الحريري، وكأنها بذلك تتهم الحكومة اللبنانية التي قدمت استقالتها في البرلمان تحت ضغط تلك الاتهامات من جهة، والاعتصامات المتواصلة التي دعت إليها المعارضة من جهة أخرى، مما شكل وضعاً حرجاً مفتوحاً أمام كل الاحتمالات. فالمعارضة لا تكتفي بإسقاط الحكومة، بل أنها تصرّ على استقالة الأجهزة الأمنية وعلى الانسحاب الكامل للجيش والمخابرات السورية من كامل الأراضي اللبنانية، مما تضع السياسة السورية في مأزق حقيقي، لا تجد أمامها سوى الاستجابة لمطلب الانسحاب الذي تحاول تغطيته برعاية عربية لاتفاق الطائف، والسعي لتخفيف الضغوط الدولية عليها من خلال توثيق العلاقات مع مصر والسعودية، والاستجابة للمطالب الأمريكية بشأن العراق لضبط عمليات التسلل عبر الحدود، والاستقواء بالتحالف مع إيران التي تتعرض بدورها لضغوط دولية بشأن برنامجها النووي الذي تعتبره إدارة بوش تهديداً جدياً للأمن الوطني الأمريكي، ويفتح المجال أمام انتشار أسلحة الدمار الشامل ، وإمكانية امتلاك منظمات إرهابية لمثل هذه الأسلحة عبر إيران. ولذلك، تسعى الإدارة الأمريكية للتفاهم مع أوربا على بذل الجهود الدبلوماسية معها لإيجاد حل بالطرق السلمية لوقف برنامجها النووي.
ورغم الضغوط الخارجية على سوريا والتي تأخذ صوراً وأشكالاً مختلفة، والتي تستدعي جملة من التدابير الجدية والمسؤولة، من بينها المبادرة لسحب القوات السورية من لبنان، بحيث تأتي استجابة لرغبة الشعبين السوري واللبناني ولإسقاط الذرائع الخارجية، فإن الاستعدادات المطلوبة على الصعيد الداخلي لا تزال معدومة، وكل ما تقوم به السلطة، هو تشديد القبضة الأمنية بشكل عام، وفي المناطق الكردية بشكل خاص بسبب اقتراب الذكرى السنوية لأحداث 12 آذار الدامية، والتي لا تزال السلطة تعتبرها شأناً أمنياً، وتتعامل مع المعتقلين الأكراد على خلفيتها باعتبارهم خارجين على القانون، ليس هذا فحسب، بل أنها لاتزال مستمرة باعتقال المواطنين الأكراد وزجهم في السجون. وبعد أن أصدرت محكمة أمن الدولة أحكاماً جائرة بحق 15 منهم، يحاكم الباقون أمام محكمة الجنايات العسكرية بتهم باطلة، تمهيداً لإصدار أحكام مماثلة بحقهم، وذلك في محاولة لمعاقبة شعبنا الكردي وإجهاض إرادته في العمل الدؤوب من أجل إلغاء السياسة الشوفينية ومشاريعها العنصرية.
أواخر شباط 2005م
اللجنة السياسية
لحزب الوحــدة الديموقراطي الكردي في سوريا
-يكيتي-
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟