أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد سليمان - فرهاد شاكلي :خرج من كردستان غاضباً من المؤتلف الشعري واسترد ذاته في هدوء اللامكان















المزيد.....

فرهاد شاكلي :خرج من كردستان غاضباً من المؤتلف الشعري واسترد ذاته في هدوء اللامكان


خالد سليمان

الحوار المتمدن-العدد: 1114 - 2005 / 2 / 19 - 11:00
المحور: الادب والفن
    


كان صوت الشاعر الكردي فرهاد شاكلي في سبعينات القرن الماضي، جزءً من " الحركة الضدية " التي ظهرت في الأدب الكردي المعاصر بعد أن فتح "كوران" أبو الحداثة الكردية في الشعر باب السؤال حول ماهية الشعر الحر وجدوى بقاء القائم فيه على حاله . لقد تمكنت الحداثة الناقصة في الثقافة الكردية ، والتي تلتها موجة الهروب الجماعي إلى الجبال والمنافي والإختفاء والصمت والتقليم السياسي على يد نظام البعث، تمكنت من تأسيس بورتريهات متعددة لها وتصور ذاتها من نوافذ مختلفة مكانياً ومعرفياً . فبالإضافة إلى مدينة السليمانية التي ظهرت فيها حركة "مرصد " الشعرية بريادة الشاعر شيركو بيكس ، كان " كرميان " جنوب كردستان نافذة صغيرة على خارطة الحداثة الشعرية الكردية وظهرت فيه اسماء غاضبة من المؤتلفات المتعددة التي كانت تحاصر الحياة السياسية والثقافية والإجتماعية .
كان حضور فرهاد شاكلي في أواسط السبعينات جزءاً من لوحة الشعر الكردية في وسط الإضطرابات السياسية والثقافية التي شهدتها البلاد بسبب سياسات دولة " نايب الريس " ، وأسس مع الشاعر لطيف هلمت " جماعة كفري " كتياري شعري ظهر في هامش مكاني كــ "كرميان " إذ كان واقعاً في عزلته التاريخية . وتأثر شاكلي في بداياته الشعرية بالتجربة الكورانية ، ذلك من خلال الفلسفة الشعرية التي أعتمدها عبدالله كوران في شعره وهي كما يقول جلال زنكابادي " خرق مسلمات العمود الشعري ، ورسخ مقومات الشعر الكردي الجديد بالعودة إلى الأوزان القومية والحرية في تنويع التقفية وإستخدام عدد المقاطع في السطر الواحد ، فضلاً عن المضامين الجديدة ".
عن دار الحصاد في دمشق صدر لــ" فرهاد شاكلي " أخيراً مجموعة شعرية بعنوان( " أوتار التنائي " أو حزن حبة رمل في زوبعة) قام بترجمتها الشاعر والناقد الكردي جلال زنكابادي وكتب لها خاتمة قصيرة مختصراً فيها تجربة الشاعر وحضوره في المشهد الشعري الكردي . أحاول هنا إلقاء نظرة على هذه التجربة التي تتنوع فيها اللغة والرؤى والأزمنة وفق تحول مكاني مستمر فرضته الثورات والحروب في كردستان .
يمكننا قراءة نص شاكلي في سياق ادب يستكشف عناصره من التعددية المكانية بين فكرة الوطن وواقع المنفى ، فمنذ إنهيار الثورة الكردية بقيادة المرحوم الملا مصطفى البارزاني وإستفحال الظاهرة الصدامية في العراق ، يعيش الشاعر في منفاه ويكتب داخل عزلته المختارة عن كل تلك الأمكنة التي مرّ فيها تاركاً الهوامش لفكرة الوطن .ففي كل من بيروت ودمشق وعين طايا الجزائرية وأستانبول والمدن الاخرى التي اقام فيها يمسك الشاعر بخيط المكان ويرسم له صورة عن ذاته، يترك كلمات مبعثرة بين أوراق طفل كرمياني استرد وجهه في صمت المنافي .
في بيروت عام 1977 يكتب الشاعر عن الوطن كشيء يراه في الفهارس ولا يعثر عليه في الصفحات الداخلية:
هذا الوطن-العشق أورثني
جراحاً لست أسميها...أولها الترحال بحثاً عن وجه يؤنسني
اليوم قرأت إسم كوردستان في الفهرست / لكني لم أعثر عليه في الصفحات الداخلية
قبل كتابة هذا النص الذي ينتمي إلى قصائد المرحلة الثانية في حياته الشعرية كان الشاعر جزءاً من حالة ثقافية معبئة بعناصر الغليان، ذلك ان حرب الدولة على الكرد توسعت والوضع الثقافي الكردي المرتبك اساساً تأزم ووجد الشاعر الكردي نفسه أمام خيارات قاسية وهي الصمت أو الهروب أو الإلتحاق بالجوقة . أما قدرة الإعلان عن أي جديد كما في "مرصد شيركو بيكس " أو " جماعة كفري للطيف هلمت وفرهاد شاكلي " فارتطمت بحواجز كثيرة أولها الإستبداد السياسي . وكان الدوغما الثقافي عنصراً آخراً من تخلف النص الشعري إذ تأخر عن الإعلان عن ذاته وكشف الذائقة السلبية في العلاقة بين النص والمتلقي .
في خضم تلك الحالة الثقافية التي تميزت بطغيان الحدث السياسي على الجوانب الأخرى في الحياة اليومية شارك شاكلي في تأسيس فكرة التحول من التجريب المؤسلب إلى سياقات أخرى للنص تحمل على متنها إمكانية اجتياز مفاهيم " الشعر الحر " ، ذلك ان النثر سمح بتوسيع خارطة النص بعدما اصبح جزءاً حيوياً من الخطاب السياسي والثقافي العام ، ودفع الشاعر الكردي في الوقت ذاته للدخول إلى " نثريات " الحياة اليومية التي أصبحت متعددة الإيقاعات . وكان الحلم القومي بالتالي تركة جديدة في سياق تجربة الحزن السبعيني الذي ساد المجتمع واللغة على حد سواء . نستطيع القول من هنا ان كل من تجربة روانكة" المرصد " لشيركو بيكس وجماعة كفري لهلمت وشاكلي كانت جزءاً من تلك الحالة النثرية الجديدة التي اختلطت فيها السياسة والأدب والمقاومة والهروب والإنكسارات المتكررة في الإعلان عن الذات .
بين تلك المرحلة، أي الحزن السبعيني وبين مستقبل القصيدة النثرية التي لا يمكننا فصلها عن مستقبل البشر، ظهرت المنافي والجبال واختفت المدن في إيقاعات "ديكوروغرافيا" الجداريات وثقافة الصور . امتزجت تجربة الشاعر شاكلي بعد تلك المرحلة بالحياة المسلحة في الجبال وتلاها المنفي بكل شروطه وإحتمالاته وصوره المحتمية بثقافة البدائل ، وطن بديل، بيت بديل ، وحلم بديل ، فبعدما كان معارضاً للمؤتلف الشعري في كردستان وجد نفسه في المنافي بين العوالم التي أسسها المتصوفة في اللغة .إن حاولنا العثور حالة النص الشعري عند شاكلي في تجاربه المرتبطة بشروط المنفى نلاحظ تأثير الثقافة الصوفية عليه من خلال إستعارات لغوية رمزية من التصوف الكردي والإيراني والإسلامي ، ويبدو النص لديه كإستعارة ممكنة من جدل الأشياء ، ومن جماليات تلك الأمكنة التي مرّ فيها كشاعر وكعابر سبيل .في عين طايا الجزائرية وبيروت ودمشق ويكتب الشاعر نصاً منفتحاً على المكان ويرى فيه " بُقيعةُ نور " لعلاقته به:
( ما بين الصحراء الرمضاء واللظى، وبحر من الأمواج والزرقة بلا ساحل، تتأمل كئيباً، كسير القلب ووحيداً ... تحدّث سويداءك الموؤوفة ، وتضفر بأنامل الظنون ، قلبك المستوحدَ شلواً شلواً ).أما في مدينته البديلة سوللنتونا السويدية فيخرج من دائرة المكان الفيزيائي ويبحث عن مكان آخر ولغة أُخرى، مبتعداً عن الحياة السجالية من أجل القصيدة ومستقبلها وآفاقها في الحياة الثقافية . التجأ الشاعر في هذه المرحلة إلى طقوس وبيئات مختلفة لبناء نص ذهني ، منها بيئة التصوف الإسلامي برموزها ولغاتها المتنوعة بين الإهتيام والعرفان ، وكتب نصوص تميزت بسياقاتها المختلفة من حيث المضامين والأشكال ، طالما اعتمد أساليب تقتضيها نزعة التجديد في اللغة والرؤية .
قلبي السّاري/ يبحثُ عن شعاع شمس/ وهذا الرأس المدحور/ غريرٌ يجهل الألوانَ/يحمرُّ/حالما يرى الزهور!.
لقد تمكن شاكلي من إعادة تأسيس تاريخه الشعري من خلال إعلان صوت خارج المكان أو في اللامكان بالأحرى ، ذلك ان التحولات التي يعيشها منذ فصل الحزن السبعيني أصبحت مساحة لمعرفة السّاري في أوطانه البديلة .



#خالد_سليمان (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أي أدب يُصور الكارثة ...آسيا بطلاً جغرافياً لحزن مطلق
- التقليم المُراد في الثقافة - الاخوانية - ومبدأ تخوين الشيعة
- المثقف الكردي ... الموقف من الذات أولاً
- الهروب من الحرية
- الأنفال …مصيرالانسان في يوميات القتل البعثي وإحتفالات الكتما ...
- بورتريه تركي في حرب الكوة الصغيرة في العراق
- أدب كردي جديد يظهر في العراق


المزيد.....




- أصيلة: شهادات عن محمد بن عيسى.. المُعلم والمُلهم
- السعودية ترحب باختيارها لاستضافة مؤتمر اليونسكو العالمي للسي ...
- فيلم من إنتاج -الجزيرة 360- يتوج بمهرجان عنابة
- -تاريخ العطش-.. أبو شايب يشيد ملحمة غنائية للحب ويحتفي بفلسط ...
- -لا بغداد قرب حياتي-.. علي حبش يكتب خرائط المنفى
- فيلم -معركة تلو الأخرى-.. دي كابريو وأندرسون يسخران من جنون ...
- لولا يونغ تلغي حفلاتها بعد أيام من انهيارها على المسرح
- مستوحى من ثقافة الأنمي.. مساعد رقمي ثلاثي الأبعاد للمحادثة
- جمعية التشكيليين العراقيين تستعد لاقامة معرض للنحت العراقي ا ...
- من الدلتا إلى العالمية.. أحمد نوار يحكي بقلب فنان وروح مناضل ...


المزيد.....

- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد سليمان - فرهاد شاكلي :خرج من كردستان غاضباً من المؤتلف الشعري واسترد ذاته في هدوء اللامكان